عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني

القرن الرابع

-28-

أبو العباس الضبي

المتوفى 398

 

لعلي الطهر الشهير * مجد أناف على ثبير

صنو النبي محـــــمد * ووصيـه يوم الغدير

وحليل فاطمة ووالد * شبر وأبو شبير(1)

* (ما يتبع الشعر) * :

* (ثبير) * بفتح المثلثة ثم الموحدة المكسورة من أعظم جبال مكة بينهما و بين عرفة، سمي باسم رجل من هذيل مات في ذلك الجبل. أخرج أبو نعيم في [ ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين ] والنطنزي في [ الخصايص العلوية ] عن شعبة ابن الحكم عن ابن عباس قال: أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن بمكة بيدي وبيد علي فصعد بنا إلى (ثبير) ثم صلى بنا أربع ركعات ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: أللهم إن موسى بن عمران سألك وأنا محمد نبيك فأسئلك أن تشرح لي صدري وتيسر لي أمري وتحلل عقدة من لساني ليفقه قولي واجعل لي وزيرا من أهلي علي بن أبي طالب أخي، اشدد به أزري وأشركه في أمري، قال ابن عباس: فسمعت مناديا ينادي: يا أحمد قد أوتيت ما سألت.

 * (الشاعر) * :

الكافي الأوحد أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي - نسبة إلى ضبة - الوزير الملقب بالرئيس، أحد من ملك أزمة السياسة والأدب بعد الصاحب ابن عباد، وكان من ندمائه واختص بالزلفة منه والتأدب بآدابه، والحظوة بقرباه حتى عاد منار

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) مناقب ابن شهر آشوب 1 ص 550 ط ايران.

 

 

/ صفحة 102 /

الفضل والأدب ومفزع روادهما، وممن يشار إليه وينص عليه، لم يفتء كذلك حتى قضى الصاحب نحبه سنة 385 فخلفه على الوزارة لما استوزره فخر الدولة البويهي وضم إليه أبا علي الملقب بالجليل وفي ذلك قال بعض ولد المنجم:

والله والله لا أفــــلــحــــتــــم أبــــدا * بعــــد الــــوزير ابن عباد بن عباس

إن جـــاء منكم جليل فاقطعوا أجلي * أو جاء منكم رئيس فاقطعوا رأسي

فالمترجم كانت تحط بفنائه الرحال، وتنال منه الآمال، وتفد إليه القوافي من كل حدب، ويسير شعره مع الركبان، وكان نعم الخليفة لسلفه الصاحب، والموئل الفذ لما كانت له من مراتب، وله في جامع إصبهان خانكات مرتفعة، وخانات عامرة متسعة، قد وقفت لأبناء السبيل، وبحذائه دار الكتب وحجرها وخزانتها وقد بناهن ونضد فيها من الكتب عيونا، وخلدها من العلوم فنونا، يشتمل فهرستها على ثلث مجلدات كبيرة كما في محاسن إصبهان ص 85، وكتب التراجم (1) تطفح بالثناء عليه، ولشعراء عصره قصائد رنانة في مدحه ومنهم: أبو عبد الله محمد بن حامد الخوارزمي له قصيدة في إطراءه منها:

زمــــان جــــديد وعــــيد سعـــيـد * ووقــــت حــــميد فمـــــاذا تريد؟!

وأحـــسن مـــن ذاك وجه الرئيــ * ــس وقد طلعت من سناه السعود

وكــــم حــــلة خــــطها قــد غدت * عــــلى بــــرد آل يــــزيد تــــزيـــد

2 - أبو الحسن علي بن أحمد الجوهري الجرجاني [ السابق ذكره ] له قصائد في المترجم له منها: قصيدة في ميلاده وتحويل سنه ذكرها الثعالبي في (اليتيمة) 4 ص 38 منها:

يـــــوم تبــــرجت العلا * فــــيه ومزقت الحجب

يـــــوم أتــاه المشتري * بشهاب سعــــد ملتهب

بسلالة المجد الفصيح * وصفــوة المجد الزرب

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) راجع يتيمة الدهر 3 ص 260، معجم الأدباء 1 ص 65، كامل ابن الأثير 9 ص 73، معالم العلماء لابن شهر آشوب، ديوان مهيار ؟ ص 29، أعيان الشيعة 8 ص 77، دائرة المعارف للبستاني 11 ص 120.

 

 

/ صفحة 103 /

ملــــك إذا ادرع الـــــعــــــلا * فالــــدهر مسلـــوب السلب

وإذا تــــنمر فــــي الخـطـــو * ب فــــيا لنــــار فــــي حـطب

وإذا تبــــســـــــم للــــنــــدى * مطــــرت سحــــائبـه الذهب

يا غـــرة الحــــسب الكـــريـ * ــم وأين مثلك في الحسب؟!

هــــذا صــــبــاح حــــليــــت * بسعــــوده عطــــل الحــــقب

ميــــلادك الميــــمون فيـــه * وهـــــــــــو مــــيــــلاد الأدب

عــــرج عــــليــــه بمجـلس * ريــــان مــــن مــــاء العــنب

واضــــرب عــــليه سـرادقا * للأنــــس ممتــــد الطــــنــــب

3 - مهيار الديلمي [ أحد شعراء الغدير الآتي ذكره ] مدح المترجم بقصائد منها ميمية 65 بيتا توجد في ديوانه 3 ص 344 أولها:

أجيراننا بالغور والركب متهم * أيعلم خال كيف بات المتيم؟!

رحلتم وعمر الليل فينا وفيكم * سواء ولكن ساهرون ونوّم

ومنها بائية 45 بيتا في ديوانه ج 1 ص 15 مطلعها:

شفـــى الله نفــــسا لا تــــذل لمطلب * وصبرا متى يسمع به الدهر يعجب

ودالية 61 بيتا في ديوانه ج 1 ص 230 أولها:

إذا صاح وفد السحب بالريح أوحدا * وراح بهــــا مـــلأى ثقالا أو اغتدى

وبائية 37 بيتا في ديوانه ج 1 ص 12 مستهلها:

دواعي الهوى لك أن لا تجيبا * هجــــرنا تقى ما وصلنا ذنوبا

وعينية 40 بيتا في ديوانه 2 ص 179 مطلعها:

عــــــلـى أي لائمة أربعُ؟! * وفــــي أيما سلوة أطمع؟!

وقد أخذ العهد يوم الرحيل * أمــــامي والعهد مستودع

ولامية 52 بيتا في ديوانه 3 ص 18 مستهلها:

اليوم أنجز ماطل الآمال * فأتتك طائعة من الاقبال

وقصيدة 69 بيتا توجد في ديوانه 4 ص 30 نظمها سنة 392، أولها:

قـــالوا: عــــساك مرجـم فتبين * هيهات ليس بناظري إن غرني

 

/ صفحة 104 /

هــــي تلـــك دارهـــم وذلك ماؤهم * فاحبس ورد وشرقت إن لم تسقني

ولــــقــــد أكــــاد أضـــل لولا عنبر * فـــي الترب من أرج الحبائب دلني

فتــقــــوا بـه أنفاسهن لطائما (1) * وظــــعن وهي مع الثرى لم تظعـن

يا منــــزلا لعــــبت به أيدي الصبا * لعــــــــب الشكوك وقد بدت بتيقنــي

إمــا تناشــــدني الـــعــــهود فإنها * حفظت فـــكانت بئس ذخر المقـــتني

سكنـتـك بعدهم الوحـــوش تشبها * بهــم وليـــتــــك آنفــــا لــم تسكــــن

لعــــيونهــن عــــلامة ســـحــرية * عــندي فمـــا بال الظباء تغـــشني؟!

ويقول فيها:

حـــــاشا طــــلابي أن أعم به وقد * خــــص السماح بموضع متعين ؟ !

يا حـــــظ قم فاهتف بناحية الغنى * في الـــــري وارحـم كد من لم يفطن

وأعـــــن عــــلى إدراكها فبمثلها * فـــــرقت بـــــين مـــوفـــــق ومحين

لمـــــن الخـــليط مشرق وضمانه * رزق لنـــــا فـــــي غــــيره لم يؤذن

اشتقـــــت يا سفـــن الفلاة فأبلغي * وطـــــربت يا حــادي الركاب فغنني

وانهض فرحل يا غـلام مذللا (1) * تـــــتوعـــــر البـــــيداء منه بمدمن

يـــــرضى بشــــم العشب إما فاته * والسير يأكـــــل منــــه أكل الممعن

مـــــرح الزمام يكاد يصعب ظهره * فتـــــصيح فاغــــرة الرحال به: لن ِ

الـــــرزق والانصاف قـد فقدا فلذ * بالـــــري واستخــرجهما من معدن

وإلـــــى أبي العباس حافظ ملكها * سهـــــل الأشد ولأن خــبث الأخشن

4 - أبو الفياض سعد بن أحمد الطبري له قصيدة في مدح أبي العباس منها:

وإنـــــي وأقـــــواف القـــــريض أحـــوكها * لاشعـــــر مـــــن حـــــاك القريض وأقدرا

كمـــــا تضـــــرب الأمثـــــال وهــــي كثيرة * بمستـــــبضع تمـــــرا إلـــــى أهــل خيبرا

ولكنـــــني أملـــــت عـــــندك مطـــــلبـــــــا * انـــــكبه عـــــمن ورائـــــي مــــن الورى

ألـــــم تـــــر أن ابـــــن الأمير أجــــــارني * ولم يرض من إدرائه لي سوى الذرى ؟ !

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) لطائم جمع لطيمة، وهي نافجه المسك.

 (3) المذلل: الجمل يذلل الطريق ويعبدها 

 

/ صفحة 105 /

5 - صاعد بن محمد الجرجاني كتب إلى المترجم له بقوله:

ولو أنني حسب اشتياقي ومنيتي * منحتـــك شيئا لم يكن غير مقلتي

ولكنني أهدي على قــــدر طاقتي * واحــــمل ديوانا بخـــــط ابن مقلةِ

6 - أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن علي بن الحريش الاصبهاني قال في المترجم من قصيدة كبيرة:

بنفـــــسي وأهــلي شعب واد تحلّه * ودهـــــر مــضى لم يجد إلا أقلّه

وعـــــطفه صدغ يهتدي فوق خده * ويضربـــــه روح الصــبا فيضله

وطيـــــب عـناقي منه بدرا أضمه * ألــي وأهـــــوى لثمـــــه فــاجله

وقفـــــنا معا واللوم يصفق رعده * ومنا سحـــاب الدمع يسجم وبله

ترق عـــــلى ديباجتـــــيه دمـوعه * كــما غازل الورد المضرج طله

وينـــــأى رقيب عـن مقام وداعنا * وتبلغـــــه أنفـــــاسنا فـــــتذلــــه

يقلقـــــني عــــتب الحبيب وعذره * ويقلقـــــني جـــــد الرقيب وهزله

وكيف أقي قلبي مواقع رميه ؟ ! * ولســت أرى مــن أين ينثال نبله

يولي وبالأحداق تفــــرش أرضه * ويفـــــدى وبالأفواه ترشف رجله

وبعد ردح من تقلده الوزارة كما وصفناه اتهمته أم مجد الدولة بأنه سم أخاه فطلبت منه مائتي ألف دينار لينفقها في مأتم أخيه فأبى عليها ذلك فهرب عنها سنة 392 إلى (بروجرد) وهي من أعمال بدر بن حسنويه (1) فبذل بعد ذلك مأتي ألف دينار ليعود إلى عمله فلم يقبل منه، ولم يبرح بها حتى مات سنة 398 وقيل: إن أبا بكر ابن رافع أحد قواد فخر الدولة واطأ أحد غلمانه فسقاه سما، وأرسل ابنه تابوته إلى بغداد مع أحد حجابه وكتب إلى أبي بكر الخوارزمي يعرفه أنه وصى بدفنه في مشهد الحسين

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) من أمراء الجبل لقبه القادر بناصر الدولة وعقد له لواءا وكان يبر العلماء والزهاد والأيتام، وكان يتصدق كل جمعة بعشرة آلاف درهم، ويصرف إلى الأساكفة والحذائين بين همدان وبغداد ليقيموا للمنقطعين من الحاج الأحذية ثلاثة آلاف دينار، ويصرف إلى أكفان الموتى كل شهر عشرين ألف درهم، واستحدث في أعماله ثلاثة آلاف مسجد وخان للغرباء، وكان ينقل للحرمين كل سنة مصالح الطريق مائة ألف دينار، ثم يرتفع إلى خزائنه بعد المؤن والصدقات عشرون ألف ألف درهم (شذرات الذهب 3 ص 173 ).

 

 

/ صفحة 106 /

عليه السلام بكربلاء المشرفة ويسأله القيام بأمره وابتياع تربة بخمس مائة دينار، فقيل للشريف أبي أحمد [ والد السيدين علم الهدى والشريف الرضي ]: أن يبيعه موضع قبره بخمسمائة دينار.

 فقال: هذا رجل التجأ إلى جوار جدي فلا آخذ لترتبه ثمنا.

 وكتب نفسه الموضع الذي طلب منه وأخرج التابوت إلى (براثا) وخرج الطاهر أبو أحمد ومعه الأشراف والفقهاء وصلى عليه وأصحبه خمسين رجلا من رجاله حتى أوصلوه ودفنوه هناك (1) ورثاه مهيار الديلمي [ الآتي ذكره ] بقصيدة 59 بيتا ويعزي ابنه سعدا و أنفذها إلى (الدينور) توجد في ديوانه 3 ص 27 أولها:

مـــــا للدسوت وللســـــروج تــــــسائل: * مـــــن قائم عـــــنهن أو مـــن نازل ؟ !

لـــــم سد بــــاب الملك وهو مواكب ؟ ! * وخـــــلت مجـــــالسه وهـــن محافل ؟ !

ما للجـــــياد صوافـــــنا (2) وصــوامتا * نكـــــسا؟! وهـــــن ســـــوابق وصواهل

من قطر (3) الشجعان عن صهواتها؟! * وهـــم بهـــــا تحـــت الرماح أجادل (4)

5 ما للسمـــــاء عـليلـــــة أنوارها ؟ ! * لمــن السمـــــاء مــن الكواكب ثاكل ؟ !

من لجـــــلج النـــــاعي يحـــــدث إنــــه * أودي فـــــقيل: أقـــــائل ؟ ! أم قــاتل ؟ !

المجـــــد في جـدث ثوى ؟ أم كوكب الــ * ــدنيا هــــوي ؟ ! أم ركن ضبة مائل ؟ !

ما كنـــــت فيـــــه خـــــائفــــا إن الردى * مـــن عـــــز جـــــانبه إليـــــه واصـــــل

أدرى الحمام بمن - وأقـــسم ما درى - * تـــــلتـــــف كـــــفـــــات لـــه وحبائل ؟ !

10 خطـــــب أخـــــل الـــدهر فيه بعقله * والدهـــــر في بعـــــض المواطن جـاهل

يا غـــــيث أرضي الأرض سقيا واحتبي * بالروض يشكـــــره المحـــــل المــــاحل

ينهـــــل منهـــــل المـــــزادة (6) مـوثقا * إن الثـــــرى الظـــــمآن منـــــه ناهــــل

يســـــم الصخــــور كأن كل مجودة (7) * لحـــــظ العـــــليق بهـــــا حـــصان ناعلُ

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) معجم الأدباء ج 1 ص 65.

 (2) الصوافن من الخيل: الواقفة على ثلاث وقوائم وطرف حافر الرابعة.

 (3) قطر: ألقى.

 (4) أجادل جمع أجدل وهو الصقر.

 (5) الكفات جمع كفة بضم الكاف وهي الحبالة.

 (6) المزادة: الراوية. يربد بها السحاب الممطر على التشبيه.

 (7) المجودة: الأرض جادها المطر.

 

 

/ صفحة 107 /

تمريه غــبراء الإهاب كـــــأنمـــــا (1) * قـــــادت خـــــزائمهـــــا النـــــعام الجافل

حـــــلفت لأفواه الـــــربى أخـــــلافــــها * أيمـــــان صـــــدق إنهــن حوافل (2) 15

وليـــــت سيــــوف البرق قطع عروقها * فبكــــل فـــــج شـــــاريـــــان ســـــائـــــل

أبلـــــغ أبا العـــــباس أنـــــك فـــاحص * حـــــتى تـــــبل جـــــوى ثـراه فواغل (3)

منـــــي وأطبـــــاق الصعـــــيـــد حجابه * عـــــني فكيـــــف تخـــــاطب وتراسل ؟ !

سعـــــدت جـــــنادل ألحـفتك على البلى * لا مثـــــل ما شقـــــيت عـــــليك جــــنادل

أبكـــــيك لـــــي والمــرملين بنوهم الــ * أيـــــتام بعـــــدك والنـــــساء أرامــل 20

ولمستجـــــيـــــر والخـــــطوب تـنوشه * مستطعـــــم ؟ الـــــدهـــــر فـــــيه آكـــــل

متلـــــوّم (4) العـــــزمات لا هو قاطن * فـــــي داره قـــــفراً ولا هـــــو راحـــــــل

أودى بـــــه التـــــطواف ينـــشد ناصرا * فيـــــضل أن يـــــلـــقـــــاه إلا خــــــــــاذل

حـــــتى إذا الاقـــــبال منـــــك دنـــــا به * أنســـــاه عـــــنـــــدك عـــــام بـؤس قابل

ولمعـــــشر طـــــرق العـــلوم ذنوبـــهم * فـــــي الناس وهـي لهم إليك وسائل 25

كـــــانوا عـــــن الطــــلب الذليل بمعزل * ثقـــــة وأنـــــت بما كـــــفاهـــــم كــــافل

قطـــــع الجـــــدا بهـــم وقد قطع الردى * بـــــك أن يظـــــن تـــــزاور وتـــــواصـل

وعـــــصائب هـــــي إن ركــبت مواكب * تســـــع العـــــيون وإن غــضبت جحافل

تفـــــري بـــــأذرعها الكعـــــوب كـأنما * تحـــــت الرماح على الرماح عوامل(5)

لـــــو كـــــان في (ثعـــل) بموتك ثأرها * ما عاش من ثعل (6) عليك مناضل 30

نكـــــروا حلـــــومك والمنون تسوقهـا * حـــــقـــــا وأنـــــت مـــــدافـــــع متـــثاقل

قعـــــد البـــــعيـــــد وقام عنك متــاركا * ما جـــــاء يقنـــــصك القــــــريب الواصل

ولـــــج الحـــــمام إليـــــك بابا ما شكا * غـــــير الـــــزحام عـــــليك فـــــيه داخــل

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) تمريه: تدر عليه. غبراء الإهاب: السحابة السوداء.

 (2) أخلاف جمع خلف وهو حلمة الضرع. حوافل: ممتلئة.

 (3) الواغل: الداخل المتغلغل في الشئ.

 (4) المتلوم: المنتظر.

 (5) تفرى من الفرى: الشق. كعوب جمع كعب: العقدة. عوامل جمع عامل وهو صدر الرمح الذي يلي السنان.

 (6) ثعل: قبيلة مشهورة بالرمي.

 

 

/ صفحة 108 /

مستبــشرا بالـــــوفد لـــــم يجـــــبه به * رد ولـــــم ينهـــــر عـــــليـــه ســـــائـــــل

35 لم يغنك الكرم العـــــتيد ولا حـمى * عـــــنك السمـــــاح ولا كـــــفاك النـــــائل

كنـــــت الـــــذي مر الـــــزمان وحلوه * فيمـــــن يصـــــابر عـــــيشه ويعـــــاســل

فغـــــدوت مـــــالك في عـــــدوك حيلة * تغـــــني ولا لـــــك مـــــن صــــديقك طائل

والمـــــوت أجـــــور حـــــاكم وكــــأنه * فـــــي الـــــناس قســـــما بالســوية عادل

لا اغـــــتر بعـــــدك بالحـــــياة مجـرب * عـــــرف الحـــــقوق فـــــلم يــرقه الباطل

40 يا ثاويـــــا لـــم تقض حق مصابه * كـــــبد محـــــرقة وجـــــفــــن هـــــامـــــل

أفـــــديك لـــــو أن الـــــردى بــك قابل * مـــــن مهجـــــتي وذوي هـــــا أنـــــا باذل

مـــــا بال أوقـــــاتي بفـقدك هجرت ؟ ! * ولقـــــد تكـــــون لـــــديك وهـــــي أصائـل

قـــــد كنـــــت ملتحفـــــا بمــــدحك حلة * فخـــــرا تجـــــر لهـــــا عــــلي ذلاذل (1)

ويقول فيها:

لا تحـــــسبن وسعـــــد ابـــــنك طالـــع * يحـــــتـــــل برجـــــك إن سعـــــدك آفـــــل

45 ما أنـــــكر الـــــزوار بعدك وجهه * فـــــي البدر مـــــن شــمس النهار مخايل

أجـــــمل له يا سعـد واحمل وزره (2) * مـــــا طـــــال بـــــاع أو أطاعـــــك كاهـل

وأنا الـــــذي يرضيـــــك فيـــــه باكـــيا * ويســـــره بـــــك فـــــي الـــــذي هـو قائل

ولشاعرنا أبي العباس الضبي شعر رقيق ونظم جيد ومنه قوله:

ترفـــق أيهـــــا المـــولى بعبد * فقـــــد فتنت لواحظك النفوسا

وأسكرت العقول فليس ندري * أسحرا ما تسقى أم كؤوسا؟!

وله قوله وهو مما يتغنى به:

ألا يا ليــــت شعري ما مرادك؟! * فـــــقلبـــــي قــــد أضر به بعادك

وأي محـــــاسن لك قـد سباني؟! * جمالك؟! أم كمالك؟! أم ودادك؟!

وأي ثـــــلاثة أوفـــــى سـوادا؟! * أخالك؟! أم عذارك؟! أم فؤادك؟!

وله قوله:

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) الذلاذل: أسافل القميص الطويل.

 (2) الوزر: الحمل الثقيل.

 

 

/ صفحة 109 /

قـــــلت لمــن أحضرني زهرة * ومجـــــلسي بالأنــــس بسّام

وقـــــرة العــــينين نيل المنى * عـــــندي ولا ســـام ولا حام:

تجـــــنب النـــــمام لا تجـــنه * فإنمـــــا النـــــمـــــام نــــمّام

أخشى علينا العين من أعين * يبعـــــثها بالـــــسوء أقـــوام

وله قوله:

لا تركنـــن إلى الفـراق * فـــــإنه مــــر المـــذاق

الشـــمس عند غروبها * تصفر من فرق الفراق

ومما كتب إلى الوزير الصاحب ابن عباد قوله:

أكـــافي كفــاة الأرض ملكك خالد * وعزك موصول فأعظم بها نعمي

نثــــرت على القرطاس درا مبددا * وآخـــر نظما قد فرعت به النجما

جـــــواهر لو كانت جواهر نظمت * ولكنهـا الأعراض لا تقبل النظما

وله في الثريا:

خـــــلت الثـريا إذ بدت * طالعة في الحندس(1)

سنـــــبلة مـــــن لـؤلؤ * أو باقـــــة من نرجس

وقوله فيها:

إذ الثريا اعترضت * عــند طـلوع الفجر

حسبـــــتها لامعــة * سنـــبلة مـــــن در

وقوله في قصر الليل:

وليـــــلة أقصر من * فكري في مقدارها

بدت لعيني وانجلت * عذراء من قرارها

وقوله في طول الليل:

رب ليــــل سهرته * مفكرا في امتداده

كلما زدت رعـــيه * زادني من سواده

فتبـــيـــنـــت إنـــه * تــائـه فـــي رقاده

أو تفانت نجومــه * فــبــــدا في حداده

وخلف المترجم له على مجده وفضله ولده أبو القاسم سعد بن أحمد الضبي، تبع

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) الحندس: الظلام.

 

 

/ صفحة 110 /

والده لما هرب إلى (بروجرد) وتوفي بها بعد والده بشهور ; ولمهيار الديلمي في مدحه عدة قصايد منها قصيدة 45 بيتا أنشدها إياه وهو مقيم ببروجرد أولها :

ذكرت وما وفاي بحيث أنسى * بدجـــلة كم صباح لي وممسى

وأخرى 45 بيتا مستهلها:

أشاقك من حسناء وهنا طروقها ؟ * نعم كـــل حـاجات النفوس يشوقها

ونونية 44 بيتا في ديوانه 4 ص 51 مطلعها:

ما أنت بعد البين من أوطاني * دار الهـــوى والدار بالجيران

ويقول فيها:

كثـــر الحديث عن الكرام وكل من * جـــــربت ألفـــــاظ بغـــير معاني

إلا بسعـــــد مـــــن تـــــنبـــه للعلا * هيهـــــات نــــومهم من اليقظان

مهلا بـــــني الحــسد الدخيل فإنها * لا تـــــدرك العـــــلياء بـالأضغان

سعــــد بن أحمد أبيض من أبيض * في المجــد فانتسبوا بني الألوان

بين الجبال الصم بحـــــر ثامـــــن * يحـــــوي جـــــلامدها وبـدر ثاني

من معـــشر سبقـوا إلى حاجاتهم * شـــــوط الرياح وقد جرت لرهان

قوم إذا وزروا الملـــــوك برأيهم * أمـــــرت عـمائمهم على التيجان

ضربوا بمدرجة السبيل قـبابهــــم * يتـــــقارعــون بها على الضيفان

ويكاد موقـــــدهم يجـــــود بنفسه * - حب القرى - حطبا على النيران

أبناء ضبة واسعون وفي الوغى * يتضـــــايقون تضـــــايق الأسنان

يا راكـــــبا زهــر الكواكب قصده *: قـــــرب لعـــــلك عــندها تلقاني

قـــف ناد: يا سعد الملوك رسالة * مـــــن عـبدك القاصي بحب داني

غـــــالطت شوقـي فيك قبـل لقائنا * والـــــقرب ظـــن والمزار أماني

حـــــتى إذا ما الوصل أطفأ غلتي * بك كان أعطش لي من الهجران

ولـــــرب وجد تـــواصف ناهضته * وضعـــــفت لمـا صار وجد عيان

ولقـــــد عـــكست علي ذاك لأنني * كنـــــت الحبــيب إلـيك قبل تراني

وممـــن العجائب والزمان ملون * أن الدنـــــو هـــــو الذي أقصاني