عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني

 

بقية الشعراء في القرن التاسع

 

 

- 75 -

ضياء الدين الهادي

المولود 758 المتوفى 822

 

الحــــــمد لله بــاري الروح والنسم * وخـــــالق الخلق والمختص بالقدم

ثم الصلاة على أعلى الورى شرفا * وأكرم الناس من عرب ومن عجم

محمد المصطفى المختار من مضر * وخاتم الرسل والمحمود في الشيم

دع ما يقــــــول النـصارى في نبيهم * مـــــن الغلو وقل ما شئت واحتكم

وبعــــــد : فالعـــــلم منجاة لصاحبه * فــــــاشدد بعــروته كفيك واعتصم

وأفــــــضل العـــلم عند العارفين به * عــــــلم الكـلام لما فيه من الحكم

عــــــلم أنـــــاف على كل العلوم له * فــــضل التقدم فارغب فيه واغتنم

عــــــليك بالنـظر الفكري فهو طريــ * ــق العــــلم بالله فانظر ثم واستقم

ومن هنا استرسل شاعرنا الهادي في مباحث علم الكلام، وأدلى ما عنده من الحجج في مسائل، ومما أفاضه في باب الإمامة قوله :

هــــــــذا ومذهبنا إن الإمـــام عـقيـــب * المصطفـــــــى حيــــدر الأبطال والبهم

أعـــــــني عــــليا أمير المؤمنين ومن * بالعطف خص من الرحمان ذي القسم

الله أنــــــــزل آيــــــــات مبــــــــاركـــة * في فــــــــضله عــــدها لي غير منتظم

وقــــــــال فيــــــــــــه رسول الله سيدنا * يــــــــوم (الغــــــــدير) بخم يوم حجهم

: مــــــن كنت مولاه أي أولى به فعلي * أولــــــــى بــــــــه وهو مولاهم بكلهم

/ صفحة 198 /

قـــــــام النـــــــبي خطيـــبا في معسكره * بهـــــــذه الخـــــــطبة الغـــرا لجمعهم

وشال ضبعا كريمـــــــا مــن أبي حسن * فـــــــي يــوم حر شديد اللفح مضطرم

كـــــــي لا يقـــــــال : بـأن النص مكتتم * مـــــــا كـــــان إلا صريحا غير مكتتم

فهـــــــو الخـــــليفة بعد المصطفى وله * فـــــــضل التقـــــدم لم يسجد إلى صنم

وكـــــــان سابقهـــــــم فـــي كل مكرمة * وكـــــــان فــــــي كل حرب ثابت القدم

وكـــــــان أول مـــــــن صلـــــى لقبلتهم * وأعـــــــلم النـــــاس بالقرآن والحكم

وكـــــــان أقـــــــربهم قـــربى وأفضلهم * رغـــبى وأضربهم بالسيف في القمم

وكـــــــان أشـــــــرفهم هــــما وأرفعهم * فـــــــي همه فهو عالي الهم والهمم

وكـــــــان أعـــــــبدهم ليــــــلا وأكثرهم * صــوما إذا الفاجر المسكين لم يصم

وكـــــــان أفـــــــصحهم قــــولا وأبلغهم * نطـــــــقا وأعـــــــدلهم حكما لمحتكم

وكـــــــان أحـــــــسنهم وجها وأوسعهم * صـــــــدرا وأطــــــهرهم كفا لمسلتم

وكـــــــان أغـــــــزرهم جــودا وأدونهم * مـــــــالا فـــطال على الأطواد والأدم

فـــــــكيف تقـــــــدمه مـــــــن لا يـماثله * فــي العلم والحلم والأخلاق والشيـم

وفــــــي الشجاعة والفضل العظيم وفي * التدبير والــــورع المشهور والكرم

(ما يتبع الشعر) :

وقفنا على نسخة مخطوطة من هذه المنظومة في طهران عاصمة البلاد الفارسية ومعقد لوائها الملكي، وهي تحتوي على سبعة ومأتين بيتا نظم بها الخلاصة، للشيخ حسن الرصاص، كتبت في 25 صفر عام ألف واثنين وستين، وعليها خط العلامة السيد محمد بن إسماعيل اليماني الصنعاني الحسيني المتوفى 1182، وهو أحد شعراء الغدير يأتي ذكره إنشاء الله تعالى .

 

/ صفحة 199 /

(الشاعر) :

 السيد جمال ضياء الدين الهادي بن إبراهيم بن علي المتوفى 784، ابن المرتضى المتوفى 785، ابن الهادي بن يحيى بن الحسين بن القسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (1) اليمني الصنعاني الزيدي .

 أحد رجالات اليمن وأعلامها المتضلعين من فنون العلم والأدب، ترجمه صاحب (2) (مطلع البدور) قال : قال العلامة ابن الوزير في تاريخهم : إنه لم تسمح بمثله الأعصار في أولاد الإمام الهادي، كان جامع شتات العلوم، وشاطرها في المنثور والمنظوم، ولد في (شظب) ولما قرأ القرآن أخذه والده مع ابن عمه محمد بن أحمد المرتضى إلى (صعدة) وكان يحملهما قليلا متى تعيا من السير لصغرهما حتى وصلوا (صعدة) فقرء مدة في أنواع العلوم العربية وغيرها على عميه : المرتضى بن علي وأحمد بن علي، وقرأ التفسير على الشيخ العلامة ترجمان أهل عصره إسماعيل بن إبراهيم بن عطية البحراني، وعلوم الأدب على الفقيه العلامة محمد بن علي بن ناجي العالم المشهور، قرأ عليه ديوان المتنبي وغيره .

 والأصولين، والفروع على القاضي العلامة ملك العلماء عبد الله بن الحسن الدواري، وعلى عمه المرتضى بن علي الذي كان إماما في علم الكلام، وكذا على عمه أحمد بن علي، وحصلت له إجازات وطرق سماعية، منها : سماعه لجامع الأصول بمكة المشرفة على قاضي الحرم محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشي المخزومي في سنة حجه، ولد رسائل ومسائل وأشعار ومنظومات لا تحصى، حتى قال شيخه الفقيه محمد بن علي بن ناجي : إنه المراد بقول النبي صلى الله عليه وآله يكون رجل من ولد الحسن ينفث بالشعر كما ينفث الأفعى بالسم .

 ومن تصانيفه : كفاية القانع في معرفة الصانع، نظم الخلاصة (3) شرحها، الطرازين المعلمين في المفاخرة بين الحرمين، التفصيل في التفضيل، الرد على ابن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كذا سرد نسبه شمس الدين السخاوي في [الضوء اللامع] 6 ص 272 في ترجمة أخيه محمد .

 (2) أحمد بن صالح بن محمد بن أبي الرحال اليمني المتوفى بصنعاء سنة 1092 .

 (3) تأليف العلامة الشيخ حسن الرصاص .

 

/ صفحة 200 /

العربي، هداية الراغبين إلى مذهب أهل البيت الطاهرين، الرد على الفقيه علي بن سليمان في العارضة والناقضة، وكلها موجودة ومن أحسنها : كاشفة الغمة عن حسن سيرة إمام الأمة، وكريمة العناصر في الذب عن سيرة الإمام الناصر، والسيوف المرهفات على من ألحد في الصفات، ونهاية التنويه في إزهاق التمويه في الرد على نشوان، ومن شعره قصيدته (المنسك) أولها : بعث الهوى شوقي إلى أم القرى وله مراجعات ومراسلات ومشاعرات بينه وبين علماء اليمن الأسفل كإسماعيل المقري، والنظاري، وابن الخياط، الذي استجاز منه، وبين أهل تهامة مثل بني الناشري، والنفيس العلوي الحنفي المذهب، العتكي النسب، بين علماء المخاليف والحواز مثل الفقيه محمد بن الحسن بن سود العابد المشهور أحد الواصلين في علم الطريقة وغيرهم، وكان منتشر الذكر عند جميع الأكابر في جميع البلاد حتى في مصر مع غلظة أهلها، وقد ذكره وذكر أخاه محمد الحافظ العلامة ابن حجر العسقلاني المصري في تاريخه وأثنى عليهما .

 توفي بذمار تاسع عشر ذي حجة سنة 822 ومولده يوم الجمعة السابع والعشرين من المحرم سنة 758 وموته كان عظيما على أهل البيت حيث منعوا بعده عما كان معتاد أهل الأموال في المدائن والأمصار، ورثاه عدة من الناس وأحسن مراثيه ما رثاه الفقيه الأديب عبد الله بن عتيق المعروف بالمزاح المروعي .

 إنتهى ما في [مطلع البدور] ملخصا .

 وذكره شمس الدين السخاوي في [الضوء اللامع] ج 10 ص 206 وقال : ذكره شيخنا في أنبائه فقال : عني بالأدب ففاق فيه، ومدح المنصور صاحب صنعاء، مات يوم عرفة سنة اثنتين وعشرين، وذكره ابن فهد في معجمه فقال : إنه حدث سمع منه الفضلاء قال : وله مؤلفات منها : الطرازين المعلمين في فضائل الحرمين، والقصيدة البديعية في الكعبة اليمنية الثمينة أولها :

سرى طيف ليلي فابتهجت به وجدا * وتوح قلبي من لطائفه مجدا (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مر ذكر بديعيته في الجزء السادس ص 45 ط 2 عن إيضاح المكنون .

 

/ صفحة 201 /

وترجم السخاوي لأخي المترجم له محمد بن إبراهيم بن علي وقال : ولد تقريبا سنة 765، وتعاني النظم فبرع فيه، وصنف في الرد علي الزيدية (العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم) واختصره في [الروض الباسم عن سنة أبي القاسم] و غيره، ذكره التقي بن فهد في معجمه وله قوله :

العـــــلم ميراث النبي كذا أتى * في النص والعلماء هم ورّاثه

فـــإذا أردت حقيقة تدري لمن * وراثـــــــه فـكيف ما ميراثه ؟

ما ورث المخـــتار غير حديثه * فيـــــــنا وذاك متاعــه وأثاثه

قــــــلنا : الحديث وراثه نبوية * ولكــــــل محدث بدعة أحداثه

مات بصنعاء في المحرم سنة 840 وأرخه بعضهم في التي قبلها (1 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الضوء اللامع 6 : 272 .

 

/ صفحة 202 /

القرن التاسع

- 76 -

الحسن آل أبي عبد الكريم

 

فــــــروع قريضي في البديع أصول * بها في المعــــــــاني والبيان أصول

وصارم فـــــــــكري لا يفـــل غراره * ومن دونــــــه العضب الصقيل كليل

سجـــــــــية نفـــــسي إنهـــا لسخية * تميـــــــــل إلى العــــلياء حيث تميل

ويقتــــادني صدق الولاء ولي هوى * قبـــــــــول لــــه القلب السليم قبول

انظـــــــــم درا فـي سلوك من العلى * بحـــــــــسن سلــــوك هذبته فصول

فشيدت مـــــــن فكري مباني غريزة * مثـــــــــابي لهــــا عند الجليل جليل

مراثـــــــــي محـــــــب لأمراء وإنها * نصــــــول بها في الملحدين نصول

بضـــــــــائع ليس المدح فيها بضائع * لعـــــــــلمي بـها أن الجزاء جزيل

أحـــــــــل بهــا أوج السعود فإن أحل * سيــــــبقى بها ذكري وليس يحول

وأحيـــــــــي بهـا ليلي وأجني ثمارها * لعـــــــــل إلــى نيل المراد وصول

أقـــــــــول لنفـــــسي مسعفا ومسددا * وأنشـــــــــد قـــلبي مرشدا وأقول

فـــلا تعدلي يا نفس ! عن طلب العلى * ويا قــــــلب ! لا يثنيك عنه عذول

ففـــــــــي ذروة العــلياء فخر وسؤدد * وعــــــــز ومجد في الأنام وصول

خـــــــــليلي ظهر المجد صعب ركوبه * ولكنـــــــــه للعـــــــــارفين ذلــول

جـــــــــميل صفـات المرء زهد وعفة * وأجــــــمل منها أن يقال : فضيل

فـــــــــلا رتبــــــــة إلا وللفضل فوقها * مقـــــــــام منيـف في الفخار أثيل

فللـــــــــه عـــــــــمر ينقــضي وقرينه * عـــــلوم وذكر في الزمان جميل

زول بنـــــــــو الدنيـــا وإن طال مكثها * وحـــــسن ثناء الذكر ليس يزول

فيـــــــــا راقــــدا في صفو عيش ولذة * عــــن القدر الجاري عليه غفول

إذا خـــــــــالط الشيب الشباب وأقبـلت * عســـــاكره في العارضين تجول

عــــليـــــــــك بــــزاد المتقـــــــين لأنه * أتـــــــــاك بشيــــر منذر ورسول

/ صفحة 203 /

فـــــلا تذمم الدنيا إذا هـــــــي أدبرت * وإن أقبــــــــلت فالحـالتان تــــــزول

ولا تتركـــــن النــــــفس تتبع الهوى * تميــــــل وعن سبل الـــــرشاد تميل

وبالصبـــــر مــــــرها ثم عظها فإنها * لأمـــــــارة بالسوء وهـــــي عجول

وخـــــذ من يد الدنيا الكفاف وصاحب * العــــفاف فلا مثل العفاف خـــــليل

وأقـــــلل مــــن الحرص الذميم تعففا * بصبــــــــر جميل فالمقام قليـــــل ؟

ألـــــم تــــــــر إن الــــــدائرات دوائر * وليــس إلى سبل النجاة سبـــــيل ؟

وللـــــدهر سلــــــــب ساء بعـد مسرة * وللخـلق إن طال الزمان رحـــــيل

دع القـــــدر المحتوم يجري بما قضى * بـــه الله والصبر الجميل جمــــيل

وخــــل عــنـــــان الهم إن كنت عاقلا * فــــــــليس يفيـــــد الثاكلات عويل

فكـــــم أفنـــــت الأيــــــام ملكا ومالكا * فـــــزال ؟ وملـــك الله ليس يزول

لمن وفـــــت الــدنيا ؟ وما زال خطبها * عــليـــــنا بخـــيل الحادثات تجول

ومـــــن بـات منها سالما من مصابها * ومـا كف منه الكف وهو طويل ؟

مفـــــرقة الأخـــــــــيار بعد اجتماعهم * وإن طاب منها العيش فهي ملول

بهـــــا النـــــفع ضــــر والصفاء مكدر * بهـــــا الحــــلو مر والعزيز ذليل

لهـــــاجرها منـــــها الهــــنا وهو آهل * ويهـــــلك مهـــــتم بهـــــا وأهيل

جعـــــلت فـــــدا مـن لا رضوا بنعيمها * ولا دنســـــت فيـــــها لهــن ذيول

ولا عـــــلقت كـــــف لهـــــم بحــــبالها * ولا غـــــرهم فـــيها خنا ووغول

لـــــقد صحـــــبوا فيــــــها كفافا وعفة * وزهـــــدا وتقوى والجزاء جزيل

فهـــــم أهـــــل بيــت شرف الله قدرهم * على الخلق طرا ماجد ورذيل(1)

هـــــم الصــــابرون المؤثرون بقوتهم * هــــم فـي الندا قبل النداء سيول

هـــــم الحامدون الشـــــاكرون لربـهم * هـــــم للورى يـــوم النجاة سبيل

هـــــم العـــــالمون العــاملون بلا مرا * عـــــلومهم فـي العالمين أصول

هـــــم الـــــراكعون الساجدون إذا بـدا * ظـــــلام وليـــــل العـابدين يطول

هـــــم التـــائبون العابدون أولو النهى * هـــــم لقــــلوب العارفين عقول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بيان للخلق طرا، فهم بين ما جد ورذيل .

 

/ صفحة 204 /

هــــم الزاهدون الخاشعــون ولم يكن * لهم فــــــي جميع العـــــــالمين مثــيل

هـــــم العـــــترة الأطـــــهار آل محـمد * نبـــــي لســـــان الـــــوحي عـنه يقول

بشيـــــر نذير طاهر عــلــــــم سمــــــا * حبــــــيب نجــــــيب شاهـــــد ورسول

ومدثــــــر مــــــزمــــــل متــــــوكـــــل * عــــــلى الله لا يثــــــنيه عـــنه عذول

ســــــراج منــــــير فــاضل فاصل أتى * بدين لــــــه الــــــذكر المبــــــين دليل

له معجــــــزات أعجــــزت كل واصف * بهــــــا دحض الاشـــراك وهو مهول

وأشــــرق منها الكون واتضح الهدى * وعــــــز بهــــــا الاســــلام وهو ذليل

فــــــيا خــــــير مبعــــــوث لأعظم ملة * وأكــــــرم منعــــــوت نمتــه أصول !

تقــــــاصر عـــنه المدح عن كل مادح * فــــــماذا عــــــسى فـــيما أقول أقول

لقــــــد قــــــال فــــــيك الله جـل جلاله * من الحــــــمد مدحـــــا لم ينله رسول

لأنــــــت عــــــلى خلق عظيم كفى بها * فــــــماذا عــــــسى بعــد الإله نقول؟

مدينــــــة علم بابـها الصنو حيدر (1) * ومــــــن غـير ذاك الباب ليس دخول

إمــــــام برى زنــــد الضلال وقد روى * زنــــــاد الهــدى والمشركون ذهول

ومــولى له من فوق غارب أحمد (2) * صعــــــود لــــــه للحـــاسدين نزول

تصـــــدق بالقرص الشعير لسائل (3) * ورد عـــليه القرص وهو أفول(4)

وبايعــــــه فــــــي يوم أحــــــد وخــيبر * لهــــــا فـــــي حدود الحادثات فلول

وبــــــيعة (خــــــم) والنــــــبي خطـيبها * لها فـــــي قلوب المشركين نصول

وأحــــــمد مــــــن فـوق الحدائج راقع * يمــــــين عـــــلي المرتضى ويقول

: ألا فــــاسمعوا ثم ارشدوا كل غائب * ويصغــــــي عــــــزيز منــكم وذليل

فــــــمن كنــــــت مـــولاه فمولاه حيدر * عــــــلي وعـــن رب السماء أقول

عــــــلي أميــــــر المـؤمنين ومن دعا * ســــــواه بهــــــذا مبــــطل وجهول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدم ذكر هذه المأثرة في الجزء السادس صفحة 61 - 81 ط 2 .

 (2) مر حديث هذه الفضيلة في الجزء السابع ص 9 - 13 ط 1 .

 (3) مر حديثه في الجزء الثالث صفحة 106 - 111 ط 2 .

 (4) أسلفنا حديث رد الشمس عليه صلوات الله عليه في الجزء الثالث صفحة 126 - 144 ط 2 .

 

/ صفحة 205 /

فقــــالوا جميعا : يا عـــلـــــي بخ بخ * وللقـــــــوم داء فـــي القـــلوب دخيل

فمـــــــن مثـــــل مولانا علي الذي له * محـــــــمد خـــــــير المـرسلين خليل

فيـــــــا رافـع الاسلام من بعد خفضه * وناصـــــــب ديــــــن الله حيت يميل!

ويـــــــا أســـــــد الله الـــذي مر بأسه * لأعـــــــدائه مـــــــر المـذاق وبيل !

ويـــــــا من لــــه قلب الحوادث خافق * ويـــــا من له صعب الأمور ذلول !

نعـــــــزيك بالسبـــــــط الشهيد فرزؤه * عـــــــظيم عــلى أهل السماء جليل

دعـــــــته إلــــــى كوفان شر عصابة * عــــصاة وعن نهج الصواب عدول

فـــــــلما أتـــــــاهم واثــــقا بعهودهم * فـــــــمالوا وطبــــــع الغادرين يميل

وأحـــــــقاد بـــدر أظهروا ثم أشهروا * كتـــــــائب غــــــدر بالطفوف تجول

أحـــــــاطوا وحـطوا بالفرات فلم يكن * لآل رســـــــول الله منـــــــه نــهول

فــــلما رأى المولى الحسين ضلالهم * وقـــــــد حــــــان حال لا يكاد يحول

فـــــــقام إلـى أصحابه الغر في الدجا * يخـــــــاطبهم رفـــــــقا بــهم ويقول

ألا فـــــــاذهبوا فاللــــيل قد مد سجفه * ومـــــــدت لـــه فوق البسيط ذيول

كـــــــفيتم ووقيتــــم بأن تردوا الردى * فـــــــما قـــــــصدهم إلا إلـــي يؤل

فـــــــقام إلـــــــيه كـــــل ليث غضنفر * كـــــــريم جـــــــواد بالــوفاء فعول

فضجـــــــوا جميعا ثم قالوا : نفوسنا * فـــــــداك وبـــــذل النفس فيك قليل

إذا نحــــــن أسلمناك فردا إلى العدى * وأنـــــــت لنــــــا يوم النجاة سبيل

فـــــــما عـــــــذرنا عند النبي وصنوه * عـــــــلي ؟ ومـــاذا للبتول نقول ؟

فـــــــقال : جـــــــزيتم كـل خير وإنني * غـــــــدا لكـــــــم عـند الإله وسيل

فبـــــــادر أصحــــــاب الحسين كأنهم * جـــــــبال ولكن في العطاء سيول

أســـــــود الــوغى غاباتهم أجم الفنا * لهـــــــم في متون الصافنات مقيل

كـــــــرام لهــــم بذل النفوس مواهب * سهـــــام لهم زرق الرماح نصول

لـــــــيوث لهــا بيض الصفاح مخالب * غـــــــيوث لها حمر الدماء سيول

ثقـال على الأعداء في حومة الوغى * إذا جـــــــل خطب في الزمان ثقيل

فجـالوا جلوا كرب الحسين وجاهدوا * بعـــــــزم لــه فوق السماك حلول

/ صفحة 206 /

وسمــــر القــنا في الدارعين شوارع * وللبـــــــيـض فــي بيض الكماة صليل

وجادوا فجد الضرب والطعن في العدى * بفتـــــــك له شم الجـــــــبال تـــزول

للبـــــــيض شكل في الشواكل مشكــل * وللسمر نفـــذ فــــــي الصدور مهول

كـــــــأن غـــــــمام النـــقع غيم وبرقه * بـــــــريق المـواضي والدماء سيول

وأنـــــــصار مــــــولاي الحسين كأنهم * أســـــــود لهم دون العـــرين شبول

يجـــــــودون بالأرواح وهـــــي عزيزة * وكـــــــل بخـــــــيل بالحـــــــياة ذليل

جـــــــنوا ثمر العلياء من دوحة المنى * فتـــــــم لهـــــــم قـصد بذاك وسؤل

وفـــــــازوا وحــــازوا سبق كل فضيلة * وفـــــــضل منـــــــيل لـم ينله منيل

رأوا الحـــــور كشفا أيقنوا إن وصلهم * بـــــــدون المنايـــا ما إليه وصول

فجـــــــادوا بأرواح لهـــا الموت راحة * وظـــــــل عــــليها في الجنان ظليل

قـــــضوا إذ قضوا حق الحسين عليهم * وفـــــــاء وإخـــــــوان الوفاء قليل

فلهفـــــــي لهـــم صرعى أمام إمامهم * تجـــــــر عـــــــليهم للـــرياح ذيول

وأكـــــــفانهم نســـج العجاج وغسلهم * دم النــــــحر عن ماء الفرات بديل

ولم يبـــــــق إلا السبـــط فردا ورهطه * لديـــــــه وزيــــــــن العابدين عليل

ومنـــــــجدل مـــــــن حوله وهـو عافر * ومـــــــن جـــدل القوم اللئام ملول

وصـــــــال عـــــــليهم صـــولة حيدرية * لهيـــــــبتها شـــــــم الجــبال تزول

بأدهـــــــم من صوب الـــــــدماء مجلل * لـــــــه قمم الشــوش الكماة نعول

وسابغة تحكـــــــي الغـــــــدير وأبـيض * يباريه مـــــــرهوب السنان طويل

فجـــــــدل مـــــــن فـوق الجياد جيادها * فخـــــــيل وقـــــــوم جـــــفل وقتيل

فكـــــــم جافــــــل في ظهره صدر ذابل * وكـــــــم قاتــــل بالمشرفي قتيل ؟

فجــــــاشت جيوش المشركين وفوقت * إليـــــــهم نصول مـــا لهن نصول

ويممهـــــــم يمنـــــى ويســـرى وقلبه * صبـــــــور وللخطب الجليل حمول

وكـــــــر وفـــــــر القــــوم خيفة بأسه * كـــــــأن عـليا في الصفوف يجول

فـــــــلما تــناهى الأمر واقترب الردى * وذل عـــــــزيز واستعــــــــز ذليل

/ صفحة 207 /

فمال عليه الجيش حــملة واحــــــد * فبــــــيض وســــــمر ذبـــل ونصول

ففرقهم حتى تولــــــت جـــــموعهم * كســــــرب قــــــطاة غـار فيه صليل

رمــــــوه بسهـــــم من سهام كثيرة * فلم يبق إلا من قــــــواه قــــــليـــــل

فخــــــر صريعا ظاميا عـــن جواده * فأضحت ربوع الخصب وهي محول

وراح إلــــــى نحـــــو الخيام جواده * خــــــليا مــــــن الندب الجواد يجول

بــــــرزن إليــه الطاهرات حواسرا * لهــــن على المولى الحسين عويل

فلهــــــفي وقــــد جاءت إليه سكينة * تقــــــبل منــــه النحر وهي تقول :

أبي كنـــــت بدرا يرشد الناس نوره * فــــــوافاه فــــــي بدر الكمال أفول

وكنــــــت منارا للهدى غاله الردى * فلــــــم يبــــــق للدين الحنيف كفيل

أبــــــي أنــــــت نور الله أطفئ نوره * ولكــــــن إلــــــى الله الأمــور تؤل

فيا دوحـــة المجد الذي عندما ذوت * تصوح نبــــــت العــــز وهو محيل

يعــــــز عـلى الاسلام رزؤك سيدي * وذلك رزؤ فــــــي الأنــــــام جـليل

ووافــــــت إليــه زينب وهي حاسر * ودمعــــــتها فــــوق الخــدود تسيل

فلاقته مــــــن فــوق الرمال مرملا * سلـــــيب الردى تسفى عليه رمول

فقــــــبلت الوجـــه التريب وأنشدت * ومــــــن حـــولها للطاهرات عويل

: أخـــي ! ضيعت فينا وصايا محمد * وأرداك بغــــــضا للنــــــبي جهول

أخــــــي ! ظــــفرت فينا علوج أمية * وســــــادت عــــــلينا أعبد ونغول

فلــــــو كان حيــــا أحـــــمد ووصيه * فــــــأي يــــد كانت عليك تطول ؟

فــــــدافعها الشمـــر اللعين وقد جثا * بقــــــلب قسى والكفر فيه أصيل

وحــــز وريـــــــدا ظاميا دون ورده * فحــــــزت فــروع للعـــلى واصول

وحــل عرى الاسلام وانهدم الهدى * وطــــــرف المعالـي والفخار كليل

وناحــــت له الأملاك والجن والملا * وكــــــادت لـه السبع الشداد تميل

وزلــــــزلت الأرض البسيـــط لفقده * ومالــــــت جــــبال فوقها وسهول

ومــــــزقت الــــــدنيا جلابيب عزها * عــــــليه وقــــــلب الكائنات ملول

فلهفــــــي لــه بالطف ملقى ورأسه * سنان بــــــه فــوق السنان يجول

/ صفحة 208 /

فللــــه أمر فــــادح شمـــــل الــورى * ورزؤ عـــلــــى الاسلام منــه خمول

وخــــطب جليل جل في الأرض وقعه * عــــظيم عــــلى أهــــل السماء ثقيل

بنو الوحي في أرض الطفوف حواسر * وأبــــناء حــرب في القصور نزول

ويـــصبح فــــي تخت الخلافة جالسا * يــــزيد وفــــي الطــف الحسين قتـيل

ويقتــــل ظــــلما ظــــاميا سبـــط أحمد * إمــــام لخــــير الأنبــــياء ســــليل

حبـــيب النــبي المصـطفى وابن فاطم * وأيــــن لــــذين الــــوالدين مثـــيل؟

لقــــد صدق الشيخ السعيد أخو العلى * عــــلي وحــــاز الفضل حيث يقول

[: فــــما كل جــــد فــي الرجال محمد * ولا كـــل أم في النساء بتول] (1)

كــــفى السبــــط فخــــرا والداه وجـده * وهم لمعالي والفخـــــار أصــــول

أمــولاي ! دمعــــي لا يجــف مسيله * وحــــزني مقيــــم لا يخــــف ثقـــيل

فــــلا مدمعــــي يا بــن الوصي مبرد * عــليـــــــلا ولا حزني المقيم يزول

جـــــــميل بنــــا الصبر الجميل وإنما * عـــــــليك جميل الصبر ليس جميل

أعـــــزي بك الاسلام والمجد والعلى * وحزنهـــــــم بـــــــاق عـليك طويل

قفوا يا حداة العيس بالطف في حمى * الحـسين وطوفوا بالطفوف وقولوا

: أريحـــــــانة الهـــادي النبي محمد * ومـــــــن لعـــــــلي والبتول سليل !

عـــــــليك سلام الله يا سيد الورى ! * ويا خـــــــير مـن سارت إليه قفول!

لئـــــــن جهلت يـــــــوما عليك أمية * فـــــــقدر كـــــــم عـــــند الإله جليل

وإن حــال منك الحال في دار غربة * فـــــــإنك فـــــــي دار الفخــار أهيل

وإن بـــــت مسلوب الرداء ففي غد * مــــــن السندس العالي رداك جميل

وإن مسكـــــــم حــــر الهجير فإنما * لكـــــــم فــــــي جنان العاليات مقيل

وإن منعـــــت ماء الفرات نفوسكم * لهـــــــا مــن رحيق السلسبيل نهول

أمـــــــولاي ! آمـالي تؤمل نصركم * وقلبـــــــي اليـــــــكم بالــــولاء يميل

وقد طال دور الصبر في أخذ ثاركم * أمـــــــا آن للظــــــلم المقيم رحيل ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا البيت من لامية الشيخ علاء الدين علي الحلى المترجم له في الجزء السادس وقد أسلفنا القصيدة هنالك برمتها ص 395 - 401 ط 2 .

 

/ صفحة 209 /

متى ينطفي حر الغليل ويشتــــــفي * فــــــؤاد بآلام المصــــــاب عـــليل؟

ويجـــــبر هذا الكسر في ظل دولة * لها النــــــصر جــند والأمان دليل ؟

وينــــــشر للمهــدي عدل وينطوي * به الظــــــلم حــتما والعناد يزول ؟

هنــــــالك يضحـــــى دين آل محمد * عـــــزيزا ويمسي الكفر وهو ذليل

ويطــــــوى بسـاط الحزن بعد كآبة * وينــشر نشــــــر للهــــــنا وذيــول

فــــــــيا آل طه الطاهرين رجوتكم * ليوم بــــــــه فــصل الخطاب طويل

أقيـــلوا عثاري يوم فقري وفاقتي * فظهري بأعــــــــباء الـذنوب ثقيل

مدحتــــــــكم أرجـو النجاة بمدحكم * لعــــــــلمي بكم أن الجزاء جزيل

وقد قيل في المعروف : أما مذاقه * فحــــــــلو وأمـــــا وجهه فجميل

فدونــــــــكم من عــبــــدكم ووليكم * عـروسا ولكن في الزفاف ثكول

أتــــــــت فوق أعواد المنابر باديـا * لهــــــــا أنـــــة محزونة وعويل

لسبـــــع سنين بعد سبعين قد خلت * وعــــــــامين إيـضاح لها ودليل

لهــــــــا حسن المخزوم عبدكم أب * لآل أبــــــــي عــبـد الكريم سليل

بها منكم نال القبول ولم يقل * :[عسى موعد إن صح منك قبول](1)

عليــــــكم سلام الله ما ذكر اسمكم * وذاك مــــــدى الأيام ليس يزول

(الشاعر) :

الشيخ حسن آل أبي عبد الكريم المخزومي، أحد شعراء الشيعة في القرن الثامن جارى بقصيدته المذكورة معاصره العلامة الشيخ علي الشفهيني السالف ذكره في لاميته التي أسلفناها وأشار إليها بقوله :

له النسب الوضاح كالشمس في الضحى * ومجــــد عـلـــــى هـــــام السماء يطــول

لقـــــد صدق الشيـــــخ السعــيد أبو علي * عـــــلي ونـــــال الفخـــــر حيـــــث يقــول

: [فـــــما كـــــل جـــــد في الرجال محمد * ولا كـــــل أم فـــــي النـــــساء بتـــــــول]

وهذه المجاراة تنم عن شهرة الرجل في القريض، وجريه في مضمار الشعر ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا الشطر من مطلع قصيدة الشيخ علاء الدين الحلي راجع الجزء السادس ص 395 ط 2 .

 

/ صفحة 210 /

وتركاضه في حلبة السباق، وقد رأى الشيخ السماوي في الطليعة إنه هو الشيخ الحسن بن راشد الحلي العلامة المتضلع من العلوم، صاحب التآليف القيمة، والأراجيز الممتعة، وحسب سيدنا الأمين العاملي في الأعيان إنه غيره، وله هناك نظرات لا يخلو بعضها عن النظر، فعلى الباحث الوقوف على الجزء الحادي والعشرين منه (أعيان الشيعة) ص 256 - 278، والجزء الثاني والعشرين ص 89 .

 وعمدة ما يستأنس منه الاتحاد إن اللامية هذه مذكورة في غير واحد من المجاميع في خلال قصائد الشيخ حسن بن راشد الحلي منسوبة إليه مع بعد شاسع في خطة النظم، وتفاوت في النفس، بحيث يكاد بمفرده أن يميزها عن شعر ابن راشد الحلي الفحل، فإنه عال الطبقة، باد السلاسة، ظاهر الانسجام، متحل بالقوة، واللامية دونه في كل ذلك .

 وعلى أي فناظمها من شعراء القرن الثامن نظمها في سنة سبعمائة واثنتين وسبعين كما نص عليه في أخريات القصيدة، ولما لم يعلم تاريخ وفاته واحتملنا الاتحاد بينه وبين ابن راشد المتوفى في القرن التاسع بعد سنة 830 أرجأنا ترجمته إلى القرن التاسع، والله العالم .

 

/ صفحة 211 /

 

شعراء الغدير في القرن العاشر

الشيخ الكفعمي

المتوفى 905

هنــــــيئا هنيــــــئا ليوم الغــــدير * ويـــــوم الحــــبور ويوم السرور

ويــــــوم الكــــــمال لديـــن الإله * وإتمــــــام نعــــــمة رب غــــفور

ويــــــوم الفـــــلاح ويوم النجاح * ويــــــوم الصــــــلاح لكـل الأمور

ويــــــوم الإمــــــارة للمــرتضى * أبــــــي الحـــسنــين الإمام الأمير

ويــــــوم الخــــطابة من جبرئيل * بتقــــــدير رب عــــــليم قــــــديــر

ويـــــوم السلام على المصطفى * وعـتــــــرته الأطهريــــــن البدور

ويــــــوم اشتــراط ولاء الوصي * عــــــلى المــــؤمنين بيوم الغدير

ويــــــوم الـــــولاية في عرضها * عــــــلى كل خلق السميع البصير

علي الــــــوصي وصـــــي النبي * وغــــــوث الــولي وحتف الكفور

وغــــــيث المحول وزوج البتول * وصنـــو الرسول السراج المنير

أمــــــان البـــــلاد وساقي العباد * بيــــــوم المعــــــاد بعــــذب نمير

همام الصفوف ومقري الضيوف * وعند الزحوف كلـــــيث هصور

ومــــــن قد هـوى النجم في داره * ومــــــن قاتـل الجن في قعر بئر

وســــــل عــــنه بدرا واحدا ترى * لــــــه سطــــوات شجاع جسور

وســــل عنه عمروا وسل مرحبا * وفــــــي يوم صفــين ليل الهرير

وكــــــم نـــــصر الدين في معرك * بسيــــــف صقـــيل وعـزم مرير

وستــــــا وعـــــشرين حربا رأى * مــــــع الهـاشمي البشير النذير

أميــــــر الســــــرايا بأمــر النبي * ولــــــيس عـــــليه بها من أمير

/ صفحة 212 /

 

(ما يتبع الشعر) :

اقتطفنا هذه الأبيات من قصيدة (الكفعمي) المذكورة في كتابه (المصباح) المطبوع السائر الدائر ص 701 تناهز 190 بيتا يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام ويصف يوم الغدير ويذكر أسمائه، نظمها في الحاير المقدس كربلاء المشرفة، وكان يوم ذلك شيخا قد بلغ من الكبر عتيا، وأشار إلى ذلك كله فيها بقوله :

وشيخ كبير له لمة * كساها التعمر ثوب القتير (1)

أتاه النذير فأضحـــى يقول : * أعـيـــــذ نذيري بسبط النذير

أتيت الإمام الحسين الشهيد * بقــــــلب حـزين ودمع غزير

أتيــــــت ضريحــا شريفا به * يعـــود الضرير كمثل البصير

أتيــــــت إمام الهـدى سيدي * إلى الحـاير الجار للمستجير

أرجي الممات ودفن العظام * بأرض الطـفوف بتلك القبور

لعـــلي أفوز بسكنى الجنان * وحــــور محجلة في القصور

أتيت إلى صاحب المعجزات * قتيـــل الطغاة ودامي النحور

وله أرجوزة تنوف على 120 بيتا يذكر فيها ما يستحب صومه من الأيام، توجد في مصباحه أولها :

الحــــــمد لله الـــــذي هداني * إلى طريق الرشد والإيمان

ثــــــم صـلاة الله ذي الجلال * على النبي المصطفى والآل

ومنها :

وبعـــده التاسع من ذي الحجه * فصمــــــه والـزم بعده المحجه

إلا مـــــع الضعف عن الدعاء * أو أن يشك في الحلال الرائي

ومنها :

وبـعــــــده يــــــوم غـدير خم * ثامن عشر منه فاتبع نظمي

فيــــه أتى النص عن النبـي * عــلى الإمام المرتضى علي

حــــــقا وفيــه كمل الاسـلام * وفـــــصله لـم تحصه الأقلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) القتير : الشيب .

 

/ صفحة 213 /

فصومــه يعــدل صوم الدهر * فهــــذه السبعة صم عن أمر

(الشاعر) :

الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الشيخ زين الدين علي بن الشيخ بدر الدين حسن بن الشيخ محمد بن الشيخ صالح بن الشيخ إسماعيل الحارثي الهمداني الخارفي العاملي الكفعمي اللويزي الجبعي .

 أحد أعيان القرن التاسع الجامعين بين العلم والأدب، الناشرين لألوية الحديث والمستخرجين كنوز الفوايد والنوادر، وقد استفاد الناس بمؤلفاته الجمة، وأحاديثه المخرجة، وفضله الكثير، كل ذلك مشفوع منه بورع موصوف، وتقوى في ذات الله، إلى ملكات فاضلة، ونفسيات كريمة، حلى جيد زمنه بقلائدها الذهبية، وزين معصمه بأسورتها، وجلل هيكله بأبرادها القشيبة، وقبل ذلك كله نسبه الزاهي بأنوار الولاية المنتهي (1) إلى التابعي العظيم : الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، ذلك العلوي المذهب، العلي شأنه، الجلي برهانه، الذي هو من فقهاء الشيعة، سيوافيك ذكره في ترجمة أحد أحفاد أخي المترجم له الشيخ حسين والد شيخنا البهائي قدس أسرارهم .

 وقد توافقت المعاجم على سرد ألفاظ الثناء البالغ على المترجم له (الكفعمي) تجد ترجمته في أمل الآمل .

 رياض العلماء . نفح الطيب 4 : 395 وأكثر من ذكر بدايعه وطرفه وخطبه وأشعاره .

 رياض الجنة في الروضة الرابعة . روضات الجنات ص 6 .

 تكملة أمل الآمل لسيدنا أبي محمد الحسن الصدر الكاظمي أعيان الشيعة ج 5 : 336 - 358 الكنى والألقاب 3 : 95 . سفينة البحار 1 : 77 الفوائد الرضوية 1 : 7 .

 المشيخة لشيخنا الرازي ص 42 .

 (تآليفه القيمة) :

1 - المصباح المؤلف 895 2 - البلد الأمين . 3 - شرح الصحيفة . 4 ـ المقصد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نص صاحب (الرياض) بانتهاء نسب المترجم له إلى الحارث الهمداني في ترجمة والده الشيخ زين الدين على . وفي (تكملة الأمل) لسيدنا الحجة صدر الدين : إنه ذكر في آخر كتاب (الدروس) الذي عندي بخطه : إنه الكفعمي مولدا، اللوذي محتدا، الجبعي أبا، الحارثي نسبا، التقي لقبا .

 

/ صفحة 214 /

الأسنى في شرح الأسماء الحسنى 5 - رسالة في محاسبة النفس . 6 - كفاية الأدب (1) في أمثال العرب في مجلدين . 7 - قراضة النضير في التفسير (2) 8 - صفوة الصفات في شرح دعاء السمات . 9 - فروق اللغة 10 - المنتقى في العوذ والرقى . 11 - الحديقة الناضرة . 12 - نور حدقة البديع في شرح بعض القصائد المشهورة . 13 - النحلة (3) 14 - فرج الكرب . 15 - الرسالة الواضحة في شرح سورة الفاتحة . 16 - العين المبصرة 17 - الكوكب الدري . 18 - زهر الربيع في شواهد البديع 19 - حياة الأرواح في اللطايف والأخبار والآثار فرغ منه سنة 843 . 20 - التلخيص في الفقه 21 - أرجوزة في مقتل الحسين عليه السلام وأصحابه . 22 - مقاليد الكنوز في أقفال اللغوز . 23 - رسالة في وفيات العلماء . 24 - ملحقات الدروع الواقية . 25 - مجموع الغرائب . 26 - اللفظ الوجيز في قرائة الكتاب العزيز . 27 - مجموعة كبيرة مشتملة على رسائل وكتابات . 28 - مختصر نزهة الألباء في طبقات الأدباء 29 - اختصار لسان الحاضر والنديم . إلى تآليف أخرى أنهاها السيد صاحب (الأعيان) إلى 49 .

يروي شيخنا الكفعمي عن والده المقدس الشيخ زين الدين علي . والسيد حسين بن مساعد الحسيني الحايري صاحب (تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار) .

 والسيد علي بن عبد الحسين الموسوي صاحب (رفع الملامة عن علي عليه السلام في ترك الإمامة) .

 والشيخ علي بن يونس زين الدين النباطي البياضي صاحب (الصراط المستقيم) .

 ووالد المترجم له الشيخ زين الدين علي جد جد شيخنا البهائي، أحد أعلام الطائفة وفقهائها البارعين، يروي عنه ولده المترجم له، ويعبر عنه بالفقيه الأعظم الورع، وأثنى عليه الشيخ علي بن محمد بن علي بن محلى شيخ أخي المترجم له شمس الدين محمد في إجازته : بالشيخ العلامة، زين الدنيا والدين، وشرف الاسلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في تكملة السيد الصدر : نهاية الأدب .

 (2) تلخيص من مجمع البيان للطبرسي .

 (3) في التكملة : النخبة .

 

/ صفحة 215 /

والمسلمين (1) توفي قدس سره سنة 861 .

 وخلف الشيخ زين الدين علي خمس بنين وهم : 1 - تقي الدين إبراهيم شيخنا الكفعمي المترجم له .

 2 - رضي الدين 3 - شرف الدين .

 4 - جمال الدين أحمد صاحب [زبدة البيان] في عمل شهر رمضان ينقل عنه أخوه شاعرنا في تآليفه .

 5 - شمس الدين محمد جد والد شيخنا البهائي، كان في الرعيل الأول من أعلام الأمة يعبر عنه شيخنا الشهيد الثاني بالشيخ الإمام .

 في إجازته لحفيده الشيخ حسين بن عبد الصمد والد شيخنا البهائي (2) ويصفه المحقق الكركي بقدوة الأجلاء في العالمين .

 في إجازته لحفيده الشيخ علي بن عبد الصمد بن شمس الدين محمد المذكورة في (رياض العلماء) .

 وذكره بالإمامة السيد حيدر البيروي في إجازته للسيد حسين الكركي .

 وأثنى عليه العلامة المجلسي في إجازاته بقوله : صاحب الكرامات .

 قرأ شمس الدين كثيرا على الشيخ عز الدين الحسن بن أحمد بن يوسف بن العشرة العاملي المتوفى بكرك نوح سنة 862، وله إجازة من الشيخ علي بن محمد بن علي بن المحلى المتوفى سنة 855، تذكر في إجازات البحار ص 44، ولد رحمه الله سنة 822 وتوفي سنة 886 .

 توفي شيخنا الكفعمي شاعرنا العظيم في كربلاء المشرفة سنة 905 كما في كشف الظنون (3) وكان يوصي أهله بدفنه في الحائر المقدس بأرض تسمى (عقيرا) ومن ذلك قوله :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع إجازات البحار ص 45 .

 (2) راجع إجازات البحار ص 85 .

 (3) راجع ج 2 : 617 وفي طبع ص 1982 .

 (4) لعل العقر اسم لبعض نواحي كربلاء المشرفة كالغاضرية وشاطي الفرات ولذا لما سئل سيدنا الحسين السبط سلام الله عليه عن اسم المحل كان من جواب القوم له إنه يسمى (العقر) فقال عليه السلام : أعوذ بالله من العقر أو إن التسمية مأخوذة مما جاء في اللغة من إن (العقير) : الشريف القتيل .

 

/ صفحة 216 /

ســــــألتكــــــم بالله أن تــــــدفنــــــونــــــني * إذا مــــــت فــــــي قــــبر بأرض عقير(4)

فإنــــــي بــــــه جــــــار الشــــــهيــد بكربلا * سليــــــل رســــــول الله خــــــير مجــــــير

فإني به في حــــــفرتي غــــــير خـــــــائـف * بــــــلا مــــــرية مــــــن منــــــكر ونـــــكير

أمنــــــت بــــــه فــــــي موقـــــفي وقيامتي * إذ النــــــاس خــــــافوا مـــــن لظى وسعير

فإني رأيت العــــــرب يحــــــمى نــــــزيلها * ويمنعــــــه مــــــن أن ينــــــال بضيــــــــــر

فكيــــــف بســـــبط المصطفى أن يذود من * بحــــــائره ثــــــاو بغــــــير نــــــصيــــــــر؟

[وعار على حامي الحمى وهو في الحمى * إذا ضــــــل فــــــي البــــــيدا عـقال بعــير]

لفت نظر :

ذكر السيد الأمين صاحب (الأعيان) في ص 336 ج 5 : إن المترجم له ولد سنة 840 مستفيدا من أرجوزة له في علم البديع وهذا التاريخ بعيد عن الصواب جدا، وذهول عما ذكره السيد نفسه من أمور تفنده وتضاده، قال في ص 340 : وجد بخطه كتاب (دروس) الشهيد فرغ من كتابته سنة 850 وعليه قراءته وبعض الحواشي الدالة على فضله . وعد من تآليفه ص 343 [حياة الأرواح] فقال : فرغ من تأليفه سنة 843 .

 وذكر له مجموعة كبيرة فقال : قال صاحب الرياض : رأيته بخطه في بلدة إيروان من بلاد آذربيجان، وكان تاريخ إتمام كتابة بعضها سنة 848، وبعضها سنة 849، وبعضها 852 .

 وقال في ص 336 : تاريخ وفاته مجهول، وفي بعض المواضع : إنه توفي سنة 900 ولم يذكر مأخذه، فهو إلى الحدس أقرب منه إلى الحس لكنه كان حيا سنة 895 فإنه فرغ من تأليف (المصباح) في ذلك التاريخ، وليس في تواريخ مؤلفاته ما هو أزيد من هذا .

 فعلى ما استفاده سيد الأعيان من تاريخ ولادته 840 يكون عند تأليفه (المصباح) ابن خمس وخمسين سنة، وله في رائيته في (المصباح) قوله :

بشيــــــخ كبـــــير له لمة * كساها التعمر ثوب القتير

فمجموع ما ذكرناه يعطينا خبرا بأن شاعرنا المترجم له ولد في أوليات القرن التاسع، وإنه كان في سنة 843 مؤلفا صاحب رأي ونظر، يثني على تآليفه الأساتذة الفطاحل، وكان حينما ألف (المصباح) سنة 894 شيخا هرما كبيرا .

 

 

 / صفحة 217 /

 

القرن العاشر

- 78 -

عز الدين العاملي

المولود 918 المتوفى 984

 

إلى مَ ألام وأمــــــري شهيــر * وأشفــــــق مـــن كل نذل حقير

وحــــــبي النــــــبي وآل النبي * وقــــــولي بالعـــدل نعم الخفير

ولــــــي رحـــم تقتضي حرمة * ولــــــي نسبــة بولائي الخطير

فــــــلي فــي المعاد عماد بهم * ولــــــي فـي القيام مقام نضير

لأنــــــي أنـــادي لدى النائبات * والخــــــوف من أن ذنبي كبير

أخــا المصطفى وأبا السيدين * وزوج البتـــــول ونجل الظهير

ومحبــــــوب رب حــميد مجيد * وخــــــير نبـــــي بشــــير نذير

ونــــور الظلام وكافي العظام * ومولى الأنــــــام بنص الغـدير

مجـــلي الكروب عليم الغيوب * نقــــــي الجـــيوب بقول الخبير

وأقضى الأنام وأقصى المرام * وسيف السلام السميع البصير

(القصيدة 45 بيتا)

(ما يتبع الشعر) :

هذه الأبيات مستهل قصيدة للشيخ الحسين بن عبد الصمد العاملي والد شيخنا (البهائي) وشرحها بعد مدة من نظمها بشرح كبير، وأثبت كلما ذكر فيها من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام بطريق الجمهور وقال فيه : قولي (ومولى الأنام بنص الغدير) إشارة إلى خبر غدير خم .

 

/ صفحة 218 /

وقال بعد ذكر حديث الغدير ما ملخصه : رواه أحمد بن حنبل بست عشر طريقا والثعلبي بأربع طرق في تفسير قوله تعالى : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ورواه ابن المغازلي بثلث طرق، ورواه في الجمع بين الصحاح الست، قال ابن المغازلي : وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله صلى الله عليه وآله نحو من مائة نفس، وذكر محمد بن جرير الطبري المؤرخ لحديث الغدير خمسا وسبعين طريقا، وأفرد له كتابا سماه كتاب الولاية وذكر الحافظ أبو العباس أحمد بن عقدة له خمسا ومائة طريقا، وأفرد له كتابا، فهذا قد تجاوز حد التواتر، ومن العجب تأويل هذا الحديث وهو نص في الإمامة ووجوب الطاعة، ويشهد العقل السليم بفساد ذلك التأويل كما يأباه الحال والمقام، وقوله صلى الله عليه وآله : ألست أولى منكم بأنفسكم .

 بعد نزول قوله تعالى : يا أيها الرسول .

 وأمثال ذلك فغفل أصحاب التأويل من معنى قول أبي الطيب :

وهبــــني قلت : هذا الصبح ليل * أيغشى العالمون عن الضياء ؟

(الشاعر) :

عز الدين الشيخ حسين بن عبد الصمد بن شمس الدين محمد بن زين الدين علي بن بدر الدين حسن بن صالح بن إسماعيل الحارثي الهمداني العاملي الجبعي .

 هو من بيت عرق فيه المجد والشرف بولاء العترة الطاهرة منذ العهد العلوي، فمن هنا بشر أمير المؤمنين عليه السلام جده الأعلى الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني الخارفي (1) عند وفاته بنتيجة عقيدته الصحيحة به، وولائه الخالص له، والمترجم له صرح بانتسابه إلى هذا لموالي العلوي (الهمداني) في كتاب كتبه إلى السلطان شاه طهماسب في سنة 968 رأيته بخطه، وذكره في إجازته لتلميذه الشيخ رشيد الدين ابن الشيخ إبراهيم الاصبهاني تاريخها تاسع عشر جمادى الأولى سنة 971، وفي إجازته لملك علي كما في مستدرك الإجازات (2) لشخينا الحجة ميرزا محمد الرازي نزيل سامراء المشرفة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخارفي بكسر الراء نسبة إلى (خارف) بطن من همدان نزل الكوفة . ويقال : الحوتي بضم الحاء نسبة إلى (الحوت) بطن من همدان أيضا .

 (2) أحد أجزاء (مستدرك البحار) لشيخنا الأجل الرازي : كتاب كريم قيم ضخم فخم استدرك به .

 

/ صفحة 219 /

ونص بهذه النسبة ولده شيخنا البهائي في إجازته سنة 1015 للمولى صفي الدين محمد القمي، وقال في كشكوله ص 279 طبع مصر سنة 1305 : من (نهج البلاغة) من كتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحارث الهمداني جد جامع الكتاب .

 وصرح بها لفيف من أساطين الطائفة ومشايخ الأمة ممن عاصر المترجم له أو من قارب عصره، وإليك أسماء جمع منهم غير المعاجم التي ذكرت فيها ترجمة المترجم له أو ولده البهائي .

 1 - شيخنا الشهيد الثاني في إجازته للمترجم له سنة 941 .

 2 - الشيخ حسن صاحب (المعالم) في استجازته من المترجم له سنة 983 كما في المستدرك .

 3 - الشيخ أبو محمد ابن عناية الله الشهير ببا يزيد البسطامي الثاني في إجازته للسيد حسين الكركي سنة 1004 .

 4 - السيد ماجد بن هاشم البحراني في إجازته للسيد أمير فضل الله دست غيب سنة 1023 .

 5 - المولى حسن علي بن المولى عبد الله التستري في إجازته للمولى محمد تقي المجلسي سنة 1534 .

 6 - الأمير شرف الدين علي الشولستاني النجفي في إجازته للمولى محمد تقي المجلسي سنة 1036 .

 7 - السيد نور الدين العاملي أخ السيد محمد صاحب (المدارك) في إجازته سنة 1051 للمولى محمد محسن بن محمد مؤمن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ما فات مولانا العلامة المجلسي قدس سره، أتى في عدة مجلدات، تربو صحائف مستدرك إجازاته فحسب على ألفي صحيفة، وقس عليها غيرها من أجزاء البحار، ومن سرح النظر في هذا السفر الحافل يجد العلم طافحا من جوانبه، وتترائى له الفضيلة المتدفقة في طياته، ويشاهد همة قعساء يقصر دونها البيان، وتفشل عن إدراكها الهمم، ولا تبلغ مداها جمل الاطراء والثناء أبقى له ذكرا خالدا مع الأبد يذكر ويشكر، قدس الله روحه وطيب رمسه :

/ صفحة 220 /

8 - الأمير السيد أحمد العاملي صهر سيدنا الأمير محمد باقر داماد الراوي عنه في صورة طرق روايته .

 9 - المولى محمد تقي المجلسي في طرق روايته [الصحيفة السجادية] في مواضع ثلاثة توجد في إجازات البحار ص 145، 146، 149، وفي إجازته للميرزا إبراهيم ابن المولى كاشف الدين محمد اليزدي سنة 1063، وفي إجازته للمولى محمد صادق الكرباسي الاصفهاني الهمداني سنة 1068، وفي إجازته لبعض تلاميذه، وفي إجازته لولده العلامة المجلسي .

 10 - آقا حسين بن اقا جمال الخونساري في إجازته للأمير ذي الفقار سنة 1064 .

 11 - المحقق السبزواري المولى محمد باقر في إجازته للمولى محمد الكيلاني سنة 1081 وفي إجازته للمولى محمد شفيع سنة 85 1 .

 12 - الشيخ قاسم بن محمد الكاظمي في إجازته للشيخ نور الدين محمد بن شاه مرتضى الكاشاني سنة 1095 كما في مستدرك الإجازات .

 13 - العلامة المجلسي في موضعين من فائدة أوردها في إجازات البحار ص 134 وفي غير واحد من إجازاته لتلامذته .

 14 - الشيخ حسام الدين بن جمال الدين الطريحي في إجازته للشيخ محمد جواد الكاظمي سنة نيف وتسعين وألف .

 15 - السيد الأمير حيدر بن السيد علاء الدين الحسيني البيروني في موضعين من إجازته للسيد حسين المجتهد ابن السيد حيدر الكركي .

 16 - بعض تلمذة البهائي في بيان روايته عنه، قال العلامة المجلسي : لعله السيد حسين بن حيدر الكركي .

 17 - الشيخ محمد حسين الميسي العاملي في إجازته للشيخ أبي الحسن الشريف العاملي سنة 1100 .

 18 - الشيخ عبد الواحد بن محمد البوراني في إجازته للشيخ أبي الحسن الشريف الفتوني العاملي سنة 1103 .

 19 - الأمير محمد صالح بن عبد الواسع في إجازته للشيخ أبي الحسن الشريف

/ صفحة 221 /

الفتوني سنة 1107 .

 20 - الشيخ صفي الدين بن فخر الدين الطريحي في إجازته للشيخ أبي الحسن الشريف الفتوني سنة 1111 وفي غير واحد من إجازاته .

 وأشار إلى هذا النسب الذهبي الشيخ جعفر الخطي البحراني (1) المتوفى سنة 1028 في قصيدته التي جارا بها رائية شيخنا البهائي ومدحه فيها، وكتب الشيخ تقريضا عليها، يقول فيها :

فيا بن الأولى أثــنى الوصــــــي عـليهم * بمــــــا ليــــــس تثــــــني وجهه يد إنكار

بصفــــــين إذ لــــــم يلــــف من أوليائه * وقــــــد عــــــض نــاب للوغى غير فرار

وأبصــــــر منهم جــــــند حرب تهـافتـوا * على الموت إســراع الفراش على النار

ســـراعا إلــــــى داعي الحروب يرونها * عــــــلــــى شربها الاعمار مورد أعمار

أطــاروا غمود البــــــيض واتكلوا على * مفــــــارق قــــوم فــــــارقوا الحق فجار

وأرســــــوا وقد لاثوا على الركب الحبا * بــــــروكــــــا كهــــــدي أبــــركوه لجزار

فقــــــال وقــــــد طابــــــت هنــالك نفسه * رضــــــى وأقــــــروا عــيـــنه أي إقرار

: فلــــــو كنــــــت بــــوابا على باب جنة * كــــــما أفــــــصحت عـنه صحيحات آثار

أشار إلى ما كان عليه قبيلة همدان يوم صفين وكان فيهم البطل المجاهد جد المترجم له (الحارث) فأثنى عليهم أمير المؤمنين عليه السلام وقال : يا معشر همدان ! أنتم درعي و رمحي ما نصرتم إلا الله وما أجبتم غيره .

دعوت فلباني من القوم عصبة * فــــوارس من همدان غير لئام

فوارس من همدان ليسوا بعزل * غــــداة الوغا من شاكر وشبام

بكــــــل رديـــــني وعضب تخاله * إذا اختــلف الأقوام شعل ضرام

لهـــــــمدان أخلاق ودين يزينهم * وبــــــأس إذا لاقوا وجـد خصام

وجــد وصدق في الحروب ونجدة * وقــــــول إذا قـــــالوا بغير أثام

متـى تأتهم في دارهم تستضيفهم * تبــــــت ناعما في خدمة وطعام

جـــــزى الله همدان الجنان فإنها * ســمام العدى في كل يوم زحام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) توجد ترجمته في (سلافة العصر) و (أنوار البدرين) .

 

/ صفحة 222 /

فلــــــــو كنت بوابا على باب جنة * لقلت لهمدان : ادخلي بسلام (1)

ومؤسس شرف هذا البيت الرفيع (الحارث الهمداني) كان صاحب أمير المؤمنين عليه السلام والمتفاني في ولائه، والفقيه الأكبر في شيعته، وأحد أعلام العالم، أثنى عليه جمع من رجال العامة (2) ذكره السمعاني في (الخارفي) من (الأنساب) وقال : كان غاليا في التشيع .

 وعده ابن قتيبة في المعارف ص 306 من الشيعة في عداد صعصعة بن صوحان وأصبغ بن نباتة وأمثالهما، وترجم له الذهبي في (ميزان الاعتدال) ج 1 ص 202 وقال : من كبار علماء التابعين .

 ونقل هو ابن حجر في تهذيب التهذيب ص 145 عن أبي بكر ابن أبي داود أنه قال : كان الحارث أفقه الناس، وأحسب الناس، وأفرض الناس، تعلم الفرائض من علي عليه السلام .

 وفي (خلاصة تهذيب الكمال) ص 58 : إنه أحد كبار الشيعة .

 وروى الكشي في رجاله ص 59 بإسناده عن أبي عمير البزاز عن الشعبي قال : سمعت الحرث الأعور وهو يقول : أتيت أمير المؤمنين عليا عليه السلام ذات ليلة فقال : يا أعور ! ما جاء بك ؟ قال : فقلت : يا أمير المؤمنين ! جاء بي والله حبك .

 قال : فقال : أما إني سأحدثك لتشكرها، أما إنه لا يموت عبد يحبني فيخرج نفسه حتى يراني حيث يحب، ولا يموت عبد يبغضني فخرج نفسه حتى يراني حيث يكره .

 قال : ثم قال لي الشعبي بعد : أما إن حبه لا ينفعك وبغضه لا يضرك (3) وحدث الشيخ أبو علي ابن شيخ الطايفة أبو جعفر الطوسي في أماليه ص 42 بإسناده عن جميل بن صالح عن أبي خالد الكاملي (4) عن الأصبغ بن نباتة قال : دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في نفر من الشيعة وكنت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب صفين لابن مزاحم ص 310، 496 ط مصر، شرح ابن أبي الحديد 1 : 492، ج 2 : 294 .

 (2) خلا أناس منهم حناق على العترة الطاهرة، يتحرون الوقيعة في شيعتهم، فخلقوا له إفكا، و نبزوه بالسفاسف مما لا يقام له عند المنقب وزن .

 (3) قول الشعبي هذا مناقض لما جاء به النبي الأعظم في حب أمير المؤمنين عليه السلام وبغضه من الكثير الطيب، راجع ما مر في أجزاء كتابنا هذا وما يأتي .

 (4) كذا والصحيح : الكابلي .

 

/ صفحة 223 /

فيهم فجعل يعني الحارث يتأود في مشيته ويخبط الأرض بمحجنه وكان مريضا فأقبل عليه أمير المؤمنين عليه السلام وكانت له منه منزلة فقال : كيف تجدك يا حارث ؟ ! قال : نال الدهر مني يا أمير المؤمنين ! وزادني أوارا وغليلا اختصام أصحابك ببائك قال : و فيهم خصومتهم ؟ قال : في شأنك والبلية من قبلك، فمن مفرط غال، ومقتصد قال، ومن متردد مرتاب، لا يدري أيقدم أو يحجم .

 قال : فحسبك يا أخا همدان ؟ ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط، إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التالي قال : لو كشفت فداك أبي وأمي الرين عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا، قال : قدك فإنك امرؤ ملبوس عليك، إن دين الله لا يعرف بالرجال بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله، يا حار ! إن الحق أحسن الحديث والصادع به مجاهد، وبالحق أخبرك فأعرني سمعك ثم خبر به من كانت له حصانة من أصحابك ألا إني عبد الله وأخو رسوله وصديقه الأول، قد صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه الأول في أمتكم حقا، فنحن الأولون ونحن الآخرون، ألا وأنا خاصته يا حار ! وخالصته و صنوه ووصيه ووليه صاحب نجواه وسره، أوتيت فيهم الكتاب وفصل الخطاب و علم القرون والأسباب، واستودعت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد وأيدت .

 أو قال : أمددت بليلة القدر نفلا، وإن ذلك ليجري لي ومن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وأبشرك يا حارث ! ليعرفني والذي فلق الحبة وبرء النسمة وليي وعدوي في مواطن شتى، ليعرفني عند الممات وعند الصراط وعند المقاسمة قال : وما المقاسمة يا مولاي ؟ ! قال : مقاسمة النار أقاسمها قسمة صحاحا أقول : هذا وليي وهذا عدوي .

 ثم أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث وقال : يا حارث ! أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي فقال لي واشتكيت إليه حسدة قريش والمنافقين لي : إنه إذا كان يوم القيمة أخذت بحبل أو بحجزة يعني عصمة من ذي العرش تعالى وأخذت يا علي ! بحجزتي وأخذ ذريتك بحجزتك وأخذ شيعتكم بحجزتكم، فماذا يصنع الله بنبيه ؟ وما يصنع نبيه بوصيه ؟ خذها إليك يا حارث ! قصيرة من طويلة أنت مع من أحببت، ولك ما احتسبت، أو قال : ما اكتسبت .

 قالها ثلثا فقال الحارث وقام يجر ردائه جذلا : ما أبالي ربي

/ صفحة 224 /

بعد هذا متى لقيت الموت أو لقيني . قال جميل بن صالح فأنشدني السيد بن محمد في كتابه :

قول (علي) لحــــــارث عجــــب * كــــــم ثــم أعجوبــة له حملا ؟

: يا حار همدان من يمت يرنــي * من مــــــؤمن أو منافــــق قبلا

يعــــــرفني طرفــــــه وأعــــرفه * بنعــــــته واسمــــــه ومـا فعلا

وأنت عند الصــــــراط تعـــرفني * فلا تخــــــف عــثــــرة ولا زللا

أسقــــــيك مــــن بارد على ظمأ * تخــــــاله في الحـــلاوة العسلا

أقول للنار حين تعرض للعرض * : دعــيــــــه لا تقبـــــلي الرجلا

دعــيــــــه لا تقربــــــيه إن لـــه * حــــــبلا بحـــبل الوصي متصلا

توفي الحارث الهمداني سنة 65 كما ذكره الذهبي في [ميزان الاعتدال ]، وابن حجر نقلا عن ابن حبان في [تهذيب التهذيب] ج 2 ص 147، والمؤرخ عبد الحي في [شذرات الذهب] ج 1 ص 73، فما في [خلاصة تذهيب الكمال] ص 58 من أنها سنة 165 ليس بصحيح .

 والمترجم له شيخنا (الحسين) أحد أعلام الطايفة، وفقهائها البارعين في الفقه و أصوله والكلام والفنون الرياضية والأدب، وكان إحدى حسنات هذا القرن، والألق المتبلج في جبهته، والعبق المتأرج بين أعطافه، أذعن بتقدمه في العلوم علماء عصره ومن بعدهم، قال شيخه الشهيد الثاني في إجازته له المؤرخة ب‍ 941 المذكورة في كشكول شيخنا البحراني صاحب (الحدائق) : ثم إن الأخ في الله المصطفى في الأخوة المختار في الدين، المرتقى عن حضيض التقليد إلى أوج اليقين، الشيخ الإمام العالم الأوحد، ذا النفس الطاهرة الزكية، والهمة الباهرة العلية، والأخلاق الزاهرة الإنسية، عضد الاسلام والمسلمين، عز الدنيا والدين حسين بن الشيخ الصالح العالم العامل المتقن المتفنن خلاصة الأخيار الشيخ عبد الصمد بن الشيخ الإمام شمس الدين محمد الشهير بالجبعي أسعد الله جده، وجدد سعده، وكبت عدوه وضده، ممن انقطع بكليته إلى طلب المعالي، ووصل يقظة الأيام بإحياء الليالي، حتى أحرز السبق في مجاري ميدانه، وحصل بفضله السبق على سائر أترابه وأقرانه، وصرف برهة من

/ صفحة 225 /

زمانه في تحصيل هذا العلم، وحصل منه على أكمل نصيب وأوفر سهم فقرأ على هذا الضعيف .. إلخ .

 وأثنى عليه معاصره السيد الأمير حيدر بن السيد علاء الدين الحسيني البيروي في إجازته للسيد حسين المجتهد الكركي بقوله : الشيخ الإمام الزاهد العابد العامل العالم، زبدة فضلاء الأنام، وخلاصة الفقهاء العظام، فقيه أهل البيت عليهم السلام، عضد الاسلام، والمسلمين، عز الدنيا والدين حسين بن الشيخ العالم .

 إلخ .

 وفي [رياض العلماء] : كان فاضلا عالما جليلا أصوليا متكلما فقيها محدثا شاعرا ماهرا في صنعة اللغز وله ألغاز مشهورة خاطب بها ولده البهائي فأجابه هو بأحسن منها وهما مشهوران وفي المجاميع مسطوران .

 وقال المولى مظفر علي أحد تلاميذ ولده البهائي في رسالة له في أحوال شيخه : وكان والد هذا الشيخ في زمانه من مشاهير فحول العلماء الأعلام والفقهاء الكرام، وكان في تحصيل العلوم والمعارف وتحقيق مطالب الأصول والفروع مشاركا ومعاصرا للشهيد الثاني، بل لم يكن له قدس الله سره في علم الحديث والتفسير والفقه والرياضي عديل في عصره وله فيها مصنفات . ا ه‍ .

وقال المولى نظام الدين محمد تلميذ ولده البهائي في (نظام الأقوال في أحوال الرجال) : الحسين بن عبد الصمد بن محمد الجبعي الحارثي الهمداني الشيخ العالم الأوحد، صاحب النفس الطاهرة الزكية، والهمة الباهرة العلية، والد شيخنا واستاذنا ومن إليه في العلوم استنادنا أدام الله ظله البهي من أجلة مشايخنا قدس الله روحه الشريفة، كان عالما فاضلا مطلعا على التواريخ ماهرا في اللغات، مستحضرا للنوادر والأمثال، وكان ممن جدد قراءة كتب الأحاديث، ببلاد العجم، له مؤلفات جليلة، ورسالات جميلة . ا ه‍ .

 وفي (أمل الآمل) : كان عالما ماهرا محققا مدققا متبحرا جامعا أديبا منشئا شاعرا عظيم الشأن، جليل القدر، ثقة من فضلاء تلامذة شيخنا الشهيد الثاني .. الخ .

 إلى كلمات أخرى مبثوثة في الإجازات ومعاجم التراجم .

 وعرف فضله عاهل ايران بوقته السلطان شاه طهماسب الصفوي، فسامه تقديرا وتبجيلا، وقلده شيخوخة

/ صفحة 226 /

الاسلام بقزوين، ثم بخراسان المقدسة ثم بهراة، وفوض إليه أمر التدريس والافادة، وكان يقدمه على كثير من معاصريه بعد أستاده المحقق الكركي، فنهض المترجم له بعبء العلم والدين ونشر أعلامهما بما لا مزيد عليه، فخلد له التاريخ بذلك كله ذكرا جميلا تضيئ به صحايفه، وتزدهي سطوره، ومما خصه المولى سبحانه به وفضله بذلك على كثير من عباده، وحري بأن يعد من أكبر فضايله الجمة، وأفضل أعماله المشكورة مع الدهر، إنه نشر ألوية التشيع في هرات ومناحيها، وأدرك خلق كثير بإرشاده الناجع سعادة الرشد، وسبيل السداد، واتبعوا الصراط السوي المستقيم .

(مشايخه والرواة عنه) :

يروي شيخنا المترجم له عن لفيف من أعلام الطايفة وأساتذة العلم . منهم :

1 - شيخنا الأكبر زين الدين الشهيد الثاني وأخذ منه العلم .

2 - السيد بدر الدين الحسن بن السيد جعفر الأعرجي الكركي العاملي .

3 - الشيخ حسن صاحب (المعالم) ابن الشهيد الثاني .

4 - السيد حسن بن علي بن شدقم الحسيني المدني .

 ويروي عنه :

 1 - السيد الأمير محمد باقر الاسترابادي الشهير (داماد) .

 2 - الشيخ رشيد الدين بن إبراهيم الاصفهاني بالاجازة المؤرخة بسنة 971 .

 3 - السيد شمس الدين محمد بن علي الحسيني الشهير بابن أبي الحسن، كما في إجازة العلامة المجلسي للسيد نعمة الله الجزائري المؤرخة بسنة 1075 .

 4 - السيد حيدر بن علاء الدين البيروي كما في إجازته للسيد حسين الكركي .

 5 - الشيخ أبو محمد بن عناية الله البسطامي كما في إجازته للسيد حسين الكركي .

 6 - المولى معاني التبريزي كما في إجازات البحار ص 134، 135 .

 7 - الميرزا تاج الدين حسين الصاعدي كما في الإجازات ص 135 .

 8 - الشيخ حسن صاحب (المعالم) كما في إجازة الأمير شرف الدين الشولستاني للمولي محمد تقي المجلسي .

 

/ صفحة 227 /

9 - وملك علي يروي عنه بالاجازة المذكورة في [أعيان الشيعة] 26 ص 260 .

 10، 11 - ولداه العلمان : شيخنا البهائي وأبو تراب الشيخ عبد الصمد .

 وقرأ عليه السيد علاء الدين محمد بن هداية الله الحسني الخيروي سنة 967 .

 (آثاره أو مآثره) :

ومن آثاره أو مآثره تآليف قيمة منها :

شرح على القواعد، شرحان على ألفية الشهيد، الرسالة الطهماسية في الفقه .

 الرسالة الوسواسية، رسالة في وجوب الجمعة، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار .

 الرسالة الرضاعية، حاشية على الارشاد، رسالة مناظرة مع علماء حلب (1) .

 رسالة في الرحلة (2 )، رسالة في العقايد، رسالة الطهارة الظاهرية والقلبية .

 رسالة في المواريث، كتاب الغرر والدرر، رسالة في تقديم الشياع على اليد .

 رسالة في الواجبات، تعليقات على الصحيفة، رسالة في القبلة ديوان شعره

دراية الحديث، كتاب الأربعين، تعليقة على خلاصة العلامة

رسالة في جواز استرقاق الحربي البالغ حال الغيبة.

رسالة تحفة أهل الإيمان في قبلة عراق العجم وخراسان .

رسالة في وجوب صرف مال الإمام عليه السلام في أيام الغيبة .

جواب عما أورد على حديث نبوي (3 )، رسالة في عدم طهر البواري بالشمس .

 (ولادته ووفاته) :

ولد شيخنا المترجم له أول محرم الحرام سنة 918، وتوفي سنة 984 في ثامن ربيع الأول في قرية المصلى من أرباض (هجر) من بلاد البحرين وكان عمره ستا وستين سنة وشهرين وسبعة أيام ورثاه ولده الأكبر شيخنا البهائي بقوله :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) للمترجم له رحلات فيها خطوات محمودة ومواقف تذكر وتشكر وراء صالح الأمة والسعي دون مناهج الدين والمذهب، ورسالته هذه تجمع شتات تلكم المساعي، راجع أعيان الشيعة لسيدنا الأمين .

 (2) رسالة قيمة في الإمامة تجد جملة ضافية في أعيان الشيعة 26 : 248 .

 (3) من قوله صلى الله عليه وآله : إني أحب من دنياكم ثلاثا : النساء. والطيب. وقرة عيني الصلاة .

 

/ صفحة 228 /

قــــــــف بالطلول وسلها أين سلماها ؟ * وروّ مـــــــــن جــــرع الأجفان جرعاها

وردد الطرف فـــــــــي أطـراف ساحتها * وروح الـــــــــروح مــن أرواح أرجاها

وإن يفتـــــــــك مـــــن الأطلال مخبرها * فـــــــــلا يفـــــــــوتك مــــــرآها وريّاها

ربـــــــــوع فــــضل تباهي التبر تربتها * ودار أنـــــــــس يحــــاكي الدر حصباها

عـــــــــدا عــــــلي جيرة حلوا بساحتها * صـــــــــرف الــــزمان فأبلاهم وأبلاها

بـــــــــدور تـــــــــم غمام الموت جـللها * شمــــوس فضل سحاب الترب غشاها

فالمجـــــــــد يبـــكي عليها جازعا أسفا * والدين ينـــــــــدبها والفـــــضل ينعاها

يا حبـــــــــذا أزمـــــــن في ظلهم سلفت * مـــــــا كان أقصرها عمرا وأحلاها ؟

أوقـــــــــات أنــــس قضيناها فما ذكرت * إلا وقـــــــــطع قـــــلب الصب ذكراها

يا ســـــــــادة هجروا واستوطنوا هجرا * واهـــــــــا لقــبلي المعنى بعدكم واها

رعـــــــــيا لليـلات وصل بالحمى سلفت * سقـــــــــيا لأيـــــامنا بالخيف سقناها

لفــــــــقدكم شق جيب المجد وانصدعت * أركـــــــــانه وبكــــــم ما كان أقواها

وخـــــــــر مــــن شامخات العلم أرفعها * وانهد من باذخــــــات الحلم أرساها

يا ثـــــــــاويا بالمـــصلى من قرى حجر * كسيـــت من حلل الرضوان أرضاها

أقـــــــــمت يا بحر ! بالبحرين فاجتمعت * ثـــــــــلاثة كـــــــــن أمثالا وأشـباها

ثـــــــــلاثة أنت أنـــــــــداها وأغـــزرها * جـــــــــودا وأعذبها طعـــما وأحلاها

حـــــــــويت مـــــن درر العلياء ما حويا * لكـــــــــن درك أعـــــــلاها وأغلاها

يا أخمصا وطأت هام السهى شرفا (1) * سقــــاك ؟ من ديم الوسمي أسماها

ويا ضريحـــــــــا علا فوق السماك علا * عـــــــــليك من صلـوات الله أزكاها

فيك انطوى من شموس الفضل أزهرها * ومـــــــــن معـــالم دين الله أسناها

ومـــــــــن شـــوامخ أطواد الفتوة أرسا * هـــــــــا وأرفعــــــها قدرا وأبهاها

فاسحـــــب على الفلك الأعلى ذيول علا * فقد حــــــــويت من العلياء أعلاها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخمص القدم : ما لا يصيب الأرض من باطنها، ويراد به القدم كلها . السهى : كوكب خفى من بنات نعش الصغرى . ومنه المثل : أريها السهى وتريني القمر . يضرب للذي يسأل عن شئ فيجيب جوابا بعيدا .

 

/ صفحة 229 /

عــــليك مني سلام الله ما صدحت * على غصون إراك الدوح ورقاها

قال صاحب (رياض العلماء) : ورثاه جماعة من الشعراء .

 وللمترجم له قصيدة جارى بها البردة للبوصيري يمدح بها الرسول الأعظم و خليفته الصديق الأكبر أولها :

ألؤلؤ نظـــــــــم ثغـــــــر منك مبتسم ؟ * أم نرجس ؟ أم أقاح في صفى بشم ؟!

والقصيدة طويلة تناهز 129 بيتا وقد وقف سيد الأعيان منها على 69 بيتا فحسب أنها تمام القصيدة فقال : تبلغ 69 بيتا ثم ذكر جملة منها، ومن شعر المترجم له قوله :

ما شمـــــمت الورد إلا * زادني شــــــوقا إليك

وإذا مــــــا مال غصن * خــــــــلته يحنو عليك

لست تدري ما الذي قد * حـــــل بي من مقلتيك

إن يكن جسمي تناءى * فالحــــــشى باق لديك

كــــل حسن في البرايا * فــــــهو منسوب إليك

رشـــــــق القلب بسهم * قــــوسه من حاجبيك

إن ذاتـــــــــي وذواتــي * يا منـــــــايا في يديك

آه لــــــو أسقى لأشفى * خــــــمرة من شفتيك

وله قوله وهو المخترع لهذا الروي :

فاح عرف الصبا وصاح الديك * وانثـنى البان يشتكي التحريك

قـــــــــم بنــــا نجتلى مشعشعة * تــــــــاه من وجده بها النسيك

لو رآها المجـــــــــوس عاكفة * وحدوهــــــا وجانبوا التشريك

إن تسر نحونا نســــــــــر وإن * مت في السيـــــر دوننا نحييك

وذكر شيخنا البهائي في كشكوله ص 65 لوالده على هذا الروي ثمانية عشر بيتا أولها :

فاح ريح الصبا وصاح الديك * فانتـــبه وانف عنك ما ينفيك

وعارضها ولده الشيخ بهاء الدين بقصيدة كافية مطلعها :

/ صفحة 230 /

يا نديـــــــــمي بمــهجتي أفديك * قـــم وهات الكؤس من هاتيك

خـــــــــمرة إن ضلـلت ساحتها * فســـــــــنا نــور كأسها يهديك

يا كـــــــــليم الفـــؤاد ! داو بها * قـــــــــلبك المبتلى لكي تشفيك

هـــــــــي نـــــار الكليم فاجتلها * واخــلع النعل واترك التشكيك

صـــــــــاح ناهيــك بالمدام فدم * في احتساها مخالفا ناهيك(1)

وخلف المترجم على علمه الجم وفضله المتدفق ولداه العلمان : شيخ الطايفة بهاء الملة والدين الآتي ذكره وهو أكبر ولديه ولد سنة 953، والشيخ أبو تراب عبد الصمد بن الحسين المولود بقزوين ليلة الأحد وقد بقي من الليل نحو ساعة ثالث شهر صفر سنة 966 كما في (الرياض) نقلا عن خط والده المترجم له (الشيخ حسين) وصرح والدهما المترجم له في إجازته لهما إن البهائي أكبر ولديه، وللشيخ عبد الصمد حاشية على أربعين أخيه شيخنا البهائي وفوائده على الفرائض النصيرية، وكتب الشيخ البهائي باسمه فوائده الصمدية، يروي بالاجازة عن والده المقدس الشيخ حسين، ويروي عنه العلامة السيد حسين بن حيدر بن قمر الكركي توفي سنة 1020، ترجمه صاحبا (الأمل) و (الرياض) وغيرهما، وورثه على علمه الغزير ولداه العالمان : الشيخ أحمد بن عبد الصمد نزيل هرات، يروي عنه بالاجازة السيد حسين بن حيدر بن قمر الكركي الراوي عن والده أيضا .

 وأخوه الشيخ حسين بن عبد الصمد كان قاضي هرات، قال صاحب [رياض العلماء] : كان شاعرا ماهرا في العلوم الرياضية له منظومة بالفارسية في الجبر والمقابلة . ا ه‍ .

 يروي عن عمه شيخنا البهائي بالاجازة توجد بعض تعاليقه على بعض الكتب مؤرخا بسنة 1060 .

 وأما سائر رجالات هذه الأسرة الكريمة فوالد المترجم له الشيخ عبد الصمد من نوابع الطايفة، وعلمائها البارعين، وصفه شيخ الطايفة الشهيد الثاني في إجازته لولد المترجم له بالشيخ الصالح العامل العالم المتقن، وأثنى عليه السيد حيدر البيروي في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إلى آخر الأبيات المذكورة في [خلاصة الأثر] 3 : 449، وريحانة الألباء للخفاجي، و كشكول ناظمها ص 65.

 

/ صفحة 231 /

إجازته للسيد حسين المجتهد الكركي، بالشيخ العالم العامل، خلاصة الأخيار، وزين الأبرار الشيخ عبد الصمد، ولد سنة 855 في 21 محرم وتوفي سنة 935 في منتصف ربيع الثاني ترجمه صاحبا (الرياض) و (أمل الآمل) وغيرهما .

 وأخو المترجم الأكبر الشيخ نور الدين أبو القاسم علي بن عبد الصمد الحارثي المولود سنة 898 من تلمذة الشهيد الثاني قال صاحب (رياض العلماء) : فاضل عالم جليل فقيه شاعر له منظومة في ألفية الشهيد تسمى بالدرة الصفية في نظم الألفية، يروي عن المحقق الكركي بالاجازة سنة 935 وقرء عليه جملة من كتب الفقه .

 وأخوه : الشيخ محمد بن عبد الصمد ولد سنة 903 وتوفي سنة 952 .

 وأخوه الثالث : الحاج زين العابدين المولود سنة 909 والمتوفى سنة 965 .

 وأوعزنا في ترجمة عم والد المترجم له الشيخ إبراهيم الكفعمي ص 215 إلى ترجمة جد المترجم الشيخ شمس الدين محمد، وجد والده الشيخ زين الدين علي .

 توجد ترجمة شيخنا عز الدين الحسين، وسرد جمل الثناء عليه في كشكول الشيخ يوسف البحراني، لؤلؤة البحرين ص 18، رياض العلماء، أمل الآمل ص 13، نظام الأقوال في أحوال الرجال (1) تاريخ عالم آراي عباسي، روضات الجنات ص 193، مستدرك الوسائل 3 : 421، تنقيح المقال 1 : 332، الأعلام للزركلي 1 : 250، أعيان الشيعة 26 : 226 - 270 وفيها فوائد جمة، سفينة البحار 1 : 174، الكنى والألقاب 2 : 91، الفوائد الرضوية 1 : 138، منن الرحمان 1 ص 8 .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تأليف المولى نظام الدين محمد القرشي تلميذ شيخنا البهائي ولد المترجم له .