عقائد الشيعة الإمامية /  الشهيد محمد باقر الصدر

 

 

 

نشأة الشيعة والتشيع

 

 

من بحوث الشهيد محمد باقر الصدر

 

 

 

تمهيد

 

كيف ولد التشيع

 

كيف وجد التشيع

 

 

 

 

 

 

 

 

التمهيد

جرى بعض الباحثين على دراسة التشيع بوصفه ظاهرة طارئة في المجتمع الإسلامي، والنظر إلى القطاع الشيعي من جسم الأمة الإسلامية بصفته قطاعا تكون على مر الزمن، نتيجة لأحداث وتطورات اجتماعية معينة، أدت إلى تكوين فكري ومذهبي خاص لجزء من ذلك الجسم الكبير، ثم اتسع ذلك الجزء بالتدريج.

إن هؤلاء الباحثين، بعد أن يفترضوا ذلك، يختلفون في تلك الأحداث والتطورات التي أدت إلى نشوء تلك الظاهرة وولادة ذلك الجزء. فمنهم من يفترض أن عبد الله بن سبأ ونشاطه السياسي المزعوم كان هو الأساس لقيام ذلك التكتل الشيعي.

ومنهم من يرد ظاهرة التشيع إلى عهد خلافة الإمام علي عليه السلام، وما هيأه ذلك العهد من مقام سياسي واجتماعي على مسرح الأحداث.

ومنهم من يزعم أن ظهور الشيعة يكمن في أحداث متأخرة عن ذلك في التسلسل التاريخي للمجتمع الإسلامي.

والذي دعا -فيما أظن- كثيرا من هؤلاء الباحثين إلى هذا الافتراض والاعتقاد، بأن (التشيع) ظاهرة طارئة في المجتمع الإسلامي، هو أن الشيعة لم يكونوا يمثلون في صدر الإسلام إلا جزءا ضئيلا من مجموع الأمة الإسلامية. فأوحت هذه الحقيقة شعورا بأن اللاتشيع كان هو القاعدة في المجمتع الإسلامي، وأن التشيع هو الاستثناء والظاهرة الطارئة التي يجب اكتشاف أسبابها من خلال تطورات المعارضة للوضع السائد.

ولكن اتخاذ الكثرة العددية والضالة النسبية أساسا لتمييز القاعدة والاستثناء أو الأصل والانشقاق، ليس شيئا منطقيا، فمن الخطأ إعطاء الإسلام اللاشيعي صفة الأصالة على أساس الكثرة العددية، وإعطاء الإسلام الشيعي صفة الظاهرة الطارئة ومفهوم الانشقاق، على أساس القلة العددية، فإن هذا لا يتفق مع طبيعة الانقسامات العقائدية، إذ كثيرا ما نلاحظ انقساما عقائديا في إطار رسالة واحدة، يقوم على أساس الاختلاف في تجديد بعض معالم تلك الرسالة، وقد لا يكون القسمان العقائديان متكافئين من الناحية العددية ولكنهما في أصلهما معبران بدرجة واحدة عن الرسالة المختلف بشأنها، ولا يجوز بحال من الأحوال أن نبني تصوراتنا عن الانقسام العقائدي داخل إطار الرسالة الإسلامية إلى شيعة وغيرهم، على الناحية العددية، كما لا يجوز أيضا أن نقرن ولادة الأطروحة الشيعية، في إطار الرسالة الإسلامية، بولادة كلمة (الشيعة) أو (التشيع) كمصطلح واسم خاص لفرقة محددة من المسلمين، لان ولادة الأسماء والمصطلحات شيء ونشوء المحتوى وواقع الاتجاه والأطروحة شيء آخر، فإذا كنا لا نجد كلمة (الشيعة) في اللغة السائدة في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أو بعد وفاته، فلا يعني هذا أن الأطروحة والاتجاه الشيعي لم يكن موجودا. فبهذه الروح يجب أن نعالج قضية (التشيع) و (الشيعة)، ونجيب عن السؤالين الآتيين: كيف ولد التشيع؟ وكيف وجدت الشيعة؟

 

 

العودة لصفحة الشهيد محمد باقر الصدر