موقع عقائد الشيعة الإمامية >> النكاح عند الشيعة الإمامية

 

مسائل كتاب النكاح عند الشيعة الإمامية

 

مقدمات التزويج | أحكام النظر | عقد النكاح وأحكامه | أولياء العقد | أسباب التحريم | النكاح المنقطع | العيوب والتدليس

المهر والشروط | القسم والمضاجعة | النشوز والشقاق | أحكام الأولاد | الولادة وما يتبعها | نفقة الزوجة | نفقة الاقارب والمماليك

 


[ الفصل الاول ]  [ في مقدمات التزويج وأحكام الخلوة بالزوجة ]

[ المسألة الاولى: ] النكاح من المستحبات المؤكدة في الاسلام، وهذا الحكم فيه غني عن البيان، وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله: ما بني بناء في الاسلام أحب إلى الله عز وجل من التزويج، وعنه صلى الله عليه وآله انه قال: (النكاح من سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني)، وعنه صلى الله عليه وآله: (من تزوج أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر)، وعنه صلى الله عليه وآله: (من أحب أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة). بل يستفاد من كثير من النصوص كراهة العزوبة، وقد ورد عن أبي عبد الله (ع): (ركعتان يصليهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها أعزب)، وعنه صلى الله عليه وآله: (رذال موتاكم العزاب)، وعن أبي عبد الله (ع): (ما أفاد عبد فائدة خيرا من زوجة صالحة إذا رأها سرته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله)، وعنه صلى الله عليه وآله: (من ترك التزويج مخافة العيلة فقد ساء ظنه بالله (عز وجل)، ان الله (عزوجل) يقول: ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله). واستحباب النكاح شامل لمن اشتاقت نفسه للنكاح ومن لم تشتق نفسه إليه، وهو كذلك ثابت لمن لم يتزوج ولمن تزوج الواحدة ولمن تزوج الاكثر، والظاهر ان الاستحباب فيه لا يختص بالنكاح الدائم، بل هو شامل له وللنكاح المنقطع وللتسري بالاماء المملوكة.

[ المسألة الثانية: ] مما يهتم به في هذا السبيل أن ينظر الرجل في صفات المرأة التي يطلب الزواج بها، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله انه قال: (اختاروا لنطفكم فان الخال أحد الضجيعين)، وقد روي عنه صلى الله عليه وآله: (تخيروا لنطفكم فان الابناء تشبه الاخوال)، والظاهر ان هذا الخبر نقل بالمعنى لرواية منقولة في كتاب كنز العمال. وعن الامام أبي عبد الله (ع): (انما المرأة قلادة، فانظر ما تتقلد)، وعنه صلى الله عليه وآله: (اياكم وخضراء الدمن، قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء). وعن أبي جعفر (ع) عنه صلى الله عليه وآله: (من تزوج امرأة لا يتزوجها الا لجمالها لم ير فيها ما يحب، ومن تزوجها لمالها لا يتزوجها الا له وكله الله إليه، فعليكم بذات الدين). وأن تنظر المرأة وأولياؤها في صفات الرجل الذي يريد الزوج بها فعن الرسول صلى الله عليه وآله: (النكاح رق فإذا أنكح أحدكم وليدته فقد أرقها، فلينظر احدكم لمن يرق كريمته). وأهم الصفات التي ينبغي أن يدور حولها الاختيار في كل من المرأة والرجل على السواء: الخلق والدين، فانهما جماع الخصال الحميدة والسلوك الرضي، وأوثق ما تضمن به السعادة للاسرة، وأحفظ ما تصان به صلة الزواج المقدسة في الاسلام، وعنه صلى الله عليه وآله: (اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير)، ومما يستحب من صفات المرأة أن تكون بكرا، ولودا، ودودا، عفيفة، كريمة الاصل، عزيزة في أهلها، ذليلة مع بعلها، ان أنفقت انفقت بمعروف، وان امسكت أمسكت بمعروف، ومما يطلب فيها أن تكون جميلة، ضحوكا، حسناء الوجه، طويلة الشعر، كما نطقت بذلك كله أحاديث الرسول وأهل بيته الهداة (ع).

[ المسألة الثالثة: ] يكره للرجل أن يتزوج بالمرأة العاقر، وان كانت جميلة حسناء ذات رحم منه وذات دين، ويكره له أن يتزوج بقابلته وهي المرأة التي تولت أمر أمه عند ولادته والتي تولت تربيته وأن يتزوج بنتها، وان يتزوج بامرأة كانت ضرة أمه عند غير أبيه، وبالمجنونة والحمقاء. ويكره له التزوج بالمرأة المتولدة من الزنا، ويكره التزوج بالمرأة الزانية للرجل الزاني بها ولغيره، ولا يترك الاحتياط باجتناب التزوج بالمرأة المشهورة بالزنا، للزاني بها ولغيره، الا إذا أظهرت توبتها، ويعلم ذلك كما في الخبر بأن تدعى إلى الفجور، فان أبت عنه ظهرت بذلك توبتها. ويكره ان يزوج سئ الخلق من الرجال، والمخنث، والفاسق وشارب الخمر، والاعرابي، ويراد به من أبعدته بداوته وعدم تحضره عن الدين وأخلاق الاسلام.

[ المسألة الرابعة: ] يستحب للرجل إذا هم بالتزويج وقبل أن يعين المرأة أن يصلي ركعتين ويحمد الله، ثم يقول: (اللهم اني أريد أن اتزوج، اللهم فأقدر لي من النساء أعفهن فرجا وأحفظهن لي في نفسها ومالي وأوسعهن رزقا، وأعظمهن بركة وأقدر لي منها ولدا طيبا تجعله خلفا صالحا في حياتي وبعد موتي). ويستحب أن يقول: (أقررت بالميثاق الذي أخذ الله، امساك بمعروف أو تسريح باحسان).

[ المسألة الخامسة: ] تستحب الخطبة أمام العقد، ويكفي فيها: (الحمد لله والصلاة على محمد وآله)، وأكملها ما اشتمل على الحمد والصلاة والشهادتين والوصية بالتقوى والدعاء للزوجين. ويستحب اعلان النكاح والاشهاد عليه وايقاعه ليلا، ويستحب أن يكون الزفاف ليلا كذلك. وتستحب الوليمة للتزويج يوما أو يومين، ويكره أكثر من ذلك، ويستحب ان يدعى لها المؤمنون وأن يعم بها الفقراء والاغنياء من اخوانه وقرابته، وتستحب لهم اجابة الدعوة والاكل منها، وينبغي ان لا يخص بها الاغنياء ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله: (شر الولائم ما يدعى لها الاغنياء ويترك الفقراء).
ويكره الجماع وأحد الزوجين أو كلاهما مختضب، ويكره للرجل أن يجامع بعد أن يحتلم قبل أن يغتسل من احتلامه، وتتكرر الكراهة إذا كرر الجماع قبل أن يغتسل من الاحتلام، ويكره له ان يجامع وهو عريان، وأن يجامع وعنده من ينظر إليه وان كان طفلا غير مميز، وان يتكلم في حال الجماع بغير ذكر الله، وان ينظر عند الجماع إلى فرج المرأة، وأن يكون معه خاتم فيه ذكر الله أو شئ من القرآن. ومما يندب إليه: أن تكون خرقة الرجل غير خرقة المرأة فلا يمسحا بخرقة واحدة، ففي الخبر أن وقوع الشهوة على الشهوة تعقب العداوة بينهما.

[ المسألة السادسة: ] يكره ايقاع العقد والقمر في برج العقرب، وايقاعه يوم الاربعاء وفي محاق الشهر، وينبغي التوقي من الايام السبعة المعروفة بالكوامل، وهي اليوم الثالث من الشهر القمري، والخامس منه، والثالث عشر والسادس عشر، والحادي والعشرون، والرابع والعشرون، والخامس والعشرون.

[ المسألة السابعة: ] يستحب عند الدخول أن يكون كل من الرجل والمرأة على طهر، وأن يصلي الرجل ركعتين وتصلي المرأة كذلك، وأن يدعو الرجل بعد الصلاة ويبدأ بالحمد لله والتمجيد له، والصلاة على محمد وآله، ثم يقول: (اللهم ارزقني الفها وودها ورضاها بي، وأرضني بها واجمع بيننا بأحسن اجتماع وآنس ائتلاف، فانك تحب الحلال وتكره الحرام). ويأمر من معها أن يؤمنوا على دعائه. ويستحب أن يضع يده على ناصيتها، ويقول: (اللهم على كتابك تزوجتها وفي أمانتك أخذتها وبكلماتك استحللت فرجها، فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا ولا تجعله شرك شيطان).

[ المسألة الثامنة: ] يجوز أن يؤكل ما ينثر في الاعراس والمواليد وغيرهما من مناسبات الافراح ومواسمها، بل وما ينثر في المشاهد المشرفة مع الاذن من المالك، وتكفي في ذلك دلالة القرائن وشاهد الحال عليه، ويجوز للملتقط تملكه إذا أعرض عنه صاحبه بعد بذله كما هو الغالب، أو قصد صاحبه ببذله التمليك للآخذين. وإذا أعرض عنه صاحبه فأخذه الملتقط، فهل يجوز لصاحبه الرجوع به؟ فيه اشكال، ولا يترك الاحتياط لكل منهما.

[ المسألة التاسعة: ] من آداب خلوة الرجل بزوجته، ولو في غير ليلة الزفاف: التسمية عند ارادة الجماع، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأن يقول: (بسم الله وبالله، اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني)، أو يقول: (بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا اله الا هو بديع السماوات والارض، اللهم ان قضيت مني في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا ولاحظا، واجعله مؤمنا مخلصا مصفى من الشيطان ورجزه، جل ثناؤك)، أو يقرأ غير ذلك مما هو مأثور عن المعصومين (ع) ومن الآداب أن يداعب الرجل المرأة قبل جماعها، وأن يمكث فيه ولا يعجل، ففي الحديث: (اذا جامع أحدكم أهله فلا يأتيهن كما يأتي الطير، ليمكث وليلبث). وفي خبر آخر: (فلا يعجلها فان للنساء حوائج). ويجوز له أن يقبل أي جزء أراد من جسد الزوجة، وان تمس هي أي جزء من بدنه أرادت بأي جزء من بدنها، ومما يندب إليه على وجه العموم أن يكون الزوج على طهر عند الجماع، ويستحب ذلك إذا كانت المرأة حاملا. ويستحب الجماع في ليالي الاثنين والثلاثاء والخميس والجمعة، وفي يوم الخميس عند الزوال ويوم الجمعة بعد العصر.

[ المسألة العاشرة: ] يكره الجماع في يوم تنكسف فيه الشمس وفي ليلة ينخسف فيها القمر، وفي يوم أو ليلة تحدث فيها الزلزلة أو الريح السوداء، أو الريح الحمراء أو الصفراء، أو تحدث فيها أية آية سماوية أو أرضية أخرى توجب الخوف. ويكره الجماع ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن مغيب الشمس إلى أن يذهب الشفق، وعند زوال النهار الا في يوم الخميس، وفي أولى ليلة من الشهر المقري الا شهر رمضان، وفي النصف من كل شهر وفي المحاق منه، وفي ليلة الفطر وليلة الاضحي، ويكره الجماع في السفر إذا لم يجد ماءا للغسل، وفي أي ليلة يريد السفر فيها، ويكره الجماع في السفينة، وعلى ظهر الطريق، وتحت السماء، وتحت الشجرة المثمرة، وعلى الامتلاء من الطعام، ويكره وهو مستقبل القبلة ومستدبرها.

[ المسألة 11: ] يجوز للرجل أن يعود للجماع قبل أن يغتسل من جماعه الاول ولا كراهة عليه في ذلك وأن جامع مرارا، نعم، يستحب له غسل الفرج والوضوء في كل مرة، سواء كان جماعه لامرأة واحدة أم لاكثر، وربما كان التأكيد على غسل الفرج والوضوء مع تعدد المرأة أكثر، فلا ينبغي تركه بل الاحوط عدم تركه.

[ المسألة 12: ] يستحب تخفيف مؤونة الزواج وتقليل المهر، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله: (أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا)، ويستحب التعجيل في تحصين البنت بتزويجها عند بلوغها، فقد ورد عن الامام الصادق (ع): (من سعادة المرء أن لا تطمث ابنته في بيته). ويستحب السعي في التزويج بين المؤمنين والشفاعة فيه، ففي الحديث عن أمير المؤمنين (ع): (أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما). ومما يندب للرجل إذا خشي العنت من العزوبة ولم يتمكن من الزواج أن يوفر شعر بدنه وأن يكثر من الصيام، ففي الرواية: (أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله ليس عندي طول فأنكح النساء، فاليك أشكو العزوبة، فقال صلى الله عليه وآله له وفر شعر جسدك وأدم الصيام، ففعل فذهب ما به).

[ المسألة 13: ] المشهور بين فقهائنا قدس الله أرواحهم انه يجوز للرجل أن يطأ زوجته ومملوكته دبرا، وان كان ذلك على كراهة شديدة، وهو الاقوى، وان كان الاحوط تركه ويتأكد الاحتياط بالترك مع عدم رضا المرأة به، ولا فرق في هذا الحكم بين المرأة الطاهرة والحائض، فان الظاهر من تحريم وطء الحائض انما هو حرمة وطئها قبلا، فليس الا الكراهة الشديدة في وطئها دبرا والاحتياط المذكور.

[ المسألة 14: ] إذا منعت المرأة زوجها فلم تمكنه من وطئها دبرا لم تكن بذلك ناشزا على الاقوى إذا مكنته من غيره، وان قلنا بجوازه كما تقدم.

[ المسألة 15: ] وطء المرأة في دبرها كوطئها في قبلها، فتترتب عليه جميع الاحكام التي تترتب على دخول الرجل بالمرأة عدا ما سيأتي التنبيه عليه في المسألة اللاحقة، فإذا وطأ الرجل زوجته، المعقودة عليه دبرا استقر بذلك جميع مهرها كما يستقر في وطئها قبلا، وإذا طلقها بعده وجبت عليها العدة، وإذا دخل بها كذلك وهي صائمة أو وهو صائم بطل الصوم وان لم ينزل، وتثبت به كذلك أحكام المصاهرة المشروطة بالدخول كحرمة الربيبة المشروطة بالدخول بأمها، وإذا وطأ امرأة أجنبية كذلك ثبت به حد الزنا، وإذا كان الوطء شبهة ثبت به مهر المثل للمرأة ووجبت عليها العدة، وإذا وطأ كذلك وأنزل وجب عليه الغسل، وإذا وطأها دبرا ولم ينزل ففيه تفصيل ذكرناه في مبحث الجماع من فصل غسل الجنابة فلتراجع المسألة الاربعمائة والسابعة والثلاثون من كتاب الطهارة وما بعدها.

[ المسألة 16: ] يشكل الاكتفاء بوطء المرأة الشابة دبرا في حصول ما يجب لها من الوطء مرة في كل اربعة أشهر ولعل الاقوى عدم الاكتفاء بذلك، وسيأتي ذكر هذا الحكم قريبا (ان شاء الله تعالى). ويشكل الحكم بحصول الفئة بعد الايلاء من الزوجة بوطئها دبرا، ويشكل الاكتفاء به في تحليل المرأة المطلقة ثلاثا إذا نكحها زوج آخر فوطأها دبرا ولم تذق عسيلته، ولا يترك الاحتياط في المسألتين.

[ المسألة 17: ] عزل الرجل عن المرأة هو أن يخرج ذكره منها عند الانزال فيفرغ ماءه في الخارج، وبحكمه ما يستعمل لذلك من كيس ونحوه، يلبسه الرجل ذكره، فينزل فيه عند الجماع ثم يخرجه مع الذكر خارج الفرج بعد الفراغ. والعزل جائز عن الامة سواء كانت زوجة للواطئ أم مملوكة له أم محللة، وهو جائز عن الحرة المتمتع بها سواء أذنت للزوج بذلك أم لم تأذن به، وجائز كذلك عن الزوجة الحرة الدائمة إذا أذنت للزوج بذلك أو كان الزوج قد اشترط ذلك عليها في عقد التزويج بها، بل الاقوى جواز ذلك مطلقا وان لم تأذن به ولم يشترط عليها في العقد ولكنه مكروه. وتزول الكراهة أو تخف في المرأة التي لا تلد، وفي المرأة التي لا ترضع ولدها، وفي المرأة المسنة من النساء، وفي السليطة والبذية منهن، والسليطة هي طويلة اللسان كثيرة الصخب، والبذية هي التي تتكلم بالفحش والكلام القبيح. ولا تجب على الرجل دية النطفة إذا عزل عن زوجته فأفرغ ماءه في الخارج حتى على تقدير القول بحرمة ذلك. ولا يحل للزوجة أن تعزل نفسها عن الرجل عند الانزال حتى يفرغ ماءه في الخارج فان ذلك ينافي وجوب تمكين الزوج من نفسها.

[ المسألة 18: ] لا يجوز للرجل أن يترك وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر، سواء كانت الزوجة حرة أم أمة، وسواء كانت دائمة أم منقطعة، بل حتى المرأة الموطوءة بالملك أو بالتحليل على الاحوط، وسواء طالبت الرجل بالوطء أم لا، وفي شمول الحكم للمرأة غير الشابة تأمل بل منع، وان كان الشمول لها أحوط، والظاهر أن الحكم المذكور يختص بالرجل الحاضر، فلا يعم من كان مسافرا، سواء كان سفره واجبا لحج أو عمرة أو غير ذلك من الاسفار الواجبة أم لتجارة أو زيارة أو عمل أو تحصيل علم أو استشفاء ونحو ذلك من الاسفار المباحة أو المستحبة وخصوصا إذا كان السفر برضا الزوجة، ويشكل إذا كان السفر للانس والتفرج فلا يترك فيه الاحتياط. ويسقط وجوب الوطء هذا إذا رضيت المرأة بترك الوطء وان طالت المدة، وإذا كان تركه مشروطا عليها في عقد النكاح، ومثال ذلك: أن يشترط الزوج عليها في العقد أن يكون الجماع تابعا لرغبة الزوج وان طالت المدة، ويسقط وجوب الوطء إذا كانت الزوجة غائبة عن الزوج باختيارها، أو كان الزوج معذورا في تركه لمرض أو سجن، أو لعدم انتشار العضو، أو لخوف الضرر على نفسه أو عليها بذلك. ويشكل الحكم بسقوط وجوب الوطء عن الزوج إذا كانت المرأة ناشزا، فلا يترك الاحتياط فيه. ولا يكفي في حصول الواجب أن يطأها الزوج دبرا كما تقدم في المسألة السادسة عشرة، ولا يكفي أن يطأها قبلا بدون انزال، ويكفي الدخول مع الانزال وان تجرد عن سائر الاستمتاعات الاخرى.

[ المسألة 19: ] المراد من الحكم المذكور في المسألة المتقدمه ان لا يكون ما بين الوطء السابق للزوجة والوطء اللاحق لها أكثر من أربعة أشهر، وليس المعنى أن يطأها الزوج في كل أربعة أشهر مرة كيفما اتفقت، فلا يكفي مثلا أن يطأها في ابتداء الاربعة الاولى مرة وفي آخر الاربعة الثانية مرة.

[ المسألة 20: ] لا يجب على الرجل قضاء هذا الحق للزوجة إذا فات، فإذا ترك مواقعتها ثمانية أشهر أو سنة مثلا، لم يجب عليه أن يطأها مرتين أو ثلاثا قضاءا لحقها الفائت. وان كان عاصيا في ذلك إذا كان تركه لغير عذر، والاحوط مصالحة الزوجة عن حقها الفائت وارضاؤها عنه بمال أو غيره، وإذا ترك مواقعة زوجته اربعة أشهر أو أكثر لم يسقط عنه وجوب الوطء، بل يجب عليه فورا ففورا، وان لم يكن قضاءا، ويأثم بالتأخير لا لعذر.

[ المسألة 21: ] يحرم على الرجل وطء الزوجة قبل ان تكمل لها تسع سنين، ولا فرق في هذا الحكم بين أن تكون حرة أو أمة وأن يكون الزواج بها دائما أو منقطعا، وكذلك في الامة المملوكة له أو المحللة على الاحوط فيهما، فإذا وطأ الانثي قبل أن تبلغ السن المذكورة كان آثما، سواء دخل بها أم لم يدخل، كما إذا وطأها ببعض الحشفة ويجوز له الاستمتاع بما سوى ذلك منها كالتقبيل والشم والضم والتفخيذ وغير ذلك.

[ المسألة 22: ] إذا وطأ الرجل زوجته الدائمة أو المنقطعة قبل أن تكمل لها تسع سنين، فأفضاها وسيأتي بيان المراد منه فالمشهور بين الاصحاب أن وطأها بعد ذلك يكون محرما عليه أبدا، وقيل: انها تخرج بذلك عن زوجيته، والاقوى أنها لا تخرج بذلك عن الزوجية، ولا يحرم على الزوج وطؤها بسبب ذلك وخصوصا إذا اندمل جرحها وبرئت منه، سواء طلقها ثم جدد العقد عليها أم بقيا على نكاحهما الاول. ويجب على الرجل أن يدفع لها دية الافضاء، وهي دية النفس، فإذا كانت المرأة حرة كان لها نصف دية الرجل الحر، وإذا كانت أمة كان لها أقل الامرين من قيمتها ودية الحرة، وتثبت لها الدية المذكورة وان استمسك بنكاحها ولم يطلقها على الاحوط، وتجب على الرجل نفقتها ما دامت في الحياة وان طلقها ولم يمسك بزوجيتها ولعل الاقوى وجوب نفقتها عليه وان تزوجت بغيره بعد الطلاق. والافضاء الذي تناط به هذه الاحكام هو أن يخلط الرجل بجماعه مسلكي المرأة، فيصير مسلكي الحيض والبول فيها مسلكا واحدا، قيل: أو يصير مسلكي الحيض والغائط مسلكا واحدا، أو يخلط المسالك الثلاثة جميعا فيصيرها مسلكا واحدا، وفي امكان تحقق الافضاء بالمعنى الثاني في الخارج تأمل فضلا عنه بالمعنى الاخير.

[ المسألة 23: ] إذا وطأ الرجل زوجته الحرة أو الامة والدائمة أو المنقطعة بعد أن كملت لها تسع سنين أو تجاوزت عنها فأفضاها بوطئه اياها على الوجه الآنف ذكره لم تحرم عليه بذلك، ولم تجب لها الدية، ووجبت عليه نفقتها ما دامت موجودة على نهج ما تقدم بيانه في الزوجة الصغيرة. وإذا زنى بامرأة باكرة فأفضاها بوطئه اياها، لم يحرم عليه ان يتزوجها بعد ذلك ولم تجب عليه نفقتها سواء كانت كبيرة أم صغيرة لم تبلغ التسع، ووجبت لها الدية وقد تقدم ذكرها، وكذلك الحكم إذا وطأ المرأة شبهة فأفضاها، فتجب لها الدية ولا تجب عليه نفقتها ولا يحرم عليه التزويج بها إذا لم تحرم عليه من جهة أخرى، وكذلك إذا وطأ الامة التي حللها له مالكها فأفضاها بالوطء.

[ المسألة 24: ] إذا وطأ الرجل أمته المملوكة له فافضاها بالوطء، على الوجه الذي تقدم ذكره لم تحرم عليه بذلك ولم تجب عليه ديتها ولم يجب عليه الانفاق عليها إذا أخرجها عن ملكه.

[ المسألة 25: ] لا تجرى الاحكام الآنف ذكرها إذا أفضى المرأة بغير الوطء كما إذا أفضاها باصبعه أو بشئ آخر نعم تجب الدية على المفضي وان كان امرأة مثلا.

[ المسألة 26: ] إذا وجبت على الرجل نفقة الزوجة بافضائها بالوطء قبل أن تبلغ التسع أو بعدها على ما مر بيانه وجبت عليه ما دامت في الحياة ولا يسقط وجوبها عن الزوج إذا طلق الزوجة وان كان الطلاق برضا الزوجة أو بطلب منها، أو تزوجت بغيره بعد الطلاق، ولا تسقط النفقة بنشوز المرأة وخروجها من بيت الرجل بغير اذنه، ولا تسقط باعسار الرجل وعدم تمكنه من الانفاق عليها، فتكون دينا في ذمته، وكذلك إذا امتنع عن الانفاق عليها مع قدرته، وتسقط بموت الزوجة أو موت الزوج، ولا يسقط منها ما استقر في ذمته باعساره أو امتناعه عن دفع النفقة فيجب اخراجه من أصل تركته إذا مات.

[ المسألة 27: ] إذا وطأ الرجل زوجته الصغيرة قبل أن تبلغ تسع سنين كاملة ودخل بها ولم يفضها أثم بفعله كما ذكرنا في المسألة الحادية والعشرين، ولم يترتب عليه شئ من الاحكام الاخرى المتقدم ذكرها، فانها منوطة بالافضاء، وكذلك إذا وطأ أمته المملوكة له أو أمة غيره المحللة له من مالكها فدخل بها قبل ان تبلغ تسعا، فلا يترتب عليه شئ من الاحكام المتقدمة غير الاثم.

[ المسألة 28: ] إذا وطأ الرجل الانثى قبل أن تبلغ تسع سنين، فأوجب وطوءه لها عيبا غير الافضاء جرحا أو كسرا أو تمزقا في بعض العضلات أو غير ذلك كان ضامنا لارش ذلك العيب، ولديته إذا كان مما فيه الدية، وإذا أفضاها وأحدث فيها مع الافضاء عيبا آخر لزمته أحكام الافضاء ووجب لها مع الافضاء ارش العيب أو ديته.

[ المسألة 29: ] إذا شك الرجل في أن زوجته المعقودة له قد بلغت تسع سنين كاملة أم له تبلغ، لم يجز له ان يطأها حتى يعلم بأنها قد أكملت ذلك أو يحصل له الاطمئنان ببلوغها من قول الثقاة من أهلها أو غير ذلك من الامور المفيدة للاطمئنان، وكذلك الامة المملوكة له أو التي حللها له مالكها.

[ الفصل الثاني ]  [ في أحكام النظر ]

[ المسألة 30: ] يجوز للزوج أن ينظر إلى جسد زوجته المعقودة له ظاهره وباطنه حتى العورة، ويجوز له أن يمس أي عضو أراد من أعضائها بأي عضو شاء من أعضائه بتلذذ وبغير تلذذ، ويجوز للزوجة كذلك أن تنظر إلى جسد زوجها حتى العورة وان تمس جميع أعضائه بأي عضو تشاء من أعضائها بتلذذ وبغير تلذذ.

[ المسألة 31: ] يجوز للمالك أن ينظر إلى جسد أمته المملوكة له، ظاهره وباطنه حتى العورة، وان يمس جميع أجزاء بدنها بأي جزء يريد من بدنه، كما يجوز ذلك للامة من السيد، ويستثنى من ذلك ما إذا كانت الامة مزوجة من الغير أو محللة له، فلا يباح للسيد ولا للامة ذلك، وكذلك إذا كانت الامة معتدة من وطء التزويج للغير أو من وطء التحليل له، فلا يباح النظر واللمس للسيد ولا للامة على الاحوط فيهما. ويستثنى من ذلك ما إذا كانت الامة مشتركة في الملك بين الرجل وغيره، أو كانت مكاتبة، أو كانت مشركة أو وثنية أو مرتدة فلا يباح للسيد ولا للامة النظر واللمس على الاحوط في جميع ذلك.

[ المسألة 32: ] المطلقة الرجعية بحكم الزوجة للرجل المطلق، فيجوز له النظر إليها وهي في العدة وان لم يقصد بنظره الرجوع بها، ويجوز لها ان تنظر إليه، ويجوز للرجل أن ينظر إلى زوجته أو أمته، وهي معتدة من وطء شبهة مع غيره، وان حرم على الزوج وطؤها في أيام عدتها.

[ المسألة 33: ] لا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة الاجنبية عنه والى شعرها والى شئ من جسدها، سواء كان نظره إليها بريبة أو تلذذ أم لا، والمراد بالاجنبية غير الزوجة والمملوكة فقد بينا حكمهما في المسائل المتقدمة وغير المحارم وسيأتي ذكر أحكامها في المسألة الثامنة والثلاثين. قيل: ويستثنى من حرمة النظر إلى الاجنبية وجة المرأة وكفاها، فيجوز النظر إليها إذا كان بغير ريبة ولا تلذذ، وهذا القول لا يخلو عن قوة وان كان الاحوط الاجتناب. ويحرم على المرأة أن تنظر إلى الرجل الاجنبي عنها ما عدا الوجه والكفين كذلك وان كان الرجل اعمى لا يبصر، ويحرم على كل من الرجل والمرأة الاجنبيين أن يمس أي جزء من أجزاء الآخر، بأي عضو من اعضائه حتى السن والظفر والشعر مما لا تحله الحياة، فلا يجوز للرجل أن يصافح المرأة الاجنبية الا من وراء الثياب، وإذا صافحها كذلك، فلا يغمز كفها على الاحوط. [ المسألة 34: ] يجوز للرجل أن يسمع صوت المرأة الاجنبية عنه، وأن يتكلم معها، إذا لم يكن في ذلك تلذذ ولا ريبة، ويجوز لها أن تسمع الرجال الاجانب عنها صوتها إذا لم يكن في ذلك خوف فتنة، نعم، يحرم عليها ان تتكلم مع الاجنبي بصورة تطمع الذي في قلبه مرض كما في (الكتاب الكريم).

[ المسألة 35: ] المراد من الريبة خوف الوقوع في الحرام مع الشخص المنظور إليه، أو الميل النفساني للوقوع في محرم معه وان لم يخف الوقوع فيه، والتلذذ أن يحس في قلبه بوجود لذة محرمة في النظر إلى الشخص أو في سماع صوته ونحوهما، فهو يتشهاها ويطلب المزيد منها، وهي مختلفة المراتب، والمدار في الحكم: أن تكون اللذة التي يجدها محرمة فلا تشمل مثل الالتذاذ بالنظر إلى وجه ولده الذي يحبه أو صديقه الذي يأنس به، أو أخيه الذي يسكن إليه ويرغب في النظر إلى وجهه والاستماع إلى صوته أو إلى حديثه.

[ المسألة 36: ] يحرم على الرجل أن ينظر إلى العضو المقطوع من جسد المرأة الاجنبية، ويحرم على المرأة أن تنظر إلى العضو المقطوع من الرجل الاجنبي عنها، كالذراع والرجل والقدم واصابع القدم، ولا يحرم النظر إلى السن أو الظفر المقلوع. اما الشعر المقطوع من المرأة فالظاهر حرمة نظر الرجل الاجنبي إليه، فإذا وصلت المرأة شعرها بشعر امرأة أخرى لم يجز لزوجها النظر إليه، وقد ذكرنا هذا في فصل الستر والساتر من كتاب الصلاة.

[ المسألة 37: ] يستثنى من حرمة نظر الرجل إلى المرأة الاجنبية عنه ونظر المرأة الى الرجل الاجنبي عنها موارد:

(1): إذا توقف علاج المرأة من مرض أصابها أو كسر أو جرح أو شبه ذلك على مباشرة رجل أجنبي بحيث لم توجد المرأة المماثلة أو وجدت ولم تغن شيئا، جاز للرجل النظر إليها إذا توقف عليه العلاج، وجاز له لمسها إذا لم يمكن ذلك الا باللمس، وكذلك الحكم في الرجل إذا توقف علاجه على مباشرة المرأة، وإذا أمكن العلاج بالنظر وحده أو باللمس وحده اقتصر عليه ولم يجز الآخر.

(2): إذا استدعت الضرورة نظر الرجل إلى المرأة الاجنبية أو لمسها، ومثال ذلك: أن يتوقف على النظر أو اللمس انقاذها من الحرق أو الغرق أو غيرهما من المهالك جاز له ذلك، ومثله العكس، ويجب أن تقدر الضرورة بمقدارها في كلتا الصورتين، فلا يجوز النظر أو اللمس أكثر مما يستدعي الانقاذ، وكذلك في المورد الاول.

(3): إذا توقفت الشهادة لاحقاق الحق أو لابطال الباطل على نظر الشاهد للمرأة، لمعرفة المشهود عليها وتعيينها، سواء كان ذلك في تحمل الشهادة أم عند أدائها، فيجوز للشاهد ذلك، وقد يتفق ذلك إذا كانت الشاهدة امرأة والمشهود عليه رجلا.

(4): القواعد من النساء، وهن المسنات اللاتي لا يرجون نكاحا، فيباح للرجل النظر إلى رؤسهن وأيديهن، بل والى رقابهن وأعالي صدورهن على الاقوى.

[ المسألة 38: ] يجوز للرجل أن ينظر إلى محارمه والى شعورهن وأجسادهن ما عدا العورة بشرط ان لا يكون النظر اليهن بتلذذ أو ريبة، ويجوز لهن النظر إليه والى جسده ما عدا العورة كذلك مع الشرط المذكور، وقد تقدم بيان المراد من الريبة والتلذذ في المسألة الخامسة والثلاثين، والمراد من العورة: القبل والدبر والبيضتان والعجان وهو ما بين القبل والدبر، والشعر النابت في أطراف العورة على الاحوط في الاخيرين. والمحارم هن النساء اللاتي يحرم نكاحهن على الرجل من حيث النسب أو المصاهرة أو الرضاع، وسيأتي ذكر ذلك في فصل أسباب التحريم.

[ المسألة 39: ] يختص الحكم الآنف ذكره من محارم المصاهرة بالنساء اللاتي نشأت الحرمة فيهن من جهة الزوجية كأم الزوجة وزوجة الولد ومنكوحة الاب، فلا يعم النساء التي نشأت الحرمة فيهن من جهة الزنا أو اللواط، أو نكاح الشبهة كابنة المرأة المزني بها وأمها بالنسبة إلى الزاني، وابنة المفعول به وأخته وأمه بالنسبة إلى اللائط، على أن المحرمات من النساء بسبب الزنا أو بسبب اللواط أو بسبب نكاح الشبهة ليست من محرمات المصاهرة، وانما أتبعها الفقهاء بها في مورد البحث لبعض الملاحظات، وعلى ما ذكرنا فلا يحل نظر الرجل اليهن ولا نظرهن إليه. ويختص الحكم من محارم الرضاع، بالنساء التي نزلت في التحريم بسبب الرضاع بمنزلة محارم النسب، فلا يعم النساء التي ثبت تحريمها بقاعدة (يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن أو أولاد المرضعة)، فلا يجوز للرجل أن ينظر إلى هذه المحرمات ولا يجوز لهن أن ينظرن إليه.

[ المسألة 40: ] يباح النظر إلى وجوه نساء الكفار وأهل الذمة والى شعورهن وأيديهن ما لم يكن النظر بتلذذ أو ريبة على ما سبق في معناهما في المسألة الخامسة والثلاثين، ويقتصر على الاحوط لزوما على ما جرت عادتهن في ابدائه وعدم ستره في أيام الرسول صلى الله عليه وآله والائمة (ع) لا في الازمنة الحاضرة.

[ المسألة 41: ] قيل: ويلحق بنساء أهل الذمة في جواز النظر اليهن والى شعورهن نساء سكان البوادي والقرى من الاعراب وغيرهم ممن لا ينتهين إذا نهين، وهو مشكل، نعم، يجوز التردد في الاسواق والطرق والمجامع العامة التي تحتويهن مع العلم بوقوع النظر عليهن، ولا يجب غض البصر عنهن إذا لم تكن ريبة أو تلذذ على ما سبق من معناهما.

[ المسألة 42: ] يباح للرجل أن ينظر إلى جسد الانسان الذكر مثله، ما عدا العورة على ما سبق في بيان معناها في المسألة الثامنة والثلاثين، سواء كان المنظور إليه شيخا أم شابا، وحسن الصورة أم قبيحا، ما لم يكن النظر إليه بتلذذ أو ريبة، فيحرم. ويباح للمرأة أن تنظر إلى جسد الانثى مثلها ما عدا العورة، ما لم يكن النظر إليها بتلذذ أو ريبة، فيحرم كذلك واما العورة فيحرم النظر إليها في الرجال والنساء على السواء.

[ المسألة 43: ] يباح للرجل ان ينظر إلى الصبية الاجنبية قبل البلوغ إذا لم يكن النظر إليها بتلذذ أو ريبة أو تبلغ مبلغا يكون النظر إليها مثيرا للشهوة، والاحوط لزوما أن لا ينظر منها إلى الاعضاء التي تستر عادة بالالبسة المتعارفة كالفخذين والثديين والبطن والصدر، وخصوصا إذا بلغت ست سنين، ويجوز له تقبيل الطفلة قبل أن تبلغ ست سنين وأن يضعها في حجره ما لم يكن بتلذذ. ويباح للمرأة أن تنظر إلى الصبي قبل بلوغه ما لم يكن نظرها إليه بتلذذ أو ريبة كما في نظائره، أو يبلغ مبلغا يكون النظر إليه مثيرا، ويجب التستر منه إذا كان النظر منه إلى المرأة أو النظر منها إليه مثيرا للشهوة.

[ المسألة 44: ] لا يجوز للمملوك أن ينظر إلى مالكته، ولا يجوز للخصي ولا للعنين والجبوب أن ينظر للمرأة الاجنبية عنه ولا للمسن الكبير من الرجال الذي يشبه القواعد من النساء على الاحوط فيه.

[ المسألة 45: ] يجب على المرأة ان تتستر عن الرجال كما يحرم على الرجال أن ينظروا إليها، ولا يجب على الرجل أن يستر غير العورة من بدنه، وان علم بأن النساء يتعمدن النظر إليه، ولا يصدق عليه بمجرد عدم تستره عن نظرهن إليه انه أعانهن على الاثم، الا إذا قصد بعدم تستره عنهن اغراءهن أو ايقاعهن في الحرام.

[ المسألة 46: ] يحرم على الرجل أن ينظر إلى المرأة على البعد وان كان لا يميزها، أهي فاطمة مثلا أم هند، أولا يميز أعضاءها بعضها عن بعض، ولا يحرم عليه النظر إذا كان بعده عنها بدرجة لا يميزها أهي رجل أم امرأة، أو هي انسان أم حيوان.

[ المسألة 47: ] لا يجوز للولد أن يدخل على أبيه إذا كانت مع الاب زوجته، بل مطلقا على الاحوط الا بعد الاستيئذان، قالوا: ويجوز للاب أن يدخل على ولده وان كانت معه زوجته بغير اذنه، وفي اطلاق هذا الحكم تأمل.

[ المسألة 48: ] يكره للرجل أن يجلس في مجلس المرأة إذا قامت عنه حتى يبرد موضع جلوسها، ويكره أن تزاحم النساء الرجال في الاسواق والمجتمعات والمواسم، ويكره لهن أن يخرجن إلى الجمعة والعيدين الا العجائز.

[ المسألة 49: ] ينبغي أن يفرق بين الاطفال في مضاجعهم إذا بلغوا عشر سنين، وروي لست سنين، ويكفي في استحباب التفريق بينهم على الظاهر أن يبلغ بعضهم هذه السن وان كان الآخر دونها.

[ المسألة 50: ] يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة التي يريد الزواج بها بثلاثة شروط: الاول: أن لا يقصد الرجل التلذذ بالنظر اليها، وان كان يعلم أن التلذذ يحصل له بالنظر. الثاني: أن لا يكون عارفا بأوصاف المرأة قبل نظره إليها، بحيث لا يزيده النظر معرفة بصفاتها. الثالث: أن يحتمل الرجل أنه يختارها للتزويج بها بعد رؤيتها. فلا يجوز له أن ينظر إلى المرأة مع انتفاء بعض هذه الشروط الثلاثة، وإذا توفرت الشروط كلها، جاز له النظر إلى وجه المرأة وكفيها والى شعرها ومعاصهما ومحاسنها، واليها من وراء الثياب مقبلة ومدبرة، فيباح له أن ينظر إليها كذلك وان أمكن له أن يتعرف على حالها وأوصافها من امرأة أو من رجل خبير بأمرها، سواء أذنت له بالنظر إليها أم لم تأذن، ويجوز له أن ينظرها أكثر من مرة إذا لم يحصل الغرض المطلوب بالنظر الاول أو الثاني. ولا يختص جواز النظر بمن يريد التزويج بها بالخصوص، فإذا قصد التزويج وكان بصدد البحث عن امرأة توافق رغبته، وأراد النظر إلى هذه المرأة لعله يختارها لذلك جاز له النظر إليها. ويجوز له النظر إلى أمة يريد شراءها، وان كان نظره إليها بغير اذن سيدها، ولا يجوز للوكيل أو الولي أن ينظر المرأة أو الامة التي يريد عقدها أو شراءها لموكله أو للمولى عليه. ولا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجل الذي تريد الزواج منه.

[ الفصل الثالث ]  [ في عقد النكاح وأحكامه ]

[ المسألة 51: ] النكاح سواء كان دائما أم منقطعا عقد من العقود، ولذلك فلابد فيه من الصيغة المشتملة على الايجاب والقبول، ولابد وأن يكون انشاء الايجاب والقبول فيه باللفظ الدال على المعنى المقصود دلالة يعتبرها أهل اللسان، فلا يكتفى فيه بالتراضي القلبي بين المتعاقدين، ولا تصح فيه المعاطاة فينشأ العقد بايجاب وقبول فعليين، ولا يكتفى بانشاء العقد بالكتابة أو بالاشارة المفهمة للمعنى لغير الاخرس. والاحوط أن يكون انشاء العقد باللغة العربية مع التمكن من ذلك ولو بالتوكيل، ولا ينبغي تركه، وان كان الظاهر صحة نكاح كل قوم إذا أنشئ بلسانهم، وإذا أجريت الصيغة بلغة غير العربية فلابد وأن تكون ترجمة مطابقة للفظ العربي.

[ المسألة 52: ] الاحوط أن يكون الايجاب في النكاح الدائم بلفظ النكاح أو التزويج، فيقول الوكيل للرجل: أنكحتك أو زوجتك موكلتي سعاد على المهر المعلوم، وان كان الاقرب صحة الايجاب أيضا إذا أنشئ بلفظ المتعة وأتى معه بما يدل على دوام النكاح، فقال الموجب للزوج: متعتك موكلتي سعاد متعة دائمة، أو ما دمتما حيين، والاحوط كذلك أن يكون الايجاب بلفظ الماضي، فيقول الموجب للزوج: زوجتك أو أنكحتك فلانة كما تقدم، وان صح أن ينشأ بلفظ المستقبل، فيقول له: أزوجك فلانة، وبالجملة الخبرية فيقول له: أنا مزوجك اياها. والاحوط أن يكون القبول من الزوج أو وكيله بلفظ قبلت أو رضيت، ويصح أن يكون من الزوج بلفظ تزوجت أو نكحت.

[ المسألة 53: ] الاحوط أن يتقدم الايجاب على القبول كما هو المتعارف، وان كان العكس صحيحا ايضا، فيقول الزوج مثلا: نكحت أو تزوجت، والاحوط أن يذكر معه متعلقات العقد، ثم يقول الموجب بعده زوجتك فلانة على المهر المعلوم، ولا يصح تقديم القبول على الايجاب إذا كان بلفظ قبلت أو رضيت.

[ المسألة 54: ] الاحوط أن يكون الايجاب في عقد النكاح من الزوجة أو وكيلها أو وليها إذا كانت قاصرة، وان يكون القبول من الزوج أو وكيله أو وليه، وان كان العكس صحيحا ايضا على الاظهر.

[ المسألة 55: ] إذا كان ايجاب اللعقد من الزوج أو من وكيله فلابد وأن يكون مفاد ايجابه انشاء الزوجية له بضم الزوجة إليه وتبعيتها له، فيقول مثلا: تزوجت فلانة أو نكحتها على الصداق المعلوم، ولا يصح انشاؤه بمثل: زوجت فلانة نفسي أو أنكحتها نفسي مما يدل على تبعيته للزوجة، فإذا تم الايجاب من الزواج أو وكيله على الوجه المتقدم ذكره، قبلت الزوجة أو وكيلها، فقالت: قبلت أو رضيت، أو قالت: زوجتك نفسي.

[ المسألة 56: ] لا يعتبر في القبول حين يأتي بعد الايجاب أن تذكر فيه المتعلقات التي ذكرت في الايجاب، فإذا قال الموجب للزوج: زوجتك موكلتي فاطمة على عشرة دنانير مثلا، فقال الزوج: قبلت، صح ولم يفتقر إلى أن يقول: قبلت تزويج موكلتك فاطمة لنفسي على المهر المعلوم، وقد تقدم في المسألة الثالثة والخمسين أن الاحوط أن تذكر متعلقات العقد مع القبول إذا قدم على الايجاب.

[ المسألة 57: ] إذا أريد انشاء عقد النكاح بين الزوجين مباشرة بعد التفاهم والتراضي بينهما وتعيين المهر، قالت المرأة للرجل: زوجتك نفسي على مائة دينار مثلا، أو قالت له: زوجت نفسي منك، أو زوجت نفسي بك على المهر المعلوم، وقال الرجل بعد أن يتم الايجاب من المرأة، قبلت التزويج لنفسي على المهر المعلوم. أو قالت المرأة في الايجاب: انكحتك نفسي، أو أنكحت نفسي منك على الصداق المعين، فيقول الرجل بعدها: قبلت النكاح لنفسي على ذلك. وإذا كان العقد بين وكيل المرأة ونفس الرجل، قال وكيلها للرجل: زوجتك موكلتي ليلى مثلا، أو قال له: زوجت موكلتي ليلى منك، أو زوجت موكلتي بك على الصداق المعين، فيقول الرجل: قبلت التزويج لنفسي على ذلك. أو قال الوكيل للرجل: أنحكتك موكلتي ليلى، أو أنكحت موكلتي ليلى منك على المهر المعلوم، فيقول الرجل قبلت النكاح لنفسي. وإذا كان العقد بين الزوجة ووكيل الزوج، قالت المرأة للوكيل: زوجت موكلك سعدا نفسي على مهر كذا، أو قالت له: زوجت نفسي من موكلك سعد، أو زوجت نفسي، بموكلك سعد على المهر المعلوم، فيقول وكيل الزوج: قبلت التزويج لموكلي سعد على المهر المعلوم.
أو قالت المرأة: أنحكت سعدا موكلك نفسي على مهر كذا، أو قالت أنكحت نفسي من موكلك سعد على مهر كذا، فيقبل وكيل الزوج له على نهج ما تقدم. وإذا كان العقد بين الوكيلين، قال وكيل الزوجة لصاحبه: زوجت موكلك سعدا موكلتي ليلى على مائة دينار معجلة، أو قال له: زوجت موكلتي ليلى من موكلك سعد على الصداق المعين، أو زوجت موكلتي ليلى بموكلك سعد على الصداق المعلوم، فيقول وكيل الزوج: قبلت التزويج لموكلي سعد على الصداق المعلوم. أو قال وكيل الزوجة لصاحبه انحكت موكلك سعدا موكلتي ليلى على مهر كذا، أو أنكحت موكلتي ليلى من موكلك سعد على الصداق المعلوم، فيقول وكيل الزوج: قبلت النكاح لموكلي سعد على المهر المعلوم، ويصح ان يقع القبول مجردا عن ذكر المتعلقات في جميع الصور، وقد ذكرنا هذا في المسألة السادسة والخمسين. وهكذا تجري الصيغة إذا كان العقد بين الوليين للقاصرين أو بين الولي لاحدهما ونفس الآخر أو وكيله، فيأتي الموجب بلفظ زوجت أو بلفظ أنكحت مخيرا بينهما، ويصح له أن يأتي باللفظ الذي يختاره منهما متعديا بنفسه إلى المفعولين، وعليه في هذه الصورة أن يقدم ذكر الزوج على الزوجة، لانه المفعول الاول، فيقول زوجت أو أنكحت سعدا ليلى، ويصح له أن يعدي لفظ زوجت أو أنكحت إلى الزوج بمن، وإذا صنع كذلك قدم الزوجة عليه بالذكر، فيقول زوجت ليلى من سعد أو أنكحت ليلى من سعد، ويصح له أن يعدي كلمة زوجت بالباء ايضا فيدخلها على الزوج ويقدم الزوجة بالذكر كذلك، فيقول: زوجت ليلى بسعد، ولا يصح في لفظ انحكت أن يعديه بالباء، فلا يقال أنكحت فلانة بفلان.

[ المسألة 58: ] يشترط في صحة عقد النكاح أن يكون كل واحد من الموجب والقابل قاصدا لانشاء مضمون العقد الذي يجريه مع صاحبه، فيقصد الموجب بقوله: زوجت مثلا أنه ينشئ علاقة الزوجية بين الزوجين، ويقصد القابل بقوله: قبلت، انه ينشئ قبلو هذه العلاقة التي ينشئها الموجب، وهذا يتوقف على أن يكون الشخصان عارفين بمعنى الصيغة حتى يقصداه، ويكفي في الصحة ان يعلم الموجب والقابل بالمعنى على وجه الاجمال، وان لم يعلما بتفاصيل معاني الالفاظ وخصوصياتها التي تدل عليها، فإذا قصد الموجب بقوله: زوجت أو أنكحت انه يوجد بذلك الرابطة المعلومة في الدين، والمعروفة بين الناس، والتي يسمونها بالزوجية، وأنه ينشى وجودها بين الزوجين بعدما لم تكن، طبقا لموازين الاسلام المقررة فيه، كفى ذلك وصح منه ايجابه، وإذا قصد القابل بقوله: قبلت أو رضيت انه ينشئ به قبول ما فعله الموجب، كفى منه وصح قبوله، وبتطابق كل من الايجاب والقبول كذلك يتم العقد وتترتب عليه آثاره.

[ المسألة 59: ] يشترط في صحة العقد أن تحصل الموالاة العرفية بين الايجاب والقبول بحيث يعد الثاني قبولا لذلك الايجاب في نظر أهل العرف، فلا يخل بالموالاة وبصحة العقد أن يتأخر القبول قليلا إذا كان مرتبطا به عرفا، ولا يخل بالموالاة بينهما أن تذكر المتعلقات الكثيرة في الايجاب وان طال ذكرها، ومثال ذلك: أن يكون المهر منه المعجل والمؤجل ويكون المؤجل مقسما على أقساط كثيرة، وتكون بين الزوجين شروط كثيرة كذلك، فإذا عدد الموجب جميع ذلك في ايجابه ثم وقع بعده القبول لم يكن ذلك من الفضل المضر بالموالاة والمخل بصحة العقد.

[ المسألة 60: ] المعتبر في القبول أن يكون دالا على انشاء الرضا بما أوجبه الموجب من المضمون المقصود كما تقدم بيانه وهذا المقدار هو المعتبر من التطابق بين الايجاب والقبول، ولا يشترط فيه أن يتطابق مع الايجاب في اللفظ، فإذا قال الموجب للرجل: زوجتك فلانة، فقال الرجل: قبلت النكاح صح، وكذا إذا قال الموجب له: أنكحتك زينب على المهر المعلوم، فقال: رضيت بزواجها على الصداق المعين أو المقرر أو المذكور.

[ المسألة 61: ] إذا قال الرجل لوكيل المرأة أو لولي أمرها: هل زوجتني فلانة بمائة دينار، فقال له: نعم، وقصد بقوله: نعم: ايجاب النكاح، وقال الزوج: قبلت: لم يكتف بذلك على الاحوط، بل لا يخلو من قوة.

[ المسألة 62: ] إذا لحن الرجل في اجراء الصيغة لحنا يغير معناها كانت باطلة، كما إذا قال وكيل الزوجة: نكحت فلانة بدل أنحكت، أو قال: تزوجتها بدل زوجتها، فتكون باطلة، وكذلك إذا أتى بها على غير الوجه الصحيح، وان لم يكن لحنا، ومثال ذلك: ان يقول الموجب للزوج: زوجت فلانة منك نفسها، على أن تكون فلانة هي فاعل زوجت وهي التي أوقعت التزويج، فلا يصح ذلك لانها لم تزوج نفسها وانما زوجها الموجب بالوكالة عنها. وإذا لحن في الصيغة لحنا لا يغير المعنى، فان كان اللحن في لفظ زوجت أو أنكحت أو في لفظ قبلت ففتح التاء من الكلمات بدل ضمها، أو فتح الباء من كلمة قبلت بدل كسرها، فالاحوط عدم الاكتفاء بها أيضا، فتعاد الصيغة على الوجه الصحيح، وكذلك إذا قال: جوزت بدل زوجت. وان كان اللحن في المتعلقات وهو لا يغير المعنى فالظاهر الصحة.

[ المسألة 63: ] لا يشترط في صحة العقد أن يكون الموجب والقابل في مجلس واحد، فإذا كانا في مجلسين وأمكن توجه الخطاب من الموجب للقابل لتقارب مجلسيهما بحيث يسمع كل منهما قول الآخر، أو أمكن التخاطب بينهما بواسطة الآلات الحديثة الموصلة للصوت كالهاتف ونحوه، فتتحقق المعاقدة بينهما ويرتبط الايجاب بالقبول وبالعكس من غير فصل يخل بالموالاة ويصح العقد.

[ المسألة 64: ] يشترط في صحة عقد النكاح أن يوقعه المتعاقدان منجزا غير معلق، فلا يصح العقد إذا أنشأ الموجب ايجابه معلقا على وجود شرط أو على مجئ زمان، ولا يصح إذا أنشأ القابل قبوله معلقا كذلك. وإذا علق الايجاب أو القبول على وجود شئ وهو حاصل بالفعل وكان كل من الموجب والقابل عالمين بحصول ذلك الشئ، فالظاهر صحة العقد، ومثال ذلك أن يقول الموجب للرجل: زوجتك فلانة إذا كان هذا اليوم هو يوم الجمعة، وكان الموجب والقابل عالمين بأنه يوم الجمعة، ومثاله أيضا أن تقول المرأة للرجل: زوجتك نفسي ان لم أكن أختا لك من الرضاعة، وكانا معا يعلمان بأنها ليست أخته، وإذا كانا جاهلين بوجود الشرط أو كان أحدهما جاهلا به فالصحة مشكلة في كلا الفرضين.

[ المسألة 65: ] يصح للاخرس أن يتولى عقد النكاح لنفسه، ويكون ايجابه أو قبوله بالاشارة المفهمة للمعنى المقصود، ويصح عقده إذا قصد الانشاء باشارته وان أمكن له أن يوكل من يتولى الايجاب أو القبول اللفظي عنه. فإذا كانت المرأة هي الخرساء، وانشأت ايجاب العقد على نفسها بالاشارة، وكان القابل قادرا على النطق، فالاحوط له أن يجمع بين النطق بالقبول، والاشارة المفهمة به، إذا كانت المرأة الخرساء لا تسمع نطقه أو تسمعه ولا تفهم معناه، وإذا كانت تسمع قوله وتفهم معناه، اكتفى بالنطق في قبوله ولم يفتقر إلى انشائه بالاشارة. وإذا كان الاخرس هو الزوج القابل، وكان الموجب قادرا على النطق بالصيغة، جمع الموجب على الاحوط بين انشاء ايجابه بالنطق وانشائه بالاشارة المفهمة، فإذا حصل الايجاب منه كذلك قبل الاخرس من بعده بالاشارة.

[ المسألة 66: ] الاحوط أن لا يتولى الاخرس اجراء عقد النكاح لغيره بالوكالة عنه، وإذا كان وليا وأراد تزويج طفله أو طفلته مثلا، فالاحوط له أن يوكل عنه من يجري صيغة العقد اللفظي لهما.

[ المسألة 67: ] لا ريب في بطلان عقد الصبي إذا كان غير كامل التمييز، أو كان غير قاصد للمعنى أو كان القصد فيه مشكوك التحقق، سواء عقد لنفسه أم لغيره، وسواء أجاز وليه عقده أم أجاز هو بعد بلوغه أم لا. وإذا كان الصبي كامل التمييز وعارفا بالصيغة وقاصدا للمعنى، وعقد النكاح لغيره بالوكالة عنه أو عقد لنفسه مع اذن وليه له باجراء الصيغة أو اجازة وليه لفعله بعد العقد، أو أجاز الصبي نفسه بعد بلوغه، ففي بطلان عقده في هذه الصور تأمل، ولكن لا يترك الاحتياط بتجديد العقد من غيره إذا أريد الامساك، واجراء الطلاق إذا أريد الفراق، وكذلك إذا عقد لغيره فضولا وحصلت الاجازة من المعقود له بعد ذلك.

[ المسألة 68: ] لا ريب في بطلان عقد المجنون وان كان جنونه أدوارا إذا أوقعه في حال جنونه، سواء عقد لنفسه أم لغيره وسواء أجاز الولي عقده أو أجازه هو بعد افاقته أم لا، ويصح عقده في دور افاقته، لنفسه ولغيره بالوكالة عنه، أو الولاية عليه، كما إذا اتفق عروض ذلك للاب أو للجد أبي الاب فعقد لولده الصغير أو لولد ولده في دور افاقته من الجنون مع وجود الشرائط المعتبرة.

[ المسألة 69: ] لا يصح عقد السكران لنفسه ولا لغيره وان أجاز العقد بعد أن أفاق وكذلك الحكم في المرأة السكري، وهذا مع السكر الذي لا يعي فيه السكران أو السكرى ما يقول. وإذا زوجت المرأة السكرى نفسها وهي ملتفتة إلى ما تقول، ثم رضيت بالعقد بعد افاقتها فالظاهر صحة العقد، سواء كان تزويجها بتوكيل أحد على عقدها أم باجرائها صيغة العقد بنفسها، والظاهر ان الرجل السكران مثلها في ذلك إذا كان في حال سكره وعقده ملتفتا يعي ما يقول.

[ المسألة 70: ] لا يمنع السفيه المحجور عليه في التصرف في الماليات من أن يتولى اجراء عقد النكاح لغيره بالوكالة عنه، ويصح له أن يرجي عقد النكاح لنفسه إذا أذن له وليه قبل اجراء الصيغة أو أجازة بعد العقد، وسنتعرض له ان شاء الله تعالى في فصل أولياء العقد بصورة أكثر تفصيلا. ويشكل الحكم بصحة عقده لنفسه أو لغيره بل يمنع إذا كان سفهه عاما يوجب حجره في الماليات وغيرها، أو كان سفهه خاصا في التصرف في نفسه كما ذكرناه في كتاب الحجر، فإذا أريد تزويجه فلابد من الرجوع إلى وليه.

[ المسألة 71: ] يصح عقد المكره إذا أكرهه أحد على اجراء عقد النكاح لغيره بالوكالة عنه، ولا يبطله كونه مكرها عليه إذا كان جامعا لشرائط الصحة فيه من قصد الانشاء وغيره. وإذا أكره على اجراء عقد النكاح لنفسه، فاوقعه مكرها عليه لم يصح، وإذا زال الاكراه عنه واجاز العقد بعد ارتفاعه صح العقد وترتبت عليه آثاره، سواء كان المكره هو الزوج أم الزوجة.

[ المسألة 72: ] لا يشترط في صحة العقد أن يكون العاقد ذكرا، فيصح للمرأة أن تتولى عقد النكاح لغيرها بالوكالة عنه ايجابا وقبولا، كما يصح لها أن تتولى عقد نفسها بالاصالة.

[ المسألة 73: ] إذا أوقع الموجب الايجاب في عقد التزويج، ثم جن أو أغمي عليه أو نام قبل أن ينطق صاحبه بالقبول بطل العقد، وكذلك الحكم إذا قدم القبول على الايجاب بناءا على صحة ذلك كما اخترناه في المسألة الثالثة والخمسين فإذا اعترض القابل الجنون أو الاغماء أو النوم قبل أن يؤتى بالايجاب بطل العقد. وأولى من ذلك ببطلان العقد ما إذا عرض مثل ذلك للقابل في اثناء الايجاب، والوجه في بطلان العقد في هذه الفروض هو عدم صدق المعاقدة بين الطرفين إذا انتفت الاهلية من أحدهما قبل أن يتم العقد، وعدم شمول الادلة لمثل هذا أن سمي عقدا.

[ المسألة 74: ] يشترط في صحة عقد النكاح أن يعين فيه الرجل والمرأة اللذين يقع لهما العقد، بحيث يتميز الرجل المعقود له عن غيره من الرجال، وتتميز المرأة المعقودة عمن سواها من النساء، اما بذكر الاسم الخاص بالشخص، واما بوصفه توصيفا يعين شخصه ويميزه عما عداه، أو بالاشارة إليه اشارة مشخصة، وإذا كان الاسم مشتركا بينه وبين غيره، فلابد من ذكر ما يدل على الفرد المقصود من اسم أبيه أو لقبه أو أحد مشخصاته. فيبطل العقد إذا قال الموجب لصاحبه: زوجتك احدى بناتي، أو قال له: زوجتك ابنة زيد وكانت لزيد أكثر من بنت واحدة ولم يعين المقصودة منهن، أو قال له: زوجت ابنتي مريم من أحد بنيك، أو زوجت احدى موكلاتي من أحد موكليك، أو عين الموجب زوجة أو زوجا، وعين القابل غير ذلك.

[ المسألة 75: ] إذا عين العاقدان بينهما المرأة المقصودة والرجل المقصود قبل اجراء العقد، ولكنهما حين اجراء الصيغة ذكرا أحد الزوجين أو كليهما بلفظ مشترك لا يدل على التعيين، لم يبعد القول بالصحة، ومثال ذلك أن يخطب الرجل من زيد ابنته الكبرى، ويتفقا على تزويجها منه، ثم يقول له عند العقد: زوجتك ابنتي مع ان له أكثر من بنت واحدة، أو يقول له: زوجتك ابنتي سعاد مع ان هذا اسم لبنتين عنده، فلا يبعد الحكم بالصحة والاحوط لهما أن يجددا العقد على الزوجة المقصودة.

[ المسألة 76: ] هل يكفي في صحة العقد أن تكون المرأة المعقود عليها معينة في الواقع وهي غير متميزة عند العاقدين أو عند أحدهما في حال اجراء الصيغة، ثم يحصل العلم بها بعد العقد، ومثال ذلك أن يقول الاب الموجب للرجل: زوجتك ابنتي الكبري، وهما لا يعلمان في حال العقد ان الكبرى هي زينب أو فاطمة، ولكنهما سيعلمان بها تفصيلا بعد العقد إذا رجعا إلى سجل موجود يضبط فيه ولادة البنتين؟ لا يبعد القول بصحة العقد، وكفاية التعين في الواقع، لتحقق القصد لتزويج المراة المعينة مع رضا الزوج بزواجها وان لم يميزها في حال العقد، فإذا رجعا إلى السجل الموجود تميزت المرأة المعقودة وارتفع اللبس الذي أوجبه الجهل بالتأريخ، والاحوط استحبابا تجديد العقد إذا أرادا الامساك، ولابد من الطلاق إذا أرادا الفراق. وكذلك الحكم إذا كان الرجل المعقود له معينا في الواقع وهو غير متميز عند العاقدين على النحو الذي ذكرناه في المرأة فيجري فيه الحكم الآنف ذكره.

[ المسألة 77: ] يصح التوكيل في عقد النكاح، فتوكل المرأة الرشيدة من يتولى ايجاب العقد بالنيابة عنها، ويوكل الرجل الرشيد من يتولى قبول الزواج عنه، ويصح للولي على الصبي الصغير أو على الصبية الصغيرة أن يوكل من يتولى اجراء الصيغة للطفل أو للطفلة بالنيابة عن الولي.

[ المسألة 78: ] يجب على الوكيل أن يتبع في تصرفه ما عين له موكله في توكيله، فإذا وكلته المرأة على عقدها من رجل معين لم يصح له أن يعقدها على غيره، وإذا ذكرت لها صداقا لم يجز له أن يعقدها على صداق غيره، وإذا حددت شروطا لم يجز له التعدي عنها فيعقدها بغير شرط أو بشروط أخرى غيرها، فان تعدى شيئا من ذلك كان فضوليا وتوقفت صحة عقده على اجازة موكلته للعقد، وكذلك الحكم في وكيل الرجل في قبول العقد عنه. وإذا وكلته المرأة أو وكله الرجل وأطلق الموكل له التوكيل في اختيار الزوج أو الزوجة مثلا وفي تحديد المهر والخصوصيات وجبت على الوكيل مراعاة المصلحة في الاختيار لموكله، فإذا تعدى في فعله ما تقتضيه المصلحة لم ينفذ عقده وكان فضوليا، فلا يصح عقده الا بالاجازة من موكله، فإذا اختلف الموكل معه في بعض الخصوصيات ولم يجز العقد كما حصل بطل العقد وجددا الوكالة والعقد إذا شاءا على خصوصية أخرى، وإذا أريد تجديد العقد وفق رأي الموكل لم يحتج إلى وكالة أخرى.

[ المسألة 79: ] إذا ذكرت المرأة لوكيلها شروطا وخصوصيات تشترطها على الزوج ووكلت الوكيل على اجراء عقدها وفقا لتلك الشروط، وذكر الرجل لوكيله شروطا وخصوصيات، ووكله على قبول العقد وفقا لما يطلب، صح للوكيلين أن يجريا صيغة العقد مع الاتفاق في الحدود المشترطة. وإذا اختلفا في ذلك لم يصح لهما العقد، وإذا اجرى وكيل الزوجة صيغة العقد طبقا للشروط التي عينتها الزوجة، وقبل وكيل الزوج العقد عنه مع مخالفته لشروط موكله كان وكيل الزوج فضوليا في قبوله، فان أجازه موكله العقد ولم يحتج إلى اجازة الزوجة عقد وكيلها أو اجازتها فعل وكيل زوجها. وإذا انعكس الفرض فأجري العقد وفقا للشروط التي عينها الزوج لوكيله انعكس الحكم، فكان وكيل الزوجة هو الفضولي فيصح العقد إذا أجازته الزوجة ويبطل إذا لم تجزه.

[ المسألة 80: ] إذا وكلت المرأة وكيلا على اجراء صيغة عقدها من فلان، فظاهر هذا التوكيل أن يتولى وكيلها ايجاب العقد عليها سواء قدمه على قبول الزوج أم أخره عنه، فلا تتناول وكالته ان يتولى القبول عنها، وان قلنا بصحة عقد النكاح إذا كان الايجاب فيه من الزوج أو من وكيله وكان القبول من الزوجة أو من وكيلها، فلا يصح منه ذلك، وإذا وكل الرجل وكيلا على قبول عقد النكاح له بفلانة، فظاهر هذه الوكالة أن يتولى القبول عنه، سواء أخره عن الايجاب أم قدمه عليه، ولا يصح له أن يتولى ايجاب العقد عن الزوج، لعدم توكيله في ذلك، وإذا وكل الرجل والمرأة وكيليهما وكالة مطلقة في اجراء العقد بينهما حسبما يختاران من صور العقد، صح لكل من الوكيلين أن يتولى الايجاب عن صاحبه أو القبول، وان يقدم الايجاب على القبول أو يؤخره عنه كما يختاران.

[ المسألة 81: ] إذا وكلت المرأة رجلا على تزويجها لم يصح له أن يعقدها من نفسه، وان صرحت له بالتعميم في وكالته، فقالت له: وكلتك على أن تزوجني وتتولى عقد زواجي من أي شخص تريد.

[ المسألة 82: ] الاحوط أن لا يتولى شخص واحد طرفي العقد، فيتولى انشاء الايجاب بالوكالة عن الزوجة أو عن وليها مثلا، ويتولى القبول لنفسه أو بالوكالة عن الزوج أو عن وليه، بل المنع لا يخلو من قوة في توكيل المرأة للرجل في زواجها منه.

[ المسألة 83: ] إذا وكل الزوجان وكيلين في اجراء عقد النكاح بينهما، واتفقا معهما على اجرائه في وقت معين ومضى ذلك الوقت، لم تجز للزوجين المقاربة حتى يعلما بأن الوكيلين قد أجريا صيغة العقد أو يخبرهما العاقد بأنه قد أجراها، ولا يكفي حصول الظن بذلك وان أخبرهما به ثقة، بل وان حصل العلم به لاحدهما دون الآخر.

[ المسألة 84: ] لا يجوز أن يشترط خيار الفسخ في عقد النكاح، سواء اشترط للزوج أم للزوجة أم لكليهما، أم لشخص ثالث، وسواء كان النكاح دائما أم منقطعا. وإذا شرطه أحد الزوجين أو كلاهما كان الشرط باطلا، والمشهور بين الفقهاء بطلان العقد بذلك، وهو مشكل، فلابد من الاحتياط إذا اشترط ذلك، بتجديد العقد من غير شرط إذا أريد الامساك، وبايقاع الطلاق إذا أريد الفراق.

[ المسألة 85: ] يصح لاحد الزوجين أن يشترط لنفسه الخيار في الصداق الذي جرى عليه العقد بينهما، بأن يفسخ الصداق المسمى وحده من غير ان يفسخ العقد، وهذا إذا كان النكاح دائما، وكانت للخيار المشترط مدة معلومة فإذا شرط ذلك لنفسه أو شرطه لكليهما ثبت الحق للمشروط له، وإذا فسخ صاحب الخيار في المدة المعينة سقط المهر المسمى في العقد وكانت المرأة بحكم مفوضة البضع، فإذا دخل الزوج بها ثبت لها مهر أمثالها من النساء، وإذا طلقها قبل دخوله بها وجبت لها المتعة، وسيأتي تفصيل ذلك في أحكام مفوضة البضع من فصل المهر (ان شاء الله تعالى) ولا يصح اشتراط الخيار في الصداق إذا كان عقد النكاح منقطعا، وإذا شرطه أحد الزوجين أو كلاهما بطل الشرط ولزمت مراعاة الاحتياط الآنف ذكره، فيجددان العقد من غير شرط إذا أرادا بقاء النكاح، ويهبها المدة إذا ارادا الفراق.

[ المسألة 86: ] إذا تصادق الرجل والمرأة على زوجية أحدهما للآخر ثبتت الزوجية بينهما في الظاهر وترتبت عليها جميع أحكامها ولوازمها من جواز وطء وثبوت مهر ونفقة وميراث وغير ذلك، إذا لم يعلما أو يعلم أحدهما بكذب قولهما. وإذا ادعى أحدهما الزوجية وأنكرها الثاني، فان أقام المدعي بينة على صدق قوله ثبتت الزوجية ظاهرا، وكان على الطرفين ترتيب آثارها المحللة كالانفاق من جانب الزوج، وكعدم الخروج من البيت الا باذن الزوج من جانب الزوجة، واما في واقع الامر فيجب عليهما العمل بالتكليف الذي يعلمان به في الحقيقة، وكذلك الحكم إذا لم تكن للمدعي بينة ولكن المنكر رد عليه اليمين فحلف المدعي على صدق مدعاه، فتجري الاحكام الظاهرية المذكورة، والواقع كما هو لا يتغير ولا تتبدل أحكامه. وإذا لم تكن لمدعي الزوجية بينة تثبت قوله توجه اليمين على منكرها، فإذا أحلف حكم ظاهرا بعدم الزوجية. ويلزم مدعي الزوجية وهو الطرف الثاني من الدعوى بلوازم اقراره بالزوجية، فان كان هو الرجل، وجب عليه أن يوصل المهر إليها، ولم يحل له أن يتزوج بأمها ولا ببنتها إذا كان قد دخل بالام أو لم يطلقها، ولا يجوز له التزويج بأختها ما دامت المرأة في حباله، ولا يتزوج بنت أخيها ولا بنت أختها الا برضاها ما دامت في حباله كذلك، ولا يتزوج خامسة إذا كانت عنده ثلاث زوجات غيرها. وإذا كان مدعي الزوجية هي المرأة لم يجز لها الزواج بغيره الا إذا فارقها بموت أو طلاق ونحوه.

[ المسألة 87: ] إذا أنكر أحدهما الزوجية في المسألة السابقة ثم رجع بعد انكاره فاعترف بها وأبدى العذر عن انكاره الاول وكان غير متهم في ذلك سمع منه اقراره، وثبتت الزوجية، وان كان ذلك بعد حلفه على عدم الزوجية.

[ المسألة 88: ] إذا ادعت المرأة انها خلية لا زوج لها، وكان الرجل لا يعلم حالها ويحتمل صدقها في قولها، حكم بصدقها وجاز له أن يتزوجها أو يزوجها من يريد، من غير أن يفحص عن أمرها، سواء حصل له العلم أو الوثوق من قولها أم لم يحصل. وكذلك إذا دعاها هو أو غيره إلى الزواج منها فأجابت، أو ابتدأت هي فدعت أحدا إلى الزواج منها، سواء كان المدعو هو أم غيره، فيصح الاعتماد على قولها في جميع ذلك. ومثله ما إذا علم الرجل بأنها كانت ذات بعل في السابق، فادعت ان بعلها قد مات أو طلقها. ويستثنى من ذلك ما إذا كانت متهمة في دعواها، فيستحب للرجل ان يسأل عن حالها إذا أراد الزواج بها بل هو الاحوط. وإذا كانت ذات بعل فغاب زوجها عنها غيبة انقطع فيها خبره، ثم ادعت أنها علمت بموته واعتدت منه صدقت في قولها وجاز للرجل أن يتزوجها، وإذا وكلت أحدا على اجراء صيغة العقد عليها صح له أن يقبل الوكالة منها ويتولى عقد نكاحها الا إذا علم بكذبها، وان كان الاحوط استحبابا الترك.

[ المسألة 89: ] إذا ادعت المرأة انها خلية ليس لها زوج، فصدقها الرجل وتزوجها، ثم ادعت بعد زواجه بها أنها ذات بعل غيره، لم تسمع منها هذه الدعوى الثانية، فلا يفرق الحاكم بينها وبين الرجل الذي تزوجها ولا يجب على الرجل الاجتناب عنها، الا إذا أقامت بينة على صدق دعواها، فإذا شهدت البينة بذلك، وجب التفريق بينها وبين الزوج الثاني. ولا تستحق عليه شيئا إذا كانت حين زواجها به عالمة بأنها ذات بعل، لانها بغي، وإذا كانت تجهل ذلك، كما إذا اعتقدت بأن بعلها قد مات فاعتدت منه وتزوجت، ثم تبين لها خطأ لها في الاعتقاد، كان نكاحها شبهة، فإذا كان الرجل الثاني قد دخل بها استحقت عليه مهر المثل. ويكفي في جريان هذه الاحكام أن تشهد البينة بأن المرأة ذات بعل حين ما تزوجها الثاني، وان لم تعين من هو البعل الاول، ولم تشهد بأنه مات بعد ذلك أم لا يزال حيا.

[ الفصل الرابع ]  [ في أولياء العقد ]

[ المسألة 90: ] تثبت للاب وللجد أبي الاب وان علا بأكثر من واسطة واحدة، ولاية شرعية على ولده وولد ولده الصغيرين وعلى ابنته وبنت ابنه الصغيرتين وعلى المجنون والمجنونة من أولادهما إذا اتصل جنونهما بصغرهما وان كانا بالغين بالفصل فيصح للاب وللجد أبي الاب ان يتوليا عقد الزواج عليهم، إذا لم تكن في ذلك مفسدة على القاصرين المولى عليهم. ويشكل الحكم بثبوت ولاية لهما على المجنون والمجنونة اللذين يتأخر عروض الجنون عليهما عن البلوغ، فإذا اقتضت الضرورة تزويج أحدهما، فلا يترك الاحتياط بالاستيئذان من الاب أو اللجد ومن الحاكم الشرعي معا.

[ المسألة 91: ] لا تثبت الولاية للام على القاصرين من أبنائها وبناتها ولا على ذريتهم ولا للجد أبي الام، حتى أم الاب وأبيها سواء كانوا بواسطة أم أكثر، لا في عقد نكاح ولا في تصرف في مال أو اجراء معاملة أو في شئ من شؤونهم، ولا تثبت الولاية للاخ وان كان شقيقا كبيرا على أخيه الصغير ولا للعم أو الخال ولا لسائر الارحام.

[ المسألة 92: ] لا ولاية للاب ولا للجد أبي الاب على الولد في عقد النكاح بعد بلوغه ورشده، ولا ولاية لهما في عقد النكاح على البالغة الرشيدة إذا كانت ثيبا واما البكر البالغة الرشيدة، فالاقوى استقلال كل منها ومن أبيها بأمر تزويجها، فإذا زوجت هي نفسها، صح عقدها ونفذ، وان لم تستأذن أباها في اجراء العقد، سواء أجرت الصيغة بنفسها أم وكلت أحدا سواها في ذلك، وإذا زوجها أبوها نفذ تزويجه وصح وان لم يستأذن منها في اجراء العقد، والافضل بل الاحوط لكل منهما أن يستأذن الآخر إذا أراد العقد عليها. بل يجوز للاب أن ينقض عقد البنت إذا زوجت نفسها من غير اذنه، وان كان عقدها صحيحا في نفسه كما ذكرنا، وكل هذا مع مراعاة الشروط في ولاية الاب عليها وسيأتي بيان ذلك.

[ المسألة 93: ] لا أمر ولا ولاية للجد أبي الاب ولا لغيره من الاولياء على البنت الباكر في عقدها بعد بلوغها ورشدهها فلا يجري للجد الحكم الذي تقدم ذكره في ولاية الاب.

[ المسألة 94: ] إذا منع الاب بنته البكر البالغة الرشيدة من التزويج بالكفؤ مع رغبتها بالزواج منه، سقطت ولايته عليها، فإذا زوجت نفسها منه بغير اذن الاب وقد منعها من ذلك، صح زواجها منه، وليس للاب أن ينقض عقدها الذي أوقعته أو أوقعه وكيلها. وسقوط ولاية الاب في هذا المورد لا يعني سقوط ولايته في غيره، فإذا لم تتزوج البنت من ذلك الرجل ثم زوجت نفسها من رجل آخر ليس بكفؤ، صح للاب أن ينقض عقدها.

[ المسألة 95: ] لا يسقط اعتبار اذن الاب إذا منعها من الزواج بغير الكفؤ شرعا، ومثال ذلك ان يمنعها من الزواج بكافر أو بمرتد أو بغير مؤمن، ولا يسقط اعتبار اذنه إذا منعها من الزواج بغير الكفؤ عرفا ممن يكون في تزويجه غضاضة أو منقصة عليهم، ولا يسقط اعتبار اذنه إذا منعها من الزواج بكفؤ معين مع وجود كفؤ آخر يطلب الزواج بها، فإذا عقدت نفسها على أحد هؤلاء بغير اذن الاب جاز ان ينقض عقدها. ويسقط اعتبار اذن الاب إذا كان غائبا لا يمكن للبنت أن تستأذن منه، لسفر أو سجن مع حاجة البنت إلى الزواج.

[ المسألة 96: ] البنت التي تذهب بكارتها بغير الوطء لها حكم البكر، وحكم الولاية عليها قد تقدم بيانه في الولاية على البكر البالغة الرشيده في المسألة الثانية والتسعين، وكذلك إذا ذهبت بكارتها بالزنا أو بوطء الشبهة على الاقوى.

[ المسألة 97: ] لا يشترط في ولاية الجد على القاصر أو القاصرة أن يكون الاب حيا كما يراه جماعة من الاصحاب ولا يعتبر فيها أن يكون الاب ميتا كما يراه البعض من غيرهم، بل هو ولي مستقل في الولاية في حال وجود الاب وفي حال موته، وإذا كان الاب والجد كلاهما موجودين، كان كل واحد منهما مستقلا في ولايته، فلا تتوقف صحة عمله على أن يشترك فيه مع الآخر أو يستأذن منه، بل ويصح تصرفه مع مراعاة شروط الولاية وان خالفه الثاني في الرأي إذا لم يؤد ذلك إلى تشاح بينهما أو تعارض في التصرف، وتلاحظ المسائل الآتية في ما يتعلق بذلك.

[ المسألة 98: ] يشترط في ولاية الاب والجد أبي الاب أن لا تكون في تصرفه في شؤون القاصر أو أمواله مفسدة للمولى عليه، كما ذكرناه أكثر من مرة، فإذا زوج أحدهما الصبي أو الصبية، أو المجنون الذي اتصل جنونه بصغره مع وجود المفسدة في التزويج لم يصح وكان العقد فضوليا، لا ينفذ الا باجازة الطفل أو الطفلة المعقود لهما بعد أن يبلغا ويرشدا، واجازة المجنون بعد أن يفيق من جنونه ويصحو. وإذا تم عقد الاب أو الجد وفقا للشروط المعتبرة في ولايتهما على القاصر، صح العقد ولزم، ولم يكن للصبية المعقودة خيار فيه بعد بلوغها ورشدها، ولا خيار للصبي المعقود له في العقد بعد بلوغه ورشده، ولا للمجنون المعقود له بعد افاقته وبرئه.

[ المسألة 99: ] إذا زوج الصبية القاصرة أبوها أو جدها بأقل من مهر أمثالها أو بشخص لا يقدر على الانفاق عليها، فان كان ذلك لوجود مصلحة في التزويج تغلب على المفسدة الموجودة فيه، صح العقد والمهر ولزم، وان لم توجد فيه مصلحة أو كانت فيه مصلحة عادية غير غالبة على المفسدة كان العقد فضوليا، يتوقف نفوذه على اجازة البنت بعد بلوغها ورشدها، فلا يصح إذا لم تجزه، وكذلك الحال في الصبي إذا زوجه أحدهما بأكثر من مهر المثل.

[ المسألة 100: ] إذا زوج الصبية القاصرة أبوها أو جدها مع وجود المفسدة في تزويجها لم ينفذ العقد كما ذكرناه، في ما تقدم وكان فضوليا لا يصح الا باجازة المعقودة بعد بلوغها، فإذا تغيرت الحال فارتفعت المفسدة الموجودة في التزويج، أو تجددت فيه مصلحة تغلب على المفسدة، أمكن للولي الثاني منهما غير العاقد أن يجيز العقد فيكون صحيحا باجازته، ويشكل الحكم بالصحة إذا أجازه الولي العاقد نفسه.

[ المسألة 101: ] إذا تشاح الاب والجد في أمر تزويج القاصر أو القاصرة، فاختار كل واحد منهما للصبي زوجة أو اختار للصبية زوجا مثلا، قدم اختيار الجد، وإذا بادر الاب في هذا الفرض فعقد على الطفلة للزوج الذي الذي اختاره لها قبل الجد، فلا يترك الاحتياط اما باسترضاء الجد وتجديد العقد عليها لمن اختاره الاب واما بطلاق الزوج لها.

[ المسألة 102: ] إذا زوج الاب بنته الصغيرة من رجل، وزوجها جدها من رجل آخر، فللمسألة صور، ولكل صورة منها حكمها الخاص بها:
(الصورة الاولى): أن يسبق الاب أو الجد في تزويجه للبنت على تزويج الآخر لها، ويعلم السابق منهما على النحو التعيين فيعلم أن الاب قد عقد على البنت قبل جدها، أو أن الجد قد أجرى عقده قبل أبيها، فيكون عقد الولي السابق منهما هو الثابت، ويبطل عقد اللاحق، سواء كان السابق هو الاب أم الجد.
(الصورة الثانية): أن يقترن عقد الاب على البنت مع عقد الجد عليها في الزمان، فيتفق اجراؤهما للصيغة في وقت واحد ويعلم التقارن بينهما، والحكم في هذه الصورة ان تثبت الولاية للجد على الخصوص، فيكون عقده على البنت هو الثابت، ويبطل عقد الاب عليها.
(الصورة الثالثة): أن يعلم الوقت الذي أجرى فيه الجد عقده على البنت فيعلم بأنه أوقع الصيغة في الساعة الاولى من يوم الخميس مثلا، ويجهل وقت عقد الاب، فهل أوقعه قبل ذلك الوقت أم بعده أم وقع العقدان متقارنين في زمان واحد، والحكم في هذه الصورة ايضا هو صحة عقد الجد ونفوذه وبطلان عقد الاب.
(الصورة الرابعة): أن يعلم الوقت الذي أوقع الاب فيه عقده على بنته كما تقدم، ويجهل زمان عقد الجد، فهل أو قعه في وقت عقد الاب أيضا أم قبله أم بعده، فيحكم بصحة عقد الاب ونفوذه وبطلان عقد الجد.
(الصورة الخامسة): أن يجهل وقت كل من عقد الاب وعقد الجد، فلا يعلم في أي ساعة حدثا؟ وهل سبق أحدهما على الآخر أم اقترنا في الوقت؟ والحكم في هذه الصورة أن المرأة تكون معلومه الزوجية لاحد الرجلين المعقود لهما على وجه الاجمال فإذا كان في الصبر عسر وحرج، فلا بد من الرجوع إلى القرعة في تعيين الزوج الذي ثبتت له الزوجية منهما، فأيهما عينته القرعة حكم بأنه هو الزوج، أو طلاق الزوجين كليهما للمرأة، وتجديد العقد بعد ذلك لمن تشاء أو طلاق أحد الزوجين ثم يتزوجها الثاني بعقد جديد. والمسألة في جميع صورها الخمس الآنف ذكرها انما تفرض في غير حالة التشاح بين الاب والجد في تعيين الزوج، وإذا فرض وقوع تشاح بينهما في ذلك رجع إلى حكمها الذي بيناه في المسألة المائة والواحدة.

[ المسألة 103: ] إذا تحقق سفه الرجل أو المرأة في الامور المالية وحكم عليه بالحجر شرعا، لم يصح له أن يتولى عقد النكاح لنفسه الا إذا أذن له وليه بذلك، فيكون الولي هو الذي يعين له المهر ويعين له الزوجة إذا كان رجلا. ويكون الولي هو المشرف على الانفاق على الزوجة من مال السفيه بعد التزوج بها، ويكون الولي هو الذي يعين الزوج ويقدر الصداق إذا كان السفيه المولى عليه هو المرأة، وإذا زوج السفيه نفسه أو زوجت المرأة السفيهة نفسها بغير اذن الولي كان العقد فضوليا، فلا ينفذ الا باجازة الولي، فإذا أجازه صح ولم يفتقر إلى تجديد العقد. وكذلك الحكم إذا كان سفهه عاما في الماليات وغيرها، أو كان خاصا في الشؤون غير المالية كما إذا كان سفيها في التزويج أو في التصرف في نفسه، بناءا على ما اخترناه من اجراء حكم السفه في جميع ذلك، وقد ذكرناه في كتاب الحجر فيكون محجورا عن أن يتولى عقد النكاح لنفسه الا باذن الولي.

[ المسألة 104: ] ولي السفيه هو الاب أو الجد أبو الاب إذا كان قد اتصل سفهه بصغره، فان لم يكن له أب ولا جد، فوليه هو القيم الذي ينصبه الاب أو الجد لذلك، وان لم يكن لهما وصي منصوب فالولي على السفيه هو الحاكم الشرعي، وإذا طرأ له السفه بعد أن بلغ الحلم ورشد، فالولاية عليه للحاكم الشرعي وان كان أبوه وجده موجودين.

[ المسألة 105: ] السفيه غير مسلوب العبارة، فإذا كان ممن يحسن اجراء الصيغة في عقد التزويج صح له أن يتولى عقد النكاح لغيره بالوكالة عنه، ويصح له ان يتولى اجراء العقد لنفسه ايضا إذا قام وليه بأصل المعاملة حتى أتمها فعين الزوجة وقدر المهر وحدد الشروط ثم أذن للمولى عليه أو وكله في اجراء الصيغة على ما عينه، وإذا أجرى السفيه عقد النكاح لنفسه بنفسه ثم أجاز وليه عقده بعد ذلك، صح ولم يفتقر إلى تجديد، وقد تقدم ذكر هذا قبل مسألتين.

[ المسألة 106: ] يجوز للوصي المنصوب من قبل الاب أو الجد أبي الاب أن يزوج الطفل الصغير والطفلة الصغيرة إذا نص أبوهما أو جدهما الموصي على ولايته في التزويج، سواء عين الزوج والزوجة لهما أم لم يعين، فيجوز للوصي ان يتولى العقد لهما بنفسه وأن يوكل غيره في انشائه، الا إذا عين له الموصي أن يباشر بنفسه أو يوكل فيتبع ما حدد له. ويجوز للوصي القيم كذلك أن يزوج ابنهما المجنون أو بنتهما المجنونة اللذين اتصل جنونهما بصغرهما مع نص الاب أو الجد على ذلك في وصيته كما ذكرنا في الصغير، ويجوز لهذا الوصي القيم أن يزوج السفيه الذي اتصل سفهه بصغره إذا نص الموصي على أن يتولى أمر تزويجه كذلك.

[ المسألة 107: ] إذا لم يكن للطفل الصغير أو الطفلة الصغيرة أب ولا جد يتولى أمرهما، ولا وصي منصوب من أبيهما أو جدهما واقتضت المصلحة الملزمة تزويجهما أودعت الى ذلك ضرورة ملحة بحيث تترتب على تركه مفسدة شديدة يجب الاحتراز عنها، فللحاكم الشرعي أن يتولى تزويجهما، وكذلك الحكم في المجنون والمجنونة اللذين لا ولي لهما إذا اقتضت الضرورة تزويجهما. وقد تقدم في المجنون الذي عرض له الجنون بعد البلوغ وكان له أب أو جد أو وصي من أحدهما، ان الاحوط لزوما في صحة تزويجه إذا اقتضت ذلك ضرورة ملزمة أن يستأذن منهم ومن الحاكم الشرعي.

[ المسألة 108: ] الولاية على العبد المملوك في التزويج وغيره لسيده، سواء كان عبدا أم أمة وكبيرا أم صغيرا، وعاقلا أم مجنونا، وإذا تزوج أو زوجه أحد بغير اذن سيده كان العقد فضوليا، فان أجازه السيد صح وان لم يجزه بطل.

[ المسألة 109: ] يشترط في ولاية الولي أن تتوفر فيه عدة أمور:
الاول: أن يكون بالغا، فلا ولاية للصبي الصغير أو الصبية الصغيرة على أحد، فإذا كان لاحدهما عبد مملوك أو أمة مملوكة فالولاية عليه للولي على السيد الصغير.
الثاني: أن يكون عاقلا، فلا ولاية للمجنون على غيره، وان كان أبا أو جدا أو مالكا. الثالث: أن يكون حرا، فلا ولاية للمملوك على ولده ولا على عبده، بل الولاية لمالك الولد، وإذا كان الولد حرا فالولاية عليه للجد إذا كان حرا ولوصيه القيم من بعده، والا فالولاية للحاكم الشرعي، وتكون الولاية على عبده، لمالك العبد المالك. الرابع: أن يكون مسلما إذا كانت الولاية على مسلم، فلا ولاية للكافر ولا للمرتد على ولده ولا على ولد ولده إذا كان مسلما، وتثبت ولاية الكافر على ولده إذا كان كافرا على الاقوى.

[ المسألة 110: ] لا يصح للولي ان يتولى عقد التزويج للمولى عليه إذا كانا محرمين بحج أو بعمرة، واجبين أو مندوبين، أو مختلفين، أو كان أحدهما محرما كذلك ولا يصح له أن يوكل في تزويجه في هذه الفروض وان كان الوكيل محلا، ويصح له أن يوكل في حال الاحرام من يتولى العقد للمولى عليه بعد أن يحل الولي والمولى عليه من احرامهما.

[ المسألة 111: ] العقد الفضولي هو العقد الذي يصدر من شخص غير مخول شرعا في أن يجري ذلك العقد للشخص المعقود له، سواء كان الشخص الذي أجرى العقد قريبا للشخص المعقود له أم أجنبيا عنه، وقد يطلق الفقهاء كلمة الفضولي ويجعلونها وصفا لنفس العقد الصادر كما ذكرنا، وهذا هو الاكثر، وقد يجعلونها وصفا للشخص الذي أجرى العقد، فيقولون: عقد الفضولي، ويقولون إذا تعدى الوكيل ما حدد له الموكل كان فضوليا. ومن الفضولي عقد الولي والوكيل إذا وقع على غير الوجه الذي يصح لهما ايقاعه عليه، ومثال ذلك أن يعقد الاب أو الجد مع وجود مفسدة للمولى عليه، أو يعقد غيرهما من الاولياء على غير مصلحة له، وأن يتجاوز الوكيل ما عين له موكله في وكالته، فيعقد له على غير الزوجة المعينة أو على غير المهر المحدد، ومن الفضولي أن يعقد العبد لنفسه أو تعقد الامة نفسها بغير اذن سيدهما. والاقوى صحة العقد الفضولي إذا لحقته الاجازة ممن بيده أمر العقد، سواء كان المعقود له كبيرا أم صغيرا وحرا أم مملوكا، ورجلا أم امرأة، وسواء كان العقد فضوليا من جانب الزوج والزوجة كليهما أم من أحد الجانبين، فإذا أجاز الاصيل أو الولي وهما يملكان الامر في العقد صح ونفذ.

[ المسألة 112: ] إذا كان الشخص المعقود له بالعقد الفضولي ممن يصح له أن يتولى العقد لنفسه وهو البالغ الحر العاقل سواء كان رجل أم امرأة، فلا يصح العقد الفضولي له الا باجازته بنفسه، وإذا كان ممن لا يصح له أن يتولى ذلك، وهم الصغير والمجنون والسفيه والمملوك، فيصح العقد الفضولي لاحدهم باجازة ولي أمره مادام قاصرا، فإذا أجازه الولي كذلك نفذ مع اجتماع شروط ذلك، ولم يكن للمولى عليه رده بعد ذلك، وإذا رده الولي كان باطلا ولا تصححه اجازة المولى عليه بعد كماله وارتفاع الولاية عنه، وإذا لم يجز الولي العقد الفضولي ولم يرده حتى كمل المولى عليه وارتفع الحجر عنه، فبلغ الصغير مثلا وأفاق المجنون ورشد السفيه واعتق العبد كان له أن يجيز العقد الفضولي، فإذا أجازه نفذ.

[ المسألة 113: ] ليس للاب ولا للجد أبي الاب أن يجيز العقد الفضولي للطفل أو الطفلة أو غيرهما ممن تثبت ولايتهما عليه، إذا كانت فيه مفسدة للمولى عليه، كما لا يصح لهما تزويجه مع المفسدة، وليس لغيرهما من الاولياء أن يجيز العقد الفضولي للمولى عليه إذا لم تكن فيه مصلحة له، كما لا يصح لهم تزويجه حيث لا مصلحة، فإذا لم يجز الولي العقد في الفرضين الآنف ذكرهما ولم يرده حتى كمل المولى عليه وارتفع عنه الحجر، كان له أن يجيز العقد كما ذكرناه قريبا، فإذا اجازه نفذ.

[ المسألة 114: ] لا يبطل العقد الفضولي بتأخر الاجازة عنه وان تأخرت زمنا طويلا، لبعض الاسباب الطارئة، فإذا لم يجزه الاصيل أو الولي لجهله بحصول العقد، أو لجهله بأن الاجازة توجب صحته ونفوذه، أو للتروي والاستشارة لاحد في الاجازة والرد، أو للنسيان، أو لرغبة الصبي في اخفاء ذلك على الولي خوفا من رده فيبطل العقد، فإذا لم يجز الاصيل أو الولي العقد لبعض هذه الاسباب أو غيرها، ثم أجازه بعد ذلك صح ونفذ.

[ المسألة 115: ] إذا رد الاصيل العقد الفضولي أو رده الولي لغى العقد، فلا تصححه الاجازة إذا لحقته بعد الرد على الاحوط ان لم يكن ذلك هو الاقوى، سواء كانت الاجازه اللاحقة من الولي أم من الاصيل، وإذا أجازه الاصيل أو الولي صح العقد ونفذ كما تقدم ولم يبطله الرد اللاحق بعد ذلك سواء كان الرد من الولي أم من الاصيل.

[ المسألة 116: ] يكفي في اجازة العقد الفضولي أي لفظ يكون دالا على انشاء الرضا بالعقد في متفاهم أهل العرف واللسان وان كان ظهوره في ذلك بمعونة القرائن، ويكفى فيها الفعل الدال على ذلك أيضا.

[ المسألة 117: ] إذا أوقع الفضولي العقد عن الزوج وكان الزوج راضيا في نفسه بالتزويج حين اجراء العقد له ولم يظهر منه قول أو فعل يدل على رضاه بالعقد، فالعقد فضولي لا ينفذ الا بالاجازة وكذلك إذا اوقعه فضولا عن المرأة وهي راضية به في نفسها ولم تدل على رضاها بقول أو بفعل، فالعقد فضولي لا يصح الا بالاجازة.

[ المسألة 118: ] إذا أوقع الفضولي العقد عن الزوج وكان الزوج كارها في نفسه لذلك حين العقد ولم يقع منه فعل أو لفظ يدل على الرد، فالظاهر صحة العقد إذا لحقته الاجازة بعد ذلك، وكذلك إذا استأذنه في العقد له فنهاه ولم يأذن له، فإذا أجرى له العقد مع نهيه فهو من الفضولي فإذا لحقته الاجازة صح ونفذ، ولا يكون نهيه المتقدم بمنزلة الرد، وكذلك الحكم في الزوجة في كلا الفرضين.

[ المسألة 119: ] الفضولي كما ذكرناه سابقا هو العقد الصادر عن شخص غير مخول شرعا في اجراء ذلك العقد للانسان المعقود له سواء كان الشخص العاقد يعلم بذلك حين اجرائه للعقد أم كان يتخيل خلافه، فإذا أجرى العقد بعنوان الفضولية ثم اتضح بعد ذلك انه ولي للشخص المعقود له أو وكيل عنه، صح عقده ونفذ ولم يفتقر إلى اجازة، الا إذا تعدى الوجه المحدد له شرعا وإذا أجرى العقد وهو يعتقد انه ولي للمعقود له أو وكيل عنه، ثم استبان له انه مخطئ في اعتقاده، فهو فضولي لا ينفذ عقده الا بالاجازة.

[ المسألة 120: ] إذا زوج الصبية الصغيرة بالصبي الصغير غير ولييهما فضولا، توقفت صحة العقد على الاجازة من كلا الجانبين، سواء حصلت من وليي الصغيرين قبل أن يدركا ويرشدا أم من الصغيرين بعد البلوغ والرشد، أم من ولي أحدهما قبل بلوغه ومن الآخر بعد كماله، ويكفي في بطلان العقد ان يحصل الرد من أحد الجانبين قبل الاجازة، سواء حصل من ولي أحدهما قبل بلوغه أم من أحدهما بعد كماله، ويبطل العقد كذلك إذا مات الصبيان المعقود لهما قبل ان تحصل الاجازة منهما أو من ولييهما، أو مات أحدهما قبل الاجازة منه.

[ المسألة 121: ] إذا بلغ أحد الصغيرين المعقود لهما بالعقد الفضولي، فأجاز العقد ثم مات قبل أن يجيز الآخر عزل للاخر نصيبه من الميراث لو كان وارثا، فإذا بلغ وأجاز العقد أحلف أنه لم يدعه إلى أخذ الميراث الا الرضا بالزواج، فإذا حلف كذلك دفع إليه نصيبه من الميراث، وإذا كانت هي الزوجة دفع إليها نصف المهر المسمى، وإذا لم يجز العقد، أو لم يحلف اليمين المذكورة لم يدفع إليه شئ ورد المال إلى الورثة، وكذلك الحكم إذا مات قبل ان يجيز، أو مات بعد الاجازة وقبل الحلف، وإذا كان الشخص الباقي منهما غير متهم بالطمع في المال لم يتوجه عليه اليمين وثبت له الميراث بعد اجازته. وإذا أجاز العقد وحلف اليمين المذكورة ترتبت جميع الاحكام الاخرى للزوجية ايضا، فإذا كان هو الزوج حرمت عليه أم المعقودة، وإذا كانت هي الزوجة حرمت على أبي الزوج وابنه، بل الاحوط ترتيب هذه الآثار بمجرد الاجازة منه، وان لم يحلف، وان كان متهما.

[ المسألة 122: ] الظاهر جريان الحكم الآنف ذكره في الكبيرين إذا زوجهما أحد بالعقد الفضولي، فأجاز أحدهما العقد ثم مات بعد اجازته وقبل أن يجيز الآخر، ويجري الحكم ايضا في ما إذا وقع العقد بين أحد الكبيرين والفضولي عن الآخر ثم مات الاصيل قبل أن يجيز صاحبه عقد الفضولي عنه، ويجري كذلك في ما إذا وقع العقد بين ولي أحد الصغيرين والفضولي عن الآخر ومات الصغير الذي عقد له الولي قبل أن يجيز الآخر أو وليه، أو عقد الفضولي للمجنونين أو لاحدهما مع ولي الاخر، وسائر نظام المقام. فإذا لزم العقد في هذه الموارد من أحد الجانبين لانه أصيل، أو لان العقد جرى له من وليه، أو لانه أجاز العقد لنفسه بعد ارتفاع الحجر عنه أو أجازه وليه، ثم مات قبل أن يجيز صاحبه العقد، جرى فيه الحكم المتقدم، فيعزل مقدار نصيب الزوج الاخر الموجود من تركة الزوج الميت لو كان وارثا منه، وينتظر، فإذا رد هذا الزوج المعقود له عقد الفضولي، بطل العقد ورد المال إلى ورثة الزوج الميت، وإذا أجاز العقد ترتبت أحكام الزوجية على نهج ما تقدم بيانه، والاحوط في الجميع مع اتهام الزوج الموجود في اجازته ان لا يدفع له نصيبه من الميراث الا بعد الحلف، وإذا كانت الباقية هي الزوجية فلا تعطى نصف المهر كذلك الا بعد الحلف.

[ المسألة 123: ] لا تثبت في العقد الفضولي أحكام الزوجية ولا أحكام المصاهرة قبل أن تحصل الاجازة، وان كان العقد لازما من أحد الجانبين، لانه أصيل كما قلنا في المسألة السابقة، أو لان العقد قد جرى له من وليه أو لانه أجاز العقد لنفسه بعد أن ارتفع عنه الحجر أو أجازه وليه، فإذا كان هو الزوج فلا يحرم عليه قبل حصول الاجازة نكاح أم المعقودة وبنتها وأختها، ولا يحرم عليه التزويج بالخامسة إذا كانت المعقودة فضولا هي الرابعة، وإذا كانت هي الزوجة فلا يحرم عليها أن تتزوج بغيره حتى مع العلم بأن الاجازة تحصل بعد ذلك، وهذا بناءا على ان الاجازة كاشفة كشفا انقلابيا كما هو المختار في المسألة، ونتيجة لذلك فإذا تزوج الرجل أم المرأة المعقودة عليه فضولا أو تزوج بنتها أو أختها أو الخامسة، ثم حصلت الاجازة من الزوج الآخر بعد ذلك كشفت الاجازة عن بطلان تزويجه بهن. وكذلك إذا تزوجت المرأة بغيره ثم حصلت الاجازه منه كشفت اجازته عن بطلان تزويج المرأة بغيره. وإذا حصل الرد من أحد الجانبين بطل العقد كما تقدم ذكره، ولم تترتب أحكام المصاهرة وان كان الجانب الآخر أصيلا أو مجيزا.

[ المسألة 124: ] إذا عقد الفضولي امرأة على رجل من غير أن تعلم المعقودة بذلك، وزوجت المرأة نفسها من رجل آخر صح عقد الثاني عليها وبطل العقد الفضولي فليس لها أن تجيزه إذا علمت به بعد ذلك، وكذلك إذا كانت تعلم بعقد الفضولي لها فان تزويجها بالثاني يكون ردا له فيبطل، الا إذا اجازته قبل ذلك فيكون هو الصحيح ويبطل عقدها على الثاني. وإذا عقد الفضولي امرأة على رجل من غير أن يعلما بعقده، ثم تزوج الرجل المعقود له بنت المرأة المعقودة أو أمها صح زواجه كذلك وثبت وبطل العقد الفضولي، فلا يجوز للرجل أن يجيزه إذا علم به بعد ذلك.

[ المسألة 125: ] إذا زوج فضولي امرأة معينة برجل، ثم زوجها فضولي آخر برجل آخر، تخيرت المرأة في العقدين فان شاءت ردتهما معا فيبطلان، وان شاءت أجازت أحدهما وردت الآخر، من غير فرق بين ان يسبق أحد العقدين على الآخر أو يقترنا في الوقت.

[ المسألة 126: ] إذا زوج فضولي رجلا بامرأة معينة، ثم زوجه فضولي آخر ببنت تلك المرأة المعقودة له أو بأختها، أمكن للرجل المعقود له أن يختار اي العقدين فيجيزه ويرد الآخر سواء سبق أحد العقدين على الآخر في الوقت أم تقارنا في الحدوث، وأمكن له أن يرد العقدين كليهما.

[ المسألة 127: ] إذا زوج الفضولي امرأة برجل على مهر عينه في العقد، فلا يصح للمرأة أو الرجل في اجازة العقد أن يسقط المهر فيكون التزويج من غير مهر، ولا يصح أن يبدل المهر المعين بمهر آخر أقل منه أو أكثر أو يخالفه في الجنس، أو يذكر في الاجازة شرطا أو شروطا لم يذكرها الفضولي في العقد أو يسقط شرطا ذكره في العقد فإذا اختلفت الاجازة عن العقد ببعض ذلك لم تصح، فإذا أريد ذلك فلابد من رد العقد الفضولي وتجديد عقد آخر بين الرجل والمرأة حسب ما يتفقان عليه من المهر والشروط.

[ المسألة 128: ] إذا عقد الفضولي المرأة للرجل، واعتقدت المرأة المعقودة ان النكاح قد لزمها بعقد الفضولي لها وان لم توكل، فرضيت به لذلك، اشكل الحكم بصحة هذه الاجازة وصحة العقد بها، فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد عليها إذا أريد بقاء الزواج، وباجراء الطلاق إذا أريد الفراق. وكذلك الاشكال إذا فرض مثل ذلك في الزوج، فاعتقد ان النكاح قد تم بعقد الفضولي ولزمه وان لم يوكله في القبول، فرضي به واجازه لذلك، فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق.

[ الفصل الخامس ] [ في أسباب التحريم ]

سبب التحريم هو الامر الذي إذا تحقق وجوده بين الرجل والمرأة حرم عليه الزواج بها ولم يصح له العقد عليها، وأسباب تحريم النكاح عدة أمور:
[السبب الاول من أسباب تحريم النكاح: النسب]

[ المسألة 129: ]  يحرم على الرجل من النسب نكاح سبعة أصناف من النساء:
الصنف الاول: الام، وهي كل امرأة ينتمي إليها الانسان بالولادة، سواء كانت بلا واسطة أم بواسطة واحدة أم بوسائط متعددة، وسواء كانت الوسائط بين الانسان وبينها ذكورا أم اناثا، أم ذكورا واناثا، فالام هي الانثى التي ولدت الانسان، أو ولدت أباه أو ولدت أمه، أو ولدت أحد آبائه من قبل الاب أو من قبل الام، أو ولدت احدى أمهاته من قبل الاب أو من قبل الام وأن تعددت الوسائط ما بينه وبينها.
الصنف الثاني: البنت، وهي كل أنثى تنتمي إلى الانسان بالولادة، سواء كانت بلا واسطة أم بواسطة واحدة، أم بوسائط متعددة، وسواء كانت الوسائط ذكورا أم اناثا، أم ذكورا واناثا. فالبنت هي الانثى التي ولدها الانسان أو ولدها أحد أبنائه، أو احدى بناته، أو أحد أحفاده، أو أحد أسباطه وأن تعددت الوسائط واختلفت في الذكورة والانوثة، ويراد الحفيد: ابن الابن وان نزل، والسبط ابن البنت كذلك.
الصنف الثالث: الاخت وهي كل أنثى ولدها أحد أبوي الانسان بلا واسطة، أو ولدها كلاهما كذلك، فأخت الانسان هي بنت أبيه، أو بنت أمه، أو بنت أبيه وأمه معا.
الصنف الرابع: بنت الاخ، وهي كل أنثى تنتمي إلى أخي الانسان بالولادة، سواء كان أخاه لابيه وأمه معا، أم لاحدهما، وسواء كانت الانثى بنت الاخ بلا واسطة أم بواسطة واحدة، أم بوسائط متعددة، وسواء كانت الوسائط ذكورا أم اناثا، أم ذكورا واناثا. فبنت الاخ هي الانثى التي ولدها أخو الانسان أو ولدها أحد أبنا ء أخيه، أو ولدتها احدى بنات أخيه، أو ولدها أحد أحفاد الاخ أو أحد أسباطه، وان تعددت الوسائط واختلفت كما ذكرنا في البنت.
الصنف الخامس: بنت الاخت، وهي كل أنثى تنتمي بالولادة إلى أخت الانسان لابيه، أو لامه، أو لكليهما، على ما تقدم بيانه في بنت الاخ سواء بسواء.
الصنف السادس: العمة، وهي كل أنثى تكون اختا لرجل ينتمي الانسان إليه بالولادة بلا واسطة أم بواسطة واحدة، أم بوسائط متعددة، وان اختلفت الوسائط في الذكورة والانوثة. فالعمة هي أخت أبي الانسان وأخت جده لابيه، أو جده لامه، وأخت أحد أجداده، من قبل أبيه أو من قبل أمه وان اختلفت الوسائط كما ذكرنا، وعلى ما بيناه في معنى الاخت، وبعبارة ثانية، المحرمة في النكاح هي عمة الرجل وعمة أبيه، وعمة أمه، وعمة أحد من أجداده أو جداته من قبل الاب أو من قبل الام.
الصنف السابع: الخالة، وهي كل انثى تكون اختا لامرأة ينتمي الانسان إليها بالولادة وان كانت بالواسطة كما تقدم في العمة. فالخالة هي أخت أم الانسان وأخت جدته لابيه، وأخت جدته لامه، وأخت احدى جداته من قبل أبيه أو من قبل أمه، وان تعددت الواسطة واختلفت في الذكورة والانوثة، وبتعبير آخر، المحرمة في النكاح هي خالة الانسان وخالة أبيه وخالة أمه وخالة أحد من أجداده أو جداته من قبيل أبيه أو من قبل أمه.
تنبيه : ليست من المحارم أخت أخيك ولا أخت أختك، وهي أن تكون لزوجة أبيك بنت من زوج آخر، أو تكون لزوج أمك بنت من زوجة أخرى غير أمك، فتكون هذه البنت في كلا الفرضين أختا لاخيك أو أختك، وليست من محارمك. وليست من المحارم أخت العمة، وهي أن تكون لزوجة جدك من قبل أبيك بنت من زوج آخر غير جدك فتكون هذه الانثى اختا لعمتك وليست من محارمك وليست من المحارم عمة العمة، وهي أن تكون لزوجة جدك الاعلى من قبل الاب بنت من زوج آخر غير جدك، فتكون هذه الانثى عمة لعمتك وليست من محارمك. وليست من المحارم أخت الخالة، وهي أن تكون لزوجة جدك من قبل امك بنت من زوج آخر، فتكون اختا لخالتك وليست من محارمك، وهكذا في خالة الخالة، ولبعض ما ذكر فروض أخرى لا تخفى على المتفطن.

[ المسألة 130: ] النسب الشرعي هو ما كانت الولادة فيه حاصلة من وطء صحيح، بسبب نكاح دائم أو منقطع، أو ملك يمين أو تحليل أمة، ويلحق به في الحكم وطء الشبهة، وعلى النسب الشرعي وما يلحق به تدور عامة الاحكام الشرعية في المواريث والمصاهرات وغيرها. ولكن الحكم بتحريم النكاح لا يختص بذلك، بل يعم ما حصل بالسفاح أيضا، فتحرم على الرجل أمه التي ولدته من الزنا وتحرم عليه بنته من الزنا، وتحرم عليه أخته وعمته وخالته وابنة أخيه وابنة أخته وان كان النسب بينه وبينهن من السفاح، وتحرم بنته من الزنا على أولاده من النكاح الصحيح أو من وطء الشبهة أو من الزنا بتلك المرأة أو بامرأة أخرى، ويعم الحكم بالتحريم جميع طبقات النسب كما في النسب الشرعي سواء بسواء.

[ المسألة 131: ] وطء المرأة شبهة هو الوطء الذي لا يستحقه الواطئ في حكم الشرع، إذا فعله وهو يعتقد انه يستحق ذلك، لجهله بالحكم أو لجهله بالموضوع، سواء كان معذورا في ذلك أم غير معذور، فإذا وطأ المرأة الاجنبية وهو يعتقد صحة فعله، وعلقت منه لحق به الولد وثبت به نسبه إليه وان كان مأثوما بفعله في صورة عدم العذر. ويلحق بوطء الشبهة وطء النائم والمجنون ونحوهما من فاقد العقل عند العمل، ما عدا السكران إذا شرب الخمر عامدا عاصيا فان الاقوى أن فعله كفعل العامد، فلا تسقط عنه أحكام الزنا ولا يثبت به النسب.

[ السبب الثاني من أسباب تحريم النكاح: الرضاع ]
[ المسألة 132: ] لا يكون الرضاع سبب لتحريم نكاح المرأة الا إذا استجمع شروطا: الشرط الاول: أن يتكون اللبن الذي يرتضعه الرضيع عن وطء صحيح والوطء الصحيح ما كان بعقد نكاح دائم أو بعقد نكاح مؤقت، أو بملك يمين، أو يتحليل الامة من مالكها، أو بشبهة لكل من الرجل والمرأة.

[ المسألة 133: ] لا ينشر الرضاع الحرمة إذا كان اللبن ناشئا عن الوطء بالزنا، ولا ينشر الحرمة رضاع ما يدر من ثدي الرجل إذا اتفق حدوث ذلك، ولا من الخنثى المشكل الذي لا يتضح حاله أذكر هو أم أنثى، ولا ينشر الحرمة رضاع ما يدر من ثدي المرأة إذا تكون اللبن فيه من غير وطء.

[ المسألة 134: ] إذا سبق ماء الزوج إلى المرأة في المداعبة من غير دخول، فحملت منه وولدت وتكون اللبن بسبب ذلك، فالظاهر أن رضاع لبنها ينشر الحرمة إذا اجتمعت فيه بقية الشروط، وكذلك الامة إذا سبق إليها ماء مالكها أو الشخص الذي حللت له، فحملت منه وتكون اللبن فيها، ومثلها المرأة الموطوءة بالشبهة إذا كانت الشبهة من الطرفين.

[ المسألة 135: ] انما ينتسب اللبن إلى الوطء إذا تكون في المرأة بعد علوقها وحملها من وطء الرجل أو بسبب سبق ماء الرجل إليها كما ذكرنا، وقد يلحق بذلك في وجه قوي ما يتكون في ثدي المرأة بعد حملها من التلقيح الصناعي بنطفة زوجها، فما يتكون من اللبن في ثدي المرأة قبل أن تحمل لا يكون رضاعه سببا لتحريم النكاح وان كانت المرأة موطوءة، والمتيقن نشره للحرمة هو الرضاع بعد ولادة المرأة لحملها، واما ما يكون حال الحمل وقبل ولادة الجنين فالحكم فيه مشكل ولا يترك الاحتياط فيه.

[ المسألة 136: ] يشكل الحكم بنشر الحرمة برضاع اللبن المتكون من وطء الشبهة إذا كانت الشبهة من أحد الطرفين، وكان الطرف الاخر عالما بتحريم الوطء، وخصوصا إذا كان العالم بالتحريم هو الرجل، ولا يترك الاحتياط.

[ المسألة 137: ] الشرط الثاني من شرائط نشر الحرمة بالرضاع، أن يكون شرب الطفل للبن بامتصاصه من ثدي المرأة، فان ذلك هو الذي يتحقق به مسمى الرضاع منها، فإذا حلب لبنها ووضع في اناء ثم سقي الطفل لم يكن ذلك رضاعا ولم ينشر حرمة، وان شرب الطفل بالامتصاص منه كما في القوارير التي اعدت لتغدية الرضيع، وكذلك إذا صير اللبن جبنا أو مخيضا ثم أطعم الطفل منه أو سقي، أو دفع في عروق الطفل وأوردته ببعض آلات التعذية الحديثة التي تستعمل للمغذيات الاخرى، فلا يكون اللبن سببا للتحريم.

[ المسألة 138: ] إذا وضعت على رأس ثدي المرأة آلة تجذب ما في باطنه من اللبن أو تنقيه من بعض الرواسب، ثم تدفعه في فم الطفل، فالظاهر صدق الرضاع على الشرب منها ونشر الحرمة به كشرب الطفل من ثدي المرأة مباشرة. وإذا كانت الآلة تجمع اللبن فيها، بحيث يكون شرب الطفل مما يتجمع فيها لم يكن ذلك رضاعا محرما وكان من أفراد المسألة السابقة.

[ المسألة 139: ] الشرط الثالث أن تكون المرأة التي يرتضع الطفل من لبنها حية غير ميتة، فإذا ارتضع الطفل من ثدي امرأة ميتة خمس عشرة رضعة تامة وذلك هو العدد الذي يوجب تحريم النكاح إذا كان الرضاع من امرأة حية لم ينشر هذا الرضاع حرمة، فلا يحرم على هذا الرضيع ان يتزوج من بناتها إذا كان ذكرا، ولا يحرم عليه ان يتزوج من أولادها إذا كان أنثى. وكذلك الحكم إذا ارتضع الطفل من المرأة بعض العدد وهي حية ثم أتمه بعد موتها فلا يكون سببا للتحريم نعم إذا ماتت المرأة وقد بقي من عدد الرضعات المعتبرة في الحكم بالحرمة رضعة واحدة أو بعض رضعة، فأتمها الطفل بعد موت المرضعة ففي ثبوت التحريم اشكال ولا يترك الاحتياط بالاجتناب في هذا الفرض.

[ المسألة 140: ] الشرط الرابع أن يكون الرضاع في أثناء الحولين للطفل المرتضع من حين ولادته، و الحولان هما المدة التي حددت في شريعة الاسلام لرضاع الطفل وبانتهائها يحق فطامه، أو يكون الرضاع في آخر المدة بحيث ينتهي عدد الرضعات المعتبرة بانتهاء الحولين.

[ المسألة 141: ] إذا كان رضاع الطفل من لبن المرأة بعد انتهاء مدة الحولين من حين ولادته لم ينشر رضاعه حرمة بينه وبين المرأة التي أرضعته، ولا بينه وبين زوجها صاحب اللبن، ولا بينه وبين فروعهما وأقاربهما من بنين وبنات، واخوان وأخوات وآباء وأمهات، وكذلك الحكم إذا رضع الطفل بعض العدد الآنف ذكره في أثناء الحولين وأتم العدد بعد انتهاء الحولين، فلا يكون هذا الرضاع موجبا للتحريم.

[ المسألة 142: ] لا أثر للفطام قبل أن يحل وقته المحدد له في الشريعة، وهو أن يتم للطفل حولان منذ ولادته، فإذا فطم الطفل قبل وقت فطامه، ثم عاد فارتضع وهو في اثناء الحولين من لبن امرأة خمس عشرة رضعة كاملة الشروط كان رضاعه موجبا للتحريم.

[ المسألة 143: ] الحولان الكاملان اللذان جعلا في الاسلام مدة للرضاع هما أربعة وعشرون شهرا هلاليا، والشهر الهلالي هو ما بين الهلالين، سواء كان ناقصا أم تاما، وإذا كانت ولادة الطفل في أثناء الشهر، اعتبرت الثلاثة والعشرون شهرا بعد الشهر الاول المنكسر أشهرا هلالية، ثم يتم من الشهر الخامس والعشرين ما نقص من أيام الشهر الاول الذي تولد الطفل فيه فيتم ثلاثين يوما على الاحوط بل على الاقوى.

[ المسألة 144: ] إذا ارتضع الطفل من لبن امرأة العدد الكامل من الرضعات وكان عمر الطفل المرتضع دون الحولين منذ يوم ولادته، وكان لبن المرضعة قد تجاوزت أيامه الحولين منذ ولادتها التي يتبعها ذلك اللبن، فهل يكون رضاع الطفل من ذلك اللبن سببا لتحريم النكاح؟ فيه اشكال، ولا يترك الاحتياط بالاجتناب.

[ المسألة 145: ] الشرط الخامس ان لا يمتزج اللبن الذي يرتضعه الطفل من ثدي المرأة بشئ آخر يخرج به عن اسم اللبن المعروف بين الناس، فإذا وضع في فم الطفل شئ جامد أو مائع يختلط باللبن حال امتصاصه بحيث لا يسمى اللبن بعد امتزاجه بذلك الخليط لبنا في متفاهم أهل العرف، أو يكون اختلاطه به موجبا للشك في تسميته عندهم لبنا، لم يسبب ذلك الرضاع حرمة، وإذا كان الخليط لا يوجب تغيرا في مسمى اللبن كقليل من السكر، كان رضاعه موجبا للتحريم.

[ المسألة 146: ] الشرط السادس والسابع ان يكون جميع عدد الرضعات المعتبرة من امرأة واحدة ومن لبن فحل واحد، فإذا رضع الطفل بعض الرضعات من امرأة، ثم أتم العدد من امرأة أخرى لم يوجب ذلك تحريما وان كان لبن المرأتين لرجل واحد. وكذلك إذا رضع من امرأة واحدة وكان بعض الرضعات من لبن فحل وبقية العدد من لبن فحل آخر كما قد يتفق ذلك وسنذكره في المسألة اللاحقة ان شاء الله تعالى، فلا يكون هذا الرضاع موجبا للتحريم حتى للمرضعة نفسها.

[ المسألة 147: ] إذا طلق الرجل زوجته وهي حامل منه ثم وضعت حملها كان اللبن لذلك الزوج وان بانت المرأة منه بالطلاق وانتهت عدتها منه بالوضع، فإذا تزوجت بعد ذلك وحملت من زوجها الثاني فاللبن لا يزال للزوج الاول حتى تضع، فإذا وضعت حملها من زوجها الثاني واللبن لا يزال مستمرا، فالمعروف بين الفقهاء ان اللبن بعد الولادة يكون للزوج الثاني. وعلى هذا القول، فإذا أرضعت هذه المرأة طفلا أجنبيا بعض الرضعات قبل أن تلد، وأتمت عدد رضعاته بعد الولادة كانت رضاعتها لذلك الطفل من لبن فحلين، فلا تكون موجبة للتحريم بين الطفل والمرضعة ولا بين الطفل والفحلين كما ذكرناه في المسألة المتقدمة. ولكن المسألة موضع تأمل مادام اللبن مستمرا منذ ولادتها الاولى، وخصوصا إذا كانت مدة رضاع طفلها من زوجها الاول لم تنته بعد، لاحتمال أن يكون اللبن للفحلين معا، ولا مانع من ذلك، وعلى هذا فيكون رضاعها للطفل الاجنبي محرما بالاضافة إلى المرأة المرضعة وبالاضافة إلى زوجها الاول ولا يكون محرما بالاضافة إلى الزوج الثاني، والحكم في المسألة مشكل فلابد من الاحتياط. وقد يتحقق نظير الفرض الآنف ذكره في المرأة إذا توفي عنها زوجها وهي حامل منه، وإذا حملت من وطء الشبهة، فإذا وضعت حملها من الزوج المتوفى أو من واطى ء الشبهة كان لبنها يتبع ذلك النكاح فإذا استمر لبنها حتى تزوجت بعد العدة وحملت من الزوج الثاني ثم وضعت جرى فيها الكلام المتقدم، والحكم في الجميع سواء والاحتياط لازم في الجميع.

[ المسألة 148: ] الشرط الثامن أن يرتضع الطفل من اللبن الذي توفرت فيه الشروط المتقدمة مقدارا ينبت به لحم الرضيع ويشد عظمه، أو يستمر رضاعه بحسب الزمان يوما وليلة، أو يبلغ بحسب العدد خمس عشرة رضعة كاملة فلا ينشر الحرمة رضاع لا يبلغ أحد هذه التقديرات الثلاثة، وسنتعرض لتفصيلها في ما يأتي ان شاء الله تعالى.

[ المسألة 149: ] التقدير الاول هو تقدير الرضاع بحسب ما يؤثره في نمو الطفل، والميزان فيه أن يحصل العلم بأن الرضاع قد أنبت اللحم في الطفل وشد عظمه أو يثبت ذلك بقول أهل الخبرة الموثوقين بأنه قد أوجب حصول الاثر المذكور، ولا يشترط في هذا التقدير أن تكون كل واحدة من الرضعات كاملة يرتوي الطفل منها حتى يصدر بنفسه أو ينام، ولا يشترط فيه ان تكون الرضعات متوالية بأن لا يفصل ما بينها رضاع من امرأة أخرى.

[ المسألة 150: ] إذا رضع الطفل من لبن المرأة حتى علم بأن رضاعه منها قد أنبت له اللحم في بدنه وشد العظم، أو شهد الثقاة من أهل الخبرة بذلك، أوجب الرضاع التحريم وترتبت عليه الآثار، وان كان بعض رضعاته من المرأة أو جميعها ناقصا لم يرتو فيه الطفل، الا أن مجموع الرضاع كان كاملا ومؤثرا في نموه، ولا يضر كذلك بثبوت أحكام الرضاع له أن تكون الرضعات غير متوالية بل كانت مفصولة برضاع الطفل من امرأة أخرى أو بتناول بعض المأكول والمشروب، إذا حصل العلم أو أهل الخبرة بأن الرضاع قد أوجب الاثر المذكور. وإذا كان لهذا الخليط الذي يفصل بين الرضعات دخل في حصول الاثر والنمو في نظر أهل الخبرة، بحيث كان نبات اللحم واشتداد العظم في الطفل أثرا للجميع، لم ينشر الرضاع الحرمة، فان معنى ذلك ان الرضاع بمفرده لم يكن هو الموجب لحصول الاثر في رأي أهل الخبرة، وكذلك إذا كان وجود الخليط موجبا للشك في ذلك عندهم.

[ المسألة 151: ] الظاهر الاكتفاء بحصول أحد الاثرين المذكورين من النمو بسبب الرضاع، فإذا رضع الطفل من المرأة حتى نبت لحمه بالرضاع حكم بالتحريم وان لم يعلم بأنه قد شد العظم أيضا، أو علم بأنه لم يشد العظم، كما إذا كان الطفل مبتلى ببعض العوارض التي تمنع من ذلك، وكذا إذا رضع حتى اشتد عظمه ولم يعلم أن الرضاع أنبت لحمه أم لا وان كان هذا الفرض نادرا.

[ المسألة 152: ] التقدير الثاني للرضاع الموجب لتحريم النكاح هو تقديره بحسب الزمان، بأن يبلغ الوقت الذي يرتضع الطفل فيه من لبن المرأة مدة يوم وليلة، والمراد أن يرتضع الطفل من هذه المرأة كل ما احتاج إلى الرضاع في الفترة المذكورة فلا يعتبر استيعاب جميع الوقت بالرضاع. ويشترط في هذا التقدير ان تتوالى رضعات الطفل من المرأة المعينة في المدة المذكورة، فلا يفصل ما بينها رضاع من امرأة أخرى وان كان قليلا، ولا يضر بتوالي الرضعات أن يفصل ما بينها بتناول بعض المأكول والمشروب غير الرضاع. ولا يشترط في هذا التقدير أن تكون كل واحدة من الرضعات في هذه المدة كاملة يرتوي فيها الطفل من الرضاع حتى يصدر بنفسه، بل يكفي أن يكون مجموع ما يرضعه من المرأة في المدة المذكورة كافيا له ووافيا بحاجته إلى الغذاء في جميع الوقت بحيث لا يكون محتاجا إليه في أثناء المدة.

[ المسألة 153: ] إذا اكمل الطفل رضاع يوم وليلة من لبن امرأة على الوجه الآنف ذكره كان رضاعه سببا للتحريم وان كان بعض رضعاته غير كاملة كما بيناه.

[ المسألة 154: ] يكفي التلفيق في اليوم أو الليلة، فإذا بدأت المرأة في ارضاع الطفل أثناء النهار أتمت من اليوم الثاني ما نقص من ساعات اليوم الاول، وإذا ابتدأت في ارضاعه في اثناء الليل أتمت من الليلة الثانية ما نقص من ساعات الليلة الاولى، وصدق بذلك انها أرضعت الطفل يوما وليلة.

[ المسألة 155: ] التقدير الثالث للرضاع الموجب للتحريم هو تقديره بحسب العدد: بأن يبلغ عدد رضعات الطفل من لبن المرأة خمس عشرة رضعة، ويشترط في هذا التقدير: أولا: أن تكون كل واحدة من رضعات الطفل كاملة، والمراد بكمال الرضعة أن يرتوي الطفل فيها ارتواءا تاما من اللبن، وعلامة ارتوائه أن يكف بنفسه عن الرضاع، أو ينام بعد الرضعة اكتفاءا، وهذا هو كمال الرضعة في نظر أهل العرف. وثانيا: أن تكون الرضعات التي يتناولها من ثدي المرأة متوالية، لا يفصل ما بينها رضاع من امرأة أخرى.

[ المسألة 156: ] إذا ارتضع الطفل من لبن المرأة خمس عشرة رضعة كاملة متوالية وكان الرضاع جامعا للشروط المتقدم ذكرها كان سببا لتحريم النكاح.

[ المسألة 157: ] إذا كان بعض الرضعات الخمس عشرة ناقصا لا يكتفى به الطفل، كما إذا منع عن استكمال الرضعة، أو نام مقسورا قبل أن يرتوي لم يوجب ذلك الرضاع حرمة.

[ المسألة 158: ] لا تدخل الرضعة الناقصة في العدد كما ذكرنا في ما تقدم، ولا تكون مخلة بالتوالي بين الرضعات، فإذا أتم الطفل خمس عشرة رضعة كاملة كان رضاعه موجبا للحرمة وان تخلل في اثنائه بعض الرضعات الناقصة من تلك المرأة نفسها.

[ المسألة 159: ] لا يخل بوحدة الرضعة وبكمالها أن يعرض الطفل في أثنائها عن الثدي قليلا لسبب من الاسباب، أو لينتقل من ثدي إلى آخر، فإذا عاد إلى رضاعه حتى اكتفى كانت الرضعة واحدة وكاملة، ونتيجة لهذا، فإذا ارتضع الطفل رضعة ناقصة أمكن اعادته إلى الرضاع قبل أن يتحقق الفاصل العرفي من الزمان ما بين الرضعات، فإذا عاد وأكمل رضاعه حتى ارتوى عدت رضعة كاملة، ودخلت في العدد.

[ المسألة 160: ] إذا كانت الرضعات الخمس عشرة غير متوالية وهي أن يفصل ما بينها رضاع من امرأة ثانية لم تنشر حرمة، وان كان الفصل برضعة غير كاملة على الاحوط، أو كان الرضاع الفاصل بلبن ذلك الفحل من زوجة أخرى أو مملوكة مثلا.

[ المسألة 161: ] لا يضر بالتوالي الذي اشترطناه في الرضعات أن يتناول الطفل ما بينها بعض المأكولات أو بعض المغذيات فإذا أكمل العدد من الرضعات نشر الحرمة.

[ المسألة 162: ] يشترط في ثبوت الاخوة الرضاعية بين الطفلين إذا لم يكن احدهما ولدا نسبيا للمرأة المرضعة أن يكون اللبن الذي يرتضعان منه لفحل واحد، فإذا ارتضع طفلان أحدهما أجنبي عن الآخر من ثدي امرأة واحدة وكان رضاع أحدهما بلبن فحل ورضاع الثاني بلبن فحل آخر لم تتحقق بين الطفلين أخوة بسبب الرضاع وان كانت الام المرضعة لهما واحدة، ولا يكون أحدهما عما لولد الآخر ولا عمة ولا خالا ولا خالة، فيجوز للذكر من أحد الجانبين أن يتزوج الانثى من الجانب الآخر. وإذا كان أحد الطفلين ولدا نسبيا للمرضعة تحققت الاخوة بين الطفلين وتحققت توابعها وثبتت أحكامها وان كان صاحب اللبن الذي استقى منه الرضيع ليس أبا للطفل الآخر.

[ المسألة 163: ] المدار في ثبوت الاخوة من الرضاع بين الطفلين أن يكون اللبن الذي ارتضعا منه لفحل واحد كما ذكرنا، سواء كانت المرأة التي أرضعتهما واحدة ايضا أم متعددة، فإذا كانت للرجل زوجتان، فارضعت احداهما بلبن ذلك الرجل طفلا رضاعا تاما، وأرضعت الثانية بلبن الرجل أيضا طفلا آخر رضاعا تاما، ثبتت الاخوة بين الرضيعين، فإذا كانت أحداهما أنثى حرم نكاحها على الطفل الآخر لانها أخته، وحرم نكاحها على أولاده لانها عمتهم، وحرم على بناتها أن يتزوجن به، لانه خالهن، وهكذا إذا كانت للرجل عدة زوجات أو عدة اماء ذوات لبن منه وأرضعت كل واحدة منهن بلبنه طفلا أو طفلة أو أكثر نشأت الاخوة بين المرتضعين كلهم لوحدة صاحب اللبن.

[ المسألة 164: ] إذا كمل رضاع الرضيع من المرأة على الوجه الذي ذكرناه، وتوفرت فيه جميع الشروط التي فصلناها كانت المرأة المرضعة أما للرضيع، وكان الرجل صاحب اللبن أبا رضاعيا له، وكان الطفل الرضيع ابنا لهما، فيحرم عليه أن يتزوج المرضعة إذا كان ذكرا، ويحرم على صاحب اللبن أن يتزوجها إذا كانت أنثى. وكان آباء المرضعة وصاحب اللبن للرضيع اجدادا وجدات، وكان أبناؤهما له اخوانا وأخوات، سواء كان ابناء المرضعة من الرجل صاحب اللبن أم من غيره، وسواء كان أبناء صاحب اللبن من المرضعة أم من غيرها، ومن غير فرق في أبنائهما بين من قارنت ولادته رضاع الرضيع في الوقت ومن تقدمت ولادته عليه أو تأخرت عنه. وكان أحفاد المرضعة وأحفاد صاحب اللبن ابناء أخ للرضيع وأبناء أخت. وكان أخوة صاحب اللبن له أعماما وعمات، وكان اخوة المرضعة أخوالا له وخالات، وكان أخوة أجداده أعماما وعمات كذلك في الدرجة الثانية سواء كان الاجداد من قبل صاحب اللبن أم من قبل المرضعة، وكان أخوة الجدات أخوالا له وخالات كذلك في الدرجة الثانية، سواء كانت الجدات من قبل أبيه الرضاعي أم من قبل أمه الرضاعية كما هو الحال في النسب على السواء.

وكان أبناء الرضيع أحفادا للمرضعة ولصاحب اللبن ولآبائهما الرجال والنساء، وسواء كان الاجداد من قبل الاب أم من قبل الام. وكان أبناء الرضيع أبناء أخ أو أبناء أخت لاولاد المرضعة ولاولاد صاحب اللبن ولاخوانهما وأعمامهما وأخوالهما في الدرجة الاولى أو الثانية، فيجوز في الجميع أن ينظر بعضهم إلى بعض مع اختلاف الجنس ويحرم النكاح كما هو الحكم في محارم النسب على السواء.

[ المسألة 165: ] يحرم على الرضيع إذا تم رضاعه على الوجه الآنف ذكره نكاح جميع أولاد صاحب اللبن من الرضاع وان اختلفت المرضعات بينه وبينهم، ويحرم عليه من أولاد صاحبة اللبن الرضاعيين من يتحد معه في الفحل ولا يحرم عليه أولادها الاخرون من الرضاعة الذين يختلفون معه في الفحل كما ذكرناه في المسألة المائة والثانية والستين وما بعدها. ويحرم على الرضيع آباء الفحل من الرضاعة وان علوا سواء كانوا رجالا أم نساءا، ويحرم عليه آباء المرضعة من الرضاعة كذلك، ويحرم عليه اخوانهما وأخواتهما من الرضاعة، وأعمامهما وعماتهما، وأخوالهما وخالاتهما من الرضاعة كذلك. وإذا كانت الاخوة الرضاعية في الاخوة وفي الاعمام والاخوال ناشئة من قبل الام المرضعة فلا تنشر الحرمة الا مع اتحاد الفحل بين الرضيعين على ما ذكرناه في المسألة التي أشرنا إليها فلا يكون أخو الاب الرضاعي ولا أخو الجد عما، ولا يكون أخو المرأة المرضعة ولا أخو الجدة خالا إذا اختلف الفحل بينهما وهما أجنبيان عن مرضعتهما.

[ المسألة 166: ] يحرم على الرجل أن ينكح حليلة ابنه من الرضاع كما يحرم عليه أن ينكح حليلة ابنه في النسب، ويحرم عليه أن يطأ المملوكة التي وطأها ولده الرضاعي بالملك أو بالتحليل كما هو الحكم في النسب أيضا. ويحرم على الولد أن ينكح زوجة أبيه من الرضاع والامة التي وطأها أبوه الرضاعي بالملك أو بالتحليل، كما يحرم عليه أن ينكح ما نكح أبوه في النسب من النساء. ويحرم على الرجل أن ينكح أم زوجته من الرضاع كما يحرم عليه أن ينكح أم زوجته في النسب، ويحرم عليه أن يتزوج مرضعة الامة التي وطأها بالملك أو بالتحليل. ويحرم على الرجل أن يتزوج ربيبته من الرضاع، وهي البنت التي أرضعتها زوجته بلبن غيره رضاعا محرما إذا كان قد دخل بالزوجة كما يحرم عليه أن يتزوج بنت زوجته في النسب مع الدخول بالزوجة، وكذلك البنت الرضاعية للامة التي وطأها بالملك أو بالتحليل ويحرم على الرجل أن يجمع بين الاختين من الرضاعة في التزويج أو في الوطء بالملك أو بالتحليل، كما يحرم عليه أن يجمع بين الاختين في النسب. ولا يجوز أن يدخل المرأة على عمتها أو خالتها الرضاعيتين في التزويج الا باذن العمة والخالة كما هو الحكم في العمة والخالة النسبيتين.
وإذا لاط أحد غلاما فأوقبه، حرم على الواطئ أن يتزوج أم الموطوء من الرضاع وكذلك أخته وبنته من الرضاع كما يحرم عليه أن يتزوج أم الموطوء وأخته وبنته في النسب.

[ المسألة 167: ] لا يحل لابي المرتضع أن يتزوج من أولاد صاحب اللبن الذي ارتضع منه ولده أو بنته، من غير فرق بين أولاد صاحب اللبن في النسب وأولاده من الرضاع، وسواء كن من أولاد المرضعة التي أرضعت ولده أم من أولاد امرأة أخرى دائمة أو متمتع بها أو مملوكة، وسواء أراد التزويج بهن دواما أم متعة فلا يحل له جميع ذلك، وإذا كانت بنات صاحب اللبن اماءا فلا يحل له وطؤهن بملك ولا بتحليل، ويحرم عليه نكاح أحفاد صاحب اللبن من بناته وبنات ابنائه، ويشمل التحريم من كانت زوجته أو أمته قبل الرضاع، فإذا تم رضاع الولد، حرمت زوجة أبيه وأمته عليه إذا كانت من ذرية صاحب اللبن من غير فرق بين أم المرتضع وغيرها. وبحكم أبي المرتضع في جميع ما فصلناه أجداد المرتضع لابيه أو لامه، وأبوه وجده من الرضاعة، فلا يحل لاحد منهم أن ينكح في أولاد صاحب اللبن ولا في أحفاده على المنهج المتقدم بيانه.

ولا يحل لابي المرتضع ولا لجده كذلك من النسب أو من الرضاعة أن ينكح في أولاد مرضعة الطفل إذا كانوا من النسب واما أولادها من الرضاعة، فتحرم عليهم منهن من أرضعتها بلبن الفحل الذي شرب منه ولدهم المرتضع، ولا تحرم عليهم الاخريات اللاتي يختلفن معه في الفحل. ونتيجة لما تقدم فإذا ارتضع الطفل من لبن جده لامه رضاعا كملت فيه شروط التحريم حرمت أم الطفل المرتضع على أبيه، سواء كانت المرضعة له جدته أم زوجة أخرى لجده أم مملوكة موطوءة لجده بالملك أو بالتحليل، أو موطوءة له بالشبهة. وتحرم أم الطفل المرتضع على أبيه كذلك إذا ارضعت الطفل جدته لامه بلبن فحل آخر غير جده، كما إذا تزوجت بعده رجلا غيره أو وطئت بالملك أو بالتحليل أو بالشبهة.

[ المسألة 168: ] الاحوط لزوما الحاق أم المرتضع بأبي المرتضع في الا حاكم المذكورة، فلا تتزوج أم المرتضع ولا جدته في النسب ولا في الرضاع من أولاد صاحب اللبن ولا من أحفاده نسبا ولا رضاعا، ولا من أولاد المرضعة أو أحفادها نسبا لا رضاعا، على نهج ما تقدم بيانه في أبي المرتضع على الاحوط في جميع ذلك.

[ المسألة 169: ] لا يحرم على اخوة المرتضع ان يتزوجوا من أولاد صاحب اللبن الذي ارتضع منه أخوهم سواء كانوا أخوته لابيه وأمه أم لاحدهما، الذكور منهم والاناث، ولا يحرم عليهم كذلك أن يتزوجوا من أولاد المرضعة التي ارضعت أخاهم، بل يجوز لبعض أخوته الذكور أن يتزوج مرضعة أخيه إذا فارقها زوجها، ويجوز لصاحب اللبن أن يتزوج بعض أخوات المرتضع.

[ المسألة 170: ] إذا تم الرضاع على الوجه تقدم بيانه وتوفرت فيه الشروط المعتبرة في تحريم النكاح منع من وقوع النكاح بعده إذا كان الرضاع

سابقا عليه، وأبطل النكاح إذا كان لاحقا له من غير فرق بين أن يكون سبب النكاح عقدا أو ملكا أو تحليلا، فإذا كانت للرجل زوجة في الحولين من عمرها، فأرضعتها أمه أو جدته أو أخته أو بنته، أو أرضعت بلبن أخيه أو أبيه مثلا حرمت تلك المرتضعة عليه وبطل عقدها السابق ولم يفتقر في فراقها إلى طلاق أو فسخ.

[ المسألة 171: ] إذا أرضعت زوجة الرجل الكبيرة زوجة له صغيرة في الحولين من عمرها رضاعا تام انفسخ نكاح الزوجتين معا، وحرم عليه نكاح الكبيرة منهما، وإذا كان رضاع الزوجة الصغيرة بلبنه حرم عليه نكاحها لانها بنته وإذا كان رضاعها بلبن غيره وكانت الزوجة الكبيرة مدخولا بها حرمت عليه الصغيرة أيضا لانها ربيبته من زوجته المدخول بها، وإذا كان رضاع الصغيرة بلبن غيره وكانت زوجته الكبيرة غير مدخول بها لم يحرم عليه نكاح الصغيرة، فيجوز له أن يجدد العقد عليها إذا شاء. وكذلك الحكم إذا أرضعت أمته الكبيرة زوجته الصغيرة، فيحرم عليه نكاح الامة لانها أم زوجته، وتحرم عليه زوجته الصغيرة إذا كان الرضاع بلبنه، وتحرم عليه أيضا إذا كان الرضاع بلبن غيره وكانت الامة المرضعة مدخولا بها، وإذا كان رضاع الصغيرة بلبن غيره وكانت الامة الرضعة غير مدخول بها لم يحرم عليه نكاح الصغيرة

[ المسألة 172: ] إذا أرضعت زوجة الرجل الكبيرة أمة له صغيرة في الحولين من عمرها، لم تحرم الزوجة المرضعة على الرجل، وحرم عليه نكاح الامة الصغيرة إذا كان رضاعها بلبنه أو كان رضاعها بلبن غيره وكانت الزوجة المرضعة لها مدخولا بها، ولا تحرم الامة المرتضعة عليه إذا كان الرضاع بلبن غيره وكانت الزوجة المرضعة غير مدخول بها، فإذا هو استمر على نكاح المرضعة ودخل بها حرمت المرتضعة الصغيرة عليه.

[ المسألة 173: ] إذا أرضعت أمة الرجل الكبيرة الموطوءة له بالملك أمته الصغيرة، حرم عليه نكاح الامة الصغيرة ولم يحرم عليه نكاح الكبيرة، وإذا كانت الامة الكبيرة غير موطوءة له في حال الرضاع لم تحرم عليه كلتاهما، فإذا دخل باحداهما حرمت عليه الثانية منهما.

[ المسألة 174: ] إذا كانت للرجل زوجتان كبيرتان وزوجة صغيرة في الحولين من عمرها فأرضعتها احدى زوجتيه الكبيرتين رضاعا تام الشرائط انفسخ نكاح كل من الزوجة المرضعة والزوجة الصغيرة، وحرم عليه نكاح الزوجة الكبيرة المرضعة لانها أصبحت أم زوجته، فإذا أرضعتها الزوجة الكبيرة الثانية بعد ذلك لم تحرم عليه الكبيرة الثانية ولم ينفسخ نكاحها. وإذا كان رضاع الزوجة الصغيرة بلبن الزوج نفسه، ولو من احدى المرضعتين حرم عليه نكاحها لانها تكون بنته، وكذلك إذا كان رضاعها من كلتا الزوجتين بلبن غير الزوج، وكان قد دخل بالزوجتين أو باحداهما فيحرم عليه نكاحها فانها ربيبته من زوجة مدخول بها. ولا تحرم عليه الصغيرة إذا كان رضاعها من الزوجتين بلبن غير الزوج مع عدم الدخول بهما معا، فيجوز له أن يجدد العقد على الصغيرة إذا شاء، ومتى جدد العقد عليها حرمت عليه المرضعة الثانية بعد العقد فانها تصبح أم زوجته، وكذلك إذا كانت له أمتان كبيرتان وزوجة صغيرة فأرضعت الامتان زوجته فتجري الفروض المتقدمه وتترتب أحكامها.

[ المسألة 175: ] إذا كانت للرجل زوجتان كبيرتان وأمة صغيرة، فأرضعت الزوجتان الامة، لم تحرم على الرجل زوجتاه، وحرم عليه نكاح الامة إذا كان رضاعها بلبنه، أو كان الرضاع بلبن غيره مع الدخول باحدى الزوجتين المرضعتين، ولا تحرم عليه الامة إذا كان الرضاع بلبن غيره ولم يدخل بكلتا الزوجتين. وإذا هو استبقى نكاح الزوجتين حتى وطأهما أو وطأ احداهما حرمت عليه الامة وكذلك إذا أبقى نكاح واحدة منهما حتى وطأها فتحرم عليه الامة، وإذا هو لم يدخل بالزوجتين واستبقى ملك الامة حتى كبرت فوطأها بالملك حرمت عليه الزوجتان معا.
[ ايضاح ] المدار في التحريم بسبب الرضاع أن يتحقق به أحد العناوين الخاصة التي حكم الشارع فيها بالتحريم إذا كانت من النسب، كعنوان الام والبنت والاخت وسائر محرمات النسب، وكعنوان أم الزوجة وحليلة الابن ومنكوحة الاب وباقي محرمات المصاهرة، فتحرم الام والبنت والاخت كذلك إذا كانت من الرضاع، وتحرم الام الرضاعية للزوجة، وحليلة الابن الرضاعي ومنكوحة الاب الرضاعي، كما حرم ذلك في النسب. وإذا لم يتحقق أحد هذه العناوين الخاصة المحكومة بالتحريم في النسب لم تثبت الحرمة بالرضاع وان استلزم ذلك اسلتزاما، وسنذكر له بعض الامثلة في ما يأتي، فالقول بعموم المنزلة ضعيف.

[ المسألة 176: ] يجوز للمرأة أن ترضع أخاها، ولا تحرم برضاعه على زوجها، وان أصبحت أختا لولده من الرضاعة، فان أخت الولد لا تحرم في الشريعة على الرجل الا إذا كان بنتا، أو ربيبة قد دخل بأمها. ويجوز للمرأة أن ترضع ابن أخيها، ولا تحرم بذلك على زوجها، وان أصبحت بعد الرضاع عمة ولده من الرضاعة فان عمة الولد انما تكون محرمة على الرجل إذا كانت أختا له من النسب أو الرضاع. ويجوز للمرأة أن ترضع ابن أختها، ولا تحرم بالرضاع على زوجها وان كانت خالة ولده فان خالة الولد لا تكون محرمة الا إذا جمع بينها وبين أختها وهي زوجته. ويجوز للمرأة أن ترضع ابن ابنها، ولا يضر بزوجيتها لصاحب اللبن انها تكون جدة لولده من الرضاعة، فان جدة الولد انما تحرم على الرجل لانها أم للاب أو أم للزوجة. ويجوز للمرأة أن ترضع أخا زوجها أو أخته، ولا يحرمها على الزوج أنها اصبحت بالرضاع أما لاخيه أو أخته فان أم الاخ والاخت المحرمة في الاسلام، انما هي الام أو زوجة الاب ويجوز للمرأة أن ترضع ابن ابن زوجها ولا يحرمها على الزوج انها أصبحت أما لولد ولده فان أم الحفيد المحرمة في الاسلام انما هي البنت أو حليلة الابن. ويجوز لها أن ترضع عم زوجها وخاله ولا يضر بالنكاح انها تكون بعد الرضاع أما لعم زوجها أو خاله، فان أم العم وأم الخال المحرمتين في الاسلام انما هما الجدة من قبل الاب أو من قبل الام أو زوجة أحد الجدين. الى كثير من هذه النظائر والفروض التي قال فيها بعضهم بالتحريم لعموم المنزلة، والاصح ان الرضاع لا يكون سببا لتحريم النكاح في جميع ذلك.

[ المسألة 177: ] إذا علم بتحقق الرضاع، وعلم بتوفر جميع الشروط المعتبرة فيه ثبت التحريم المؤبد في النكاح بين الرجل والمرأة وأصبحت المرأة من محارم الرجل وترتبت جميع أحكام ذلك وآثاره، وتترتب جميع أحكامه وآثاره كذلك إذا شهد بثبوته وتحقق شروطه شاهدان عادلان من الرجال أو أربع شاهدات عادلات من النساء، ولا تكفي شهادة الاربع إذا كانت المرضعة احداهن.

[ السبب الثالث من أسباب التحريم المؤبد في النكاح: المصاهرة وتوابعها ]
[ المسألة 178: ] المصاهرة علاقة تحدث بسبب الزوجية بين أحد الزوجين وأقرباء الزوج الاخر، وهي قد توجب التحريم عينا، وقد توجب التحريم جمعا، وقد لا توجب شيئا، لعدم قابلية المورد للتحريم كما في العلاقة بين الزوج وأبي الزوجة وأخيها. واما العلاقة التي تحدث بسبب وطء بالملك أو بالتحليل، وبسبب الوطء للشبهة، والزنا واللواط بين الواطئ وأقرباء الموطوء وبالعكس، فهي ليست من المصاهرة، وان شاركتها في بعض الاحكام كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى.

[ المسألة 179: ] إذا عقد للرجل عقد النكاح على امرأة حرمت المعقودة على ولده تحريما مؤبدا سواء دخل بها الاب أم لم يدخل، وسواء كان عقد النكاح عليها دائما أم مؤقتا، وسواء كان الولد للنسب أم للرضاع، وسواء كان ولده بلا واسطة أم بواسطة واحدة أم أكثر، وسواء كانت الوسائط ذكورا أم اناثا، وتحرم كذلك معقودة الابن على أبيه تحريما مؤبدا في جميع ما ذكرناه من الفروض.

[ المسألة 180: ] إذا ملك الرجل أمة ووطأهها بالملك أو لمسها بشهوة أو نظر إليها كذلك حرمت على ولده تحريما مؤبدا فلا يحل له وطؤها بالملك ولا بالتحليل ولا بالتزويج ولا يحل له غير ذلك من التقبيل واللمس والنظر بشهوة، وكذلك الحكم في الامة التي حللها مالكها للرجل فوطأها أو لمسها بشهوة أو نظر إليها كذلك فانها تحرم على ولده تحريما مؤبدا في كل ما تقدم. ولا تحرم على الولد مملوكة أبيه ولا الامة المحللة له إذا لم يدخل بهما الاب ولم يلمسهما أو ينظر اليهما بشهوة. وتحرم على الاب مملوكة ابنه والامة المحللة له إذا دخل بهما الولد أو نظر اليهما أو لمسهما بشهوة كما تقدم، ولا تحرمان على الاب إذا لم يوجد الشرط المذكور. وتجري الاحكام المذكورة في كل من الابن والاب النسبيين والرضاعيين، وسواء كانا بلا واسطة أم مع الواسطة ذكورا واناثا.

[ المسألة 181: ] إذا عقد للرجل على امرأة صغيرة أو كبيرة حرم عليه الزواج بأم زوجته سواء كانت أمها بلا واسطة أم بواسطة واحدة أم أكثر وسواء كانت الوسائط متفقة في الذكورة والانوثة أم مختلفة وسواء كانت أمها نسبا أم رضاعا، وسواء كان زواجه بالمرأة دائما أم موقتا، وسواء دخل بالزوجة ام لم يدخل بها.

وتحرم على الزوج بنت زوجته في جميع الفروض التي ذكرناها، إذا كان الرجل قد دخل بالزوجة، ولم دبرا، ولا تحرم عليه بنت زوجته إذا لم يدخل بأمها، فإذا فارق الزوجة بموت أو بطلاق أو بفسخ ولم يكن دخل بها جاز له أن يتزوج بنتها. ولا فرق في بنت الزوجة في أحكامها المذكورة بين البنت الموجودة في حال الزواج بأمها والمولودة بعد ذلك، فإذا طلق المرأة أو فسخها وتزوجت بغيره وولدت منه جرت في بنتها الاحكام المتقدمة. وإذا وطأ الرجل أمة بالملك أو بالتحليل حرمت عليه أمها وبنتها كذلك نسبا ورضاعا مع الواسطة وبدونها.

[ المسألة 182: ] يكفي في تحريم بنت الزوجة على الرجل أن يدخل بأمها قبلا أو دبرا، ولو بالحشفة، وان كان مكرها على ذلك منها أو من غيرها، ولا يكفي في تحريم البنت عليه أن يداعب الزوجة الام أو يتفخذها أو ينزل على فرجها من غير دخول، وان حملت منه بسبب ذلك.

[ المسألة 183: ] إذا وطأ الرجل امرأة بالشبهة، فالاحوط لزوما ان لا يتزوج الواطئ بعد الوطء أم المرأة الموطوءة ولا احدى جداتها وان علت، وان لا يتزوج بنتها ولا بنت ولدها أو بنت بنتها وان تعددت الواسطة بينهما، والاحوط لزوما كذلك حرمة نكاح المرأة الموطوءة بالشبهة على ابي الواطئ وجده وان علا، وعلى ولده وان نزل، وهذا كله إذا كان الوطء بالشبهة سابقا على التزويج بالنساء المذكورات أو الرجال المذكورين. ولا تثبت الرحمة في الجميع إذا كان التزويج والدخول سابقا، ثم حدث الوطء بالشبهة للمرأة بعد ذلك، فلا تحرم الزوجة المدخول بها إذا وطأ الرجل بنتها شبهة بعد ذلك أو وطأ أمها شبهة كذلك، ولا تحرم الزوجة المدخول بها على زوجها إذا وطأها أبوه أو ولده شبهة بعد ذلك. وإذا حدث وطء الشبهة بعد العقد في الفروض المذكورة وقبل الدخول بالمرأة المعقودة فلا يترك الاحتياط بالاجتناب في جميع الفروض في هذه الحالة.

[ المسألة 184: ] تجري الاحكام المذكورة كلها في وطء الشبهة إذا تحقق حدوثه سواء كان قبلا أم دبرا فتجري الفروض والتفصيلات المتقدمة وتنطبق أحكامها.

[ المسألة 185: ] يجري في الزنا جميع ما ذكرناه في وطء الشبهة، فإذا زنى الرجل بامرأة حرم الزواج بالمرأة المزني بها على الاحوط لزوما على أبي الرجل الزاني وعلى جده وان علا، وعلى ولده وان نزل إذا كان زنى الرجل بالمرأة سابقا على زواج المذكورين بها، وحرم على الزاني على الاحوط كذلك أن يتزوج بأم المرأة التي زنى بها وبابنتها إذا كان الزنا سابقا على العقد كما تقدم أيضا، ولا يحرم النكاح في الجميع إذا حدث الزنا بعد العقد والدخول فلا تحرم على الرجل زوجته المدخول بها إذا زنى بها أبوه أو ولده بعد العقد والدخول، ولا تحرم عليه الزوجة المدخول بها إذا زنى هو بعد ذلك بامها أو ببنتها، وإذا كان الزنا في الفروض المذكورة طارئا بعد العقد وقبل الدخول بالمعقودة فلا يترك الاحتياط بالاجتناب كما هو الحكم في وطء الشبهة من غير فرق بين أن يكون الزنا بالمرأة قبلا أو دبرا.

[ المسألة 186: ] الاقوى أن لمس الرجل للمرأة الاجنبية بشهوة لا يوجب تحريما، وكذلك نظره إليها بشهوة، فلا تحرم المرأة المنظورة أو الملموسة بشهوة على أبي الناظر واللامس أن يتزوجها ولا على ابنه، ولا يحرم على الناظر أو اللامس بشهوة أن يتزوج أم المنظور إليها أو الملموسة ولابنتها، سواء كان النظر واللمس سابقا على العقد أم لاحقا له وان كان اللمس والنظر إلى أعضاء خفية. ويستثنى من ذلك ما قدمنا ذكره في المسألة المائة والثمانين في الامة المملوكة للاب والامة المملوكة للولد فتحرم الامة المملوكة للاب على الولد أن يتزوجها أو يطأها بالملك أو بالتحليل إذا كان الاب قد نظر إليها أو لمسها بشهوه وان لم يطأها وتحرم الامة المملوكة للولد على أبيه ان يتزوجها أو يطأها بالملك أو بالتحليل إذا كان الولد قد نظر إليها أو لمسها بشهوة وان لم يطأها، وكذلك الامة المحللة لاحدهما إذا نظرها أو لمسها بشهوة وان لم يطأها تكون محرمة على الآخر منهما حتى اللمس للوجه والكفين إذا كان بمثل الشم والتقبيل من انواع الاستمتاع فتحرم المملوكة والمحللة به على الآخر. ولا تثبت الحرمة إذا كان النظر واللمس إليها بغير شهوة وان كان لغير الوجه والكفين، كما إذا نظرها أو لمسها للعلاج من بعض الامراض، فلا تحرم به على الآخر، وإذا نظر الاب أو الولد إلى الامة لا بقصد التلذذ أو الشهوة فحصل ذلك من غير قصد فالاحوط الاجتناب.

[ المسألة 187: ] لا يجوز للرجل أن يتزوج ابنة الاخ وهو متزوج بعمتها، أو يتزوج ابنة الاخت وهو متزوج بخالتها الا باذن العمة أو الخالة الموجودة عنده من غير فرق بين أن تكون العمة أو الخالة زوجة له بالعقد الدائم أو العقد المنقطع، وأن يتزوج ابنة الاخ أو ابنة الاخت عليها بالعقد الدائم أو المنقطع، وسواء كان قد دخل بالعمة والخالة أم لم يدخل بها، وسواء كانت الداخلة والمدخول عليها كبيرتين أم صغيرتين أم مختلفتين، وسواء علمت العمة أو الخالة بذلك في حال العقد أم لم تعلم، بل وان لم تطلعا على تزويج ابنة الاخ أو ابنة الاخت أبدا، أو كانتا في بلد آخر. فلا يصح العقد على ابنة الاخ الا مع اذن العمة ولا يصح عقد ابنة الاخت الا مع اذن الخالة في جميع الحالات المذكورة، وإذا تزوج البنت من غير اذن منهما كانت صحة عقد البنت موقوفة على اجازتهما فإذا اجازت العمة عقد ابنة أخيها صح والا بطل، وكذلك الخالة مع ابنة أختها.

[ المسألة 188: ] إذا تزوج الرجل العمة وهي صغيرة فعقدها له وليها، ثم أراد أن يتزوج ابنة أخيها، اشكل الامر في عقدها، فان العمة غير قابلة للاذن لصغرها، ولا يكفي اذن ولي العمة في عقد ابنة الاخ، ولذلك فالاحوط ترك العقد على ابنة الاخ في هذه الصورة حتى تكبر العمة وترشد، وكذلك الحال إذا تزوج الخالة وهي صغيرة وأراد أن يتزوج ابنة أختها، فالاحوط ترك العقد عليها للسبب المذكور حتى تكبر الخالة وترشد.

[ المسألة 189: ] يجوز للشخص أن يتزوج العمة وهو متزوج قبلها بابنة أخيها، ولا يشترط في صحة العقد ان تأذن العمة بزواجها على ابنة أخيها، أو تجيز العقد بعد وقوعه، سواء كانت عالمة بذلك أم جاهلة، ولا يثبت لها خيار في عقدها ولا في عقد ابنة أخيها، ويجوز له أن يتزوج الخالة وهو متزوج قبلها بابنة أختها، ولا يعتبر اذن الخالة في صحة العقد وان كانت جاهلة بأنها تدخل على ابنة أختها، ولا خيار لها في العقدين.

[ المسألة 190: ] يجري الحكم الآنف ذكره في العمة القريبة وهي أخت الاب، وفي عمة الاب وهي أخت الجد، وعمة الام وهي أخت الجد للام، وفي سائر طبقات العمات التي ذكرناها في مبحث النسب في المسألة المائة والتاسعة والعشرين ويجري الحكم في الخالة القريبة وهي أخت الام، وفي خالة الاب وخالة الام وفي جميع طبقات الخالات الدانية منها والعالية، ويجري الحكم في العمة والخالة للنسب وللرضاع.

[ المسألة 191: ] لا يكفي الرضا القلبي بالعقد من العمه أو الخالة على الاحوط حتى تظهر ذلك بالاذن في العقد قولا أو فعلا.

[ المسألة 192: ] إذا أذنت العمة أو الخالة فعقد على البنت ثم رجعت العمة أو الخالة عن اذنها لم يبطل الاذن وصح العقد ونفذ، وإذا أذنت بالعقد ثم رجعت عن أذنها قبل ان يحصل العقد بطل الاذن، فإذا عقدت البنت كانت صحة العقد موقوفة على اجازة العمة أو الخالة فان أجازت صح والا بطل.

[ المسألة 193: ] اعتبار اذن العمة أو الخالة في صحة عقد ابنة أخيها أو ابنة أختها انما هو حكم شرعي وليس حقا من حقوق العمة أو الخالة، ولذلك فلا يسقط باسقاطهما، حتى إذا اشترط الاسقاط عليهما في ضمن عقدهما أو في عقد لازم آخر.

[ المسألة 194: ] إذا اشترط الرجل على العمة في عقد النكاح بينهما أن تأذن له بالزواج من ابنة أخيها، وجب عليها ان تفي له بالشرط وكذلك الخالة، فإذا هي لم تأذن به كانت عاصية آثمة، ولم يصح عقد البنت، وإذا أجبرها هو أو أجبرها الحاكم الشرعي على الاذن عملا بالشرط فأذنت لم يكف ذلك في صحة العقد، لان الاذن مع الجبر لا يكون كاشفا عن الرضا.

[ المسألة 195: ] إذا تزوج الرجل العمة وابنة أخيها، أو تزوج الخالة وابنة أختها، وشك بعد ذلك في ان السابق أي العقدين، فالظاهر صحة العقدين، الا إذا علم بأنه كان في غفلة عن ذلك في حال العقد فيكون الحكم بالصحة مشكلا ولابد فيه من مراعاة الاحتياط. وكذلك الحكم إذا تزوج ابنة الاخ وكانت عنده عمتها، أو تزوج ابنة الاخت وكان متزوجا قبلها بخالتها، وشك بعد ذلك في أن تزوجه كان باذن العمة أو الخالة فيصح أم كان بغير اذن فلا يصح، فالظاهر الصحة، الا إذا علم بغفلته عن ذلك في حال العقد فيشكل الحكم بالصحة ولابد من الاحتياط.

[ المسألة 196: ] إذا كانت للرجل زوجة كبيرة ولها أخت مرضعة، ثم عقد له زوجة صغيرة في الحولين من عمرها فأرضعت أخت زوجته الكبيرة تلك الطفلة رضاعا تاما، لم يضر ذلك بنكاح زوجته الصغيرة ولم تتوقف صحته على اجازة زوجته الكبيرة لعقدها من حيث أن الصغيرة بنت أختها من الرضاع.
وكذلك إذا أرضعت الصغيرة بلبن أخي الزوجة الكبيرة من زوجته أو مملوكته، فلا تكون صحة نكاح الصغيرة متوقفة على اجازة الكبيرة لانها أصبحت بنت أخيها من الرضاع.

[ المسألة 197: ] إذا كانت عند الرجل جارية قد وطأها بملك اليمين أو بالتحليل من مالكها، ثم أراد أن يطأ ابنة أخيها أو ابنة أختها بالملك أو بالتحليل أو بالزواج، جاز له ذلك ولم تتوقف صحة الوطء على اذن العمة أو الخالة، وكذلك إذا كانت له زوجة ثم أراد وطء بنت أختها أو بنت أخيها بالملك أو بالتحليل من مالكها.

[ المسألة 198: ] المطلقة الرجعية بحكم الزوجة، فإذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا وأراد أن يتزوج ابنة أخيها أو ابنة أختها، فلا يجوز أن يتزوجهما الا باذن زوجته المطلقة ما دامت في العدة منه. وإذا طلق زوجته طلاقا بائنا جاز له العقد على ابنه أخيها وابنة أختها من حين الطلاق، ولا يتوقف على الاذن، حتى إذا كانت مباراة أو مختلعة، فإذا عقد على البنت صح العقد وجاز له الدخول، ولا يبطل العقد إذا رجعت عمتها أو خالتها بالبذل وان انقلب الطلاق رجعيا، فإذا أراد الرجل الرجوع بالمرأة بعد رجوعها بالبذل فالاحوط له أن يستأذنها في عقد البنت، وإذا لم يكن الرجل قد عقد على البنت حتى رجعت عمتها أو خالتها بالبذل، فالاحوط ان لم يكن هو الاقوى لزوم الاستيئذان منها.

[ المسألة 199: ] لا يجوز للرجل أن يجمع في الزواج بين الاختين في النسب ولا بين الاختين من الرضاع، بل وان كانتا أختين من الزنا، بأن كانتا بنتين لزان واحد أو لزانية واحدة أو لزان وزانية، وسواء كانت كلتاهما للزنا أو كانت احداهما من النسب، فلا يجوز له أن يجمع بينهما في نكاح دائم ولا في نكاح منقطع ولا يتزوج احداهما دواما والاخرى متعة، وإذا تزوج احداهما ثم تزوج الثانية بعدها بطل العقد اللاحق منهما سواء دخل بالاولى أم لم يدخل.

[ المسألة 200: ] إذا تزوج الاختين بصيغة واحدة، تخير أي الاختين أرادها فأمسك بعقدها وخلى سبيل الاخرى منهما، كما دلت عليه صحيحة جميل، ولا موجب لحمل هذه الصحيحة على ما يخالف ظاهرها، كما عليه أكثر المتأخرين على ما قيل، وإذا تزوج الاختين بعقدين مقترنين في وقت واحد، فلا يترك الاحتياط بأن يطلق واحدة منهما يعينها ويجدد العقد على الثانية، أو يطلقهما معا ثم يعقد على من يختارها، وإذا كان قد دخل بالمرأة التي طلقها منهما، لم يجز له أن يعقد على الاخرى حتى تخرج تلك من عدتها، وكذلك الحال إذا شك في سبق أحد العقدين على الآخر واقترانهما في زمان واحد، فلا يترك الاحتياط بذلك.

[ المسألة 201: ] إذا تزوج احدى الاختين، ثم تزوج بالثانية بعدها بطل العقد الثاني كما تقدم، ولم يحرم عليه وطء زوجته الاولى، وان دخل بالثانية، وإذا دخل بالثانية وهو جاهل بأنها أخت زوجتها بحيث كان وطوءها شبهة فالاحوط له ان لا يطأ الاولى حتى تخرج أختها من عدة وطء الشبهة، وكذلك إذا دخل بالثانية وهو يعتقد مخطئا جواز ذلك فيكون الوطء شبهة وان كان آثما بفعله، فالاحوط له ترك وطء الاولى في مدة العدة، وفي لزوم الاحتياط تأمل في كلا الفرضين بل الظاهر عدم لزومه.

[ المسألة 202: ] يجوز للرجل أن يجمع بين الاختين الامتين في ملك اليمين إذا كان لا يطأهما معا، ولا يستمتع بهما بما دون الوطء من الاستمتاعات، ولا يحل له أن يجمع بينهما في الملك والوطء معا، والاحوط له أن لا يجمع بينهما في الملك لهما مع وطء احداهما والاستمتاع بالاخرى بما دون الوطء، أو مع الاستمتاع بكلتيهما بما دون الوطء.

[ المسألة 203: ] إذا تزوج الرجل احدى الاختين بالنكاح الدائم أو المؤقت، ثم ملك الاخت الثانية لم يجوز له وطء الجارية المملوكة الا بعد أن يطلق أختها، وبعد أن تخرج عن عدته إذا كان طلاقها رجعيا، ولا فرق في الحكم المذكور بين أن يكون قد دخل بالزوجة أم لم يدخل، وإذا وطأ الاخت المملوكة من غير أن يطلق أختها عصى وأثم بفعله ووجب تعزيره ولم تحرم عليه زوجته بذلك سواء كان قد دخل بها قبل ذلك أم لم يدخل.

[ المسألة 204: ] إذا وطأ الرجل جاريته بملك اليمين ثم تزوج باختها بعد وطء الاولى لم تحرم المملوكة عليه بزواج اختها وحرم عليه الاستمتاع بالزوجة، وفي بطلان تزويجها اشكال، فلا يترك الاحتياط بطلاق الزوجة.

[ المسألة 205: ] إذا جمع الرجل بين الامتين الاختين في ملكه، ووطأ احداهما لم يجز له أن يطأ أختها حتى تموت الاولى أو يخرجها عن ملكه ببيع أو هبة أو غيرهما من المملكات، والاحوط ان يكون لازما لاخيار فيه، ولا يكفي في حل الجارية الثانية أن يزوج الاولى لغيره أو يرهنها أو يكاتبها وهي في ملكه. وإذا وطأ الجارية الثانية بعد أن وطأ الاولى منهما وهو يعلم بأنهما أختان وان الحكم في الاختين هو حرمة الجمع بينهما حرمتا عليه معا، ويحل له وطء الثانية منهما في هذه الصورة إذا أخرج الاولى عن ملكه، وأما الاولى فلا تحل له حتى يخرج الثانية عن ملكه بشرط ان لا يقصد بذلك الرجوع إلى الاولى، فإذا هو أخرج الثانية عن ملكه بقصد ان يرجع إلى وطء الاولى لم تحل له الاولى بذلك. وإذا وطأ الجارية الثانية بعد أن وطأ الاولى وهو يجهل أنهما أختان أو يجهل ان الحكم هو حرمة الجمع بينهما لم تحرم عليه الاولى بذلك.

[ المسألة 206: ] إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا، لم يجز له أن يتزوج أختها ما دامت أختها المطلقة في العدة، وإذا طلقها طلاقا بائنا، أو فارقها بفسخ ونحوه جاز له أن يتزوج أختها بعد الفراق وان كانت في العدة، وإذا بذلت الزوجة للرجل فطلقها خلعا أو مباراة ثم تزوج أختها لم يصح للزوجة أن ترجع ببذلها.

[ المسألة 207: ] إذا تزوج الرجل امرأة بالعقد المنقطع ودخل بها ثم فارقها لم يجز له ان يتزوج أختها وهي في العدة منه وان كانت بائنة منه، سواء كانت العدة بعد انتهاء مدة النكاح أم بعد هبة المدة.

[ المسألة 208: ] الاقوى جواز الجمع بين الفاطميتين على كراهة، سواء كان الرجل فاطميا أم لا، ولا كراهة في الجمع بين امرأتين تنتسبان إلى فاطمة (ع) بالام.

[ المسألة 209: ] لا يجوز للرجل الحر أن يتزوج أمة بالنكاح الدائم ولا بالنكاح المنقطع على الاقوى الا مع وجود شرطين. الاول: عدم الطول، والمقصود به أن لا تكون للرجل استطاعة مالية لدفع مهر الحرة. الشرط الثاني: خشية العنت في ترك التزويج، والعنت هو المشقة الشديدة، وخشية العنت هي الخوف من وطأة ذلك بما يجلبه على النفس من ضغط وكبت وبما قد تتبعه من آثار ومحاذير شرعية أو عرفية، ولا تختص محاذيره بخوف الوقوع في الزنا أو المحرمات الاخرى، فقد تكون المحاذير أمراضا بدنية أو نفسانية لا تتحمل عادة أو ارتباكات فكرية تجر الى مالا يسعد أولا يحمد. وإذا اجتمع الشرطان الآنف ذكرهما للرجل الحر، جاز له أن يتزوج بالامة دواما وأن يتزوج بها متعة ويجوز للرجل الحر أن يطأ الاماء بملك اليمين وبالتحليل من مالكهن، ولا يعتبر في جواز ذلك وجود الشرطين المذكورين. وإذا تزوج الحر أمة مملوكة مع عدم وجود الشرطين المذكورين، فالظاهر بطلان تزويجه، وان كان الاحوط استحبابا له ان يطلق الامة إذا كان النكاح دائما، وان يهبها المدة إذا كان الزواج منقطعا، وإذا اجتمع له الشرطان فتزوج الامة، ثم زال الشرطان بعد ذلك كلاهما أو زال أحدهما لم يبطل عقده للامة ولم يجب عليه طلاقها.

[ المسألة 210: ] لا يجوز للرجل الحر أن يتزوج بالامة عند وجود الشرطين المتقدم ذكرهما إذا كان من المستطاع له أن يسد حاجته الجنسية ويدفع خشية العنت بالوطء بملك اليمين أو بالتحليل.

[ المسألة 211: ] لا يجوز للرجل الحر أو العبد أن يتزوج أمة على حرة الا باذن الحرة بزواج الامة عليها، وإذا كان الزوج حرا فلابد مع اذن الحرة من وجود الشرطين الآنف ذكرهما في المسألة المائتين والتاسعة. وإذا عقد الرجل على الامة بغير اذن الحرة كانت صحة عقد الامة موقوفة على اجازة الحرة ورضاها بالعقد، فإذا أجازته صح ونفذ وإذا لم تجزه كان باطلا، سواء كان نكاح الحرة دائما أم مؤقتا، وسواء كان نكاح الامة كذلك دائما أم مؤقتا، وسواء كانت الحرة قابلة للوطء أم غير قابلة له، لمرض أو قرن أو رتق أو غيرها فلا يصح عقد الامة الا باذنها في جميع الحالات، وحتى إذا كانت الحرة مطلقة رجعية وهي لا تزال في عدتها.

[ المسألة 212: ] يجوز للرجل أن يتزوج حرة على أمة، سواء كانت الحرة تعلم بأنها تتزوج على أمة أم تجهل ذلك وإذا كانت تجهل ذلك ثم علمت به بعد العقد كان لها الخيار في أن تفسخ عقد نفسها أو تبقيه ولا خيار لها في عقد الامة، ويجوز للزوج أن يخفي الامر عليها ولا يخبرها به.

[ المسألة 213: ] إذا تزوج الرجل أمه على حرة ولم يستأذنها، وماتت الحرة قبل أن تجيز عقد الامة لم يصح عقد الامة بموت الحرة، فإذا أراد الزوج بقاء نكاحها فلابد له من تجديد العقد عليها، وإذا أراد فراقها احتاط بطلاقها، وكذلك الحكم إذا طلق الحرة طلاقا بائنا قبل أن تجيز عقد الامة، أو انقضى أجلها في عقد المتعة، أو وهبها المدة، وأما المطلقة الرجعية فهي بحكم الزوجة فلابد من اذنها إذا كانت في العدة كما تقدم، وإذا انقضت عدة المطلقة الرجعية ولم تجز عقد الامة جرى الحكم المتقدم في المطلقة البائن.

[ المسألة 214: ] إذا كانت عند الرجل الحر زوجة حرة لا يتمكن من مقاربتها لانها غائبة أو لانها مريضة أو لوجود ما يمنع الجماع من رتق أو قرن أو غيرهما من الموانع، فإذا خشي الرجل العنت لذلك ولم يجد الطول أن يدفع مهر حرة غيرها جاز له أن يتزوج أمة، ولابد من اذن الحرة الموجودة عنده مع الامكان.

[ المسألة 215: ] إذا أذنت الزوجة الحرة لزوجها في أن يتزوج الامة عليها، فعقد على الامة صح العقد، فإذا رجعت الحرة عن اذنها بعد ذلك لم يبطل العقد ولم يؤثر رجوعها شيئا، وإذا هي رجعت عن الاذن قبل أن يجري العقد على الامة بطل الاذن السابق ولم يصح العقد حتى تأذن به قبل وقوعه أو تجيزه بعد أن يقع.

[ المسألة 216: ] لا يصح للرجل أن يتزوج امرأة ذات عدة من رجل غيره، لا زواجا دائما ولا منقطعا، ولا فرق بين ان تكون عدة المرأة عدة طلاق رجعي أو طلاق بائن أو عدة وفاة أو عدة وطء شبهة. فإذا عقد على المرأة في أيام عدتها وكان الرجل والمرأة يعلمان معا بأنها ذات عدة، ويعلمان بأن الزواج بذات العدة محرم في الاسلام بطل نكاحهما وحرمت المرأة على الرجل تحريما مؤبدا، وكذلك الحكم إذا كان الرجل وحده أو كانت المرأة وحدها تعلم بالامرين كليهما، سواء دخل الرجل بالمرأة المعتدة بعد العقد أم لم يدخل بها في الفروض الثلاثة كلها.
وإذا عقد عليها في أيام عدتها وهما معا يجهلان بأن المرأة صاحبة عدة، أو يجهلان الحكم عليهما بالتحريم، فان دخل بالمرأة بعد العقد عليها حرمت عليه كذلك تحريما مؤبدا، سواء كان الدخول قبلا أم دبرا، وان لم يدخل بها لم تحرم عليه، فيجوز له ان يجدد العقد عليها بعد انقضاء العدة.

[ المسألة 217: ] إذا عقد الرجل على المرأة وهي في العدة، وكان الرجل والمرأة كلاهما يجهلان بأنها صاحبة عدة، أو يجهلان بأن الحكم في ذات العدة حرمة الزواج بها ثم دخل بالمرأة بعد انقضاء العدة، فالظاهر أن المرأة لا تحرم على الرجل بذلك، ولكن لا يترك الاحتياط، وكذلك الحكم إذا علم الرجل بأنه عقد على المرأة في عدتها، وشك في أنه دخل بها أم لم يدخل فلا تحرم المرأة عليه إذا كانا جاهلين بالحكم أو الموضوع فإذا أراد التزويج جدد العقد بعد العدة في كلتا المسألتين.

[ المسألة 218: ] إذا عقد للرجل وكيله أو وليه على امرأة ذات عدة، وكان الرجل المعقود له لا يعلم بحالها لم تحرم المرأة عليه بذلك، وان كان الوكيل أو الولي العاقد يعلم بأنها صاحبة عدة يحرم زواجها، فلا تحرم المرأة المعقودة على الرجل الا إذا دخل بها بعد العقد أو تكون المرأة عالمة بعدتها وتحريمها فتحرم كما تقدم. وإذا عقد له وكيله عليها وكان المعقود له يعلم بحال المرأة وبأن التزويج بها محرم، حرمت عليه وان كان وكيله أو وليه العاقد يجهل ذلك.

[ المسألة 219: ] إذا وطأ الرجل امرأة صاحبة عدة وطء شبهة من غير عقد لم يحرم عليه التزويج بها بعد انقضاء عدتها، وكذلك إذا زنا بها في أيام عدتها، فلا تحرم عليه بذلك حرمة مؤبدة، ويستثنى من ذلك ما إذا كانت عدتها من طلاق رجعي، فان المطلقة الرجعية ذات بعل فإذا زنا بها حرمت عليه مؤبدا، كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى.

[ المسألة 220: ] إذا شك الرجل في المرأة انها ذات عدة أم لا، بنى على عدم ذلك وجاز له أن يتزوج بها ولم يجب عليه أن يفحص عن أمرها، وإذا كانت في عدة وأخبرت بانقضاء عدتها صدقها إذا كانت غير متهمة.

[ المسألة 221: ] إذا تيقن الرجل بأنه قد عقد على فلانة في أيام عدتها وكانا معا جاهلين بالعدة أو بالتحريم وشك في أنه هل دخل بها في العدة فتكون محرمة عليه أم لم يدخل بها فلا تحرم، بنى على عدم الدخول بها، فلا تكون محرمة.

[ المسألة 222: ] إذا مات زوج المرأة لم تدخل المرأة في العدة إلى أن يبلغها خبر وفاته، فالمدة التي تقع بين وفاة الرجل وبلوغ الخبر لزوجته لا تكون من العدة، ولا تكون المرأة فيها ذات بعل ولا ذات عدة، ولا يصح العقد عليها لاحد في تلك المدة، وإذا عقد عليها رجل في هذه المدة فالظاهر ان هذا العقد لا يوجب تحريم المرأة عليه إذا كان عالما بالوفاة، وإذا أراد الزواج بها فلابد من تجديد العقد عليها بعد انقضاء العدة، وان كان الاحوط استحبابا اجتناب التزويج بها.

[ المسألة 223: ] يجوز للرجل أو يتزوج المرأة وهي ذات عدة منه بنفسه، فإذا طلق زوجته طلاق خلع أو مباراة فاعتدت منه، جاز له أن يتزوجها في أثناء عدتها، ولا يجب عليه التربص إلى نهاية العدة، وإذا وطأ امرأة خلية من الزوج وطء شبهة فاعتدت منه، جاز له أن يعقد عليها عقدا دائما أو منقطعا قبل أن تنقضي عدتها منه، وإذا تزوج امرأة بالمتعة وانتهى أجلها، جاز له أن يتزوجها زواجا دائما أو يعقد عليها بالمتعة مرة أخرى في أثناء عدتها من زواجها الاول، ولا يجب عليه الصبر حتى تنتهي العدة.
ويستثني من ذلك مطلقة الانسان الرجعية فانها بمنزلة الزوجة له، فلا يجوز له أن يعقد عليها،، فانه من عقد الزوج على زوجته وهو باطل، ويستثنى من ذلك ما إذا كانت لديه زوجة بالعقد الدائم، ورغب ورغبت هي معه في أن يكون زواجهما بالعقد المنقطع، فإذا طلقها طلاقا رجعيا، لم يصح له أن يعقد عليها بالعقد المنقطع حتى تنقضي جميع عدتها، وإذا طلقها طلاقا بائنا، جاز له ذلك لانها ليست بزوجة، ويستثنى من ذلك مطلقته بالطلاق الثالث فلا يجوز له نكاحها حتى تنكح زوجا غيره، ومطلقته بالطلاق التاسع إذا كان للعدة فانها تحرم عليه مؤبدا وسيأتي بيانه.

[ المسألة 224: ] إذا عقد الرجل على امرأة ذات بعل، وهما معا يعلمان بأنها ذات بعل، حرمت المرأة على الرجل حرمة مؤبدة، سواء دخل الرجل بالمرأة بعد العقد عليها أم لم يدخل، وكذلك الحكم إذا كان الرجل خاصة أو المرأة خاصة تعلم بأنها ذات بعل، فلا يجوز للرجل أن يتزوج المرأة بعد ان يفارقها بعلها في جميع الفروض الثلاثة. وإذا عقد عليها وهما يجهلان بأن المرأة ذات بعل، فان دخل بها بعد العقد عليها قبلا أو دبرا حرم عليه نكاحها كذلك تحريما مؤبدا، وان لم يدخل بها بعد العقد لم تحرم، ولا فرق بين أن تكون المرأة حرة أو أمة، وسواء كان تزويجها الاول بالبعل وتزويجها الثاني بالرجل الآخر متعة أم دائما أم مختلفين.

[ المسألة 225: ] لا يحرم على الرجل أن يتزوج بالمرأة الزانية إذا لم تكن ذات بعل أو ذات عدة، والاحوط لزوما أن يكون الزواج بها إذا أراد ذلك بعد أن يستبرئ رحمها من ماء الزنا بحيضة، حتى إذا كان الزوج هو الزاني.

 

[ المسألة 226: ] لا يترك الاحتياط بعدم التزويج بالمرأة المشهورة بالزنا، من غير فرق بين الزاني بها وغيره الا بعد ظهور توبتها، وقد ذكر في النصوص أن ذلك يعرف بأن تدعى إلى الزنا فإذا امتنعت عن ذلك ظهرت توبتها.

[ المسألة 227: ] لا تحرم المرأة على زوجها إذا زنت وهي في حباله، وان أصرت على فعلها، الا إذا أصبحت مشهورة بالزنا، فيجري فيها الاحتياط الذي قدمناه في المسألة السابقة.

[ المسألة 228: ] إذا زنى الرجل بامرأة ذات بعمل، حرمت المرأة على الرجل الزاني حرمة مؤبدة، فإذا فارقها بعلها بموت أو طلاق أو فسخ لم يجز لذلك الرجل أن يتزوجها أو يطأها بملك أو بتحليل إذا كانت أمة، ولا فرق في ثبوت هذا الحكم وعمومه بين أن يكون الرجل الزاني يعلم بأنها ذات بعل وأن يجهل ذلك ولا بين ان تكون المرأة حرة وأن تكون أمة، ولا بين أن تكون مسلمة وكافرة، وأن تكون زوجة دائمة لبعلها ومنقطعة، ومدخولا بها وغيرها، وسواء كان بعلها صغيرا أو كبيرا، حتى إذا كان طفلا عقد المرأة له وليه، وحتى إذا كانت زوجة كافر وقد زنى بها مسلم، وحتى إذا كانت المرأة مشتبهة أو مكرهة وكان الرجل هو الزاني خاصة، وحتى إذا خادعها فأجرى عليها صورة العقد فتحرم عليه حرمة مؤبدة في جميع الصور.

[ المسألة 229: ] إذا زنى الرجل بامرأة ذات عدة من طلاق رجعي حرمت على الزاني حرمة مؤبدة، ولا يعم الحكم بالتحريم من زنى بذات العدة من طلاق بائن أو من فسخ أو من وطء شبهة أو من وفاة، فإذا زنى بواحدة منهن لم يحرم عليه أن يتزوج بها بعد انقضاء العدة.

[ المسألة 230: ] إذا لاط الفاعل بذكر فأوقبه ولو ببعض الحشفة على الاحوط، حرم على الفاعل تحريما مؤبدا ان يتزوج بأم الموطوء وبجدته وان علت، وببنته ولو بالواسطة وان تعددت، وأخته، وهذا إذا كان الواطئ كبيرا سواء كان الموطوء صغيرا ام كبيرا، ويعم الحكم بالتحريم أم الموطوء وبنته وأخته من الرضاع فيحرم نكاحهن جميعا على الواطئ إذا سبق اللواط على العقد، ولا يحرم النكاح على الواطئ إذا سبق العقد على احداهن والدخول بها على اللواط، وإذا حصل اللواط بعد العقد وقبل الدخول بالمعقودة، فالاحوط لزوم الاجتناب. ولا تحرم على الموطوء أم الواطئ ولا بنته ولا أخته ولا محارمه الاخرى لا من النسب ولا من الرضاع.

[ المسألة 231: ] إذا شك في حصول الايقاب بهذا الفعل الفاحش بنى على عدم حصوله، فلا تحرم المذكورات على الواطئ.

[ السبب الرابع من أسباب التحريم في التزويج استيفاء عدد الزوجات، واستيفاء عدد الطلقات ]
[ المسألة 232: ] لا يجوز للرجل الحر أن يتزوج من النساء بالعقد الدائم أكثر من اربع حرائر، ولا أكثر من اثنتين من الاماء، وإذا تزوج بالعقد الدائم أمتين، جاز له أن ينكح معهما حرتين بالعقد الدائم أيضا، فنصاب الحر من النساء في العقد الدائم أربع، أما أربع حرائر، وأما ثلاث حرائر وأمة واحدة، وأما حرتان وأمتان، ولا يجوز له أن يتزوج ثلاث اماء وحرة، فقد ذكرنا انه لا يباح للحر أن يتزوج أكثر من أمتين. ويجب على الحر أن يراعي ما ذكرناه في المسألة المائتين والتاسعة، فلا يجوز له الزواج بالامة الا مع تحقق الشرطين المذكورين في تلك المسألة، ولا يباح له أن يتزوج أمه على حرة الا باذن الحرة، فزواج الحر بحرتين وأمتين أو بأمة وثلاث حرائر انما يصح له مع وجود الشروط المشار إليها.

[ المسألة 233: ] لا يجوز للعبد المملوك أن يتزوج بالعقد الدائم من النساء أكثر من أربع اماء، ولا أكثر من حرتين، والحرتان هما تمام نصاب العبد من النساء في العقد الدائم فلا يجوز له أن يزيد عليهما حرة ولا أمة فان الحرة للعبد بمنزلة أمتين، ويجوز له أن يتزوج حرة واحدة وأمتين، ولا يحل له أن يتزوج حرتين وأمة أو أكثر، أو يتزوج حرة وثلاث اماء.

[ المسألة 234: ] ليس للحر ولا للعبد في العقد المنقطع ولا في الوطء بملك اليمين أو بالتحليل نصاب محدد من النساء، فيجوز له أن يتزوج بالمتعة وأن ينكح بملك اليمين وبالتحليل أي عدد شاء، بل يجوز ذلك وان كان عند الحر أربع حرائر بالعقد الدائم وعند العبد أربع اماء فلهما أن يزيدا على ذلك بالمتعة وبملك اليمين ما يريدان.

[ المسألة 235: ] إذا طلق الرجل الحر احدى زوجاته الاربع طلاقا رجعيا، فلا يحل له ان يتزوج امرأة أخرى بالعقد الدائم ما دامت مطلقته في العدة حتى تخرج منها، وكذلك إذا طلق احداهن طلاقا بائنا على الاحوط، ان لم يكن ذلك هو الاقوى، وإذا ماتت زوجته الرابعة أو فارقها بفسخ أو بطلاق لا عدة فيه، كما إذا كانت يائسة أو غير مدخول بها، جاز له أن يتزوج امرأة أخرى بعد فراق زوجته من غير انتظار، وكذلك الحكم في العبد المملوك.

[ المسألة 236: ] إذا طلق الرجل زوجته الحرة، ثم رجع بها في العدة أو تزوجها بعد انتهاء العدة بعقد جديد ثم طلقها مرة ثانية، ورجع بها في العدة بعد الطلاق الثاني أو تزوجها ثالثا بعد انتهاء العدة بعقد جديد ثم طلقها مرة ثالثة، حرم عليه ان يتزوجها أو يرجع بها بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره على ما سيأتي من الشروط. وكذلك الحكم إذا طلق الحرة قبل أن يدخل بها ثم عقد عليها، وطلقها مرة ثانية قبل ان يدخل بها ثم تزوجها ثالثا، وطلقها مرة ثالثة، أو كانت بعض الطلقات قبل الدخول بالمرأة وبعضها بعد الدخول، فانه لا يحل للمطلق نكاحها بعد الطلاق الثالث حتى تنكح زوجا غيره، ولا فرق في الحكم بين أن يكون الزوج الاول المطلق، أو الثاني المحلل حرا أو عبدا مملوكا أو مبعضا.

[ المسألة 237: ] يشترط في الزوج الثاني المحلل للمرأة المطلقة ثلاثا أن يكون زواجه بها زواجا دائما، فلا تحل المرأة لزوجها الاول إذا تزوجها الثاني زواجا منقطعا، ويشترط كذلك أن يدخل الزوج الثاني بها قبلا فلا تحل المرأة للزوج الاول إذا وطأها الثاني في غير القبل أو وطأها ولم ينزل ولذلك يشترط أن يكون بالغا.

[ المسألة 238: ] إذا طلق الرجل زوجته الحرة طلاقا للعدة تسع مرات، يتزوجها بينها رجل غيره مرة بعد التطليقة الثالثة ومرة ثانية بعد التطليقة السادسة، حرمت الزوجة عليه بعد التطليقة التاسعة حرمة مؤبدة.

[ المسألة 239: ] تفصيل الطلاق المذكور الذي يستتبع الحرمة المؤبدة بين الرجل والمرأة إذا وقع بينهما هو أن يطلق الرجل زوجته الحرة بعد أن يدخل بها طلاقا رجعيا كامل الشرائط، ثم يرجع بالمرأة وهي في العدة، ويدخل بها بعد رجوعه بنكاحها، ثم يطلقها مرة ثانية طلاقا تام الشرائط كما تقدم، ثم يرجع بها في العدة، ويواقعها بعد الرجوع، ثم يطلقها مرة ثالثة طلاقا جامعا للشروط، وتتربص المرأة بعد الطلاق الثالث حتى تخرج من عدته، ثم تنكح بعد انتهاء العدة منه زوجا غير الزوج الاول، على الشروط التي بيناها في المسألة المائتين والسابعة والثلاثين، فإذا فارقها الزوج الثاني بموت أو طلاق، وتزوجها زوجها الاول بعد أن تنتهي عدتها من الثاني، فيصنع زوجها الاول معها كما صنع في المرة السابقة، فيدخل بها بعد التزويج، ويطلقها بعد الدخول وبعد أن تحيض بعد الدخول وتطهر من الحيض، ثم يرجع بها في العدة، ويطلقها بعد أن يدخل بها ثم تحيض وتطهر، وهكذا حتى المرة السادسة، فإذا تربصت بعد الطلاق السادس حتى خرجت من عدته، نكحت زوجا غيره على المنهج الذي تقدم بيانه، ثم فارقها الزوج الآخر بعد الدخول بها فإذا انتهت عدتها من فراق هذا الزوج، يتزوجها الاول ويصنع معها كما صنع في المرتين السابقتين، فيطلقها بعد أن يدخل بها وبعد أن تحيض من بعد الدخول وتطهر من الحيض، ويرجع بها بعد الطلاق، ويطلقها بعد الدخول في طهر غير طهر المواقعة فإذا استكملت المرأة تسع تطليقات على الوصف المذكور حرمت على زوجها المطلق حرمة مؤبدة.

[ المسألة 240: ] إذا تزوج الرجل أمة مملوكة بالعقد الدائم سواء كان الرجل حرا أم عبدا أم مبعضا، ثم طلقها ثم رجع بها أو تزوجها بعد العدة بعقد جديد ثم طلقها مرة ثانية، حرمت على الرجل المطلق حتى تنكح زوجا غيره حرا أو عبدا أو مبعضا، فإذا نكحت الزوج الثاني على ما ذكرنا في طلاق الحرة، وفارقها هذا الزوج وانقضت أيام عدته حلت لزوجها الاول فإذا تزوجها وطلقها مرتين بعد الرجوع بينهما حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، فإذا نكحها الزوج الاول بعد أن تفارق الثاني وتعتد منه، ثم طلقها مرتين على التفصيل الذي مر في طلاق الحرة، حرمت على الزوج المطلق تحريما مؤبدا على القول المشهور إذا كان الطلاق للعدة كذلك، ولكن الحكم فيها مشكل فلا يترك الاحتياط.

[ السبب الخامس من أسباب التحريم المؤبد في النكاح اختلاف الدين بين الزوجين ]
[ المسألة 241: ] لا يصح للمرأة المسلمة أن تتزوج رجلا كافرا كتابيا ولا غير كتابي، لا زواجا دائما ولا موقتا، ولا يصح لها أن تتزوج مرتدا عن الاسلام فطريا ولا مليا، وسنذكر في ما يأتي حكم الزوجة إذا ارتد الرجل عن الاسلام بعد زواجه بها. ولا يصح للرجل المسلم أن ينكح امرأة كافرة غير كتابية، ولا مرتدة عن الاسلام وان انتسبت في ارتدادها إلى دين كتابي لا زواجا دائما ولا منقطعا، ولا بملك يمين، ويجوز للمسلم ان يتزوج امرأة كتابية، يهودية أو مسيحية، زواجا دائما، ومنقطعا، على كراهة في النكاح الدائم بل وفي المنقطع أيضا، وتتأكد الكراهة في نكاحها إذا كان الرجل غير مضطر إليه وإذا كانت له زوجة مسلمة.

ويجوز للمسلم أن ينكح أمة كتابية بملك اليمين وبالتحليل من مالكها، ولا يجوز للمسلم أن يتزوج امرأة مجوسية نكاحا دائما على الاقوى ولا نكاحا منقطعا على الاحوط، فلا تلحق باليهودية والمسيحية في جواز التزويج بهما وان كان المجوس من الكتابيين على الظاهر، ويجوز نكاح المجوسية إذا كانت أمة بملك اليمين. وأما الصابئون فيجري فيهم حكم الكفار غير الكتابيين، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج رجلا صابئيا، ولا يجوز للرجل المسلم أن ينكح امرأة صابئية نكاحا دائما ولا نكاح متعة ولا يحل له أن يطأها بملك اليمين إذا كانت أمة.

[ المسألة 242: ] إذا ارتد أحد الزوجين المسلمين عن دينه قبل أن يدخل الزوج بالمرأة حكم على نكاحهما بالبطلان حين حصول الارتداد، سواء كان المرتد منهما هو الزوجه أم الزوجة، وسواء كان ارتداده عن فطرة أم عن ملة، وينفسخ نكاحهما كذلك إذا هما ارتدا معا في وقت واحد، وإذا كانت المرتدة هي الزوجة سقط مهرها.

[ المسألة 243: ] إذا ارتد الزوج عن الاسلام بعد أن دخل بالزوجة وكان ارتداده عن فطرة بطل النكاح بينه وبين الزوجة من حين ارتداده، واعتدت المرأة منه عدة وفاة، ووجب عليه ان يدفع إليها مهرها المسمى لها في العقد إذا لم يكن قد دفعه إليها، وهذا إذا كانت تسمية المهر في العقد صحيحة، وإذا كانت التسمية فاسدة وجب عليه أن يدفع إليها مهر مثلها، وإذا كان قد عقدها ولم يسم ليها في العقد شيئا وجب عليه أن يدفع إليها المتعة، وسيأتي بيانها في فصل المهر ان شاء الله تعالى.

[ المسألة 244: ] إذا ارتد الزوج عن الاسلام بعد أن دخل بالزوجة وكان ارتداده عن ملة، أو ارتدت الزوجة عن الاسلام بعد دخول الزوج بها سواء كان ارتدادها عن ملة أم عن فطرة، فالقول المشهور بين الفقهاء في كلا الفرضين المذكورين أن النكاح بينهما لا ينفسخ حتى تنقضي العدة، فإذا رجع المرتد منهما إلى الاسلام وتاب قبل أن تنقضي العدة، فالنكاح باق، وإذا لم يتب المرتد حتى انقضت العدة بطل نكاحهما، ولكن الاحتياط في ذلك لا يترك، فإذا رجع المرتد إلى الاسلام في اثناء العدة، وأراد الزوجان بقاء النكاح جددا العقد بينهما، وإذا أرادا الفراق، أوقع الزوج أو وكيله صيغة الطلاق، ولا يتزوج الرجل المسلم أخت الزوجة المرتدة ولا بخامسة ما لم يطلقها أو ينفسخ النكاح بينهما بانقضاء العدة وعدم رجوعها إلى الاسلام، ويلزمه مهرها على ما مر ذكره، وان كانت هي المرتدة، ويجب على المرأة ان تعتد من الرجل المرتد عدة الوفاة إذا كان ارتداده عن فطرة، وتعتد منه عدة الطلاق إذا كان ارتداده عن ملة.

[ المسألة 245: ] المرتد الفطري هو الذي يخرج عن دين الاسلام وقد انعقدت نطفته وأبواه كلاهما مسلمان أو انعقدت وأحدهما مسلم وولد على الاسلام وأقام عليه إلى أن خرج عنه بعد البلوغ، والمرتد الملي هو الذي يخرج عن الاسلام وقد انعقدت نطفته وأبواه كافران، وهو يشمل من حكم باسلامه تبعا لاسلام أبويه في صغره ثم ارتد بعد ذلك ويشمل من دخل في الاسلام مميزا أو مراهقا أو كبيرا ثم ارتد.

[ المسألة 246: ] إذا أسلم الكافر وله زوجة يهودية أو مسيحية وبقيت هي على دينها، استمرت الزوجية بينهما ولم تنفسخ سواء كان الرجل قد دخل بالزوجة قبل اسلامه أم لم يدخل، وسواء كان قبل اسلامه كتابيا أم مشركا أم ملحدا، وكذلك إذا أسلم وله أكثر من زوجة من اليهود أو النصارى فلا ينفسخ نكاحهن إذا بقين على دينهن وسيأتي حكم ما يزيد منهن على أربع، ويأتي حكم الزوجة المجوسية إذا أسلم عنها الزوج وبقيت على دينها.

[ المسألة 247: ] إذا أسلم الرجل الكافر وله زوجة مشركة أو ملحدة أو على دين آخر من الكفار غير الكتابيين، وبقيت زوجته على دينها، فان أسلم الرجل قبل أن يدخل بالزوجة المذكورة بطل النكاح بينهما بمجرد دخوله في الاسلام، وان كان اسلامه بعد دخوله بالزوجة، فرق ما بينهما، ثم انتظر فان اسلمت الزوجة بعده وقبل أن تنتهي عدتها منه، ثبتت الزوجية بينهما بنكاحهما الاول ولم تفتقر إلى تجديد عقد، وان بقيت الزوجة على دينها ولم تسلم حتى انقضت العدة كان ذلك كاشفا عن بطلان النكاح بينهما من حين اسلام الزوج، وكذلك الحكم في الزوجات المتعددة إذا لم يزدن على أربع، والعدة الملحوظة في المسألة هي عدة الطلاق، ومبدأها من حين اسلام الزوج. وكذلك الحكم في الزوجة أو الزوجات من المجوس إذا اسلم الزوج قبل ان يدخل بهن أو بعد ما دخل وبقين على دينهن على الاحوط ان لم يكن ذلك هو الاقوى.

[ المسألة 248: ] إذا أسلمت المرأة الكافرة وبقي زوجها على كفره، وكان اسلامها قبل أن يدخل الزوج بها بطل النكاح بينهما بمجرد دخول المرأة في الاسلام، ولا مهر لها على الزوج، ولا فرق في الحكم بين أن يكون الزوج كتابيا أو مشركا أو ملحدا أو غير ذلك من أصناف الكفار، وسواء كانت المرأة قبل اسلامها كتابية أم غير كتابية. وإذا اسلمت وكان اسلامها بعد دخول الزوج بها، فرق ما بينهما واعتدت من الزوج عدة الطلاق فان أسلم الرجل قبل أن تنتهي العدة ثبتت الزوجية ما بينهما من حين اسلام الزوجة، وان لم يسلم الزوج حتى انقضت عدة الزوجة منه حكم بأنها بائنة من حين اسلامها، ويثبت لها المهر عليه في كلتا الصورتين.

[ المسألة 249: ] إذا أسلم الرجل الكافر وعنده أكثر من أربع زوجات كافرات، فان أسلمن معه كلهن تخير منهن أربعا، فإذا اختارهن ثبتت له زوجيتهن وانفسخ عقد الباقي، من غير فرق بين من دخل بها منهن وغيرها، وكذلك إذا لم تسلم الزوجات معه وكان جميعهن يهوديات أو مسيحيات، أو أسلم بعضهن معه وبقي بعضهن على دينهن وكان البعض الذي بقي منهن على دينه من اليهود أو النصارى، فيختار الزوج منهن أربعا ممن أسلم معه وممن لم يسلم أو من هؤلاء وهؤلاء فيثبت له نكاح الاربع التي اختارها وينفسخ عقد الباقي من غير فرق بين من دخل بها منهن ومن لم يدخل.

[ المسألة 250: ] إذا أسلم الكافر وعنده أكثر من أربع زوجات كافرات غير كتابيات أو مجوسيات ولم يسلمن معه، بطل نكاح كل امرأة منهن لم يدخل بها قبل أن يسلم، واعتدت الاخريات التي دخل بهن عدة الطلاق، وانتظر بهن، فمن أسلمت منهن قبل أن تنقضي العدة بقيت على زواجه ولم تنفسخ، ومن لم تسلم بعده حتى انقضت عدتها بطل نكاحها، فإذا كانت المسلمات منهن في العدة أكثر من أربع تخير منهن أربعا فأمسك بهن وانفسخ نكاح ما زاد على الاربع.

[ المسألة 251: ] إذا أسلم الكافر وعنده أكثر من أربع زوجات، واختلفن في الحالات الآنف ذكرها، والتي تختلف أحكام المرأة باختلافها، فقد كان الرجل دخل ببعضهن قبل أن يسلم، وقد أسلم بعضهن معه أو أسلم في العدة، وبقي بعضهن على دينه، واختلفت الباقيات في الدين فبعضهن كتابي وبعضهن غير كتابي، ثبت لكل واحدة منهن حكمها الخاص كما قدمناه فتثبت زوجية من حكمها ثبوت الزوجية، وينفسخ نكاح من يكون حكمها الانفساخ فإذا زادت اللاتي تثبت زوجيتهن على أربع تخير منهن أربعا وانفسخ عقد الباقي.

[ السبب السادس من أسباب تحريم النكاح التزويج حال الاحرام ]
[ المسألة 252: ] لا يجوز للرجل المحرم أن يجري عقد النكاح لنفسه، ولا لغيره بالوكالة عنه أو الولاية عليه ولا فضولا كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى، سواء كان الشخص المعقود له محرما أيضا أم محلا، وسواء كانت المرأة المعقودة محرمة أم محلة، ولا يجوز العقد للرجل المحرم ولا للصبي المحرم ولا على المرأة أو الصبية المحرمتين وان كان الوكيل أو الولي العاقد محلا، وإذا أوقع عقد النكاح في جميع الصور المذكورة كان العقد باطلا سواء كان النكاح الذي أوقعه دائما أم منقطعا.

[ المسألة 253: ] إذا تزوج الرجل المحرم وهو يعلم بحرمة التزويج في حال الاحرام، حرمت عليه المرأة المعقودة، تحريما مؤبدا سواء كانت محرمة في حال عقدها عليه أم محلة، وسواء دخل بها أم لم يدخل، وسواء كانت كبيرة أم صغيرة، حتى الطفلة إذا عقدها له وليها، وسواء كان العاقد له محرما أم محلا، فتحرم عليه الزوجة في جميع الصور المذكورة، وإذا عقدها لنفسه أو عقدت له في حال احرامه وهو جاهل بحرمة ذلك عليه لم تحرم المرأة عليه سواء دخل بها أم لم يدخل، فيجوز له أن يجدد العقد عليها بعد أن يحل من احرامه إذا أراد الزواج بها.

[ المسألة 254: ] يحرم عقد المرأة في حال احرامها وان كان الزوج محلا وكان العاقد محلا أيضا، فيبطل العقد بذلك كما ذكرنا، وإذا عقدت المرأة المحرمة وهي عالمة بحرمة التزويج في حال الاحرام، فالاحوط لزوما انها تحرم على الزوج المعقود له تحريما مؤبدا بل لا يخلو من قوة وان كان الزوج محلا أو كان جاهلا بالحرمة، ولا تحرم عليه إذا كانت جاهلة بالحكم كما هو الحكم في الزوج.

[ المسألة 255: ] تثبت جميع الاحكام الآنف ذكرها مع انعقاد الاحرام سواء كان لحج أم لعمرة واجبين أم مندوبين، وسواء كان الحج أو العمرة للمحرم نفسه أم بالنيابة عن غيره، وسواء كان عقد النكاح لنفسه أم لغيره.

[ المسألة 256: ] إذا تزوج الرجل المحرم امرأة بعقد باطل، فالاقوى عدم تحريم المرأة عليه وكذلك إذا تزوجت المرأة رجلا في حال احرامها وكان العقد باطلا، فلا تحرم على الرجل بذلك العقد، ولكن الاحتياط لا ينبغي تركه، ويتأكد في ما إذا كان الرجل والمرأة جاهلين ببطلان العقد حين ايقاعه، ولكنه غير لازم المراعاة على اي حال.

[ المسألة 257: ] إذا تزوج الرجل في حال احرامه ثم استبان له فساد احرامه من أصله لم يبطل العقد ولم يثبت التحريم بينه وبين المرأة المعقودة، وكذلك إذا تزوجت المرأة رجلا في حال احرامها ثم تبين لها بطلان احرامها، فلا تحرم على الرجل ولا يبطل عقدهما. وليس من ذلك ما إذا كان الاحرام صحيحا فأفسده المحرم عامدا، ثم أجرى بعد ذلك عقد النكاح، فلا يترك الاحتياط بالاجتناب في هذه الصورة.

[ المسألة 258: ] إذا غفل الرجل عن كونه محرما أو نسي ذلك فأجرى لنفسه عقد الزواج على امرأة في حال احرامه وهو يعلم بحرمة ذلك على المحرم، بطل العقد، والاحوط له اجتناب التزويج بتلك المرأة أبدا، وكذلك المرأة المحرمة إذا غفلت عن احرامها أو نسيته وزوجت نفسها من رجل وهي تعلم بحرمة ذلك على المحرم فالاحوط لها اجتناب التزويج بذلك الرجل.

[ المسألة 259: ] يجوز للرجل المحرم أن يرجع بزوجته المطلقة في عدتها الرجعية، وأن يرجع بزوجته المختلعة والمباراة إذا هما رجعتا ببذلهما، ويجوز له أن يملك الاماء، ولا يمنعه الاحرام من ذلك.

[ المسألة 260: ] يجوز للرجل المحرم أن يوكل أحدا محلا في أن يزوجه بعد أن يحل من احرامه، ويجوز له ان يوكل محرما في أن يزوجه بعد أن يحل الموكل والوكيل من احرامهما، ويصح للمرأة المحرمة أن توكل في تزويجها كذلك في الصورتين.

[ المسألة 261: ] إذا عقد الفضولي وهو محرم بطل عقده وان كان الرجل المعقود له أو المرأة المعقود عليها محلين غير محرمين، فلا يكون عقده قابلا للاجازة، وإذا عقد لمحرم وهو محل لم يكن للمحرم أن يجيزه في حال احرامه، والاحوط لزوما عدم اجازته حتى بعد الاحلال.

[ المسألة 262: ] لا يبطل زواج الرجل إذا وطأ زوجته في حال احرامه وان كان عالما بأنه محرم وبأن الوطء محرم عليه في حال احرامه، ولا يبطل عقد المرأة إذا وطأها الزوج وهي محرمة وتعلم بالاحرام وبحكمه، ويرجع إلى فصل كفارات الاحرام من كتاب الحج لمعرفة الاحكام والآثار التي تلزم الزوجين بسبب ذلك.

[ السبب السابع من أسباب تحريم النكاح اللعان بين الزوج والمرأة ]
[ المسألة 263: ] إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، وادعى انه شاهد ذلك، ولم تكن له بينة شرعية تثبت مدعاه، وكانت الزوجة دائمة ومدخولا بها، وغير مشهورة بالزنا، ولم تكن خرساء، وجبت على الزوجين الملاعنة بحضور الحاكم الشرعي وسيأتي تفصيل الملاعنة في كتاب اللعان (ان شاء الله تعالى)، فإذا تم التلاعن بينهما، سقط عن الرجل حد القذف، ودرئ عن المرأة حد الزنا وحرمت المرأة على الرجل تحريما مؤبدا.

[ المسألة 264: ] إذا قذف الرجل زوجته بالزنا وهي خرساء لا تستطيع النطق لتقابله في شهادات الملاعنة، سقطت الملاعنة بينهما وحرمت المرأة على الرجل كذلك تحريما مؤبدا.

[ المسألة 265: ] إذا علم الرجل بأن الولد الذي ولدته زوجته ليس منه وجب عليه أن ينفي الولد عن نفسه، ولم يجز له استلحاقه به، فإذا كان الولد ممن يلحق به النسب بحسب موازين النسب الشرعية الظاهرية، افتقر الرجل في نفي الولد عنه الى ملاعنة الزوجة، وهذا هو السبب الثاني من أسباب اللعان بين الزوجين.

[ المسألة 266: ] إذا تم اللعان بينهما فان كانت دعوى الرجل تشتمل على قذف المرأة بالزنا ونفي الولد عنه، ولاعن المراة على كل من الامرين، سقط بذلك حد القذف عنه، وسقط حد الزنا عن المرأة، وانتفى الولد عن الرجل، فلا قربى بينهما ولا نسب ولا توارث، وحرمت المرأة على الرجل تحريما مؤبدا. وان كانت دعوى الرجل هي نفي الولد فحسب، ولا تشتمل على قذف المرأة بالزنا، وتم اللعان بينهما على ذلك انتفى الولد عنه، وهل يكون هذا اللعان موجبا لتحريم المرأة على الرجل؟ فيه اشكال، ولا يترك الاحتياط فيه، بل الحكم بالتحريم لا يخلو من قوة.

[ مسائل متفرقة ]
[ المسألة 267: ] لا يحل للمرأة المؤمنة أن تتزوج معاديا لاهل البيت (ع) ولو لاحد من الائمة المعصومين (ع) وان لم يكن معلنا بذلك بين الناس ولا متدينا به، وان كان منتسبا إلى احدى فرق الشيعة، إذا علم منه النصب لاحد المعصومين الذين لا يقول بامامتهم، ولا يحل للمؤمنة أن تتزوج مغاليا بالرسول صلى الله عليه وآله أو بعلي (ع) أو بأحد أبنائه (ع) أو بغيرهم، يرجع غلوه إلى الشرك بالله أو إلى انكار ذاته سبحانه، أو إلى انكار شئ ضروري من ضروريات الاسلام، مع الالتفات إلى كونه ضروريا، ولا يجوز للرجل المؤمن أن ينكح امرأة معادية أو مغالية بالمعنى الذي ذكرناه من النصب والغلو.

[ المسألة 268: ] يجوز للمؤمن أن ينكح من فرق المسلمين الذين يخالفونه في المذهب غير المعادين والمغالين الذين ذكرناهم ما لم يكونوا منكرين لبعض ضروريات الاسلام مع الالتفات إلى كونه ضروريا في الدين، ويجوز للمرأة المؤمنة أن تتزوج من فرق المسلمين كذلك غير المعادين والمغالين ومنكري بعض الضروريات في الدين.

[ المسألة 269: ] إذا علم المؤمن أن زواجه من اليهودية أو المسيحية أو من بعض فرق المسلمين يوجب وقوعه أو وقوع ذريته في الضلال ومخالفة الحق أو خشي من ذلك حرم عليه التزويج وكذلك الحكم في المؤمنة.

[ المسألة 270: ] يحرم نكاح الشغار، وهو أن يجعل نكاح امرأة معينة صداقا لامرأة أخرى، سواء لوحظ ذلك في كل من المرأتين، ومثال ذلك أن ينشئ الوليان نكاح المرأتين ويجعلا في عقديهما تزويج كل واحدة من المعقودتين مهرا للثانية، فيقول أحدهما للآخر: زوجتك ابنتي صفية على أن تزوجني ابنتك سعاد ويكون زواج كل من البنتين صداقا للاخرى، فيقول صاحبه قبلت زواج ابنتك وزوجتك ابنتي على ما ذكرت، فيبطل نكاح المرأتين معا، أم يلاحظ ذلك في جانب امرأة واحدة منهما، فيزوجها وليها من صاحبه على أن يزوجه صاحبه بنته مثلا ويكون تزويج الثانية صداقا للاولى، فيقول الاول للثاني زوجتك ابنتى صفية على أن تزوجني بنتك سعاد فيكون تزويج سعاد صداقا لصفية، فيقول الثاني قبلت زواج صفية على الصداق المعين وهو تزويج سعاد، وزوجتك ابنتي على ألف دينار مثلا، فيبطل نكاح الاولى لانه شغار ويصح نكاح الثانية بما ذكر لها من المهر وإذا لم يذكر لها مهر معين ثبت لها مهر المثل.

[ المسألة 271: ] المؤمن كفو المؤمنة في النكاح وان اختلفا في القبيلة أو في الشعب والدم، أو في الصناعة والحرفة، إذا توفرت بينهما الشرائط التي تتوقف عليها صحة النكاح، فيجوز ان تتزوج العربية بالاعجمي والهاشمية بغير الهاشمي والحرة بالعبد وذات الشرف الكبير بالرجل الدني الاصل، وذات الصنعة الرفيعة بصاحب الحرفة الوضيعة، وبالعكس.

[ المسألة 272: ] لا يشترط في صحة النكاح أن يكون الزوج قادرا على نفقة الزوجة، فيصح نكاح العاجز عن النفقة سواء كان عجزه عن النفقة سابقا على العقد أم كان متجددا بعده، ولا يثبت للزوجة بذلك خيار الفسخ، لا بنفسها ولا بمراجعة الحاكم الشرعي. نعم إذا زوج الصبية الصغيرة أبوها أو جدها، وكان الزوج غير قادر على الانفاق عليها كان هذا العقد فضوليا، لوجود المفسدة في تزويجها كذلك، فلا تثبت له الولاية عليه، وتكون صحة العقد موقوفة على اختيار البنت المعقودة بعد بلوغها وكمالها، فإذا أجازته صح ونفذ وإذا ردته بطل، الا إذا كان الولي قد لاحظ في تزويج البنت من ذلك الرجل المعين وجود مصلحة مهمة تغلب على تلك المفسدة، فيصح العقد لذلك ولا يكون للصبية رده بعد كمالها.

[ المسألة 273: ] إذا عقد الانسان لنفسه على امرأة وهو مريض، مرضا كان سببا لموته في ما بعد، كانت صحة عقده هذا مشروطة بدخوله في الزوجة المعقودة، فإذا هو دخل بها قبل موته كان ذلك كاشفا عن صحة العقد فتترتب عليه جميع آثار التزويج الصحيح، فيثبت لها المهر الذي سماه لها بالعقد، وتجب لها النفقة منذ يوم تمكين المرأة له من الدخول وترثه إذا مات بعد ذلك، ويرثها هو إذا ماتت قبله، وإذا هو لم يدخل بها بعد العقد حتى مات كشف ذلك عن بطلان العقد من أصله، فلا مهر لها ولا نفقة ولا ميراث، وإذا ماتت المرأة في مرضه قبل أن يدخل بها، فلا ميراث للزوج منها، ولا مهر، ولا أثر للاستمتاعات الاخرى بها إذا استمتع بها في مرضه من تقبيل وملامسة بشهوة من غير دخول.

[ المسألة 274: ] إذا عقد له على المرأة وهو مريض، ثم برئ من ذلك المرض، ثم مات قبل أن يدخل بالمرأة بمرض آخر أو بقتل ونحوه ثبت النكاح والميراث، واستحقت نصف المهر على الاقوى، وكذلك الحكم إذا ماتت الزوجة قبل الزوج في هذا الفرض وقبل الدخول، فيرثها الزوج ويثبت لها نصف المهر.

[ المسألة 275: ] يشكل الحكم الذي ذكرناه في المسألة المائتين والثالثة والسبعين إذا كان مرض الزوج الذي عقد فيه المرأة من الامراض الطويلة التي تستمر سنين، فإذا مات الزوج ولم يدخل بها أو ماتت هي قبله وقبل الدخول فلا يترك الاحتياط بالتصالح بين الورثة وبين الطرف الباقي منهما من حيث المهر ومن حيث الميراث وخصوصا في الامراض التي يكون الابتلاء بها أدوارا.

[ المسألة 276: ] يجوز للمرأة الخلية من الزوج ومن العدة أن تزوج نفسها وان كانت مريضة وفي مرض الموت، وإذا عقدت نفسها في مرض الموت، صح نكاحها وثبت التوارث بينها وبين الزوج إذا ماتت هي أو مات الزوج، سواء كان ذلك قبل الدخول بها أم بعده، وإذا كان موتها أو موت زوجها قبل الدخول استحقت عليه نصف المهر على الاقوى.

[ المسألة 277: ] يجوز للرجل أن يعرض بالخطبة للمرأة صاحبة العدة من غيره، إذا كانت ممن يجوز له أن يتزوج بها بعد العدة كالمعتدة للوفاة والمعتدة من الطلاق البائن، إذا قال في تعريضه بها قولا معروفا، ليس فيه اشارة إلى ما يقبح أو يخالف الادب الذي من أجله شرعت العدة للمرأة، ولم يعزم عقدة النكاح حتى تنقضي العدة ويبلغ الكتاب أجله. وأما المعتدة البائنة من الرجل نفسه، فيجوز له التعريض بل والتصريح بخطبتها لنفسه ليتزوجها بعد العدة أو فيها الا أن تكون محرمة عليه أبدا، أو تكون محرمة عليه حتى تنكح زوجا غيره، أو يكون قد تزوج بعد طلاقها بائنا بأختها، فلا يجوز له ذلك على الاقوى في بعض الصور المذكورة وعلى الاحوط في بعضها واما ذات العدة الرجعية فهي بالاضافة إلى المطلق نفسه بحكم الزوج فلا يمنع من التعريض ولا التصريح بخطبتها ليتزوج بها بعد العدة كما لا يمنع من الرجعة بها في اثناء العدة، وهي بالاضافة إلى الرجال الآخرين بحكم ذات البعل، فلا يجوز لاحد منهم التعريض على الاحوط ولا يجوز له التصريح بخطبتها وان لم يعزم عقد النكاح في أثناء العدة.

[ الفصل السادس ] [ في النكاح المنقطع ]

[ المسألة 278: ] النكاح المنقطع كالنكاح الدائم لا ينعقد الا بعقد لفظي يشتمل على ايجاب وقبول لفظيين، ولا يكفي فيه التراضي بين الزوجين بغير عقد، ولا ينعقد بالمعاطاة، ولا بكتابة الصيغة بقصد انشائها، ولا بالاشارة المفهمة الا في الاخرس العاجز عن النطق، ويعتبر أن يكون الايجاب بلفظ النكاح أو بلفظ التزويج أو بلفظ المتعة، والاحوط أن يكون العقد باللغة العربية مع الامكان، وان كان الظاهر صحة نكاح كل قوم إذا انشئ العقد بلسانهم، وأتى فيه بالترجمة المطابقة للفظ العربي كما قلنا في العقد الدائم. والاحوط أن يوقع العقد بلفظ الماضي، فتقول المرأة للرجل: زوجتك أو أنكحتك أو متعتك نفسي كذا يوما، بكذا دينارا، أو يقول وكيل المرأة للرجل: زوجتك موكلتي فلانة، وان صح أيضا ان ينشأ بلفظ المستقبل وبالجملة الخبرية على الاقوى كما ذكرنا في العقد الدائم، فتقول المرأة للرجل أزوجك نفسي أو أنا مزوجتك نفسي بكذا، وأن يكون القبول بلفظ قبلت أو رضيت، أو نكحت، أو تمتعت.

[ المسألة 279: ] يصح أن يقدم القبول في العقد على الايجاب، إذا انشئ لفظه بمثل تزوجت ونكحت وتمتعت، لا بلفظ قبلت ورضيت كما قلنا في النكاح الدائم وان كان الاحوط تقديم الايجاب. ويصح أن يكون الايجاب من الزوج وان كان الاحوط أن يقع من الزوجة أو من وكيلها، وإذا حصل الايجاب من الزوج فلابد وأن يكون انشاء الزوجية بما يفيد ضم الزوجة إليه وتبعيتها له بأن يقول للمرأة تزوجتك أو نكحتك أو تمتعتك، لا بمثل زوجتك أو انكحتك أو متعتك نفسي، فان مفاد هذه الصيغ تبعيته هو للزوجة وقد قلنا نظير هذا في العقد الدائم.

[ المسألة 280: ] إذا تم الايجاب من الزوجة أو من وكيلها، وذكرت فيه الصيغة والاجل والمهر، فيكفي في القبول ان يقول الزوج أو وكيله قبلت أو رضيت، وان لم يذكر فيه المتعلقات التي ذكرت في الايجاب، فلا يشترط فيه أن يقول قبلت الزواج أو المتعة لنفسي أو لموكلي في جميع المدة المعينة بالمهر المعلوم، وكذلك إذا وقع الايجاب من الزوج وكان القبول من الزوجة أو من وكيلها، نعم إذا تقدم القبول على الايجاب سواء كان من الزوج أم من الزوجة أم من وكيليهما فلابد من ذكر المتعلقات في القبول في هذه الصورة على الاحوط بل الاقوى.

[ المسألة 281: ] لا يحل أن تتزوج المؤمنة بالمتعة رجلا كافرا كتابيا أو غير كتابي، ولا مرتدا عن الاسلام فطريا أو مليا، ولا معاديا ولا مغاليا، ولا بمن ينكر اباحة المتعة وان كان ينتسب إلى احدى فرق الشيعة، ولا يجوز للرجل المؤمن أن يتزوج بالمتعة بغير الكتابية اليهودية أو النصرانية من أصناف الكفار ولا بالمجوسية على الاحوط ولا بالمرتدة فطرية كانت أم ملية، ولا بالمعادية والمغالية ولا بمن تنكر اباحة المتعة وان كانت من احدى فرق الشيعة.

[ المسألة 282: ] يحرم التمتع بالمرأة إذا تحقق لها سبب من الاسباب التي تحرم نكاحها على الرجل من نسب أو رضاع أو مصاهرة أو توابع المصاهرة أو لعان أو استيفاء عدد الطلقات أو النكاح في حال الاحرام، أو غير ذلك مما تقدم تفصيله في فصل أسباب التحريم، ولا يحل للرجل أن يتمتع بالمرأة وعنده أختها، سواء كانت أختها زوجة بالعقد الدائم أم بالمتعة أم كانت أمة موطوءة بملك اليمين، ولا يحل له أن يتمتع بابنة الاخ وهو متزوج بعمتها، ولا بابنة الاخت وهو متزوج بخالتها الا باذنهما، سواء كانت العمة أو الخالة زوجة له بالعقد الدائم أم بالمتعة، وإذا تمتع بالبنت بغير اذن عمتها أو خالتها قبل العقد توقفت صحة النكاح على اجازتهما بعد العقد، ولا يمنع من التمتع بالبنت إذا كانت العمة أو الخالة أمة له موطوءة بملك اليمين ولا يحل له أن يتمتع بالامة وعنده زوجة حرة الا باذنها، سواء كانت الحرة زوجة له بالعقد الدائم أم بالمتعة، وإذا تمتع بالامة بغير اذن الحرة قبل العقد توقفت صحة المتعة على اجازة الحرة بعد العقد.

[ المسألة 283: ] يكره التمتع بالمرأة الزانية من غير فرق بين الزاني بها وغيره، ولا يترك الاحتياط باجتناب التمتع بالمرأة إذا كانت مشهورة بالزنا ما لم تظهر توبتها، كما قلنا في العقد الدائم في المسألة المائتين والسادسة والعشرين، ويكره التمتع بالمرأة الباكر بدون اذن وليها، والكراهة مع افتضاضها أشد.

[ المسألة 284: ] يستحب للرجل أن يختار المؤمنة على غيرها، ويستحب أن يختارها عفيفه مأمونة، فإذا كانت متهمة بما يخالف ذلك استحب له أن يسأل عن حالها قبل أن يتمتع بها، فإذا هو تزوجها كره له الفحص والسؤال عنها بعد ذلك.

[ المسألة 285: ] يشترط في صحة التزويج بالمتعة أن يذكر المهر في العقد، فإذا لم يذكر فيه كان العقد باطلا سواء ترك ذكره عامدا أم ساهيا أم ناسيا.

[ المسألة 286: ] يصح أن يكون المهر في التزويج بالمتعة عينا من الاعيان المملوكة وأن يكون دينا في ذمة المرأة أو في ذمة أحد سواها، وان يكون منفعة، أو عملا من الاعمال التي تصلح أن تكون عوضا، ويصح على الاقوى أن يكون حقا من الحقوق المالية التي تقبل الانتقال كحق التحجير، ويشكل بل يمنع أن يجعل المهر اسقاط حق من الحقوق الثابتة، ومثال ذلك أن تزوج المرأة نفسها للرجل وتجعل صداقها اسقاط حق خيار كان ثابتا للزوج في بيع سابق، أو اسقاط حق شفعة له في معاملة على دار أو على بستان أو أرض.

[ المسألة 287: ] يشترط في المهر أن يكون مما يصح أن يتملكه المسلم سواء كان عينا أم دينا، فلا يجوز أن يجعل المهر شيئا لا يصح تملكه، أو شيئا لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير وان كانت المرأة المتمتع بها ذمية، ويشترط أن يكون معلوما في الجملة ولو بالمشاهدة، ومثال ذلك ان تزوجه نفسها مدة معينة بهذا الثوب، أو بهذه القطعة من الذهب، أو بهذه الصبرة من الطعام، وان لم يعلم مقدار كيلها أو وزنها، ويكفي الوصف الموجب للعلم به في الجملة، كما إذا قال المهر الذي أدفعه لك كساء يشبه هذا الكساء، أو هو سوار من الذهب يحكي سوار فلانة إذا كان الوصف معلوما عند المرأة، ولا حد للمهر في القلة والكثرة، والمدار أن يكون المقدار مما تراضى عليه الطرفان مما يصلح أن يكون عرضا ولا يصح إذا سقط عن المالية في نظر أهل العرف لقلته.

[ المسألة 288: ] تملك المرأة المتمتع بها جميع المهر الذي سماه الزوج لها بمجرد عقده عليها، وان كان ملكها جميع المهر لا يكون مستقرا الا بالدخول بها، وبأن تفي للزوج بشرطه، فتمكنه من الاستمتاع بوطئها متى شاء في جميع المدة المعينة. ونتيجة لذلك فإذا وهبها الزوج جميع المدة بعد العقد وقبل الدخول بها كان لها نصف المهر، وكذلك إذا انقضى بعض المدة ولم يدخل بها ثم وهبها باقي المدة من غير دخول فيكون لها نصف المهر. وإذا لم تف للزوج بشرطه، فلم تمكنه من الاستمتاع بوطئها في بعض المدة كان للزوج أن يقطع من مهرها بمقدار ما أخلفته من المدة، فان لم تف له بنصف المدة أو بربعها مثلا جاز له أن يقطع من المهر بتلك النسبة. ويستثنى من ذلك أيام الحيض ونحوها مما يحرم فيه الوطء شرعا كأيام شهر رمضان إذا اتفقت في أثناء أجل المتعة، فلا يجوز للزوج أن يقطع من مهر المرأة شيئا بسبب امتناعها من التمكين فيها.

[ المسألة 289: ] إذا طرأت للمرأة المتمتع بها اعذار أخرى من مرض واشتغال ببعض الاعمال أو بمباشرة ضيوف أو مرضى فامتنعت عن تمكين الزوج في بعض الايام جاز له أن يقطع من المهر بحساب تلك الايام على الاقوى، وإذا مكنت زوجها من الوطء في المدة ومنعته من الاستمتاعات الاخرى لم يكن له أن يقطع من المهر شيئا، وإذا لم تحضر عند الزوج في بعض الايام لعجزه هو عن الوطء ففي جواز الاقتطاع من المهر بحساب تلك الايام، اشكال، والاحوط له ان لا يقطع.

[ المسألة 290: ] إذا دخل الرجل بالمرأة المتمتع بها ثم وهبها المدة كان لها جميع المهر سواء كان ذلك في أول المدة أم بعد انقضاء قسط منها، الا إذا كانت ممتنعة منه في بعض المدة فيقطع منها بالنسبة، وكذلك إذا مات الزوج أو ماتت الزوجة في أثناء الاجل كان لها جميع المهر وان كان ذلك قبل الدخول بها، الا إذا كانت ممتنعة عن تمكينه قبل الموت فيقطع من المهر بالنسبة.

[ المسألة 291: ] إذا مكنت المرأة زوجها من الوطء ولم يدخل بها حتى انقضى الاجل استحقت عليه جميع المهر، وإذا قسط المدة فوهب المرأة بعض المدة وأبقى له بعضها، فكان الاجل شهرين مثلا فوهبها شهرا وأبقى له شهرا ثم لم يدخل بها حتى انقضى الاجل، ففي ثبوت جميع المهر للمرأة أو نصفه اشكال، ولا يبعد ثبوت جميع المهر لها والاحوط المصالحة.

[ المسألة 292: ] إذا تبين فساد عقد المتعة لفقدان بعض شرائط الصحة في العقد أو في المعقودة، كما إذا ظهر أن المرأة محرمة على الرجل بأحد أسباب التحريم وجب على الرجل الامتناع عن المرأة، ولم تستحق عليه مهرا إذا لم يدخل بها، ولا مهر لها كذلك مع الدخول بها إذا كانت حين وطئها تعلم بفساد العقد لانها بغي، وإذا كان قد دفع المهر إليها فله استعادته منها في هذه الصورة، بل وعليها ضمانه مع التلف، وإذا كانت جاهلة بفساد العقد كان الوطء شبهة واستحقت على الواطئ مهر مثلها متعة لا دواما.

[ المسألة 293: ] يشترط في صحة النكاح المنقطع أن يذكر فيه أجل معين، فان لم يذكر فيه أجل بطل العقد متعة، وانعقد دائما على الاقوى، سواء كان عامدا في ترك ذكره أم ساهيا أم ناسيا.

[ المسألة 294: ] الاجل في النكاح المنقطع هو ما تراضى عليه الزوجان من الامد، سواء كان قصيرا أم طويلا، ولا يمنع طول الزمان من صحة اشتراطه بينهما إذا كان من المحتمل بقاؤهما إليه، وإذا كان الاجل طويلا يعلم بعدم بقاء الزوجين إليه، ففي صحة اشتراطه فينعقد النكاح بينهما متعة، أو عدم صحته فينعقد النكاح دائما، اشكال، ولا يترك الاحتياط.

[ المسألة 295: ] يشترط ان يكون الاجل في النكاح المنقطع معلوما عند الزوج والزوجة محدود البداية والنهاية بما لا يقبل الزيادة والنقصان، وإذا اطلق المتعاقدان أجلا معينا كالشهر والاسبوع والشعرة أيام، ولم يذكرا أوله كان ابتداؤه من حين العقد، وكان عليهما أن يحددا آخره بغاية معلومة، بأن يقولا إلى نهاية الساعة العاشرة مثلا من يوم كذا، أو إلى الزوال من ذلك اليوم أو إلى الغروب منه، وهكذا الساعة واليوم وغيرهما من الآماد القصيرة أو الطويلة.

[ المسألة 296: ] يجوز أن يكون الاجل في المتعة متأخرا عن العقد إذا كان معينا محدودا بما لا يقبل الزيادة والنقصان، ومثال ذلك أن تزوج المرأة نفسها للرجل من غروب الشمس لاول ليلة من شهر رمضان إلى غروبها في آخر يوم من أيامه من هذا العام، وهما في شهر رجب أو قبله من الشهور، وإذا زوجت المرأة نفسها للرجل كذلك فالاحوط لها ان لا تزوج نفسها متعة لغير ذلك الرجل في ما بين العقد وأول الاجل، وان كان الوقت يتسع لمده هذا التزويج، وللاعتداد منه، والاحوط للرجل المعقود له ان لا يتمتع اخت المعقودة قبل حضور أجلها وان كان الوقت يتسع لمدة التزويج بالاخت ولعدتها، وأحوط من ذلك كله ان لا تعقد المتمتع بها نفسها على رجل آخر قبل أن تنقضي مدة الاول والعدة منه، وان كان أجل العقد الثاني متأخر عن ذلك.

[ المسألة 297: ] لا يصح أن يجعل الاجل في عقد المتعة مقدرا بالوطء، مرة واحدة أو مرتين مثلا، فانه أمد غير محدود فإذا جعل الزوجان ذلك أجلا لنكاحهما بطل عقدهما متعة وانعقد دائما على الاقوى، وإذا عقد الرجل على المرأة الى أجل معين واشترطا في العقد أن يطأها في الامد كله مرة واحدة أو مرتين مثلا، صح عقدهما ووجب عليهما الوفاء بالشرط، فلا يجوز له أن يطأها أكثر من ذلك وان كان الاجل باقيا، وإذا أذنت به جاز له ذلك.

[ المسألة 298: ] يجوز للمرأة أن تشترط في العقد لنفسها ما تشاء إذا كان الشرط سائغا ولا ينافي مقتضي العقد ويصح للرجل ذلك أيضا فإذا وقع عليه الايجاب والقبول وجب الوفاء به، فإذا اشترط احدهما على صاحبه أن يكون الاتيان ليلا فحسب أو أن يكون نهارا وجب على صاحبه الوفاء بالشرط، فلا يجوز له الاتيان في غير ما شرط، وإذا اذن المشروط له فأسقط حقه جاز الاتيان مطلقا، وسيأتي مزيد بيان للشروط التي تقع في عقد النكاح في فصل المهر والشروط ان شاء الله تعالى.

[ المسألة 299: ] إذا حملت المرأة المتمتع بها لحق الولد شرعا بالرجل المتمتع، وان عزل ماءه عن المرأة عند جماعها، فان الماء قد يسبق من غير تنبه، ولا يجوز للرجل أن ينفي الولد عن نفسه الا مع القطع بانتفائه عنه، وإذا نفاه عن نفسه انتفى عنه في الظاهر من غير حاجة إلى لعان مع المرأة كما في الزوجة في العقد الدائم، الا أن يعلم أنه قد نفى الولد عن نفسه وهو يحتمل أنه ولده، فيلحق به الولد ولا يلتفت إلى نفيه.

[ المسألة 300: ] إذا انقضى الاجل المسمى في النكاح المنقطع بانت المرأة من زوجها بذلك، ولزمها الاعتداد منه إذا كان قد دخل بها، وكذلك إذا وهبها الزوج المدة فتبين منه ويجب عليها الاعتداد مع الدخول، وليس للزوج أن يرجع بها في العدة، ويصح له أن يتزوجها بعقد جديد وان كانت في العدة سواء أرادا نكاحا دائما أم منقطعا بأجل مسمى آخر، وقد تقدم أن العدة لا تمنع من نكاح صاحب العدة نفسه للمرأة وانما تمنع من نكاح غيره وتلاحظ المسألة المائتان والثالثة والعشرون.

[ المسألة 301: ] إذا انقضى الاجل المعين في عقد المتعة أو وهب الرجل المدة للمرأة ولم يدخل بها فلا عدة عليها، وكذلك إذا دخل بها وهي غير بالغة، أو كانت يائسة من المحيض، وإذا دخل بالمرأة وكانت بالغة وغير يائسة من المحيض وجب عليها أن تعتد كما يأتي.

[ المسألة 302: ] لا يقع في عقد المتعة طلاق بين الزوجين ولا خلع ولا مباراة بل تبين المرأة من زوجها بانتهاء الاجل المضروب بينهما في العقد، وبهبة المدة كما تقدم، ولا يقع في المرأة المتمتع بها لعان ولا ايلاء، ويقع بها الظهار على الاقوى وتترتب أحكامه كما يأتي في كتاب الظهار.

[ المسألة 303: ] إذا مات الزوج في أثناء مدة النكاح المؤقت لم ترث المرأة المتمتع بها من تركته شيئا، وإذا ماتت الزوجة في أثناء المدة لم يرث الزوج منها شيئا الا مع الشرط، فإذا شرط الرجل على المرأة في عقد النكاح بينهما أن يرث منها إذا ماتت قبله، وقبلت بالشرط، أو شرطت هي ذلك على الزوج وقبل به، نفذ الشرط ووجب العمل به فيرث المشروط له من صاحبه إذا مات قبله، وإذا شرط الطرفان وقبلا به، ثبت التوارث بين الطرفين، وكان ارثهما وفقا لما يرثه الزوجان في العقد الدائم.

[ المسألة 304: ] عدة المرأة المتمتع بها إذا دخل بها الزوج وانتهى الاجل أو وهبها المدة حيضتان كاملتان على الاقوى، فلا يكفي المسمى في الحيضتين أو في احداهما، فإذا انقضى الاجل وهي في أثناء الحيض لم تعد تلك الحيضة من العدة، بل يجب عليها أن تعتد بحيضتين كاملتين بعدها، وإذا كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض، اعتدت بخمسة وأربعين يوما بلياليهن على الاحوط، وإذا كانت حاملا اعتدت على الاحوط بأبعد الاجلين من المدة المذكورة ووضع الحمل. وإذا مات الرجل في أثناء مدة المتعة، اعتدت المرأة بأربعة أشهر وعشرة أيام، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، أم يائسة، ومدخولا بها أم لا، بل وسواء كانت حرة أم أمة على الاحوط ان لم يكن هو الاقوى، وإذا كانت حاملا منه اعتدت إلى آخر الاجلين، المدة المذكورة ووضع الحمل.

[ الفصل السابع ] [ في العيوب والتدليس ]

[ المسألة 305: ] عيوب الرجل التي توجب تسلط الزوجة على فسخ النكاح بينها وبينه اربعة. الاول: الجنون الذي يطرأ على الرجل بعد العقد على المرأة سواء كان طروءه عليه قبل دخوله بالمرأة أم بعده وسواء كان الجنون مطبقا أم أدوارا، وسواء كان الرجل يعقل معه أوقات الصلاة أم لا يعقلها، إذا كان الجنون بدرجة يسقط معه التكليف عن الرجل، فيجوز للمرأة أن تفسخ عقد النكاح منه متى علمت بجنونه. وكذلك إذا كان جنون الرجل سابقا على العقد أو مقارنا له ولم تكن المرأة عالمة به، وقد استمر جنونه إلى ما بعد العقد، فيجوز لها الفسخ متى علمت به سواء كان الجنون مطبقا أم أدوارا، وسواء حصل العلم لها بجنونه قبل وطئه لها أم بعده.

[ المسألة 306: ] إذا كان جنون الرجل سابقا على العقد أو مقارنا له، ثم برئ منه بعد العقد، ففي جواز فسخ المرأة للعقد بسببه اشكال، سواء برئ من الجنون قبل أن تعلم المرأة به أم بعد ذلك، ولعل الاقرب عدم جواز الفسخ، وإذا علمت المرأة بجنون الرجل، ورضيت به مع وجود العيب لم يكن لها الفسخ بعد ذلك سواء كان الجنون سابقا على العقد أم طارئا بعده.

[ المسألة 307: ] الثاني من عيوب الرجل الخصاء، وهو سل الانثيين، وانما يكون هذا العيب موجبا لتسلط المرأة على فسخ النكاح إذا كان حدوثه سابقا على العقد، ولم تعلم به المرأة، فلا فسخ لها إذا كان بعد العقد أو حدث مقارنا له، ولا فسخ لها إذا كانت عالمة به قبل العقد، ولا فسخ لها إذا علمت بالعيب بعد العقد فرضيت بالاقامة معه، ويجوز لها الفسخ في الصورة الاولى سواء علمت به قبل الدخول أم بعده.

[ المسألة 308: ] قال جماعة من الاصحاب، وموجوء الخصيتين بحكم الخصي أو هو بعض أفراده، فيجوز للمرأة أن تفسخ النكاح إذا كان الرجل موجوءا قبل العقد عليها ولم تكن المرأة تعلم بذلك، وما ذكروه مشكل فلا يترك الاحتياط في الفرض المذكور، والوجاء هو رض الانثيين حتى يبطل عملهما.

[ المسألة 309: ] الثالث من عيوب الرجل الجب، وهو قطع ذكره إذا كان سابقا على العقد ولم تعلم المرأة به، وكذلك إذا حدث بعد العقد وقبل الدخول على الاقوى، فيجوز للمرأة أن تفسخ عقد النكاح في كلتا الصورتين، وانما يكون الجب موجبا لتسلط المرأة على الفسخ إذا لم يبق من العضو مقدار الحشفة، فإذا بقي منه بقدرها أو أكثر مما يمكن معه حصول الوطء من الرجل لم يثبت للمرأة حق الفسخ. وإذا علمت المرأة بالعيب في الرجل قبل انشاء العقد أو بعده ورضيت به لم يجز لها فسخ النكاح بعد ذلك، وإذا حدث الجب بعد العقد، وحصول الدخول بالمرأة ولو مرة واحدة، أشكل الحكم بجواز الفسخ.

[ المسألة 310: ] الرابع من عيوب الرجل العنن، وهو سبب عارض يعجز معه عضو الرجل عن الانتشار ويضعف عن مباشرة المرأة، ولا يكون هذا العيب موجبا لجواز فسخ النكاح حتى يكون عنة كاملة عن هذه المرأة وعن غيرها، فإذا عن الرجل عن هذه المرأة دون غيرها، أو عن قبل المرأة دون دبرها أو في بعض الحالات دون بعض أو في بعض فصول السنة دون بعض، لم يكن للمرأة معه حق الفسخ.

[ المسألة 311: ] لا يكون العن موجبا لجواز فسخ النكاح إذا عرض للرجل بعد أن وطأ المرأة ولو مرة واحدة، فيجب عليها الصبر فانها مبتلاة كما في النصوص.

[ المسألة 312: ] إذا كان العنن في الرجل سابقا على العقد على المرأة أو طرأ له بعد العقد عليها وقبل الوطء، فان رضيت المرأة بذلك كان العقد لازما ولم يجز لها أن تفسخ العقد بعد ذلك، وان لم ترض به رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيؤجل الحاكم الرجل سنة كاملة من يوم المرافعة يتركه معها، فإذا هو لم يستطع وطأها في هذه المدة ولا وطء غيرها جاز للمرأة فسخ النكاح.

[ المسألة 313: ] إذا حصل العنن في الزوج وانقضت المدة التي أجله الحاكم الشرعي إليها ولم يستطع في المدة المعينة وطء الزوجة ولا وطء غيرها جاز للمرأة ان تتولى بنفسها فسخ العقد ولم تفتقر فيه إلى مباشرة الحاكم الشرعي، نعم لابد وأن يكون تأجيل الرجل إلى السنة بأمر الحاكم، فان ذلك من وظائفه فلا يقوم بها غيره، وإذا تعذر على المرأة أو على وكيلها الوصول إلى الحاكم الشرعي ليضرب الاجل، أو امتنع الرجل من الحضور عند الحاكم ولم يمكن اجباره جرى عليه حكم التأجيل، فإذا انقضت السنة من ذلك الوقت ولم يمكن للرجل الوطء جاز للمرأة فسخ النكاح.

[ المسألة 314: ] يجوز أن تتولى المرأة بنفسها فسخ النكاح في عيوب الرجل الثلاثة المتقدمة: الجنون والخصاء والجب، إذا ثبت العيب وتمت الشروط المعتبرة فيه كما مر ذكره، ولم تفتقر في الفسخ إلى مباشرة الحاكم، نعم لابد من الرجوع إلى فتوى الفقيه المقلد، في ان العارض الذي حدث في الرجل من العيوب المجوزة للفسخ أم لا، ولابد من الرجوع إلى الحاكم الشرعي في اثبات وجود العيب في الرجل إذا كان موضعا للنزاع، وبعد ثبوت العيب تفسخ المرأة إذا شاءت.

[ المسألة 315: ] إذا فسخت المرأة عقدها بعد ثبوت العنن في الرجل وانقضاء المدة التي ضربها الحاكم وتوفر الشروط التي بيناها فيه، انفسخ نكاحها، وكان لها نصف المهر المسمى لها في العقد ولا عدة عليها لعدم الدخول وإذا فسخت العقد في أحد العيوب الاخرى المذكورة فان كان الفسخ قبل الدخول بها لم تستحق من المهر شيئا ولا عدة عليها، وان كان بعد الدخول بها استحقت المهر المسمى كله ولزمتها العدة.

[ المسألة 316: ] لا يثبت للمرأة حق الفسخ في غير هذه العيوب الاربعة، كما إذا كان الرجل مجذوما أو أبرص أو أعمى، أو مبتلى بغيرها من العيوب، الا ان يشترط في العقد للمرأة أو لولي أمرها سلامة الرجل من ذلك العيب أو يوصف الرجل له في العقد بخلوه من ذلك العيب، أو يذكر ذلك قبل العقد بحيث يكون اجراء العقد بين المتعاقدين مبنيا عليه، فإذا كان العيب موجودا فيه كان ذلك من التدليس وجاز للمرأة فسخ العقد لذلك.

[ المسألة 317: ] عيوب المرأة التي توجب تسلط الزوج على فسخ النكاح سبعة: وهي (1) الجنون، (2) الجذام، (3) البرص، (4) العمى، (5) الافضاء (6) القرن، (7) الاقعاد، ومنه العرج البين. والجنون هو فساد العقل سواء كان مطبقا أم أدوارا، وسواء عقلت المرأة معه أوقات الصلاة أم لم تعقل، إذا بلغ جنونها درجة يسقط معها التكليف عنها كما ذكرنا في عيوب الرجل، وليس منه الاغماء الذي يعرض في بعض الاوقات وليس منه مرض الصرع الذي قد يصيب بعض الناس. والجذام والبرص مرضان معروفان، وإذا اشتبه أمرهما رجع في تشخيصهما إلى أصحاب الخبرة من الاطباء الثقاة وغيرهم وإذا استقرت الشبهة في المرض الموجود أنه منهما أم لا ولم تتضح الحال لم يجز الفسخ. والعمى هو ذهاب البصر من العينين وان كانتا مفتوحتين والقرن ويقال له العفل أيضا، هو شئ ينبت في فرج المرأة، لحم أو غدة أو عظم يمنع الزوج من الوطء، أو يوجب تنفره وانقباضه عند جماع المرأة، وكذلك الرتق، وهو التحام الفرج، والاحوط الاقتصار على صورة العجز عن علاجه، وان كان ذلك بسبب امتناع المرأة عنه والافضاء هو تصيير مسلكي الحيض والبول مسلكا واحدا، وقد تعرضنا لذكره وبيان المراد منه في المسألة الثانية والعشرين.

[ المسألة 318: ] إذا وجد الرجل بالمرأة أحد العيوب الآنف ذكرها وكان العيب فيها سابقا على العقد جاز له أن يفسخ النكاح بينه وبين المرأة، وان كان قد وطأ المرأة قبل أن يعلم بالعيب وإذا علم بالعيب ثم جامعها بعد علمه به لم يكن له الفسخ بعد ذلك، وإذا علم بعيب المرأة ورضي بها بعد علمه بعيبها لم يكن له فسخ العقد وان لم يجامعها بعد.

[ المسألة 319: ] إذا تزوج الرجل المرأة وهي صحيحة، ثم حدث فيها أحد العيوب السبعة بعد الدخول بها، لم يكن له فسخ النكاح بسبب ذلك العيب، كما إذا عميت المرأة أو جنت أو برصت أو جذمت أو أقعدت بعد عقدها والدخول بها. وإذا تزوجها الرجل وهي صحيحة ثم حدث فيها أحد العيوب قبل الدخول بها اشكل الحكم بجواز الفسخ وعدمه بهذا العيب، فلابد فيه من مراعاة الاحتياط بأن يطلق المرأة إذا أراد فراقها.

[ المسألة 320: ] إذا فسخ الرجل نكاح المرأة بسبب أحد العيوب، فان كان الفسخ قبل الدخول بالمرأة فلا مهر لها ولا عدة عليها، وإذا كان الفسخ بعد الدخول بها ولو مرة واحدة استحقت المرأة المهر كله ووجب على الرجل دفعه إليها إذا لم تكن هي دلست العيب الموجود فيها، كما إذا كانت جاهلة بوجود العيب أو كانت جاهلة بكونه عيبا يوجب الفسخ، وإذا كانت هي التي دلست العيب على الزوج لم تستحق من المهر شيئا، فإذا كان الزوج قد دفعه إليها رجع عليها به.

[ المسألة 321: ] إذا استحقت المرأة مهرها على الزوج لانه فسخ بعد الوطء وهي جاهلة بالعيب كما ذكرنا وكان الذي تولى تزويجها من الرجل هو الذي دلس عليه عيبها رجع الزوج عليه بما دفعه لها من المهر، سواء كان وليا شرعيا للمرأة أم وليا عرفيا، وسواء كان قريبا لها أم بعيدا أجنبيا عنها، وإذا كان الشخص الذي تولى تزويجها لا يعلم بوجود العيب فيها لم يرجع الزوج عليه بشئ.

[ المسألة 322: ] يتحقق التدليس بكتمان العيب على الزوج إذا كان من عيوب المرأة، وبكتمانه على الزوجة إذا كان من عيوب الرجل، فإذا كان من بيده أمر المرأة وتولى تزويجها عالما بوجود العيب في المرأة وعالما كذلك بأنه عيب، وأخفى أمر العيب على الزوج ولم يعرفه به، فقد دلس، فإذا فسخ الزوج بعد أن علم بالعيب وكان فسخه بعد الدخول بالمرأة، رجع بالمهر الذي يدفعه للمرأة على ذلك الشخص الذي دلس العيب عليه، وإذا كان الشخص جاهلا بالعيب، وكانت المرأة هي التي كتمت العيب وأخفته لم تستحق من المهر شيئا، فإذا كان الزوج قد دفعه إليها استرجعه منها، وإذا كانت المرأة جاهلة أيضا استحقت المهر بالوطء كما ذكرنا ولم يرجع الزوج على أحد.

[ المسألة 323: ] إذا ثبت في المرأة أحد العيوب الآنف ذكرها، صح للرجل أن يباشر الفسخ بنفسه من غير أن يراجع الحاكم الشرعي أو يستأذنه في الفسخ، ولابد من الرجوع إلى فتوى الفقيه المقلد في أن العارض الذي حدث في المرأة من العيوب أم ليس منها ولابد من الرجوع إلى الحاكم الشرعي في اثبات وجوب العيب فيها إذا كان موضعا للنزاع، فإذا ثبت وجود العيب جاز للزوج أن يتولى الفسخ بنفسه، وقد تقدم مثل ذلك في المرأة.

[ المسألة 324: ] فسخ النكاح ليس بطلاق، سواء وقع من قبل الزوج أم من قبل الزوجة، فلا تشترط فيه شروط الطلاق ولا تترتب عليه أحكامه، فلا يشترط فيه أن تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس أو في غير طهر المواقعة ولا يعتبر فيه حضور شاهدين عادلين، ولا يعد من الطلقات الثلاث التي توجب تحريم المرأة على الرجل حتى تنكح زوجا غيره. نعم يجب على المرأة أن تعتد بعد الفسخ عدة المطلقة إذا كان الفسخ بعد الدخول وكانت المرأة ممن تثبت عليها العدة في الطلاق، وهذا ليس من الاحكام المختصة بالطلاق.

[ المسألة 325: ] لا يختص الحكم بجواز الفسخ عند حدوث أحد العيوب المتقدم ذكرها بالنكاح الدائم بل يجري في النكاح المنقطع أيضا، فإذا حدث في أحد الزوجين بعض العيوب صح للآخر فسخ النكاح إذا توفرت الشروط التي تقدم بيانها.

[ المسألة 326: ] الاقوى أن حق الفسخ الذي يثبت للزوج أو للزوجة عند حدوث أحد العيوب، ليس على الفور، ولذلك فلا يسقط بالتأخير الا إذا كان ذلك عن رضا ببقاء النكاح، من غير فرق بين الرجل والمرأة، وان كان الاحوط اعمال الخيار على الفور بل لا يترك ذلك ما أمكن.

[ المسألة 327: ] يثبت وجود العيب في الرجل والمرأة بشهادة البينة العادلة المطلعة على وجوده، حتى العنن في الرجل على الاقوى، إذا اتفق علم الشاهدين بذلك من الامارات الطبية وغيرها المفيدة للعلم، ويثبت باقرار صاحبه وبالبينة على اقراره، وإذا لم تكن بينة على اثبات العيب كان القول قول منكر العيب مع يمينه، وإذا رد المنكر اليمين على المدعي حلف هذا على مدعاه وثبت العيب.

[ المسألة 328: ] لا يثبت حق الفسخ للرجل في العيوب الاخرى التي توجد في المرأة كالعور والعقم ونحوهما، الا إذا شرط الرجل في ضمن العقد أن تكون سالمة من ذلك العيب، أو وصفت له في العقد بأنها سليمة منه، أو ذكر له ذلك قبل العقد ثم أجري العقد مبنيا عليه، فإذا كان كذلك ثم تبين بعد ذلك وجود العيب في المرأة كان ذلك من التدليس وجاز للرجل الفسخ، وسيأتي بيانه في المسائل اللاحقة ان شاء الله تعالى.

[ المسألة 329: ] من التدليس الموجب لخيار الفسخ أن تذكر للمرأه صفة جمال أو صفة كمال تبعث على الرغبة في التزويج بها، وتكون المرأة خالية عن تلك الصفة، فإذا اشترط الرجل وجود تلك الصفة في المرأة في عقد النكاح، أو وصفت المرأة بتلك الصفة في العقد وان لم يكن ذلك على نحو الشرط، ثم تبين خلو المرأة من تلك الصفة كان ذلك من التدليس، وجاز للرجل بسببه فسخ العقد، وكذلك إذا وصفت المرأة بتلك الصفة في أثناء الخطبة وقبل العقد بحيث تسالم عليها الطرفان وبني عليها عقد النكاح. ومثله العيوب الاخرى غير العيوب السبعة التي توجب الفسخ، فإذا اشترطت في العقد سلامة المرأة من بعض العيوب أو وصفت في العقد بذلك أو ذكرت قبل العقد بحيث بني العقد عليها، ثم تبين خلاف ذلك كان تدليسا وجاز للرجل بسببه فسخ النكاح. وكذلك الحال في اتصاف الرجل ببعض الصفات أو براءته من بعض العيوب، فإذا اشترط ذلك في العقد أو بني عليه العقد على السبيل المتقدم ذكره ثم ظهر خلاف ذلك كان من التدليس وجاز للمرأة بسببه فسخ النكاح.

[ المسألة 330: ] لا تستحق المرأة من المهر شيئا إذا وقع الفسخ بسبب التدليس قبل الدخول بها، سواء كان الفسخ من قبل الزوج بسبب تدليس المرأة أو من تولى أمر تزويجها، أم كان من قبل الزوجة بسبب تدليس الزوج أو من تولى زواجه بالمرأة، وتستحق المهر المسمى كله إذا كان الفسخ بعد الدخول بها، سواء كانت هي الفاسخة للنكاح أم هو الزوج. فإذا كان الفاسخ هو الزوج وكان الفسخ بعد الدخول رجع الزوج بالمهر الذي يدفعه إلى الزوجة على من تولى تزويجها منه إذا كان هو الذي دلس على الزوج، فاشترط له وجود الصفة المفقودة أو عدم النقص الموجود، وإذا كانت المرأة ذاتها هي التي دلست ذلك لم تستحق من المهر شيئا، ويأخذه الزوج منها إذا كان قد دفعه إليها.

[ المسألة 331: ] إذا تزوج الرجل امرأة وشرط له في عقد النكاح عليها انها حرة غير مملوكة، أو وصفت له في العقد بهذا الوصف، أو ذكرت صفة الحرية لها قبل العقد حتى تسالم عليها الجانبان وبني العقد على ذلك ثم ظهر انها أمة مملوكة فالصور المحتملة في هذا التزويج ثلاث. الصورة الاولى أن يكون العقد عليها بغير اذن سابق على العقد من السيد المالك لها ولا اجازة لاحقة منه، ولا ريب في بطلان العقد في هذه الصورة.

[ المسألة 332: ] الصورة الثانية أن يكون الزوج ممن لا يباح له الزواج بالامة، فقد تقدم ان جواز نكاح الحر للامة مشروط بعدم الاستطاعة لدفع مهر الحرة ونكاحها، وبخشية العنت والمشقة في عدم التزويج، فإذا فرض ان الرجل ممن لا يتحقق له كلا الشرطين أو أحدهما لم يجز له نكاح الامة فيكون نكاحه باطلا.

[ المسألة 333: ] الصورة الثالثة أن يكون نكاح الرجل للمرأة باذن مولاها أو باجازته بعد العقد، وأن يكون ممن يباح له الزواج بالامة لوجود الشرطين المذكورين، فيكون النكاح صحيحا وان ثبت للزوج خيار الفسخ من حيث التدليس. فإذا فسخ الزوج العقد قبل دخوله بالمرأة لم تستحق من المهر شيئا، ولا عدة عليها وإذا فسخ العقد بعد دخوله بها دفع الزوجل المهر ويكون لمولاها، ثم يرجع الزوج بالمهر الذي دفعه على من دلسها إذا كان هو غيرها وغير مولاها. وإذا كانت هي التي دلست نفسها رجع الزوج بالمهر عليها واتبعت به بعد عتقها، وإذا كان المدلس هو مولاها لم يستحق من المهر شيئا، بل قد يحكم بحرية الامة أخذا له باقراره بحريتها، وإذا حكم بحريتها لذلك لا يكون للزوج خيار الفسخ لثبوت كونها حرة، تكون هي المستحقة للمهر، والمسألة في هذا الفرض لا تخلو من اشكال.

[ المسألة 334: ] إذا تزوجت المرأة رجلا وشرط لها في عقد النكاح أنه حر غير مملوك، أو وصف لها في العقد بذلك، أو ذكرت له صفة الحرية قبل العقد حتى تسالم عليها الجانبان وبني عليها العقد، ثم ظهر بعد ذلك انه عبد مملوك، فان كان تزويجه بالمرأة بغير اذن سابق على العقد من مولاه ولا اجازة لاحقة كان العقد باطلا، ولا مهر للمرأة إذا تبين ذلك قبل الدخول بها، ويثبت لها مهر المثل إذا تبين ذلك بعد الخدول بها، ويتبع به بعد العتق، وإذا كان تزويجه بالمرأة باذن مولاه أو باجازته كان التزويج صحيحا، وثبت للمرأة خيار الفسخ، فإذا فسخت العقد قبل الدخول فلا مهر لها، وإذا فسخته بعد الدخول كان لها المهر المسمى، وقد تعرضنا في تعليقنا على المسألة الثالثة من فصل نكاح العبيد والاماء من كتاب العروة الوثقى لبيان أن المهر يكون في ذمة العبد أو في ذمة مولاه فليرجع إليه من يطلب بيان ذلك.

[ المسألة 335: ] إذا تزوج الرجل امرأة وشرط في عقد النكاح أن تكون باكرة فوجدها ثيبا، لم يكن للزوج فسخ النكاح بذلك، فان البكارة قد تزول بالنزوة وشبهها، فلا يكون زوالها دليلا على عدم وجودها حين العقد ليكون ذلك تدليسا يوجب حق الفسخ، نعم ينتقص مهرها بنسبة التفاوت ما بين مهر الباكرة والثيب، وسنذكره في المسألة الآتية ان شاء الله تعالى.

[ المسألة 336: ] إذا تزوج الرجل امرأة وشرط عليها في عقد النكاح انها باكرة، أو وصفت في العقد بذلك أو كان العقد مبنيا على ذلك بين المتعاقدين، ثم وجدها ثيبا، وثبت بالبينة أو باقرار المرأة أو بالقرائن المفيدة للعلم انها كانت ثيبا قبل العقد عليها، كان ذلك من التدليس وجاز للزوج فسخ النكاح. فإذا فسخ العقد قبل الدخول بها فلا مهر لها كما لا عدة عليها، وإذا فسخها بعد الدخول بها كان لها المهر المسمى كله، ورجع به الزوج على المدلس، وإذا كانت المرأة ذاتها هي المدلسة لم تستحق من المهر شيئا. وإذا اختار البقاء على نكاحها جاز له أن ينقص من مهرها بمقدار النسبة في التفاوت ما بين مهر مثلها وهي باكرة، ومهر مثلها وهي ثيب، فإذا كان مهر مثلها وهي بكر خمسمائة دينار، وكان مهر مثلها وهي ثيب أربعمائة دينار، كان التفاوت بينهما مائة دينار، وهي خمس مهر البكر، فينقص منها خمس المهر المسمى لها بالعقد، فإذا كان مهرها المسمى ألف دينار مثلا نقص منه مائتا دينار. وإذا تزوج الرجل المرأة باعتقاد انها بكر من غير شرط في العقد ولا تدليس فظهرت ثيبا، لم يكن له فسخ العقد، وان ثبت باقرار المرأة نفسها أو بشهادة البينة العادلة المطلعة كونها ثيبا قبل العقد عليها، ونقص من مهرها بالنسبة المذكورة.