موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي

 

 

مسائل في الإلهيات

في توحيده تعالى

 

- الله عز وجل واحد لا قديم سواه ولا إله غيره

- الله عز وجل لا يشبه الأشياء ولا يجوز عليه ما يصح عليها من التحرك والسكون

- الله عز وجل لم يزل ولا يزال حيا قادرا عالما مدركا لا يحتاج إلى أشياء يعلم بها ويقدر ويحيي

- الله عز وجل خلق الخلق أمرهم ونهاهم ولم يكن آمرا وناهيا قبل خلقه لهم

نهج الحق وكشف الصدق - العلامة الحلي - ص 77 - 79

وقول الإمامية في التوحيد يضاهي قولهم في العدل، فإنهم يقولون: إن الله عز وجل واحد لا قديم سواه، ولا إله غيره، ولا يشبه الأشياء، ولا يجوز عليه ما يصح عليها من التحرك، والسكون، وأنه لم يزل ولا يزال حيا، قادرا، عالما، مدركا، لا يحتاج إلى أشياء يعلم بها، ويقدر ويحيي، وأنه خلق الخلق، أمرهم، ونهاهم، ولم يكن آمرا وناهيا قبل خلقه لهم.

وقالت المشبهة: إنه يشبه خلقه. ووصفوه بالأعضاء، والجوارح، وأنه لم يزل آمرا وناهيا، ولا يزال قبل خلق خلقه، ولا يستفيد بذلك شيئا، ولا يفيد غيره، ولا يزال آمرا وناهيا ما بعد خراب العالم، وبعد الحشر والنشر، دائما بدوام ذاته تعالى. وهذه المقالة في الأمر والنهي ودوامها مقالة الأشعرية أيضا.

وقالت الأشاعرة أيضا: إنه تعالى قادر، عالم، حي، إلى غير ذلك من الصفات، بذوات قديمة، ليست هي الله تعالى، ولا غيره، ولا بعضه، ولولاها لم يكن قادرا، عالما، حيا تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

- أنبياء الله وأئمته منزهون عن المعاصي وعما يستخف وينفر

- الإمامية دانوا بتعظيم أهل البيت الذين أمر الله تعالى بمودتهم وجعلها أجر الرسالة

وقالت الإمامية: إن أنبياء الله وأئمته منزهون عن المعاصي، وعما يستخف وينفر، ودانوا بتعظيم أهل البيت الذين أمر الله تعالى بمودتهم، وجعلها أجر الرسالة، فقال: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى".

وقال أهل السنة: إنه يجوز عليهم الصغائر، وجوزت الأشاعرة عليهم الكبائر.!.

نهج الحق وكشف الصدق - العلامة الحلي - ص 79 - 82

ترجيح أحد المذهبين فلينظر العاقل في المقالتين، ويلمح المذهبين، وينصف في الترجيح، ويعتمد على الدليل الواضح الصحيح، ويترك تقليد الآباء، والمشايخ الآخذين بالأهواء، وغرتهم الحياة الدنيا، بل ينصح نفسه، ولا يعول على غيره، ولا يقبل عذره غدا في القيامة: إني قلدت شيخي الفلاني، أو وجدت آبائي وأجدادي على هذه المقالة. فإنه لا ينفعه ذلك يوم القيامة، يوم يتبرأ المتبعون من أتباعهم، ويفرون من أشياعهم. وقد نص الله تعالى على ذلك في كتابه العزيز. ولكن أين الآذان السامعة، ‹ صفحة 80 › والقلوب الواعية، وهل يشك العاقل في الصحيح من المقالتين، وأن مقالة الإمامية هي أحسن الأقاويل، وأنها أشبه بالدين، وأن القائلين بها هم الذين قال الله فيهم: " فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب ".

فالإمامية هم الذين قبلوا هداية الله تعالى، واهتدوا بها، وهم أولوا الألباب. ولينصف العاقل من نفسه: إنه لو جاء مشرك يطلب (وطلب) شرح أصول دين المسلمين في العدل، والتوحيد، رجاء أن يستحسنه، ويدخل فيه معهم، هل كان الأولى أن يقال له: حتى يرغب في الإسلام، ويتزين في قلبه أنه من ديننا، أن جميع أفعال الله تعالى حكمة وصواب، وأنا نرضى بقضائه، وأنه منزه عن فعل القبايح والفواحش، لا تقع منه، ولا يعاقب الناس على فعل يفعله فيهم، ولا يقدرون على دفعه عنهم، ولا يتمكنون من امتثال أمره، أو يقال: ليس في أفعاله حكمة وصواب، وأنه يفعل السفه والفاحشة (وأنه أمر بالسفه والفاحشة) ولا نرضى بقضاء الله، وأنه يعاقب الناس على ما فعله فيهم، بل خلق فيهم الكفر والشرك، ويعاقبهم عليهما، ويخلق فيهم اللون، والطول، والقصر، ويعذبهم عليها. ‹ صفحة 81 › وهل الأولى أن نقول: من ديننا أن الله لا يكلف الناس ما لا يقدرون عليه، ولا يطيقون؟ أو نقول: إنه يكلف الناس ما لا يطيقون، ويعاقبهم على ترك ما لا يقدرون على فعله؟. وهل الأولى أن نقول: إنه تعالى يكره الفواحش، ولا يريدها، ولا يحبها، ولا يرضاها، أو نقول: إنه يحب أن يشتم، ويسب، ويعصى بأنواع المعاصي، ويكره أن يمدح، ويطاع، ويعذب الناس لما كانوا كما أراد ولم يكونوا كما كره؟. وهل الأولى أن نقول: إنه تعالى لا يشبه الأشياء، ولا يجوز عليه ما يجوز عليها؟ أو نقول: إنه يشبهها؟ وهل الأولى أن نقول: إن الله تعالى يعلم، ويقدر، ويحيي، ويدرك لذاته؟ أو نقول: إنه لا يدرك، ولا يحيي، ولا يقدر، ولا يعلم إلا بذوات قديمة، لولاها لم يكن قادرا، ولا عالما، ولا غير ذلك من الصفات؟ وهل الأولى أن نقول: إنه تعالى لما خلق الخلق أمرهم ونهاهم، أو نقول: إنه لم يزل في القدم ولا يزال بعد فنائهم طول الأبد يقول: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، لا يخل بذلك أصلا؟. وهل الأولى أن نقول: إنه تعالى تستحيل رؤيته، والإحاطة بكنه ذاته؟ أو نقول: إنه يرى بالعين إما في جهة من الجهات له أعضاء وصورة، أو يرى لا في الجهة. وهل الأولى أن نقول: إن أنبياءه وأئمته منزهون عن كل قبيح وسخيف، أو نقول: إنهم اقترفوا المعاصي المنفرة عنهم، وأنه يقع منهم ما يدل على الخسة والذلة، كسرقة درهم، وكذب، وفاحشة، ويدومون على ذلك، مع أنهم محل وحيه، وحفظة شرعه، وأن النجاة تحصل بامتثال أوامرهم القولية والفعلية؟.

فإذا عرفت: أنه لا ينبغي أن يذكر لهذا السائل عن دين الإسلام، إلا مذهب الإمامية دون قول غيرهم، عرفت عظم موقعهم في الإسلام، وتعلم أيضا بزيادة بصيرتهم، لأنه ليس في التوحيد دليل ولا جواب عن شبهة إلا من أمير المؤمنين عليه السلام، وأولاده عليهم السلام أخذ، وكان جميع العلماء يستندون إليه على ما يأتي، فكيف لا يجب تعظيم الإمامية، والاعتراف بعلو منزلتهم، فإذا سمعوا شبهة في توحيد الله تعالى، أو في عبث بعض أفعاله انقطعوا بالفكر فيها عن كل أشغالهم فلا تسكن نفوسهم، ولا تطمئن قلوبهم حتى يتحققوا جوابا عنها، ومخالفهم إذا سمع دلالة قاطعة على أن الله عز وجل لا يفعل الفواحش والقبايح، ظل ليله ونهاره مهموما مغموما، طالبا لإقامة شبهة يجيب بها حذرا: أن يصح عنده أن الله تعالى لا يفعل القبيح، فإذا ظفر بأدنى شبهة قنعت نفسه، وعظم سروره بما دلت الشبهة عليه، بأنه لا يفعل القبيح، وأنواع الفواحش غير الله تعالى، فشتان بين الفريقين، وبعد ما بين المذهبين. ولنشرع الآن في تفصيل المسائل، وكشف الحق فيها بعون الله ولطفه.