موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي

 

مسائل في النبوة

تنـزيه النبي صلى الله عليه وآله

 

- النبي صلى الله عليه وآله يجب أن يكون منزها عن دناءة الآباء وعهر الأمهات بريئا من الرذائل والأفعال الدالة على الخسة

نهج الحق وكشف الصدق - العلامة الحلي - ص 158 - 164

المبحث الثالث: في أنه يجب أن يكون منزها عن دناءة الآباء، وعهر الأمهات.

ذهبت الإمامية إلى أن النبي صلى الله عليه وآله يجب أن يكون منزها عن دناءة الآباء، وعهر الأمهات، بريئا من الرذائل، والأفعال الدالة على الخسة، كالاستهزاء به، والسخرية، والضحك عليه، لأن ذلك يسقط محله من القلوب، وينفر الناس عن الانقياد إليه، فإنه من المعلوم بالضرورة الذي لا يقبل الشك والارتياب.

وخالفت السنة فيه: أما الأشاعرة، فباعتبار نفي الحسن والقبح، فلزمهم: أن يذهبوا إلى جواز بعثة ولد الزنا، المعلوم لكل أحد. وأن يكون أبوه فاعلا لجميع أنواع الفواحش، وأبلغ أصناف الشرك، وهو ممن يسخر به، ويضحك عليه، ويصفع في الأسواق، ويستهزأ به، ويكون قد ليط به دائما، لابنة فيه، قوادا. وتكون أمه في غاية الزنا والقيادة، والافتضاح بذلك، لا ترد، يد لامس. ويكون هو في غاية الدناءة والسفالة، ممن قد ليط به طول عمره، حال النبوة وقبلها، ويصفع في الأسواق، ويعتمد المناكير، ويكون قوادا، بصاصا.

فهؤلاء يلزمهم القول بذلك، حيث نفوا التحسين والتقبيح العقليين، وأن ذلك ممكن، فيجوز من الله وقوعه، وليس هذا بأبلغ من تعذيب الله من لا يستحق العذاب، بل يستحق الثواب طول الأبد!.

وأما المعتزلة، فلأنهم جوزوا صدور الذنب عنهم، لزمهم القول بجواز ذلك أيضا. واتفقوا على وقوع الكبائر منهم كما في قصة إخوة يوسف. فلينظر العاقل بعين الإنصاف: هل يجوز المصير إلى هذه الأقاويل الفاسدة، والآراء الردية؟ وهل يبقى مكلف ينقاد إلى قبول قول من كان يفعل به الفاحشة طول عمره إلى وقت نبوته؟. وأنه يصفع ويستهزأ به حال النبوة؟. وهل يثبت بقول هذا حجة على الخلق؟.

واعلم أن البحث مع الأشاعرة في هذا الباب ساقط، وأنهم إن بحثوا في ذلك استعملوا الفضول، لأنهم يجوزون تعذيب المكلف على أنه لم يفعل ما أمره الله تعالى به، من غير أن يعلم ما أمره به، ولا أرسل إليه رسولا البتة، بل وعلى امتثال أمره به. وأن جميع القبائح من عنده تعالى، وأن كل ما وقع في الوجود فإنه فعله تعالى، وهو حسن، لأن الحسن هو الواقع، والقبيح هو الذي لم يقع. فهذه الصفات الخسيسة في النبي وأبويه، تكون حسنة، لوقوعها من الله تعالى، فأي مانع حينئذ من البعثة باعتبارها، فكيف يمكن للأشاعرة منع كفر النبي، وهو من الله، وكل ما يفعله تعالى فهو حسن؟ وكذا أنواع المعاصي؟ وكيف يمكنهم مع هذا المذهب التنزيه للأنبياء؟

نعوذ بالله من مذهب يؤدي إلى تحسين الكفر، وتقبيح الإيمان، وجواز بعثة من اجتمع فيه كل الرذائل والسقطات. وقد عرفت من هذا: أن الأشاعرة في هذا الباب، قد أنكروا الضروريات.