موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي

 

في الأصلح

كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد - العلامة الحلي - ص 465-466

 

 

قالصاحب تجريد الاعتقاد: "والأصلح قد يجب لوجود الداعي وانتفاء الصارف".

أقول: اختلف الناس هنا، فقال الشيخان أبو علي وأبو هاشم وأصحابهما: إن الأصلح ليس بواجب على الله تعالى. وقال البلخي: إنه واجب، وهو مذهب البغداديين وجماعة من البصريين. وقال أبو الحسين البصري: إنه يجب في حال دون حال، وهو اختيار المصنف رحمه الله. وتحرير صورة النزاع أن الله تعالى إذا علم لم انتفاع زيد بإيجاد قدر من المال له وانتفاء الضرر به في الدين عنه وعن غيره من المكلفين هل يجب إيجاد ذلك القدر له أم لا؟ احتج الموجبون بأن لله تعالى داعيا إلى إيجاده وليس له صارف عنه، فيجب ثبوته لأن مع ثبوت القدرة ووجود الداعي وانتفاء الصارف يجب الفعل. وبيان تحقق الداعي أنه إحسان خال عن جهات المفسدة، وبيان انتفاء الصارف أن المفاسد منتفية ولا مشقة فيه.

واحتج النفاة بأن وجوبه يؤدي إلى المحال فيكون محالا، بيان الملازمة أنا لو فرضنا انتفاء المفسدة في الزائد على ذلك القدر وثبوت المصلحة فإن وجب إيجاده لزم وقوع ما لا نهاية له، لأنا نفرض ذلك في كل زائد، وإن لم يجب ثبت المطلوب.

قال أبو الحسين: إذا كان ذلك القدر مصلحة خالية عن المفسدة وكان الزائد عليه مفسدة وجب عليه أن يعطيه ذلك القدر لوجود الداعي وانتفاء الصارف، وإذا لم يكن في الزائد مفسدة إلى غير النهاية فإنه تعالى قد يفعل ذلك القدر وقد لا يفعله، لأن من دعاه الداعي إلى الفعل وكان ذلك الداعي حاصلا في فعل ما يشق فإن ذلك يجري مجرى الصارف عنه فيصير الداعي مترددا بين الداعي والصارف فلا يجب الفعل ولا الترك، وتمثل بأن من دعاه الداعي على دفع درهم إلى فقير ولم يظهر له ضرر في دفعه فإنه يدفعه إليه، فإن حضره من الفقراء جماعة يكون الدفع إليهم مساويا للدفع إلى الأول ويشق عليه الدفع إليهم لحصول الضرر فإنه قد يدفع الدرهم إلى الفقير منهم وقد لا يدفعه، فإذا كان حصول الداعي فيما يشق يقتضي تجويز العدم فحصوله فيما يستحيل وجوده أولى لانتفاء الفعل معه، فلهذا قال: قد يجب الأصلح في بعض الأحوال دون بعض. وللنفاة وجوه أخر ذكرناها في كتاب نهاية المرام على الاستقصاء.

 

 

العودة لصفحة العلامة الحلي