موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي

 

في الأدلة على عدم إمامة غير علي عليه السلام

كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد - العلامة الحلي - ص 504- 517

 

قال صاحب تجريد الأعتقاد: "ولأن الجماعة غير علي عليه السلام غير صالح للإمامة لظلمهم بتقدم كفرهم".

أقول: هذه أدلة تدل على أن غير علي عليه السلام لا يصلح للإمامة: الأول: أن أبا بكر وعمر وعثمان قبل ظهور النبي صلى الله عليه وآله كانوا كفرة فلا ينالوا عهد الإمامة للآية وقد تقدمت.

 

قال: "وخالف أبو بكر كتاب الله تعالى في منع إرث رسول الله صلى الله عليه وآله بخبر رواه هو".

أقول: هذا دليل آخر على عدم صلاحية أبي بكر للإمامة، وتقريره أنه خالف كتاب الله تعالى في منع إرث رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يورث فاطمة عليها السلام واستند إلى خبر رواه هو عن النبي في قوله: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) وعموم الكتاب يدل على خلاف ذلك، وأيضا قوله تعالى: (وورث سليمان داود) وقوله في قصة زكريا: (يرثني ويرث من آل يعقوب) ينافي هذا الخبر، وقالت له فاطمة عليها السلام: أترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت شيئا فريا. ومع ذلك فهو خبر واحد لم نعرف أحدا من الصحابة وافقه على نقله فكيف يعارض الكتاب المتواتر وكيف بين رسول الله صلى الله عليه وآله هذا الحكم لغير ورثته وأخفاه عن ورثته، ولو كان هذا الحديث صحيحا عند أهله لم يمسك أمير المؤمنين عليه السلام سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وبغلته وعمامته ونازع العباس عليا عليه السلام بعد موت فاطمة عليها السلام، ولو كان هذا الحديث معروفا عندهم لم يجز لهم ذلك، وروي أن فاطمة عليها السلام قالت: يا أبا بكر أنت ورثت رسول الله أم ورثه أهله، قال: بل ورثه أهله، فقالت: ما بال سهم رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الله إذا أطعم نبيا طعمة كانت لولي الأمر بعده، وذلك يدل على أنه لا أصل لهذا الخبر.

قال: "ومنع فاطمة عليها السلام فدكا مع ادعاء النحلة لها وشهد علي عليه السلام وأم أيمن وصدق الأزواج في ادعاء الحجرة لهن ولهذا ردها عمر بن عبد العزيز".

أقول: هذا دليل آخر على الطعن في أبي بكر وعدم صلاحيته للإمامة وهو أنه أظهر التعصب على أمير المؤمنين عليه السلام وعلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله لأنها ادعت فدكا، وذكرت أن النبي عليه السلام أنحلها إياها فلم يصدقها في قولها مع أنها معصومة ومع علمه بأنها من أهل الجنة واستشهدت عليا عليه السلام وأم أيمن فقال: رجل مع رجل أو امرأة مع امرأة وصدق أزواج النبي عليه السلام في ادعاء أن الحجرة لهن ولم يجعل الحجرة صدقة، ولما عرف عمر بن عبد العزيز كون فاطمة عليها السلام مظلومة رد على أولادها فدكا، ومع ذلك فإن فاطمة عليها السلام كان ينبغي لأبي بكر إنحالها فدكا ابتداء لو لم تدعه أو يعطيها إياها بالميراث.

 

قال: "وأوصت أن لا يصلي عليها أبو بكر فدفنت ليلا".

أقول: هذا وجه آخر يدل على الطعن في أبي بكر وهو أن فاطمة عليها السلام لما حضرتها الوفاة أوصت أن لا يصلي عليها أبو بكر غيظا عليه ومنعا له عن ثواب الصلاة عليها فدفنت ليلا، ولم يعلم أبو بكر بذلك وأخفي قبرها لئلا يصلي على القبر ولم يعلم بقبرها إلى الآن.

 

قال: "ولقوله: أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم".

أقول: هذا وجه آخر في الطعن على أبي بكر وهو أنه قال يوم السقيفة:

أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم، وهذا الأخبار إن كان حقا لم يصلح للإمامة لاعترافه بعدم الصلاحية مع وجود علي عليه السلام وإن لم يكن حقا فعدم صلاحيته للإمامة حينئذ أظهر.

 

قال: "ولقوله: إن له شيطانا يعتريه".

أقول: هذا دليل آخر على عدم صلاحيته للإمامة وهو ما روي عنه أنه قال مختارا: وليتكم ولست بخيركم فإن استقمت فاتبعوني، وإن اعوججت فقوموني، فإن لي شيطانا عند غضبي يعتريني، فإذا رأيتموني مغضبا فاجتنبوني لئلا أوثر في أشعاركم وأبشاركم. وهذا يدل على اعتراض الشيطان له في كثير من الأحكام ومثل هذا لا يصلح للإمامة.

 

قال: "ولقول عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه".

أقول: هذا دليل آخر يدل على الطعن فيه، لأن عمر كان إماما عندهم وقال في حقه: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، فبين عمر أن بيعته كانت خطأ على غير الصواب وأن مثلها مما يجب فيه المقاتلة، وهذا من أعظم ما يكون من الذم والتخطئة.

 

قال: "وشك عند موته في استحقاقه للإمامة".

أقول: هذا وجه آخر يدل على عدم إمامة أبي بكر وهو أنه قال لما حضرته الوفاة: ليتني كنت سألت رسول الله هل للأنصار في هذا الأمر حق؟ وقال أيضا: ليتني كنت في ظل بني ساعدة ضربت يدي على يد أحد الرجلين فكان هو الأمير وكنت الوزير، وهذا كله يدل على تشككه في استحقاقه للإمامة واضطراب أمره فيها وأنه كان يرى أن غيره أولى بها منه.

قال: "وخالف الرسول صلى الله عليه وآله في الاستخلاف عندهم وفي تولية من عزله صلى الله عليه وآله".

أقول: هذا طعن آخر في أبي بكر وهو أنه خالف الرسول عليه السلام في الاستخلاف عندهم، لأنهم زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله لم يستخلف أحدا فباستخلافه يكون مخالفا للنبي صلى الله عليه وسلم عندهم، ومخالفة النبي صلى الله عليه وسلم توجب الطعن. وأيضا فإنه خالف النبي صلى الله عليه وسلم في استخلاف من عزله النبي عليه السلام، لأنه استخلف عمر بن الخطاب، وقد كان النبي لم يوله عملا سوى أنه بعثه في خيبر فرجع منهزما، وولاه أمر الصدقات فشكاه العباس إلى النبي صلى الله عليه وآله فعزله وأنكرت الصحابة على أبي بكر ذلك حتى قال له طلحة: وليت علينا فظا غليظا.

 

قال: "وفي التخلف عن جيش أسامة مع علمهم بقصد البعد وولى أسامة عليهم فهو أفضل وعلي عليه السلام لم يول عليه أحدا وهو أفضل من أسامة".

أقول: هذا دليل آخر على الطعن في أبي بكر وهو أنه خالف النبي صلى الله عليه وآله حيث أمره هو وعمر بن الخطاب وعثمان في تنفيذ جيش أسامة لأنه صلى الله عليه وآله قال في مرضه حالا بعد حال نفذوا جيش أسامة، وكان الثلاثة في جيشه وفي جملة من يجب عليه النفوذ معه فلم يفعلوا ذلك مع أنهم عرفوا قصد النبي صلى الله عليه وآله، لأن غرضه بالتنفيذ من المدينة بعد الثلاثة عنها بحيث لا يتوثبوا على الإمامة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله ولهذا جعل الثلاثة في الجيش ولم يجعل عليا عليه السلام معه، وجعل النبي صلى الله عليه وآله أسامة أمير الجيش وكان فيه أبو بكر وعمر وعثمان، فهو أفضل منهم وعلي عليه السلام أفضل من أسامة، ولم يول عليه أحدا فيكون هو عليه السلام أفضل الناس كافة.

 

قال: "ولم يتول عملا في زمانه وأعطاه سورة براءة فنزل جبرئيل فأمره برده وأخذ السورة منه وأن لا يقرأها إلا هو أو أحد من أهل بيته فبعث بها عليا عليه السلام".

أقول: هذا طعن آخر على أبي بكر وهو أنه لم يوله النبي صلى الله عليه وآله عملا في حياته أصلا سوى أنه أعطاه سورة براءة وأمره بالحج بالناس فلما مضى بعض الطريق نزل جبرئيل عليه السلام على النبي وأمره برده وأخذ السورة منه وأن لا يقرأها إلا هو عليه السلام أو أحد من أهل بيته فبعث بها عليا عليه السلام وولاه الحج بالناس، وهذا يدل على أن أبا بكر لم يكن أهلا لأمارة الحج فكيف يكون أهلا للإمامة بعده ولأن من لا يؤمن على أداء سورة في حياته عليه السلام كيف يؤمن على الإمامة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 

قال: "ولم يكن عارفا بالأحكام حتى قطع يسار سارق وأحرق بالنار ولن يعرف الكلالة ولا ميراث الجدة واضطرب في أحكامه ولم يحد خالدا ولا اقتص منه".

أقول: هذا طعن آخر في أبي بكر وهو أنه لم يكن عارفا بالأحكام فلا يجوز نصبه للإمامة، أما المقدمة الثانية فقد مرت، وأما الأولى فلأنه قطع سارقا من يساره وهو خلاف الشرع وأحرق الفجائة السلمي بالنار وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: لا يعذب بالنار إلا رب النار. وسئل عن الكلالة فلم يعرف ما يقول فيها ثم قال: أقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، والحكم بالرأي باطل. وسألته جدة عن ميراثها فقال: لا أجد لك شيئا في كتاب الله ولا سنة نبيه ارجعي حتى أسأل فأخبره المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة أن النبي صلى الله عليه وآله أعطاها السدس. واضطرب في كثير من الأحكام وكان يستفتي الصحابة فيها، وذلك يدل على قصور علمه وقلة معرفته. وقتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة وواقع امرأته ليلة قتله وضاجعها فلم يحده على الزنا ولا قتله بالقصاص، وأشار عليه عمر بقتله وعزله فقال: لا أغمد سيفا شهره الله على الكفار.

 

قال: "ودفن في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد نهى الله تعالى دخوله في حياته بغير إذن وبعث إلى بيت أمير المؤمنين عليه السلام لما امتنع من البيعة فأضرم فيه النار وفيه فاطمة والحسن والحسين وجماعة من بني هاشم ورد عليه الحسنان لما بويع وندم على كشف بيت فاطمة عليها السلام".

أقول: هذه مطاعن أخر في أبي بكر وهو أنه دفن في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد نهى الله تعالى عن الدخول إليه بغير إذن النبي صلى الله عليه وآله حال حياته فكيف بعد موته، وبعث إلى بيت أمير المؤمنين عليه السلام لما امتنع من البيعة فأضرم فيه النار وفيه فاطمة والحسن والحسين وجماعة من بني هاشم وأخرجوا عليا عليه السلام كرها وكان معه الزبير في البيت فكسروا سيفه وأخرجوه من الدار وضربت فاطمة عليها السلام فألقت جنينا اسمه محسن ولما بويع أبو بكر صعد المنبر فجاءه الحسنان عليهما السلام مع جماعة من بني هاشم وغيرهم وأنكروا عليه وقال له الحسن والحسين عليهما السلام: هذا مقام جدنا لست له أهلا، ولما حضرته الوفاة قال: ليتني تركت بيت فاطمة لم أكشفه، وهذا يدل على خطائه في ذلك.

 

قال: "وأمر عمر برجم امرأة حامل وأخرى مجنونة فنهاه علي عليه السلام فقال: لولا علي لهلك عمر".

أقول: هذا طعن على عمر يمتنع معه الإمامة له وهو أن عمر أتي إليه بامرأة قد زنت وهي حامل فأمر برجمها، فقال له علي عليه السلام: إن كان لك عليها سبيل فليس لك على حملها سبيل فأمسك، وقال: لولا علي لهلك عمر. وأتي إليه بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها، فقال له علي عليه السلام: إن القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق فأمسك، وقال: لولا علي لهلك عمر. ومن يخفى عليه هذه الأمور الظاهرة في الشريعة كيف يستحق الإمامة؟!

قال: "وتشكك في موت النبي صلى الله عليه وسلم حتى تلا عليه أبو بكر: (إنك ميت وإنهم ميتون) فقال: كأني لم أسمع هذه الآية".

أقول: هذا طعن آخر وهو أن عمر لم يكن حافظا للكتاب العزيز ولم يكن متدبرا لآياته فلا يستحق الإمامة، وذلك أنه قال عند موت النبي صلى الله عليه وسلم: والله ما مات محمد حتى يقطع أيدي رجال وأرجلهم، فلما نبهه أبو بكر بقوله تعالى: (إنك ميت وإنهم ميتون) وبقوله (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم قال: كأني ما سمعت بهذه الآية وقد أيقنت بوفاته.

 

قال: "وقال: كل أفقه من عمر حتى المخدرات، لما منع من المغالاة في الصداق".

أقول: هذا طعن آخر وهو أن عمر قال يوما في خطبته: من غالى في صداق ابنته جعلته في بيت المال، فقالت له امرأة: كيف تمنعنا ما أحله الله لنا في كتابه بقوله: وآتيتم إحداهن قنطارا الآية، فقال عمر: كل أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت ومن يشتبه عليه مثل هذا الحكم الظاهر لا يصلح للإمامة.

 

قال: "وأعطى أزواج النبي صلى الله عليه وآله واقترض ومنع أهل البيت عليهم السلام من خمسهم".

أقول: هذا طعن آخر وهو أن عمر كان يعطي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بيت المال حتى كان يعطي عائشة وحفصة عشرة آلاف درهم كل سنة وأخذ من بيت المال ثمانين ألف درهم فأنكروا عليه ذلك فقال: أخذته على جهة القرض ومنع أهل البيت عليهم السلام الخمس الذي أوجبه الله تعالى لهم في الكتاب العزيز.

 

قال: "وقضى في الجد مائة قضية وفضل في القسمة ومنع المتعتين".

أقول: هذه مطاعن أخر وهو أن عمر غير عارف بأحكام الشريعة فقضى في الجد بمائة قضية وروي تسعين قضية، وهذا يدل على قلة معرفته بالأحكام الظاهرة. وأيضا فضل في القسمة والعطاء والواجب التسوية. وقال: (متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما) مع أن النبي صلى الله عليه وسلم تأسف على فوات المتعة ولو لم تكن أفضل من غيرها من أنواع الحج لما فعل النبي عليه السلام سلام ذلك، وجماعة كانوا قد ولدوا من المتعة في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد وفاته ولو لم تكن سائغة لم يقع منهم ذلك.

 

قال: "وحكم في الشورى بضد الصواب".

أقول: هذا طعن آخر وهو أن عمر خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهم حيث لم يفوض الأمر إلى اختيار الناس، وخالف أبا بكر حيث لم ينص على إمام بعده ثم إنه طعن في كل واحد ممن اختاره للشورى وأظهر كراهية أن يتقلد أمر المسلمين ميتا كما تقلده حيا، ثم تقلده وجعل الإمامة في ستة نفر ثم ناقض نفسه فجعلها في أربعة بعد الستة ثم في ثلاثة ثم في واحد فجعل إلى عبد الرحمن بن عوف الاختيار بعد أن وصفه بالضعف، ثم قال: (إن اجتمع علي وعثمان فالأمر كما قالاه وإن صاروا ثلاثة ثلاثة فالقول للذين فيهم عبد الرحمن) لعلمه بعدم الاجتماع من علي وعثمان وعلمه بأن عبد الرحمن لا يعدل بها عن أخيه عثمان ابن عمه ثم أمر بضرب أعناقهم إن تأخروا عن البيعة ثلاثة أيام، وأمر بقتل من خالف الأربعة منهم أو الذين فيهم عبد الرحمن، وكيف يسوغ له قتل علي عليه السلام وعثمان وغيرهما وهما من أكابر المسلمين.

 

قال: "وخرق كتاب فاطمة عليها السلام".

أقول: هذا طعن آخر وهو أن فاطمة عليها السلام لما طالت المنازعة بينها وبين أبي بكر رد أبو بكر عليها فدكا وكتب لها بذلك كتابا، فخرجت والكتاب في يدها فلقيها عمر فسألها عن شأنها فقصت قصتها، فأخذ منها الكتاب وخرقه فدعت عليه ودخل على أبي بكر وعاتبه على ذلك فاتفقا على منعها عن فدك.

 

قال: "وولى عثمان من ظهر فسقه حتى أحدثوا في أمر المسلمين ما أحدثوا".

أقول: هذا طعن على عثمان وهو أنه ولى أمور المسلمين من ظهر منه الفسق والخيانة وقسم الولايات بين أقاربه، وقد كان عمر حذره وقال له: إذا وليت هذا الأمر فلا تسلط آل أبي معيط على رقاب المسلمين، وصدق عمر فيه في قوله أنه كلف بأقاربه واستعمل الوليد بن عقبة حتى ظهر منه شرب الخمر وصلى بالناس وهو سكران. واستعمل سعيد بن العاص على الكوفة فظهر منه ما أخرجه به أهل الكوفة عنها. وولى عبد الله بن أبي سرح مصر حتى تظلم منه أهلها وكاتب ابن أبي سرح أن يستمر على ولايته سرا بخلاف ما كتب إليه جهرا وأمره بقتل محمد بن أبي بكر وولى معاوية الشام فأحدث من الفتن ما أحدث.

 

قال: "وآثر أهله بالأموال".

أقول: هذا طعن آخر على عثمان هو أنه كان يؤثر أهل بيته وأقاربه بالأموال العظيمة من بيت مال المسلمين، فإنه دفع إلى أربعة نفر من قريش أربعمائة ألف دينار حيث زوجهم ببناته، ودفع إلى مروان ألف ألف درهم حين فتح أفريقية ومن قبله كان يعطي بقدر الاستحقاق ولا يتخطى الأجانب إلى الأقارب.

 

قال: وحمى لنفسه.

أقول: هذا طعن آخر وهو أن عثمان حمى الحمي لنفسه عن المسلمين ومنعهم عنه، وذلك مناف للشرع لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الناس في الماء والكلاء والنار شرعا سواء.

 

قال: "ووقع منه أشياء منكرة في حق الصحابة فضرب ابن مسعود حتى مات وأحرق مصحفه وضرب عمارا حتى أصابه فتق وضرب أبا ذر ونفاه إلى الربذة".

أقول: هذا طعن آخر وهو أن عثمان ارتكب من الصحابة ما لا يجوز وفعل بهم ما لا يحل، فضرب ابن مسعود حتى مات عند إحراقه المصاحف وأحرق مصحفه وأنكر عليه قراءته، وقد قال صلى الله عليه وآله: من أراد أن يقرأ القرآن غضا فليقرأ بقراءة ابن مسعود، وكان ابن مسعود يطعن في عثمان ويكفره. وضرب عمار ابن ياسر حتى صار به فتق وكان يطعن في عثمان وكان يقول: قتلناه كافرا.

واستحضر أبا ذر من الشام لهوى معاوية وضربه ونفاه إلى الربذة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مقربا لهؤلاء الصحابة وشاكرا لهم.

 

قال: "وأسقط القود عن ابن عمر والحد عن الوليد مع وجوبهما".

أقول: هذا طعن آخر وهو أن عثمان كان يترك الحدود ويعطلها ولا يقيمها لأجل هوى نفسه، ومثل هذا لا يصلح للإمامة فإنه لم يقتل عبد الله بن عمر لما قتل الهرمزان بعد إسلامه، ولما ولي أمير المؤمنين عليه السلام طلبه لإقامة القصاص عليه

فلحق بمعاوية، ولما وجب على الوليد بن عقبة حد الشرب أراد أن يسقطه عنه فحده علي عليه السلام وقال: لا يبطل حد الله وأنا حاضر.

 

قال: "وخذله الصحابة حتى قتل، وقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله قتله ولم يدفن إلا بعد ثلاثة أيام وعابوا غيبته عن بدر وأحد والبيعة".

أقول: هذه مطاعن أخر في عثمان وهو أن الصحابة خذلوه حتى قتل وقد كان يمكنهم الدفع عنه، فلولا علمهم باستحقاقه لذلك وإلا لما ساغ لهم التأخر عن نصرته. وقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله قتله، وتركوه بعد القتل ثلاثة أيام ولم يدفنوه، وذلك يدل على شدة غيظهم عليه وأفراطهم في الحنق لما أصابهم من ضرره وظلمه وعابت الصحابة عليه غيبته عن بدر وأحد ولم يشهد بيعة الرضوان.

 

 

العودة لصفحة العلامة الحلي