موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي >> مناهج اليقين في أصول الدين

 

 

مناهج اليقين في أصول الدين

العلامة الحلي
 

مقدمة المؤلف

 

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه منشئ الفطر،  خالق البشر ومميزهم بقوتي العمل والنظر، تعالى في كبريائه وعظمته وجلّ في جبروته وصمديّته، وصلّى اللّه على خير خليقته محمّد النبي وعلى الصفوة من عترته السالكين نهج طريقته.

وبعد ، فإن للعلوم منارا وقدرا فاعظم بها شرفا وفخرا، ثمّ إنّها متفاوتة في الشرف بحسب تفاوت متعلقاتها ومختلفة في القدر بسبب اختلاف معلوماتها، ولا شكّ أنّ أشرف الأشياء هو واجب الوجود تعالى وتقدّس فالعلم به يكون أعلى وأنفس، والعلم المتكفل به هو علم الكلام الناظر في ذات اللّه تعالى وصفاته

والمعلوم فيه كيفية تأثيراته.

فدعانا ذلك إلى إنشاء مجموع يحتوي على مباحثه الشريفة ودقائقه اللطيفة مع تلخيص المذاهب المنقولة عن القوم الذين سبقونا من المتكلمين والأوائل من الحكماء المدققين والإشارة الى قواعد الفريقين وحجج القبيلين وتحقيق الحق منهما وتمييزه عن الباطل، معتمدين في ذلك على مبدأ الكل ومفيض العدل، وقد وسمناه:بمناهج اليقين في اصول الدين، واللّه المستعان وعليه التكلان.

وقبل الخوض فلنبدأ أولا بذكر مقدمة تكثر الفائدة بها وهي:

العلم تصور باعتبار حضور المدرك في الذهن وتصديق باعتبار كون الحاضر حكما، ويطلق الاول على معنى اخصّ، ويقتسمان الى الحاضر في الذهن، وكل منهما ضروريّ ومكتسب، وما قيل:من أنّ الاول ضروري كله، فقد ابطلناه في كتبنا المنطقية، والمكتسب يكتسب بالأول بطريق مثله فلا دور ولا تسلسل.

والكاسب في الأول الحدّ او الرسم ، وضابط الحدّ ان المركبات تحدّ ويحدّ بها ان كانت جزءا لغيرها والبسائط لا تحدّ ويحدّ بها ان كانت اجزاء ، والحدّ منه تام يشتمل على مجموع المقدمات وناقص يذكر فيه المساوي الذاتي، والرسم منه تام يذكر فيه الذاتي الأعم والعرضي المساوي وناقص يذكر فيه الاخير.

ومغلطات الحدّ والرسم ان لا يعرف بالمساوي في العموم وان يعرف بالمساوي في المفهوم وبالأخفى وبما يتوقف عليه معرفته بمراتب او بمرتبة واحدة،  وفي الثاني القياس وهو ما يشتمل على مقدمتين يتوصل بهما الى علم او ظنّ.

قاعدة: التصديق الضروري قد يتوقف على تصور مكتسب، اذ المراد بالضروري هو الذي اذا حصل تصور الطرفين كفى في الجزم بالنسبة بينهما وسواء كان التصور نظريا أو ضروريا، ومن هاهنا وقع الشك لبعض الناس في الضروريات.