الصفحة الرئيسية \ الشريف المرتضى

 

ولا يستبقى، وفيهم من يؤخذ منه الجزية ولا يحل قتله إلا بسبب طار غير الكفر، ومنهم من لا يجوز نكاحه بإجماع، ومنهم من يجوز نكاحه على مذهب أكثر المسلمين. فعلى هذا يجوز أن يكون هؤلاء القوم كفارا وإن لم يسر فيهم بجميع سيرة أهل الكفر لأنا قد بينا أحكام الكفار ونرجع في أن حكمهم مخالف لأحكام الكفار إلى فعله عليه السلام وسيرته فيهم على إنا لا نجد من الفساق من حكمه أن يقتل مقبلا ولا يقتل موليا ولا يجهز على جريحه إلى غير ذلك من الأحكام التي سير بها في أهل البصرة وصفين.

فإذا قيل - في جواب ذلك -: أحكام الفسق مختلفة، وفعل أمير المؤمنين عليه السلام هو الحجة في أن حكم أهل البصرة وصفين ما فعله.

قلنا: مثل ذلك حرفا بحرف، ويمكن مع تسليم أن الداعي لهؤلاء المخلفين أبو بكر أن يقال ليس في الآية دلالة على مدح الداعي ولا على إمامته لأنه يجوز أن يدعو إلى الحق والصواب من ليس عليهما فيلزم ذلك الفعل من حيث كان واجبا في نفسه لا بدعاء الداعي إليه وأبو بكر إنما دعى إلى دفع أهل الردة إلى الاسلام (1) وهذا يجب على المسلمين بلا دعاء داع والطاعة فيه طاعة الله، فمن أين أن الداعي كان على حق وصواب وليس في كون ما دعا إليه طاعة ما يدل على ذلك؟ ويمكن أيضا أن يكون قوله تعالى: (ستدعون) إنما أراد به دعاء الله تعالى لهم بإيجاب القتال عليهم لأنه إذا دلهم على وجوب قتال المرتدين ودفعهم عن بيضة الاسلام فقد دعاهم إلى القتال ووجبت عليهم الطاعة ووجب لهم الثواب إن أطاعوا، وهذا أيضا وجه تحتمله الآية.

فأما قوله: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه) الآية

____________

(1) عن أهل الاسلام، خ ل.


الصفحة 43
وادعاء صاحب الكتاب أنها في أبي بكر وأصحابه فما زاد في هذا الوضع على الدعوى والاقتراح، فيقال له من أين قلت: إن الآية في أبي بكر وأصحابه نزلت؟

فإن قال: لأنهم هم الذين قاتلوا المرتدين بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا أحد قاتلهم سواهم.

قيل له: ومن الذي سلم لك ذلك، أوليس أمير المؤمنين عليه السلام قد قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهؤلاء عندنا مرتدون عن الدين ويشهد بصحة هذا التأويل زائدا على احتمال القول له ما روي عن أمير المؤمنين من قوله عليه السلام يوم البصرة: والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم وتلا قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه) وروي عن عمار وحذيفة وغيرهما مثل ذلك (1).

فإن قال: دليل على أنها في أبي بكر وأصحابه قول أهل التفسير.

قيل له: أوكل أهل التفسير قال ذلك؟

فإن قال: نعم، كابر لأنه قد روي عن جماعة، التأويل الذي ذكرناه ولو لم يكن ذلك إلا ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام ووجوه الصحابة لكفى.

فإن قال: حجتي قول بعض المفسرين.

قلنا: وأي حجة في قول البعض ولم صار البعض الذي قال ما

____________

(1) نقل هذا عن عمار وحذيفة الطبرسي في مجمع البيان 3 / 208 والمراد بغيرهما ابن عباس والباقر والصادق عليهما السلام.


الصفحة 44
ذكرته بالحق أولى من البعض الذي قال ما ذكرناه.

ثم يقال له: قد وجدنا الله تعالى نعت المذكورين في الآية بنعوت يجب أن نراعيها لنعلم أفي صاحبنا هي أم في صاحبك؟ لأنه وصفهم بأن الله يحبهم ويحبونه، وهذا وصف مجمع عليه في صاحبنا مختلف فيه في صاحبك، وقد جعله الرسول صلى الله عليه وآله علما له في خيبر حين فر من القوم عن العدو فقال: (لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار) (1) فدفعها إلى أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) ومعلوم بلا خلاف حالة أمير المؤمنين عليه السلام في التخاشع والتواضع وذم نفسه وقمع غضبه وأنه ما رؤي طائشا ولا مستطيرا (2) في حال من أحوال الدنيا ومعلوم حال صاحبيكم في هذا الباب.

أما أحدهم فإنه اعترف طوعا بأن له شيطانا يعتريه عند غضبه، وأما الآخر فكان معروفا بالحدة والعجلة، مشهورا بالفظاظة والغلظة.

وأما العزة على الكافرين فإنما يكون بقتالهم وجهادهم والانتصاف منهم، وهذه حال لم يسبق أمير المؤمنين عليه السلام إليها سابق في الحقيقة ولا لحقه فيها لاحق ثم قال: (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) وهذا وصف أمير المؤمنين عليه السلام مستحق له بالاجماع، وهو منتف عن أبي بكر وعمر بالاجماع لأنه لا قتيل لهما في الاسلام ولا جهاد بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله وإذا كانت الأوصاف المراعاة في الآية حاصلة لأمير المؤمنين عليه السلام وغير حاصلة لمن أدعيتهم لأنها فيهم على ضربين: ضرب معلوم انتفاؤه كالجهاد، وضرب مختلف فيه كالأوصاف التي هي غير الجهاد، وعلى من أثبتها لهم الدلالة على حصولها، ولا بد

____________

(1) تقدم تخريجه.

(2) الطيش: القحة والنزق، والمستطير - هنا - الشرير.


الصفحة 45
من أن يرجع في ذلك إلى غير ظاهر الآية، فلا يبقى في يده من الآية دليل.

فأما ما تعلق به من قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) (1) فأول ما في ذلك أن الآية مشروطة بالإيمان، فيجب على من ادعى تناولها القوم أن يبين إيمانهم بغير الآية وما يقتضيه ظاهرها، ثم المراد بالاستخلاف هاهنا ليس هو الإمامة والخلافة على ما ظنوه، بل المعنى فيه بقاؤهم في أثر من مضى من الفرق وجعلهم عوضا منهم وخلفا.

ومن ذلك قوله: (وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض) (2) وقوله: (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) (3) وقوله تعالى: (وربكم الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء) (4) وقد ذكر أهل التأويل في قوله تعالى: (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) (5) أن المراد به كون كل واحد منهما خلف صاحبه. وأنشدوا في ذلك قول زهير بن أبي سلمى:


بها العين والآرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم (6)

____________

(1) النور 55.

(2) الأنعام 165.

(3) الأعراف 129.

(4) الأنعام 133.

(5) الفرقان 62.

(6) البيت من المعلقة والعين - بالكسر - بقر الوحش، والآرام: الظباء واحدها ريم بالفتح، وخلفة واحدة بعد واحدة، والاطلاء جمع طلا وهو ولد الظبي الصغير، والمجثم: الموضع الذي يجثم فيه الطائر، أو بمعنى الجثوم - مصدر - أراد إن الدار اقفرت حتى صارت مجثما لضروب الوحش.


الصفحة 46
وهذا الاستخلاف والتمكين في الدين لم يتأخر إلى أيام أبي بكر وعمر على ما ظنه القوم بل كان في أيام النبي صلى الله عليه وآله حين قمع الله أعداءه، وأعلى كلمته، ونشر رايته، وأظهر دعوته، وأكمل دينه، ونعوذ بالله أن نقول: إن الله لم يكن أكمل دينه لنبيه في حياته حتى تلافى ذلك متلاف بعد وفاته، وليس كل التمكين هو كثرة الفتوح والغلبة على البلدان، لأن ذلك يوجب أن دين الله تعالى لم يتمكن إلى اليوم لعلمنا ببقاء ممالك الكفرة كثيرة لم يفتحها المسلمون، ولأنه أيضا يوجب أن الدين تمكن في أيام معاوية ومن بعده من بني أمية أكثر من تمكنه في أيام النبي صلى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر لأن بني أمية افتتحوا بلادا لم تفتتح قبلهم.

ثم يقال له: من أي وجه أوجبت كون التمكين فيمن ادعيت؟ فإن قال: لأني لم أجد هذا التمكين والاستخلاف إلا في أيامهم وقد بينا ما في ذلك وذكرنا أن التمكين كان متقدما وكذلك الاستخلاف على المعنى الذي ذكرناه، وإن قال: لأنا لم نجد من خلف الرسول صلى الله عليه وآله وقام مقامه إلا من ذكرته.

قيل له: أليس قد بينا أن الاستخلاف هاهنا يحتمل غير معنى الإمامة فلم حملته على الإمامة؟ وبعد فإن حمله على المعنى الذي ذكرناه أقرب إلى مذهبك وأجرى على أصولك لأنه إذا حملته على الإمامة لم يعم جميع المؤمنين وإذا حمل على المعنى الذي ذكرناه عم جميع المؤمنين.

وبعد، فإذا سلم لك أن المراد به الإمامة لم يتم ما ادعيته إلا بأن تدل من غير جهة الآية على أن أصحابك كانوا أئمة على الحقيقة، وخلفاء للرسول صلى الله عليه وآله حتى تتناولهم الآية.

فإن قال: دليلي على تناولها لهم قول أهل التفسير. (*)

الصفحة 47
قيل له، ليس كل أهل التفسير قال ما ادعيت لأن ابن جريح (1) روى عن مجاهد في قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات) (2) قال: هم أمة محمد صلى الله عليه وآله.

وروي عن ابن عباس رضي الله عنه وغيره قريب من ذلك وقد تأول هذه الآية علماء أهل البيت صلوات الله عليهم وحملوها على وجه معروف، فقالوا: هذا التمكين والاستخلاف وإبدال الخوف بالأمن إنما يكون عند قيام المهدي عليه السلام (3) فليس على تأويلك إجماع من المفسرين، وقول بعضهم ليس بحجة.

فأما تعلقه بقوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) (4) وإنهم لو كانوا خالفوا النص الجلي لم يكونوا خير أمة أخرجت للناس، فقد تقدم من كلامنا على هذه الآية وكلامه أيضا على من استدل بها على صحة الإجماع، فإنه ضعف الاستدلال بها، بما فيه كفاية لكنا نقول له هاهنا:

ألست تعلم أن هذه الآية لا تتناول جميع الأمة، لأن ما اشتملت عليه من الأوصاف من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرهما ليس موجودا في جميع الأمة.

فإن قال: هي متوجهة إلى الجميع كان علمنا بأن أكثرهم لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر دافعا لقوله، وإن اعترف بتوجهها إلى البعض.

____________

(1) هو عبد الملك بن جريح المكي الأموي بالولاء من المفسرين في أوائل القرن الثاني.

(2) النور 55.

(3) انظر مجمع البيان 7 / 152.

(4) آل عمران 110.


الصفحة 48
قيل له: فما المانع على هذا أن يكون الدافع للنص بعض الأمة ممن لم تتوجه إليه الآية.

فإن قال: إنما بنيت كلامي على أن الأمة كلها لم تصل بدفع النص فلهذا استشهدت بالآية؟

قيل له: ومن هذا الذي يقول: إن الأمة كلها ضلت بدفع النص حتى يحتاج إلى الاستدلال عليه، وقد مضى في هذا المعنى عند الكلام في النص ما فيه كفاية.

فإن قال: فأي فضل يكون لهذه الأمة على الأمم قبلها إذا كان أكثرها قد ضل وخالف النبي صلى الله عليه وآله ويجب أن يكون أمة موسى أفضل منهم وخيرا لأنهم لم يرتدوا بعد موسى عليه السلام.

قيل له: أما لفظة " خير " وهي عندنا وعندك تبنى على الثواب والفضل، وليس يمتنع أن يكون من لم يخالف النص من الأمة أكثر ثوابا وأفضل عملا من الأمم المتقدمة، وإن كان في جملة المسلمين من عدل عن النص، وليس بمنكر أن يكون من قل عدده أكثر ثوابا ممن كثر عدده، ألا ترى أن أمتنا بلا خلاف أقل عددا من أمم الكفر، ولم يمنع هذا عندك من أن يكونوا خير أمة ولم يعتبر بقلتهم وكثرة غيرهم فكذلك لا يمنع ما ذكرناه من كون أهل الحق خيرا من سائر الأمم المتقدمين وإن كانوا بعض الأمة أقل عددا ممن خالفهم، على أنك تذهب إلى أن قوما من الأمة ارتدوا بعد الرسول صلى الله عليه وآله وطوائف من العرب رجعوا عن أديانهم حتى قوتلوا على الردة، ولم يكن هذا في أمة موسى وعيسى عليهما السلام ولم يوجب ذلك أن تكون أمة موسى وعيسى عليهما السلام خيرا من أمتنا ولا مانع من أن تكون أمتنا خيرا منهم. وإن كان من تقدم قد سلم من الردة بعد نبيه ولم تسلم أمتنا من ذلك. فظهر أنه لا معتبر في الردة، بل المعتبر

الصفحة 49
بالفضل وزيادة الجزاء على الأعمال.

فأما قوله: (كيف ينقادون لمن نص عليه السلام على غيره) فقد مضى في هذا من الكلام ما لا طائل في إعادته.

وقوله: (لو جاز ذلك لجاز أن يكون للرسول صلى الله عليه وآله ولد نص عليه ولم يذكر ذلك) فقد مضى في هذا الجنس من الكلام الكثير، على أنا نقول له: إنما تكون المعارضة بولد لم يذكر ولم ينقل النص عليه، في مقابلة من قال بنص لم يذكره ذاكر، ولم ينقله ناقل، وهذا ما لم نقل به نحن ولا أحد (1) وإنما يكون عروضا لنص مذكور معروف تذهب إليه طائفة من الأمة منتشرة في البلاد، والقول بنص على ولد له بهذه الصورة يجري مجراها (2) ومعلوم فقد ذلك.

ثم يقال له: إذا جرى عندك القول بالنص الذي تذهب إليه مجرى النص على الولد فلم كان أحد الأمرين معلوما نفيه (3) لكل عاقل ضرورة والآخر تختلف فيه العقلاء وتصنف فيه الكتب، وتنتحل له الأدلة، وهذا يدل على افتراق الأمرين وبعد ما بينهما.

فأما قوله: (فكيف يكونون مرتدين مع أنه تعالى أخبر أنه جعلهم (أمة وسطا) (4) فقد مضى أيضا من الكلام في هذه الآية عند استدلاله بها في صحة (5) الإجماع ما فيه كفاية. والكلام فيها يقرب من الكلام على

____________

(1) يريد الذاهبين إلى النص.

(2) يعني إذا كان النص على ولد له بالصورة التي يذهب إليها القائلون بالنص فإنه يجري هذا المجرى ولكن ذلك مفقود.

(3) أي النص على الولد.

(4) البقرة 143.

(5) على صحة، خ ل.


الصفحة 50
قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وجملة الأمر أنه تعالى نعتهم بأنهم خيار. وهذا نعت لا يجوز أن يكون لجميعهم، بل يتناول بعضهم ووصف بعضهم بأنه خيار لا يمنع من ردة بعض آخر.

فأما قوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) (1) فلنا في الكلام عليه وجهان: أحدهما أن ننازع في أن السبق ها هنا السبق إلى الاسلام، والوجه الآخر أن نسلم ذلك فنبين أنه لا حجة في الآية على ما ادعوه، والوجه الأول بين لأن لفظة " السابقين " في الآية مطلق غير مضاف، ويحتمل أن يكون مضافا إلى إظهار الاسلام، واتباع النبي صلى الله عليه وآله بل المراد به السبق إلى الخيرات والتقدم في فعل الطاعات، ويكون قوله " الأولون " تأكيدا لمعنى السبق كما يقولون: فلان سابق في الفضل إلى الخيرات سابق فيؤكدون باللفظين المختلفين، وقد قال الله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك المقربون) (2) وقال تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله) (3) فإن قيل: إذا كان المراد ما ذكرتم فأي معنى لتخصيص المهاجرين والأنصار ولولا أنه أراد السبق إلى الاسلام.

قلنا: لم نخص المهاجرين والأنصار دون غيرهم لأنه تعالى قال:

(والذين اتبعوهم بإحسان) (4).

وهو عام في الجميع على أنه لا يمتنع أن يخص المهاجرين والأنصار بحكم

____________

(1) التوبة 100.

(2) الواقعة 10.

(3) فاطر 32.

(4) التوبة 100.


الصفحة 51
هو لغيرهم، إما لفضلهم وعلو قدرهم أو لغير ذلك من الوجوه.

فأما الوجه الثاني فالكلام فيه أيضا بين لأنه إذا سلم أن المراد بالسبق هو السبق إلى إظهار الاسلام فلا بد من أن يكون مشروطا بالاخلاص في الباطن لأن الله تعالى لا يعد بالرضا من أظهر الاسلام ولم يبطنه فيجب أن يكون الباطن معتبرا ومدلولا عليه فيمن يدعي دخوله تحت الآية حتى يتناوله الوعد بالرضا ومما يشهد بأن الاخلاص مشروط مع السبق إلى إظهار الاسلام قوله تعالى: (والذين اتبعوهم بإحسان) فشرط الاحسان الذي لا بد أن يكون مشروطا في الجميع على أن الله تعالى قد وعد الصابرين والصادقين بالجنان، فقال: (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم) (1) وقوله تعالى: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) (2) ولم يوجب ذلك أن يكون كل صابر وصادق مقطوعا له بالجنة، بل لا بد من شروط مراعاة فكذلك القول في السابقين على أنه لا يخلو المراد بالسابقين من أن يكون هو الأول الذي لا أول قبله أو يكون من سبق غيره، وإن كان مسبوقا والوجه الأول هو المقصود لأن الوجه الثاني يؤدي إلى أن يكون جميع المسلمين سابقين إلا الواحد الذي لم يكن بعده إسلام أحد، ومعلوم خلاف هذا فلم يبق إلا الوجه الأول ولهذا أكده تعالى بقوله: (الأولون) لأن من كان قبله غيره لا يكون أولا بالإطلاق، ومن هذه صفته بلا خلاف أمير المؤمنين عليه

____________

(1) المائدة 119.

(2) البقرة 155 - 157.


الصفحة 52
السلام وحمزة وجعفر (1) وخباب بن الأرت (2) وزيد بن ثابت (3) وعمار ومن الأنصار سعد بن معاد (4) وأبو الهيثم بن التيهان (5) وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين (6) فأما أبو بكر ففي تقدم إسلامه خلاف معروف (7) فعلى من ادعى تناول الآية أن يدل أنه من السابقين.

فأما قوله تعالى: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح

____________

(1) حمزة عم النبي صلى الله عليه وآله وجعفر ابن عمه.

(2) خباب بن الإرث صحابي من السابقين الأولين كان سادس ستة في الاسلام وعذب في الله وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله المشاهد كلها ومات بالكوفة بعد أن شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام صفين والنهروان وهو أول من دفن بظهر الكوفة.

(3) زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري كان عثمانيا ولم يشهد مع علي شيئا من حروبه وهو الذي كتب القرآن على عهد عثمان واختلفوا في سنة وفاته على أقوال ذكرها ابن الأثير في أسد الغابة بترجمته 2 / 221.

(4) سعد بن معاذ الأنصاري أسلم على يد مصعب بن عمير لما أرسله رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة فقال لبني عبد الأشهل كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا، فأسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الاسلام شهد بدرا واحدا والخندق فأصابه سهم فدعا الله أن لا يميته حتى يقر عينه في بني قريضة، واستجاب الله سبحانه دعاءه، وحكمه رسول الله فيهم في قصة معروفة (وانظر أسد الغابة 2 / 296).

(5) أبو الهيثم مالك بن التيهان بالياء المنقوطة باثنتين تحتها المشددة المكسورة وقبلها تاء منقوطة باثنتين فوقها الأنصاري شهد العقبة وهو أحد النقباء وشهد مع رسول الله مشاهده كلها، وشهد مع علي عليه السلام الجمل وصفين واستشهد فيها.

(6) خزيمة (مصغرا) بن ثابت الأنصاري يكني أبا عمارة. شهد بدرا وما بعدها من المشاهد ويقال له ذو الشهادتين لأن رسول الله صلى الله عليه وآله جعله شهادته كشهادة رجلين لقصة مشهورة، وشهد مع علي عليه السلام صفين وقتل، وتأوه عليه أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته المذكورة في نهج البلاغة برواية نوف البكالي (انظر الاستيعاب 12 / 179 باب الكنى حرف الهاء وشرح نهج البلاغة 9 / 108).

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 9 / 109: " ومن غريب ما وقعت عليه من العصبية أن أبا حيان التوحيدي قال في كتاب " البصائر " إن خزيمة بن ثابت المقتول مع علي عليه السلام بصفين ليس خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين بل آخر من الأنصار صحابي اسمه زيد بن ثابت " قال: " وهذا خطأ لأن كتب الحديث والنسب تنطق بأن لم يكن في الصحابة من الأنصار خزيمة بن ثابت إلا ذو الشهادتين وإنما الهوى لا دواء له، على أن الطبري صاحب التاريخ قد سبق أبا حيان بهذا القول، ومن كتابه نقل أبو حيان، والكتب الموضوعة لأسماء الصحابة تشهد بخلاف ما ذكراه " قال: " ثم أي حاجة لناصري أمير المؤمنين بخزيمة وأبي الهيثم وعمار وغيرهم! ولو أنصف الناس هذا الرجل ورأوه بالعين الصحيحة لعلموا أنه لو كان وحده وحاربه الناس كلهم أجمعون لكان على الحق وكان كل الناس على الباطل ".

(7) انظر تفصيل هذه المسألة في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13 / 215.


الصفحة 53
وقاتل) (1) الآية فالاعتبار وهو بمجموع الأمرين يعني القتال والانفاق، ومعلوم أن أبا بكر لم يقاتل قبل الفتح ولا بعده، وهذا القدر يخرجه من تناول الآية، ثم في إنفاقه خلاف قد بينا من قبل الكلام فيه وأشبعناه، على أنه لو سلم لأبي بكر إنفاق وقتال على بعدهما لكان لا يكفي في تناول الآية له لأنه معلوم أن الله تعالى لا يمدح ولا يعد بالجنة على ظاهر الانفاق والقتال، وإن كان الباطن بخلافه، ولا بد من اعتبار الباطن والنية والقصد إلى الله تعالى بالفعل فعلى من ادعى تناول الآية لمن ظهر منه إنفاق وقتال أن يدل على حسن باطنه وسلامة غرضه، وهذا لا يكون مفهوما من الآية ولا بد من الرجوع فيها إلى غيرها.

فأما قوله تعالى: (محمد رسول الله والذين معه) (2) الآية فأول ما يقال فيها أن الألف واللام إذا لم تفد الاستغراق بظاهرها من غير دليل، لم يكن للمخالف متعلق بهذه الآية لأنها حينئذ محتملة للعموم وغيره على سواء وقد بينا أن الصحيح غير ذلك، وأن هذه الألفاظ مشترك الظاهر، ودللنا عليه في غير موضع، ولو سلمنا مذهبهم في العموم أيضا لم نسلم أما قصدوه لأن قوله تعالى: (والذين معه) لا يعدو أحد أمرين أحدهما من

____________

(1) الحديد 10.

(2) الفتح 29.


الصفحة 54
كان في عصره وزمانه وصحبته، والآخر من كان على دينه وملته، والأول يقتضي عموم أوصاف الآية وما تضمنته من المدح لجميع من عاصره وصحبه عليه السلام ومعلوم أن كثيرا من هؤلاء كان منافقا خبيث الباطن لا يستحق شيئا من المدح ولا يليق به هذه الأوصاف، فثبت أن المراد بالذين معه من كان على دينه ومتمسكا بملته، وهذا يخرج الظاهر من يد المخالف وينقض غرضه في الاحتجاج به، لأنا لا نسلم له أن كل من كان بهذه الصفة فهو ممدوح مستحق لجميع صفات الآية، وعليه أن يبين أن من خالفناه فيه له هذه الصفة حتى يحصل له التزاحم، وليس لهم أن يقولوا: نحن نحمل اللفظ (1) على الصحبة والمعاصرة، ونقول إن الظاهر والعموم يقتضيان حصول جميع الصفات لكل معاصر مصاحب إلا من أخرجه الدليل، فالذي ذكرتم ممن يظهر نفاقه وشكه نخرجه بدليل، وذلك أنها إذا حملت على الصحبة والمعاصرة وأخرج بالدليل بعض من كان بهذه الصفة كانت الآية مجازا لأنا إنما نتكلم الآن على أن العموم هو الحقيقة والظاهر، ومتى حملناها على أن المراد بها من كان على دينه عمت كل من كان بهذه الصفة فكانت الآية حقيقة على هذا الوجه، وصار ذلك أولى مما ذكروه، وليس لهم أن يقولوا: إن الظاهر من لفظة " معه " يقتضي الزمان والمكان دون المذهب والاعتقاد لأنا لا نسلم ذلك، بل هذه اللفظة مستعملة في الجميع على سواء، ولهذا يحسن استفهام من قال:

فلان مع فلان عن مراده، وقد يجوز أن يكون في أصل اللغة للمكان أو الزمان، ويكون العرف وكثرة الاستعمال قد أثر في احتمالها لما ذكرناه، على إنا لو سلمنا ذلك أيضا لكان التأويلان جميعا قد تعادلا في حصول وجه من المجاز في كل واحد منهما، وليس المخالف بأن يعدل إلى تأويله هربا

____________

(1) أي " والذين معه ".


الصفحة 55
من المجاز الذي في تأويلنا بأولى ممن عكس ذلك وعدل عن تأويله للمجاز الذي فيه، وإذا تجاذب التأويلان وتعادلا بطل التعلق بالظاهر، ولم يكن في الآية دليل للمخالف على الغرض الذي قصده، على إنا قد بينا فيما تقدم ما يقتضي خروج القوم عن مثل هذه الآية لأن الشدة على الكفار إنما تكون ببذل النفس في جهادهم والصبر على ذلك وأنه لاحظ لمن يعنون فيه.

فأما قوله: (فكيف يغتاظ الكفار من ستة نفر) فأول ما فيه أنه بني من حكاية مذهبنا على فساد فمن الذي قال له منا: إن المتمسكين بالحق بعد النبي صلى الله عليه وآله كانوا ستة أو ستين أو ستمائة؟ ومن الذي حصر له عددهم؟ وليس يجب إذا كنا نذهب إلى أنهم قليل بالإضافة إلى مخالفيهم أن يكونوا ستة لأنا نقول جميعا إن المسلمين بالإضافة إلى أمم الكفر قليل، وليس هم ستة ولا ستة آلاف على أنه قد فهم من قوله (والذين معه) ما ليس مفهوما من القول لأنه حمله على من عاصره وكان في حياته وليس الأمر على ما توهم لأن المراد بذلك من كان على دينه وملته وسنته إلى أن تقوم الساعة، وهؤلاء ممن يغيظ الكفار بلا شبهة، على إنا لو سلمنا أن المراد به من كان في حياته في عصره لم يلزم أيضا ما ظنه لأنه قد قتل ومات في حياة الرسول صلى الله عليه وآله قبل الهجرة وبعدها ممن كان على الحق عدد كثير وجم غفير يغيظ بعضهم الكفار فضلا عن كلهم.

فأما تعلقه بما روي عنه صلى الله عليه وآله من قوله: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم) (1) فأول ما فيه أنه خبر واحد لا يوجب علما ولا

____________

(1) ع " خير القرون ".


الصفحة 56
يجوز أن يحتج به في أماكن العلم، ثم هو معارض بأخبار كثيرة قد ذكرنا منها طرفا فيما تقدم من هذا الكتاب مثل قوله: (لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخل أحدهم في حجر ضب لدخلتموه) فقالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال (فمن إذا) (1) وقال في حجة الوداع بعد كلام طويل: " ألا لا أعرفنكم ترتدون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا إني قد شهدت وغبتم " (2) وهذا خطاب لأصحابه ومن كان في أيامه وقرنه، على أنه لا يخلو هذا الخبر (3) من أن يكون متوجها إلى جميع من كان في أيامه وعصره أو إلى بعض من كان فيه، فإن كان متوجها إلى جميعهم فهذا ما لا نقول به جميعا لأن في أيامه وعلى قرنه معاوية وعمرو بن العاص وأبا سفيان وفلانا وفلانا ممن نقطع جميع على أنه لا خير عنده، وإن كان متوجها إلى البعض فقد سقط الغرض بالاحتجاج به، وهذه جملة كافية في هذا الفضل.

____________

(1) تقدم تخريجه.

(2) تقدم تخريجه.

(3) في ع " هذا الجنس " فيكون المعنى هذا الجنس من الكلام وهو " خير الناس قرني ".


الصفحة 57

 

فصل
في تتبع كلامه على الطاعن على أبي بكر وما أجاب به عن مطاعنهم


ابتدأ صاحب الكتاب في هذا الفصل (1) بذكر ميراث النبي صلى الله عليه وآله ورتب في ذلك كلاما لا نرتضيه (2) ونحن بعد نبين الترتيب فيه وكيفية التعلق به.

ثم أجاب عن ذلك بأن قال في الخبر الذي احتج به أبو بكر يعني قوله: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث): " لم يقتصر على روايته حتى استشهد عليه عمر وعثمان وطلحة والزبير وسعدا وعبد الرحمن فشهدوا به، فكان لا يحل لأبي بكر وقد صار الأمر إليه أن يقسم التركة ميراثا وقد خبر الرسول (3) صلى الله عليه وآله بأنه صدقة وليس بميراث، وأقل ما في هذا الباب أن يكون الخبر من أخبار الآحاد فلو أن شاهدين شهدا في التركة أن فيها حقا أليس كان يجب أن يصرفه عن الإرث؟ فعلمه بما قال

____________

(1) نقل ما في هذا الفصل من كلام قاضي القضاة في " المغني " ورد المرتضى عليه في " الشافي " ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 16 ص 237 - 286 فما ترى رمزه بحرف " ش " فهو للفروق المهمة في نقل ابن أبي الحديد، وكلام القاضي الذي أشار إليه المرتضى في " المغني " 20 ق 1 / 328.

(2) يعني المعتزلة والامامية.

(3) ش " رسول الله صلى الله عليه وآله ".


الصفحة 58
الرسول صلى الله عليه وآله مع شهادة غيره أقوى من ذلك ولسنا نجعله مدعيا (1) لأنه لم يدع ذلك لنفسه وإنما بين أنه ليس بميراث وأنه صدقة، ولا يمتنع تخصيص القرآن بذلك كما يخص في العبد والقاتل وغيرهما وليس ذلك بنقص (2) للأنبياء بل هو إجلال لهم (3) يرفع الله به قدرهم عن أن يورثوا المال وصار ذلك من أوكد الدواعي إلى أن لا يتشاغلوا بجمعها (4) لأن الدواعي (5) القوية (6) إلى ذلك تركه على الأولاد والأهلين.

ولما سمعت فاطمة عليها السلام ذلك من أبي بكر كفت عن الطلب بما ثبت من الأخبار الصحيحة فلا يمتنع أن تكون غير عارفة بذلك فطلبت الإرث فلما روى لها ما روى كفت فأصابت أولا وأصابت ثانيا.

وليس لأحد أن يقول: كيف يجوز أن يبين النبي صلى الله عليه وآله ذلك للقوم ولا حق لهم في الإرث (7) ويدع أن يبين ذلك لمن له حق في الإرث مع أن التكليف يتصل به. وذلك لأن التكليف في ذلك يتعلق بالامام فإذا بين له جاز أن لا يبين لغيره ويصير البيان له بيانا لغيره، وإن لم تسمع من الرسول صلى الله عليه وآله لأن هذا الجنس من البيان يجب أن يكون بحسب المصلحة " ثم حكي عن أبي علي أنه قال: " أتعلمون كذب أبي بكر في هذه الرواية أم تجوزون كذبه وصدقه " (8) قال: قد علم أنه لا

____________

(1) غ " بدعيا ".

(2) في المغني " بنقض للآية " وتحير المحقق في التوجيه وتركه على ما هو عليه.

(3) غ " حلال لهم " ويختل المعنى بذلك.

(4) بجمعه خ ل.

(5) ش " أحد الدواعي ".

(6) في المغني " البشرية " بدل " القوية ".

(7) غ " يتبرع " وهو تصحيف.

(8) في المغني " أتعلمون صدق أبي بكر في هذه الرواية أم تجوزون صدقه؟ ". وفي ش " أم تجوزون أن يكون صادقا ".


الصفحة 59
شئ يعلم به قطعا كذبه فلا بد من تحريز كونه صادقا، وإذا صح ذلك قيل لهم فهل كان يحل له مخالفة رسول الله صلى الله عليه وآله.

فإن قالوا: لو كان صدقا لظهر واشتهر.

قيل لهم: إن ذلك من باب العمل فلا يمتنع أن يتفرد بروايته جماعة يسيرة (1) مثل الواحد والاثنان مثل ساير الأحكام ومثل الشهادات.

فإن قالوا: نعلم أنه لا يصح لقوله تعالى في كتابه: " وورث سليمان داود) (2) قيل لهم: ومن أين أنه ورثه الأموال مع تجويز أن يكون المراد ورثه العلم والحكمة.

فإن قالوا: إطلاق الميراث لا يكون إلا في الأموال.

قيل لهم: إن كتاب الله يبطل قولكم لأنه قال: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (3) والكتاب ليس بمال، ويقال في اللغة ما ورث الآباء الأبناء شيئا أفضل من أدب (4) حسن وقالوا (العلماء ورثة الأنبياء) وإنما ورثوا منهم العلم دون المال على أن في آخر الآية (5) ما يدل على ما قلناه وهو قوله تعالى: (يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل المبين) (6) فنبه على أن الذي ورث هو هذا العلم وهذا الفضل وإلا لم يكن لهذا القول تعلق بالأول.

____________

(1) غ " بل الواحد " الخ.

(2) النمل 16.

(3) فاطر 32.

(4) ش " ما ورث الأبناء عن الآباء ".

(5) غ " على إن في الكتاب ".

(6) النمل 16.