الصفحة الرئيسية \ الشريف المرتضى

 

وروى جرمي بن أبي العلا مع هذين البيتين بيتا ثالثا، وهو:


فليت قبلك كان الموت صادفنا لما قضيت وحالت دونك الكثب (1)

قال: فحمد الله أبو بكر وصلى على محمد وآله وقال: يا خير النساء، وابنة خير الأنبياء، والله ما عدوت رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عملت إلا بإذنه وإن الرائد لا يكذب أهله، وإني أشهد الله وكفى بالله شهيدا. وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة، ولا دارا ولا عقارا. وإنما نورث الكتاب والحكمة، والعلم والنبوة).

قال: فلما وصل الأمر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام كلم (2) في رد فدك، فقال: إني لأستحي من الله أن أرد شيئا منع منه أبو بكر وأمضاه عمر.

وأخبرنا أبو عبد الله المرزباني، قال: حدثني علي بن هارون، قال: أخبرني عبد الله بن أحمد بن أبي طاهر عن أبيه قال: ذكرت لأبي الحسين زيد بن [ علي بن الحسين بن زيد بن ] (3) علي بن الحسين بن زيد ابن علي كلام فاطمة عليها السلام عند منع أبي بكر إياها فدك، وقلت له: إن هؤلاء يزعمون إنه مصنوع وإنه كلام أبي العيناء، لأن الكلام منسوق البلاغة فقال لي: رأيت مشائخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم.

ويعلمونه أولادهم، وقد حدثني به أبي عن جدي يبلغ به فاطمة عليها

____________

(1) الكثب جميع كثيب وهو من الرمل ما اجتمع.

(2) على البناء للمجهول.

(3) التصحيح بين المعقوفين عن المخطوطة والمراد به زيد الأصغر وهو من أصحاب الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام إذ لا يعقل تأخر زيد الشهيد من أبي العيناء انظر تهذيب التهذيب 30 / 420 وإرشاد المفيد ص 332.


الصفحة 77
السلام على هذه الحكاية، ورواه مشائخ الشيعة وتدارسوه بينهم قبل أن يولد جد أبي العينا وقد حدث الحسين بن علوان عن عطية العوفي (1) إنه سمع عبد الله بن الحسن (2) ذكر عن أبيه هذا.

ثم قال أبو الحسين: وكيف ينكر من هذا كلام فاطمة عليها السلام وهم يروون من كلام عائشة عند موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة عليها السلام فيحققونه، لولا عداوتهم لنا أهل البيت؟

ثم ذكر الحديث بطوله على نسقه وزاد في الأبيات بعد البيتين الأولين:


ضاقت علي بلادي بعد ما رحبت وسيم سبطاك خسفا فيه لي نصب (3)
فليت قبلك كان الموت صادفنا قوم تمنوا فاعطوا كلما طلبوا   
تجهمتنا رجال واستخف بنا مذغبت عنا وكل الإرث قد غصبوا (4)

قال: فما رأيت يوما كان أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم.

____________

(1) عطية بن سعد بن جنادة العوفي الكوفي ولد في أيام علي عليه السلام من رجال الحديث، خرج مع ابن الأشعث فكتب الحجاج إلى محمد بن القاسم الثقفي:

ادع عطية فإن سب علي بن أبي طالب وإلا فاضربه أربعمائة سوط واحلق رأسه ولحيته فاستدعاه فأبي أن يسب فأمضى حكم الحجاج فيه ثم خرج إلى خراسان فلم يزل بها حتى ولى عمر بن هبيرة العراق فقدمها فلم يزل بها إلى أن توفي سنة 111 أو 127 (انظر تهذيب التهذيب 7 / 224 - 226).

(2) عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أبو محمد تابعي من أهل المدينة أمه فاطمة بنت الحسين بن علي عليهما السلام كان من العباد وكان له شرف وعارضة وهيبة توفي في حبس المنصور وهو ابن سبعين سنة سنة 145 قبل قتل ولده محمد بأشهر انظر تهذيب التهذيب 5 / 186.

(3) الخسف: الذل والظلم والمراد الثاني، يقال سامه خسفا أي أراده عليه.

(4) تجهمتنا: استقبلتنا بوجه كريه.


الصفحة 78
وقد روي هذا الكلام على هذا الوجه من طرق مختلفة ووجوه كثيرة، فمن أرادها أخذها من مواضعها فقط طولنا بذكرنا ما ذكرناه منها لحاجة مست إليه فكيف يدعى أنها كفت راضية، وأمسكت قانعة لولا البهت وقلة الحياء.

فأما قوله: (إنه يجوز أن يبين أنه لا حق في ميراثه لورثته لغير الورثة ولا يمتنع أن يرد من جهة الآحاد لأنه من باب العمل) فكل هذا بناء منه على أصوله الفاسدة في أن خبر الواحد حجة في الشرع وأن العمل به وجب، ودون صحة ذلك خرط القتاد.

وإنما يجوز أن يبين من جهة دون جهة إذا تساويا في الحجة ووقوع العلم. فأما مع تباينهما فلا يجوز التخيير فيهما وإذا كان ورثة النبي صلى الله عليه وآله متعبدين بأن لا يرثوه فلا بد من إزاحة علتهم في هذه العبادة بأن يوقفهم على الحكم بعينه، ويشافههم به أو بأن يلقيه إلى من تقوم الحجة عليهم بنقله، وكل ذلك لم يكن.

فأما قوله: (تجوزون صدقه في الرواية أم لا تجوزون ذلك) فالجواب إنا لا نجوزه، لأن كتاب الله أصدق منه وهو يدفع روايته ويبطلها.

فأما اعتراضه على قولنا: إن إطلاق الميراث لا يكون إلا في الأموال بقوله تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (1) وقولهم:

" ما ورثت الأبناء من الآباء شيئا أفضل من أدب حسن " وقولهم: " العلماء ورثة الأنبياء " فعجيب لأن كل ما ذكر مقيد غير مطلق، وإنما قلنا: إن مطلق لفظ الميراث من غير قرينة ولا تقييد يفيد بظاهره ميراث الأموال

____________

(1) فاطر / 32.


الصفحة 79
فبعد ما ذكره وعارض به لا يخفى على متأمل.

فأما استدلاله على أن سليمان ورث داود علمه دون ماله بقوله: (يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل المبين) (1) وإنما المراد أنه ورث العلم والفضل، وإلا لم يكن لهذا القول تعلق بالأول، فليس بشئ يعول عليه لأنه لا يمتنع أن يريد أنه ورث المال بالظاهر والعلم بهذا المعنى من الاستدلال فليس يجب إذ دلتنا الدلالة في بعض الألفاظ على معنى المجاز أن نقتصر بها عليه، بل يجب أن نحملها على الحقيقة التي هي الأصل إذا لم يمنع من ذلك مانع، على أنه لا يمتنع أن يريد ميراث المال خاصة ثم يقول: إنا مع ذلك علمنا منطق الطير، ويشير بالفضل المبين إلى العلم والمال جميعا فله بالأمرين جميعا فضل على من لم يكن عليهما وقوله: (وأوتينا من كل شئ) يحتمل المال كما يحتمل العلم فليس بخالص ما ظنه.

فأما قوله في قصة زكريا (إنه خاف على العلم أن يندرس لأن الأنبياء لا تحرص (2) على الأموال، وإنما خاف أن يضيع العلم، فسأل الله تعالى وليا يقوم بالدين مقامه) فقد بينا أن الأنبياء عليهم السلام وإن كانوا لا يحرصون على الأموال ولا يبخلون بها، فإنهم يجتهدون في منع المفسدين من الاستعانة بها على الفساد، ولا يعد ذلك حرصا، ولا بخلا، بل فضلا ودينا، وليس يجوز من زكريا أن يخاف على العلم أن يندرس ويضيع (3) لأنه يعلم أن حكمة الله تعالى تقتضي حفظ العلم الذي هو

____________

(1) النمل / 16.

(2) ش " لا يحرصون ".

(3) شس " يخاف على العلم الاندراس والضياع ".


الصفحة 80
الحجة على العباد، وبه تنزاح علتهم في مصالحهم، فكيف يخاف ما لا يخاف من مثله.

فإن قيل: فهبوا أن الأمر على ما ذكرتم من أن زكريا كان يأمن على العلم أن يندرس، أليس لا بد أن يكون مجوزا لأن يحفظه الله تعالى بمن هو من أهله وأقاربه كما يجوز أن يحفظه بغريب أجنبي؟ فما أنكرتم أن يكون خوفه من بني عمه أن لا يتعلموا العلم. ولا يقوموا فيه مقامه.

فسأل الله تعالى ولدا يجمع فيه هذه العلوم حتى لا يخرج العلم عن بيته.

ويتعدى إلى غير قومه، فيلحقه بذلك وصمة.

قلنا: أما إذا رتب السؤال هذا الترتيب فالجواب عنه ما أجبنا به صاحب الكتاب، وهو أن الخوف الذي أشاروا إليه ليس من ضرر ديني وإنما هو من ضرر دنيوي والأنبياء عليهم السلام إنما بعثوا لتحمل المضار الدنيوية ومنازلهم في الثواب إنما زادت على كل المنازل لهذا الوجه، ومن كانت حاله هذه الحال فالظاهر من خوفه إذا لم يعلم وجهه بعينه أن يكون محمولا على مضار الدين، لأنها هي جهة خوفهم. والغرض في بعثتهم تحمل ما سواها من المضار، فإذا قال النبي صلى الله عليه وآله: أنا خائف ولم يعلم جهة خوفه على التفصيل، يجب أن يصرف خوفه بالظاهر إلى مضار الدين دون الدنيا، لأن أحوالهم وبعثهم تقتضي ذلك. فإذا كنا لو اعتدنا من بعضنا الزهد في الدنيا وأسبابها والتعفف عن منافعها. والرغبة في الآخرة والتفرد بالعمل لها لكنا نحمل ما يظهر لنا من خوفه الذي لا يعلم وجهه بعينه على ما هو أشبه وأليق بحاله، ونضيفه إلى الآخرة دون الدنيا، وإذا كان هذا واجبا فيمن ذكرناه فهو الأنبياء عليهم السلام أوجب.

فأما قوله متعلقا في أن الميراث محمول على العلم بقوله: (ويرث

الصفحة 81
من آل يعقوب): (لأنه لا يرث أموال يعقوب في الحقيقة، وإنما يرث ذلك غيره) فبعيد من الصواب لأن ولد زكريا يرث بالقرابة من آل يعقوب أموالهم، على أنه لم يقل: يرث آل يعقوب، بل قال: يرث من آل يعقوب، منبها بذلك على أنه يرث من كان أحق بميراثه بالقرابة.

فأما طعنه على من تأول الخبر بأنه عليه السلام لا يورث ما تركه للصدقة بقوله: (إن أحدا من الصحابة لم يتأوله على هذا الوجه) فهذا التأويل الذي ذكرناه أحد ما قاله أصحابنا في هذا الخبر فمن أين له إجماع الصحابة على خلافه؟ وإن أحدا لم يتأوله على هذا الوجه.

فإن قال: (لو كان ذلك لظهر وانتشر، ولوقف أبو بكر عليه) فقد مضى من الكلام فيما يمنع من الموافقة على هذا المعنى ما فيه كفاية، وقوله (إنه لا يكون في ذلك تخصيص للأنبياء ولا مزية) ليس بصحيح.

وقد قيل في الجواب عن هذا: إنه صلى الله عليه وآله يجوز أن يريد أن ما تنوى فيه الصدقة وتفرده لها من غير أن تخرجه عن أيدينا لا يناله ورثتنا وهذا تخصيص لهم ومزية ظاهرة.

فأما قوله: (إن قوله: " ما تركناه صدقة " جملة من الكلام مستقلة فلا وجه لأن يجعل من تمام الكلام الأول) فكلام في غير موضعه لأنها إنما تكون مستقلة بنفسها إذا كانت لفظة " ما " مبتدأ مرفوعة ولم تكن منصوبة بوقوع الفعل عليها وكانت لفظة " صدقة " أيضا مرفوعة غير منصوبة وفي هذا وقع النزاع فكيف يدعي أنها جملة مستقلة بنفسها ونحن نخالف في الإعراب الذي لا يصح استقلالها بنفسها إلا مع تغيره وأقوى ما ذكروه ما نقوله (1) أن الرواية جاءت في لفظة الصدقة بالرفع وعلى ما تأولتموه لا

____________

(1) ش " وأقوى ما يمكن أن نذكره أن نقول ".


الصفحة 82
يكون إلا منصوبة.

والجواب عن ذلك أنا لا نسلم الرواية بالرفع، ولم تجر عادة الرواة بضبط ما جرى هذا المجرى من الإعراب والاشتباه يقع في مثله، فمن حقق منهم وصرح أن الرواية بالرفع يجوز أن يكون اشتبه عليه فظنها مرفوعة وهي منصوبة.

فأما حكايته عن أبي علي أن أبا بكر لم يدفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام السيف والبغلة والعمامة على سبيل الإرث وقوله: (وكيف يجوز ذلك مع الخبر الذي رواه وكيف خصصه بذلك دون العلم الذي هو العصبة) (1) فما نراه زاد على التعجب ومما عجب منه عجبنا ولم يثبت عصمة أبي بكر فننفي عن أفعاله التناقض.

وقوله: (يجوز أن يكون [ النبي صلى الله عليه وآله نحله إياه فتركه أبو بكر ] (2) في يده لما فيه من تقوية الدين وتصدق ببدله) فكل ما ذكره جائز إلا أنه قد كان يجب أن يظهر أسباب النحلة والشهادة بها والحجة عليها، ولم يظهر من ذلك شئ فنعرفه.

ومن العجائب أن تدعي فاطمة عليها السلام فدك نحلة وتستشهد على قولها أمير المؤمنين عليه السلام وغيره فلا يصغى إليها وإلى قولها، ويترك السيف والبغلة والعمامة في يد أمير المؤمنين عليه السلام على سبيل النحلة بغير بينة ظهرت، ولا شهادة قامت، على أنه كان يجب على أبي بكر أن يبين ذلك، ويذكر وجهه بعينه أي شئ كان لما نازع العباس

____________

(1) المغني 20 ق 1 / 331.

(2) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل وأعدناه من " شرح نهج البلاغة ".


الصفحة 83
فيه، فلا وقت لذكر الوجه في ذلك أولى من هذا الوقت (1) والقول في البردة والقضيب إن كان نحلة أو على الوجه الآخر (2) يجري مجرى ما ذكرناه من وجوب الظهور والاستشهاد، ولسنا نرى أصحابنا - أي المعتزلة - (3) يطالبون خصومهم (4) في هذه المواضع بما يطالبونا بمثله إذا ادعينا وجوها وأسبابا وعللا مجوزة، لأنهم لا يقنعون منا بما يجوز ويمكن بل يوجبون فيما ندعيه الظهور والاستشهاد، وإذا كان هذا عليهم نسوه أو تناسوه.

فأما قوله: (إن أزواج النبي صلى الله عليه وآله إنما طلبن الميراث لأنهن لم يعرفن رواية أبي بكر للخبر وكذلك إنما نازع العباس أمير المؤمنين عليه السلام بعد موت فاطمة عليها السلام في الميراث لهذا الوجه) فمن أقبح ما يقال في هذا الباب وأبعده من الصواب، وكيف لا يعرف أمير المؤمنين عليه السلام رواية أبي بكر وبها دفعت زوجته عن الميراث؟

وهل مثل ذلك المقام الذي قامته، وما رواه أبو بكر في دفعها يخفى على من هو في أقاصي البلاد فضلا عمن هو في المدينة حاضر شاهد يعنى

____________

(1) أنكر ابن أبي الحديد أن يكون النزاع بين العباس وعلي عليه السلام في البغلة والعمامة ونحوهما وقع في أيام أبي بكر وإنما كان النزاع في أيام عمر (انظر شرح النهج 16 / 261).

(2) النحلة: العطية، والمراد بالوجه الآخر - على ما يراه أبو علي - أن يكون أبو بكر رأى الصلاح في ذلك أن يكون بيده لما فيه من تقوية الدين، كما مر ذلك في كلام القاضي.

(3) الجملة بين الخطين ساقطة من " الشافي " وأعدناها من " شرح نهج البلاغة " ومعنى كلام المرتضى أصحابنا وهو يقصد المعتزلة من قبيل (قال له صاحبه وهو يحاوره) لأن العادة أن المؤلف إذا قال " أصحابنا " فإنه يقصد أصحابه في المذهب والاعتقاد.

(4) شس " نفوسهم " وهي أوجه مما في المتن.


الصفحة 84
بالأخبار ويراعيها، إن هذا الخروج في المكابرة عن الحد، وكيف يخفى على الأزواج ذلك حتى يطلبنه مرة بعد أخرى، ويكون عثمان المترسل (1) لهن والمطالب عنهن، وعثمان على زعمهم أحد من شهد أن النبي صلى الله عليه وآله لا يورث، وقد سمعن على كل حال أن بنت النبي صلى الله عليه وآله لم تورث ماله، ولا بد أن يكن قد سألن عن السبب في دفعها فذكر لهن الخبر، فكيف يقال: إنهن لم يعرفنه والإكثار في هذا الموضع يوهم أنه موضع شبهة وليس كذلك.

فإن قيل: إذا كان أبو بكر قد حكم بخطأ في دفع فاطمة عليها السلام عن الميراث، واحتج بخبر لا حجة فيه، فما بال الأمة أقرته على هذا الحكم، ولم تنكر عليه وفي رضاها وإمساكها دليل على صوابه.

قلنا: قد مضى أن ترك النكير لا يكون دليل الرضا إلا في الموضع الذي لا يكون له وجه سوى الرضا، وبينا في الكلام على إمامة أبي بكر هذا الموضع بيانا شافيا وقد أجاب أبو عثمان الجاحظ في كتاب " العباسية " عن هذا السؤال جوابا جيد (2) المعنى واللفظ، نحن نذكره على وجهه لنقابل بينه وبين كلامه في " العثمانية " وغيرها.

قال: " وقد زعم ناس أن الدليل على صدق خبرهما يعني أبا بكر وعمر في منع الميراث، وبراءة ساحتهما ترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله النكير عليهما ".

ثم قال: " فيقال لهم: لئن كان ترك النكير دليلا على صدقهما ليكونن ترك النكير على المتظلمين منهما، والمحتجين عليهما، والمطالبين لهما، دليلا على صدق دعواهم، واستحسان مقالتهم، ولا سيما وقد

____________

(1) ش " الرسول ".

(2) ش " حسن المعنى ".


الصفحة 85
طالت المحاجات (1) وكثرت المراجعة والملاحاة، وظهرت الشكية، واشتدت الموجدة، وقد بلغ ذلك من فاطمة عليها السلام حتى أنها أوصت أن لا يصلي عليها أبو بكر، ولقد كانت قالت له حين أتته طالبة بحقها، ومحتجة برهطها: (من يرثك يا أبا بكر إن مت؟) قال: أهلي وولدي، قالت: (فما بالنا لا نرث النبي صلى الله عليه وآله؟) فلما منعها ميراثها وبخسها حقها. واعتل عليها، وجلح (2) في أمرها وعاينت التهضم وآيست من النزوع (3) ووجدت مس الضعف، وقلة الناصر، قالت: (والله لأدعون الله عليك) قال: والله لأدعون الله لك، قالت (والله لا أكلمك أبدا) قال: والله لا أهجرك أبدا فإن يكن ترك النكير منهم على أبي بكر دليلا على صواب منعه، إن كان في ترك النكير على فاطمة عليها السلام دليلا على الصواب طلبها، وأدنى ما كان يجب عليهم في ذلك تعريفها ما جهلت، وتذكيرها ما نسيت، وصرفها عن الخطأ، ورفع قدرها على البذاء، وأن تقول هجرا (4) وتجور عادلا (5) أو تقطع واصلا، فإذا لم نجدهم أنكروا على الخصمين جميعا فقد تكافأت الأمور، واستوت الأسباب، والرجوع إلى أصل حكم الله في المواريث أولى بنا وبكم، وأوجب علينا وعليكم ثم قال: (6) " فإن قالوا: كيف نظن بأبي بكر (7) ظلمها، والتعدي عليها، وكلما ازدادت فاطمة عليها السلام عليه غلظة ازداد لها لينا ورقة، حيث تقول: (والله لا أكلمك

____________

(1) ش " والمناجاة " وكذلك في ع.

(2) جلح: جاهر.

(3) التهضم: الظلم، والنزع: الرجوع، وفي ش " التورع ".

(4) البذاء: الفحش، والهجر - بضم الهاء - القبيح من الكلام.

(5) تجور عادلا: تجعله جائرا.

(6) أي الجاحظ.

(7) ش " تظن به ".


الصفحة 86
أبدا) فيقول: والله لا أهجرك أبدا، ثم تقول: (والله لأدعون الله عليك) فيقول: والله لأدعون الله لك، ثم يحتمل هذا الكلام الغليظ، والقول الشديد في دار الخلافة، وبحضرة قريش والصحابة مع حاجة الخلافة إلى البهاء والرفعة وما يجب لها من التنزيه والهيبة، ثم لم يمنعه ذلك أن قال متعذرا أو متقربا كلام المعظم لحقها المكبر لمقامها والصائن لوجهها، والمتحنن عليها، ما أحد أعز علي منك (1) فقرا ولا أحب إلي منك غنى، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا فهو صدقة) قيل لهم: ليس ذلك بدليل على البراءة من الظلم، والسلامة من العمد، وقد يبلغ من مكر الظالم، ودهاء الماكر، إذا كان أديبا، وللخصومة معتادا، أن يظهر كلام المظلوم، وذلة المنتصف، وحدب الوامق، ومقة المحق، (2) وكيف جعلتم ترك النكير حجة قاطعة، ودلالة واضحة، وقد زعمتم أن عمر قال على منبره " متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله متعة النساء ومتعة الحج أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما " فما وجدتم أحدا أنكر قوله، ولا استشنع مخرج نهيه، ولا خطأه في معناه، ولا تعجب منه، ولا استفهمه؟ وكيف تقضون في معناه بترك النكير، وقد شهد عمر يوم السقيفة وبعد ذلك، أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (الأئمة من قريش) ثم قال في شكاته: لو كان سالم (3) حيا، ما يخالجني فيه شك "

____________

(1) عز عليه كذا أي عظم.

(2) المراد بالحدب هنا العطف، والوامق: المحب، والمقة: الحب والفاعل وامق.

(3) سالم بن معقل مولى أبي حذيفة من أهل فارس من كبار الصحابة معدود في المهاجرين وكان يؤم المهاجرين بقبا وفيهم أبو بكر وعمر قال ابن عبد البر " وكان عمر يفرط في الثناء عليه " استشهد يوم اليمامة سنة 12 (انظر الاستيعاب 4 / 70 والإصابة حرف السين ق 1) والشكاة: المرض، ويريد لما طعن.


الصفحة 87
حيث أظهر الشك في استحقاق كل واحد من الستة الذين جعلهم شورى، وسالم عبد لامرأة من الأنصار وهي أعتقته، وحازت ميراثه، ثم لم ينكر ذلك من قوله منكر، ولا قابل إنسان بين خبريه، ولا تعجب منه، وإنما يكون ترك النكير على من لا رغبة له ولا رهبة عنده، دليلا على صدق قوله، وصواب عمله، فأما ترك النكير على من يملك الضعة والرفعة، والأمر والنهي، والقتل والاستحياء (1) والحبس والاطلاق، فليس بحجة تقي (2) ولا دلالة تضي قال: وقال آخرون: بل الدليل على صدق قولهما، وصواب عملهما، إمساك الصحابة عن خلعهما، والخروج عليهما، وهم الذين وثبوا على عثمان في أيسر من جحد التنزيل، ورد المنصوص (3)، ولو كانا كما يقولون وما يصفون ما كان سبيل الأمة فيهما إلا كسبيلهم فيه وعثمان كان أعز نفرا، وأشرف رهطا، وأكثر عددا وثروة، وأقوى عدة.

قلنا: إنهما لم يجحدا التنزيل، ولم ينكرا المنصوص (4)، ولكنهما بعد إقرارهما بحكم الميراث وما عليه الظاهر من الشريعة ادعيا رواية، وتحدثا بحديث لم يكن بمحال كونه، ولا يمتنع في حجج العقول مجيئه، وشهد لهما عليه من علته مثل علتهما فيه ولعل بعضهم كان يرى التصديق للرجل إذا كان عدلا في رهطه، مأمونا في ظاهره، ولم يكن قبل ذلك عرفه بفجره (5).

____________

(1) الاستحياء: الابقاء.

(2) ش " تشفى ".

(3) ش " النصوص ".

(4) ش " النصوص ".

(5) الفجرة: الانبعاث في المعاصي والفجور.


الصفحة 88
ولا جرت عليه غدره، فيكون تصديقه له على جهة حسن الظن، وتعديل الشاهد، ولأنه لم يكن كثير منهم يعرف حقائق الحجج، والذي يقطع بشهادته على الغيب (1) وكان ذلك شبهة على أكثرهم، فلذلك قل النكير.

وتواكل الناس، واشتبه الأمر، فصار لا يتخلص إلى معرفة حق ذلك من باطله إلا العالم المتقدم، والمؤيد المسترشد، ولأنه لم يكن لعثمان في صدور العوام، وفي قلوب السفلة والطغام (2) ما كان لهما من الهيبة والمحبة، ولأنهما كانا أقل استئثارا بالفئ، وأقل تفكها (3) بما الله منه، ومن شأن الناس إهمال السلطان (4) ما وفر عليهم أموالهم، ولم يستأثر بخراجهم، ولم يعطل ثغورهم، ولأن الذي صنع أبو بكر من منع العترة حظها (5) والعمومة ميراثها، قد كان موافقا لجلة قريش (6) وكبراء العرب، ولأن عثمان أيضا كان مضعوفا في نفسه، مستخفا بقدره، لا يمنع ضيما، ولا يقمع عدوا، ولقد وثب ناس على عثمان بالشتم والقذف والتشنيع والنكير لأمور لو أتى عمر أضعافها وبلغ أقصاها لما اجترأوا على اغتيابه، فضلا من مبادأته، والإغراء به ومواجهته، كما أغلظ عيينة بن حصن (7) له فقال له: أما إنه لو كان عمر لقمعك ومنعك، فقال عيينة: عمر كان

____________

(1) المغيب، خ ل.

(2) الطغام - بفتح الطاء المهملة -: الأوغاد والأدنياء من الناس، الواحد والجمع فيه سواء.

(3) المراد بإهمال السلطان: ترك التعرض، والسكوت عنه.

(4) ش " تفضلا بمال الله ".

(5) ش " حقها ".

(6) جلة قريش: عظماؤها.

(7) عيينة بن حصن الفزاري يكنى أبا مالك أسلم قبل الفتح وشهد الفتح مسلما وشهد حنينا والطائف وكان من المؤلفة قلوبهم ومن الأعراب الجفاة، وكان ممن ارتد وتبع طليحة الأسدي وقاتل معه فأخذ أسيرا وحمل إلى أبي بكر فأطلقه (انظر ترجمته في أسد الغابة 4 / 167).


الصفحة 89
خيرا لي منك وهبني فاتقاني (1) ".

ثم قال: " والعجب إنا وجدنا جميع من خالفنا في الميراث على اختلافهم في التشبيه والقدر والوعيد يرد كل صنف منهم من أحاديث مخالفيه وخصومه ما هو أقرب إسنادا، وأصح (2) رجالا، وأحسن اتصالا، حتى إذا صاروا إلى القول في ميراث النبي صلى الله عليه وآله نسخوا الكتاب وخصوا الخبر العام بما لا يداني بعض ما رووه وأكذبوا ناقليه، وذلك أن كل إنسان منهم إنما يجري إلى هواه ويصدق ما وافق رضاه " مضى ما أردنا حكايته من كلام الجاحظ (3) فإن قيل: ليس ما عارض به الجاحظ من الاستدلال بترك النكير، وقوله: كما لم ينكروا على أبي بكر فلم ينكروا أيضا على فاطمة عليها السلام ولا على غيرها من المطالبين بالميراث كالأزواج وغير هن معارضة صحيحة وذلك أن نكير أبي بكر لذلك، ودفعه والاحتجاج عليه يكفيهم ويغنيهم عن تكلف نكير آخر، ولم ينكر على أبي بكر ما رواه منكر فيستغنوا بإنكاره.

قلنا: أول ما يبطل هذا السؤال أن أبا بكر لم ينكر عليها ما أقامت عليه بعد احتجاجها بالخبر من التظلم والتألم والتعنيف والتبكيت (4) وقولها - على ما روي -: لأدعون الله عليك ولا كلمتك أبدا، وما جرى هذا المجرى فقد كان يجب أن ينكره غيره فمن المنكر الغضب على المنصف

____________

(1) ش " أرهبني فاتقاني ".

(2) في ش وع " وأوضح ".

(3) ش " هذا آخر كلام الجاحظ ".

(4) التبكيت: التقريع والتعنيف، وفي الأصل " التنكيب " وهو الميل والإعراض وآثرنا المنقول في " شرح نهج البلاغة ".


الصفحة 90
وبعد فإن كان إنكار أبي بكر مقنعا أو مغنيا عن إنكار غيره من المسلمين.

فإنكار فاطمة عليها السلام حكمة، ومقامها على التظلم منه يعني عن نكير غيرها، وهذا واضح لمن أنصف من نفسه.

قال صاحب الكتاب: (شبهة لهم أخرى، وأحد ما طعنوا به وعظموا القول فيه أمر فدك (1) قالوا: قد روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: " لما نزلت (وآت ذا القربى حقه) (2) أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة عليها السلام فدك، ثم فعل عمر بن عبد العزيز مثل ذلك ورده (3) على ولدها، قالوا: ولا شك أن أبا بكر أغضبها، إن لم يصح كل الذي روي في هذا الباب، وقد كان الأجمل أن يمنعهم التكرم مما ارتكبوا (4) فضلا عن الدين، ثم ذكروا أنها استشهدت أمير المؤمنين عليه السلام وأم أيمن فلم تقبل شهادتهما، هذا مع تركه أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجرهن ولم يجعلها صدقة، وصدقهن في أن ذلك لهن ولم يصدقها).

ثم قال: (الجواب عن ذلك أن أكثر ما يروون في هذا الباب غير صحيح، ولسنا ننكر صحة ما روي من ادعائها فدك فأما إنه كان في يدها فغير مسلم بل لو كانت في يدها لكان الظاهر أنه لها، فإذا كان في جملة التركة فالظاهر أنه ميراث، وإذا كان كذلك فغير جائز لأبي بكر قبول دعواها لأنه لا خلاف أن العمل على الدعوى لا يجوز، وإنما يعمل

____________

(1) ش " ما عظمت الشيعة القول في أمر فدك " علما بأن أول هذه الشبهة ساقط من " المغني ".

(2) الاسراء / 26.

(3) ش " وردها " والضمير لفدك.

(4) ش " ارتكبوا منها ".


الصفحة 91
على (1) ذلك متى علم (2) صحته بمشاهدة أو ما يجري مجراها، أو حصل بينة أو إقرار) ثم ذكر (إن البينة لا بد منها وإن أمير المؤمنين عليه السلام لما خاصمه اليهودي حاكمه (3) وإن أم سلمة التي يطبق على فضلها لو ادعت نحلا لما قبلت دعواها).

ثم قال: (لو كان أمير المؤمنين عليه السلام هو الإمام (4) بعده ولم يعلم صحة هذه الدعوى ما الذي كان يجب أن يعمل؟

فإن قلتم: (يقبل الدعوى فالشرع بخلاف ذلك، وإن قلتم:

يلتمس بينة فهو الذي فعله أبو بكر) ثم تشاغل بالكلام على من تعلق بأن أبا بكر قضى دين رسول الله صلى الله عليه وآله، وذلك مما لا حجة فيه ولا تعلق لنا به.

ثم قال: (وأما قوله: رجل مع رجل وامرأة مع امرأة، فهو الذي يوجبه الدين ولم يثبت أن الشاهد في ذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام، بل الرواية المنقولة أنه شهد لها عليها السلام مولى رسول الله مع أم أيمن، وليس لأحد أن يقول: فلماذا ادعت ذلك ولا بينة معها، لأنه لا يمتنع أن تجوز أن يحكم أبو بكر بالشاهد واليمين، وتجوز عند شهادة من شهد لها أن يتذكر غيره فيشهد، وهذا هو الواجب على ملتمس الحق فلا

____________

(1) ش " على مثل ذلك ".

(2) ش " علمت ".

(3) في قضية الدرع المعلومة.

(4) ش " الوالي " والضمير في " بعده، للنبي صلى الله عليه وآله.


الصفحة 92
عتب عليها في ذلك، ولا على أبي بكر في التماس البينة، وإن لم يحكم لما لم يتم (1) ولم يكن لها هناك خصم لأن التركة صدقة على ما ذكرنا فكان لا يمكن (2) أن يعول في ذلك على يمين أو نكول فلم يكن الأمر (3) إلا ما فعله.

وقد أنكر أبو علي ما قاله السائل من أنها لما أرادت فدك وردت في دعوى النحلة ادعته إرثا وقال: كان طلب الإرث قبل ذلك فلما سمعت منه الخبر كفت ثم ادعت النحلة.

فأما فعل عمر بن عبد العزيز فلم يثبت أنه رده على سبيل النحلة، بل عمل في ذلك ما فعله عمر بن الخطاب بأن أقره في يد أمير المؤمنين عليه السلام ليصرف غلاتها في الموضع (4) الذي كان يجعلها رسول الله صلى الله عليه وآله فيه فقام بذلك مدة ثم ردها إلى عمر في آخر سنيه وكذلك فعل عمر بن عبد العزيز، ولو ثبت أنه فعل بخلاف ما فعله السلف لكان هو المحجوج بقولهم وفعلهم، وأحد ما يقوى ما ذكرناه إن الأمر لما انتهى إلى أمير المؤمنين عليه السلام ترك فدك على ما كانت (5) ولم يجعلها ميراثا لولد فاطمة عليها السلام، وهذا يبين أن الشاهد كان غيره.

لأنه لو كان هو الشاهد لكان الأقرب أن يحكم بعلمه، على أن الناس اختلفوا في الهبة إذا لم تقبض، فعند بعضهم تستحق بالتسليم، وعند بعضهم يصير وجوده كعدمه، فلا يمتنع من هذا الوجه أيضا أن يمتنع

____________

(1) ش " لم يتبين ".

(2) غ " لا ينكر ".

(3) ش " في الأمر ".

(4) غ " في المواضع التي ".

(5) غ " ترك أمر فدك على ما كان ".


الصفحة 93
أمير المؤمنين عليه السلام من ردها، وإن صح عقد لهبته (1)، وهذا هو الظاهر لأن التسليم لو كان وقع لظهر أنه كان في يدها فكان ذلك كافيا في الاستحقاق.

فأما حجر أزواج النبي صلى الله عليه وآله فإنما تركت في أيديهن لأنها كانت لهن، ونص الكتاب يشهد بذلك. وهو قوله: (وقرن في بيوتكن) (2) وروي في الأخبار أن النبي صلى الله عليه وآله قسم ما كان له من الحجر على نسائه وبناته، ونبين صحة ذلك أنه لو كان ميراثا أو صدقة لكان أمير المؤمنين عليه السلام لما أفضى الأمر إليه لغيره، وليس لأحد أن يقول: إنما لم يغير ذلك لأن الملك قد صار إليه فتبرع به، وذلك أن الذي يحصل له ليس إلا ربع ميراث فاطمة عليها السلام، وهو الثمن من ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد كان يجب أن ينتصف لأولاد العباس وأولاد فاطمة عليها السلام منهن في باب الحجر، ويأخذ هذا الحق منهن فتركه ذلك يدل على صحة ما قلناه، وليس يمكنهم بعد ذلك إلا التعلق بالتقية التي هي مفزعهم عند لزوم الكلام، ولو علموا ما عليهم في ذلك لاشتد هربهم منه، لأنه إن جاز للأئمة التقية وحالهم في العصمة ما يقولون ليجوزن ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتجويز ذلك فيه يوجب ألا يوثق بنصه على أمير المؤمنين عليه السلام لتجويز التقية، ومتى قالوا: يعلم بالمعجز إمامته فقد أبطلوا كون النص طريقا للإمامة، والكلام مع ذلك لازم لهم بأن يقولوا (3) جوزوا مع

____________

(1) غ " وإن صح عنده عقد الهبة ".

(2) الأحزاب / 33.

(3) غ " بل يقال ".