عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني
- 69-
1 - عن جابر بن عبد الله قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى - ثم - نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث .
/ صفحة 206 / صحيح مسلم 1 ص 395، جامع الأصول لابن الأثير، تيسير الوصول لابن الديبع 4 ص 262، زاد المعاد لابن القيم 1 ص 444، فتح الباري لابن حجر 9 ص 141، كنز العمال 8 ص 294 . 2 - عن عروة بن الزبير: إن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر رضي الله عنه يجر رداءه فزعا فقال: هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيه لرجمته . إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات أخرجه مالك في الموطأ 2 ص 30، والشافعي في كتاب الأم 7 ص 219، والبيهقي في السنن الكبرى 7 ص 206 . 3 - عن الحكم قال: قال علي رضي الله عنه: لولا إن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي . صورة أخرى: عن الحكم إنه سئل عن هذه الآية - آية متعة النساء - أمنسوخة ؟ قال: لا . وقال علي: لولا إن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي . تفسير الطبري 5 ص 9 بإسناد صحيح، تفسير الثعلبي، تفسير الرازي 3 ص 200، تفسير أبي حيان 3 ص 218، تفسير النيسابوري، الدر المنثور 2 ص 140 بعدة طرق . 4 - عن ابن جريج عن عطاء قال سمعت ابن عباس يقول: رحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد ولولا نهيه لما احتاج إلى الزنا إلا شفا (1) . أحكام القرآن للجصاص 2 ص 179، بداية المجتهد لابن رشد 2 ص 58، النهاية لابن الأثير 2 ص 249، الغريبين للهروي، الفائق للزمخشري 1 ص 331، تفسير القرطبي 5 ص 130 وفيه بدل إلا شفا: إلا شقي . وكذلك في تفسير السيوطي 2 ص 140 من طريق الحافظين عبد الرزاق وابن المنذر عن عطاء، لسان العرب لابن منظور 19 ص 166، تاج العروس 10 ص 200 وحذف من صدر الحديث " رحم الله عمر " وزاد هو وابن منظور قال عطاء: والله لكأني أسمع قوله إلا شقي . 5 - أخرج الحافظ عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أي إلا قليلا من الناس . قاله ابن الأثير في النهاية .
/ صفحة 207 / عن جابر قال: قدم عمرو بن حريث الكوفة فاستمتع بمولاة فأتى بها عمر وهي حبلى فسأله فاعترف قال: فذلك حين نهى عنها عمر . (فتح الباري 9 ص 141) . 6 - أخرج الحافظ ابن أبي شيبة عن نافع ؟ إن ابن عمر سئل عن المتعة ؟ فقال: حرام . فقيل له: ابن عباس يفتي بها، قال فهلا ترمرم بها - تزمزم - في زمان عمر . الدر المنثور 2 ص 140، جمع الجوامع نقلان عن ابن جرير . 7 - أخرج الطبري عن جابر قال: كانوا يتمتعون من النساء حتى نهاهم عمر بن الخطاب . (كنز العمال 8 ص 293) . 8 - عن سليمان بن يسار عن أم عبد الله ابنة أبي خيثمة إن رجلا قدم من الشام فنزل عليها فقال: إن العزبة قد اشتدت علي فابغيني امرأة أتمتع معها . قالت: فدللته على امرأة فشارطها وأشهدوا على ذلك عدولا فمكث معها ما شاء الله أن يمكث ثم إنه خرج فأخبر عن ذلك عمر بن الخطاب فأرسل إلي فسألني أحق ما حدثت ؟ قلت: نعم . قال: فإذا قدم فأذنيني، فلما قدم أخبرته فأرسل إليه فقال: ما حملك على الذي فعلته ؟ قال: فعلته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم ينهنا عنه حتى قبضه الله، ثم مع أبي بكر فلم ينهنا عنه حتى قبضه الله، ثم معك فلم تحدث لنا فيه نهيا . فقال عمر: أما والذي نفسي بيده لو كنت تقدمت في نهي لرجمتك، بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح . (كنز العمال 8 ص 294 من طريق الطبري) . 9 - أخرج الحفاظ عبد الرزاق، وأبو داود في ناسخه، وابن جرير الطبري عن علي (أمير المؤمنين) قال: لولا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب لأمرت بالمتعة ثم ما زنى إلا شقي . (كنز العمال 8 ص 294) . 10 - قال عطاء: قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال: استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر . وفي لفظ أحمد: حتى إذا كان في آخر خلافة عمر رضي الله عنه . صحيح مسلم 1 ص 395 في باب نكاح المتعة، مسند أحمد 3 ص 380، وذكره فخر الدين أبو محمد الزيلعي في تبيان الحقايق شرح كنز الدقائق ولفظه: تمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر ونصفا من خلافة عمر ثم نهى الناس عنه .
/ صفحة 208 / 11 - عن عمران بن حصين قال: نزلت . آية المتعة في كتاب الله تعالى لم تنزل آية بعدها تنسخها فأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات ولم ينهنا عنها قال رجل بعد برأيه ما شاء (1) . ذكره المفسرون عند قوله تعالى: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة (2) في بيان حجة من جوز متعة النكاح، وبعضهم في مقام إثبات نسبة الجواز إلى عمران بن حصين . راجع تفسير الثعلبي، تفسير الرازي 3 ص 200 و 202، تفسير أبي حيان 3 ص 218، تفسير النيسابوري . 12 - عن نافع عن عبد الله بن عمر: إنه سئل عن متعة النساء ؟ فقال: حرام أما إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو أخذ فيها أحدا لرجمه بالحجارة . (السنن الكبرى للبيهقي 7 ص 206) . 13 - كان عمر رضوان الله عليه يقول: والله لا أؤتى برجل أباح المتعة إلا رجمته . (ذكره سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان) . 14 - عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله قالا: تمتعنا إلى نصف من خلافة عمر رضي الله عنه حتى نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث . عمدة القاري للعيني 8 ص 310، م - وأخرجه ابن رشد في بداية المجتهد 2 ص 58 عن جابر بلفظ: تمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ونصفا من خلافة عمر ثم نهى عنها عمر الناس) . 15 - عن أيوب قال عروة لابن عباس . ألا تتقي الله ترخص في المتعة ؟ فقال ابن عباس: سل أمك يا عرية ؟ فقال عروة: أما أبو بكر وعمر فلم يفعلا . فقال ابن عباس: والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله نحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وتحدثونا عن أبي بكر وعمر (3) . إحالة ابن عباس فصل القضاء على أم عروة أسماء بنت أبي بكر إنما هي لتمتع الزبير بها، وانها ولدت له عبد الله، قال الراغب في المحاضرات 2 ص 94: عير عبد الله بن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مرت مصادر هذا الحديث في صحيفة 184 . (2) سورة النساء آية 24 (3) أخرجه أبو عمر في العلم 2 ص 196، وفي مختصره ص 226، وذكره ابن القيم في زاد المعاد 1 ص 219 .
/ صفحة 209 / الزبير عبد الله بن عباس بتحليله المتعة فقال له: سل أمك كيف سطعت المجامر بينها و بين أبيك، فسألها فقالت: ما ولدتك إلا في المتعة . وقال ابن عباس: أول مجمر سطع في المتعة مجمر آل الزبير (1) . وأخرج مسلم في صحيحه 1 ص 354 عن مسلم القري قال: سألت ابن عباس عن متعة الحج فرخص فيها وكان ابن الزبير ينهى عنها فقال: هذه أم ابن الزبير تحدث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيها فادخلوا عليها فاسألوها . قال: فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء فقالت: قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها . أخرجه بهذا اللفظ من طريقين ثم قال: فأما عبد الرحمن ففي حديثه (المتعة) ولم يقل (متعة الحج) وأما ابن جعفر فقال: قال شعبة: قال مسلم (يعني القري): لا أدري متعة الحج أو متعة النساء . والمتعة وإن أطلقت في لفظ عبد الرحمن ولا يدري مسلم أي المتعتين هي غير أن أبا داود الطيالسي أخرج في مسنده ص 227 عن مسلم القري قال: دخلنا على أسماء بنت أبي بكر فسألناها عن متعة النساء، فقالت فعلناها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم . نعم فيما أخرجه أحمد في مسنده 6 ص 348 (متعة الحج) رواه من طريق شعبة وقد سمعت حكايته عن مسلم ترديده فلعلها قيدت بعد بذلك تحفظا على كرامة ابن الزبير، وتخفيا على القارئ كونه وليد المتعة . م 16 - أخرج ابن الكلبي: إن سلمة بن أمية بن خلف الجمحي استمتع من سلمى مولاة حكيم بن أمية بن الأوقص الأسلمي فولدت له فجحد ولدها فبلغ ذلك عمر فنهى المتعة . وروى أيضا إن سلمة استمتع بامرأة فبلغ عمر فتوعده " الإصابة 2 ص 63) .
المتعتان متعة الحج ومتعة النساء 1 - عن أبي نضرة قال: كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال: ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما . صحيح مسلم 1 ص 395، سنن البيهقي 7 ص 206 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) العقد الفريد 2 ص 139 .
/ صفحة 210 / صورة أخرى: عن أبي نضرة عن جابر رضي الله عنه قال . قلت: إن ابن الزبير ينهى عن المتعة وإن ابن عباس يأمر به قال: على يدي جرى الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر رضي الله عنه فلما ولي عمر خطب الناس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرسول، وإن القرآن هذا القرآن، وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنهما وأعاتب عليهما: إحداهما متعة النساء، ولا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته بالحجارة، والأخرى: متعة الحج . سنن البيهقي 7 ص 206 فقال: أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن همام . صورة ثالثة: عن جابر بن عبد الله قال: تمتعنا متعتين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: الحج والنساء فنهانا عمر عنهما فانتهينا . أخرجه إمام الحنابلة أحمد في مسنده 3 ص 356، 363 بطريقين أحدهما طريق عاصم صحيح رجاله كلهم ثقات بالاتفاق . وذكره السيوطي كما في كنز العمال 8 ص 293 عن الطبري . صورة رابعة: عن أبي نضرة قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها قال: فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال: على يدي دار الحديث . تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام عمر قال: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء فأتموا الحج والعمرة كما أمر الله، وانتهوا - وأبتوا - عن نكاح هذه النساء لا أوتى برجل نكح - تزوج - إمرأة إلى أجل إلا رجمته . صحيح مسلم 1 ص 467، أحكام القرآن للجصاص 2 ص 178، سنن البيهقي 5 ص 21، تفسير الرازي 3 ص 26، كنز العمال 8 ص 293، الدر المنثور 1 ص 216 . صورة خامسة: قال قتادة: سمعت أبا نضرة يقول: قلت لجابر بن عبد الله: إن ابن الزبير ينهى عن المتعة وإن ابن عباس يأمر بها قال جابر: على يدي دار الحديث تمتعنا على عهد
/ صفحة 211 / رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان عمر بن الخطاب وقال: إن الله عز وجل كان يحل لنبيه ما شاء وإن القرآن قد نزل منازله، فافصلوا حجكم من عمرتكم، واتبعوا نكاح هذه النساء، فلا أوتى برجل تزوج امرأة إلى أجل إلا رجمته . " مسند أبي داود الطيالسي ص 247 " . قال الأميني: لما لم يكن رجم المتمتع بالنساء مشروعا ولم يحكم به فقهاء القوم لشبهة العقد هناك قال الجصاص بعد ذكر الحديث: فذكر عمر الرجم في المتعة جائز أن يكون على جهة الوعيد والتهديد لينزجر الناس عنها . 2 - عن عمر أنه قال في خطبته: متعتان كانتا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهي عنهما وأعاقب (1) عليهما: متعة الحج . ومتعة النساء، وفي لفظ الجصاص: لو تقدمت فيها لرجمت . البيان والتبيين للجاحظ 2 ص 223، أحكام القرآن للجصاص 1 ص 342 و 345، و ج 2 ص 184، تفسير القرطبي 2 ص 370، المبسوط للسرخسي الحنفي في باب القرآن من كتاب الحج وصححه، زاد المعاد لابن القيم 1 ص 444 فقال: ثبت عن عمر، تفسير الفخر الرازي 2 ص 167 و ج 3 ص 201 و 202، كنز العمال 8 ص 293 نقله عن كتاب أبي صالح والطحاوي، وص 294 عن ابن جرير الطبري وابن عساكر، ضوء الشمس 2 ص 94 . استدل المأمون على جواز المتعة بهذا الحديث وهم بأن يحكم بها كما في تاريخ ابن خلكان 2 ص 359 ط ايران واللفظ هناك: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عهد أبي بكر رضي الله عنه وأنا أنهى عنهما . خطبة عمر هذه في المتعتين من المتسالم عليه بالألفاظ المذكورة غير أن أحمد إمام الحنابلة أخرج الحديث باللفظ الثاني لجابر وحذف منه ما حسبه خدمة للمبدأ ولفظه: فلما ولي عمر رضي الله عنه خطب الناس فقال: إن القرآن هو القرآن وإن رسول الله هو الرسول وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما متعة الحج والأخرى متعة النساء . 3 - أخرج الحافظ ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال: نهى عمر عن متعتين: متعة النساء ومتعة الحج . الدر المنثور 2 ص 140، كنز العمال 8 ص 293 نقلا عن مسدد . 4 - أخرج الطبري عن عروة بن الزبير أنه قال لابن عباس: أهلكت الناس قال: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أضرب فيهما، كذا في لفظ غير واحد، وفي لفظ الجاحظ: أضرب عليهما .
/ صفحة 212 / وما ذاك ؟ قال: تفتيهم في المتعتين وقد علمت أن أبا بكر وعمر نهيا عنهما ؟ فقال: ألا للعجب إني أحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثني عن أبي بكر وعمر . فقال: هما كانا أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتبع لها منك . كنز العمال 8 ص 293، مرآة الزمان للسبط الحنفي ص 99 . 5 - قال الراغب في المحاضرات 2 ص 94: قال يحيى بن أكثم لشيخ بالبصرة: بمن اقتديت في جواز المتعة ؟ قال: بعمر بن الخطاب رضي الله عنه . قال: كيف وعمر كان أشد الناس فيها ؟ قال: لأن الخبر الصحيح إنه صعد المنبر فقال: إن الله ورسوله قد أحلا لكم متعتين وإني محرمهما عليكم وأعاقب عليهما . فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه . 6 - أخرج الطبري في تاريخه 5 ص 32 عن عمران بن سوادة قال: صليت الصبح مع عمر فقرأ سبحان وسورة معها ثم انصرف وقمت معه فقال: أحاجة ؟ قلت: حاجة . قال: فإلحق . قال: فلحقت فلما دخل أذن لي فإذا هو على سرير ليس فوقه شئ فقلت: نصيحة . فقال: مرحبا بالناصح غدوا وعشيا قلت: عابت أمتك أربعا قال فوضع رأس درته في ذقنه ووضع أسفلها على فخذه ثم قال: هات . قلت: ذكروا إنك حرمت العمرة في أشهر الحج ولم يفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر رضي الله عنه وهي حلال . قال: هي حلال لو إنهم اعتمروا في أشهر الحج رأوها مجزية من حجهم فكانت قائبة قوب عامها فقرع حجهم وهو بهاء من بهاء الله وقد أصبت . قلت: وذكروا إنك حرمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث . قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلها في زمان ضرورة ثم رجع الناس إلى السعة ثم لم أعلم أحدا من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق وقد أصبت . قال قلت: وأعتقت الأمة ذا بطنها بغير عتاقه سيدها . قال: ألحقت حرمة بحرمة وما أردت إلا الخير واستغفر الله . قلت: وتشكوا منك نهر الرعية وعنف السياق . قال: فشرع الدرة ثم مسحها حتى أتى على آخرها، ثم قال: أنا زميل محمد - وكان زامله في غزوة قرقرة الكدر - فوالله إني لارتع فاشبع، واسقي فأروي . وأنهز اللفوت (1) وأزجر العروض (2) وأذب قدري، وأسوق خطوي، وأضم العنود (3) والحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) النهز: الضرب والدفع . واللفوت: الناقة الضجور عند الحلب . (2) العروض: الناقة تأخذ يمينا وشمالا ولا نلزم المحجة (3) العنود: المائل عن القصد .
/ صفحة 213 / القطوف (1) وأكثر الزجر، وأقل الضرب، وأشهر العصا، وأدفع باليد، لولا ذلك لا عذرت . قال: فبلغ ذلك معاوية فقال: كان والله عالما برعيتهم . وذكره ابن أبي الحديد في شرحه 3 ص 28 نقلا عن ابن قتيبة والطبري . 7 - أخرج الطبري في (المستبين) عن عمر أنه قال: ثلث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا محرمهن ومعاقب عليهن: متعة الحج . ومتعة النساء . وحي على خير العمل في الأذان . وذكره القوشچي في شرح التجريد وسيوافيك قوله فيه . وحكاه عن الطبري الشيخ علي البياضي في كتابه " الصراط المستقيم " . هذا شطر من أحاديث المتعتين وهي تربو على أربعين حديثا بين صحاح وحسان تعرب عن أن المتعتين كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فيهما القرآن وثبتت إباحتهما بالسنة وأول من نهى عنهما عمر . وعده العسكري في أولياته، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص 93، والقرماني في تاريخه - هامش الكامل - 1 ص 203، أول من حرم المتعة .
هذه جملة مما ورد فيهما من الأحاديث، وهي كما ترى بنفسها وافية باثبات تشريعهما على العهد النبوي كتابا وسنة من دون نسخ يعقب حكمهما، أضف إليها من الأحاديث الكثيرة الدالة على إباحتهما ولم نذكرها لخلوها عن نهي عمر، ولم يكن النهي منه في المتعتين إلا رأيا محضا أو اجتهادا مجردا تجاه النص، أما متعة الحج فقد نهى عنها لما استهجنه من توجه الناس إلى الحج ورؤسهم تقطر ماء بعد مجامعة النساء بعد تمام العمرة، لكن الله سبحانه كان أبصر منه بالحال، ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلم ذلك حين شرع إباحة متعة الحج حكما باتا أبديا إلى يوم القيامة كما هو نص الأحاديث الآنفة والآتية، ولم يكن ما جاء به إلا استحسانا يخص به لا يعول عليه وجاه الكتاب والسنة . هذا ما رآه الخليفة هو بنفسه في مستند حكمه، وهناك أقاويل منحوتة جاءوا بها ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) القطوف: من الدواب التي تسئ السير .
/ صفحة 214 / شوهاء ليعضدوا تلك الفتوى المجردة، ويبرروا بها ما قدم عليه الخليفة وتفرد به، وكلها يخالف ما نص عليه هو بنفسه، وهي أعذار مفتعلة لا يدعم قوما ولا يغني من الحق شيئا . فمنها: 1 - إن المتعة التي نهى عنها عمر هي فسخ الحج إلى العمرة التي يحج بعدها . و تدفعه نصوص الصحاح المذكورة عن ابن عباس، وعمران بن الحصين وسعد بن أبي وقاص، ومحمد بن عبد الله بن نوفل، وأبي موسى الأشعري، والحسن، وبعدها نصوص العلماء على أن المنهي عنه للخليفة هو متعة الحج والجمع بين الحج والعمرة . وقبل هذه كلها تنصيصي عمر نفسه على ذلك وتعليله للنهي عنها بقوله: إني أخشى أن يعرسوا بهن تحت الأراك ثم يروحوا به حجاجا . وقوله: إني لو رخصت في المتعة لهم لعرسوا بهن في الأراك ثم راحوا بهن حجاجا . وقوله: كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤسهم . وقال الشيخ بدر الدين العيني الحنفي في عمدة القاري شرح صحيح البخاري 4 ص 568: قال عياض وغيره ما جازمين: بأن المتعة التي نهى عنها عمر وعثمان رضي الله عنهما هي فسخ الحج إلى العمرة لا العمرة التي يحج بعدها . قلت: يرد عليهم ما جاء في رواية مسلم في بعض طرقه التصريح بكونه متعة الحج، وفي رواية له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمر بعض أهله في العشر . وفي رواية له جمع بين حج وعمرة . ومراده التمتع المذكور و هو الجمع بينها في عام واحد . ا ه . 2 - إختصاص إباحة المتعة بالصحابة في عمرتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسب . عزوا ذلك إلى عثمان وإلى الصحابي العظيم أبي ذر الغفاري، ويرد عليه كما في زاد المعاد لابن القيم 1 ص 213: إن تلكم الآثار الدالة على الاختصاص بالصحابة بين باطل لا يصح عمن نسب إليه البتة، وبين صحيح عن قائل غير معصوم لا يعارض به نصوص المشرع المعصوم ففي صحيحة الشيخين وغيرهما عن سراقة بن مالك قال: متعتنا هذه يا رسول الله لعامنا هذا أم للأبد ؟ قال: لا بل للأبد - لأبد الأبد - (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 3 ص 148 كتاب الحج باب عمرة التنعيم، صحيح مسلم 1 ص 346، كتاب الآثار للقاضي أبي يوسف ص 126، سنن ابن ماجة 2 ص 230، مسند أحمد 3 ص 388 و ج 4 ص 175، سنن أبي داود 2 ص 282، صحيح النسائي 5 ص 178، سنن البيهقي 5 ص 19 .
/ صفحة 215 / وفي صحيحه أخرى عن سراقة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: ألا إن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة (1) . وفي صحيحة عن ابن عباس قال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة (2) قال الترمذي بعده في صحيحه 1 ص 175: وفي الباب عن سراقة بن مالك وجابر بن عبد الله ومعنى هذا الحديث: أن لا بأس بالعمرة في أشهر الحج، وهكذا فسره الشافعي وأحمد وإسحق، ومعنى هذا الحديث: أن أهل الجاهلية كانوا لا يعتمرون في أشهر الحج فلما جاء الاسلام رخص النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة يعني لا بأس بالعمرة في أشهر الحج . ا ه . وفي صحيحة عن عمر نفسه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبرئيل عليه السلام وأنا بالعقيق فقال: صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل: عمرة في حجة فقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة (3) فما أجرأ الخليفة على سنة أخبره بها رسول الله وأتى بها جبرئيل . وقال السندي في حاشية سنن ابن ماجة 2 ص 231: ظاهر حديث بلال موافقة نهي عمر عن المتعة والجمهور على خلافه وإن المتعة غير مخصوصة بهم فلذلك حملوا المتعة بالفسخ والله أعلم . ا ه . وحديث بلال هذا من الأحاديث الدالة على اختصاص المتعة بالصحابة وفيه قال أحمد: لا يعرف هذا الرجل، هذا حديث ليس إسناده بالمعروف، ليس حديث بلال عندي بثبت وقال ابن القيم في زاد المعاد بعد نقله قول أحمد: قلت: ومما يدل على صحة قول الإمام أحمد وإن هذا الحديث لا يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن المتعة إنها للأبد، فنحن نشهد بالله أن حديث بلال هذا لا يصح عن رسول الله، وهو غلط عليه وكيف تقدم رواية بلال على روايات الثقات الاثبات - إلى أن قال: قال المجوزون للفسخ: هذا قول فاسد لا شك فيه بل هذا رأي لا شك فيه، ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 4 ص 957، سنن ابن ماجة 2 ص 229، سنن البيهقي 4 ص 552، (2) صحيح مسلم 1 ص 355، سنن الدارمي 2 ص 51، صحيح الترمذي 1 ص 175، سنن أبي داود 1 ص 283، سنن النسائي 5 ص 181، سنن البيهقي 4 ص 344 . تفسير ابن كثير 1 ص 230 وصححه (3) أخرجه البيهقي في سننه 5 ص 13 وقال: رواه البخاري في الصحيح.
/ صفحة 216 / وقد صرح بأنه رأي من هو أعظم من عثمان وأبي ذر وعمران بن حصين ففي الصحيحين واللفظ للبخاري تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونزل القرآن فقال رجل برأيه ما شاء، ولفظ مسلم: نزلت آية المتعة في كتاب الله عز وجل يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم لم تنزل آية تنسخ متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات قال رجل برأيه ما شاء . وفي لفظ: يريد عمر . وقال عبد الله بن عمر لمن سأله عنها وقال إن أباك نهى عنها: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحق أن يتبع أو أبي ؟ وقال ابن عباس لمن كان يعارضه فيها بأبي بكر وعمر: يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر . فهذا جواب العلماء لا جواب من يقول: عثمان وأبو ذر أعلم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منكم، وهلا قال ابن عباس وعبد الله بن عمر: أبو بكر وعمر أعلم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منا ؟ ولم يكن أحد من الصحابة ولا أحد من التابعين يرضى بهذا الجواب في دفع نص عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم كانوا أعلم بالله ورسوله وأتقى له من أن يقدموا على قول المعصوم رأي غير المعصوم . ثم ثبت النص عن المعصوم بأنها باقية إلى يوم القيامة، وقد قال ببقائها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وابن عباس وأبو موسى وسعيد بن المسيب وجمهور التابعين . ويدل على أن ذلك رأي محض لا ينسب إلى أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما نهى عنها قال له أبو موسى الأشعري: يا أمير المؤمنين ما أحدثت في شأن النسك ؟ فقال: إن نأخذ بكتاب ربنا فإن الله يقول: وأتموا الحج والعمرة لله . وإن نأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يحل حتى نحر . فهذا اتفاق من أبي موسى وعمر على أن منع الفسخ إلى المتعة والاحرام بها ابتداء إنما هو رأي منه أحدثه في النسك ليس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن استدل له بما استدل، و أبو موسى كان يفتي الناس بالفسخ في خلافة أبي بكر رضي الله عنه كلها وصدرا من خلافة عمر حتى فاوض عمر رضي الله عنه في نهيه عن ذلك واتفقا على أنه رأي أحدثه
/ صفحة 217 / عمر رضي الله عنه في النسك ثم صح عنه الرجوع عنه . ا ه . (1) . وقال العيني في عمدة القاري 4 ص 562: فإن قلت: روي عن أبي ذر أنه قال: كانت متعة الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، في صحيح مسلم . قلت: قالوا: هذا قول صحابي يخالف الكتاب والسنة والاجماع وقول من هو خير منه . أما الكتاب فقوله تعالى: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج . وهذا عام، وأجمع المسلمون على إباحة التمتع في جميع الأعصار وإنما اختلفوا في فضله، وأما السنة فحديث سراقة: المتعة لنا خاصة أو هي للابد ؟ قال: بل هي للابد، وحديث جابر المذكور في صحيح مسلم في صفة الحج نحو هذا، ومعناه إن أهل الجاهلية كانوا لا يجيزون التمتع ولا يرون العمرة في أشهر الحج إلا فجورا فبين النبي صلى الله عليه وسلم إن الله قد شرع العمرة في أشهر الحج وجوز المتعة إلى يوم القيامة رواه سعيد بن منصور من قول طاووس وزاد فيه فلما كان الاسلام أمر الناس أن يعتمروا في أشهر الحج فدخلت العمرة في أشهر الحج إلى يوم القيامة . وقد خالف أبا ذر علي وسعد وابن عباس وابن عمر وعمران بن حصين وسائر الصحابة وسائر المسلمين قال عمران: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فيه القرآن فلم ينهنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينسخها شئ فقال فيها رجل برأيه ما شاء . متفق عليه وقال سعد بن أبي وقاص: فعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني المتعة وهذا يعني الذي نهى عنها يومئذ كافر بالعرش يعني بيوت مكة . رواه مسلم . ا ه . يعني به معاوية بن أبي سفيان كما في صحيح مسلم . فرأي الخليفة وأمره بالعمرة في غير أشهر الحج عود إلى الرأي الجاهلي قصده أو لم يقصد، فإن أهل الجاهلية كما سمعت كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج، قال ابن عباس: والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك . وقال: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض (21) . 3 - ما أخرجه أبو داود في سننه 1 ص 283 عن سعيد بن المسيب أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فشهد عنده أنه سمع رسول الله ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) زاد المعاد 1 ص 215 . (2) صحيح البخاري 3 ص 69، صحيح مسلم 1 ص 355، سنن البيهقي 4 ص 345، سنن النسائي 5 ص 180.
/ صفحة 218 / صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج . وأجاب عنه بدر الدين العيني في عمدة القاري 4 ص 562 بقوله: أجيب عن هذا بأنه حالة مخالفة للكتاب والسنة والاجماع كحديث أبي ذر، بل هو أدنى حالا منه فإن في إسناده مقالا . ا ه . وأجاب عنه الزرقاني في شرح الموطأ 2 ص 180 بأن إسناده ضعيف ومنقطع كما بينه الحفاظ . أعطف إلى حديث ذلك الرجل الذي لم يعرف ولعله لم يولد بعد ما أخرجه أبو داود في سننه 1 ص 283 عن معاوية بن أبي سفيان إنه قال لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كذا وكذا وركوب جلود النمور ؟ قالوا: نعم . قال: فتعلمون أنه نهى أن يقرن بين الحج والعمرة ؟ فقالوا: أما هذا فلا . فقال: أما إنه معن ولكنكم نسيتم . سبحانك اللهم ما أجرأهم على نواميس الدين فلو كان مثل متعة الحج الذي يشمل حكمها في كل سنة مآت من ألوف الناس نزل فيها القرآن وفعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ينهى عنها صلى الله عليه وآله وسلم وينساه كل الصحابة وفيهم كثيرون طالت أيام صحبتهم، ولم يتفوه به أي أحد، ولم يذكره إلا معاوية بن أبي سفيان المتأخر إسلامه عن أكثرهم، المستتبع لقصر صحبته وقلة سماعه ولا يفوه به إلا بعد لأي من عمر الدهر يوم تولى الأمر وراقه أن يحذو حذو من تقدمه ؟ فأي ثقة تبقى بالأحكام عندئذ ؟ وأي اعتماد يحصل للمسلم عليها ؟ ولعمر الحق ليست هذه كلها إلا لعبا بالشريعة المطهرة وتسريبا للأهواء فيها، وما كانت هي عند أولئك الرجال إلا قوانين سياسية وقتية تدور بنظر من ساسها ورأي من تولى أزمتها . وشفع الحديثين بما رواه أحمد (1) في رواية من أن أول من نهى عنها معاوية وتمتع أبو بكر وعمر وعثمان . وفي أخرى (2) أن أبا بكر نهى عنه . فهو مضاد في معاوية لجميع ما تقدم من الصحاح، وفي أبي بكر لأكثرها، وأحسب أن من لفق الرواية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 1 ص 292 * 313، وأخرجه الترمذي في صحيحه 1 ص 157 . (2) مسند أحمد 1 ص 337، 353.
/ صفحة 219 / الأولى أراد تخفيفا عن عمر بإلقاء النهي على عاتق معاوية، ومن اختلق الثانية جعل ذلك الرأي من سنة الشيخين ليقوى جانبه ذاهلا عن أن الكتاب والسنة يأتيان على كل قول وفتوى يتحيزان عنهما لأي قائل كان القول، ومن أي مفت صدرت الفتوى . قال العيني في عمدة القاري 4 ص 562: فإن قلت: قد نهى عنها عمر وعثمان و معاوية ؟ قلت: قد أنكر عليهم علماء الصحابة وخالفوهم في فعلها والحق مع المنكرين عليهم دونهم . ا ه . ولم يكن عزو التمتع إلى عثمان في حديث أحمد والترمذي إلا من ذاهل مغفل عن أحاديث كثيرة دالة على نهيه عنه أخرجها أئمة الحديث وحفاظه في الصحاح والمسانيد (1) وفيها اعتراضه على مثل علي أمير المؤمنين وتمتعه بقوله: تراني أنهى الناس عن شئ وأنت تفعله ؟ فقال " عليه السلام ": ما كنت لأدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد من الناس (2) وفي حديث آخر عند البخاري: فقال علي: ما تريد إلا أن تنتهي عن أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) وقد بلغت شدة نكير عثمان على من تمتع إلى حد كاد أن يقتل من جرائه مولانا أمير المؤمنين أخرج أبو عمر في كتاب جامع العلم 2 ص 30 وفي مختصره صحيفة 111 عن عبد الله بن الزبير أنه قال: أنا والله لمع عثمان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام وفيهم حبيب بن مسلمة الفهري إذ قال عثمان وذكر له التمتع بالعمرة إلى الحج: أن أتموا الحج وخلصوه في أشهر الحج فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل فان الله قد وسع في الخير . فقال له علي: عمدت إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورخصة رخص للعباد بها في كتابه، تضيق عليهم فيها وتنهي عنها، و كانت لذي الحاجة ولنائي الدار، ثم أهل بعمرة وحجة معا، فأقبل عثمان على الناس فقال: وهل نهيت عنها ؟ إني لم أنه عنها إنما كان رأيا أشرت به، فمن شاء أخذ به، خح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 3 ص 69، 71 . صحيح مسلم 1 ص 349 . صحيح النسائي 5 ص 152، مستدرك الحاكم 1 ص 472، سنن البيهقي 5 ص 22، تيسير الوصول 1 ص 282 . (2) صحيح البخاري 3 ص 69 ط سنة 1279 في عشرة مجلدات، سنن النسائي 5 ص 148 سنن البيهقي 4 ص 352 و ج 5 ص 22 . (3) وأخرجه مسلم في صحيحه 1 ص 349 .
/ صفحة 220 / من شاء تركه . قال: فما أنسى قول رجل من أهل الشام مع حبيب بن مسلمة: انظر إلى هذا كيف يخالف أمير المؤمنين ؟ والله لو أمرني لضربت عنقه . قال: فرفع حبيب يده فضرب بها في صدره وقال: اسكت فض الله فاك فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعلم بما يختلفون فيه . وبما ذكر يظهر فساد بقية ما قيل من الوجوه المبررة لرأي الخليفة، ومن ابتغى وراء ذلك تفصيلا في الموضوع فعليه بزاد المعاد لابن القيم الجوزية ج 1 ص 177 - 225 . أما متعة النساء: فالذي يظهر من كلمات عمر إنه كان يعدها من السفاح ولذلك قال في حديث مر في صحيفة 207، بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح . ولم يكن عند ذلك وفي عهد الصحابة كلهم من حديث النسخ عين ولا أثر، وكان إذا شجر بينهم خلاف في ذلك استند المجوزون إلى الكتاب والسنة، والمانعون إلى قول عمرو نهيه عنها، كما ينفي النسخ بكل صراحة قول الخليفة أنا أنهى عنهما، وهو صريح ما مر عن أمير المؤمنين عليه السلام وعبد الله بن العباس من إسناد النهي إلى عمر فحسب، وسيأتي عن ابن عباس قوله: إن آية المتعة محكمة . يعني لم تنسخ، ومر في ص 206 عن الحكم: إنها غير منسوخة ولي هذا استند كلم من أباحها من الصحابة والتابعين ومنهم: 1 - عمران بن الحصين، مر حديثه ص 208 . 2 - جابر بن عبد الله، مر حديثه ص 208 و 209 - 11 . 3 - عبد الله بن مسعود، يأتي حديث قرائته فما استمتعتم به منهن إلى أجل . وعده ابن حزم في المحلي والزرقاني في شرح الموطأ ممن ثبت على إباحتها . وأخرج الحفاظ عنه أنه قال: كنا نغز ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس نساءنا فقلنا: يا رسول الله ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ورخص لنا أن ننكح بالثوب إلى أجل ثم قال: لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 8 ص 7 كتاب النكاح . صحيح مسلم 1 ص 354، صحيح أبي حاتم البستي، أحكام القرآن للجصاص 2 ص 184، سنن البيهقي ك 7 ص 200 . تفسير القرطبي 5 ص 130 نقلا عن صحيح البستي، تفسير ابن كثير 2 ص 87، الدر المنثور 2 ص 307 نقلا عن تسعة من الأئمة والحفاظ .
/ صفحة 221 / قال الجصاص بعد ذكر الحديث: إن الآية من تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم عند إباحة المتعة وهو قوله تعالى: لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم . وذكره ابن كثير في تفسيره 2 ص 87 نقلا عن الشيخين وأدخل فيه من عند نفسه " ثم قرأ عبد الله " . 4 - عبد الله بن عمر، أخرج إمام الحنابلة أحمد في مسنده 2 ص 95 بإسناده عن عبد الرحمن بن نعم - نعيم - الأعرجي قال: سأل رجل ابن عمر عن المتعة وأنا عنده متعة النساء ؟ فقال: والله ما كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم زانين ولا مسافحين . 5 - معاوية بن أبي سفيان، عده ابن حزم في المحلى، والزرقاني في شرح الموطأ ممن ثبت على إباحتها . ومر خلافه ويوافيك قولنا الفصل فيه . 6 - أبو سعيد الخدري، المحلى لابن حزم . وشرح الموطأ للزرقاني . 7 - سلمة بن أمية بن خلف المحلى لابن حزم . وشرح الموطأ للزرقاني . 8 - معبد بن أمية بن خلف المحلى لابن حزم . وشرح الموطأ للزرقاني . 9 - الزبير بن العوام، راجع صحيفة 208، 209 . 10 - خالد بن مهاجر بن خالد المخزومي قال: بينا هو جالس عند رحل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة فأمره بها. فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري: مهلا . فقال: ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين (1) . 11 - عمرو بن حريث، مر حديثه ص 207 وفيما أخرجه الطبري عن سعيد بن المسيب قال: إستمتع ابن حريث وابن فلان كلاهما وولد له من المتعة زمان أبي بكر وعمر (2) . 12 - أبي بن كعب تأتي قراءته: فما استمتعتم به منهن إلى أجل . 13 - ربيعة بن أمية، مر حديثه ص 206 . م 14 - سمير - في الإصابة: لعله سمرة بن جندب - قال: كنا نتمتع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الإصابة 2 ص 81) . 15 - سعيد بن جبير، عده ابن حزم ممن ثبت على إباحتها وتأتي قراءته . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) صحيح مسلم 1 ص 396، سنن البيهقي 7 ص 205 (2) كنز العمال 8 ص 293 .
/ صفحة 222 / 16 - طاوس اليماني، عدة ابن حزم ممن ثبت على إباحتها . 17 - عطاء أبو محمد المدني عدة ابن حزم ممن ثبت على إباحتها . 18 - السدي، كما في تفسيره، وتأتي قراءته . 19 - مجاهد، سيأتي قوله في آية المتعة ولم يعز إليه القول بالنسخ . 20 - زفر بن أوس المدني، كما في البحر الرائق لابن نجيم 3 ص 115 . قال ابن حزم في " المحلى " بعد عد جملة ممن ثبت على إباحة المتعة من الصحابة: ورواه جابر عن جميع الصحابة مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر . ثم قال: ومن التابعين طاوس وسعيد بن جبير وعطاء وساير فقهاء مكة . وقال أبو عمر صاحب " الاستيعاب ": أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كملهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عباس وحرمها سائر الناس (1) . وقال القرطبي في تفسيره ص 132: أهل مكة كانوا يستعملونها كثيرا . وقال الرازي في تفسيره 3 ص 200 في آية المتعة: اختلفوا في أنها هل نسخت أم لا ؟ فذهب السواد الأعظم من الأمة إلى أنها صارت منسوخة . وقال السواد منهم إنها بقيت مباحة كما كانت . وقال أبو حيان في تفسيره بعد نقل حديث إباحتها: وعلى هذا جماعة من أهل البيت والتابعين . وقد ذهب إلى إباحة المتعة مثل ابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز المكي المتوفى 150، قال الشافعي: استمتع ابن جريج بسبعين امرأة . وقال الذهبي تزوج نحوا من تسعين امرأة نكاح المتعة (2) وقال السرخسي في المبسوط: تفسير المتعة أن يقول لامرأة: أتمتع بك كذا من المدة بكذا من ا لمال . وهذا باطل عندنا جائز عند ملك بن أنس وهو الظاهر من قول ابن عباس . وقال فخر الدين أبو محمد عثمان بن علي الزيلعي في تبيان الحقايق شرح كنز الدقائق: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تفسير القرطبي 5 ص 133، فتح الباري 9 ص 142 . (2) تهذيب التهذيب 6 ص 406، ميزان الاعتدال 2 ص 151 .
/ صفحة 223 / قال مالك: هو - نكاح المتعة - جائز لأنه كان مشروعا فيبقى إلى أن يظهر ناسخه، واشتهر عن ابن عباس تحليلها وتبعه على ذلك أكثر أصحابه من أهل اليمن ومكة، وكان يستدل على ذلك بقوله تعالى: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن، وعن عطاء أنه قال: سمعت جابرا يقول: تمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر ونصفا من خلافة عمر ثم نهى الناس عنه . وهو يحكى عن أبي سعيد الخدري وإليه ذهب الشيعة . وينسب جواز المتعة إلى مالك في فتاوى الفرغاني تأليف القاضي فخر الدين حسن بن منصور الفرغاني، وفي خزانة الروايات في الفروع الحنفية تأليف القاضي جكن الحنفي، وفي كتاب الكافي في الفروع الحنفية، وفي العناية شرح الهداية تأليف أكمل الدين محمد بن محمود الحنفي، ويظهر من شرح الموطأ للزرقاني إنه أحد قولي مالك . نعم جاء قوم راقهم أن ينحتوا لنهي عمر حجة قوية فادعوا نسخ الآية بالكتاب تارة وبالسنة أخرى، وتضاربت هناك آرائهم وكل منها يكذب الآخر، كما أن كلا من قائليها يزيف قول . الآخر فمن قائل: نسخت بقوله تعالى: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن . ومن قائل بنسخها بقوله سبحانه: والذين هم لفروجهم حافظون إلا أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . نظر إلى أن المنكوحة متعة ليس بزوجة ولا ملك يمين . وثالث يقول إنها نسخت بآية الميراث إذ كانت المتعة لا ميراث فيها . هذه كلها دعاو فارغة، أيحسب امرئ أن تخفى هذه الآيات وكونها ناسخة لآية المتعة على أولئك الصحابة وفيهم من المجوزين لها من عرفت، وفيهم من فيهم، وفي مقدمهم سيدنا أمير المؤمنين العارف بالكتاب قذاذاته وجذاذاته، وقد مر في صحيفة 72 عن الحر إلى قوله: قد علم الأولون والآخرون إن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي . فكيف ذهب عليه وعلى مثل ابن عباس ترجمان القرآن نسخ هذه الآيات آية المتعة و ذهبوا إلى إباحتها وما أصاخوا إلى قول أي ناه عنها ؟ فالمتمسكون بهذه الآيات في النسخ ممن أخذوا ؟ ومن أين أتاهم هذا المعلم ؟ - المساوق بالجهل - .
/ صفحة 224 / وإن صدقت الأحلام وكان ابن عباس روى النسخ ببعضها كما عزوا إليه (1) و رأى مع ذلك إباحتها وقال بها إلى آخر نفس لفظه، وتبعته فيها أمة كبيرة فالمصيبة أعظم وأعظم، وحاشاه أن تكون هذه سيرته وهذا مبلغ ثقته وأمانته بوايع العلم والدين على أن الآية الأولى إنما أراد سبحانه بها من تبين بالطلاق لا مطلق البينونة وإلا لشملت ملك اليمين أيضا فنسخته ولم يقل به أحد ولا عده أحد من السفاح . وأما الآية الثانية فالقول فيها بنفي الزوجية في المتعة مصادرة محضة فإن القائل با با حتها يقول بالزوجية فيها وإنها نكاح وعلى ذلك قال القرطبي كما يأتي: لم يختلف العلماء من السلف والخلف إن المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه . وعن القاضي كما سيوافيك: أنه قال: اتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحا إلى أجل لا ميراث فيها . فالاستدلال بإطلاق هذه الآية على إباحة نكاح المتعة أولى من التمسك بها في نسخ آية المتعة . ثم القول بالنسخ بهذه الآية يعزى إلى ابن عباس وهو كعزو الرجوع عن القول بإباحة المتعة إليه ساقط عن الاعتبار قال ابن بطال: روى أهل مكة واليمن عن ابن عباس إباحة المتعة، وروي عنه الرجوع بأسانيد ضعيفة وإجازة المتعة عنه أصح (2) وأما آية الميراث فهي أجنبية عن المقام فإن نفي الوراثة جاءت بها السنة في خصوص النكاح المؤجل فهي بمعزل عن نفي عقدة النكاح وعنوان الزوجية كما جاء مثله في الولد القاتل أو الكافر من غير نفي لأصل البنوة . وأما النسخ بالسنة: فقد كثر القول فيه واختلفت الآراء اختلافا هائلا، وكل منها لا يلايم الآخر، والقارئ لا مناص له من هذا الخلاف والتضارب في القول لاختلاف ما اختلقته يد الوضع فيه من الروايات الجمة تجاه ما حفظته السنة الثابتة والتاريخ الصحيح، فوضع كل من رجال النسخ المفتعل بحسب رأيه وسليقته ذاهلا عن نسيجة أخيه وفعيلته، وإليك ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أحكام القرآن للجصاص 2 ص 178، سنن البيهقي 7 ص 306 . (2) فتح الباري ص 242 .
/ صفحة 225 / جملة من تلكم الأقوال: 1 - كانت رخصة في أول الاسلام نهى عنها رسول الله يوم خيبر . 2 - لم تكن مباحة إلا للضرورة في أوقات ثم حرمت آخر سنة حجة الوداع . قاله الحازمي . 3 - لا تحتاج إلى الناسخ إنما أبيحت ثلاثة أيام فبانقضائها تنتهي الإباحة . 4 - كانت مباحة ونهي عنها في غزوة تبوك . 5 - أبيحت عام أوطاس ثم نهي عنها . 6 - أبيحت في حجة الوداع ثم نهي عنها . 7 - أبيحت ثم نهي عنها عام الفتح . 8 - أبيحت يوم الفتح ونهي عنها يوم ذاك . 9 - ما حلت قط إلا في عمرة القضاء . 10 - هي الزنا لم تبح قط في الاسلام قاله النحاس . 11 - أبيحت ثم نهي عنها عام خيبر، ثم أذن فيها عام الفتح، ثم حرمت بعد ثلاث . 12 - أبيحت في صدر الاسلام ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت في غزوة أوطاس ثم حرمت . 13 - أبيحت في صدر الاسلام وعام أوطاس ويوم الفتح وعمرة القضاء وحرمت يوم خيبر وغزوة تبوك وحجة الاسلام . 14 - أبيحت ثم نسخت . ثم أبيحت ثم نسخت . ثم أبيحت ثم نسخت . 15 - أبيحت سبعا ونسخت سبعا نسخت بخيبر . وحنين . وعمرة القضاء . وعام الفتح . وعام الأوطاس . وغزوة تبوك . وحجة الوداع (1) . وإن رمت الوقوف على الآراء المتضاربة حول أحاديث هذه الأقوال والكلمات الطويلة والعريضة فيها فخذ القول الأول مقياسا وقد أخرج حديثه خمسة من أئمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع أحكام القرآن للجصاص 2 ص 182، صحيح مسلم 1 ص 394، زاد المعاد 1 ص 443، فتح الباري 9 ص 138، إرشاد الساري 8 ص 41، شرح صحيح مسلم للنووي هامش الارشاد ص 124 - 130، شرح الموطأ للزرقاني 2 ص 24 .
/ صفحة 226 / الصحاح الست في صحاحهم وغيرهم من أئمة الحديث في مسانيدهم (1) وأنهوا إسناده إلى علي أمير المؤمنين فتكلم القوم فيه فمن قائل (2) بأن تحريم المتعة يوم خيبر صحيح لا شك فيه . وآخر يقول (3) هذا شئ لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر إن المتعة حرمت يوم خيبر . وثالث (4) يقول: إنه غلط ولم يقع في غزوة خيبر تمتع بالنساء . ورابع (5) يقول: إن التاريخ في الحديث إنما هو في النهي عن لحوم الحمر الأهلية لا في النهي عن نكاح المتعة، فتوهم بعض الرواة فجعله ظرفا لتحريمها . ا ه . كيف خفي هذا الوهم على . طائفة كبيرة من العلماء ومنهم الشافعي وذهبوا إلى تحريمها يوم خيبر ؟ كما في زاد المعاد 1 ص 442، وكيف عزب عن مثل مسلم وأخرجه في صحيحه بلفظ: نهي عن متعة النساء يوم خيبر (6) وفي لفظه الآخر: نهي عن نكاح المتعة يوم خيبر . وفي ثالث الألفاظ له: نهي عنها يوم خيبر . وفي لفظ رابع له: نهى رسول الله عن متعة النساء يوم خيبر ؟ وجاء خامس (7) يزيف ويضعف أحاديث بقية الأقوال فيقول: فلم يبق صحيح صريح سوى خيبر والفتح مع ما وقع في خيبر من الكلام . هذا شأن أصح رواية أخرجته أئمة الحديث في النهي عن المتعة، والخطب في بقية مستند تلكم الأقوال أعظم وأعظم، وأفظع من هذه كلها نعرات القرن العشرين لصاحبها موسى الوشيعة فإنه جاء بطامات قصرت عنها يد اللاعبين بالكتاب والسنة في القرون المتقادمة، وأتى برأي خداج ومذهب مخترع يخالف رأي سلف الأمة جمعاء، ولا يساعده في تقولاته أي مبدأ من المبادئ الإسلامية ولا شئ من الكتاب والسنة . قال: وللأمة في المتعة كلام طويل عريض: وأرى أن المتعة من بقايا الأنكحة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري ص 8 ص 23، صحيح مسلم 1 ص 397، سنن ابن ماجة 1 ص 604 سنن الدارمي 2 ص 140، صحيح الترمذي 1 209، سنن النسائي 6 ص 126 . (2) قاله القاضي عياض وحكاه عنه الزرقاني في شرح الموطأ 3 ص 24 . (3) قاله السهيلي في الروض الأنف 2 ص 238 . (4) قاله أبو عمر صاحب الاستيعاب وحكاه عنه الزرقاني في شرح المواهب 2 ص 239، وفي شرح الموطأ 2 ص 24 . (5) قاله ابن عيينة كما في سنن البيهقي 7 ص 201، وزاد المعاد 1 ص 443 . (6) وبهذا اللفظ أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 6 ص 102 و ج 8 ص 461 . (7) قاله الزرقاني في شرح الموطأ 2 ص 24 .
/ صفحة 227 / الجاهلية، ويمكن إنها قد وقعت من بعض الناس في صدر الاسلام، ويمكن أن الشارع الكريم قد أقرها لبعض الناس في الأحوال من باب ما نزل فيها إلا ما قد سلف .. وقد نزل في أشد المحرمات، كانت المتعة أمرا تاريخيا ولم تكن حكما شرعيا بإذن من الشارع، وإن ادعى مدع إن المتعة كانت حلالا طلقا بإذن من الشارع وإقرار منه فلتكن ولنقل أن لا بأس بها ولا كلام لنا في هذه على ردها . وإنما كلامي الآن في أن المتعة هل ثبتت في القرآن أو لا ؟ كتب الشيعة تدعي أن المتعة نزل فيها قول الله جل جلاله: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن . وأرى أن أدب البيان يأبى وعربية هذه الجملة الكريمة تأبى أن تكون هذه الجملة الجليلة الكريمة قد نزلت في المتعة لأن تركيب هذه الجملة يفسد ونظم هذه الآية الكريمة يختل لو قلنا إنها نزلت فيها . ص 32 . أما متعة النكاح ونكاح المتعة فلم ينزل قرآن وفيه . ولبيان هذا المعنى الجليل عقدت هذا الباب دفعا لما شاع في كتب الشيعة أن قوله: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن . نزل في نكاح المتعة ص 121 . المتعة لم تكن مباحة في شرع الاسلام أصلا، ونسخها لم يكن نسخ حكم شرعي، إنما كان نسخ أمر جاهلي تحريم أبد . ص 132 . حديث المتعة من غرائب الأحاديث كان يقول بها جماعة من الصحابة حتى قال بها جماعة من التابعين منهم طاووس وعطاء وسعيد بن جبير وجماعة من فقهاء مكة، روى الحاكم في علوم الحديث عن الإمام الأوزاعي أنه كان يقول: يترك من قول أهل الحجاز خمس منها المتعة . ص 132 وقد أسرف القول بإباحة المتعة فقيه مكة ابن جريج كما كان يسرف في العمل بها حتى أوصى بسبعين امرأة وقال: لا تتزوجوا بهن فإنهن أمهاتكم . وقد روى أبو عوانة في صحيحه عن ابن جريج عن هذا المسرف المتمتع أنه قال لهم بالبصرة: اشهدوا إني قد رجعت عن المتعة، أشهدهم بعد أن حدثهم فيها ثمانية عشر حديثا أنه لا بأس بها وبعد أن شبع منها وعجز .
/ صفحة 228 / أستبعد غاية الاستبعاد أن يكون مؤمن يعلم لغة القرآن الكريم ويؤمن بإعجازه ويفهم حق الفهم إفادة النظم يقول: أن قول الله جل جلاله: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة . نزل في متعة النساء . قول لا يكون إلا من جاهل يدعي ولا يعي . ص 149 . كتب الشيعة ترفع إلى الباقر والصادق إن فما استمتعتم به منهن منزل في المتعة . وأحسن الاحتمالين أن السند موضوع وإلا فالباقر والصادق جاهل . ص 165 . لا يوجد في غير كتب الشيعة قول لأحد أن فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن نزل في متعة النساء وقد أجمعت الأمة على تحريم المتعة ولم يقل أحد أن قول الله: فما استمتعتم به منهن قد نسخ . ص 166 . حكومات الأمم الإسلامية اليوم أرشد في شرف دينها وصلاح دنياها من فقهاء الأمة . فحكومة الدولة الايرانية التي كانت قد أخذت مرات عديدة من قبل في إبطال متعة الفقهاء، نراها اليوم بفضل ملكها الأعظم قد نسخت المتعة نسخا قطعيا بتاتا . إن حكومة الدولة الايرانية التي تسعى في إصلاح حياة الأمة ودنياها وفي تعمير الوطن وإحيائه أخذت في إصلاح دين الأمة فمنعت منعا باتا متعة فقهاء الشيعة . ص 185 . ج - هذه جمل التقطناها من صحائف - الوشيعة - سودها الرجل في مسألة المتعة، وتلك الصحائف السوداء تبعد عن أدب الدين . أدب العلم . أدب العفة . أدب الكتاب . أدب الاجتماع، وبينها وبين ما جاء به الاسلام بون شاسع، فلا نقابله فيها إلا بالسلام . أما بسط القول في المتعة فلا حاجة لنا تمس بها بعد ما أغرق نزعا فيها محققوا أصحابنا ولا سيما الأواخر منهم (1) فجاء الرجل بعده يتهجم عليهم بفاحش القول ولا يبالي، ويقذفهم بلسان بذي ولا يكترث له، وإنما يهمنا إيقاظ شعور الباحث إلى أكاذيب الرجل وجناياته الكبيرة على العلم والقرآن وأهله بكتمان رأي السلف فيه، وتدجيله الحقائق الراهنة على الأمة بالسفاسف والمخاريق، وإشاعة ما يضاد الكتاب والسنة في الملأ العلمي، وهو مع جهله بها يرى نفسه فقيها من فقهاء الاسلام، فعلى الاسلام السلام . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) نظراء الأعلام الحجج سيدنا السيد عبد الحسين شرف الدين، سيدنا السيد المحسن الأمين، شيخنا الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء، وأفرد فيها الأستاذ توفيق الفكيكي كتابا وقد أدى فيه حق المقال .
/ صفحة 229 / فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة، ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما . سورة النساء 24 . يرى موسى الوشيعة أن القول بنزول الآية من دعاوي الشيعة فحسب، ولا يوجد في غير كتبهم قول به لأحد، والقول به لا يكون إلا من جاهل يدعي ولا يعي فنحن نذكر شطرا مما في كتب قومه حتى يعلم القارئ إلى من توجه قوارص هذا الرجل الجاهل الفاحش المتفحش . 1 - أخرج أحمد إمام الحنابلة في مسنده 4 ص 436 بإسناد رجاله كلهم ثقات عن عمران بن حصين قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى وعملنا بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات . وقد مر في صحيفة 208 أن غير واحد من المفسرين ذكره في سورة النساء في آية المتعة وبهذا الحديث عد من عد عمران بن حصين ممن ثبت على إباحتها . 2 - أخرج أبو جعفر الطبري المتوفى 310 في تفسيره ج 5 ص 9 بإسناده عن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس عن متعة النساء قال: أما تقرأ سورة النساء ؟ قال: قلت: بلي قال: فما تقرأ فيها فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ؟ قلت له: لو قرأتها هكذا ما سألتك . قال: فإنها كذا . وفي حديث: قال ابن عباس: والله لأنزلها الله كذلك . ثلاث مرات . وأخرج عن قتادة في قراءة أبي بن كعب: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى وأخرج بإسناد صحيح عن شعبة عن الحكم قال: سألته عن هذه الآية أمنسوخة هي ؟ قال: لا . وروى عن عمر بن مرة: أنه سمع سعيد بن جبير يقرأ: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى . وعن مجاهد: إن في الآية يعني نكاح المتعة . وعن أبي ثابت: إن ابن عباس أعطاني مصحفا فيه: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى .
/ صفحة 230 / 3 - أخرج أبو بكر الجصاص الحنفي المتوفى 370 في " أحكام القرآن " 2 ص 178 ما مر من حديثي ابن عباس وأبي بن كعب في قراءة الآية، وذكر من طريق ابن جريح وعطاء الخراساني عن ابن عباس إنها نسخت بقوله تعالى: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن . فلو لم تكن نزلت في المتعة كيف نسخت ؟ وقد عرفت بطلان نسخها بها وبغيرها . 4 - أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفى 458 بإسناده في السنن الكبرى 7 ص 205 عن محمد بن كعب عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كانت المتعة في أول الاسلام وكانوا يقرأون هذه الآية: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى . الحديث. 5 - قال الحافظ أبو محمد البغوي الشافعي المتوفى 510 / 16 في تفسيره هامش تفسير الخازن ج 1 ص 423: قال الحسن ومجاهد: إن الآية في النكاح الصحيح . وقال آخرون هو نكاح المتعة - إلى أن قال -: ذهب عامة (1) أهل العلم أن نكاح المتعة حرام والآية منسوخة وكان ابن عباس رضي الله عنهما يذهب إلى أن الآية محكمة، وترخص في نكاح المتعة، ثم روى حديث أبي نضرة المذكور بلفظ الطبري . 6 - قال أبو القاسم جار الله الزمخشري المعتزلي المتوفى 538 في (الكشاف) ج 1 ص 360: قيل نزلت - الآية - في المتعة، وعن ابن عباس هي محكمة يعني لم تنسخ، وكان يقرأ: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى . 7 - قال القاضي أبو بكر الأندلسي المتوفى 542 في (أحكام القرآن ج 1 ص 162: في الآية قولان: أحدهما إنه أراد استمتاع النكاح المطلق قاله جماعة منهم الحسن ومجاهد وإحدى روايتي ابن عباس . الثاني: إنه متعة النساء بنكاحهن إلى أجل . ثم رواه عن ابن عباس . وحبيب بن أبي ثابت . وأبي بن كعب . 8 - قال أبو بكر يحيى بن سعدون القرطبي المتوفى 567 في تفسيره 5 ص 130 عند بيان الاختلاف في معنى الآية: قال الجمهور إن المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الاسلام، وقرأ ابن عباس وأبي وسعيد بن جبير: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تعرف مقيل صحة هذه النسبة المكذوبة على عامة أهل العلم مما أسلفناه .
/ صفحة 231 / وقال في بيان الخلاف في من تمتع بها: وفي رواية أخرى عن مالك: لا يرجم لأن نكاح المتعة ليس بحرام ولكن لأصل آخر لعلمائنا غريب انفردوا به دون ساير العلماء، وهو أن ما حرم بالسنة هل هو مثل ما حرم بالقرآن أم لا ؟ فمن رواية بعض المدنيين عن مالك إنهما ليسا بسواء وهذا ضعيف . وقال أبو بكر الطرسوسي: ولم يرخص في نكاح المتعة إلا عمران بن حصين وابن عباس وبعض الصحابة وطائفة من أهل البيت، وفي قول ابن عباس يقول الشاعر: أقـــول للــــــركب إذ طــال الثواء بنا *: يا صاح هل لك من فتيا ابن عباس فــــي بضة رخــصة الأطراف ناعمة * تكــــون مثواك حتى مرجع الناس ؟ وسائر العلماء والفقهاء من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين على أن هذه الآية منسوخة . ص 133 . قال الأميني: فترى إن القول بنزول الآية في المتعة رأي العلماء والفقهاء من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين غير إنهم يعزى إليهم عند القرطبي القول بالنسخ وقد عرفت حق القول فيه . وقال القرطبي أيضا في تفسيره ج 5 ص 35 في قوله تعالى: ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة. قال القائلون بأن الآية في المتعة هذه إشارة إلى ما تراضيا عليه من زيادة في مدة المتعة في أول الاسلام فإنه كان يتزوج المرأة شهرا على دينار مثلا فإذا انقضى الشهر فربما كان يقول: زيديني في الأجل أزدك في المهر، بين أن ذلك كان جائزا عند التراضي . م - قال أبو الوليد محمد بن أحمد القرطبي الشهير بابن رشد المتوفى 595 في بداية المجتهد ج 2 ص 58: إشتهر عن ابن عباس تحليلها (المتعة) وتبع ابن عباس على القول بها أصحابه من أهل مكة وأهل اليمن ورووا: إن ابن عباس كان يحتج لذلك بقوله تعالى: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم . وفي حرف عنه: إلى أجل مسمى) . 9 - ذكر أبو عبد الله فخر الدين الرازي الشافعي المتوفى 606 في تفسيره الكبير 3 ص 200 قولين في الآية وقال أحدهما قول أكثر العلماء .
/ صفحة 232 / والقول الثاني: أن المراد بهذه الآية حكم المتعة وهي عبارة إن يستأجر الرجل المرأة بمال معلوم إلى أجل معين فيجامعها واتفقوا على إنها كانت مباحة في ابتداء الاسلام واختلفوا في أنها هل نسخت أم لا ؟ فذهب السواد الأعظم من الأمة إلى أنها صارت منسوخة . وقال السواد منهم: إنها بقيت مباحة كما كانت، وهذا القول مروي عن ابن عباس وعمران بن الحصين، أما ابن عباس فعنه ثلاث روايات " ثم ذكر الروايات " فقال: وأما عمران بن الحصين فإنه قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ولم ينزل بعدها آية تنسخها وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمتعا بها . ومات ولم ينهنا عنه ثم قال رجل برأيه ما شاء . وذكر في صحيفة 201 قراءة أبي وابن عباس كما مر عن الطبري . وقال في ص 203: إن قراءة أبي وابن عباس بتقدير ثبوتها لا تدل إلا على أن المتعة كانت مشروعة ونحن لا ننازع فيه إنما الذي نقوله إن النسخ طرأ عليه . 10 - ذكر الحافظ أبو زكريا النووي الشافعي المتوفى 676 في شرح صحيح مسلم ج 9 ص 181، إن عبد الله بن مسعود قرأ: فما استمعتم به منهن إلى أجل . 11 - قال القاضي أبو الخير البيضاوي الشافعي المتوفى 685 في تفسيره 1 ص 259: قيل نزلت الآية في المتعة التي كانت ثلاثة أيام حين فتحت مكة ثم نسخت كما روي إنه عليه الصلاة والسلام أباحها ثم أصبح يقول: أيها الناس إني كنت أمرتكم بالاستمتاع من هذه النساء ألا إن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة (1) وهي النكاح الموقت بوقت معلوم سمي بها . 12 - قال علاء الدين البغدادي المتوفى 841: في تفسيره المعروف بتفسير الخازن ج 1 ص 357: قال قوم: المراد من حكم الآية هو نكاح المتعة وهو أن ينكح امرأة إلى مدة معلومة بشئ معلوم فإذا انقضت تلك المدة بانت منه بغير طلاق ويستبرئ رحمها وليس بينهما ميراث وكان هذا في ابتداء الاسلام ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة ثم ذكر حديث سبرة المذكور في لفظ البيضاوي فقال: وإلى هذا ذهب جمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم، أي إن نكاح المتعة حرام والآية منسوخة واختلفوا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) هذا يبطل غير واحد من الأقوال المذكورة في صحيفة 225، 226 .
/ صفحة 233 / في ناسخها فقيل نسخت بالسنة وهو ما تقدم من حديث سبرة ... وهذا على مذهب من يقول: إن السنة تنسخ القرآن، ومذهب الشافعي إن السنة لا تنسخ القرآن فعلى هذا يقول: إن ناسخ هذه الآية قوله تعالى في سورة المؤمنون: والذين هم لفروجهم حافظون . الآية . ثم ذكر روايات ابن عباس ومنها: إن الآية محكمة لم تنسخ . 13 - قال ابن جزي محمد بن أحمد الغرناطي المتوفى 741، في تفسيره التسهيل 1 ص 137: قال ابن عباس (1) وغيره: معناها إذا استمعتم بالزوجة ووقع الوطئ فقد وجب إعطاء الأجر وهو الصداق كاملا، وقيل: إنها في نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل من غير ميراث، وكان جائزا في أول الاسلام فنزلت هذه الآية في وجوب الصداق فيه ثم حرم عند جمهور العلماء، فالآية على هذا منسوخة بالخبر الثابت في تحريم نكاح المتعة، وقيل: نسختها آية الفرائض لأن نكاح المتعة لا ميراث فيه، وقيل: نسختها والذين هم لفروجهم حافظون، وروي عن ابن عباس: جواز نكاح المتعة. وروي: أنه رجع عنه (2) . 14 - ذكر أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي المتوفى 745 في تفسيره 3 ص 218 قرائة ابن عباس وأبي بن كعب وسعيد بن جبير: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى . وقال: قال ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم: إن الآية في نكاح المتعة . وقال ابن عباس لأبي نضرة: هكذا أنزلها الله . 15 - قال الحافظ عماد الدين ابن كثير الدمشقي الشافعي المتوفى 774 في تفسيره 1 ص 474 . وقد استدل بعموم هذه الآية على نكاح المتعة ولا شك أنه كان مشروعا في ابتداء الاسلام ثم نسخ بعد ذلك . ثم قال بعد ذكر بعض أقوال النسخ: وكان ابن عباس وأبي بن كعب وسعيد بن جبير والسدي يقرؤن: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى . وقال مجاهد: نزلت في نكاح المتعة . ولكن الجمهور على خلاف ذلك والعمدة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تكذب هذه النسبة إلى ابن عباس قراءته الآية فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى وهي ثابتة عن كما مر ويأتي . (2) كيف يرجع عنه وهو يرى الآية محكمة لم تنسخ ؟ وقد مر ويأتي ما يكذب هذا العزو إليه، وقد قال به إلى آخر نفس لفظه .
/ صفحة 234 / ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (1). 16 - قال الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى 911 في " الدر المنثور " 2 ص 140: أخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس: كانت المتعة في أول الاسلام و كانوا يقرؤن هذه الآية: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه من طرق عن أبي نضرة قال: قرأت على ابن عباس . وقد مر ص 229 وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن سعيد بن جبير قرائة أبي بن كعب: فما استمتعتم به منهن إلى أجل، وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قراءة ابن عباس . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد: فما استمتعتم به منهن: قال: يعني نكاح المتعة . وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: هذه المتعة . وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخة وابن جرير عن الحكم إنه سئل عن هذه الآية أمنسوخة ؟ قال: لا . 17 - قال أبو السعود العمادي الحنفي المتوفى 982 في تفسيره (هامش تفسير الرازي) 3 ص 251 قيل: نزلت في المتعة التي هي النكاح إلى وقت معلوم من يوم أو أكثر سميت بذلك لأن الغرض منها مجرد الاستمتاع بالمرأة واستمتاعها بما يعطي، وقد أبيحت ثلاثة أيام حين فتحت مكة شرفها الله تعالى ثم نسخت لما روي إنه عليه السلام أباحها ثم أصبح يقول: يا أيها الناس إني أمرتكم بالاستمتاع من هذه النساء ألا إن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة (2) وقيل: أبيح مرتين وحرم مرتين . 18 - قال القاضي الشوكاني المتوفى 1250 في تفسيره 1 ص 414: قد اختلف أهل العلم في معنى الآية فقال الحسن ومجاهد (3) وغيرهما: المعنى فما انتفعتم وتلذذتم بالجماع ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عرفت بعض القول حول هذه الصحيحة في صحيفة 222 . (2) عرفت أن هذا القول يبطل الأقوال الأخر في النسخ وهي تناقض هذا فراجع . (3) سمعت عن الطبري وعبد بن حميد وأبي خيان وابن كثير والسيوطي إن مجاهدا من رواة القول بنزولها في المتعة ومن هنا عد ممن ثبت على إباحتها، فعزو خلاف ما جاء عن السلف إليه من صنايع الأهواء .
/ صفحة 235 / من النساء بالنكاح الشرعي فآتوهن أجورهن أي مهورهن، وقال الجمهور: إن المراد بهذه الآية: نكاح المتعة الذي كان في صدر الاسلام، ويؤيد ذلك قرائة أبي بن كعب وابن عباس وسعيد بن جبير: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن . ثم نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم كما صح ذلك من حديث علي قال: نهى النبي عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر (1) ثم ذكر حديث النهي عنها يوم فتح مكة ويوم حجة الوداع فقال: فهذا هو الناسخ، وحكى عن سعيد بن جبير نسخها بآية الميراث إذ المتعة لا ميراث فيها (2) وعن عائشة والقاسم بن محمد: نسخها بآية والذين هم لفروجهم حافظون . ثم قال في قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة): أي من زيادة أو نقصان في المهر فإن ذلك سائغ عند التراضي، هذا عند من قال بأن الآية في النكاح الشرعي، وأما عند الجمهور القائلين بأنها في المتعة فالمعنى التراضي في زيادة مدة المتعة أو نقصانها أو في زيادة ما دفعه إليها إلى مقابل الاستمتاع بها أن نقصانه . 19 - ذكر شهاب الدين أبو الثناء السيد محمد الآلوسي البغدادي المتوفى 1270 في تفسيره 5 ص 5 قراءة ابن عباس وعبد الله بن مسعود الآية: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، ثم قال، ولا نزاع عندنا في إنها أحلت ثم حرمت، والصواب المختار إن التحريم والاباحة كانا مرتين، وكانت حلالا قبل يوم خيبر ثم حرمت يوم خيبر، (3) ثم أبيحت يوم فتح مكة وهو يوم أو طاس لاتصالهما ثم حرمت يومئذ بعد ثلاث (4) تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة. هلم معي: هلم معي أيها القارئ نسائل الرجل - موسى جار الله - عن هذه الكتب أليست ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عرفت الحال في هذا الحديث الصحيح الذي هو عمدة مستند القوم في النهى عن المتبعة راجع ص 211 . (2) عزو القول بالنسخ إلى سعيد يكذبه عد السلف إياه فيمن ثبت على القول بإباحتها . (3) عرفت في ص 226 عن السهيلي إن هذا شئ لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر . (4) هذا يبطل القول بالتحريم في حجة الوداع بعد إباحتها وحكى النووي في شرح مسلم عن أبي داود إنه يراه أصح ما روى في ذلك . وهكذا كل قول من تلكم الأقوال يكذب الآخر ويبطله، والحق يبطل الجميع، والحق أحق أن يتبع .
/ صفحة 236 / هي مراجع أهل السنة في علم القرآن ؟ أليس هؤلاء أعلامهم وأئمتهم في التفسير ؟ أليس من واجب الباحث أن يراجع تلكم الكتب ثم ينقض ويبرم، ويزن ويرجح ؟ أيوجه قوارصه إلى مثل ابن عباس ترجمان القرآن، وأبي بن كعب أقرأ الصحابة - عندهم - وعبد الله بن مسعود (عالم الكتاب والسنة) وعمران بن حصين، والحكم، وحبيب بن أبي ثابت، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومجاهد ؟ أيرى كلا منهم جاهلا يدعي ولا يعي ؟ أليس هذا سب الصحابة والسلف الصالح الذي تتهم به الشيعة عند قومه ؟ أم يرى رجالات قومه من الشيعة ويسلقهم بألسنة حداد ؟ فإن لم تكن عنده قيمة لمثل البخاري . ومسلم . وأحمد . والطبري . ومحمد بن كعب . وعبد بن حميد . وأبي داود . وابن جريج . والجصاص . وابن الأنباري . والبيهقي . والحاكم . والبغوي . والزمخشري . والأندلسي . والقرطبي . والفخر الرازي . والنووي . والبيضاوي . والخازن . وابن جزي . وأبي حيان . وابن كثير . وأبي السعود . والسيوطي . والشوكاني . والآلوسي . فمن قدوته وأسوته في العلم والدين ؟ نعم: لا يفوتنا أن أكاذيب الرجل وأساطيره المسطرة وعز والقول بنزول الآية إلى الشيعة فحسب كلها تقدمة لسب الإمامين الطاهرين الباقر والصادق، وهو يعلم وكل ذي نصفة يدري إن أئمة قومه الأربعة عايلة الإمامين في علمهما، فإن يوجد عندهم شئ من العلم فمن ذلك النمير العذب، والباقران هما الباقران، وموسى الوشيعة هو موسى الوشيعة، والله هو الحكم العدل، وإلى الله المشتكى . وهلم نسائل الرجل عن أدب البيان الذي شعر به هو وخفي على هؤلاء الأعلام في القرون الخالية، وعن الاختلال الذي عرفه هو وجهله أئمة القوم على تقدير القول بنزول الآية في المتعة ما هو ؟ وأين كان ؟ وعمن يؤثر ؟ ومن الذي قال به ؟ وما الحجة عليه ؟ وممن أخذه ؟ ولم كتمه الأولون والآخرون حتى انتهت النوبة إليه ؟ لا أحسب إنه يحير جوابا يشفي الغليل، ولعله يعيد سبابه المقذع إلى أناس آخرين . حدود المتعة في الاسلام: 1: الأجرة . 2: الأجل .
/ صفحة 237 / 3: العقد المشتمل للإيجاب والقبول . 4: الافتراق بانقضاء المدة أو البذل . 5: العدة أمة وحرة حائلا وحاملا . 6: عدم الميراث . إن هذه الحدود ذكرها الفقهاء في مدوناتهم الفقهية، والمحدثون في الصحاح والمسانيد، والمفسرون في ذيل الآية الكريمة الآنفة، فوقع إصفاقهم على أنها حدود شرعية إسلامية لا محيص عنها، سواء فيها من يقول بالإباحة الدائمة أو بالإباحة الموقتة المنسوخة، فأين يكون مقيل كلمة الرجل: إنها من الأنكحة الجاهلية التاريخية ولم تكن بإذن من الشارع ؟ ومتى كان في الجاهلية نكاح بهذه الحدود، وقد ضبطوا أنكحتها وعاداتها وتقاليدها وليس فيها ما يشابه نكاح المتعة . نعم: الرجل يتقول ولا يكترث لما يقول، وقد أسلفنا جمعا ممن ذكر حدود نكاح المتعة في الجزء الثالث ص 331. ولماذا يكون ابن جريج مسرفا في إتيان الفاحشة التي نزلت في أشد المحرمات في مزعمة (موسى)، ولو كان ابن جريج متهاونا بالدين، فلماذا أخرج عنه أئمة الحديث أرباب الصحاح الست كلهم، وحشو المسانيد مروياته وأسانيده ؟ وقد سمعوا منه اثني عشر ألف حديث يحتاج إليها الفقهاء (2) ولو فسد مثله أو فسدت روايته لوجب أن تمحى صحائف جمة من جوامع الحديث، ولا تبقى قيمة لتلكم الصحاح عندئذ، ولو كان كما يزعمه فلماذا أطرته أئمة الرجال بكل ثناء جميل ؟ وكيف رآه أحمد إمام الحنابلة أثبت الناس، وكيف كانوا يسمون كتبه كتب الأمانة ؟ (2) . ثم ماذا على الرجل إن عمل بما أدى إليه اجتهاده وهو يروي في ذلك ثمانية عشر حديثا ؟ وأما حديث عدوله عن رأيه فإن صدق نقل الرجل عن أبي عوانه وصدق إسناد أبي عوانة، ولو كان لبان وظهر وتناقلته الفقهاء، ولم ينحصر نقله بواحد عن واحد، ولا سيما وابن جريح هو ذلك المصر على رأيه عمليا وعلميا، وإني أحسب أن عز والعدول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مفتاح السعادة 2 ص 120 . (2) راجع تهذيب التهذيب 6 ص 404 .
/ صفحة 238 / إلى هذا الرجل لدة عزوه إلى حبر الأمة عبد الله بن العباس الذي كذبه من كذبه كما عرفت . وأما ما عزاه (موسى) إلى الحكومة الايرانية في إدخال المنع عن المتعة في جملة إصلاحاتها ونسخها نسخا قطعيا بتاتا، ومنعها منعا بتا فكبقية مفتعلاته، فما أعوزته الحجة، وضاقت عليه المحجة، وغدا محجوجا أعيت عليه البراهين، إلى أن محج وأفك، واحتج بما لم تسمعه أذن الدنيا، وقابل الكتاب والسنة بتاريخ مفتعل على حكومة إسلامية لم تأب بشئ جديد قط في المتعة، وعلى تقدير تحقق فريته فأي قيمة لذلك تجاه ما هتف به النبي الأعظم وكتابه المقدس . |