موقع عقائد الشيعة الإمامية

 

 

 

 

- معالم المدرستين - السيد مرتضى العسكري ج 2  ص 105 : -

ز - الخمس :
 

الخمس في اللغة : أخذ واحد من خمسة ، وخمست القوم : اخذت خمس أموالهم . اما معناه الشرعي فينبغي لدركه أن نرجع أولا إلى عرف العرب في العصر الجاهلي لمعرفة نظامهم

الاجتماعي يومذاك في هذا الخصوص ، ثم نعود إلى التشريع الاسلامي لندرس الخمس فيه وندرس أمره بعد ذلك لدى المسلمين بالتفصيل ان شاء الله تعالى . فالى دراستهما في ما يلي :

أولا : في العصر الجاهلي كان الرئيس عند العرب يأخذ في الجاهلية ربع الغنيمة ويقال : ربع القوم يربعهم ربعا أي أخذ ربع أموالهم ، وربع الجيش أي أخذ منهم ربع الغنيمة ، ويقال للربع الذي يأخذه الرئيس : المرباع .


وفي الحديث ، قال الرسول لعدي بن حاتم قبل أن يسلم : " انك لتأكل المرباع وهو لا يحل في دينك " 1 .

وقال الشاعر : لك المرباع منها والصفايا * وحكمك والنشيطة والفضول الصفايا ما يصطفيه الرئيس ، والنشيطة ما أصاب من الغنيمة قبل ان تصير
 

 

 1 ) بمادة ربع من القاموس واللسان وتاج العروس ونهاية اللغة لابن الاثير وفي صحاح الجوهري بعضه .
وسيرة ابن هشام 4 / 249 . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 106 -

إلى مجتمع الحي ، والفضول ما عجز ان يقسم لقلته فخص به الرئيس 1 . وفي النهاية : " إن فلانا قد ارتبع أمر القوم، أي انتظر ان يؤمر عليهم ، وهو على رباعة قومه أي هو سيدهم ".


وفي مادة " خمس " من النهاية : ومنه حديث عدي بن حاتم " ربعت في الجاهلية وخمست في الاسلام " أي قدت الجيش في الحالين ، لان الامير في الجاهلية كان يأخذ ربع الغنيمة وجاء الاسلام فجعله الخمس وجعل له مصاريف ، انتهى 2 .


ثانيا : في العصر الاسلامي هذا ما كان في الجاهلية ، أما في الاسلام فقد فرض الخمس في التشريع الاسلامي ، وذكر في الكتاب والسنة كما يلي :


 أ - الخمس في كتاب الله : قال الله سبحانه : " واعلموا أنما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على

عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ، والله على كل شئ قدير " الانفال / 41 . هذه الآية وان كانت قد نزلت في مورد خاص ، ولكنها اعلنت حكما عاما وهو وجوب أداء الخمس من أي شئ غنموا - أي فازوا به - لاهل الخمس .


ولو كانت الآية تقصد وجوب اداء الخمس مما غنموا في الحرب خاصة ، لكان ينبغي ان يقول عز اسمه : واعلموا ان ما غنمتم في الحرب ، أو ان ما غنمتم من العدى وليس يقول ان ما غنمتم من شئ .


في هذا التشريع : جعل الاسلام سهم الرئاسة الخمس بدل الربع في الجاهلية ، وقلل مقداره ، وكثر أصحابه فجعله سهما لله ، وسهما للرسول ، وسهما لذوي قربى الرسول ، وثلاثة أسهم

لليتامى والمساكين وابن السبيل من فقراء أقرباء الرسول ، وجعل الخمس لازما لكل ما غنموا من شئ عامة ولم يخصصه بما غنموا في الحرب ،
 

 

 1 ) في نهاية اللغة 2 / 62 2 ) في نهاية اللغة 1 / 321 ، ومسند احمد 4 / 257 ، وعدى أبو طريف اسلم سنة 9 ه‍ وشهد فتح العراق والجمل وصفين ونهروان مع الامام وفقئت عينه بصفين روى عنه المحدثون 66 حديثا توفي بالكوفة سنة 68 ه‍ ترجمته بالاستيعاب واسد الغابة والتقريب . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 107 -

وسماه الخمس مقابل المرباع في الجاهلية . ولما كان مفهوم الزكاة مساوقا لحق الله في المال كما أشرنا إليه في ما سبق ، فحيث ما ورد في القرآن الكريم حث على أداء الزكاة في ما

ينوف على ثلاثين آية 1 ، فهو حث على أداء الصدقات الواجبة والخمس المفروض في كل ما غنمه الانسان ، وقد شرح الله حقه في المال في آيتين : آية الصدقة وآية الخمس ، كان هذا ما استفدناه من كتاب الله في شأن الخمس .


 ب - الخمس في السنة : أمر الرسول باخراج الخمس من غنائم الحرب ومن غير غنائم الحرب مثل الركاز كما روى ذلك كل من ابن عباس ، وأبي هريرة ، وجابر وعبادة بن

الصامت ، وأنس ابن مالك كما يلي : في مسند أحمد وسنن ابن ماجة واللفظ للاول عن ابن عباس قال : " قضى رسول الله ( ص ) في الركاز الخمس 2 . "


وفي صحيحي مسلم والبخاري ، وسنن أبي داود ، والترمذي ، وابن ماجة ، وموطأ مالك ، ومسند أحمد واللفظ للاول : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
( ص ) : " العجماء جرحها

جبار ، والمعدن جبار ، وفي الركاز الخمس " وفي بعض الروايات عند أحمد : البهيمة عقلها جبار 3 .


شرح هذا الحديث أبو يوسف في كتاب الخراج وقال : كان أهل الجاهلية إذا عطب الرجل في قليب جعلوا القليب عقله ، وإذا قتلته دابة جعلوها عقله ، وإذا قتلته
 

 

 1 ) راجع مادة " الزكاة " في المعجم المفهرس لالفاظ القرآن الكريم .
 2 ) مسند احمد 1 / 314 ، وسنن ابن ماجة ص 839 .
 3 ) صحيح مسلم 5 / 127 باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار اي هدر من كتاب الحدود بشرح النووي 11 / 225 ، وصحيح البخاري 1 / 182 باب " في الركاز الخمس " ،
و 2 / 34 باب " من حفر بئرا في ملكه لم يضمن " من كتاب المساقاة
وسنن أبي داود 2 / 254 باب " من قتل عميا بين قوم " من كتاب الحدود ، وباب ما جاء في الركاز " ، 2 / 70 ، وسنن الترمذي 3 / 138 باب " ما جاء في العجماء جرحها جبار وفى الركاز الخمس " ،
وسنن ابن ماجة ص 803 باب من " أصاب ركازا " من كتاب اللقطة ،
وموطأ مالك ج 1 / 244 باب " زكاة الشركاء " .
ومسند أحمد ج 2 / 228 و 239 و 254 و 274 و 285 و 319 و 382 و 386 و 406 و 411 و 415 و 454 و 456 و 467 و 475 و 482 و 493 و 495 و 499 و 501 و 507 ،
والاموال لابي عبيد ص 336 . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 108 -

معدن جعلوه عقله ، فسأل سائل رسول الله ( ص ) عن ذلك فقال : " العجماء جبار ، والمعدن جبار ، والبئر جبار ، وفي الركاز الخمس " فقيل له : ما الركاز يا رسول الله ؟ فقال : " الذهب والفضة الذي خلقه الله في الارض يوم خلقت 1 " انتهى .


وفي مسند أحمد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ( ص ) : " السائمة جبار ، والجب جبار ، والمعدن جبار ، وفي الركاز الخمس " قال الشعبي : الركاز الكنز العادي 2 .


وفي مسند أحمد
عن عبادة بن الصامت قال : من قضاء رسول الله
( ص ) ان المعدن جبار ، والبئر جبار ، والعجماء جرحها جبار ، والعجماء البهيمة من الانعام وغيرها . والجبار هو الهدر الذي لا يغرم وقضى في الركاز الخمس 3 .


وفي مسند أحمد عن أنس بن مالك قال : خرجنا مع رسول الله ( ص ) إلى خيبر فدخل صاحب لنا إلى خربة يقضي حاجته فتناول لبنة ليستطيب بها فانهارت عليه تبرا فاخذها فاتى بها

النبي ( ص ) فأخبره بذلك ، قال " زنها " فوزنها فإذا مائتا درهم فقال النبي " هذا ركاز وفيه الخمس " 4 .


وفي مسند أحمد : ان رجلا من مزينة سأل رسول الله مسائل جاء فيها : فالكنز نجده في الخرب والآرام فقال رسول الله ( ص ) : " فيه وفي الركاز الخمس " 5 .
 

 

 1 ) أبو يوسف يعقوب بن ابراهيم الانصاري ولد بالكوفة 113 ه‍ وتلمذ على ابي حنيفة وهو اول من وضع الكتب على رأي أبي حنيفة وولي القضاء ببغداد أيام المهدي والهادي والرشيد ، وتوفي سنة 182 ه‍ ونقلنا عن كتاب خراجه ط القاهرة 1346 ه‍ ص 26 وقد وضعه لخليفة عصره الرشيد . وعطب اي هلك . والقليب : البئر لم تطو . والعقل : الدية .

 2 ) مسند أحمد 3 / 335 و 336 و 356 و 353 - 354 ، ومجمع الزوائد 3 / 78 باب " في الركاز والمعادن " وأبو عمر وعامر بن شراحيل الكوفي الشعبي . نسبة إلى شعب بطن من همدان . روى عن خمسين ومائة من أصحاب رسول الله . توفي بالكوفة سنة 104 ه‍ ، أنساب السمعاني ص 336 .

 3 ) مسند أحمد 5 / 326 .

 4 ) مسند أحمد 3 / 128 ، ومجمع الزوائد 3 / 77 باب " في الركاز والمعادن " ، ومغازي الواقدي ص 682 .

 5 ) مسند أحمد 2 / 186 و 202 و 207 واللفظ للاول ، وفي سنن الترمذي 1 / 219 باب اللقطة من كتاب الزكاة مع اختلاف في اللفظ .

والاموال لابي عبيد ص 337 . وأشار إلى هذه الاحاديث الترمذي في باب ما جاء العجماء جرحها جبار ، وفي الركاز الخمس قال : " وفي الباب عن أنس بن مالك و عبد الله بن عمرو وعبادة بن الصامت وعمرو بن عوف المزني وجابر "

 

 

- ج 2  ص 109 -

وفي مادة " سيب " من نهاية اللغة ولسان العرب وتاج العروس وفي نهاية الارب والعقد الفريد واسد الغابة واللفظ للاول : " وفي كتابه - أي كتاب رسول الله - لوائل بن حجر : "

وفي السيوب الخمس " السيوب : الركاز " . وذكر انهم قالوا : " السيوب عروق الذهب والفضة تسيب في المعدن أي تتكون فيه وتظهر " " والسيوب جمع سيب يريد به - أي يريد

النبي بالسيب - المال المدفون في الجاهلية أو المعدن لانه من فضل الله تعالى وعطائه لمن أصابه " . وتفصيل كتاب رسول الله هذا في نهاية الارب للقلقشندي 1 .


تفسير ألفاظ الاحاديث : في سنن الترمذي 2 : العجماء : الدابة المنفلتة من صاحبها فما أصابت في انفلاتها فلا غرم على صاحبها والمعدن : جبار يقول إذا احتفر الرجل معدنا فوقع فيها

انسان فلا غرم عليه ، وكذلك البئر إذا احتفرها الرجل للسبيل فوقع فيها إنسان فلا غرم على صاحبها ، وفي الركاز الخمس . والركاز ، ما وجد من دفن أهل الجاهلية ، فمن وجد ركازا ادى منه الخمس إلى السلطان وما بقى له ، انتهى .


وفي نهاية اللغة لابن الاثير بمادة " ارم " : الآرام ، الاعلام وهي حجارة تجمع وتنصب في المفازة يهتدى بها ، واحدها ارم كعنب ، وكان من عادة الجاهلية انهم إذا وجدوا شيئا في طريقهم لا يمكنهم استصحابه تركوا عليه حجارة يعرفونه بها حتى إذا عادوا اخذوه .


وفي لسان العرب وغيره من معاجم اللغة : ركزه يركزه : إذا دفنه . والركاز : قطع ذهب وفضة تخرج من الارض أو المعدن واحده الركزة كانه ركز في الارض . وفي نهاية اللغة : والركزة : القطعة من جواهر الارض المركوزة فيها ، وجمع الركزة الركاز .
 

 

 1 ) نهاية الارب ص 221 يرويه عن كتاب الشفاء للقاضي عياض ، والعقد الفريد 2 / 48 في الوفود ، وبترجمة الضحاك من اسد الغابة 3 / 38 واشار إلى الكتاب صاحبا الاستيعاب واسد الغابة بترجمة وائل . ووائل بن حجر كان ابوه

من أقيال اليمن وفد إلى النبي ( ص ) وكتب له عهدا جاء فيه ما اوردناه في المتن، بعث الرسول معه معاوية بن ابي سفيان فقال له معاوية : اردفني فقال : لست من أرداف الملوك ، توفي وائل في خلافة معاوية ، ترجمته بالاصابة 3 / 592 .

 2 ) سنن الترمذي 6 / 145 - 146 باب " ما جاء في العجماء جرحها جبار " . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 110 -

خلاصة الروايات السابقة :


خلاصة ما يستفاد من الروايات السابقة ، ان رسول الله
( ص ) أمر بدفع الخمس من كل ما يستخرج من الارض من ذهب وفضة سواء كان كنزا أو معدنا وكلاهما ليسا من غنائم

الحرب ، كما زعمو انها - أي غنائم الحرب - هي المقصود من " غنموا "، في الآية الكريمة ، وانما تدل تلكم الاحاديث على ما برهنا عليه ان ما " غنموا " قصد به في التشريع الاسلامي

" ما ظفر به من جهة العدى وغيرهم " فثبت من جميع ما سبق أن الخمس لا يخص غنائم الحرب وحدها في الاسلام، وكذلك استفاد الفقهاء من تلكم الروايات مثل القاضي أبو يوسف في كتاب الخراج 1 ، فانه استنبط من الروايات حكم وجوب اداء الخمس من غير غنائم الحرب .


قال أبو يوسف : في كل ما اصيب من المعادن من قليل أو كثير الخمس ، ولو ان رجلا أصاب في معدن اقل من وزن مائتي درهم فضة أو اقل من وزن عشرين ذهبا ، فان فيه الخمس .

ليس هذا موضع الزكاة 2 ، إنما هو على موضع الغنائم ، وليس في تراب ذلك شئ إنما الخمس في الذهب الخالص ، والفضة الخالصة ، والحديد ، والنحاس والرصاص ، ولا يحسب

لمن استخرج ذلك من نفقته عليه شئ ، قد تكون النفقة تستغرق ذلك كله ، فلا يجب اذن فيه خمس عليه وفيه الخمس حين يفرغ من تصفيته قليلا كان أو كثيرا ، ولا يحسب له من نفقته

شئ من ذلك وما استخرج من المعادن سوى ذلك من الحجارة - مثل الياقوت والفيروزج والكحل والزئبق والكبريت والمغرة - فلا خمس في شئ 3 من ذلك إنما ذلك كله بمنزلة الطين

والتراب . قال : ولو ان الذي أصاب شيئا من الذهب أو الفضة أو الحديد أو الرصاص أو النحاس ، كان عليه دين فادح لم يبطل ذلك الخمس عنه . الا ترى لو ان جندا من الاجناد ،

أصابوا غنيمة من أهل الحرب ، خمست ولم ينظر أعليهم دين ام لا . ولو كان عليهم دين ، لم يمنع ذلك من الخمس . قال : واما الركاز فهو الذهب والفضة الذي خلقه الله عزوجل في

الارض يوم خلقت ، فيه أيضا الخمس ، فمن أصاب ، كنزا عاديا في غير مالك أحد فيه ذهب أو فضة

 

 1 ) الخراج ص 25 - 27 .
 2 ) قصد بالزكاة هنا ما يقابل الخمس اي الصدقة .
 3 ) هذا يخالف عموم آية الخمس ويخالف ما في فقه أئمة اهل البيت . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 111 -

أو جوهر أو ثياب ، فان في ذلك الخمس واربعة اخماسه للذي أصابه ، وهو بمنزلة الغنيمة يغنمها القوم فتخمس وما بقي فلهم . قال : ولو ان حربيا وجد في دار الاسلام ركازا ، وكان

قد دخل بأمان نزع ذلك كله منه ، ولا يكون له منه شئ . وإن كان ذميا اخذ منه الخمس ، كما يؤخذ من المسلم ، وسلم له اربعة اخماسه . وكذلك المكاتب يجد ركازا في دار الاسلام فهو له بعد الخمس . . .


وقال أبو يوسف في " فصل ما يخرج من البحر " : " وسألت يا أمير المؤمنين عما يخرج من البحر فان في ما يخرج من البحر من حلية والعنبر الخمس " 1 .


استعرضنا في ما سبق روايات رسول الله التي أمرت بدفع الخمس عن أشياء غير غنائم الحرب ، وكذلك ما استفادوه من تلك الروايات ، وفي ما يلي نستعرض كتب الرسول
( ص ) وعهوده التي ورد فيها أمر بدفع الخمس .

 

 

 1 ) الخراج ص 83 .
ونقل أبو عبيد في كتاب الاموال ص 345 - 348 قولين فيه : أ - ان فيه الزكاة . ب - ان فيه الخمس . ( * ) 

 

 

 

 

 

 

- معالم المدرستين - السيد مرتضى العسكري ج 2  ص 111 : -

الخمس في كتب الرسول ( ص ) وعهوده :


 أ - في صحيحي البخاري ومسلم وسنن النسائي ومسند أحمد واللفظ للاول : أن وفد عبد القيس لما قالوا لرسول الله
( ص ) : " ان بيننا وبينك المشركين من مضر ، وانا لا نصل إليك

إلا في اشهر حرم ، فمرنا بجمل الامر إن عملنا به دخلنا الجنة وندعو إليه من وراءنا " . قال : " آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع ، آمركم بالايمان بالله. وهل تدرون ما الايمان بالله ،

شهادة أن لا إله إلا الله ، واقام الصلاة ، وايتاء الزكاة ، وتعطوا الخمس من المغنم . . . " الحديث 2 .
 

 

 2 ) بصحيح البخاري 4 / 205 باب " والله خلقكم وما تعلمون " من كتاب التوحيد ، وج 1 / 13 و 19 منه ،
وج 3 / 53 ، وفي صحيح مسلم 1 / 35 و 36 باب الامر بالايمان عن ابن عباس وغيره ، وسنن النسائي 2 / 333 ،

ومسند أحمد 3 / 318 وج 5 / 136 ، و عبد القيس قبيلة من ربيعة كانت مواطنهم بتهامة ، ثم انتقلوا إلى البحرين وقدم وفدهم على الرسول في السنة التاسعة ولفظه في ص 12 من الاموال لابي عبيد : " وأن تؤدوا خمس ما غنمتم " . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 112 -

إن الرسول لما أمر وفد عبد القيس أن يعطوا الخمس من المغنم، لم يطلب اخراج خمس غنائم الحرب من قوم لا يستطيعون الخروج من حيهم في غير الاشهر الحرم من خوف المشركين

من مضر ، وإنما قصد من المغنم معناه الحقيقي في لغة العرب وهو الفوز بالشئ بلا مشقة كما سبق تفسيره ، أي ان يعطوا خمس ما يربحون ، أو لااقل من انه قصد معناه الحقيقي في

الشرع وهو " ما ظفر به من جهة العدى وغيرهم " .


وكذلك الامر في ما ورد في كتب عهوده للوافدين إليه من القبائل العربية وفي ما كتب لرسله إليهم ، وولاته عليهم مثل ما ورد في فتوح البلاذري ، قال : " لما بلغ أهل اليمن ظهور

رسول الله وعلو حقه ، أتته وفودهم ، فكتب لهم كتابا باقرارهم على ما أسلموا عليه من أموالهم وأراضيهم وركازهم ، فأسلموا ووجه إليهم رسله وعماله لتعريفهم شرايع الاسلام وسننه

وقبض صدقاتهم وجزى رؤس من أقام على النصرانية واليهودية والمجوسية " .


ثم ذكر هو وابن هشام والطبري وابن كثير وللفظ للبلاذرى قال : كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن : ب - " بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا بيان من الله ورسوله ، " يا ايها الذين

آمنوا أوفوا بالعقود 1 " عهد من محمد النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن . أمره بتقوى الله في أمره كله ، وأن يأخذ من المغانم خمس الله ، وما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار عشر ما سقى البعل وسقت السماء ، ونصف العشر مما سقى الغرب " 2 .

البعل : ما سقي بعروقه ، والغرب : الدلو العظيمة .


 ج - ومثل ما كتب لسعد هذيم من قضاعة ، وإلى جذام كتابا واحدا يعلمهم فرائض الصدقة وأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلى رسوليه أبي وعنبسة أو من
 

 

 1 ) السورة 5 ، الآية 1 .
 2 ) فتوح البلدان 1 / 84 باب " اليمن " ، وسيرة ابن هشام 4 / 265 - 266 ،
والطبري 1 / 1727 - 1729 ، وتاريخ ابن كثير 5 / 76 ، وكتاب الخراج لابي يوسف ص 85 واللفظ للاول .

وهناك رواية اخرى اوردها الحاكم في المستدرك 1 / 395 و 396 ، وفى كنز العمال 5 / 517 . وعمرو بن حزم أنصاري خزرجي شهد الخندق وما بعدها ، توفي سنة احدى أو ثلاث أو أربع وخمسين ه‍ بالمدينة . اسد الغابة 4 / 99 .

 

 

- ج 2  ص 113 -

ارسلاه " 1 .

ان الرسول حين طلب من قبيلتي سعد وجذام ان يدفعوا الصدقة والخمس إلى رسوليه أو لمن يرسلاه إليه ، لم يكن يطلب منهم خمس غنائم حرب خاضوها مع الكفار ، وإنما قصد ما استحق عليهما من الصدقة وخمس أرباحهما .


 د - وكذلك ما كتب لمالك بن أحمر الجذامي ، ولمن تبعه من المسلمين أمانا لهم ما أقاموا الصلاة واتبعوا المسلمين وجانبوا المشركين وادوا الخمس من المغنم وسهم الغارمين وسهم كذا وكذا ، كتاب 2 .


 ه‍ـ - وما كتب للفجيع ومن تبعه : " من محمد النبي للفيج ومن تبعه وأسلم وأقام الصلاة وآتى الزكاة [ وأطاع ] 3 الله ورسوله ، وأعطى من المغانم خمس الله ، ونصر النبي وأصحابه ، وأشهد على إسلامه ، وفارق المشركين فانه آمن بأمان الله وأمان محمد " 4 .


 و - وما كتب للاسبذيين : " من محمد النبي رسول الله لعباد الله لاسبذيين ملوك عمان ، من منهم بالبحرين انهم إن آمنوا وأقاموا الصلاة واتوا الزكاة وأطاعوا الله ورسوله ، وأعطوا حق

النبي ، ونسكوا نسك المسلمين فانهم آمنون وان لهم ما أسلموا عليه ، غير ان مال بيت النار ثنيا لله ولرسوله ، وان عشور التمر صدقة ونصف عشور الحب وان للمسلمين
 

 

 1 ) طبقات ابن سعد 1 / 270 ، وجذام حي كبير من القحطانية ، نسبهم بجمهرة ابن حزم ص 420 - 421 ، وسعد هذيم من بطون قضاعة ينسبون إلى قحطان نسبهم بجمهرة ابن حزم ص 447 أما ابى وعنبسة ففي الصحابة عدد بهذين الاسمين ، ولم يميز ابن سعد رسولي النبي بكنية أو لقب أو نسب لنعرفهما .

 2 ) بترجمة مالك من اسد الغابة 4 / 271 ، والاصابة 3 / برقم 7593 ، ولسان الميزان 3 / 20 ، وفى الاخير ورد اسمه مبارك بدلا من مالك . ومالك بن أحمر من جذام بن عدي ، بطن من كهلان وكانت مساكنهم بين مدين إلى تبوك ولما أسلم مالك سأل الرسول أن يكتب له كتابا يدعو قومه إلى الاسلام ، فكتب له في رقعة ادم عرضها أربعة أصابع وطولها قدر شبر .

 3 ) هكذا في أسد الغابة ورجح عندنا هذا على ما في طبقات ابن سعد : " وأعطى " .

 4 ) بطبقات ابن سعد 1 / 304 - 305 ، واسد الغابة 4 / 175 ، والاصابة 4 / الترجمة 6960 واللفظ للاول في ذكر وفد بني البكاء وهم بطن من بني عامر من العدنانية والفجيع ابن عبد الله البكائي . ترجمته في اسد الغابة والاصابة وذكرا وفادته إلى الرسول ايضا بترجمة بشر بن معاوية بن ثور البكائي . الاصابة 1 / 160 . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 114 -

نصرهم ونصحهم وان لهم ارحاءهم يطحنون بها ما شاؤوا " 1 . ان المقصود من حق النبي في هذا الكتاب هو الخمس وحده أو الخمس والصفي معا وقد سبق شرح الصفي .


 ز - وكذلك المقصود من " حظ الله وحظ الرسول " هو الخمس في ما كتب " لمن أسلم من حدس ولخم " واقام الصلاة وأعطى الزكاة وأعطى حظ الله وحظ الرسول وفارق المشركين

فانه آمن بذمة الله وذمه محمد ، ومن رجع عن دينه فان ذمة الله وذمة رسوله منه بريئة . . " الكتاب 2 .


 ح - وفي ما كتب لجنادة الازدي وقومه ومن تبعه : " ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطاعوا الله ورسوله وأعطوا من المغانم خمس الله وسهم النبي وفارقوا المشركين فان لهم ذمة الله وذمة محمد بن عبد الله " 3 .


 ط - وفي ما كتب لبني معاوية بن جرول الطائيين : " لمن اسلم منهم واقام الصلاة وآتى الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطى من المغانم خمس الله وسهم النبي وفارق المشركين وأشهد على اسلامه انه آمن بأمان الله ورسوله وأن لهم ما اسلموا عليه " 4 .


وكتاب آخر لبني جوين الطائيين ، أو أنه رواية اخرى للكتاب الاول مع
 

   1 ) مجموعة الوثائق السياسية لمحمد حميد الله نقلا عن الاموال لابي عبيد ص 52 ، وصبح الاعشى للقلقشندي 6 / 380 . والاسبذي نسبة إلى قرية بهجر كان يقال لها : الاسبذ ، وما قيل : انه نسبة إلى الاسبذيين الذين كانوا يعبدون الخيل لا يتفق وما ورد في كتاب الرسول " لعباد الله الاسبذيين " فان الرسول قد نسبهم إلى عبودية الله وهذا ينافي ان ينسبهم بعده إلى عبادة الخيل . راجع فتوح البلدان ص 95 .

 2 ) طبقات ابن سعد 1 / 266 وحدس بن أريش بطن عظيم من لخم من القحطانية ونسبهم بجمهرة ابن حزم ص 423 .

 3 ) طبقات ابن سعد 1 / 270 باب ذكر بعثة رسول الله ( ص ) بكتبه . وفي ترجمة جنادة باسد الغابة 1 / 300 وراجع كنز العمال ط . الاولى ج 5 / 320 .

وذكروا لجنادة الازدي أربع تراجم : 1 - لجنادة بن ابي امية . 2 - لجنادة بن مالك 3 - لجنادة الازدي وهذا لم يذكروا اسم أبيه 4 - جنادة غير منسوب ، واوردوا هذا الخبر بترجمة الاخير ولعل الاربعة شخص واحد .
راجع اسد الغابة 1 / 298 - 300 .

 4 ) طبقات ابن سعد 1 / 269 . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 115 -

اختلاف يسير في اللفظ 1 .


 ي - وفي ما كتب لجهينة بن زيد : " ان لكم بطون الارض وسهولها وتلاع الأودية وظهورها على أن ترعوا نباتها وتشربوا ماءها ، على ان تؤدوا الخمس . وفي التيعة والصريمة ، شاتان إذا اجتمعتا فان فرقتا فشاة شاة ، ليس على أهل المثير صدقة . . . " 2 .

قال ابن الاثير في نهاية اللغة : " التيعة : اسم لادنى ما يجب فيه الزكاة " .


 و " الصريمة : القطيع من الابل والغنم " . وقال : " المراد بها - أي بالصريمة - في الحديث في مائة وأحد وعشرين شاة إلى المائتين ، إذا اجتمعت ففيها شاتان وان كانت لرجلين وفرق بينهما ففي كل واحدة منهما شاة " انتهى .

وأهل المنير : أهل بقر الحرث الذي يثير الارض وليس عليهم فيه صدقة .


 ك - وقد ورد في بعض كتب الرسول ذكر " الصفي " بعد لفظ سهم النبي مثل ما ورد في كتابه لملوك حمير الآتي : " اما بعد فان الله هداكم بهدايته إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله

وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة من المغانم خمس الله وسهم النبي وصفية وما كتب الله على المؤمنين من الصدقة . . . " الكتاب 3 .
 

 

 1 ) طبقات ابن سعد 1 / 269 . وجرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طي نسبهم بجمهرة ابن حزم ص 400 - 401 .

 2 ) روى هذا الكتاب محمد حميد الله في مجموعة الوثائق السياسية ص 142 رقم 157 عن جمع الجوامع للسيوطي . واورد بمادة " صرم " قسما من الكتاب كل من ابن الاثير في نهاية اللغة وابن منظور في لسان العرب . وجهينة بن زيد

من قضاعة من القحطانية ، نسبهم بجمهرة ابن حزم ص 444 - 446 ، وذكرت المصادر الثلاثة الانفة ان الرسول كتب الكتاب مع عمرو بن مرة الجهني ثم الغطفاني وكنيته أبو مريم . وفد إلى النبي وشهد اكثر غزواته ، وسكن الشام وأدرك

حكومة معاوية اسد الغابة 4 / 130 ، وفى الاصابة 3 / 16 : انه رجع إلى قومه فدعاهم إلى الاسلام فأسلموا ووفدوا إلى رسول الله ، وانه توفي في خلافة معاوية .

 3 ) فتوح البلدان 1 / 85 ، وفى سيرة ابن هشام 4 / 258 - 259 بلفظ آخر وكذلك في مستدرك الحاكم 1 / 395 ، وراجع تهذيب تاريخ ابن عساكر 6 / 273 - 274 ، وكنز العمال ط . الاولى 6 / 165 ،

وص 13 من الاموال لابي عبيد . وجمير بطن عظيم من القحطانية من بنى سبأ بن يشجب ، سكنوا اليمن قبل الاسلام ترجمتهم بجمهرة ابن حزم ص 432 - 438 وفدوا إلى النبي في السنة التاسعة هجرية ، والكتاب إلى الحارث بن عبد كلال والنعمان من ملوك حمير . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 116 -

 ل - وما ورد في كتابه لبنى ثعلبة بن عامر : " من أسلم منهم وأقام الصلاة وآتى الزكاة وخمس المغنم وسهم النبي والصفي فهو آمن بأمان الله " الكتاب 1 .


 م - وما ورد في كتابه لبني زهير ألعكليين : " أنكم إن شهدتم أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فأقمتم الصلاة ووآتيتم الزكاة وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبي وسهم الصفي انتم آمنون بأمان الله " ، الكتاب 2 .


 ن - وما ورد في كتابه لبعض افخاذ جهينة : " من أسلم منهم واقام الصلاة وآتى الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطى من الغنائم الخمس وسهم النبي الصفى " 3 .


ان الصفى في هذه الكتب ويجمع على الصفايا ، هو كل ما كانت خالصة لرسول الله من اموال وضياع وعقار بالاضافة إلى سهمه من الخمس كما شرحناه سابقا .


وعدا ما أوردنا في ما سبق ورد ذكر الخمس ايضا في كتابين آخرين نسبا إلى رسول الله لم نعتمدهما لما ورد في الاول انه كتبه لعبد يغوث من بلحارث 4 . ولم يكن الرسول يكتب "

لعبد يغوث " ويغوث اسم صنم ، بل كان يغير أسماء كهذا مثل عبد العزى الذي بدله بعبد الرحمن ، وعبد الحجر 5 . وعبد عمرو الاصم الذي بدلهما بعبدالله 6 . والكتاب الثاني قيل ، انه كتبه لنهشل بن مالك الوائلي 7 وقد بدء فيه بلفظ
 

 

 1 ) ورد الكتاب بترجمة صيفي بن عامر من الاصابة 2 / 189 الترجمة 4111 ، واشار إليه بترجمته في كل من الاستيعاب بهامش الاصابة 2 / 186 ، واسد الغابة 3 / 34 ووصفه ابن الاثير بسيد بني ثعلبة وبنو ثعلبة بن عامر بطن

من بكر بن وائل من العدنانية ونسبهم بجمهرة ابن حزم ص 316 وذكرت وفادة لبني ثعلبة على رسول الله في السنة الثامنة ولست ادري أكان صيفي هذا فيهم أم لا ، راجع طبقات ابن سعد 1 / 298 ، عيون الاثر 2 / 248 .

 2 ) سنن ابي داود 2 / 55 الباب 20 من كتاب الخراج وسنن النسائي 2 / 179 ، وطبقات ابن سعد 1 / 179 ، ومسند احمد 5 / 77 و 78 و 363 ، واسد الغابة 5 / 4 و 389 ، والاستيعاب واللفظ للاول ، وفي بعض الروايات "

اعطيتم من المغانم الخمس وص 13 من الاموال لابي عبيد . وزهير بن اقيش في تاج العروس 4 / 280 حي من عكل كتب لهم رسول الله ، وفى جمهرة ابن حزم ص 480 بنو عكل بن عوف بن اد بن طابخة بن الياس بن مضر .

 3 ) طبقات ابن سعد 1 / 271 .
 4 ) ذكره ابن سعد في الطبقات 1 / 268 .
 5 ) راجع ترجمتهما باسد الغابة .
 6 ) راجع طبقات ابن سعد 1 / 305 .
 7 ) طبقات ابن سعد 1 / 248 . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 117 -

" باسمك اللهم " بدلا من بسم الله الرحمن الرحيم الذي كان الرسول يبدء به كتبه . في ما مر من كتب وعهود عندما كتب الرسول لسعد هذيم " ان يدفعوا الصدقة والخمس إلى رسوليه

أو من يرسلاه " لم يكن يطلب منهم ان يدفعوا خمس غنائم حرب اشتركوا فيها ، بل كان يطلب ما استحق في اموالهم من خمس وصدقة .


وكذلك في ما كتب لجهينة أن يشربوا ماء الارض ، ويرعوا أكلاءها على ان يؤدوا الخمس والصدقة لم يشترط للخوض في الحرب واكتساب الغنائم دفع الخمس ، بل جعل دفع الخمس والصدقة شرطا للانتفاع من مرافق الارض اي علمهم الحكم الاسلامي في ما يكسبون .


وكذلك عندما علم وفد عبد القيس ان يدفعوا الخمس من المغنم ضمن تعليمهم جملا من الامر ان عملوا بها دخلوا الجنة لم يطلب منهم وهو لا يستطيعون الخروج من حيهم في غير الأشهر

الحرم من خوف المشركين ان يدفعوا إليه خمس غنائم حرب يخوضونها ضد المشركين وينتصرون فيها ، بل طلب منهم دفع خمس أرباحهم .


وكذلك في ما كتب من عهد لعامله عمرو بن حزم أن يأخذ الصدقات والخمس من قبائل اليمن ، لم يعهد إليه أن يأخذ خمس غنائم حرب اشتركت القبائل فيها .


وكذلك في ما كتب لتلك القبائل أو غيرها ان يدفعوا الخمس ، وما كتب لغير عمرو بن حزم من عماله ان يأخذوا الخمس من القبائل ، ان شأن الخمس في كل تلك الكتب والعهود شأن الصدقة فها وهما حق الله في أموالهم حسبما فرضه الله في أموالهم .


ويؤكد ما ذكرناه من أن الخمس فيها ليس خمس غنائم الحرب ويوضحه ان حكم الحرب في الاسلام يخالف ما كان عليه لدى القبائل العربية قبل الاسلام في ان يكون لكل مجموعة أو

فرد الاختيار في الاغارة على غير أفراد القبيلة وغير حلفائها لنهب أموالهم كيف ما اتفق ، وأنه عند ذاك يملك كل فرد ما نهب وسلب وحرب ، وما عليه سوى دفع المرباع للرئيس ،

ليس الامر هكذا في الاسلام ليصح للنبي أن يطالبهم بالخمس بدل الربع في ما يثيرون من حرب على غيرهم ، لا .


ليس لفرد مسلم في الاسلام ولا لجماعة اسلامية فيه أن يعلن الحرب على غير المسلم من تلقاء نفسه ويسلب وينهب كما يشاء ويقدر ! وانما الحاكم الاسلامي هو الذي يقدر ذلك ويقرر وفق قوانين 

- ج 2  ص 118 -

الشرع الاسلامي ، والفرد المسلم ينفذ قراره ، ثم أن الحاكم الاسلامي بعد ذلك ، أو نائبه هما اللذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب ، ولا يملك احد الغزاة عدا سلب القتيل شيئا

مما سلب ، وانما يأتي كل غاز بما سلب اليهما ، والا عد من الغلول العار على أهله وشنار ونار يوم القيامة، والحاكم الاسلامي هو الذى يعين بعد اخراج الخمس للراجل سهمه وللفارس

سهمه ، ويرضخ للمرأة ، وقد يشرك الغائب عن الحرب في الغنيمة ويعطى للمؤلفة قلوبهم اضعاف سهم المؤمن المجاهد .


وإذا كان اعلان الحرب واخراج خمس غنائم الحرب على عهد النبي من شئون النبي في هذه الامة فماذا يعنى طلبه الخمس من الناس وتأكيده ذلك في كتاب بعد كتاب وعهد بعد عهد إن لم

يكن الخمس في تلك الكتب والعهود مثل الصدقة مما يجب في أموال المخاطبين وليس خاصا بغنائم الحرب .


وعلى هذا فلابد إذا من حمل لفظ الغنائم والمغنم في تلك الكتب والعهود على معناهم اللغوي : " الفوز بالشئ بلا مشقة " ، أو معناهما الشرعي : " ما ظفر به من جهة العدى وغيره " .


اضف إلى هذا ما ذكرناه بتفسير الغنيمة في اول البحث من ان الغنيمة أصبحت حقيقة في غنائم الحرب في المجتمع الاسلامي بعد تدوين اللغة لا قبله . ولا يصح مع هذا ، حمل ما ورد

في حديث الرسول على ما تعارف عليه الناس قرابة قرنين بعده ، وأما ما ورد في بعض تلك الكتب والعهود بلفظ " حظ الله وحظ الرسول " ، أو " حق النبي " ، أو " سهم النبي " وما

شابهها ، فان تفسيرها في الآية الكريمة " واعلموا ان ما غنمتم من شئ فان الله خمسه وللرسول . . . " وفي السنة النبوية التي تبين هذه الاية وتشرحها حيث تعينان سهم الله وسهم النبي في " المغنم " وهو الخمس وهو أيضا حقهما وحظهما .


وبعد ما ثبت مما أوردناه في ما سبق ان النبي كان يأخذ الخمس من غنائم الحرب ومن غير غنائم الحرب ، ويطلب ممن اسلم ان يؤدى الخمس من كل ما غنم عدا ما فرض فيهن الصدقة ، بعد هذا نبحث في ما يلي عن مواضع الخمس . 

 

 

 

 

 

- معالم المدرستين - السيد مرتضى العسكري ج 2  ص 119 : -

مواضع الخمس في الكتاب والسنة :


في القرآن الكريم : نصت آية الخمس أن الخمس لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل . فمن هم ذو القربى ؟ ومن هم من ذكروا بعده ؟

 أ - ذو القربى ان شأن ذي القربى ، والقربى ، واولى القربى ، في كلام شأن الوالدين فيه فكما أن " الوالدين " أين ما ورد في الكلام قصد منه والدا المذكورين قبله ظاهرا أو مضمرا

أو مقدرا ، كذلك القربى واولوه وذووه ومثال المذكور منها ظاهرا قبله في القرآن الكريم قوله تعالى : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولى قربى " التوبة / 113 .


فالمراد من " اولى قربى " هنا اولو قربى النبي والمؤمنين المذكورين ظاهرا قبل " اولى القربى " .

ومثال المذكور مضمرا قوله تعالى : " وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى " الانعام / 152 ، والمراد من ذي القربى هنا قربى مرجع الضمير في " قلتم " و " اعدلوا " .


ومثال المذكور مقدرا قوله تعالى : " وإذا حضر القسمة اولوا القربى " النساء / 8 . والمراد قربى الميت المقدر ذكره في ما سبق من الآية ، وكذلك شأن سائر ما ورد فيه ذكر ذي القربى واولي القربى في القرآن الكريم .


وقد جمع الله في الذكر بين الوالدين وذي القربى في مكانين منهما ، قال سبحانه : " وبالوالدين إحسانا وذي القربي " البقرة 83 ، والنساء / 36 .


في الآية الاولى قصد والدا بني اسرائيل وذوو قرباهم والمذكور ظاهرا قبلهما ، وفي الآية الثانية قصد والدا مرجع الضمير وذووه في " واعبدوا " و " ولا تشركوا " وهم المؤمنون من هذه الامة .


وإذا ثبت هذا فنقول : لما قال الله سبحانه في آية الخمس " واعلموا أنما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى . . " فلابد ان يكون المراد من " ذي القربى " هنا ذا قربى الرسول المذكور قبله بلا فاصلة بينهما ، وإن لم يكن هذا فذا قربى من 
 

- ج 2  ص 120 -

قصد الله في هذا المكان ! ؟

وكذلك المقصود من ذي القربى في قوله تعالى " ما أفاء الله على رسوله من اهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى . . . " 1 هم قربى الرسول وهو الاسم الظاهر المذكور قبله .


وكذلك المقصود من القربى في قوله تعالى " قل لا اسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " 2 هم قربى ضمير فاعل " اسألكم " وهو الرسل 3 .

 ب - اليتيم اليتيم هو الذي مات ابوه وهو صغير قبل البلوغ .

 ج - المسكين المسكين هو المحتاج الذي تسكنه الحاجة عما ينهض به الغني .

 د - ابن السبيل ابن السبيل هو المسافر المنقطع به في سفره 4 .

ويدل سياق آية الخمس على أن المقصود يتامى أقرباء الرسول ومساكينهم وأبناء سبيلهم . وأن شأن هذه الالفاظ في الآية ، شأن " ذي القربى " المذكور قبلها .


مواضع الخمس في السنة ولدى المسلمين :

كان يقسم ، - الخمس - على ستة : لله وللرسول سهمان وسهم لاقاربه حتى قبض 5 .

وعن ابى العالية الرياحي : كان رسول الله يؤتى بالغنيمة فيقسمها على خمسة تكون اربعة اخماس لمن شهدها ، ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه فيأخذ منه الذى
 

 

 1 ) سورة الحشر / 7 .
 2 ) سورة الشورى / 23 .
 3 ) قد يرى العلماء من بعدنا في بحثنا هذا عن ذي القربى ونظائرها توضيحا للواضحات التي لا ينبغي صرف الوقت في شرحها ولا يعلمون ما وجدنا في عصرنا وفي أقوال نابتة عصرنا من انحراف بعيد عن فهم مصطلحات الاسلام وعقائده وأحكامه فالجأنا ذلك إلى امثال هذا الشرح والبسط .
 4 ) راجع تفسير آية الخمس بمجمع البيان ومادة " سبل " من مفردات الراغب .
 5 ) تفسير النيشابوري بهامش الطبري ج 10 . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 121 -

قبض كفه فيجعله للكعبة وهو سهم الله ، ثم يقسم ما بقى على خمسة اسهم فيكون سهم للرسول وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل . قال : والذي جعله للكعبة هو سهم الله 1 .


تصرح هاتان الروايتان ان الخمس كان يقسم ستة أسهم وهذا هو الصواب لموافقته لنص آية الخمس .

وما في رواية أبي العالية بان الرسول كان يجعل سهم الله للكعبة ، لعله وقع ذلك مرة واحدة ، وأرى الصواب في ذلك ما رواه عطاء بن أبي رباح قال : " خمس الله وخمس رسوله واحد وكان رسول الله يحمل منه ويعطى منه ويضعه حيث شاء ويضع به ما شاء " 2 .


ومثلها ما رواه ابن جريج قال : " . . . اربعة أخماس لمن حضر البأس والخمس الباقي لله ولرسوله خمسه يضعه حيث شاء وخمس لذوي القربى - الحديث " 3 .


الصواب في رواية أبي العالية وابن جريج ما ورد فيهما أن أمر سهم الله وسهم رسوله من الخمس كان إلى رسول الله يحمل منهما ويعطى منهما ويضعهما حيث شاء ويصنع بهما ما شاء .

اما ما يفهم من الروايتين أن " سهم الله وسهم الرسول واحد " فانه يخالف ظاهر آية الخمس حيث قسم الله فيها الخمس إلى ستة أسهم ، إلا إذا قصدوا أن أمر السهمين واحد ولم يقصدوا أن السهمين سهم واحد .


وكذلك لا يستقيم ما رواه قتادة قال : كان نبي الله إذا غنم غنيمة جعلت اخماسا فكان خمس لله ولرسوله ويقسم المسلمون ما بقى وكان الخمس الذي جعل لله ولرسوله ، لرسوله ولذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل . فكان هذا الخمس
 

 

 1 ) الاموال لابي عبيد ص 325 وص 14 وتفسير الطبري ج 10 / 4
واحكام القرآن للجصاص ج 3 / 60 ، وفي ص 61 منه بايجاز واللفظ للاول . وابو العالية الرياحي هو رفيع بن مهران مات سنة تسعين أو بعدها ، أخرج حديثه اصحاب الصحاح . تهذيب التهذيب 1 / 252 .

 2 ) الاموال لابي عبيد ص 14 . وعطاء ابن ابي رباح واسم ابى رباح اسلم المكي مولى قريش ، أخرج حديثه اصحاب الصحاح مات سنة 114 ه‍ ، تهذيب التهذيب 2 / 22 .

 3 ) تفسير الطبري ج 10 / 5 بسندين . وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي مولى بني امية ، اخرج حديثه اصحاب الصحاح توفي سنة 150 ه‍ أو بعدها . تهذيب التهذيب 1 / 520 . ( * )

 

 

- ج 2  ص 122 -

خمسة اخماس ، خمس لله ولرسوله . الحديث 1 .
 

ويظهر من رواية ابن عباس في تفسير الطبري أن جعل السهمين سهما واحدا كان بعد النبي قال : " جعل سهم الله وسهم الرسول واحدا ، ولذي القربى فجعل هذان السهمان في الخيل والسلاح 2 . "


وروى الطبري - أيضا - عن مجاهد أنه قال : كان آل محمد
( ص ) لا تحل هم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس 3 .

وقال : قد علم الله أن في بني هاشم الفقراء فجعل لهم الخمس مكان الصدقة 4 .

وقال : هؤلاء قرابة رسول الله ( ص ) الذين لا تحل لهم الصدقة 5 .

وقال علي بن الحسين لرجل من أهل الشام : أما قرأت في الانفال : " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ." الآية . قال نعم ، قال فانكم لانتم هم ؟ قال نعم 6
 


كان هذا تفسير لفظ " ذي القربى " الوارد في آية الخمس وغيرها . أما اليتامى والمساكين ، فقد قال النيسابوري في تفسير الآية : روي عن علي بن الحسين ( ع ) أنه قيل له : أن الله تعالى قال : " واليتامى والمساكين " . فقال : ايتامنا ومساكيننا 7 .
 

 

 1 ) تفسير الطبري ج 10 / 4 . وقتادة بن دعامة الدوسي أبو الخطاب البصري أخرج حديثه اصحاب الصحاح مات سنة بضع عشرة ومائة . تهذيب التهذيب 2 / 123 .
 2 ) تفسير الطبري ج 10 / 6 .
 3 و 4 و 5 و 6 ) تفسير الطبري ج 10 / 5 .
 7 ) تفسير النيسابوري بهامش الطبري ، وتفسير الطبري ج 10 / 7 . والمنهال بن عمرو الاسدي - مولاهم - الكوفي من الطبقة الخامسة ، اخرج حديثه اصحاب الصحاح عدا مسلم . تهذيب التهذيب 2 / 278 . وعبد الله بن محمد بن علي بن

ابي طالب توفي في الشام سنة 199 ه‍ ، اخرج حديثه اصحاب الصحاح . تهذيب التهذيب 2 / 448 . والامام علي بن الحسين بن زين العابدين توفي سنة 193 ه‍ ، اخرج حديثه اصحاب الصحاح تهذيب التهذيب 2 / 34 . ( * ) 

 

 

- ج 2  ص 123 -

وروى الطبري عن منهال بن عمر وقال سألت عبد الله بن محمد بن علي ، وعلي بن الحسين عن الخمس فقالا : هو لنا . فقلت لعلي : ان الله يقول : " واليتامى والمساكين وابن السبيل " . فقالا : يتامانا ومساكيننا 1 .


إلى هنا اعتمدنا كتب الحديث والسيرة والتفسير لدى مدرسة الخلفاء في ما أوردناه من أمر الخمس ، وفي ما يلي مواضع الخمس لدى مدرسة اهل البيت .

لمتابعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أدناه
 

 

 1 ) الطبري ج 10 / 7 . ( * ) 

 

 

 

 

 

- معالم المدرستين - السيد مرتضى العسكري ج 2  ص 123 : -

مواضع الخمس لدى مدرسة أهل البيت :


تواترت الروايات عن ائمة أهل البيت أن الخمس يقسم على ستة اسهم : سهم منه لله ، وسهم منه لرسوله ، وسهم لذي القربى ، وسهم ذي القربى في عصر الرسول لاهل البيت خاصة

ومن بعده لهم ، ثم لسائر الائمة الاثني عشر من أهل البيت وأن السهام الثلاثة لله ولرسوله ولذي القربى للعنوان ، وأن سهم الله لرسوله يضعه حيث يشاء وما كان للنبي من سهمه وسهم

الله يكون من بعده للامام القائم مقامه ، فنصف الخمس في هذه العصور كملا لامام العصر ، سهمان له بالوراثة وسهم مقسوم له من الله تعالى وهو سهم ذي القربى ، وأن هذه الاسهم

الثلاثة لامام العصر من حيث امامته ، والاسهم الثلاثة الاخرى سهم لايتام بني هاشم وسهم لمساكينهم وسهم لابناء سبيلهم ، وهؤلاء هم قربة النبي الذين ذكرهم الله في قوله " وانذر

عشيرتك الاقربين " . وهو بنو عبد المطلب ، الذكر منهم والانثى ، وهم غير اهل بيت النبي . وملاك الاستحقاق في الطوائف الثلاث أمران :

 أ - قرابتهم من رسول الله .

 ب - افتقارهم إلى الخمس في مؤنتهم ، خلافا لاصحاب السهام الثلاثة الاول الذين كانوا يستحقونها بالعنوان . ويقسم نصف الخمس على الطوائف الثلاث من بني هاشم على الكفاف

والسعة ما يستغنون به في سنتهم ، فان فضل عنهم شئ فللوالي وأن عجز أو نقص عن استغنائهم فان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به ، وانما صار عليه ان
 

- ج 2  ص 124 -

يمولهم لان له ما فضل عنهم . ويعتبر في الطوائف الثلاث انتسابهم إلى عبد المطلب بالابوة ، فلو انتسبوا بالام خاصة لم يعطوا من الخمس شيئا وتحل لهم الصدقات لان الله يقول " ادعوهم لآبائهم " .


وروي عن الامام الصادق : أن المطلبي يشارك الهاشمي في سهام الخمس ففي الحديث المروي عنه : " لو كان العدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي إلى صدقة ، أن الله عزوجل جعل لهم في

كتابه ما كان فيه سعتهم ، ثم قال : ان الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة ، والصدقة لا تحل لاحد منهم إلا ألا يجد شيئا ويكون ممن حلت له الميتة . وان ما قبضه واحد من افراد الطوائف

الثلاث من باب الخمس وتملكه ، يصبح بعد وفاته كغيره مما تركه ينتقل إلى وارثه ، وكذلك ما كان قد قبضه النبي أو الامام الماضي من الاسهم الثلاثة وتملكه ينتقل بعد وفاته إلى وارثه على حسب ما تقتضيه آية المواريث لا آية الخمس 1 .


رواية واحدة تبين موضع الخمس في عصر الرسول : في سنن أبي داود ومسند أحمد وتفسير الطبري وسنن النسائي وصحيح البخاري واللفظ للاول في باب مواضع قسم الخمس وسهم ذي

القربى من كتاب الخراج عن جبير بن مطعم، قال : لما كان يوم خيبر وضع رسول الله ( ص ) سهم ذي القربي في بني هاشم وبني المطلب ، وترك بنى نوفل وبني عبد شمس فانطلقت انا

وعثمان بن عفان حتى أتينا النبي ( ص ) فقلنا : يا رسول الله ! هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم ، فما بال اخوان بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وقرابتنا

واحدة ، فقال رسول الله ( ص ) : أنا وبني المطلب لا نفترق - وفي رواية النسائي : إن بني المطلب لم يفارقوني - في جاهلية ولا إسلام وإنما نحن وهم شئ واحد وشبك بين أصابعه 2 .
 

 

 1 ) رجعت في هذا البحث إلى مصباح الفقيه للهمداني كتاب الخمس ص 144 - 150 ، واوجزت متون الاحاديث التي استشهد بها واوردته هنا بالاضافة إلى رجوعي إلى الموسوعات الحديثية الاخرى .

 2 ) رواه أبو داود في سننه ج 2 / 50 ، والطبري في تفسيره 10 / 50 ، وأحمد في مسنده 4 / 81 ، ويختلف - >( * ) 

 

 

- ج 2  ص 125 -

وفي رواية اخرى بمسند أحمد ان ذلك كان في غزوة حنين 1 .

وفي رواية ثالثة بسنن أبي داود وسنن النسائي ومسند أحمد لن تعين فيها الغزوة 2 .


وسبب قول عثمان وجبير لرسول الله ما قالا وجوابه اياهما بما مر ، ان عبد مناف ولد بنين أربعة :

 أ - هاشم واسمه عمرو .

 ب - المطلب .

 ج - عبد شمس .

 د - نوفل 3 .

واجمعت بنو هاشم وبنو المطلب على نصرة رسول الله ، وحاربتهم قريش جميعا وكتبت عليهم صحيفة بمقاطعتهم ، فدخلوا جميعا شعب أبي طالب ومكثوا فيه سنى المقاطعة خلافا لبني

عبد شمس وبني نوفل الذين شاركوا قريشا في أمرهم ، وفى ذلك يقول ابن أبي الحديد : وكان مما بطأ ببني نوفل عن الاسلام ابطاء اخوتهم من بني عبد شمس ، فلم يصحب النبي منهم

أحد ، ولا شهد مشاهده الكريمة خلافا لبني المطلب ، فقد حثهم على الاسلام فضل محبتهم لبني هاشم لان امر النبي كان بينا ، وإنما كان يمنع عنه الحسد والبغض ومن لم يكن فيه هذه

العلة ، لم يكن له دون الاسلام مانع وشهد بدرا من بني المطلب بنو الحارث بن المطلب كلهم : عبيدة وطفيل وحصين ، ومسطح بن اثاثة بن عباد بن المطلب ، وقال أبو طالب لمطعم بن عدى بن نوفل في أمر النبي لما تمالات عليه قريش :
 

 

 < - لفظهم مع لفظ البخاري في صحيحه 3 / 36 باب غزوة خبير ، ومع لفظ النسائي في سننه 2 / 178 ، وباب قسمة الخمس من كتاب الجهاد في سنن ابن ماجة ص 961 والواقدي في مغازيه ص 696 ، وفيه ان ذلك كان باشارة جبرئيل ،

وابو عبيد في الاموال ص 331 . وجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وام امه ام حبيب بنت العاص بن امية وكان أبوه احد من قام بنقض صحيفة المقاطعة . اسلم بعد الحديبية أو بعد الفتح . اسد الغابة 1 / 281 .

 1 ) مسند أحمد 4 / 85 .
 2 ) سنن أبي داود 2 / 51 - 52 ، وسنن النسائي 2 / 178 ، ومسند أحمد 4 / 83 .
 3 ) راجع جمهرة نسب ابن حزم ص 14 . ( * )

 

 

- ج 2  ص 126 -

جزى الله عنا عبدشمس ونوفلا * جزاء مسئ عاجلا غير آجل الابيات - انتهى 1 .


ذكر الراوي في هذا الحديث وهو جبير بن مطعم أن الرسول وضع " سهم ذي القربى " في بني هاشم وبني المطلب ، ونحن نرى ان الذي شاهده الراوي في هذا الخبر ، هو أن الرسول دفع إلى هؤلاء من سهام الخمس ولم يدفع منها إلى بني امية وبنى نوفل .


أما تشخيص السهم الذي دفع الرسول منه إلى هؤلاء ، فهذا ما ذكره الراوي من عند نفسه ولم يرو أن الرسول قال ذلك .


ومن الجائز أن الرسول قد أعطى بعض أولئك من سهم الله وسهم رسوله ، فان الرسول كان يضعهما حيث يشاء كما سبق ذكره ، وأنه أعطى بعضهم من سهم المساكين فان الصدقة كانت محرمة على فقرائهم كما يأتي بيانه في ما يلي .
 

 

 1 ) أوردناه باختصار من شرح النهج 3 / 486 ، وعبيدة " عبيد في المتن محرف " وطفيل وحصين امهم سخيلة بنت خزاعي الثقفي اسلم عبيدة قبل دخول النبي دار الارقم ، وكان اسن من النبي بعشر سنين وهاجر مع اخوته وابن عمهم

مسطح إلى المدينة في وقت واحد . وفي ربيع الاول من السنة الاولى للهجرة ، عقد له رسول الله أول لواء عقد وبعثه في ستين راكبا من المهاجرين فالتقوا مع المشركين ورئيسهم أبو سفيان بثنية المرة وبارز عبيدة عتبة الاموي ببدر فاختلفا

ضربتين اثبت كل منهما صاحبه فذفف علي وحمزة على عتبة وحملا عبيدة إلى رسول الله فوضع رأسه على ركبته وتوفي بالصفراء مرجعهم من بدر وعمره ثلاث وستون سنة - اسد الغابة 3 / 356 ، وتوفي الطفيل سنة احدى أو اثنتين وثلاثين

وتوفى أخوه الحصين بعده باربعة اشهر . اسد الغابة 3 / 52 . روى ابن الاثير بترجمة الحصين في أسد الغابة 3 / 24 عن ابن عباس ان قوله تعالى " فمن كان يرجو لقاء ربه " الآية 110 من سورة الكهف نزلت في علي وحمزة وجعفر

وعبيدة والطفيل والحصين بني الحارث ومسطح بن اثاثة بن عباد بن المطلب . ومسطح امه ابنة أبي رهم بن المطلب وام امه رائطة بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر قيل توفي سنة أربع وثلاثين وقيل شهد صفين مع علي وتوفي سنة 37 . اسد الغابة 4 / 354 .