موقع عقائد الشيعة الإمامية >> كتاب إجماعات فقهاء الإمامية >> المجلد السابع

 

 

 

إجماعات فقهاء الإمامية

 

 

المجلد السابع: بحوث فقهاء الإمامية في أصل الإجماع

 

 

المحقق الحلي. معارج الأصول

الباب السادس في الإجماع/ الفصل الأول وفيه مسائل

- معارج الأصول - المحقق الحلي  ص 125:([1])

        المسألة الأولى: الإجماع، وان كان في وضع اللغة مشتركا بين الاتفاق و (الازماع)([2]) فهو في الاصطلاح: اتفاق من يعتبر قوله في الفتاوى الشرعية على أمر من الأمور الدينية، قولا كان أو فعلا، وهو ممكن الوقوع.

        وفى الناس من أحاله، كما يستحيل إجماع أهل الإقليم الواحد على الاشتراك في ملبس واحد ومأكل واحد، وهذا باطل، لما يعلم من الاتفاق على كثير من مسائل الفقه ضرورة.

        ثم الفرق: أن التساوي في المأكل والمشرب مما يتساوى فيه الاحتمال، وليس كذلك المسائل الدينية، لانها يصار إليها عند الأدلة، فجاز الاتفاق عليها.

        ومن الناس من أحال العلم به الا في زمن الصحابة، نظرا إلى كثرة المسلمين وانتشارهم، وكون ذلك لا يعلم الا بالمشافهة لهم أو التواتر عنهم، وهما متعذران فيمن بلغ هذا الحد.

لا يقال: نحن نعلم اتفاق المسلمين على كثير من المسائل، [الصفحة 126] كنبوة محمد صلى الله عليه وآله، والصلوات الخمس، ونعلم غلبة كثير من المذاهب على بعض البلاد.

        لانا نجيب عن الأول: بأنه لا معنى للمسلم الا من قال بهذه الأشياء فكأن القائل: أجمع المسلمون على النبوة، يقول: أجمع من قال بالنبوة على النبوة.

        وأما غلبة بعض المذاهب، فلا نسلم أنا نعلم ذلك في أهل البلد كافة، ولئن سلمنا أن الأكثر منهم قائل به، لكن هذا مما لا يجدي في باب الإجماع.

        المسألة الثانية: عندنا أن زمان التكليف لا يخلو من إمام معصوم حافظ للشرع يجب الرجوع إلى قوله فيه. إذا تقرر هذا فمتى (أجمعت)([3]) الأمة على قول، كان ذلك الإجماع حجة، ولو فرضنا خلو الزمان من ذلك الإمام لم يكن الإجماع حجة. وههنا بحثان:

        الأول: مع وجوده عليه السلام الإجماع حجة للأمن على قوله من الخطأ، و القطع على دخوله في جملة المجمعين، وعلى هذا، فالإجماع كاشف عن قول الإمام، لا أن الإجماع حجة في نفسه من حيث هو إجماع.

        البحث الثاني: لو خلا الإجماع (عن)([4]) المعصوم عليه السلام لم يكن حجة خلافا لساير الطوائف، ما عدا الخوارج، والنظام. لنا: لو كان حجة لعلم ذلك إما بالعقل أو بالنقل، والقسمان باطلان، بما يبطل به معتمد المخالف، وهم طائفتان: طائفة تتمسك بالمعقول، وأخرى بالمنقول.

[الصفحة 127]

        أما المعقول: فقالوا لو لم يكن الإجماع (حجة)([5])، لاستحال إجماعهم عليه، كما يستحيل تواطؤهم على التلفظ بالعبارة الواحدة، والتحلي بالزي الواحد.

        الثاني: أن إجماع الخلق العظيم على الحكم يستدعى دلالة أو أمارة، و كلاهما حجة.

        وجواب الأول: منع الملازمة، وإبداء الفارق بأن صورة الوفاق مما يتساوى فيه الاحتمال وتختلف فيه الدواعي، وليس كذلك الإجماع على الحكم، لانه قد يحصل (عن)([6]) شبهة [ثم] تعم تلك الشبهة.

        وجواب الثاني: منع الحصر، لجواز أن يجمعوا لشبهة. ثم ان الوجهين منقوضان بإجماع اليهود والنصارى، وغيرهم من الفرق الموفين على عدد المسلمين، فإنهم أجمعوا على كثير من الأباطيل. وأما المتمسكون بالمنقول، فاستدلوا بوجوه:

        الأول: قوله تعالى: {مَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ...الآية}([7])، فلو لم يكن كل واحد منهما محظورا لقبح الجمع بينهما، كما يقبح (من شاق الرسول وشرب ماء، عاقبته) ومع ثبوت ذلك يكون اتباع غير سبيل المؤمنين محظورا، فيكون اتباع سبيلهم واجبا.

        الثاني: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}([8])، والوسط: العدل [الصفحة 128] والخيار، بالنقل عن أئمة اللغة وأهل التفسير، والموصوف بالعدالة مجانب (لمواقعة)([9]) الخطيئة، وذلك ينافي الإجماع عليها.

        الثالث: قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر}([10]) أخبر أنهم ينهون عن المنكر، وهو يعم كل منكر، بما عرف في باب العموم، وهو ينافى الإجماع عليه.

        الرابع: قوله صلى الله عليه وآله: “أمتي لا تجتمع على الخطأ”([11])، وصحة نقل الحديث مشهورة، ولو دفع بعينه لكان معناه منقولا بالتواتر لوجود هذا المعنى في أخبار لا تحصى كثرة.

        وجواب الأول: (بمنع)([12]) عموم السبيل، فلعله أراد في ترك (المشاقة)([13]) (الخاصة)([14]). ولو سلمنا عمومه، لزم [ترك] اتباع إجماعهم، لأنهم ان أجمعوا من غير دلالة، لم يجز الاتباع، وان كان لدلالة، لم يجز العمل بما أجمعوا عليه الا بعد الظفر بتلك الدلالة، لانه قد كان من شأنهم لو لا الدلالة لما عملوا به، و لو سلمنا ذلك، لم يكن فيه منافاة لمذهبنا، لان الواقع وجود الإمام المعصوم عليه السلام، وهو أحد المؤمنين، (واتباع)([15]) غير سبيله غير جائز، ونحن نتكلم على تقدير عدمه.

[الصفحة 129]

        وجواب الثاني: منع عموم العدالة في الأشياء كلها، فلعلهم عدول في الشهادة على الناس خاصة. ثم ان أراد بذلك امة النبي صلى الله عليه وآله لم يتحقق الإجماع الا بعد اتفاق كل من كان ويكون من الأمة، وان أراد البعض -وليس في الآية إشعار به- دخل في حيز المجمل، فلعله أراد من ثبتت عصمته من الأئمة^.

        وجواب الثالث: ان (المنكر) اسم مفرد معرف باللام، وقد بينا أنه لا يقتضى العموم، وإذا كان كذلك، جاز أن يراد به النهى عن الكفر، ومع قيام (الاحتمال)([16]) يبطل التعلق بالآية.

        لا يقال: هذا حاصل في سائر الأمم، فلا يكون فيه مزية، وظاهر الآية إثبات المزية. لانا نقول: المزية حاصلة، وهي مبالغتهم في النهي عن الكفر، كما [لو] صرح بهذا المعنى لم تبطل المزية.

        وجواب الحديث: منع أصله، ولو سلمنا تواتره، لقلنا بموجبة من حيث أن أمته عليه السلام لا تخلو (عن)([17]) المعصوم، فيكون قولها حجة لدخول قوله في الجملة. فرعان:

        الأول: جاحد (الحكم)([18]) المجمع عليه كافر، لانه يجحد ما يعلم (حقيقة)([19]) من الشرع.

[الصفحة 130]

        الفرع الثاني: الإجماع لا يصدر عن مستند ظني، لان معتمد المعصوم عليه السلام الدليل القطعي، لا الحجة الظنية. نعم يجوز أن تكون أقوال باقي الامامية مستندة إلى الظن، كخبر الواحد منضما إلى قوله الصادر عن الدلالة.

        المسألة الثالثة: لا يجوز أن ينعقد إجماع على مسألة، ثم ينعقد بعده إجماع على خلافها، وإلا لكان قول المعصوم خطأ.

        لا يقال: ربما كان قوله الأول تقية. لانا نقول: الإجماع لا يتقرر ما لم يعلم الاتفاق قصدا.

        المسألة الرابعة: كل ما انعقد الإجماع عليه فهو حق، سواء كان من العقائد الدينية، أو الفروع الشرعية، أو غير ذلك، لكن كل ما يتوقف العلم بوجوب وجود الإمام المعصوم عليه السلام عليه، لم يصح الاستدلال عليه بالإجماع، وإلا لدار، وكل مالا يكون كذلك، جاز الاستدلال عليه بالإجماع.

الفصل الثاني في المجمعين وفيه مسائل

- معارج الأصول- المحقق الحلي  ص130، 132 :

        المسألة الأولى: قال القاضي أبو بكر: يعتبر في الإجماع عوام الأمة، نظرا إلى لفظ الخبر. وقال الأكثرون: المعتبر بقول العلماء وأهل الاجتهاد خاصة. وقال أهل الظاهر: المعتبر بإجماع الصحابة خاصة. والذي يجئ على مذهبنا اعتبار من يعلم دخول المعصوم فيهم. فعلى هذا، ولو أجمع العلماء أو الفقهاء أو أهل البيت لكفى ذلك في كونه حجة، لما قررناه.

فائدة

[الصفحة 131]

        اعتبر قوم بلوغ المجمعين حد التواتر. وعلى ما اخترناه، المعتبر من يعلم دخول المعصوم في جملتهم.

        المسألة الثانية: إجماع أهل كل عصر حجة خلافا لأهل الظاهر لنا: أن زمان التكليف لا يخلو من إمام معصوم، ومتى كان كذلك فلابد من دخوله في المجمعين، ومع دخوله يكون الإجماع حجة. ولغيرنا: الظواهر الدالة على كون الإجماع حجة من غير تقييد.

        المسألة الثالثة: إذا اتفقت الأمة على قولين، فان كان الثالث مما يلزم منه الخروج (عن)([20]) الإجماع كان باطلا بالاتفاق، وان لم يكن كذلك لم يجز إحداث الثالث عند قوم، لان الثالث ان كان باطلا لم يجز العمل به، وان كان حقا لزم خلو الأمة عنه، وهو باطل. وعلى ما أصلنا [ه] فالإمام في إحدى الطائفتين فتكون محقة والخارج عن الحق باطل.

        المسألة الرابعة: إذا لم تفصل الأمة بين مسألتين: فان نصت على المنع من الفصل فلا كلام، وان عدم النص: فان كان بين المسألتين علقة، بحيث يلزم من العمل بأحدهما العمل بالأخرى، لم يجز الفصل، كما في زوج وأبوين، وزوجة وأبوين، فمن قال للام ثلث أصل التركة، قال في الموضعين، ومن قال ثلث الباقي. قال في الموضعين، الا ابن سيرين. وان لم يكن بينهما علقة، قال قوم: (يجوز)([21]) الفصل بينهما.

[الصفحة 132]

        وعلى ما ذهبنا إليه، لم يجز، لان الإمام عليه السلام مع إحدى الطائفتين قطعا، ويلزم من ذلك وجوب متابعته في (الجميع)([22]).

        المسألة الخامسة: لا يجوز انقسام المجمعين إلى فرقتين تجمع كل واحدة منهما بين حق وباطل، لان الإمام مع إحداهما، وهو يمنع من (اتفاقها)([23]) على الخطأ.

الفصل الثالث في كيفية العلم بالإجماع وفيه مسائل

- معارج الأصول- المحقق الحلي  ص 132، 134 :

        المسألة الأولى: قد عرفت أن الإجماع إنما كان حجة لدخول الإمام عليه السلام فيه، فالمعتبر حينئذ (قوله)([24]) فعلى هذا، يعلم قول المعصوم عليه السلام بعينه بأمرين: أحدهما: السماع منه مع المعرفة [به]. [و] الثاني النقل المتواتر. فان فقد الأمران، وأجمعت الامامية على أمر من الأمور على وجه يعلم أنه لا عالم من الامامية الا وهو قائل به، فانه يعلم دخول المعصوم عليه السلام فيه، لقيام الدليل القاطع على حقية مذهبهم، وإلا من على المعصوم من ارتكاب الباطل.

        إذا تقرر هذا، فان علم أن لا مخالف ثبت الإجماع قطعا، وان علم المخالف وتعين باسمه ونسبه كان الحق في خلافه، وان جهل نسبه، قدح ذلك في [الصفحة 133] الإجماع، لجواز أن يكون هذا المعصوم عليه السلام وان لم يعلم مخالف وجوزنا وجوده لم يكن ذلك إجماعا، لإمكان وقوع الجائز، وكون ذلك هو الإمام عليه السلام.

        المسألة الثانية: إذا اختلفت الامامية على قولين: فان كانت إحدى الطائفتين معلومة النسب، ولم يكن الإمام أحدهم، كان الحق في الطائفة الأخرى، وان لم تكن معلومة النسب: فان كان مع إحدى الطائفتين دلالة قطعية توجب العلم وجب العمل على قولها، لان الإمام معها قطعا وان لم يكن مع إحداهما دليل قاطع: قال الشيخ ره: تخيرنا في العمل بأيهما شئنا، وقال بعض أصحابنا: طرحنا القولين، والتمسنا دليلا من غيرهما، وضعف الشيخ ره هذا القول بأنه يلزم منه إطراح قول الإمام.

        قلت: وبمثل هذا يبطل ما ذكره ره، لان الامامية إذا اختلفت على قولين، فكل طائفة توجب العمل بقولها، وتمنع من العمل بالقول الآخر، فلو تخيرنا لاستبحنا ما حظره المعصوم عليه السلام.

        تفريع: إذا (اختلفت)([25]) الامامية على قولين، فهل يجوز اتفاقها بعد ذلك على أحد القولين؟ قال الشيخ ره: ان قلنا بالتخيير لم يصح اتفاقهم بعد الخلاف لان ذلك يدل على أن القول الآخر باطل، وقد قلنا أنهم مخيرون. ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يكون التخيير مشروطا بعدم الاتفاق فيما بعد؟ وعلى هذا الاحتمال، يصح الإجماع بعد الاختلاف.

        المسألة الثالثة: الإجماع يقع على ضروب: [الصفحة 134] منها: أن يجمع أهل الإجماع على المسالة بالقول الصريح.

        الثاني: أن يجمعوا عليها فعلا.

        الثالث: أن يقول بعض، ويقرره الباقون. ولابد في هذه الوجوه من ارتفاع التقية.

        الرابع: أن يعلم رضاهم بالمسألة.

        لا يقال: كيف يعلم اتفاق الامامية كلهم على ذلك، مع كثرتهم وانتشارهم في البلاد. لانا نقول: كما يعلم اتفاق المسلمين على كثير من المسائل، كإيجاب غسلة واحدة في الوضوء، (وأنه)([26]) لا قائل بوجوب الثانية والثالثة، وكما يعلم أنه إذا اجتمع أخ وجد، فانه لا قائل بأن الأخ يحوز المال دون الجد، وغير ذلك من المسائل.

 

 

المحقق الحلي. المعتبر

مسند الأحكام خمسة الكتاب والسنة والإجماع ودليل العقل والاستصحاب

-  المعتبر - المحقق الحلي ج 1   ص 28:

        (في مسند الاحكام)، وهي عندنا خمسة: الكتاب، والسنة، والإجماع، ودليل العقل، والاستصحاب.

ما أجمع على العمل به حجة وما أجمع الأصحاب على إطراحه فلا حجة فيه

-  المعتبر - المحقق الحلي ج 1   ص 29:

        ثم السنة أما متواترة، وهي ما حصل معها العلم القطعي باستحالة التواطؤ وخبر واحد: وهو ما لم يبلغ ذلك، مسندا كان وهو ما اتصل المخبرون به إلى المخبر، أو مرسلا، وهو ما لم يتصل سنده.

فالمتواتر حجة لإفادته اليقين، وكذا ما أجمع على العمل به، وما أجمع الأصحاب على إطراحه فلا حجة فيه.

الإجماع حجة بانضمام المعصوم فلو خلا المائة من فقهائنا عن قوله لما كان حجة ولو حصل في اثنين لكان قولهما حجة لا باعتبار اتفاقهما بل باعتبار قوله عليه السلام

-  المعتبر - المحقق الحلي ج 1   ص 31:

        وأما الإجماع: فعندنا هو حجة بانضمام (المعصوم) فلو خلا المائة من فقهائنا عن قوله لما كان حجة، ولو حصل في اثنين لكان قولهما حجة لا باعتبار اتفاقهما بل باعتبار قوله عليه السلام: فلا تغتر إذا بمن يتحكم فيدعى الإجماع باتفاق الخمسة والعشرة من الأصحاب مع جهالة قول الباقين الا مع العلم القطعي بدخول الإمام في الجملة.

صور الإجماع

        ولنفرض صورا ثلاثة: إحداها: أن يفتى جماعة ثم لا يعلم من الباقين مخالفا فالوجه أنه ليس حجة لانا كما لا نعلم مخالفا لا نعلم أن لا مخالف، ومع الجواز لا يتحقق دخول (المعصوم) في المفتين.

        الثانية: أن يختلف الأصحاب على قولين، ففي جواز إحداث قول ثالث تردد، لصحة انه لا يجوز بشرط أن يعلم أن لا قائل منهم الا بأحدهما.

        الثالثة: أن يفترقوا فرقتين ويعلم ان الإمام ليس في إحداهما ويجهل الأخرى، فتعين الحق مع المجهولة، وهذه الفروض تعقل لكن قل ان تتفق.

الإجماع لا يصادمه الرواية

-  المعتبر - المحقق الحلي ج 1   ص 407:

        لأن الإجماع على أن الحدث عمدا، يبطل الصلاة فيخرج من إطلاق الرواية، ويتعين حمله على غير صورة العمد، لان الإجماع لا يصادمه الرواية...

 

 

المحقق الحلي. الرسائل التسع

بحث في الإجماع

- الرسائل التسع- المحقق الحلي ص 134-135:

        من أقرض غيره مالا ليبتاع منه شيئا بأكثر من ثمنه لا على وجه التبرع من المقترض، بل على وجه لو قيل للمقرض: لم أقرضت؟ قال: لاكتسب بسبب القرض، وبحيث لو لم يحابه المقترض لما أقرضه، هل يجوز ذلك؟ فيه تردد.

        ولنذكر ما يحتج به لكل واحد من الوجهين. أما الإباحة فيمكن أن يحتج لها بوجوه؛ الأول: العقد المذكور بيع، فيجب أن يكون حلالا لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} واللفظ عام إذ لا معهود هناك.

        الثاني: وجد في كتب جماعة من الأصحاب ما صورته: ولا بأس أن يبتاع الإنسان من غيره متاعا أو حيوانا أو غير ذلك بالنقد والنسيئة ويشترط أن يسلفه البائع شيئا في بيع أو يقرضه شيئا معلوما إلى أجل أو يستقرض منه.

        وتوارد على هذا اللفظ أو معناه الشيخ المفيد والسيد المرتضى وأبو جعفر الطوسي وكثير ممن تابعهم رحمهم الله، فيجب أن يكون حجة، إما لأنه إجماع، أو لانه قول مشهور لم يوجد له مخالف...

- الرسائل التسع- المحقق الحلي ص 144، 145:

        وأما الاستدلال بما يوجد في كتب الأصحاب، فالجواب عنه من وجوه؛ الأول: إما أن يدعي أن إجماع الخمسة أو الستة من الامامية حجة، وإما أن يدعي أن إجماع العدة المذكورة دليل على دخول من قوله حجة فيه.

        وكيف ما قال طالبناه بالدليل. بل الذي نقوله نحن أن فتوى الألف ليس حجة ما لم يعلم دخول المعصوم فيه، فكان عليه بيان ذلك.

        فإن قال: الجماعة من المتقدمين يستدلون بالإجماع، ولا يذكرون ما شرطته.

        قلنا: إنما يستدلون بما علموا دخول المعصوم فيه، أو ما يدعون دخوله فيه، إما لعلم أو شبهة، و يصرحون بأن كل ما لا يعلم دخول المعصوم فيه فليس إجماعا.

        ولو قال: لو لم يكتف في الإجماع بفتوى الأصحاب لما وجد الإجماع. قلنا: إن أردت بالأصحاب الكل أو من يعلم دخول المعصوم في جملتهم فحق، وإن أردت الاقتصار على فتوى الخمسة والعشرة طالبناك بالدلالة.

        ولو قال: اتفاق الجماعة وعدم المخالف دليل على دخول المعصوم، منعنا هذه الدعوى حتى يقيم برهانها. ثم نقول: التعداد دليل على انحصار المعدودين، وكل واحد منهم ليس معصوما فلا يكون قولهم حجة.

        الوجه الثاني: لو سلمنا الاتفاق على اللفظ المشار إليه، لما كان إجماعا على صورة النزاع. فإن قال: اللفظ بإطلاقه يتناول موضع النزاع. قلنا: المذهب لا يصار إليه من إطلاق اللفظ ما لم يكن معلوما من القصد، لان الإجماع مأخوذ من قولهم: أجمع على كذا إذا عزم عليه، فلا يدخل في الإجماع على الحكم إلا من علم منه القصد إليه، كما أنا لا نعلم مذهب غيرنا من الفقهاء الذين لم ينقل مذاهبهم لدلالة عموم القرآن وإن كانوا تالين له...


 

([1]) النسخة المعتمدة: نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام، الطبعة الأولى 1403. جميع هوامش هذا الكتاب نقلا عن المصدر.

([2]) في نسخة: الاعزام.

([3]) في بعض النسخ: اجتمعت.

([4]) في بعض النسخ:  (من).

([5]) في بعض النسخ:  حقا.

([6]) في نسخة: عند.

([7]) النساء: 115.

([8]) البقرة: 143.

([9]) في نسخة: لموافقته.

([10]) آل عمران: 110.

([11]) في بعض النسخ:  على خطأ.

([12]) في بعض النسخ:  نمنع.

([13]) في نسخة:  المشاققة.

([14]) في نسخة:  خاصة.

([15]) في نسخة:  فاتباع.

([16]) في بعض النسخ:  الإجمال.

([17]) في نسخة:  من.

([18]) في نسخة:  الحديث.

([19]) في نسخة: حقيته، وفي أخرى: حقيقته.

([20]) في نسخة: على.

([21]) في نسخة:  بجواز.

([22]) في نسخة:  الجمع.

([23]) في نسخة:  اتفاقهما.

([24]) في نسخة:  دخوله.

([25]) في نسخة:  اختلف.

([26]) في نسخة:  وأن.