موقع عقائد الشيعة الإمامية >> كتاب إجماعات فقهاء الإمامية >> المجلد السابع

 

 

 

إجماعات فقهاء الإمامية

 

 

المجلد السابع: بحوث فقهاء الإمامية في أصل الإجماع

 

 

 

العلامة الحلي. مبادئ الوصول

الفصل الثامن في الإجماع/ البحث الأول: في إجماع أمة محمد

- مبادئ الوصول- العلامة الحلي  ص 190: ([1])

        إجماع امة محمد صلى الله عليه وآله حق. أما على قولنا فظاهر، لانا نوجب المعصوم في كل زمان، وهو سيد الأمة، فالحجة في قوله. وأما المخالف، فلقوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [4/116]، والتوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين يقتضي وجوب إتباع سبيلهم. ولقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا...} [2/144]، والوسط العدل([2]). ولقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ...} [3/111]، وهو يقتضي أمرهم بكل معروف، ونهيهم عن كل منكر. ولقوله عليه السلام: “لا تجتمع أمتي على الضلالة”([3]).

البحث الثاني: في إحداث قول ثالث

[الصفحة 191]

        لا يجوز إحداث قوله ثالث، إن لزم منه إبطال ما أجمعوا عليه. كالجد، قيل: له المال، وقيل: يقاسمه الأخ، فحرمانه باطل. وإن لم يستلزم بطلان الإجماع، جاز لعدم المانع([4]).

[الصفحة 192]

        ولو لم تفصل الأمة بين المسألتين([5]).

        فإن نصوا على عدمه، امتنع الفصل، وكذا إن علم إتحاد طريقة الحكم في المسألتين، كالعمة والخالة، علة إرثهما كونهما من ذوي الأرحام، فمن ورث إحداهما ورث الأخرى ومن منع إحداهما منع الأخرى([6]). وإن لم يكن كذلك جاز([7]).

البحث الثالث: فيما وما لا ينعقد الإجماع به

[الصفحة 193]

        يجوز الاتفاق بعد الخلاف([8]).

        وإذا أجمع أهل العصر الثاني، على أحد قولي العصر الأول([9])، انعقد الإجماع. ولو أجمع أهل العصر على حكم، بعد اختلافهم على قولين، انعقد أيضا. وانقراض العصر غير معتبر، لتناول أدلة الإجماع، مع عدم الانقراض([10]).

[الصفحة 194]

        ولو قال بعض أهل العصر قولا، وسكت الحاضرون، فالحق أنه ليس بإجماع، لاحتمال السكوت غير الرضا([11]).

        ولو قال بعض الصحابة قولا، ولم يوجد له مخالف، لم يكن إجماعا([12]). وإجماع أهل المدينة ليس بحجة، خلافا لمالك، لأنهم بعض المؤمنين([13]). [الصفحة 195] أما إجماع العترة فإنه حجة، لقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [33/34]. ولقوله عليه السلام: “إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي”([14]).

البحث الرابع: في شرط الإجماع

        لا يجوز الإجماع إلا عن دليل([15])، وإلا لزم الخطأ على كل الأمة. وهل يعتبر قول العوام في الإجماع؟ الحق!! عدمه، لان قول العامي لا لدليل، فيكون خطأ.

[الصفحة 196]

        فلو كان قول العالم خطأ، لزم إجماع الأمة على الخطأ. ولا عبرة: بقول الفقيه في مسائل الكلام، ولا بالمتكلم في مسائل الفقه، ولا بقول الحافظ للمسائل والأحكام إذا لم يكن متمكنا من الاجتهاد، لأنهم كالعوام، فيما لا يتمكنون من الاجتهاد فيه.

        ويعتبر قول الأصولي في الاحكام، إذا كان متمكنا من الاجتهاد فيها، وإن لم يكن حافظا لها. وإجماع غير الصحابة حجة، لتناول الأدلة له([16]). ولا يجوز وقوع الخطأ من أحد شطري الأمة في مسألة، ومن الشطر الآخر في أخرى، لاستلزامه بخطيئة كل الأمة([17]).


 

([1]) النسخة المعتمدة: نشر مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الثالثة 1404، تحقيق عبد الحسين محمد علي البقال.  جميع هوامش هذا الكتاب نقلا عن المصدر.

([2]) كما في مجمع البيان: 1 / 224، وتفسير القمي: 1 / 63، والصافي: 1 / 147، والتبيان: 2 / 6.

([3]) رواه: أحمد في مسنده، والطبراني في الكبير، وابن أبي خيثمة في تأريخه " المقاصد الحسنة للسخاوي: 1 / 460 ".

([4]) إذا اختلف أهل العصر على قولين، ثم أحدث من بعدهم قول ثالث، منعه الأكثرون. كوطئ البكر، ثم يجد عيبا، قيل بمنع الرد، وقيل: ترد مع الارش، فالقول بالرد مجانا قول ثالث. وكالجد مع الأخ، قيل: يرث المال كله، وقيل: بالمقاسمة، فالقول بالحرمان قول ثالث. وكالأم مع زوج وأب أو زوجة وأب، قيل: ثلث الأصل، وقيل: ثلث ما بقي، فالفرق قول ثالث. وكالنية في الطهارات، قيل: تعتبر في الجميع، وقيل: في البعض فالتعميم بالنفي قول ثالث. وكالفسخ بالعيوب الخمسة، قيل: يفسخ بها، وقيل: لا، فالفرق قول ثالث. ومنهم من فصل!! وهو الصحيح، فقال: إن كان الثالث يرفع ما اتفقا فممنوع، كالبكر فإن الاتفاق على أنها لا ترد مجانا، وكالجد فإن الاتفاق على أنه يرث، وكالنية في الطهارات. وإن كان لا يرفع، بل وافق كل واحد من وجه وخالف من وجه فجائز، إذ لا مخالفة لإجماع، كفسخ النكاح ببعض العيوب الخمسة دون بعض، فإنه موافق في كل صورة مذهبا. "منتهى الوصول: ص 44 ".

([5]) بل جمعوا بينهما في حكم من الاحكام الخمسة، فهل لمن بعدهم أن يفصلوا بينهما؟ ويخصوا إحداهما بحكم والاخرى بحكم آخر أم لا؟ والحق!! التفصيل. " غاية البادي: ص 145".

([6]) إذا لم يفصلوا بين مسألتين، فهل لمن بعدهم الفصل؟ والحق إن نصوا بعدم الفرق، أو اتحد الجامع، كتوريث العمة والخالة، لم يجز، لانه رفع مجمع عليه، وإلا جاز. " منهاج الوصول: ص 52".

([7]) أي إن لم يعلم اتحاد طريقه. "هامش المصورة: ص 37".

([8]) خلافا للصيرفي، كما في منهاج الوصول: ص 52.

([9]) وقد وقع، كاختلاف الصحابة في بيع أمهات الأولاد، ثم اتفق من بعدهم على المنع. " منتهى الوصول: ص 45 ".

([10]) اعلم!! أنه لا يشترط انقراض العصر في انعقاد الإجماع، أي إذا أتفق أهل العصر على حكم، كان حجة وإن لم ينقرضوا، خلافا لأحمد بن حنبل وابن فورك. لنا: إن أدلة الإجماع تتناولهم وإن لم ينقرضوا، لدخول المعصوم فيهم، ولأنهم المؤمنين. وأيضا: لو اشترط انقراض العصر لم ينعقد إجماع أصلا، واللازم باطل فالملزوم مثله. " غاية البادي: ص 149 ".

([11]) احتج المصنف على أنه ليس بإجماع ولا حجة، بأن السكوت كما يحتمل الرضا والموافقة، يحتمل وجوها آخر، ومع الاحتمال لم يكن الجزم، بل ولا الظن. وتلك الوجوه: أن يكون الساكت قد وقر القايل أو هابه، كما روي أن ابن عباس وافق عمر في مسألة العول، وأظهر الخلاف بعده، وقال: هبته وكان مهيبا. أو أنه لم يجتهد فيه فلم يجز له الإنكار، أو أنه اجتهد لكنه لم يصل إلى الحكم فتوقف، أو أنه اجتهد ووصل إلى حكم لكنه ينتظر الفرصة، أو أنه رأى أن كل مجتهد مصيب، أو أنه يعلم أن غيره أنكر عليه وكفاه المؤنة. " غاية البادي: 150 - 151 متنا وهامشا".

([12]) لان ذلك: إما أن يكون مما تعم به البلوى أو لا. فالأول: لابد أن يكون للباقين فيه قول، إما مخالف أو موافق، وإن لم يظهر فجرى ذلك مجرى السكوت، وقد تقدم ذلك. والثاني: يحتمل أن لا يكون للباقين فيه قول، وحينئذ لم يكن إجماعا. " غاية البادي: ص 151".

([13]) قال مالك رضي الله عنه: اجتماع أهل المدينة حجة، لقوله عليه الصلاة والسلام: " إن المدينة لتنفي خبثها "، وهو ضعيف. " منهاج الوصول: ص 51 ".

([14]) حديث الثقلين: 1 / 5، وما بعدها. وللتوسع!! يراجع " الأصول العامة للفقه المقارن " للحجة محمد تقي الحكيم: ص 145 - 189، بحث: "سنة أهل البيت".

([15]) وقال قوم: يجوز أن يكون بغير سند. لنا: أن القول في الدين، من غير دليل ولا إمارة، خطأ، ولا تجمع الامة على خطأ. وأيضا: فإنه يستحيل وقوع ذلك عادة. " منتهى الوصول: ص 43".

([16]) خلافا لأهل الظاهر. لنا: ان أدلة الإجماع تتناولهم، إما عندنا فلوجود المعصوم فيهم، وأما عند الجمهور فلان سبيلهم سبيل المؤمنين فوجب اتباعه. " غاية البادي: ص 163 ".

([17]) لا يجوز انقسام المجمعين إلى فرقتين، تجمع كل واحدة منهما بين حق وباطل، لان الإمام مع أحدهما، وهو يمنع من اتفاقهما على الخطأ. " المعارج: ص 7".