موقع عقائد الشيعة الإمامية

 

صلح الحسن عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام

 

 أبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وامه سيدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول اللّه. صلى اللّه عليه وعليهم.
 ولا أقصر من هذا النسب في التاريخ ، ولا أشرف منه في دنيا الانساب.
 مولده :
 ولد في المدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث للهجرة.
 وهو بكر أبويه.
 وأخذه النبي صلى اللّه عليه وآله فور ولادته. فأذن في اذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ثم عق عنه. وحلق رأسه. وتصدق بزنة شعره فضةً فكان وزنه درهماً وشيئاً. وأمر فطُلي رأسه طيباً ، وسُنَّت بذلك العقيقة والتصدّق بوزن الشعر.
 وسماه « حسناً ». ولم يعرف هذا الاسم في الجاهلية.
 وكنّاه « أبا محمد ». ولا كنية له غيرها.
 القابه :
 السبط. السيد. الزكيّ. المجتبى. التقيّ.
 زوجاته :
 تزوج « ام اسحق » بنت طلحة بن عبيد اللّه. و « حفصة » بنت عبد الرحمن بن ابي بكر. و « هند » بنت سهيل بن عمرو. و « جعدة » بنت الاشعث بن قيس ، وهي التي اغراها معاوية بقتله فقتلته بالسم.
 ولا نعهد انه اختص من الزوجات ـ على التعاقب ـ باكثر من ثمان أو عشر .. على اختلاف الروايتين .. بما فيهن امهات اولاده.
 ونسب الناس اليه زوجات كثيرات ، صعدوا في أعدادهن ما شاؤوا .. وخفي عليهم ان زواجه الكثير الذي أشاروا اليه بهذه الاعداد ، واشار اليه آخرون بالغمز والانتقاد ، لا يعني الزواج الذي يختص به الرجل لمشاركة حياته ، وانما كانت حوادث استدعتها ظروف شرعية محضة. من شأنها ان يكثر فيها الزواج والطلاق معاً ، وذلك هو دليل سمتها الخاصة.
 ولا غضاضة في كثرة زواج تقتضيه المناسبات الشرعية ، بل هو ـ بالنظر الى ظروف هذه المناسبات ـ دليل قوة الامام في عقيدة الناس ـ كما اشير اليه ـ. ولكن المتسرعين الى النقد ، جهلوا الحقيقة وجهلوا انهم جاهلون. ولو فطنوا الى جواب الامام الحسن عليه السلام لعبد اللّه بن عامر بن كريز ، وقد بنى بزوجته ، لكانوا غيرهم اذ ينتقدون.
 اولاده :
 كان له خمسة عشر ولداً بين ذكر وانثى ، هم زيد والحسن وعمرو والقاسم وعبد اللّه وعبد الرحمن والحسن الاثرم وطلحة ، وام الحسن وام الحسين وفاطمة وام سلمة ورقية وام عبد اللّه وفاطمة.
 وجاء عقبه من ولديه الحسن وزيد ، ولا يصح الانتساب اليه من غيرهما.
 أوصافه :
 « لم يكن أحد اشبه برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من الحسن بن علي عليه السلام خلقاً وخلقاً وهيأة وهدياً وسؤدداً».
 بهذا وصفه واصفوه. وقالوا :
 كان ابيض اللون مشرباً بحمرة ، أدعج العينين ، سهل الخدين ، كث اللحية ، جعد الشعر ذا وفرة ، كأن عنقه ابريق فضة ، حسن البدن ، بعيد ما بين المنكبين ، عظيم الكراديس ، دقيق المسربة ، ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير ، مليحاً من أحسن الناس وجهاً.

 او كما قال الشاعر :

مادب في فطن الاوهام من حسنٍ كأنَّ جبهته من تحت طرّته قد جلّ عن طيب اهل الارض عنبره الا وكان له الحظ الخصوصيُّ بدر يتوّجه الليل البهيميُّ ومسكه فهو الطيب السماويُّ
 وقال ابن سعد : «كان الحسن والحسين يخضبان بالسواد».
 وقال واصل بن عطاء : «كان الحسن بن علي عليهما السلام عليه سيماء الانبياء وبهاء الملوك».
 عبادته :
 حج خمساً وعشرين حجة ماشياً ، والنجائب لتقاد معه ، واذا ذكر الموت بكى ، واذا ذكر القبر بكى ، واذا ذكر البعث بكى ، واذا ذكر الممر على الصراط بكى ، واذا ذكر العرض على اللّه تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها ، واذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، وسأل اللّه الجنة وتعوذ باللّه من النار.
 وكان اذا توضأ ، او اذا صلى ارتعدت فرائصه واصفر لونه.
 وقاسم اللّه تعالى ماله ثلاث مرات. وخرج من ماله لله تعالى مرتين. ثم هو لا يمر في شيء من احواله الا ذكر اللّه عز وجل.
 قالوا : «وكان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم بالدنيا».
 اخلاقه :
 كان في شمائله آية الانسانية الفضلى ، ما رآه أحد الا هابه ، ولا خالطه انسان الا أحبه ، ولا سمعه صديق أو عدو وهو يتحدث أو يخطب فهان عليه ان ينهي حديثه أو يسكت.
 قال ابن الزبير فيما رواه ابن كثير ( ج 8 ص 37 ) : «واللّه ما قامت النساء عن مثل الحسن بن علي».
 وقال محمد بن اسحق : « ما بلغ احد من الشرف بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ما بلغ الحسن بن علي. كان يبسط له على باب داره فاذا خرج وجلس انقطع الطريق ، فما يمر أحد من خلق اللّه اجلالاً له ، فاذا علم قام ودخل بيته فيمر الناس ».
 ونزل عن راحلته في طريق مكة فمشى ، فما من خلق اللّه احد الا نزل ومشى حتى سعد بن ابي وقاص ، فقد نزل ومشى الى جنبه.
 وقال مدرك بن زياد لابن عباس ، وقد امسك للحسن والحسين بالركاب وسوى عليهما ثيابهما : «انت أسن منهما تمسك لهما بالركاب؟». فقال : «يا لكع! وما تدري من هذان ، هذان ابنا رسول اللّه ، أوَليس مما أنعم اللّه علي به ان امسك لهما واسوي عليهما!»
 وكان من تواضعه على عظيم مكانته انه مر بفقراء وضعوا كسيرات على الارض ، وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها ، فقالوا له : «هلم يا ابن رسول اللّه الى الغداء!» فنزل وقال : «ان اللّه لا يحب المتكبرين». وجعل يأكل معهم. ثم دعاهم الى ضيافته فأطعمهم وكساهم.
 وكان من كرمه انه اتاه رجل في حاجة ، فقال له : «اكتب حاجتك في رقعة وارفعها الينا». قال : فرفعها اليه فأضعفها له ، فقال له بعض جلسائه : «ما كان أعظم بركة الرقعة عليه يا ابن رسول اللّه!». فقال : «بركتها علينا أعظم ، حين جعلنا للمعروف اهلاً. أما علمت ان المعروف ما كان ابتداء من غير مسألة ، فاما من أعطيته بعد مسألة ، فانما اعطيته بما بذل لك من وجهه. وعسى ان يكون بات ليلته متململاً أرقاً ، يميل بين اليأس والرجاء ، لا يعلم بما يرجع من حاجته أبكآبة الرد ، ام بسرور النجح ، فيأتيك وفرائصه ترعد وقلبه خائف يخفق ، فان قضيت له حاجته فيما بذل من وجهه ، فان ذلك أعظم مما نال من معروفك ».
 وأعطى شاعراً فقال له رجل من جلسائه : «سبحان اللّه اتعطي شاعراً يعصي الرحمن ويقول البهتان!». فقال : «يا عبد اللّه ان خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك ، وان من ابتغاء الخير اتقاء الشر».
 وسأله رجل فأعطاه خمسين الف درهم وخمسمائة دينار وقال له : «ائت بحمال يحمل لك». فأتى بحمال ، فأعطاه طيلسانه ، وقال : «هذا كرى الحمال».
 وجاءه بعض الاعراب. فقال : «اعطوه ما في الخزانة!». فوجد فيها عشرون الف درهم. فدفعت اليه ، فقال الاعرابي : «يا مولاي ، ألا تركتني أبوح بحاجتي ، وانشر مدحتي؟». فأنشأ الحسن يقول :
نحن اناس نوالنا خضل تجود قبل السؤال أنفسنا يرتع فيه الرجاء والامل خوفاً على ماء وجه من يسل

 وروى المدائني قال : «خرج الحسن والحسين وعبد اللّه بن جعفر حجاجاً ففاتتهم اثقالهم ، فجاعوا وعطشوا ، فرأوا عجوزاً في خباء فاستسقوها فقالت : هذه الشويهة احلبوها ، وامتذقوا لبنها ، ففعلوا. واستطعموها ، فقالت : ليس الا هذه الشاة فليذبحها أحدكم. فذبحها احدهم ، وكشطها. ثم شوت لهم من لحمها فأكلوا. وقالوا عندها ، فلما نهضوا ، قالوا : نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه ، فاذا عدنا فألمي بنا ، فانا صانعون بك خيراً. ثم رحلوا فلما جاء زوجها ، أخبرته فقال : ويحك تذبحين شاتي لقوم لا تعرفينهم ، ثم تقولين : نفر من قريش. ثم مضت الايام ، فأضرت بها الحال ، فرحلت حتى اجتازت بالمدينة ، فرآها الحسن (ع) فعرفها ، فقال لها : أتعرفينني ؟ قالت : لا. قال : أنا ضيفك يوم كذا وكذا ، فأمر لها بالف شاة والف دينار ، وبعث بها الى الحسين (ع) فأعطاها مثل ذلك ، ثم بعثها الى عبد اللّه بن جعفر فأعطاها مثل ذلك ».
 وتنازع رجلان ، هاشمي واموي. قال هذا : «قومي اسمح». وقال هذا : «قومي اسمح». قال : «فسل انت عشرة من قومك ، وانا اسأل عشرة من قومي». فانطلق صاحب بني امية فسأل عشرة ، فأعطاه كل واحد منهم عشرة آلاف درهم. وانطلق صاحب بني هاشم الى الحسن بن علي ، فأمر له بمائة وخمسين الف درهم ، ثم أتى الحسين فقال : « هل بدأت بأحد قبلي ؟ ». قال : « بدأت بالحسن » قال : « ما كنت أستطيع أن ازيد على سيدي شيئاً » فأعطاه مائة وخمسين الفاً من الدراهم. فجاء صاحب بني امية يحمل مائة الف درهم من عشر أنفس ، وجاء صاحب بني هاشم يحمل ثلاثمائة الف درهم من نفسين. فغضب صاحب بني أمية ، فردها عليهم ، فقبلوها. وجاء صاحب بني هاشم فردها عليهما ، فأبيا ان يقبلاها ، وقالا : «ما كنا نبالي. أخذتها أم القيتها في الطريق».
 ورأى غلاماً أسود يأكل من رغيف لقمة ، ويطعم كلباً هناك لقمة فقال له : «ما حملك على هذا؟» قال : «اني استحي منه ان آكل ولا اطعمه». فقال له الحسن : «لا تبرح مكانك حتى آتيك». فذهب الى سيده ، فاشتراه واشترى الحائط (البستان) الذي هو فيه ، فأعتقه ، وملكه الحائط.
 واخبار كرمه كثيرة لسنا بسبيل استقصائها.
 وكان من حلمه ما يوازن به الجبال ـ على حد تعبير مروان عنه.
 وكان من زهده ما خصص له محمد بن علي بن الحسين بن بابويه المتوفى سنة 381 هجري كتاباً أسماه ( كتاب زهد الحسن عليه السلام ). وناهيك بمن زهد بالدنيا كلها في سبيل الدين.
 مناقبه :

 انه سيد شباب أهل الجنة ، وأحد الاثنين اللذين انحصرت ذرية رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فيهما ، وأحد الاربعة الذين باهل بهم النبي نصارى نجران ، وأحد الخمسة ( أصحاب الكساء ) ، وأحد الاثني عشر الذين فرض اللّه طاعتهم على العباد ، وهو أحد المطهرين من الرجس في الكتاب ، وأحد الذين جعل اللّه مودتهم أجراً للرسالة ، وجعلهم رسول اللّه أحد الثقلين اللذين لا يضلّ من تمسك بهما. وهو ريحانة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وحبيبه الذي يحبه ويدعو اللّه أن يحب من أحبه.
 وله من المناقب ما يطول بيانه ، ثم لا يحيط به البيان وان طال.
 وبويع بالخلافة بعد وفاة أبيه عليهما السلام ، فقام بالامر ـ على قصر عهده ـ أحسن قيام ، وصالح معاوية في الخامس عشر من شهر جمادى الاولى سنة 41 ـ على أصح الروايات ـ فحفظ الدين ، وحقن دماء المؤمنين ، وجرى في ذلك وفق التعاليم الخاصة التي رواها عن ابيه عن جده صلى اللّه عليهما. فكانت خلافته « الظاهرة » سبعة اشهر واربعة وعشرين يوماً.
 ورجع بعد توقيع الصلح الى المدينة ، فاقام فيها ، وبيته حرمها الثاني لاهلها ولزائريها.
 والحسن من هذين الحرمين ، مشرق الهداية ، ومعقل العلم وموئل المسلمين. ومن حوله الطوائف التي نفرت من كل فرقة لتتفقه فيالدين ولتنذر قومها اذا رجعت اليهم. فكانوا تلامذته وحملة العلم والرواية عنه. وكان بما أتاح اللّه له من العلم ، وبما مكّن له في قلوب المسلمين من المقام الرفيع ، أقدر انسان على توجيه الامة وقيادتها الروحية ، وتصحيح العقيدة ، وتوحيد أهل التوحيد.
 وكان اذا صلى الغداة في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله جلس في مجلسه ، يذكر الله حتى ترتفع الشمس ، ويجلس اليه من يجلس من سادات الناس يحدثهم. قال ابن الصباغ ( الفصول المهمة ص 159 ) : «ويجتمع الناس حوله ، فيتكلم بما يشفي غليل السائلين ويقطع حجج المجادلين».
 وكان اذا حج وطاف بالبيت ، يكاد الناس يحطمونه مما يزدحمون للسلام عليه. ( عليه السلام ).
 وفاته :
 وسُقي السم مراراً ـ كما سنأتي على تفصيله عند البحث على الوفاء بشروط الصلح ـ. وأحس بالخطر في المرة الاخيرة ، فقال لاخيه الحسين عليه السلام : « اني مفارقك ولاحق بربي ، وقد سقيت السم ، ورميت بكبدي في الطست ، واني لعارف بمن سقاني السم ومن أين دهيت ، وأنا اخاصمه الى اللّه عز وجل ». ثم قال : « وادفني مع رسول اللّه (ص) فاني أحق به وببيته (1). فان أبوا عليك ، فانشدك اللّه بالقرابة التي قرّب اللّه عز وجل منك ، والرحم الماسة من رسول اللّه ان لا تهريق في امري محجمة من دم ، حتى نلقى رسول اللّه صلى الله عليه وآله فنختصم اليه ، ونخبره بما كان من الناس الينا ».


1 ـ اما كونه احق به ، فلانه ابنه وبضعته ، بل هو بعضه ، ولا احق من الابن بالاب ، ولا من البعض بالكل.
واما كونه احق ببيته ، فلأنه وارثه الشرعي من امه الصديقة الطاهرة عليها السلام الوارثة الوحيدة من ابيها ( صلى اللّه عليه وآله ). وانها لترثه كما ورث سليمان داود. وما من مخصص لعمومات الميراث ..
وكانت صيغة التفضيل هنا تعني المفضولين ابا بكر وعمر فيما استأثرا به من الدفن في حجرة رسول اللّه (ص) بما لابنة كل منهما من الحق في هذه الحجرة. ودل ذلك على رأيهما في صحة ارث الزوجة من العقار. والمسألة لا تزال محل الخلاف بين فقهاء الاسلام الى يوم الناس. وكان لكل من عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر في حجرة رسول اللّه التي دفن فيها ـ بناء على صحة ارثهما كزوجتين ـ سهم واحد من اثنين وسبعين سهماً لانهما ثنتان من تسع. وللتسع كلهن الثمن يتقاسمنه على هذه النسبة. اما سعة الحجرة المقدسة ، فممّا لا نعلمه الآن على التحقيق ، فلتكن واسعة بحيث تكفي لاثنين وسبعين قبراً ، والا فليكن ورثة الصديقة الطاهرة قد أذنوا لابي بكر وعمر بالدفن فيها. والا فماذا غير ذلك. وعلينا ان نعترف للحسن (ع) بانه كان الاحق برسول اللّه وببيته.


 واوصى اليه باهله وبولده وتركاته وبما كان اوصى به اليه ابوه امير المؤمنين عليه السلام. ودل شيعته على استخلافه للامامة من بعده.
 وتوفي في اليوم السابع من شهر صفر سنة 49 هجري.
 قال ابو الفرج الاصفهاني : « واراد معاوية البيعة لابنه يزيد ، فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن بن علي وسعد بن ابي وقاص فدَس اليهما سماً فماتا منه ».
 ولللدواهي النكر من هذا النوع ، صدماتها التي تهزّ الشعور وتوقظ الالم ، وتجاوبت الاقطار الاسلامية أسى المصيبة الفاجعة ، فكان لها في كل كورة مناحة تنذر بثورة ، وفي كل عقد من السنين ثورة تنذر بانقلاب.
 واللّه سبحانه وتعالى يقول : « وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ».
 مدفنه :
 روى سبط ابن الجوزي بسنده الى ابن سعد عن الواقدي : « انه لما احتضر الحسن قال : ادفنوني عند ابي ـ يعني رسول اللّه (ص) ـ فقامت بنو امية ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص وكان والياً على المدينة فمنعوه !!. قال ابن سعد : ومنهم عائشة وقالت : لا يدفن مع رسول اللّه أحد ».
 وروى ابو الفرج الاموي الاصفهاني عن يحيى بن الحسن انه قال : « سمعت علي بن طاهر بن زيد يقول : لما أرادوا دفنه ـ يعني الحسن بن علي ـ ركبت بغلاً واستعونت بني امية ومروان ومن كان هناك منهم ومن حشمهم ، وهو قول القائل : فيوماً على بغل ويوماً على جمل ».
 وذكر المسعودي ركوب عائشة البغلة الشهباء وقيادتها الامويين ليومها الثاني من اهل البيت عليهم السلام. قال : « فأتاها القاسم بن محمد بن ابي
 بكر فقال : يا عمة ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الاحمر (1). أتريدين أن يقال يوم البغلة الشهباء ؟ فرجعت ».
 واجتمع مع الحسين بن علي خلق من الناس فقالوا له : « دعنا وآل مروان ، فواللّه ما هم عندنا الا كأكلة رأس ». فقال : « ان أخي أوصى ان لا اريق فيه محجمة دم .. ولولا عهد الحسن هذا ، لعلمتم كيف تأخذ سيوف اللّه منهم مأخذها. وقد نقضوا العهد بيننا وبينهم ، وأبطلوا ما اشترطنا عليهم لانفسنا ». ـ يشير بهذا الى شروط الصلح ـ.
 ومضوا بالحسن فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.
 قال في الاصابة : « قال الواقدي : حدثنا داود بن سنان حدثنا ثعلبة بن ابي مالك : شهدت الحسن يوم مات ودفن بالبقيع ، فلقد رأيت البقيع ولو طرحت فيه ابرة ما وقعت الا على رأس انسان ».

1 ـ وعلى مثل هذا الوتر من التبكيت المؤدب ما رواه البيهقي في المحاسن والمساوئ ( ج 1 ص 35 ) قال : « وعن الحسن البصري ان الاحنف بن قيس قال لعائشة يوم الجمل : يا ام المؤمنين. هل عهد اليك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذا المسير؟ قالت : اللهم لا. قال : فهل وجدتيه في شيء من كتاب اللّه جل ذكره. قالت : ما نقرأ الا ما تقرأون. قال : فهل رأيت رسول اللّه عليه الصلاة والسلام استعان بشيء من نسائه اذا كان في قلة والمشركون في كثرة. قالت : اللهم لا. قال الاحنف : فاذاً ما هو ذنبنا ؟ ».
 

الفهرس