عقائد الشيعة الإمامية >> الشيخ المفيد

 

 

عقائد الشيخ المفيد قدس سره

مذاهب الجمهور

 

 

- بين أبي حنيفة وموسى بن جعفر عليه السلام

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 72، 73:

فصل: وأخبرني الشيخ أيده الله أيضا قال: قال أبو حنيفة: دخلت المدينة فأتيت جعفر بن محمد فسلمت عليه وخرجت من عنده فرأيت ابنه موسى في دهليز قاعدا في مكتب له وهو صبي صغير السن فقلت له: يا غلام أين يحدث الغريب عندكم إذا أراد ذلك؟ فنظر إلي ثم قال: يا شيخ أجتنب شطوط الأنهار ومسقط الثمار وفيء النزال وأفنية الدور والطرق النافذة والمساجد وارفع وضع بعد ذلك حيث شئت.

قال: فلما سمعت هذا القول منه نبل في عيني وعظم في قلبي فقلت له: جعلت فداك ممن المعصية؟ فنظر إلي نظرا ازدراني به ثم قال: إجلس حتى أخبرك فجلست بين يديه فقال: إن المعصية لابد من أن تكون من العبد أو من خالقه أو منهما جميعا، فان كانت من الله تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله، وإن كانت منهما فهو شريكه والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الأمر وإليه توجه النهي وله حق الثواب وعليه العقاب ووجبت له الجنة والنار قال أبو حنيفة: فلما سمعت ذلك قلت: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

قال الشيخ أيده الله: وفي ذلك يقول الشاعر:

لم تخل أفعالنا اللاتي يذم بها  *  إحدى ثلاث معان حين ناتيها

إما تفرد بارينا بصنعتها  *  فيسقط اللوم عنا حين ننشيها

أو كان يشركنا فيها فيلحقه  *  ما سوف يلحقنا من لائم فيئها

أو لم يكن لالهي في جنايتها  *  ذنب فما الذنب إلا ذنب جانيها

- بين فضل بن الحسن الكوفي وأبي حنيفة في الخلافة

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 74 :

فصل: وأخبرني الشيخ أدام الله عزه أيضا مرسلا قال: مر فضال بن الحسن بن فضال الكوفي بابي حنيفة وهو في جمع كثير يملي عليهم شيئا من فقهه وحديثه، فقال لصاحب كان معه: والله لا أبرح أو أخجل أبا حنيفة، فقال صاحبه: إن أبا حنيفة ممن قد علمت حاله ومنزلته وظهرت حجته، فقال: مه هل رأيت حجة كافر علت على مؤمن، ثم دنا منه فسلم عليه فرد ورد القوم بأجمعهم السلام. فقال: يا أبا حنيفة رحمك الله إن لي أخا يقول: إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب وأنا أقول: إن أبا بكر خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وبعده عمر فما تقول أنت رحمك الله؟ فاطرق مليا ثم رفع رأسه فقال: كفى بمكانهما من رسول الله كرما وفخرا أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره فأي حجة أوضح لك من هذه؟ فقال له فضال: إني قد قلت ذلك لأخي، فقال. والله لئن كان الموضع لرسول الله يردونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله صلى الله عليه وآله لقد أساءا وما أحسنا إليه إذ رجعا في هبتهما ونكثا عهدهما. فاطرق أبو حنيفة ساعة، ثم قال قل له: لم يكن لهما ولا له خاصة ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما، فقال له فضال: قد قلت له ذلك، فقال: أنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وآله مات عن تسع حشايا فنظرنا فإذا لكل واحدة منهن تسع ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك، وبعد فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله صلى الله عليه وآله وفاطمة ابتنه تمنع الميراث؟ فقال أبو حنيفة: يا قوم نحوه عني فانه والله رافضي خبيث.

- في اعتراض الإمامية على مذاهب العامة في ردها على أمير المؤمنين في كثير من المسائل والأخذ بقول غيره

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 132، 135:

فصل: ومن حكايات الشيخ أدام الله عزه أيضا وكلامه، قال أيده الله: حضرت بمجمع لقوم من الرؤساء وكان فيهم شيخ من أهل الري معتزلي يعظمونه لمحل سلفه وتعلقه بالدولة فسئلت عن شيء من الفقه فأفتيت فيه على المأثور عن الأئمة عليه السلام.

فقال ذلك الشيخ: هذه الفتيا تخالف الإجماع. فقلت له: إجماع من تعني عافاك الله؟ فقال: إجماع الفقهاء المعروفين بالفتيا في الحلال والحرام من فقهاء الأمصار فقلت له: هذا أيضا مجمل من القول، فهل يدخل آل محمد عليهم السلام في جملة هؤلاء الفقهاء أم تخرجهم عن الإجماع؟ فقال: بل أجعلهم في صدر الفقهاء ولو صح عنهم ما تروونه لما خالفناه. فقلت له: هذا مذهب لا أعرفه لك ولا لمن أومأت إليه ممن جعلتهم الفقهاء لان القوم بأجمعهم يرون الخلاف على أمير المؤمنين عليه السلام وهو سيد أهل البيت عليهم السلام في كثير مما قد صح عنه من الأحكام فكيف تستوحشون من خلاف ذريته عليهم السلام وتوجبون على أنفسكم قبول قولهم على كل حال؟ فقال: معاذ الله ما نذهب إلى هذا ولا يذهب إليه أحد من الفقهاء، وهذه شناعة منك على القوم بحضرة هؤلاء الرؤساء.

فقلت له: لم أحك إلا ما أقيم عليه البرهان ولا ذكرت إلا معروفا لا يمكن أحدا من أهل العلم دفعي عنه لما هو عليه من الاشتهار لكنك أنت تريد أن تتجمل بضد مذهبك عند هؤلاء الرؤساء، ثم أقبلت على القوم فقلت: لا خلاف عند شيوخ هذا الرجل وأئمته وفقهائه وساداته أن أمير المؤمنين عليه السلام قد يجوز عليه الخطأ في شيء يصيب فيه عمرو بن العاص زيادة على ما حكيت عنه من المقال فاستعظم القوم ذلك وأظهروا البراءة من معتقديه وأنكره هو وزاد في الإنكار.

فقلت له: أليس من مذهبك ومذهب هؤلاء الفقهاء أن عليا عليه السلام لم يكن معصوما كعصمة النبي صلى الله عليه وآله؟. قال: بلى. قلت: فلم لا يجوز عليه الخطأ في شيء من الأحكام؟ فسكت.

ثم قلت له: أليس عندكم أن أمير المؤمنين عليه السلام قد كان يجتهد برأيه في كثير من الأحكام وأن عمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة كانوا من أهل الاجتهاد؟ قال: بلى. قلت له: ما الذي يمنع من إصابة هؤلاء القوم ما يذهب على أمير المؤمنين عليه السلام من جهة الاجتهاد مع ارتفاع العصمة عنه وكون هؤلاء القوم من أهل الاجتهاد؟. فقال: ليس يمنع من ذلك مانع.

فقلت له: فقد أقررت ما أنكرت الآن، ومع هذا أفليس من أصلك أن كل أحد بعد النبي صلى الله عليه وآله يؤخذ من قوله ويترك إلا ما انعقد عليه الإجماع؟ قال: بلى. قلت: أفليس هذا يسوغكم الخلاف على أمير المؤمنين عليهم السلام في كثير من أحكامه التي لم يقع عليها الإجماع؟ وبعد فليست بي حاجة إلى هذا التعسف ولا أنا مفتقر فيما حكيت إلى هذا الاستدلال لأنه لا أحد من الفقهاء إلا وقد خالف أمير المؤمنين عليه السلام في بعض أحكامه ورغب منها إلى غيره، وليس فيهم أحد وافقه في جميع ما حكم فيه عليه السلام من الحلال والحرام.

وإني لأعجب من إنكارك لما ذكرت وصاحبك الشافعي يخالف أمير ا لمؤمنين عليه السلام في الميراث والمكاتب ويذهب إلى قول زيد فيهما. ويروي عنه عليه السلام أنه كان لا يرى الوضوء من مس الذكر ويقول هو إن الوضوء منه واجب، وإن عليا عليه السلام خالف الحكم فيه بضرب من الرأي.

وحكى الربيع عنه في كتابه المشهور عنه أنه قال: لا بأس بصلاة الجمعة والعيدين خلف كل أمين وغير مأمون ومتغلب، صلى علي بالناس وعثمان محصور. فجعل الدلالة على جواز الصلاة خلف المتغلب على أمر الأمة صلاة الناس خلف علي عليه السلام في زمن حصر عثمان، فصرح بان عليا عليه السلام كان متغلبا، ولا خلاف أن المتغلب على أمر الأمة فاسق ضال، وقال لا بأس بالصلاة خلف الخوارج لأنهم متأولون وإن كانوا فاسقين.

فمن يكون هذا مذهبه ومقالة إمامه وفقيهه، يزعم معه أنه لو صح له عن أمير المؤمنين عليه السلام شيء أو عن ذريته الطاهرين عليهم السلام لدان به لولا أن الذاهب إلى هذا يريد التلبيس. وليس في فقهاء الأمصار سوى الشافعي إلا وقد شارك الشافعي في الطعن على أمير المؤمنين عليه السلام وتزييف كثير من قوله والرد عليه في أحكامه حتى إنهم يصرحون بأن الذي يذكره أمير المؤمنين عليه السلام في الأحكام معتبر فإن أسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله قبلوه منه على ظاهر العدالة كما يقبلون من أبي موسى الأشعري وأبي هريرة والمغيرة بن شعبة مما يسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله، بل كما يقبلون من حمال في السوق على ظاهر العدالة ما يرويه مسندا إلى النبي صلى الله عليه وآله وأما ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام من غير إسناد له إلى الرسول صلى الله عليه وآله كان موقوفا على صبرهم ونظرهم واجتهادهم فان وضح لهم صوابه فيه قالوا به من حيث النظر لا من حيث حكمه به وقوله، وإن عثروا على خطأ فيه اجتنبوه وردوا عليه وعلى من اتبعه فيه. فزعموا أن آراءهم هي المعيار على قوله عليه السلام.

وهذا لا يذهب إليه من وجد في صدره جز من مودته صلوات الله عليه وسلامه وحقه الواجب له عليه السلام وتعظيمه الذي فرضه الله عز وجل ورسوله، بل لا يذهب إلى هذا القول إلا من رد على رسول الله صلى الله عليه وآله: "علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار" وقوله: "أنا مدينة العلم وعلي بابها"، وقوله: "علي أقضاكم" وقول أمير المؤمنين عليه السلام: "ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله بيده على صدري وقال: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه فما شككت في قضاء بين اثنين".

فلما ورد عليه هذا الكلام تحير وقال: هذه شناعات على الفقهاء والقوم لهم حجج على ما حكيت عنهم. فقال له بعض الحاضرين: نحن نبرأ إلى الله من هذا المقال ومن كل دائن به، وقال له أخ إن كان مع القوم حجج على ما حكاه الشيخ فهي حجج على إبطال ما ادعيت أولا من ضد هذه الحكاية، ونحن نعيذك بالله من أن تذهب إلى هذا القول فان كل شيء تظنه حجة عليه فهو كالحجة في إبطال نبوة النبي فسكت مستحيا مما جرى وتفرق الجمع.

- تشنيع على أحكام السنة

وكثيرا ما يشنعون علينا بتحليل المتعة بالنساء وقد تقدم قولنا بالحجة على صحتها من الكتاب والسنة وإجماع الإمة فلا شناعة في القول بها. لكن الشناعة عليهم في القول بنكاح الأمهات، والأخوات، والبنات والعمات والخالات، والمستأجرات من ذوات الصناعات، وإتيان النساء في أدبارهن على الجبر لهن والإكراه، والجمع بين الأخوات في ملك اليمين والأمهات والبنات ثم لا يقنعون بالتشنيع بالحق الذي لا قبح فيه مع شناعة مذاهبهم وقبحها على ما وصفناه حتى يتخرصون علينا بالكذب فيزعمون أنا لا نلحق ولد المتعة بابيه، وهذا بهت منهم للشيعة وكذب عليهم لا شبهة فيه.

لكن القول عنهم فيما لا يمكنهم دفاعه مما هو ضد للشريعة وخروج عن الملة قول أبي حنيفة: إن الرجل إذا تزوج بالمرأة ثم طلقها عقيب عقد النكاح بلا فصل فأتت بولد لستة أشهر انه يلحق به من غير أن يكون جامعها الرجل ولا خلا بها، وإنما عقد عليه لها أبوها وطلقها هو في المجلس فالحق بالرجل غير ولده، وقال: لو عقد عليها بمصر وهي ببغداد ثم جاءت بولد وهو بمصر لم يبرح منها للحق به الولد. وقال الشافعي بضد هذا: إنه لو افتض رجل بكرا وأحبلها فجاءت بابنة لحل له العقد عليها وحل له وطيها، فأباح هذا نكاح ابنته وعلق ذلك على الرجل غير ولده. ثم زعم أبو حنيفة أيضا: أن المرأة إذا زنت بصبي صغير لم تحد وإن زنى كبير بصغيرة حد، فأبطل قول الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} ثم فرق بين المتفقين وناقض في القياس وقال مضيفا إلى قبايح قوله: إن المرأة إذا كان لها مهر فمات زوجها وتقادم موته وجهل مهر المرأة فانه لا مهر لها. ونظير ذلك قوله: إن المقر على نفسه بشرب الخمر بعد ما تقادم لا حد عليه، فأبطل بذلك أيضا حكم الله تعالى وقال في الجماعة، إذا سرق بعضهم دون بعض قطع الجميع، فأوجب الحد على من أسقطه الله عنه وأسقطه عمن أوجبه الله تعالى عليه.

- في التشنيع على المخالفين

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 189، 192:

فصل: قال الشيخ أيده الله: وقد ناقض رجل من أهل الحجاز رجلا من أهل العراق وشنع عليه في مقالته فقابله العراقي وظهر بينهما في ذلك فضائحهما معا وقبح اعتقاداتهما، وأنا أحكي طرفا من قولهما لينضاف إلى ما أثبتناه في ذلك.

قال الحجازي : وجدت الله تعالى يقول: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا}. وأرى العراقي يقول: فإن لم تجدوا ماء فتوضئوا بالنبيذ بخلاف قول الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وإجماع المسلمين. فقال العراقي: وأنا أيضا وجدت الله يقول: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء} وأرى الحجازي يقول: واستشهدوا شاهدا واحدا ويمين المدعي، مع قول النبي صلى الله عليه وآله: "لو يعطى قوم بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم" فخالف كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وإجماع المسلمين. ثم قال الحجازي: وأرى العراقي يقول في فأرة وقعت في بئر فماتت إنه ينزح منه عشرون دلوا، وإن وقع فيها ذنب فارة ينزح ماء البئر كله، فما أعجب هذا القول وأطرفه! كيف يكون الكل غير منجس والبعض منجسا إن هذا لشيء عجيب! فقال العراقي: أطرف من هذا القول قولك أيها الحجازي في فأرة وقعت في بئر فيها قلتان من ماء وتفسخت فيها إن ماء البئر طاهر ولو أخذ من الماء قلة وفيها بعض الفأرة لكان ذلك الماء نجسا، فقد صارت الفارة بأسرها غير منجسة وبعضها منجس  والماء بأسره طاهر وبعضه نجس، وهذا أشنع مما حكيت عنا.

ثم قال الحجازي: وأرى العراقي يقول في الفارة إذا ماتت في البئر إنه ينزح منها عشرون دلوا، وإن مات فيها إنسان من أهل الطهارة والإيمان ينزح الماء كله، أفترى الفارة أطهر من أهل الإيمان، نعوذ بالله من سوء الاختيار فقال العراقي: وأنا أيضا أرى الحجازي يقول إن المسلم المؤمن التقي الطاهر إذا مس فرجه وجب عليه الوضوء ولو مس فرج كلب أو خنزير لما وجب عليه الوضوء بجعل الكلب والخنزير أطهر من أهل التقى والإيمان نعوذ بالله من الخذلان.

وحكى زكريا بن يحيى الساجي عن أبي حنيفة قال: إذا أدخل الجنب يده في بئر بنية الوضوء فسد الماء كله، وإن لم ينو الوضوء كان الماء طاهرا، وهذا عجيب أيضا.

وحكي عن محمد بن الحسن أنه كان يقول: لو أن رجلا، جنبا دخل بئرا ينوي الغسل من الجنابة لفسد الماء كله ولم يطهر هو، فإن خرج منها ثم دخلها ثانية لم يطهر هو أيضا ولم يطهر الماء، فإن دخلها ثالثة كان هذا حكمه، فإن دخلها رابعة طهر.

وحكي عن أبي يوسف أنه قال: لو أن رجلا جنبا دخل بئرا ليخرج منها دلوا فانغمس فيها لم يفسد الماء ولم يجزه الغسل، وقال محمد بن الحسن: لا يفسد الماء ويجزيه الغسل، وهذه الأقوال عجيبة جدا.

قال الشيخ أيده الله: عدنا إلى الحكاية عن المتناقض الحجازي بئرا ليخرج منها قال الحجازي: رأيت العراقي يدفع السنن بالراح ويعدل عنها إلى الرأي والقياس، لانا نجد النبي صلى الله عليه وآله يقول: الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، وقال العراقي: إن الوضوء غير محتاج إلى النية جرأة منه على رد السنن. فقال العراقي: وأنا أرى الحجازي أرد للسنة مني وأشد إقداما على البدعة، لأنه يقول في صرورة أحرم بالحج عن غيره أن الحجة تكون على المحرم وتجزيه عن حجة الإسلام، فيا عجبا من مدع على العراقي رد السنة في الوضوء بغير النية ويأتي هو في الحج الذي هو أعظم الدين فيجيزه بغير نية، نعوذ بالله من مشنع هو بالتشنيع عليه أولى، ومن عائب بشيء قد أتى ما هو أعظم منه.

ثم قال الحجازي: وأرى العراقي يقول: إن الرجل لو صلى في ثوب فيه من بول ما (لا ن خ) يؤكل لحمه أكثر من قدر الدرهم أن صلاته جائزة إلا أن يكون كثيرا فاحشا، والكثير عنده ربع الثوب فصاعدا، ثم يناقض فيقول: لو أن شاة بالت في بئر فيها ألف قربة ماء لنجس الماء كله، وهذا من فاحش المناقضة. فقال العراقي: وأرى الحجازي أولى بالمناقضة لأنه يقول: لو أن رجلا تيمم بتراب قد خالطه دقيق لم يجزه، وإن توضأ بماء قد خالطه لبن كان وضوءه جائزا، وهذا أعجب من ذلك. ثم قال الحجازي: وجدت الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} فأمر تعالى بالوضوء مرتبا، وقال رسول الله حين بدأ بالصفا: "نبدأ بما بدأ الله تعالى به"، وأرى العراقي ينقض ذلك ويخالف الله في ترتيبه. فقال العراقي: فاني رأيتك أيها الحجازي تقول في أصل الديانة بمثل ما شنعت به علي، وذلك أن الله عزوجل يقول: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} ويقول تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} فقدم الله جل اسمه أهل الجهاد على القاعدين في محل التعظيم، ولم يسو بين العالمين وبين من نقص عن رتبتهم في العلم وقد قدمنا جميعا أبا بكر على علي بن أبي طالب وكان أكثر علما من أبي بكر، وكان مجاهدا، وأبو بكر قاعد، فيجب أن نشترك جميعا في العيب وتسلم منه الرافضة خاصة، وهذا مما لا ترتضيه لنفسك، ثم قال له: على أننا قد اتفقنا جميعا على تقديم المياسر على الميامن ولم نوجب الترتيب في ذلك فيجب أن نكون جميعا قد خالفنا الله في ترتيبه.

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 193، 200:

فصل ثم قال الحجازي: وأرى العراقي متعجرفا في قوله متعسفا في نحلته يقدم بالعصبية على الأنبياء وينجس الأخيار والأصفياء. من ذلك قوله: إن المني نجس ومنه خلقت الأنبياء، فليت شعري إذا لم يفكر في تنجيس نفسه فهلا اتقى الله في إقدامه على أنبياء ربه بالتنجيس ولقد نزه الله عز وجل الأنبياء عما أضافه إليهم. فقال العراقي: وأرى الحجازي أشد تعجرفا وتعسفا وإقداما على القول بالباطل من ذلك قوله: إن الشعر إذا بان من الحي فهو نجس، وهذا رد على رسول الله صلى الله عليه وآله وقول فظيع في سنته لان النبي صلى الله عليه وآله قسم شعره حين حلقه بمنى بين أصحابه لتلحقهم بركته، ولو كان نجسا وحاشا له صلى الله عليه وآله مما ذهب إليه الحجازي لما قسمه بين أصحابه ولكان يجعل سبيله سبيل ما يخرج من السبيلين في إطراحه وإبعاده ولكنه صلى الله عليه وآله أعلمنا بفعله ذلك طهارة شعره فوجب علينا أن نحكم لأجل ذلك على كل شعر بائن بالطهارة لاتفاق العلل الموجبة لذلك. ثم قال الحجازي: ورأيت النبي صلى الله عليه وآله قال في الصلاة: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم، وأرى العراقي يقول: تحريم الصلاة التعظيم والتهليل، وتحليلها البول والغائط والضراط، وهذا رد على رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال العراقي: وأنا أرى الحجازي قد دان بمثل ذلك وأشنع منه وذلك أن من قوله إنه من قذف المحصنات في صلاته ساهيا جازت صلاته، والنبي صلى الله عليه وآله قد جعل التسليم خروجا فكيف يكون التسليم خروجا وقذف المحصنات ليس بخروج، وهذا هو الرد على رسول الله صلى الله عليه وآله، قال وهو يقول مع ذلك مناقضا أنه لو قال في افتتاح الصلاة الأكبر الله لم يكن مكبرا حتى يأتي باللفظ المعروف في ذلك وهو الله أكبر ولو قال في موضع التسليم عليكم السلام لكان مسلما خارجا من الصلاة وإن خالف المعروف المأثور في ذلك. ثم قال الحجازي: ورأيت الله سبحانه يقول في القران بلسان عربي مبين، وأرى العراقي يقول: لو قرأ بالفارسية في الصلاة لكان جائزا تحريفا للقرآن وتبديلا له وإدخالا له في جملة ما يأتيه الباطل وقد نفى الله عز وجل عنه الباطل من بين يديه ومن خلفه وهو أيضا إخراج القرآن عن حد الإعجاز إلى حد الإمكان نعوذ بالله من الخذلان. فقال العراقي: وأرى الحجازي قد شاركني في هذه الشناعة وأبطل الكتاب والسنة وذلك أن الله تعالى يقول: {مَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ولم ير النبي صلى الله عليه وآله في حال يلفظ بالفارسية فضلا عن أن يؤدي فرضا من فرائض الصلاة بالفارسية، ولا خلاف عند الحجازي أن التشهد في الصلاة والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله فيها فرض، ولو تشهد المصلي بالفارسية في الصلاة لأجزأه ذلك، ولو سلم أيضا التسليمة التي هي عنده فريضة بالفارسية لأجزأه ذلك، فإن كان العراقي قد خالف القرآن فالحجازي قد رد السنة والقران. ثم قال الحجازي: رأيت النبي صلى الله عليه وآله يقول: كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج، وأرى العراقي يجيز الصلاة بالآية القصيرة مثل الم، ومدهامتان، وما أشبههما من الآيات جرأة منه على الله عز وجل. فقال العراقي: وأرى الحجازي قد نقض هذا الخبر وأبطل معناه وذلك أنه يقول: من قرأ بآية طويلة مقدارها مقدار فاتحة الكتاب أجزأته صلاته فقد دخل بهذا القول فيما عاب، ورد الحديث الذي احتج به ردا واضحا.

ثم قال الحجازي: وأرى العراقي مدعيا للقياس وهو مع ذلك أشد الناس مناقضة وأبعدهم من القياس من ذلك قوله في رجل تكلم في الصلاة ساهيا فان ذلك مفسد لصلاته، وإن سلم في صلاته ساهيا لم يفسد صلاته، فأي مناقضة أبين من هذه؟ فقال العراقي: وأرى الحجازي أكثر مناقضة وأعجب مقالة من ذلك قوله: إن الخائف على نفسه من السبع والعدو في حال القتال أنه يصلي إلى غير القبلة ولا إعادة عليه، وإن تيمم وهو يخاف على نفسه التلف إن اغتسل صلى بتيممه وأعاد الصلاة، وهذا لعمري هو المناقضة الظاهرة. ثم قال الحجازي: وأرى العراقي يقدم على رد الكتاب ويبيح ما قد جعل الله إباحته على صفة من ذلك قوله: إن العائث في الأرض بالفساد يحل له أكل الميتة عند الضرورة، ويقصر عند طول سفره فأباح رخص الله تعالى حيث حظرها. فقال العراقي: فان قول الحجازي أعجب، وذلك أنه يبيح لهذا العائث بعينه المسح على الخفين يوما وليلة كما يبيحه للمقيم، فان كان ذلك تشهيا فلا مكاس بالشهوة، وإن كان اتباعا للسنه واقتداء بالسلف فلسنا نعلم لذلك قائلا ممن تقدم الحجازي والله نسال التوفيق. ثم قال الحجازي: وأرى العراقي يقول في الرجل يصلي الظهر يوم الجمعة في منزله أنها تجزيه، ثم يقول إن خرج بعد ذلك يريد الجمعة فأدرك الإمام في الصلاة صلى معه وإن لم يدرك الإمام أعاد الظهر أربعا فهي في حال تجزيه وفي حال لا تجزيه، وهذا تلاعب بالدين. فقال العراقي: فإن الحجازي أشد تلاعبا بالدين مني، وذلك أنه يقول في الإمام إذا خطب خطبتين لم يجلس بينهما أن ذلك لا يجزيه وإن صلى ركعتين لم يجزه عن الجمعة، وحجته ز ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله فرق بين الخطبتين، فلا يجزي خلاف فعل النبي صلى الله عليه وآله، وهو مع هذا يقر بان النبي صلى الله عليه وآله ما اعتكف إلا صائما والاعتكاف على مذهبه يجوز بغير صيام خلافا للنبي صلى الله عليه وآله وخلافا على جميع أصحابه إذ لم ير أحد منهم اعتكف إلا بصيام ،فأينا على هذا القول ألعب في الدين؟.

ثم قال الحجازي: وأرى العراقي مع مناقضته في الطهارة والصلاة قد ناقض أيضا في الزكاة وذلك إني رأيت النبي صلى الله عليه وآله جعل في أربعين من الغنم شاة، وأرى العراقي يجعل فيها كلبا، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وآله جعل صدقة الفطرة من الحنطة والشعير وأرى العراقي يعطي من ذلك السقمونيا. فقال العراقي: وأنا أيضا رأيت النبي صلى الله عليه وآله يقول في خمس من الإبل شاة، وأرى الحجازي يقول في خمس من الإبل بعير، وهذا رد على النبي صلى الله عليه وآله. ثم قال الحجازي: ورأيت النبي صلى الله عليه وآله يقول ليس فيما دون خمس أواق صدقة وأرى العراقي يقول إذا كانت للرجل عشرة مثاقيل ذهبا ومائة درهم قيمتها عشرة مثاقيل، أن عليه الزكاة خلافا للسنة. فقال العراقي: وأنا أرى الحجازي قد رد قول النبي صلى الله عليه وآله "ليس فيما دون الخمس أواق صدقة" لأنه يوجب على ألف رجل لهم مئتا درهم الزكاة ويسقطها عمن يملك مائة ألف درهم من الصيارفة، وهذا هو السفه في الأحكام.

ثم قال الحجازي: وقد ناقض العراقي أيضا في الصيام، فقال: إذا داوى الصائم جائفة في شهر رمضان فعليه القضاء، وإن بلع حصاة أو خاتما وما أشبههما متعمدا لم يجب عليه بذلك القضاء. فقال العراقي: فان الحجازي شريكي في المناقضة، وذلك أن من قوله إن المسافر والمريض إذا أفطرا في شهر رمضان ثم لم يقضيا ما أفطراه حتى حال عليهما شهر رمضان آخر أن عليهما القضاء والكفارة، وقال مع ذلك لو أن رجلا أفطر عامدا في شهر رمضان من غير عذر كان عليه القضاء ولا كفارة عليه فأينا مع هذا أشد مناقضة.

ثم قال الحجازي: وقال العراقي مناقضا في المجنون إذا غلب الجنون على عقله الشهر كله لم يكن عليه القضاء، وإن أفاق في بعض الشهر كان عليه صيام ما أفاق فيه وقضاء ما سلف ثم قال في المغمى عليه الشهر كله، عليه قضاء الشهر بأسره وهذه هي المناقضة الواضحة. فقال العراقي: قد ذهب الحجازي إلى مثل ذلك بعينه، فقال: إن من بلغ من الصبيان في بعض النهار أنه يمسك بقية يومه ولا قضاء عليه، ومن أسلم من الكفار في بعض النهار كان عليه قضاء ذلك اليوم، وهذا ما لا خفاء بالمناقضة فيه ثم قال الحجازي: وأرى العراقي مبدعا في الحج كإبداعه فيما سلف وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا ينكح المحرم ولا ينكح وأرى العراقي يقول: لا حرج على المحرم أن ينكح وينكح، ردا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال العراقي: وأنت أيها الحجازي قد رددت على النبي صلى الله عليه وآله وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن المحرم إذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين ويقطعهما من أسفل الكعبين وأنت تقول يلبس الخفين ولا حرج عليه وإن لم يقطعهما فرددت على النبي صلى الله عليه وآله ردا صريحا.

ثم قال الحجازي: وأرى العراقي يقابل أفعال النبي صلى الله عليه وآله بالرد ويبدع المتبع لسنته، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله أشعر بدنة وسلت الدم بإصبعه، فقال العراقي إشعار البدنة بدعة. فقال العراقي: فإن الحجازي أيضا غير سليم من هذا العيب، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله قيل له ليلة المزدلفة: الصلاة، فقال: الصلاة أمامك، وأعيد عليه القول، فقال: الصلاة أمامك، حتى أتى المزدلفة فجمع بها الصلاتين، وقال الحجازي: لا حرج في الصلاة قبل جمع في وقت لم يصل النبي صلى الله عليه وآله فيه وفي موضع لم يصل فيه، وهذا أشنع مما أضافه إلى العراقي.

ثم قال الحجازي مشنعا على العراقي في البيوع أنه يجعل الخمرة النجسة المحرمة أثمانا للأشياء استخفافا بالشريعة، من ذلك: قوله إن المسلم إذا اشترى عبدا من ذمي بخمر ثم أعتقه أن العتق جائز وعليه قيمة الخمر فقال العراقي: وإن الحجازي يقول في مسلم كاتب عبده على خمر إن العبد يكون مكاتبا وعليه أداء الخمر لا غيره، وهذا هو ما عابه بعينه.

وشنع الحجازي أيضا فقال: وأرى العراقي لا يتحاشى من إجازة بيع الخمر تهاونا بالمحارم، من ذلك قوله: لا باس ببيع العصير ممن يتخذه خمرا. فقال العراقي: فأنت أيضا تقول: لا باس ببيع السلاح لأهل الحرب وحمله إليهم ومبايعة قاتلي الأنفس وقاطعي الطريق ومخيفي السبل، السلاح الذي يتوصلون به إلى حتف أهل الإسلام، وهذا أشنع مما ذكرت.

فقال الحجازي: رأيت النبي صلى الله عليه وآله يقول: ثمن الكلاب سحت، وأمر بقتل الكلاب، وأرى العراقي يستجيز بيع الكلاب وأكل أثمانها. فقال العراقي: فإن الحجازي قد رد قول النبي صلى الله عليه وآله كما رددت، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من ملك ذا رحم فهو حر والحجازي يقول: إن الرجل يملك أخته، والمرأة تملك أخاها، وهذا أقبح مما حكاه عن العراقي.

ثم شنع الحجازي على العراقي في الكفارات، فقال: وجدت الله تعالى يقول في كفارة اليمين: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} وأرى العراقي يقول: يطعم مسكينا واحدا عشر مرات وقد أدى فرض الله عز وجل عليه. وقال العراقي: فان الله تعالى يقول: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} وأنت أيها الحجازي تقول إن كسى مسكينا واحدا عشر مرات أجزأه، فكيف أكون أنا رادا للقران في الإطعام ولا تكون أنت رادا له في الكسوة، لولا الاقتراح الذي لا يجدي نفعا.

ثم شنع الحجازي على العراقي في الحدود، فقال: رأيت العراقي مبطلا لحدود الله عز وجل، من ذلك قوله في مجنون زنى بصحيحة أنه لا حد عليهما، ثم يقول مناقضا: وإن زنى صحيح بمجنونة فإن الحد عليه. فقال العراقي: فان الحجازي يقول إن المجنون إذا جامع امرأته الصحيحة في شهر رمضان وهي صائمة لم يكن عليها كفارة، ولو جامع صحيح امرأته المجنونة في شهر رمضان كانت عليه الكفارة فقد ناقض هو أيضا ودخل فيما عاب.

ثم قال الحجازي: وأرى العراقي يكافئ دماء أهل الكفر بدماء أهل الإسلام مع قول الله تعالى: {لَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} فزعم أن المسلم يقتل بالكافر وأن لأهل الذمة أن يقتلوا أهل الإيمان قودا. فقال العراقي: وأنت أيها الحجازي شريكي في مثل ذلك لأنك تقول إن مخيف السبيل إذا كان مسلما وقتل ذميا قتل أو صلب والذي (والمزني ن خ) من قبلك يقول إن المسلم إذا قتل الذمي غيلة قتل به فأي شناعة ليست عليكما.

قال الشيخ أدام الله عزه: فهذا طرف مما تناقض فيه الرجلان قد أتيت به على نهاية من الاختصار، ولو ذكرت جميع ما وجدته لهما في إثبات الأحكام لاحتجت إلى كتاب مفرد لذلك وخرجت عن غرضي في هذا الكتاب، وفيما أوردته كفاية لأولي الألباب في بطلان ما ذهب إليه أهل الخلاف لآل محمد عليهم السلام من الحلال والحرام.