عقائد الشيعة الإمامية >> الشيخ المفيد

 

عقائد الشيخ المفيد قدس سره

الأئمة: الحسن والحسين والسجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي عليهم السلام

 

 

 

- رسول الله نص على إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنين وأمير المؤمنين نص عليهما كما نص الرسول

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 40، 41:

واتفقت الإمامية على أن النبي صلى الله عليه وآله نص على إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنين عليهم السلام، وأن أمير المؤمنين عليه السلام أيضا نص عليهما كما نص الرسول صلى الله عليه وآله.

وأجمعت المعتزلة ومن عددناه من الفرق سوى الزيدية الجارودية على خلاف ذلك، وأنكروا أن يكون للحسن والحسين عليهما السلام إمامة بالنص والتوقيف.

- خطبة الإمام الحسن وعمار وقيس بأهل الكوفة

- الجمل - الشيخ المفيد  ص 131، 133:

كتاب علي إلى أهل الكوفة: فلما قدم الحسن وعمار وقيس الكوفة مستنفرين لأهلها وكان في كتابه معهم: بسم الله الرحمن الرحيم. من علي بن أبي طالب إلى أهل الكوفة أما بعد فإني أخبركم من أمر عثمان حتى يكون أمره كالعيان لكم إن الناس طعنوا عليه فكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه وأقل عتابه وكان طلحة والزبير أهون سيرهما إليه الوجيف وقد كان من عائشة فيه فلتة غضب فلما قتله الناس وبايعاني غير مستنكرين طائعين مختارين وكان طلحة والزبير أول من بايعني على ما بايعا به من كان قبلي ثم استأذناني في العمرة ولم يكونا يريدان العمرة فنقضا العهد وأذنا في الحرب وأخرجا عائشة من بيتها يتخذانها فتنة فسارا إلى البصرة واخترت السير إليهم معكم ولعمري إياي تجيبون إنما تجيبون الله ورسوله، والله ما قاتلتهم وفي نفسي شك وقد بعثت إليكم ولدي الحسن وعمارا وقيسا مستنفرين لكم فكونوا عند ظني بكم والسلام.

خطبة الحسن وعمار وقيس بالكوفة: ولما نزل الحسن عليه السلام وعمار وقيس الكوفة ومعهم كتاب أمير المؤمنين عليه السلام قام فيهم الحسن عليه السلام فقال: أيها الناس قد كان من أمير المؤمنين عليه السلام ما يكفيكم جملته وقد أتيناكم مستنفرين لكم لأنكم جبهة الأنصار وسنام العرب وقد نقضا طلحة والزبير بيعتهما وخرجا بعائشة وهي من النساء وضعف رأيهن كما قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} أما والله لئن لم تنصروه لينصرنه الله يتبعه من المهاجرين والأنصار وسائر الناس فانصروا ربكم ينصركم.

ثم قام عمار بن ياسر فقال: يا أهل الكوفة إن كانت هانت عندكم الدنيا فقد انتهت إليكم أمورنا وأخبارنا أن قاتلي عثمان لا يعتذرون إلى الناس من قتله وقد جعلوا كتاب الله بينهم وبين محاجيهم فيه وقد كان طلحة والزبير أول من طعن عليه وأول من أمر بقتله وسعى في دمه فلما قتل بايعا عليا طوعا واختيارا ثم نكثا على غير حدث كان منه وهذا ابن رسول الله وقد عرفتم إنه أنفذه إليكم يستنفركم وقد اصطفاكم على المهاجرين والأنصار.

ثم قام قيس بن سعد فقال: أيها الناس إن هذا الأمر لو استقبلنا به أهل الشورى لكان علي أحق الناس به لمكانه من رسول الله صلى الله عليه وآله وكان قتال من أبى ذلك حلالا فكيف بالحجة على طلحة والزبير وقد بايعاه طوعا ثم خلعا حسدا وبغيا وقد جاءكم علي في المهاجرين والأنصار ثم أنشأ يقول:

رضينا بقسم الله إذ كان قسمنا  *  عليا وأبناء الرسول محمد

وقلنا لهم أهلا وسهلا ومرحبا  *  نمد يدينا من هدى وتودد

فما للزبير الناقض العهد حرمة  *  ولا لأخيه طلحة فيه من يد

أتاكم سليل المصطفى ووصيه  *  وأنتم بحمد الله عارضة الندي

فمن قائم يرجى بخيل إلى الوغى  *  وضم العوالي والصفيح المهند

يسود من أدناه غير مدافع  *  وإن كان ما نقضيه غير مسود

فإن يك ما نهوى فذاك نريده  *  وإن نخط ما نهوى فغير تعمد

- خطبة الإمام الحسن في معسكر أمير المؤمنين

- الجمل - الشيخ المفيد  ص 175، 176:

خطبة الحسن: فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلاموقال لولده الحسن عليه السلام قم يا بني فاخطب فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس قد بلغتنا مقالة ابن الزبير وقد كان والله يتجنى على عثمان الذنوب وقد ضيق عليه البلاد حتى قتل وإن طلحة راكز رايته على بيت ماله وهو حي وأما قوله إن عليا ابتز الناس أمرهم فإن أعظم حجة لأبيه زعم أنه بايعه بيده ولم يبايعه بقلبه فقد أقر بالبيعة وادعى الوليجة فليأتي على ما ادعاه ببرهان وأنى له ذلك وأما تعجبه من تورد أهل الكوفة على أهل البصرة فما عجبه من أهل حق توردوا على أهل باطل ولعمري والله ليعلمن أهل البصرة وميعاد ما بيننا وبينهم اليوم نحاكمهم إلى الله تعالى فيقضي الله الحق وهو خير الفاصلين.

فلما فرغ الحسن عليه السلام من كلامه قام رجل يقال له عمر بن محمود وأنشد شعرا يمدح الحسن.

- رسول الله نص على إمامة علي بن الحسين وأبوه وجده نصا عليه كما نص عليه الرسول

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 41:

واتفقت الإمامية على أن رسول الله صلى الله عليه وآله نص على علي بن الحسين وأن أباه وجده نصا عليه كما نص عليه الرسول صلى الله عليه وآله، وأنه كان بذلك إماما للمؤمنين.

وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة والمنتمون إلى أصحاب الحديث على خلاف ذلك، وأنكروا بأجمعهم أن يكون علي بن الحسين عليه السلام إماما للأمة بما توجب به الإمامة لأحد من أئمة المسلمين.

- الإمام الصادق أوصى إلى خمسة أفراد حفاظا على ابنه موسى من ضرر يلحقه بوصيته إليه

- المسائل العشر في الغيبة - الشيخ المفيد  ص 69، 72:

الكلام في الفصل الثالث: وأما تعلقهم بوصية أبي محمد الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته المسماة بحديث المكناة بأم الحسن رضي الله عنها، بوقوفه وصدقاته، وإسناد النظر في ذلك إليها دون غيرها فليس بشيء يعتمد في إنكار ولد له قائم من بعده مقامه، من قبل أنه أمر بذلك تمام ما كان من غرضه في إخفاء ولادته وستر حاله عن متملك الأمر في زمانه ومن يسلك سبيله في إباحة دم داع إلى الله تعالى منتظر لدولة الحق.

ولو ذكر في وصيته ولدا له وأسندها إليه، لناقض ذلك الغرض منه فيما ذكرناه، ونافى مقصده في تدبير أمره له على ما وصفناه، وعدل عن النظر بولده وأهله ونسبه، ولا سيما مع اضطراره كان إلى شهادة خواص الدولة العباسية عليه في الوصية وثبوت خطوطهم فيهما -كالمعروف بتدبر مولى الواثق وعسكر الخادم مولى محمد بن المأمون والفتح بن عبد ربه وغيرهم من شهود قضاة سلطان الوقت وحكامه- لما قصد بذلك من حراسة قومه، وحفظ صدقاته، وثبوت وصيته عند قاضي الزمان، وإرادته مع ذلك الستر على ولده، وإهمال ذكره، والحراسة لمهجته بترك التنبيه على وجوده، والكف لأعدائه بذلك عن الجد والاجتهاد في طلبه، والتبريد عن شيعته لما يشنع به عليهم من اعتقاد وجوده وإمامته.

ومن اشتبه عليه الأمر فيما ذكرناه، حتى ظن أنه دليل على بطلان مقال الإمامية في وجود ولد للحسن عليه السلام مستور عن جمهور الأنام، كان بعيدا من الفهم والفطنة، بائنا عن الذكاء والمعرفة، عاجزا بالجهل عن التصور أحوال العقلاء وتدبيرهم في المصالح وما يعتمدونه في ذلك من صواب الرأي وبشاهد الحال، ودليله من العرف والعادات.

فصل: وقد تظاهر الخبر فيما كان عن تدبير أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، وحراسته ابنه موسى بن جعفر عليه السلام بعد وفاته من ضرر يلحقه بوصيته إليه، وأشاع الخبر عن الشيعة إذا ذاك باعتقاد إمامته من بعده، والاعتماد في حجتهم على إفراده بوصيته مع نصه عليه بنقل خواصه. فعدل عن إقراره بالوصية عند وفاته، وجعلها إلى خمسة نفر: أولهم المنصور -وقدمه على جماعتهم إذ هو سلطان الوقت ومدبر أهله- ثم صاحبه الربيع من بعده، ثم قاضي وقته، ثم جاريته وأم ولده حميدة البربرية، وختمهم بذكر ابنه موسى بن جعفر عليه السلام، يستر أمره ويحرس بذلك نفسه. ولم يذكر مع ولده موسى أحدا من أولاده، لعلمه بأن منهم من يدعي مقامه من بعده، ويتعلق بإدخاله في وصيته. ولو لم يكن موسى عليه السلام ظاهرا مشهورا في أولاده معروف المكان منه وصحة نسبه واشتهار فضله وعلمه وحكمته وامتثاله وكماله، بل كان مثل ستر الحسن عليه السلام ولده، لما ذكره في وصيته، ولاقتصر على ذكر غيره ممن سميناه، لكنه ختمهم في الذكر به كما بيناه. وهذا شاهد لما وصفناه من غرض أبي محمد عليه السلام في وصيته إلى والدته دون غيرها، وإهمال ذكر ولد له، ونظر له في معناه على ما بيناه.

- حكاية في فضل موسى بن جعفر عليه السلام على هارون الرشيد

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 36 :

فصل: وحدثني الشيخ أدام الله عزه فقال: لما حج الرشيد ونزل المدينة اجتمع إليه بنو هاشم وبقايا المهاجرين والأنصار ووجوه الناس، وكان في القوم سيدنا أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام فقال لهم الرشيد: قوموا إلى زيارة رسول الله. قال: ثم نهض معتمدا على يد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام حتى انتهى إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فوقف ثم قال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا بن عم -افتخارا على قبائل العرب الذين حضروا معه واستطالة عليهم بالنسب- قال: فنرغ أبو الحسن موسى عليه السلام يده من يده ثم تقدم فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبة، قال: فتغير لون الرشيد ثم قال: يا أبا الحسن إن هذا لهو الفخر الجسيم.

- حكاية في فضل نسب على بن موسى على نسب المأمون

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 37:

فصل: وحدثني الشيخ أدام الله عزه أيضا قال: روي أنه لما سار المأمون إلى خراسان وكان معه الرضا علي بن موسى عليهما السلام، فبينا هما يسيران إذ قال له المأمون: يا أبا الحسن إني فكرت في شيء ففتح لي الفكر الصواب فيه، فكرت في أمرنا وأمركم ونسبنا ونسبكم فوجدت الفضيلة فيه واحدة ورأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولا على الهوى والعصبية.

فقال له أبو الحسن الرضا عليه السلام: إن لهذا الكلام جوابا فإن شئت ذكرته لك وإن شئت أمسكت، فقال له المأمون: إني لم أقله إلا لأعلم ما عندك فيه، قال له الرضا عليه السلام: أنشدك الله يا أمير المؤمنين لو أن الله تعالى بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وآله فخرج علينا من وراء أكمة من هذه الآكام فخطب إليك ابنتك أكنت تزوجه إياها؟ فقال: يا سبحان الله وهل أحد يرغب عن رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال له الرضا عليه السلام: أفتراه يحل له أن يخطب إلي، قال : فسكت المأمون هنيئة ثم قال: أنتم والله أمس برسول الله صلى الله عليه وآله رحما.

قال الشيخ أدام الله عزه: وإنما المعنى لهذا الكلام، أن ولد العباس يحلون لرسول الله صلى الله عليه وآله كما يحل له البعداء في النسب منه، وأن ولد أمير المؤمنين عليه السلام من فاطمة عليها السلام ومن امامة بنت زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله يحرمن عليه لأنهن من ولده في الحقيقة فالولد ألصق بالوالد وأقرب وأحرز للفضل من ولد العم بلا ارتياب بين أهل الدين، فكيف يصح مع ذلك أن يتساووا في الفضل بقرابة الرسول صلى الله عليه وآله فنبهه الرضا عليه السلام على هذا المعنى وأوضحه له.

- بين أبي حنيفة وموسى بن جعفر عليه السلام

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 72، 73:

فصل: وأخبرني الشيخ أيده الله أيضا قال: قال أبو حنيفة: دخلت المدينة فأتيت جعفر بن محمد فسلمت عليه وخرجت من عنده فرأيت ابنه موسى في دهليز قاعدا في مكتب له وهو صبي صغير السن فقلت له: يا غلام أين يحدث الغريب عندكم إذا أراد ذلك؟ فنظر إلي ثم قال: يا شيخ أجتنب شطوط الأنهار ومسقط الثمار وفيء النزال وأفنية الدور والطرق النافذة والمساجد وارفع وضع بعد ذلك حيث شئت.

قال: فلما سمعت هذا القول منه نبل في عيني وعظم في قلبي فقلت له: جعلت فداك ممن المعصية؟ فنظر إلي نظرا ازدراني به ثم قال: إجلس حتى أخبرك فجلست بين يديه فقال: إن المعصية لابد من أن تكون من العبد أو من خالقه أو منهما جميعا، فان كانت من الله تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله، وإن كانت منهما فهو شريكه والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الأمر وإليه توجه النهي وله حق الثواب وعليه العقاب ووجبت له الجنة والنار قال أبو حنيفة: فلما سمعت ذلك قلت: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

قال الشيخ أيده الله: وفي ذلك يقول الشاعر:

لم تخل أفعالنا اللاتي يذم بها  *  إحدى ثلاث معان حين ناتيها

إما تفرد بارينا بصنعتها  *  فيسقط اللوم عنا حين ننشيها

أو كان يشركنا فيها فيلحقه  *  ما سوف يلحقنا من لائم فيئها

أو لم يكن لالهي في جنايتها  *  ذنب فما الذنب إلا ذنب جانيها

- في الرد على  المشككين بإمامة الجواد والإمام المهدي لصغر السن

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 149، 153:

فصل: ومن كلام الشيخ أيده الله: فيما يختص مذاهب أهل الإمامة، قال الشيخ أدام الله عزه: إن قال قائل: كيف يصح لكم معشر الإمامية القول بإمامة الإثني عشر عليهم السلام وأنتم تعلمون أن فيهم من خلفه أبوه وهو صبي صغير لم يبلغ الحلم ولا قارب بلوغه، كأبي جعفر محمد بن علي بن موسى عليهم السلام وقد توفي أبوه وله عند وفاته سبع سنين، وكقائمكم الذي تدعونه وسنه عند وفاة أبيه عند المكثرين خمس سنين.

وقد علمنا بالعادات التي لم تنتقض في زمان من الأزمنة أن من كان له من السنين ما ذكرناه، لم يكن من بالغي الحلم ولا مقاربيه، والله تعالى يقول: {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} وإذا كان الله تعالى قد أوجب الحجر على هذين النفسين في أموالهما لإيجابه ذلك في جملة الأيتام، بطل أن يكونا إمامين لان الإمام هو الوالي على الخلق في جميع أمر الدين والدنيا.

وليس يصح أن يكون الوالي على أموال الله تعالى كلها من الصدقات والأخماس والمأمون على الشريعة والأحكام وإمام الفقهاء والقضاة والحكام والحاجز على كثير من ذوي الألباب في ضروب من الأعمال، من لا ولاية له على درهم واحد من مال نفسه ولا يؤمن على النظر لنفسه ومن هو محجور عليه لصغر سنه ونقصان عقله لتناقض ذلك واستحالته، وهذا دليل على بطلان مذاهب الإمامية خاصة.

فالجواب: عن ذلك وبالله التوفيق قال الشيخ أدام الله عزه: هذا كلام يوهم الضعفة ويوقع الشبهة لمن لا بصيرة له، ويروع بظاهره قبل الفحص عن معناه والعلم بباطنه. وجملة القول فيه أن الآية التي اعتمدها هؤلاء القوم في هذا الباب، خاصة وليست بعامة بدلالة توجب خصوصها وتدل على بطلان الاعتقاد لعمومها. وذلك أن الله سبحانه وتعالى قد قطع العذر في كمال من أوجب له الإمامة ودل على عصمة من نصبه للرئاسة، وقد وضح بالبرهان القياسي والدليل السمعي إمامة هذين الامامين عليهما السلام فاوجب ذلك خروجهما من جملة الأيتام الذين توجه نحوهم الكلام. كما أوجب العقل خصوص قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقام الدليل على عدم العموم من قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} و {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}. وكما خص الإجماع قوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}، فأفرد النبي بغير هذا الحكم ممن انتظمه الخطاب. وكما خص العقل قوله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} وقوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} وقوله تعالى: {وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} فاخرج آدم وموسى وذا النون وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام والصالحين الذين وقع منهم ظلم صغير فذكرهم الله في صريح التنزيل إذ لم يذكرهم على التفصيل. وكما اختصت الآية في السراق من قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فجعلت في سارق دون سارق ولم يعم السراق، وكما اختصت آية القتل قوله: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}. وأشباه ذلك مما يطول شرحه.

وإذا كان المستدل بما حكيناه على الإمامية معترفا بخصوص ما هو على الظاهر عموم بدليل يدعيه ربما ووفق فيه وربما خولف فيه، كانت الإمامية غير حرجة في اعتقادها خصوص آية الحجر بدليل يوجبه العقل ويحصل عليه الإجماع على التنزيل الذي أذكره والبيان، وذلك أنه لا خلاف بين الأمة أن هذه الآية يختص انتظامها لنواقص العقول عن حد الإكمال الذي يوجب الإيناس فلم تك منتظمة لمن حصل له من العقل ما هو حاصل لبالغي الحلم من أهل الرشاد فبطل أن تكون منتظمة للائمة عليهم السلام.

والذي يكشف لك عن وهن هذه الشبهة التي أوردها هؤلاء الضعفاء هو أن المحتج بهذه الآية لا يخلو من أن يكون مسلما للشيعة إمامة هذين النفسين عليهما السلام تسليم جدل أو منكرا لإمامتهما غير معترف بها على حال، فإن كان مسلما لذلك فقد سقط احتجاجه لضرورته إلى الاعتراف بخروج من أكمل الله عز وجل عقله وكلفه المعارف وعصمه من الذنوب والمآثم، من عموم هذه الآية ووجوب ما وصفناه للإمام. وإن كان منكرا لم يكن لكلامه في تأويل هذه الآية معنى لأن التأويل للقران فرع لا يتم إلا بأصله. ولأن إنكاره لإمامة من ذكرناه بغير الآية التي تعلق بها يغنيه عن الاعتماد عليها ولا يفقره إليها فإن اعتمد عليها فإنما يعتمد على ضرب من الرجحان، مع أن كلامه حينئذ يكون كلام من احتج بعموم قوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} مع منازعته في المخلوق، وإنكاره القول بالتعديل وككلام من تعلق بعموم قوله: {وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} مع إنكاره عصمة الأنبياء من الكبائر والقطع على أنهم من أهل الثواب، وهذا تخليط لا يصير إليه ناظر مع أن الخصوص قد يقع في القول ولا يصح وقوعه في عموم العقل والعقل موجب لعموم الأئمة عليهم السلام بالكمال والعصمة فإذا دل الدليل على إمامة هذين النفسين عليهما السلام وجب خصوص الآية فيمن عداهما بلا ارتياب.

مع أن العموم لا صيغة له عندنا فيجب استيعاب الجنس بنفس اللفظ وإنما يجب ذلك بدليل يقترن إليه، فمتى تعرى عن الدليل وجب الوقف فيه ولا دليل على عموم هذه الآية، وهذا خلاف ما توهموه.

على أن خصومنا قد نسوا في هذا الباب شيئا لو ذكروه لصرفهم عن هذا الاحتجاج، وذلك أنهم يخصون قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} ويخرجون ولد رسول الله صلى الله عليه وآله من عموم هذه الآية بخبر واحد ينقضه القرآن ويرده اتفاق آل محمد عليهم السلام ولا يقنعون من خصومهم أن يخصوا آية الأيتام بدليل العقل وبرهان القياس وتواتر الأخبار بالنص على هؤلاء الأئمة عليهم السلام، فمن رأى أعجب من هؤلاء القوم! ولا أظلم ولا أشد جورا في الأحكام، والله نسأل التوفيق للصواب بمنه.

- بعد وفاة الإمام الصادق مضت الإمامية على سنن القول في الإمامة ودانت بإمامة موسى بن جعفر

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 305، 307:

قال الشيخ أيده الله تعالى: ثم لم تزل الإمامية على القول بنظام الإمامة حتى افترقت كلمتها بعد وفاة أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام. فقالت فرقة منها:

إن أبا عبد الله عليه السلام حي لم يمت ولا يموت حتى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا لأنه القائم المهدي، وتعلقوا بحديث رواه رجل يقال له عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن جاءكم من يخبركم عني بأنه غسلني وكفنني ودفنني فلا تصدقوه، وهذه الفرقة تسمى الناووسية وإنما سميت بذلك لان رئيسهم في هذه المقالة رجل من أهل البصرة يقال له عبد الله بن ناووس.

وقالت فرقة أخرى: إن أبا عبد الله عليه السلام توفي ونص على ابنه إسماعيل ابن جعفر عليه السلام وأنه الإمام بعده وأنه القائم المنتظر، وأنكروا وفاة إسماعيل في حياة أبي عبد الله عليه السلام وقالوا إنه لم يمت وإنما لبس على الناس في أمره لأمر رآه أبوه. وقال فريق منهم: إن إسماعيل قد كان توفي على الحقيقة في زمن أبيه عليه السلام غير أنه قبل وفاته نص على ابنه محمد فكان الإمام بعده. وهؤلاء هم القرامطة وهم المباركية ونسبهم إلى القرامطة برجل من أهل السواد يقال له قرمطويه، ونسبهم إلى المباركية برجل يسمى المبارك مولى إسماعيل ابن جعفر، والقرامطة أخلاف المباركية، والمباركية سلفهم.

وقال فريق من هؤلاء: إن الذي نص على محمد بن إسماعيل هو الصادق عليه السلام دون إسماعيل وكان ذلك الواجب عليه لأنه أحق بالأمر بعد أبيه من غيره، ولأن الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام وهؤلاء الفرق الثلاث هم الإسماعيلية وإنما سموا بذلك لادعائهم إمامة إسماعيل.

وأما علتهم في النص على إسماعيل فهي أن قالوا: كان إسماعيل أكبر ولد جعفر، وليس يجوز أن ينص على غير الأكبر، قالوا: وقد أجمع من خالفنا على أن أبا عبد الله عليه السلام نص على إسماعيل غير أنهم ادعوا انه بدا لله فيه وهذا قول لا نقبله منهم.

وقالت فرقة أخرى: إن أبا عبد الله توفي وكان الإمام بعده محمد بن جعفر واعتلوا في ذلك بحديث تعلقوا به، وهو أن أبا عبد الله عليه السلام على ما زعموا كان في داره جالسا فدخل عليه محمد وهو صبي صغير فعدا إليه فكبا في قميصه ووقع لوجهه، فقام إليه أبو عبد الله عليه السلام فقبله ومسح التراب عن وجهه وضمه إلى صدره وقال: سمعت أبي يقول: إذا ولد لك ولد يشبهني فسمه باسمي، وهذا الولد شبيهي وشبيه رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى سنته وشبيه علي عليه السلام، وهذه الفرقة تسمى الشمطية بنسبتها إلى رجل يقال له يحيى بن أبي الشمط.

وقالت فرقة أخرى: إن الإمام بعد أبي عبد الله عليه السلام ابنه عبد الله بن جعفر واعتلوا في ذلك بأنه كان أكبر ولد أبي عبد الله عليه السلام قالت: وإن أبا عبد الله عليه السلام قال: الإمامة لا تكون إلا في الأكبر من ولد الإمام، وهذه الفرقة تسمى الفطحية وإنما سميت بذلك لان رئيسا لها يقال له عبد الله بن أفطح، ويقال: إنه كان أفطح الرجلين، ويقال: بل كان أفطح الرأس، ويقال : إن عبد الله كان هو الأفطح.

- بعد وفاة الإمام موسى بن جعفر مضت الإمامية على سنن القول في الإمامة ودانت بإمامة علي بن موسى الرضا

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 313، 315:

فصل: قال الشيخ أيده الله: ثم لم تزل الإمامية بعد من ذكرناه على نظام الإمامة حتى قبض موسى بن جعفر عليه السلام، فافترقت بعد وفاته فرقا قال جمهورهم بإمامة أبي الحسن الرضا عليه السلام ودانوا بالنص عليه وسلكوا الطريقة المثلى في ذلك، وقال جماعة منهم بالوقف على أبي الحسن موسى عليه السلام وادعوا حياته وزعموا أنه هو المهدي المنتظر. وقال فريق منهم إنه قد مات وسيبعث وهو القائم بعده.

واختلفت الواقفة في الرضا عليه السلام ومن قام من آل محمد بعد أبي الحسن موسى عليه السلام فقال بعضهم هؤلاء خلفاء أبي الحسن عليه السلام وامراؤه وقضاته إلى أوان خروجه وإنهم ليسوا بأئمة وما ادعوا الإمامة قط، وقال الباقون إنهم ضالون مخطئون ظالمون، وقالوا في الرضا عليه السلام خاصة قولا عظيما وأطلقوا تكفيره وتكفير من قام بعده من ولده.

وشذت فرقة ممن كان على الحق إلى قول سخيف جدا فأنكروا موت أبي الحسن عليه السلام وحبسه، وزعموا أن ذلك كان تخييلا للناس، وادعوا أنه حي غائب وأنه هو المهدي وزعموا أنه استخلف على الأمر محمد بن بشر مولى بني أسد، وذهبوا إلى الغلو والقول بالإباحة ودانوا بالتناسخ.

واعتلت الواقفة فيما ذهبوا إليه بأحاديث رووها عن أبي عبد الله عليه السلام منها أنهم حكوا عنه أنه لما ولد موسى بن جعفر عليه السلام دخل أبو عبد الله عليه السلام على حميدة البربرية أم موسى عليه السلام فقال لها: "يا حميدة بخ بخ حل الملك في بيتك" قالوا: وسئل عن اسم القائم فقال اسمه اسم حديدة الحلاق.

فيقال لهذه الفرقة: ما الفرق بينكم وبين الناووسية الواقفة على أبي عبد الله عليه السلام والكيسانية الواقفة على أبي القاسم ابن الحنفية رحمة الله عليه، والمفوضة المنكرة لوفاة أبي عبد الله الحسين عليه السلام الدافعة لقتله، والسبائية المنكرة لوفاة أمير المؤمنين عليه السلام المدعية حياته، والمحمدية النافية لموت رسول الله صلى الله عليه وآله المتدينة بحياته. وكل شيء راموا به كسر مذاهب من عددناهم فهو كسر لمذاهبهم ودليل على إبطال مقالتهم.

ثم يقال لهم فيما تعلقوا به من الحديث الأول: ما أنكرتم أن يكون الصادق عليه السلام أراد بالملك الإمامة على الخلق وفرض الطاعة على البشر وملك الأمر والنهي، وأي دليل في قوله لحميدة: "حل الملك في بيتك" على أنه نص على ابنه بأنه القائم بالسيف أو ما سمعتم الله تعالى يقول: {فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا} وإنما أراد ملك الدين والرئاسة فيه على العالمين.

وأما قوله عليه السلام وقد سئل، عن اسم القائم فقال اسم حديدة الحلاق، فانه إن صح وثبت ذلك -على أنه غير معروف- فإنما أشار به إلى القائم بالإمامة بعده ولم يشر به إلى القائم بالسيف، وقد علمنا أن كل إمام فهو قائم بالأمر بعد أبيه فأي حجة فيما تعلقوا به لولا عمى القلوب.

على أنه يقال لهم: ما الدليل على إمامة أبي الحسن موسى عليه السلام وما البرهان على أن أباه نص عليه؟ فبأي شيء تعلقوا في ذلك واعتمدوا عليه، أريناهم بمثله صحة إمامة الرضا عليه السلام وثبوت النص من أبيه عليه، وهذا ما لا يجدون عنه مخلصا.

وأما من زعم أن الرضا عليه السلام ومن بعده كانوا خلفاء أبي الحسن موسى عليه السلام ولم يدعوا الأمر لأنفسهم، فانه قول مباهت لا يذكر في دفع الضرورة ولان جميع شيعة هؤلاء القوم وغير شيعتهم من الزيدية الخلص ومن تحقق النظر، يعلم يقينا أنهم كانوا ينتحلون الإمامة وأن الدعاة إلى ذلك خاصتهم من الناس، ولا فصل بين هذه الفرقة في بهتها وبين الفرق الشاذة من الكيسانية فيما ادعوه من أن الحسن والحسين عليهما السلام كانا خليفتي محمد بن الحنفية وأن الناس لم يبايعوهما على الإمامة لأنفسهما، وهذا قول وضوح فساده يغني عن الإطناب فيه.

وأما البشرية فان دليل وفاة أبي الحسن عليها السلام وإمامة الرضا عليه السلام وبطلان الحلول والاتحاد ولزوم الشرايع وفساد الغلو والتناسخ يدل بمجموع ذلك وبآحاده على فساد ما ذهبوا إليه.

- بعد وفاة الإمام علي بن موسى الرضا مضت الإمامية على سنن القول في الإمامة ودانت بإمامة الجواد محمد بن علي

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 315، 316:

فصل: قال الشيخ أيده الله: ثم إن الإمامية استمرت على القول بأصول الإمامة طول أيام أبي الحسن الرضا عليه السلام، فلما توفي وخلف ابنه أبا جعفر عليه السلام وله عند وفاة أبيه سبع سنين، اختلفوا وتفرقوا ثلاث فرق:

فرقة مضت على سنن القول في الإمامة ودانت بإمامة أبي جعفر عليه السلام ونقلت النص عليه وهم أكثر الفرق عددا.

وفرقة ارتدت إلى قول الواقفة ورجعوا عما كانوا عليه من إمامة الرضا عليه السلام.

وفرقة قالت بإمامة أحمد بن موسى عليه السلام وزعموا أن الرضا عليه السلام وصى إليه ونص بالإمامة عليه. واعتل الفريقان الشاذان عن أصل الإمامة بصغر سن أبي جعفر عليه السلام وقالوا ليس يجوز أن يكون إمام الزمان صبيا لم يبلغ الحلم.

فيقال لهم: ما سوى الراجعة إلى الوقف كما قيل للواقفة دلوا بأي دليل شئتم على إمامة الرضا عليه السلام حتى نريكم بمثله إمامة أبي جعفر عليه السلام، وبأي شيء طعنتم به في نقل النص على أبي جعفر عليه السلام فان الواقفة تطعن بمثله في نقل النص على أبي الحسن الرضا عليه السلام ولا فصل في ذلك.

على أن ما اشتبه عليهم من جهة سن أبي جعفر عليه السلام فانه بين الفساد، وذلك أن كمال العقل لا يستنكر لحجج الله تعالى مع صغر السن قال الله سبحانه: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} فخبر عن المسيح عليه السلام بالكلام في المهد، وقال في قصة يحيى عليه السلام: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}. وقد أجمع جمهور الشيعة مع سائر من خالفهم على أن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا عليا عليه السلام وهو صغير السن ولم يدع الصبيان غيره، وباهل بالحسن والحسين عليهما السلام وهما طفلان، ولم ير مباهل قبله ولا بعده باهل بالأطفال.

وإذا كان الأمر على ما ذكرناه من تخصيص الله تعالى حججه على ما شرحناه، بطل ما تعلق به هؤلاء القوم.

على أنهم إن أقروا بظهور المعجزات على الأئمة عليهم السلام وخرق العادة لهم وفيهم، بطل أصلهم الذي اعتمدوا عليه في إنكار إمامة أبي جعفر عليه السلام وإن أبوا ذلك ولحقوا بالمعتزلة في إنكار المعجز إلا على الأنبياء عليهم السلام، كلموا بما تكلم به إخوانهم من أهل النصب والضلال، وهذا المقدار يكفي بمشيئة الله في نقض ما اعتمدوه بما حكيناه.

- بعد وفاة الإمام الجواد محمد بن علي مضت الإمامية على سنن القول في الإمامة ودانت بإمامة الهادي علي بن محمد

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 317:

فصل: قال الشيخ أيده الله: ثم ثبتت الإمامية القائلون بإمامة أبي جعفر عليه السلام بأسرها على القول بإمامة أبي الحسن علي بن محمد من بعد أبيه عليهما السلام ونقل النص عليه إلا فرقة قليلة العدد شذوا عن جماعتهم، فقالوا بإمامة موسى بن محمد أخي أبى الحسن علي بن محمد ثم إنهم لم يثبتوا على هذا القول إلا قليلا حتى رجعوا إلى الحق ودانوا بإمامة علي بن محمد عليه السلام ورفضوا القول بإمامة موسى بن محمد وأقاموا جميعا على إمامة أبي الحسن عليه السلام.

- بعد وفاة الإمام الهادي علي بن محمد قال جمهور الإمامية بإمامة العسكري الحسن بن علي ونقلوا النص عليه وأثبتوه

- الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 317، 318:

فلما توفي تفرقوا بعد ذلك: فقال الجمهور منهم بإمامة أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام ونقلوا النص عليه وأثبتوه.

وقال فريق منهم: إن الإمام بعد أبي الحسن، محمد بن علي أخو أبي محمد عليه السلام وزعموا أن أباه عليا عليه السلام نص عليه في حياته، وهذا محمد كان قد توفي في حياة أبيه فدفعت هذه الفرقة وفاته وزعموا أنه لم يمت وأنه حي وهو الإمام المنتظر.

وقال نفر من الجماعة شذوا أيضا عن الأصل: إن الإمام بعد محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسى عليهم السلام أخوه جعفر بن علي وزعموا أن أباه نص عليه بعد مضي محمد وأنه القائم بعد أبيه.

فيقال للفرقة الأولى: لم زعمتم أن الإمام بعد أبي الحسن عليه السلام ابنه محمد وما الدليل على ذلك؟ فان ادعوا النص طولبوا بلفظه والحجة عليه ولن يجدوا لفظا يتعلقون به في ذلك ولا تواتر يعتمدون عليه، لأنهم في أنفسهم من الشذوذ والقلة على حد ينفى عنهم التواتر القاطع للعذر في العدد مع أنهم قد انقرضوا ولا بقية لهم وذلك مبطل أيضا لما ادعوه.

ويقال لهم في ادعاء حياته، ما قيل للكيسانية والناووسية والواقفة، ويعارضون بما ذكرناه ولا يجدون فصلا.

فأما أصحاب جعفر فان أمرهم مبني على إمامة محمد، وإذا سقط قول هذا الفريق لعدم الدلالة على صحته وقيامها على إمامة أبي محمد عليه السلام فقد بان فساد ما ذهبوا إليه.