عقائد الشيعة الإمامية >> الشيخ المفيد

 

 

عقائد الشيخ المفيد قدس سره

الحكم والحقوق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 

- يجب على الظالمين استفراغ الجهد مع التوبة في الخروج من مظالم العباد فإنه إذا علم الله ذلك منهم قبل توبتهم وعوض المظلومين عنهم إذا عجز التائبون عن رد ظلاماتهم وإن قصر التائبون من الظلم كان أمرهم إلى الله عز وجل فإن شاء عاقبهم وإن شاء تفضل عليهم بالعفو والغفران

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 86، 69:

70 - القول في التوبة من مظالم العباد

أقول: إن من شرط التوبة إلى الله سبحانه من مظالم العباد الخروج إلى المظلومين من حقوقهم بأدائها إليهم أو باستحلالهم منها على طيبة النفس بذلك والاختيار له، فمن عدم منهم صاحب المظلمة وفقده خرج إلى أوليائه من ظلامته أو استحلهم منها على ما ذكرناه، ومن عدم الأولياء حقق العزم على الخروج إليهم متى وجدهم واستفرغ الوسع في ذلك بالطلب في حياته والوصية له بعد وفاته، ومن جهل أعيان المظلومين أو مواضعهم حقق العزم والنية في الخروج من الظلامة إليهم متى عرفهم وجهد وأجهد نفسه في التماسهم، فإذا خاف فوت ذلك بحضور أجله وصى به على ما قدمناه، ومن لم يجد طولا لرد المظالم سأل الناس الصلة له والمعونة على ما يمكنه من ردها أو آجر نفسه إن نفعه ذلك وكان طريقا إلى استفادة ما يخرج به من المظالم إلى أهلها.

والجملة في هذا الباب أنه يجب على الظالمين استفراغ الجهد مع التوبة في الخروج من مظالم العباد، فإنه إذا علم الله ذلك منهم قبل توبتهم وعوض المظلومين عنهم إذا عجز التائبون عن رد ظلاماتهم، وإن قصر التائبون من الظلم فيما ذكرناه كان أمرهم إلى الله عز وجل فإن شاء عاقبهم وإن شاء تفضل عليهم بالعفو والغفران، وعلى هذا إجماع أهل الصلوة من المتكلمين والفقهاء.

- إذا قتل مؤمنا على وجه التحريم لدمه ثم أراد التوبة مما فعله فعليه أن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول فإن شاءوا استقالوا منه وإن شاءوا ألزموه الدية وإن شاءوا عفوا عنه وكانت توبته مقبولة

- إذا قتل مؤمنا على وجه التحريم لدمه ثم أراد التوبة ولم يسلم نفسه إلى أولياء المقتول لم تقبل توبته

- إذا استحل دماء المؤمنين وقتل منهم مؤمنا على الاستحلال فإن العقل لا يمنع من توبته وقبول التوبة منه لكن السمع ورد عن الصادقين من أئمة الهدى أنه من فعل ذلك لم يوفق للتوبة أبدا

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 87، 88:

71 - القول في التوبة من قتل المؤمنين

أقول: من قتل مؤمنا على وجه التحريم لدمه دون الاستحلال ثم أراد التوبة مما فعله فعليه أن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول، فإن شاؤا استقالوا منه وإن شاؤا ألزموه الدية وإن شاؤا عفوا عنه، وإن لم يفعل ذلك لم تقبل توبته وإن فعله كانت توبته مقبولة وسقط عنه بها عقاب ما جناه.

وبهذا نطق القرآن وعليه انعقد الإجماع، وإنما خالف فيه شذاذ من الحشوية والعوام.

فأما القول فيمن استحل دماء المؤمنين وقتل منهم مؤمنا على الاستحلال فإن العقل لا يمنع من توبته وقبول التوبة منه، لكن السمع ورد عن الصادقين من أئمة الهدى عليهم السلام أنه من فعل ذلك لم يوفق للتوبة أبدا ولم يتب على الوجه الذي يسقط عنه العقاب به مختارا لذلك غير مجبر ولا مضطر كما ورد الخبر عنهم عليهم السلام:"إن ولد الزنا لا ينجب ولا يختار عند بلوغه الإيمان على الحقيقة وإن أظهره على كل حال، وإنما يظهره على الشك فيه أو النفاق دون الاعتقاد له على الايقان"، وكما ورد الخبر عن الله عز وجل في جماعة من خلقه أن مآلهم إلى النار وأنهم لا يؤمنون به أبدا ولا يتركون الكفر به والطغيان، وعلى هذا القول إجماع الفقهاء من أهل الإمامة ورواة الحديث منهم والآثار ولم أجد لمتكلميهم فيه مقالا أحكيه في جملة الأقوال.

- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان فرض على الكفاية بشرط الحاجة إليه لقيام الحجة على من لا علم لديه إلا بذكره أو حصول العلم بالمصلحة به أو غلبة الظن بذلك فأما بسط اليد فيه فهو متعلق بالسلطان وإيجابه على من يندبه له وإذنه فيه ولن يجوز تغيير هذا الشرط المذكور

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 119:

126 - القول في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وأقول: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان فرض على الكفاية بشرط الحاجة إليه لقيام الحجة على من لا علم لديه إلا بذكره، أو حصول العلم بالمصلحة به، أو غلبة الظن بذلك فأما بسط اليد فيه فهو متعلق بالسلطان وإيجابه على من يندبه له وإذنه فيه، ولن يجوز تغيير هذا الشرط المذكور. وهذا مذهب متفرع على القول بالعدل والإمامة دون ما عداهما.

- معاونة الظالمين على الحق وتناول الواجب لهم جائز ومن أحوال واجب وأما معونتهم على الظلم والعدوان فمحظور لا يجوز مع الاختيار

- التصرف مع الظالمين في الأعمال فإنه لا يجوز إلا لمن أذن له إمام الزمان وعلى ما يشترطه عليه في الفعال وذلك خاص لأهل الإمامة دون من سواهم

- المتابعة للظالمين لا بأس بها فيما لا يكون ظاهره تضرر أهل الإيمان واستعماله على الأغلب في العصيان وإن الاكتساب منهم جائز على ما وصف والانتفاع بأموالهم وإن كانت مشوبة حلال للمؤمنين خاصة

- ما في أيدي الظالمين من أموال أهل المعرفة إذا كانت معينة محصورة فلا يحل لأحد تناول شيء منها على الاختيار فإن اضطر إلى ذلك جاز تناوله لإزالة الاضطرار دون الاستكثار منه

- أوائل المقالات - الشيخ المفيد ص 120، 121:

128 - القول في معاونة الظالمين والأعمال من قبلهم والمتابعة لهم والاكتساب منهم والانتفاع بأموالهم

وأقول: إن معاونة الظالمين على الحق وتناول الواجب لهم جايز ومن أحوال واجب، وأما معونتهم على الظلم والعدوان فمحظور لا يجوز مع الاختيار. وأما التصرف معهم في الأعمال فإنه لا يجوز إلا لمن أذن له إمام الزمان وعلى ما يشترطه عليه في الفعال، وذلك خاص لأهل الإمامة دون من سواهم لأسباب يطول بشرحها الكتاب.

وأما المتابعة لهم فلا بأس بها فيما لا يكون ظاهره تضرر أهل الإيمان واستعماله على الأغلب في العصيان. وأما الاكتساب منهم فجايز على ما وصفناه والانتفاع بأموالهم وإن كانت مشوبة حلال لمن سميناه من المؤمنين خاصة دون من عداهم من ساير الأنام.

فأما ما في أيديهم من أموال أهل المعرفة على الخصوص إذا كانت معينة محصورة فإنه لا يحل لأحد تناول شيء منها على الاختيار، فإن اضطر إلى ذلك كما يضطر إلى الميتة والدم جاز تناوله لإزالة الاضطرار دون الاستكثار منه على ما بيناه. وهذا مذهب مختص بأهل الإمامة خاصة، ولست أعرف لهم فيه موافقا لأهل الخلاف.