- المسائل العكبرية - الشيخ المفيد ص 61 : - |
المسألة الخامسة عشرة
وسأل أيضا عن تزويج أمير المؤمنين عليه السلام
ابنته أم كلثوم عمر بن الخطاب ، وقد عرف خلافه وكفره . وقول الشيعة " إنه رد
أمرها
إلى العباس " يدل [ على ] 1 أنه كان يرى تزويجه في الشريعة ،
لانه 2 لو لم يجز لما ساغ له التزويج 3 والتوكيل فيه .
قال السائل : فان كان عمر مسلما
فلم امتنع علي 4 من مناكحته ثم جعل ذلك إلى العباس رضى الله عنه 5 ؟
والجواب - وبالله التوفيق - : أن المناكح 6 على
ظاهر الاسلام دون حقائق الايمان . والرجل المذكور ، وإن كان بجحده النص ودفعه
الحق قد خرج عن الايمان ، فلم يخرج عن الاسلام لاقراره بالله ورسوله صلى الله
عليه وآله واعترافه بالصلاة والصيام والزكاة والحج .
وإذا كان مسلما بما ذكرناه جازت مناكحته من 7 حكم الشريعة .
وليس يمتنع كراهة مناكحة من يجوز مناكحته 8 ، للاجماع على جواز مناكحة الفاسقين
من أهل القبلة لفسقهم ، وإن كانت الكراهة لذلك لا تمنع من إباحته 9 على ما
بيناه .
وقد ورد عن أهل البيت [ عليهم السلام ] 10 كراهة ناكحة شارب مسكر ، وقالوا : "
من زوج ابتنه شارب الخمر 11 فكأنما قادها إلى الزنا " 12 ولا خلاف أنه إن عقد
عليها لشارب 13 خمر على سبيل التحريم ، أن العقد ماض وإن كان مكروها .
|
* هامش * |
|
|
1 - أثبتناها عن رض ومل .
2 - مل : إذ .
3 - " التزويج و " ليس في رض ومل .
4 - رض : + عليه السلام .
5 - " رضى الله عنه " ليست في حش ورض ومل .
6 - رض : المناكحة .
7 - حش ، رض . مل : في .
8 - في الاصل : مناكحه ، صححناها على باقى النسخ .
9 - " وإن كانت الكراهة لذلك لا تمنع من إباحته " ليست في رض ومل . 10 -
أثبتناها عن باقى النسخ .
11 - في الاصل وحش : خمر ، صححناها على رض ومل ومصدر الحديث .
12 - عن الصادق عليه السلام أنه قال : شارب الخمر إذا مرض فلا تعودوه - إلى أن
قال - وإذا خطب إليكم فلا تزوجوه ، فإنه من زوج ابنة شارب الخمر ، فكأنما قادها
إلى الزنى . ( مستدرك الوسائل
14 / 191 ) .
13 - مل : شارب . ( * )
|
|
|
وهذا 1 يسقط شبهة الخصم في تزويج أمير المؤمنين عليه السلام
عمر بن الخطاب ، وما أورده في توكيله العباس في ذلك ، وتوهم المناقضة 2 والتضاد
3 .
فصل .
وقد قال بعض الشيعة إنه عليه السلام كان فيما فعله من ذلك مضطرا ، وإنما جعل
الامر فيه إلى العباس ولم يتوله بنفسه ليدل بذلك على اضطراره إليه ، فالضرورة
تبيح ما يحظره الاختيار . وهذا أيضا يسقط شبهة الخصم التى تعلق بها .
فصل .
وبالجملة 4 إن مناكحة الضال قد وجدت من الانبياء عليهم السلام [ 12 و ] عملا
وعرضا ودعاء ، ولم يمنع من ذلك ضلالهم ، ولا أوجب موالاة الانبياء لهم ، و لادل
على ذلك .
ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وآله قد أنكح ابنتيه برجلين
كافرين ، وهما عتبة بن أبى لهب وأبو العاص بن الربيع ، ولم يقض 5 ذلك بضلاله
صلى الله عليه وآله ولا هداهما ، ولا منعت المناكحة بينهما من براءة 6 منهما في
الدين .
وقد قال الله تعالى مخبرا عن لوط عليه السلام : " هؤلاء
بناتى هن أطهر لكم " 7 . فعرض بناته على الكفار من قومه ، وقد أذن الله
في إهلاكهم 8 ، و لم يقتض 9 ذلك بولاية لهم ، ولا منع من عداوتهم في الدين .
وقد أقر رسول الله المنافقين على
نكاح المؤمنات ، وأقر المؤمنين على نكاح المنافقات 10 ، ولم
يمنع ذلك من تباين الفريقين في الدين . وهذا القدر كاف في جواب ما سأل عنه
السائل . ولي في هذه المسألة كتاب مفرد قد استقصيت الكلام
|
* هامش * |
|
|
1 - رض : وقد .
2 - رض ، مل . + فيه .
3 - رض ، مل : + فيه .
4 - رض ، مل . وفى الجملة .
5 - رض : ولم يفض . |
6 - رض ، مل : براءته .
7 - سورة هود ( 11 ) : 78 .
8 - رض ، مل : هلاكهم .
9 - رض ، مل : ولم يقض .
10 - رض ، مر : وقد أقر رسول الله ص على نكاح المنافقين . ( * )
|
|
|
فيه فمن وجده وتأمله أغناه في معناها عما سواه ، إن شاء الله
1 .
المسألة السادسة عشرة
قال 2
السائل : إذا صح النص 3 بحديث الغدير وغيره وكانت الأنصار قد سمعت ذلك
وعرفته ، فكيف دعت إلى أنفسها ؟ أتراها أنسيت 4 ذلك حين اجتمعت 5 على سعد بن
عبادة أم عاندت فيه ؟ وما بالهم لما رأوا الامر خارجا عنهم إلى قريش لم يذعنوا
بالحق ويظهروا ما أبطنوه ، ويردوا الامر إلى صاحبه ، ويمنعوا قريشا منه بذكر
النص والاحتجاج به ؟
والجواب - وبالله التوفيق - : أن الانصار لم تنس
ذلك النص ولا جهلت معناه ، وإنما أقدمت على طلب الامر والاستبداد به كما يقدم
المسلم على ارتكاب محظور على غير الاستحلال له ، لدواع تدعوه إلى ذلك ، وشهوات
واستعجال اللذات ، ومحبة التأمر في الدنيا والرياسات ، ولا يكون بفعله ذلك
ناسيا للشرع ولا معاندا فيه .
فصل .
فأما تركهم الاقرار بالنص عند خروج الامر عنهم ، فذلك لاسباب اقتضته :
احدها : طمعهم في نيله من بعد . فلو اعترفوا بالنص لا يسوا من
الظفر به مع حصوله في المنصوص عليه .
الثاني 6 : أنهم كرهوا أن يظهروا ضلالهم فيما سبق منهم من 7
ادعاء الامر فأمسكوا عن الاقرار بالحق لذلك .
|
* هامش * |
|
|
1 - حش ، رض ، مل : + وبه التوفيق .
2 - حش ، رض ، مل : وقال .
3 - رض ، مل : + له .
4 - رض ، مل : نسيت . |
5 - رض : اجمعت .
6 - حش ، رض ، مل : والثانى .
7 - رض ، مل : في . ( * )
|
|
|
الثالث 1 : أنهم اعتقدوا في الاقرار بالنص ظهور باطلهم في
الدعوة إلى [ 13 ظ ] أنفسهم مع قرب 2 ما يرجونه من إخراج الامر عن قريش . إلى
صاحبه ولا يكونون 3 حينئذ قد نالوا غرضا صحيحا في الاعتراف بالنص ، اللهم إلا
أن يريدوا لله
عز اسمه 4 ! وليس كل واحد 5 يرى الرجوع في كل حال إلى الله
تعالى 6 ، وإنما يرى ذلك من ترتفع 7 عنه دواعى الدنيا ، ولم تكن مرتفعة عن
طائفة من الانصار ، فكذلك قاموا 8 على ما كانوا عليه من دفع النص 9 والانكار .
فصل .
وقد قال بعض الشيعة إن الانصار لم تدعو إلى أنفسها لتتآمر على الامة وتقوم في
مقام الخلافة ، وإنما دعوا إلى الامر والتدبير مدة شغل أمير المؤمنين 10 بالنبي
صلى الله عليه وآله ، وفراغ قلبه للنظر في أمر الامرة من المصيبة به 11 .
وهذا هو الظاهر من دعواهم ، لقولهم : " منا أمير ومنكم أمير "
12 ولم يقولوا : " نحن الائمة والخلفاء ، ولا منا خليفة ولا إمام ، ومنكم خليفة
أو
|
* هامش * |
|
|
1 - حش ، رض ، مل : والثالث .
2 - رض : قوة .
3 - حش ، رض : ولا يكونوا ، مل : ولا يكون .
4 - حش ، رض ، مل : عزوجل .
5 - حش ، رض ، مل : أحد .
6 - حش ، رض ، مل : عزاسمه .
7 - رض ، مل : يرتفع .
8 - رض ، مل : فلذلك أقاموا .
9 - رض ، مل : الدفع للنص .
10 - حش ، رض ، مل : + عليه السلام .
11 - رض : + صلى الله عليه وآله .
12 - في صحيح البخاري . باب مناقب المهاجرين ( 2
/ 291 ) : واجتمعت الانصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا : منا
أمير ومنكم أمير . فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وابو عبيدة بن الجراح
فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر ، وكان عمر يقول : والله ما اردت بذلك إلا أني
قد هيأت كلاما قد اعجبني خشيت ، أن لا يبلغه ابو بكر . ثم تكلم ابو بكر فتكلم
ابلغ الناس فقال في كلامه . نحن الامراء وانتم الوزراء . فقال حباب بن المنذر :
لا والله لانفعل ، منا امير ومنكم امير . فقال ابو بكر . لا ولكنا الامراء
وانتم الوزر . . . هم أوسط العرب دارا وأعرابهم احسابا ، فبايعوا عمر أو أبا
عبيدة ! فقال عمر : بل نبايعك أنت ، فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم . فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس . ( * )
|
|
|
إمام " 1 . وهذا يسقط سؤال السائل وما فرع عليه من الكلام .
فصل .
وقال أيضا بعض الشيعة إن الذى منع عند فوت لامر لهم من الاقرار بالنص
والشهادة به أنهم كانوا في أول أمرهم وطلبهم الرياسة قاصدين 4 غرضين :
أحدهما إزالته عن المنصوص عليه .
والثانى حوزه دون قريش .
فلما فاتهم أحد الغرضين حصل لهم الاخر فلم يقع 3 منهم
الاعتراف بالنص ، لمناقضته 4 أحد الغرضين المذكورين ومناقضة 5 الغرض الاخر ، بل
من 6 العقلاء .
والجوابان الاولان أشبه بالاصل الذى قدمناه في الجواب عن
طلبهم الامر ، وأقرب وضوحا عند ذوى العقول والدين . وإليهما أذهب وعليهما أعول
دون الاخرين 7 وإن كانا مسقطين لاعتراض الخصوم على كل حال .
|
* هامش * |
|
|
1 - حش : ولامنا خليفة ولا منا إمام ومنكم إمام . رض ، مر : ولا منا خليفة ،
ومنكم خليفة ، ولا منا إمام ومنكم إمام .
2 - حش ، رض ، مر : + به .
3 - رض ، مل : فلم يصح .
4 - رض ، مل : لمناقضة .
5 - حش : . مناقضته .
6 - رض : عند .
7 - رض : الاخيرين . |
|
|
|