عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

- المسائل العكبرية - الشيخ المفيد ص 65 : -

المسألة السابعة عشرة

وقال السائل : اعترض فلسفي فقال : إذا قلتم إن الله 8 وحده لا شئ كان معه ، فالاشياء المحدثة من أي شئ كانت ؟ فقلنا له : مبتدعة لا من شئ . فقال : أحدثهما معا أو في زمان بعد زمان ؟ قال ، فإن قلتم : معا ، أوجدناكم أنها لم تكن معا وأنها حدثت شيئا بعد شئ . وإن قلتم : أحدثها في زمان بعد زمان ، فقد صار معه شريك وهو الزمان .


والجواب - وبالله التوفيق - : أن الله 9 لم يزل واحدا لا شئ معه ولا ثاني [ 13 و ] له ، وأنه ابتدأ ما أحدثه في غير زمان . وليس يجب إذا أحدث بعد الاول

  * هامش *  
 

 8 - حش ، رض ، مل : + تعالى .
 9 - رض ، مل : + تعالى . ( * )

 

 

- ص 66 -

حوادث أن يحدثها في زمان ، ولو فعل لها زمانا لما وجب بذلك 1 قدم الزمان ، إذ الزمان حركات الفلك أو ما يقوم مقامها مما هو بقدرها في التوقيت . فمن أين يجب عند هذا الفيلسوف أن يكون الزمان قديما إذا 2 لم توجد الاشياء ضربة واحدة ، لولا أنه لا يعقل معنى الزمان ؟


فصل .
على أنه يقال لمن ظن أن الافعال لا تكون إلا في زمان ، خبرونا عما بين الزمانين المتصلين : أهو زمان أو غير زمان ؟ فإن قالوا : زمان ، أحالوا بجعلهم 3 بينهما فصلا 4 ، والمسألة عن غير هذا . وإن قالوا : لا زمان بينهما ، اعترفوا بتقدير فعل لا

في زمان . وإن زعموا أن الزمان شئ واحد لا يتقدم بعضه بعضا ، أوجبوا 5 أن يكون الموجود في سنة أربعمائة من الهجرة هو الموجود في أول سنة من الهجرة ، والموجود في عهد آدم 6 على الابتداء مبتدأ في عهد النبي صلى الله عليه وآله 7 وأن زمان آدم هو زمان محمد صلى الله عليه وآله 8 وهذا تجاهل لا خفاء به .


المسألة الثامنة عشرة

قال السائل : خبرونا عن الفرق بين الزمان والدرهر ، وقول الله تعالى : * ( هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) * 9 . قال : ونحن نقول إن الاشباح مخلوقة قديمة .


والجواب عما تضمنه هذا الفصل من المسائل : أن الزمان هو ما ضمن شيئا

  * هامش *  
 

 1 - ساقطة من رض ومل .
 2 - حش ، رض ، مل : إذ .
 3 - في الاصل : بجعل ، صححناها على سائر النسخ .
 4 - في الاصل وحش : فضلا ، صححناها على باقى النسخ .
 5 - رض 2 : جوزوا .

 6 - حش ، رض ، مل : + عليه السلام .
 7 - حش ، مل . رض 2 : عليه السلام .
 8 - حش ، مل ، رض 2 : عليهما السلام .
 9 - سورة الانسان ( 76 ) : 1 . ( * )
 

 

- ص 67 -

مفروضا فأضيف إليه كقولهم : كان كذا في 1 زمن آدم 2 أو زمان سليمان 3 ونحو ذلك . والدهر ما امتد من الاوقات وطال ولم يضف إلى شئ بعينه . فالزمان على ما ذكرناه أقصر من الدهر ، والدهر أطول من الزمان .


فصل .
ومعنى قوله تعالى : * ( هل أتى على الانسان حين من الدهر ) * قد أتى على الانسان طائفة من الدهر 3 وبعض الدهر لم يكن في شيئا مذكورا . والحين ، على ما جاء به الاثر ، ستة أشهر ومقدارها . من الزمان ، قال 4 تعالى : * ( تؤتى أكلها

كل جين بإذن ربها ) * 5 وهى : تأتى بثمرها في كل ستة أشهر ، ولسنا نقطع على أن الحين الذى كان أتى على الانسان هذا القدر بعينه . وإنما يجعل 6 معنى الحين في الشرع وحكمه [ 14 ظ ] ما قدرناه للاثر 7 ، على ما بيناه .


فصل .
وأما 8 قوله إن الاشباح مخلوقة قديمة ، فهو باطل وكلام 9 متناقض . اللهم إلا أن يريد بذكر القدم تقدم الزمان الذى لا ينافي الابتداء والحدوث ، فذلك مما يسلم به الكلام من التناقض . إلا أنا لسنا نعلم ما أراد بقوله : الاشباح قديمة ومخلوقة 10 ، ولا ما عناه بذلك ، فيكون كلامنا بحسبه ، والقول بأن الاشباح 11 قديمة ،

  * هامش *  
 

 1 - حش : + كذا أو .
 2 - رض : + عليه السلام .
 3 - " من الدهر " ساقطة من رض .
 4 - حش ، رض ، مل : + الله .
 5 - سورة إبراهيم ( 14 ) : 25
 6 - رض ، مل . نجعل .

 7 - رض ، مل : ما قدر .
 اللاثر . 8 - رض ، مل . فأما .
 9 - رض ، مل : كلامه .
 10 - حش : قديمة مخلوقة .
 11 - في الاصل وحش ومل : أشباحا . وفى رض . أشباحاه ولعل ما اخترناه أنسب لما يقتضيه السياق . ( * )

 

 

- ص 68 -

بدع من القول 1 لم يثبت عن صادق عن الله سبحانه فيما نعرفه 2 ، إلا من كلام طائفة من الغلاة وعامة لا معرفة لهم بمعاني الكلام .


المسألة التاسعة عشرة

قال السائل : وخبرنا 3 عن الجنة والنار : أخلقتا 4 أم لا ؟ وعن الصور : أي شئ هيئة 5 ؟ وعن 6 الريح : من أي شئ خلقت ؟

والجواب عن هذه المسائل 7 : أن الجنة والنار مخلوقان ، على ما جاء به الاثر عن النبي صلى الله عليه وآله ، وهما أيضا مسكونان تسكنهما الملائكة إلى يوم المآب ، فيسكنهما حينئذ الانس والجان .


وأما القصور فهو جمع صورة لانه يقال : صور 8 وصور ، كما يقال في جمع السورة : سور وسور . والمعنى في قوله : " ونفخ في الصور ) 9 يريد به إحياء الصور من الجن والانس وكل مصور مات في الدنيا ، فجعل إنشاء الحياة فيها كالنفخ في الجسم 10 يحركه . فشبه الحياة التى تكون فيها حركة الاجسام بالنمو ، بالريح التى يتحرك فيها ما جاورها من الاجسام .


فصل .
فأما الريح فليس لها أصل خلقت منه مقطوع به . وقد قيل إنها بخار الارض وما يتحلل من الاجسام بالاستحالة وهى أجسام لطاف شفاف 11 تتحرك

  * هامش *  
 

 1 - حش ، مل : المقال . رض . المقام
 2 - مل : ولم نعرفه . رض : ولم يعرفه .
 3 - رض : خبرونا .
 4 - في الاصل خلقتا ، صححناها على حش ومل ومر . وفى رض : أخلقا .
 5 - حش : هي .
 6 - " عن " ساقطة من باقى النسخ .

 7 - رض ، مل : + الثلاث ،
 8 - حش ، رض : صورة .
 9 - سورة الكهف ( 18 ) : 99 وغيرها .
 10 - رض ، مل ، رض 2 . + الذى .
 11 - رض لطافة شفافة . مل ، مر ، رض 2 . لطاف شفافة . ( * )

 

 

- ص 69 -

وتسكن ، وتجتمع وتفترق ، وتسخن وتبرد ، وتلذ وتؤلم . يقضى بذلك 2 المشاهدة ويستغنى بالظهور عن الاستدلال عليه .

 

 

  * هامش *  
 

 1 - " وتسخن وتبرد " ساقطة عن مل .
 2 - رض ، مل : + الحس .