- المسائل العكبرية - الشيخ المفيد ص 72 : - |
المسألة الحادية والعشرون
وسأل عن قوله تعالى : *
( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحيوة الدنيا ويوم
يقوم الاشهاد ) * ، وقال : في هذه الآية تأكيد 5 فقد أوجب تعالى بأنه 6
ينصرهم في الحالين جميعا في الدنيا والآخرة ، وهذا الحسين بن على عليهما السلام
حجة الله
|
* هامش * |
|
|
1 - رض ، مل : + له . :
2 - عن سليم بن قيس قال : قام الحسن بن على بن ابى طالب عليهصا السلام على
المنبر حين اجتمع مع معاوية ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن
معارية زعم أنى رأيته للخلافة أهلا . ولم أر نفسي لها أهلا . وكذب معاوية . أنا
أولى الناس بالناس ، في كتاب الله وعلى لسان نبى الله . فأقسم بالله لو أن
الناس بايعوني وأطاعوني ونصروني لاعطتهم السماء قطرها والارض بركتها . ولما
طمعت فيها يا معاوية . . . وقد هرب لم سول الله صلى الله عليه وآله من قومه ،
وهو يدعوهم إلى الله ، حتى فر إلى الغار ، ولو وجد عليهم أعوانا ما هرب منهم ،
ولو وجدت أنا أعوانا ما بايعتك يا معاوية . ( بحار
الانوار
44 / 22 ) .
وقد أجاب عليه السلام حجر بن عدى الكندى لما قال له : سودت وجوه
المؤمنين ، فقال عليه السلام : ماكل احد يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك . وإنما
فعلت ما فعلت إبقاء عليكم . ( بحار الانوار 44 /
28 ) .
وروى الكليني عن أبى جعفر عليه السلام قال : والله ، للذى صنعه الحسن
بن على عليهما السلام كان خيرا لهذه الامة مما طلعت عليه الشمس . (
الكافي 8 / 330 وراجع ايضا
بحار الا نوار 44 / 25 ) .
3 - رض ، مل : الوجوه .
4 - سورة غافر ( 40 ) : 51 .
5 - رض ، مل : وهذه لام تأكيد
6 - باقى النسخ : انه . ( * )
|
|
|
قتل مظلوما فلم ينصره أحد ، والله تعالى غضب لناقة فأهلك
الارض ومن عليها ، وقد قتل هو 1 وأهل بيته ، وسبى الباقون منهم ، فأملى الله
لهم ولم يظهر غضبه عليهم . فليعرفنا ما عندك 2 في ذلك ، مأجورا إن شاء الله
تعالى .
والجواب - وبالله التوفيق - : أن الله تعالى وعد
رسله والمؤمنين في الدنيا والاخرة بالنصر ، فأنجز وعده في الدنيا ، و 3 منجز
لهم وعده 4 في الاخرة : وليس النصر الذى وعدهم به في الدنيا هو الدولة الدنيوية
5 والاظفار لهم بخصوصهم ،
والتهليك لهم إياهم بالغلبة بالسيف والقهر به . وإنما هو ضمان
لهم 6 بالحجج البينات والبراهين القاهرات ، وقد فعل سبحانه ذلك فأيد الانبياء
والرسل والحجج من بعدهم با لايات المعجزات ، وأظهرهم على أعدائهم بالحجج
البالغات ، وخذل أعداءهم
بالكشف عما 7 اعتمدوه من الشبهات ، وفضحهم بذلك وكشف عن [ 15
و ] سرائرهم وأبدى منهم العورات . وكذلك حال المؤمنين في النصر العاجل ، إذ هم
مؤيدون في الدنيا 8 بالبينات ، وأعداؤهم مخذولون بالالتجاء إلى الشبهات .
فأما ما وعدهم 9 تعالى من النصر في الاخرة فإنه بالانتقام لهم من الاعداء ،
وحلول عقابه بمن خالفهم من الخصماء ، وحميد العاقبة لهم بحلول دار الثواب ،
وذميم عاقبة أعدائهم بصليهم 10 في العذاب الدائم والعقاب . ألا ترى إلى قوله
تعالى : * ( ولهم اللعنة ولهم سوء الدار 11
) * فأخبر عز اسمه أنه لا ينفع أعداء الرسل
والمؤمنين
|
* هامش * |
|
|
1 - رض ، مل : قد قتل وقتل بنوه .
2 - في الاصل وحش : ما عنده صححناها على رض ومل .
3 - رض " مل : + هو .
4 - حش ، رض ، مل : وعدهم .
5 - حش ، رض ، مل . الدنياوية .
6 - رض ، مل : لنصرتهم . |
7 - حش ، رض ، مل : عن ضعف ما .
8 - رض : في الدين .
9 - رض : + الله .
10 - في الاصل وحش : يصليهم ، صححناها على رض ومل .
11 - سورة غافر ( 40 ) 52 . ( * )
|
|
|
معاذيرهم في القيامة ، وأن لهم فيها اللعنة ، وهى الطرد عن
الخير والثواب والتبعيد لهم عن ذلك ، * ( ولهم سوء الدار
) * يعنى العاقبة وهو خلودهم في العقاب . وهذا يبطل الشبهة في أن الحسين
عليه السلام لم يتوجه إليه الوعد بالنصر ، لانه قتل
وقتل معه بنوه وأهل بيته ، وأسر الباقون منهم ، إذ النصر
المعنى ما ذكرناه . وليس في قتل الرسل في الدنيا وظفر أعدائهم في الاولى وإن
كانوا هم الا علون عليهم بالحجة ، والغالبون لهم بالبرهان والدلالة ، ويوم
القيامة ينتصر الله لهم منهم بالنقمة 1
الدائمة حسب ما بيناه وقد قالت الامامية : إن الله تعالى ينجز
الوعد بالنصر للاولياء قبل الآخرة عند قيام القائم ، والكرة التى وعد بها
المؤمنين ، وهذا لايمنع 2 من تمام الظلم عليهم حينا مع النصر لهم في العاقبة
حسب ما ذكرناه .
فصل .
فأما قوله إن الله غضب لناقة فأهلك الارض ومن عليها ، فالغضب من الله تعالى لم
يكن للناقة وإنما كان لمعصية القوم له فيها ، وجرأتهم على خلافه فيما أمرهم به
في معناها ، وقد عقرت على كل حال ، ونصر الله تعالى نبيه صالحا عليه السلام
بالحجة عليهم لانه كان أخبرهم بتعجيل النقمة منه 3 على عقر
الناقة ، ولو كان النبي صلى الله عليه آله أخبر بذلك لعجل لقاتليه 4 العذاب ،
ولما أخر عنهم إلى يوم المآب ، ولو علم الله تعالى أن تعجيل العذاب لقاتل
الحسين عليه السلام من اللطف
في الدين [ 16 ظ ] مثل اللطف الذى كان في تعجيل العذاب لعاقرى
5 الناقة لعجله كتعجيل ذلك ، لكنه تعالى علم اختلاف الحالين في الخلق ، وتباين
الفريقين في اللطف ، فدبر الجميع بحسب ما تقتضيه الحكمة من التدبير .
وهذه أسئلة شديدة الضعف ، وشبهات ظاهرة الوهن والاضمحلال .
والله نسأل 6 التوفيق في كل حال .
|
* هامش * |
|
|
1 - حش : بالنعمة .
2 - رض ، مل : لا يمتنع .
3 - حش ، مل : منهم . |
4 - رض ، مل : لقاتله .
5 - رض ، مل : لعاقر .
6 - رض : نسأله . ( * )
|
|
|
|