- المسائل العكبرية - الشيخ المفيد ص 87 : - |
المسألة الاحدى والثلاثون
وسأل عن قوله تعالى : * ( ما كان لي من علم بالملا
الاعلى إذ يختصمون " 8 قال :
|
* هامش * |
|
|
8 - سورة ص ( 38 ) : 69 . ( * )
|
|
|
والملا الاعلى هم الملائكة فبم 1 اختصموا ؟
والجواب - وبالله التوفيق - :
أن الله أخبر عن نبيه صلى الله عليه وآله أنه لم يكن له علم بذلك 3 وأنه طوى
عنه علمه ، فالسؤال لنا عن ذلك إعنات ، وتكلفنا الجواب عنه ضلالة 3 ، وما رأيت
أعجب ممن يسأل رعايا الانبياء عما طوى عن
أنبيائهم ويكلفهم الاخبار عما لم يخبروا به ، وليس كل أمر حدث
فقد أوحى الله به إلى الانبياء عليهم السلام ولا كل معلوم له قد أعلمهم إياه ،
وليس يمتنع أن يطوى عنهم علم كثير من معلوماته 4 ، ويعلم أن ذلك أصلح لهم في
التدبير ، وغير منكر
أيضا أن يطلعهم على شئ ويكلفهم ستره عن غيرهم ، فسؤال هذا
السائل عما أخبر نبى الهدى صلى الله عليه وآله 5 بأنه لا علم له به ، ضلال عن
الحق ، وعدول عن طريق الهدى ، وتكليف بممتنع 6 لا يحسن من حكيم تكليفه . فصل .
مع أنه قد
روى في الحديث أن الله تعالى أعلم نبيه من بعد فيما اختصوا به
، وهو أنهم اختصموا في الدرجات بالاعمال والتفاوت 7 فيها . فكانت 8 طائفة منهم
تظن في ذلك شيئا ، وتخالفها الاخرى فيه ، فبين الله لهم الحق في ذلك فأجمعوا
عليه ، وهذا خبر وإن
كان مرويا فليس مما يقطع به ، والله أعلم .
المسألة الثانية والثلاثون
وسأل عن قوله تعالى : *
( إنا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال
|
* هامش * |
|
|
1 - حش : فيما . رض ، مل : ففيما .
2 - رض : بذلك علم .
3 - رض ، مل : ضلال .
4 - حش ، رض ، مل : + تعالى . |
5 - حش ، رض ، مل : عليه السلام .
6 - حش ، مل : لممتنع . رض : ممتنع .
7 - رض ، مل : الكفارات .
8 - حش : وكانت . ( * )
|
|
|
فأبين أن يحملنا وأشفقن منها وحملها
الانسان إنه كان ظلوما جهولا " 1 فقال 2 [ 20 و ] : فهل يجوز العرض على
الجماد والتكليف له ؟ أو ليس الامتناع من ذلك كفرا ؟ وهل كان العرض على سبيل
التخيير أم على الايجاب ؟ فإن كان على الايجاب فقد وقع العصيان ، وإن كان على
التخييبر فقد جاز حظر 3 الامانة وترك أدائها .
والجواب 4 أنه لم يكن عرض في الحقيقة على السموات
والارض والجبال بقول صريح ، أو دليل ينوب مناب القول ، وإنما الكلام في هذه
الاية [ مجاز ] 5 أريد به الايضاح عن عظم الامانة وثقل التكلببف بها وشدته على
الانسان ، وأن السموات والارض والجبال لو كانت ممن يعقل لابت 6 حمل الامانة لو
عرضت عليها 7 ، وقد تكلفها الانسان ولم يؤد مع ذلك حقها .
فصل .
ونظير ذلك قوله تعالى : " تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق
الارض وتخر الجبال هدا " 8 ومعلوم أن السموات والارض والجبال جماد لا
تعرف الكفر من الايمان ، ولكن المعنى في ذلك إعظام ما فعله البطلون ، وتفوه به
الضالون ، واقدم عليه
المجرمون من الكفر بالله تعالى ، وانه من عظمه جار مجرى ما
يثقل 9 باعتماده على السموات والارض والجبال من الاحمال وأن الوزر به 10 كذلك ،
فكان الكلام في معناه بما جاء به التنزيل مجازا واستعارة كما ذكرناه .
فصل .
ومن ذلك قوله تعالى : * ( وإن من الحجارة لما يتفجر منه
الانهار وإن منها
|
* هامش * |
|
|
1 - سورة الاحزاب ( 33 ) 72 .
2 - حش : رض ، مل : وقال .
3 - حش : خفر . رض ، مل : حقر ،
4 - رض : فصل والجواب .
5 - ساقطة في الاصل ، أثبتناها عن باقى النسخ . |
6 - حش ، رض ، مل : لابي .
7 - حش ، رض ، مل : عليه .
8 - سورة مريم ( 19 ) : 90 .
9 - رض : تنتقل .
10 - حش : رض : الوزرية . ( * )
|
|
|
لما يشفق فيخرج منه الماء وإن منها لما
يهبط من خشية الله " 1 ، ومعلوم أن الحجارة جماد ولا تعلم فتخشى ، أو
تحذر أو ترجو أو تأمل ، وإنما المراد بذلك تعظيم الوزر في معصية الله ، ما يجب
أن يكون العبد عليه من خشية الله .
وقد بين الله تعالى ذلك بقوله في نظير ما ذكرناه : " ولو
أن قرآنا سيرت به الجبال وقطعت به الارض أو كلم به الموتى بل لله الامر جميعا "
2 فبين بهذا المثل عن جلالة القرآن وعظيم قدره . وعلو شأنه ، وأنه لو كان كلام
يكون به ما عدده 3 ووصفه [ 21 ظ ] لكان بالقرآن ذلك وكان القرآن به أولى لعظم
قدره على سائر الكلام ، وجلالة محله حسب ما قدمناه .
فصل .
وقد قيل إن المعنى في قوله : " إنا عرضنا الامانة على
السموات والارض والجبال " عرضها على أهل السموات وأهل الارض وأهل الجبال
، والعرب تخبر عن أهل الموضع بذكر الموضع وتسميهم باسمه .
قال الله عزوجل : " وسئل القرية التى
كنا فيها والعير التى أقبلنا فيها " 4 يريد أهل القرية وأهل العير ،
فكان العرض على أهل السموات وأهل الارض وأهل الجبال قبل خلق آدم 5 ، وخيروا بين
التكليف بما كلف به آدم وبنوه ، فأشفقوا من التفريط
فيه واستعفوا منه فأعفوا 6 ، وتكلفه الناس ففرطوا فيه . وليس
الامانة على ما ظنه السائل أنها الوديعة 7 وما في بابها ، لكنه 8 التكليف الذى
وصفناه وهذا يسقط الشبهة التى
|
* هامش * |
|
|
1 - سورة البقرة ( 2 ) : 74 .
2 - سورة الرعد ( 13 ) : 31 .
3 - حش ، رض ، مل ، مر ، رض 2 : عده .
4 - سورة يوسف ( 12 ) : 82 . |
5 - رض : + عليه السلام .
6 - حش ، رض ، مل : + منه .
7 - رض . مل : إنما هي الوديعة .
8 - رض ، مل : لكنهما . ( * )
|
|
|
اعترضت له في جواز 1 الامانة على ما قدره من ذلك وقطعناه 2 .
فصل .
ولطائفة تنسب إلى الشيعة - وهم برآء منهم - تأويل هذه الاية بعيد من الصواب .
ولقوم من أصحاب الحديث الذاهبين إلى الامامة جواب تعلقوا به من جهة بعض الاخبار
، وهو أن الامانة هي الولاية لامير المؤمنين عليه السلام وأنها عرضت قبل
خلق آدم عليه السلام على السموات والارض والجبال ، ليأتوا على
شروطها فأبين من حملها على ذلك خوفا من تضييع الحق فيها وكلفها الناس فتكلفوها
ولم يؤد أكثرهم حقها ، وللعامة تأويل آخر إن عملنا على إثباته طال به الكلام ،
ولم يكن في إثباته طائل . وفيما ذكرناه كفاية ، إن شاء الله .
|
* هامش * |
|
|
1 - مر ، رض 2 . + خفر .
2 - رض ، مل . بطناه ( بطن الامز : عرف باطنه ) ( * )
|
|
|
|