عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

- المسائل العكبرية - الشيخ المفيد ص 98 : -

المسألة السادسة والثلاثون

وسأل فقال : قد كان أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام في زمان واحد ، وجميعهم أئمة منصوص عليهم ، فهل كانت طاعتهم جميعا واجبة [ في وقت واحد ؟ وهل كانت طاعة بعضهم واجبة ] 8 على بعض ؟ وكيف الحال في ذلك ؟


والجواب 9 عن ذلك ، أن الطاعة في وقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت له من جهة الامامة دون غيره ، والامر له خاصه دون من سواه ، فلما قبض صلى الله عليه وآله صارت الامامة من بعده لأمير المؤمنين عليه السلام ، ومن عداه

من الناس كافة رعية له ، فلما قبض عليه السلام صارت الامامة للحسن بن على عليهما السلام ، والحسين عليه السلام إذ ذاك رعية لاخيه الحسن عليه السلام ، [ 23 و ]
 

  * هامش *  
 

 8 - أثبتناها عن رض ومل ورض 2 .
 9 - حش ، رض : فصل والجواب . ( * )

 

 

- ص 99 -

فلما قبض الحسن عليه السلام صار الحسين [ 23 و ] عليه السلام إماما مفترض الطاعة على الانام . وهكذا حكم كل إمام وخليفة في زمانة ، ولم تشرك الجماعة في الامامة معا ، وكانوا معها 1 على الترتيب الذى ذكرناه .


فصل .
وقد ذهب قوم من أصحابنا الامامية إلى أن الامامة كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والحسن عليه السلام والحسين عليه السلام 2 في وقت واحد ، إلا أن النطق والامر والتدبير كان للنبى صلى الله عليه وآله مدة حياته

دونهم ، وكذلك كان الامر والتدبير لأمير المؤمنين عليه السلام دون الحسن عليه السلام والحسين عليه السلام 3 وجعلوا الامام في وقت صاحبه صامتا ، وجعلوا الاول ناطقا ، وهذا خلاف في عبارة ، والاصل ما قدمناه .


المسألة السابعة والثلاثون

وسأل عن قول الصادق عليه السلام : " مابد الله في شئ ما 4 بدا له في اسماعيل " 5 ، وقال : هل يبدأ الله شيئا ثم ينقضه قبل تمامه ؟

والجواب 6 أن البداء من الله تعالى هو الظهور ، فإذا ظهر 7 من أفعاله ما لم

* ( هامش ) *

  * هامش *  
 

 1 - حش . رض ، مل : فيها .
 2 - حش ، رض ، مل : عليهم السلام .
 3 - حش : عليهم السلام . رض ، مل : عليهما السلام .
 4 - رض : كما .
 5 - قال الشيخ المفيد في تصحيع الاعتقاد ( ص 51 ) : وقول أبى عبد الله عليه السلام : " ما بدالله شئ كما بداله في اسماعيل " فانما أراد به ما ظهر من الله تعالى فيه من دفاع القتل عنه ، وقد كان مخوفا عليه من ذلك مظنونا به . فلطف له في دفعه عنه .

وقد جاء الخبر بذلك عن الصادق عليه السلام فروى عنه عليه السلام أنه قال : كان القتل قد كتب على اسماعيل مرتين ، فسألت الله في دفعه عنه فدفعه ، و قد يكون الشئ مكتوبا بشرط فتغير الحال فيه . ومن أراد تفصيل القول في مسألة البداء فليراجع إلى ما أورده العلامة المجلسي في بحار الانوار ( 4 / 122 ) تحت عنوان : بسط كلام لرفع شكوك وأوهام .
 6 - رض : فصل والجواب .
 7 - رض : اظهر . ( * )

 

 

- ص 100 -

يكن في الاحتساب والظنون قيل في ذلك : بدالله كذا وكذا .

وقد قال الله عزوجل : * ( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ) * 1 ، أي ظهر لهم من فعله بهم ما لم يكن في احتسابهم . وليس البداء من الله تعالى تعقب رأى ، ولا استدراك فائت ، ولا انتقال 2 من تدبير إلى تدبير ، ، لحدوث علم بما لم يكن في

المعلوم 3 والمعنى في قوله عليه السلام : " مابدا لله في شئ كما بدا له في اسماعيل " بمعنى 4 : ما ظهر له 5 فعل في أحد من أهل البيت عليهم السلام ، ما ظهر له في اسماعيل ، وذلك أنه كان الخوف عليه من القتل مستندا 6 . والظن به غالبا ، فصرف الله عنه ذلك بدعاء الصادق عليه السلام ومناجاته لله 7 .


وبهذا جاء الخبر 8 عن الرضا على بن موسى عليهما السلام ، وليس الامر في هذا الخبر كما 9 ظنه قوم من الشيعة في 10 أن النص كان 11 قد استقر في اسماعيل ، فقبضه الله إليه ، وجعل الامامة من 12 بعده في موسى 13 ، فقد جاءت الرواية

بضذ ذلك عن أئمة آل الرسول صلى الله عليه وآله 14 فروى أنهم قالوا : " مهما بدالله في شئ فإنه لا يبدو له في نقل نبى عن نبوته ، ولا إمام عن أمامته ، ولا مؤمن قد أخذ عهده بالايمان عن إيمانه " .

فكان هذا الخبر مصححا [ 24 ظ ] من التأويل في البدا ما قدمناه .

  * هامش *  
 

 1 - سورة الزمر ( 39 ) : 47 .
 2 - حش : الانتقال .
 3 - رض : + فصل .
 4 - حش ، رض : يعنى .
 5 - حش ، رض : + تعالى .
 6 - حش : مشتدا .
 7 - حش : + فيه .

 8 - حش ، رض : الاثر .
 9 - حش ، رض : على ما .
 10 - حش : من .
 11 - ليست في حش ورض .
 12 - ليست في حش .
 13 - حش ، رض : + عليه السلام .
 14 - حش : عليهم السلام . ( * )

 

 

- ص 101 -

المسألة الثامنة والثلاثون

وسأل عن القلم فقال : نحن مجمعون عليه وهو مذكور في القرآن حيث يقول الله تعالى : * ( والقلم وما يسطرون ) * 1 ، وقد ثبت أنه يجرى في اللوح ، فخبرنا هل هو جار بسواه فمن الذى يكتب به ؟


والجواب 2 ، أن القلم المعروف هو ما يكتب به كاتب 3 ، وليس في القرآن دليل على ما رواه أصحاب الحديث أن الله تعالى خلق قلما ولوحا يسطر بالقلم في اللوح ، والذى تضمنه القرآن في 4 القلم يجرى مجرى القسم ، كما جاء القسم بأمثاله من

المخلوقات المعروفة 5 ، فقال سبحانه : " والطور وكتاب مسطور في رق منشور " 6 ، " ق والقرآن المجيد " 7 ، " والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الامين " 8 .


فكان الله تعالى أقسم بالقلم كما أقسم بالتين والزيتون ، وعلى حسب ما ذهب إليه الناس في ذلك ، فقال بعضهم أن الله أن يقسم بما شاء من خلقه وليس لخلقه أن يقسموا إلا به .
 

وقال آخرون إن القسم في هذه المواضع برب المذكورات ، وإن كان اسم الرب فيها مضمرا ، وتقديره ورب التين والزيتون ، ورب القلم وما يسطرون ، ورب ق والقرآن المجيد ، وأمثال ذلك .
 

وقال آخرون إنه في صورة القسم ومعناه ابتداء الكلام بذكر منافع الخلق ، وعلى جميع الوجوه فليس في القرآن شاهد ما ذكره أصحاب الحديث في اللوح والقلم على التفصيل . وإن صح الحديث بذلك ، فإن الله تعالى يحدث في القلم اعتمادات وحركات
 

  * هامش *  
   1 - سورة القلم ( 68 ) : 1 .
 2 - رض : فصل والجواب .
 3 - حش ، رض : الكاتب .
 4 - حش ، رض : من ذكر .

 5 - رض : المعروفات .
 6 - سورة الطور ( 52 ) 1 - 3 .
 7 - سورة ق ( 50 ) : 1 .
 8 - سورة التين ( 95 ) : 1 - 3 . ( * )

 

 

- ص 102 -

تتولد 1 منها 2 الكتابة في اللوح بما شاء ، والكتابة فعله وهو الكاتب لها ، كما يحدث الكلام في الهواء ، فيكون الكلام فعله وهو المتكلم . هذا على الحديث الوارد بأنه يأمر القلم فيجري بما يريد .


ويحتمل أن يكون لله ملك موسوم يكتب وحيه في اللوح لما يتلقاه 3 الملائكة ، ويكون المعنى - فيما تضمتنه الخبر من أن الله تعالى يامر القلم فيجري في اللوح لما شاء ( 3 ) أنه يأمر الملك بكتابة ما يشاء بقلمه ( 23 و ) فيكتبه .


ويكرر ذكر القلم يراد به صاحبه تجوزا في الكلام وعلى مذهب الاستعارة فيه . فاما القول بان هناك قلما جمادا يؤمر على الحقيقة فيفعل ، فإنه حال فاسد في العقول .

ومن ذهب إلى أن القلم ملك حي ناطق واللوح كذلك ، أخرج الحديث من جملة المفهوم ، واستعار ذلك اسما لا يعرف في اللغة . مع ؟ له لا معنى لكتابة مللك في ملك . وان كان الذاهب إلى ذلك قد تعلق فيه بحديث ، فهو ضعيف لا يثبت لما ذكرناه .

 

  * هامش *  
   1 - حش ، رض : يتولد .
 2 - رض : عنها .
 3 - حش : بما تتلقاه
 4 - رض : بما يشاء .
 5 - في الاصل وحش : يكتب ، صححناها على رض . ء - حش : لا تعرف . رض : لا نعرف  ( * )