- المسائل العكبرية - الشيخ المفيد ص 102 : - |
المسالة التاسعة والثلاثون
وسأل فقال :
أجمعنا أن الجنة خلقت من ذهب وفضة وحلية ، وأنها لا تفنى وتهلك ، وسائر الناس (
اجتمعوا ) وأن الحجر الاسود من الجنة نزل مع ادم 7 ، ولما
|
* هامش * |
|
|
7 - رض : + عليه السلام . ( * )
|
|
|
حرقه القرمطى احترق رأتى الفناء عيه ، ولنا كسره لم يوجد في
الكتاب الذى قد أجمعنا أن الله . تعالى أودعه إياه .
والجواب ، أن الذى ادعا . من
إجماعنا على أن الجنة مخلوقة من فضة وذهب ، ليس كما ذكر ، وما في هذا إجماع وإن
كان يجوز في العقول ذلك . ولو أجمعنا عليه كما قال ، لما امتنع أن يكون عنصر
الجنة من ذهب وفضة أحيل إلى خلق آخر كما
كان الناس مخلوق من تراب أجل إلى الحيوانية ، والجان مخلوقا
من نار أجيل إلى الحيوانية - أيضا ، ولو كانت الجنة من ذهب وفضة على حالهما لم
يمتنع وجود ما ليس بذهب وفضة فيها ، وقد علمنا أن فيها أنهارا 3 من ماء غير آسن
، ومن لبن
لم يتغير طعمه ، ومن خمر لذة للشاريين ، ومن عسل مصفى ، وفيها
حور عين وفواكه وأطيار وطعا م وشراب ، وهذا كله ليس بذهب ولا فضة ، فكذلك ،
يكون الحجر من الجنة ، وليس بذهب ولا فضة . بل قد جاء الحديث بأنه كان درة
بيضاء 5
فأهبط إلى البيت ، وأن لونه تغير لكثرة من كان يلمسه من
الخطان 6 ، وليس يمنع أن تسود 7 الدرة البيضاء وتستحجر 8 شئ يحدثه الله فيها من
الصلابة والسواد ، ويجعل ذلك علما على
|
* هامش * |
|
|
1 - حش ، رض : كسر .
2 - حش رض : مخلوفا .
3 - حش : أنهار ، ولعله اراد نفس الآية : فيها أنهار من
ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتعير طمعه و أنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار
من عسل مصفى ، ( سورة
محمد ( 27 ) : 15 ) .
4 - حش : فلذلك .
5 - عن ابن أبى عمير رفمه عن احدهما عليهما السلام ، أنة سئل عن تقبيل الحجر ؟
. فتال : إن الحجر كان درة بيضاء في الجنة وكان آدم يراها ، فلما أنزلها الله
عزوجل إلى الارض ، نزل إليها آدم عليه السلام فبادر فقبلها فاجرى الله تبارك
وتعالى بذلك السنة . ( وسائل الشيعة 13 / 322 )
6 - روي عن النبي صلى الله عليه وآله والائمة عيلهم السلام : أنه انما يقبل
الحجر ويستلم ليؤدي إلى الله العهد الذى أخذ عليهم في الميثاق . وانضا يستلم
العجر لان مواثيق الخلائق رفيه ، وكان أشد بياضا من اللبن . فاسود من خطايا بنى
آدم ، ولولا ما مسه من أرجاس الجاهية ، ما مسه ذوعاهة الابرى . (
وسائل الشيعة 13 / 318 ) .
7 - رض : تسود .
8 - رص : يستحجر .
|
|
|
عظم ضلال اللامس 1 لها مع الخبر بذلك ، فأي منكر [ 25 ظ ] في
كون حجر هبط من جنة مخلوقة من ذهب وفضة . صورة الامر فيه ما ذكرناه ، لو لا أن
المتعلق بذلك - لشبهة دخلت عليه فيه - بعيد 2 من العلم والعلماء ؟
فصل .
وقوله إن الجنة لا تفنى فهو كذلك ، وليس بقاؤها يمنع من فناء شئ فيها ، إذ 3
ليس بقاء الدار منافيا لفناء أهلها ، وبقاء المكان منافيا لفناء أهله ، أو
منافيا 3 لما حله و 5 جاوره من الاشياء ، وهذا اشتباه ضعيف لا يغتر به إلا
مأفوف 7 ، مع أن انكسار الشئ وتفرق أجزائه 8 ليس بفناء في الحقيقة ، وتخلل 9
الاجسام ليس بعدم لها .
وما أظن المتعلق بالكلام في هذا السؤال ممن يجزم بشئ من العلم ، وأظنه حشويا
تعاطى 10 الاعتبار فتورط بذلك في الجهالات .
فصل .
وقوله : إنه لما انكسر الحجر لم يوجد فيه الكتاب الذي أودعه في الميثاق ، فلم
يرد الخبر بان الله 11 كتب كتابا ثم ألقمه الحجر ، فيظن السائل ذلك . وانما ورد
بأن الله عزوجل لما أخذ العهد على بني ادم أودعه الحجر 12 ، وأخذ
|
* هامش * |
|
|
1 - رض : الملامس .
2 - رض : فهو بعيد .
3 - رض : كما انه .
4 - حش : + الفناء .
5 - حش ، رض : أو .
6 - حش : لا يعتبر .
|
7 - حش : ضعيف . رض : مصفوف .
8 - رض : الاجزاء .
9 - رض : تحلل .
10 - رض : يعاطى .
11 - رض : + تعالى . |
|
12 - عن الحلبي قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام : لم جعل استلام الحجر ؟
فقال : إن الله عز وجل حيث أخذ ميثاق بنى آدم ، دعا الحجر من الجنة ، فأمر .
فالتقم الميثاق ، فهو يشهد لمن وافا . بالموافاة ، (
وسائل الشيعة 13 / 317 ) .
وفي حديث آخر : ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : هل تدري ماكان الحجر
؟ قلت : لا . قال : كان ملكا من عظماء الملائكة عند الله ، فلما أخذ الله من
الملائكة الميثاق كان أول من آمن به وأقر ذلك الملك ، فاتخذه الله أمينا على
جميع خلقه ، فألقمه الميثاق ، وأودعه عنده ، واستعبد الخلق أن يجدوا عنده في كل
سنة الاقرار بالميثاق
=> |
|
العهد محتمل 1 إثبات الحجة عليهم بالعقول والاقدار والتمكين ،
وإن مستنسخي الاعمال موكلون بالحجر ليرفعرا أعمال المسلمين من المقربين 2 إلى
غيرهم من الملائكة تعبدا لهم بذلك ، وليلقي الكتاب المزمن يوم القيامة بعمله
الصالح ، فبشر 3 بالبشارة به . وقد قال الله عزوجل : "
إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعلمون " 4 وليس كل من استودع شيئا جعله في نفسه
ورأيه ، ولاكل من أخبر عنه بأنه قد أودع شيئا ، كان المعنى بذلك نفسه دون ما
جاوره وتعلق به ضربا من التعلق ، لجواز ذكر تسمية الشئ باسم ما جاوره وقاربه .
مع انه لو ثبت أن الحجر وضع فيه كتاب لم يمتنع أن يرفع الله الكتاب منه قبل
كسره أو عنده ، فلا تجد بفقده أن لا يكون موجودا فيه قبل تلك الحال ، هذا على
تأويل الخبر وسلامته ، فأنا مع الريب فيه والوقوف في صحته فلا عهدة علينا [ 25
و ] في صحته وسقمه .
والحديث الذي روى أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لعمر بن الخظاب - عند قوله
للحجر : إنني أعلم أنك لا تضر ولا تنفع - : مه ، يا ابن الخطاب ! إن له عينين
يبصر بهما وأذنين يسمع بهما 7 . أراد به أن معه موكلان الملائكة ذا عينين يبصر
|
* هامش * |
|
|
=>
والعهد الذي أخذ الله عز وجل عليهم - إلى أن قال - : ثم إن الله عز وجل
لما بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان ، لان الله حين أخذ الميثاق من ولد آدم
أخذه في ذلك المكان ، وفي ذلك المكان ألقم الملك الميثاق . (
وسائل الشيعة 13 / 318 ) .
1 - حش : يحتمل .
2 - رض : المقرين .
3 - رض : فيسر .
4 - سورة الجاثية ( 45 ) : 29 .
5 - حش : أو .
6 - رض : في الحجر .
7 - عن أبى عبد الله عليه السلام قال : مر عمر بن الخطاب على الحجر الاسود ،
فقال : والله يا حجر ! إنا لنعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، إلا أنا رأينا رسول
الله صلى الله عليه واله بى سلم يحبك فنحن نحبك . فقال له أمير المؤمنين عليه
السلام : كيف يا بن الخظاب ! فوالله ليبعثنه الله يوم القيامة وله لسان وشفتان
، فيشهد لمن وافاه ، وهو يمين الله في أرضه يبايع بها خلقه . فقال عمر : لا
أبقانا الله في بلد لا يكون فيه علي بن أبي طالب ، ( علل
الشرائع 2 / 226 ) .
|
|
|
بهما وأذنين يسمع بهما 1 .
وقد يقال في الكلام : " إن لهذا الطفل لسانا يحتج به 2 عن
نفسه ، يراد به الناصر 3 الذى يدفع عنه ، درن أن يراد به نفسه . وهذا معروف في
التحاور ومجاز 4 الكلام .
فأما القول بأن له عينين في نفسه مع جماديته يبصر بهما وأذنين 5 يسمع بهما ،
فهو محال ببديهة 6 العقول ، وليس بممتنع حمل الاخبار على مجاز الكلام ، إذ أكثر
ما في القرآن محمول على المجاز ، وأكثر كلام العرب في نظمها ونثرها كذلك .
|
* هامش * |
|
|
1 - " أراد به . يمع بهما " ليست في خش ورض .
2 - رض : + ويدأ يدفع بها .
3 - حش : + له . |
4 - حش : مجارى .
5 - حش ، رض : + في ذاته .
6 - حش : بيديهية . |
|
|
|