تصحيح اعتقاد الإمامية - محمد بن محمد بن النعمان - ص 65 |
فصل : في [ معنى ] البداء
قال أبو جعفر - رحمه الله - : اعتقادنا في البداء
، إلى آخره ( 1 و 2 و 3 ) .
قال أبو عبد الله : قول
الإمامية في البداء طريقه السمع دون العقل ، وقد ( 4 ) جاءت الأخبار به عن أئمة
الهدى - عليهم السلام - والأصل في البداء هو الظهور قال الله تعالى :
( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ) ( 5 )
يعني به : ظهر لهم من أفعال الله تعالى بهم ما لم يكن في حسبانهم وتقديرهم ،
وقال : ( وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ) ( 6
) يعني : ظهر لهم جزاء كسبهم وبان لهم ذلك ، وتقول العرب : قد بدا لفلان عمل
حسن ، وبدا له كلام فصيح ، كما يقولون : بدا من فلان كذا ، فيجعلون اللام قائمة
مقامه ( 7 ) ، فالمعنى في
قول الإمامية بدا لله في كذا - أي : ظهر له فيه ومعنى ظهر فيه
- أي ظهر منه ، وليس المراد منه ( 8 ) تعقب الرأي ووضوح أمر كان قد خفي عنه
وجميع أفعاله تعالى الظاهرة في خلقه
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) الاعتقادات ص 40 .
( 2 ) عنه في البحار 4 : 125 .
( 3 ) انظر كتاب أوائل المقالات ص 53 طبع
1371 چ .
( 4 ) ( ق ) : فقد .
|
( 5 ) الزمر : 47 .
( 6 ) الزمر : 48 .
( 7 ) ( ق ) زيادة : مقام من نائبة عنها .
( 8 ) ( ق ) : به . ( * )
|
|
|
بعد أن لم تكن فهي معلومة له فيما لم يزل ، وإنما يوصف منها
بالبداء ما لم يكن في الاحتساب ظهوره ، ولا في غالب الظن وقوعه ، فأما ما علم
كونه وغلب في الظن حصوله ، فلا يستعمل فيه لفظ البداء .
وقول أبي عبد الله - عليه السلام - ( 1 ) : ( ما بدا لله في شئ كما بدا له في
إسماعيل ) ، فإنما أراد به ما ظهر من الله تعالى فيه من دفاع القتل عنه وقد كان
مخوفا عليه من ذلك مظنونا به ، فلطف له في دفعه عنه .
وقد جاء الخبر بذلك عن الصادق - عليه السلام - فروي عنه أنه قال : ( كان القتل
قد كتب على إسماعيل مرتين فسألت الله في دفعه عنه فدفعه ) وقد يكون الشئ مكتوبا
بشرط فيتغير الحال فيه .
قال الله تعالى : ( ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده )
( 2 ) . فتبين أن الآجال على ضربين : ضرب منها مشترط يصح فيه الزيادة والنقصان
، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( وما يعمر من معمر ولا ينقص
من عمره إلا في كتاب ) ( 3 ) .
وقوله تعالى : ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا
عليهم بركات من السماء والأرض ) ( 4 ) فبين أن آجالهم كانت مشترطة في
الامتداد بالبر والانقطاع بالفسوق . وقال تعالى [ فيما خبر به ] ( 5 ) عن نوح
في خطابه لقومه : ( استغفروا ربكم
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) التوحيد : 336 / 1 0 ،
كمال الدين : 69 .
( 2 ) الأنعام : 2 .
( 3 ) الملائكة : 11 .
|
( 4 ) الأعراف : 96 .
( 5 ) ( ق ) : خبرا . ( * )
|
|
|
إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم
مدرارا )
( 1 ) إلى آخر الآيات . فاشترط لهم في مد الأجل وسبوغ النعم الاستغفار
فلما لم يفعلوه قطع آجالهم وبتر أعمارهم واستأصلهم بالعذاب ، فالبداء من الله
تعالى يختص ما كان مشترطا في التقدير وليس هو الانتقال من عزيمة إلى عزيمة ولا
من تعقب الرأي ، تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا .
وقد قال بعض أصحابنا : إن لفظ البداء أطلق ( 2 ) في أصل اللغة على تعقب الرأي [
والانتقال من عزيمة إلى عزيمة ] ( 3 ) وإنما أطلق ( 4 ) على الله تعالى على وجه
الاستعارة كما يطلق عليه الغضب والرضا مجازا غير حقيقة ، وإن ( 5 ) هذا
القول لم يضر بالمذهب ، إذ المجاز من القول يطلق على الله
تعالى فيما ورد به السمع ، وقد ورد السمع بالبداء على ما بينا ( 6 ) ، والذي
اعتمدناه ( 7 ) في معنى البداء أنه الظهور ( 8 ) على ما قدمت القول في معناه ،
فهو خاص فيما يظهر من
الفعل الذي كان وقوعه يبعد في النظر ( 9 ) دون المعتاد ، إذ
لو كان في كل واقع من أفعال الله تعالى لكان الله تعالى موصوفا بالبداء في كل
أفعاله ، وذلك باطل بالاتفاق .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) نوح : 10 و 11 .
( 2 ) ( ق ) : موضوع .
( 3 ) ( ق ) : عند وضوح ما كان خفيا .
( 4 ) ( ق ) : يطلق .
( 5 ) ( ق ) زيادة : صح .
|
( 6 ) ( ق ) : بيناه .
( 7 ) ( أ ) ( ز ) : اعتمدنا .
( 8 ) ( أ ) ( ز ) ( ق ) : ظهور .
( 9 ) في بعض النسخ : الظن . ( * )
|
|
|
|