عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

تصحيح اعتقاد الإمامية - محمد بن محمد بن النعمان - ص 19

الشيخ المفيد و ( تصحيح الاعتقاد ) بقلم : العلامة الشهرستاني ( 1 ) ( قدس سره بسم الله الرحمن الرحيم أيها القارئ الكريم : قرأت بادئ بدء على الغلاف اسم الشيخ أبي عبد الله المفيد : محمد بن محمد بن النعمان - أنعمه الله بالرحمة والرضوان - كما قرأت اسم تأليفه القيم ( تصحيح الاعتقاد ) ، ولكن هل عرفت يا صاح ما هذا المؤلف ومن ذاك المؤلف ؟


أما التأليف فجملة جمل قيمة ، علقها كفرائد من نتاج يراعه ذلك الكاتب العبقري ، الشيخ المفيد العكبري ، حول عقائد شيخه الصدوق أبي جعفر - رضي

  * هامش *  
  ( 1 ) اقرأ ترجمته الشريفة الضافية في كتاب ( نابغة العراق - أو - هبة الدين الشهرستاني ط بغداد 1348 ه‍ ) لفقيد العلم والأدب السيد محمد مهدي العلوي السبزواري من أشهر كتاب العربية في إيران ( المتوفى سنة 1350 ه‍ بسبزوار ) رحمه الله رحمة واسعة . چ . ( * )  

 

ص 20

الله عنه ( 1 ) تلك العقائد التي دونها هذا الشيخ باسم الإمامية ، وأوهم الناس بأنها كذلك ، وجملة منها ليست بذلك ( 2 ) .


ولقد نوهت قبل عشرين عاما في بغداد بذكر ( تصحيح الاعتقاد ) ولزوم نشره بين أبناء الضاد ، فاستحسن ذلك أكثر من بلغهم التنويه ، لكنما الحوادث الكوارث حالت بيننا وبين ما نروم ، وحتى أن المرشد الشهري البغدادي قام بنشر
 

  * هامش *  
  ( 1 ) قال شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460 ه‍ في تأليفه القيم ( الفهرست - مر 156 - 157 ط النجف ) : محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، جليل القدر يكنى أبا جعفر ، كان جليلا حافظا

للأحاديث بصيرا بالرجال ناقدا للأخبار لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه ، له نحو من ثلاثمائة مصنف ، وفهرست كتبه معروف . وقال العلامة السيد محمد صادق ( آل بحر العلوم ) في تعليقه عليه : نزيل الري ، شيخنا

وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان ، وكان ورد بغداد سنة 355 وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن . . . مات ( رض ) بالري سنة 381 ه‍ ، وقبره بالري قريب من قبر الشاه عبد العظيم الحسني ، ويلقب بالصدوق . چ .


( 2 ) قال العلامة الكبير الشيخ آغا بزرك الطهراني نزيل النجف الأشرف في تأليفه النفيس ( الذريعة إلى تصانيف الشيعة - ص 226 ج 2 ط النجف ) : الاعتقادات للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ،

المتوفى بالري سنة 381 طبع مرارا أوله : ( الحمد لله رب العالمين ، وحده لا شريك له ) أملاه في نيسابور في مجلس يوم الجمعة ثاني عشر شعبان سنة 368 لما سأله المشايخ الحاضرون أن يملي عليهم وصف دين الإمامة على وجه الايجاز ، ولذا سماه الشيخ في الفهرس بدين الإمامية * ، ذكر فيه جميع اعتقادات الفرقة الناجية ، الضرورية منها وغير الضرورية ، الوفاقية منها وغير الوفاقية .


وقال في آخره : ( وسأملي شرح ذلك وتفسيره إذا سهل الله عز اسمه علي العود من مقصدي إلى نيسابور ) ولم يذكر شرح له في فهرس تصانيفه الكثيرة ، ولعله لم يتيسر له ، ولذا عمد الشيخ المفيد إلى شرح الكتاب ، وله شروح وترجمة نذكرها في محالها . چ .


* انظر ( الفهرست - ص 157 ط نجف ) فإنه - قدس سره - سماه فيه : ( كتاب دين الإمامية ) . ( * )

 

 

ص 21

الشطر الأوفر من ذلك ثم احتجب ، إلى أن قيض الرحمن لهذه المهمة رجل الهمة ، ومثال صدق العزيمة ، ترجمان حديث الأئمة - عليهم السلام - أعني به فضيلة الواعظ الچرندابي ، الحاج ميرزا عباس قلي التبريزي ، فشمر عن ساعد الجد والاجتهاد لنشر المكمل المشروح من تصحيح الاعتقاد ، وهو هذا المنشور بين يديك .


أما مؤلف هذا السفر القيم أعني أبا عبد الله المفيد ، فهو نابغة العراق ، ورئيس شيعته على الإطلاق ، ولد في الحادي عشر من ذي القعدة سنة ست وثلاثين أو ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وتوفي ليلة الجمعة لثلاث خلون من شهر رمضان سنة 413 ه‍ ،

وقد كان في الشيعة عرقها النابض ، وبطلها الناهض ، ودماغها المفكر ورئيسها المدبر ، معروفا بالصلاح ، بل غرة رجال الاصلاح ، والخطيب المصقع ، والمتكلم المفوه ، والمنافح اللسن ، والفصل المشترك بين الإمام والرعية ، ليس في ختام المائة الرابعة فحسب ، بل حتى اليوم ( 1 ) .


كانت داره بالكرخ من بغداد دائرة للمعارف العالية ، ومدرسة للفنون العربية الراقية ، وحسبك أن قد تخرج منها أمثال الشريفين الرضي والمرتضى ، وأبي جعفر الطوسي والنجاشي وخلق لا يحصون ، ولذلك لقب بمعلم الأعاظم وابن المعلم ،

لقيامه كأبيه بتربية الأعلام ، ولقبه بالمفيد علي بن عيسى الرماني النحوي عند تبرزه في الحجاج على خصومه أمثال أبي بكر الباقلاني ، قاضي قضاة بغداد ، وسائر أقطاب الهيئة العلمية ( 2 ) .


لقد كان المفيد مفيدا حقا ، مفيدا في القول والعمل ، مفيدا في الافتكار والابتكار ، آية في الذكاء وسرعة الخاطر وبداهة الجواب ، حتى قال فيه أمثال الخطيب البغدادي : إنه لو أراد أن يبرهن للخصم أن الاسطوانة من الذهب وهي من الخشب لاستطاع .

  * هامش *  
  ( 1 ) انظر كلمة الإمام آل كاشف الغطاء في صدر كتاب ( أوائل المقالات - ص يا ، طبع 1371 ق ) . چ .

( 2 ) انظر مقدمة كتاب ( أوائل المقالات - ص لط - م ) . چ ( * )

 

 

ص 22

اتصل الشيخ المفيد بالدولة البويهية في عاصمتها بغداد في مبدأ أمرها اتصالا وثيق العرى ، فقدروا مكانته حق قدرها ، وأجروا الرواتب له ولتلاميذه ، وخصصوا له جامع ( براثا ) في منطقة الكرخ لوعظه وإقامة الصلاة جمعة وجماعة ، وله معهم نوادر وقضايا منشورة ومشهورة .


توجهت إليه جماعة الإمامية ، وانقادوا لرئاسته الدينية يوم كانت بغداد تموج بالفتن ، وقد أكلت قواهم الإحن ، والشيعة يومئذ شيع وأحزاب تمزقت شر ممزق ، وتفرقت إلى ميمية وعينية وغلاة ومخمسة وزيدية وإسماعلية و و ، فجمع المفيد بحسن

سياسته آراءهم إلى الوسط الذي يرجع إليه الغالي ، ويلحق به التالي ، فاستعمل الرأي السديد ، وقبض على أمر الجماعة بيد من حديد ، فلم شملهم بعد البداد ، وقرب قوما من قوم بعد طول ابتعاد ، وألغى الفوارق التافهة توطيدا للألفة ، كما أخمد

نوائر الفتن ، ومحى مآثر المبدعين ، وقضى على أقطاب الضلالة ، وأخرس شقاشقهم ، فاتخذ لتخفيف وطأة انتشار الضلال طريقة اختصار بعض الكتب ، وتلخيص بعضها ، ورد جملة منها بالحجج الدامغة ، و اختصار بعض المسانيد المؤثرة ،

وتقرأ في ترجمته المفصلة في كتب التراجم ككتاب ( الرجال ص 283 - 287 ط بمبئي ) لتلميذه أبي العباس النجاشي ، المتوفى سنة 451 ه‍ ، و ( خاتمة مستدركات الوسائل ص 517 - 521 ) للشيخ النوري ، المتوفى سنة 1320 ه‍ أعماله الغر وأسماء مؤلفاته البالغة فوق المائتين كتابا .


أجل ، وضع المفيد للمجموعة الشيعية مجموعة كتب نافعة مقنعة لو اقتصروا على دراستها لأغنتهم ، كالإرشاد إلى فضائل الأئمة الأمجاد ( 1 ) ، والمسار

  * هامش *  
  ( 1 ) قال العلامة السيد إعجاز حسين في تأليفه القيم ( كشف الحجب والأستار ص 38 ط الهند ) : الارشاد للشيخ المفيد . . . في حال الأئمة - عليهم السلام - من مواليدهم ووفياتهم ومحاسن =>  

 

ص 23

لمواسم الأعياد ( 1 ) ، والنكت الاعتقادية لدراسة أصول الدين ( 2 ) ، والمقنعة لدراسة فروع الدين ( 3 ) ، وأهمهن كتابه الموسوم ب‍ ( تصحيح الاعتقاد بصواب الانتقاد ) الذي انتقد فيه عقائد شيخه الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي ، المتوفى سنة 371 ه‍ .


نعم ، بلغ شيخنا المفيد من الجهاد في الحق مبلغ من لا تأخذه في الله لومة لائم ، فأزاح عن الكتاب ما علقت عليه من ستائر الشبه ، وما علقت به من 

  * هامش *  
  => ( آثارهم وما ورد من القرآن في حقهم وطرفا من كلامهم و قضاياهم ، وهو مرتب على جزئين :

الأول : في ذكر مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - .

والثاني في ذكر باقي الأئمة - عليهم السلام - وقد طبع بايران كرارا وأحسن طبعاته صحة وإتقانا طبعة تبريز سنة 1308 ه‍ ق . ونقله إلى الفارسية المولى محمد مسيح الكاشاني الشهير ب‍ ( مولا مسيحا ) الذي توفي قبل وفاة العلامة آقا جمال

الخونساري - الذي توفي سنة 1125 أو سنة 1121 ه‍ - وسماه ب‍ ( التحفة السليمانية ) باسم الشاه سليمان الصفوي . وطبع بايران سنة 1303 ق . چ .


( 1 ) طبع سنة 1313 ه‍ بمصر تلو ( شرح القصيدة الذهبية ) للسيد المرتضى - رحمه الله . چ .

( 2 ) طبع للمرة الثانية ببغداد سنة 1343 ه‍ مع تعاليق رشيقة لسماحة العلامة الأكبر السيد هبة الدين الشهرستاني مد ظله ، ونقله للفارسية العلامة الشهير الحاج الشيخ غلام حسين التبريزي - نزيل المشهد الرضوي - مد ظله ، وعلق عليه

بعض التعاليق المفيدة وطبع بالمشهد المقدس الرضوي ، كما أنه ترجمه إلى اللغة الفارسية العذبة العلامة الشيخ محمد مهدي ( شرف الدين ) التستري ، وطبع بطهران سنة 1329 ش ه‍ مع بعض حواش وتعاليق له . چ .


( 3 ) طبع سنة 1274 ه‍ على الحجر بايران تلو كتاب فقه الرضا - عليه السلام - ، ولا يخفى أن تلميذه الطوسي قد شرحه في تأليفه الموسوم ب‍ ( تهذيب الأحكام ) الذي هو أحد الكتب الأربعة المعول عليها عند الأصحاب من لدن تأليفها حتى اليوم ، وطبع سنة 1318 ه‍ بايران في مجلدين كبيرين .


وقال في ( كشف الحجب ص 548 ) المقنعة في الفقه للشيخ المفيد . . . ذكر فيه الأصول الخمسة والعبادات والمعاملات ، وقد ترك شيخ الطائفة قدس سره شرح الأصول الخمسة في التهذيب ، أوله : الحمد لله الذي نهج السبيل إلى معرفته ، ويسر ما دعا إليه من طاعته . چ . ( * )

 

 

ص 24

جراثيم الشكوك ، وذلك بأجوبته السديدة التي لا أخت لها في نتائج أقلام الأعلام من الحقائق المعقولة ، والدقائق ا لمقبولة ، التي استخلصها هذا المصلح العظيم من صريح العقل ، وصحيح النقل ، فلولاه ولولاها لبقي أكثر الناس حيارى بلا هدى ولا كتاب منير . طهران - إيران 1363 ق هبة الدين الحسيني الشهير بالشهرستاني

 

ص 25

تصحيح الاعتقاد ( * )
 

  * هامش *  
  ( * ) قال صاحب مجلة ( المرشد ) المفضال في ضمن مقدمته لهذا الكتاب في مجلته الغراء ص 78 ج 1 ط بغداد ، ما لفظه : وكان سماحته ( يعني العلامة الشهرستاني ) قد أشار في هامش هذه النسخة النادرة إلى ما قاساه في سبيل

تحصيلها وتصحيحها في رحلته الهندية سنة 1331 ه‍ علاوة على ما علق على متنها من ملاحظاته المهمة التي عز الوصول إلى أمثالها وندر .


وقال العلامة الهندي السيد إعجاز حسين في كتابه النفيس ( كشف الحجب والأستار ص 124 ط الهند ) : تصحيح اعتقاد الإمامية - شرح اعتقادات الشيخ أبي جعفر بن بابويه القمي للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان الحارثي . . . أوله : الحمد لله على نواله ، والصلاة على محمد وآله ، هذا تصحيح اعتقاد الإمامية . . . إلخ . چ . ( * )