عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

تصحيح اعتقاد الإمامية - محمد بن محمد بن النعمان - ص 108

فصل : في الصراط


قال أبو جعفر : اعتقادنا في الصراط أنه حق ، وأنه جسر ( 1 ) ( 2 ) .

قال الشيخ المفيد أبو عبد الله - رحمه الله - : الصراط في اللغة هو الطريق ، فلذلك سمي الدين صراطا ، لأنه طريق إلى الصواب ، [ وله سمي ] ( 3 ) الولاء لأمير المؤمنين والأئمة من ذريته - عليهم السلام - صراطا ( 4 ) .


ومن معناه قال أمير المؤمنين - عليه السلام - : أنا صراط الله المستقيم ، وعروته الوثقى التي لا انفصام لها . يعني : أن معرفته والتمسك به طريق إلى الله سبحانه .


وقد جاء الخبر بأن الطريق يوم القيامة إلى الجنة كالجسر يمر به الناس ، وهو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن شماله أمير المؤمنين - عليه السلام - ويأتيهما النداء من قبل الله تعالى : ( ألقيا في جهنم كل كفار

عنيد ) ( 5 ) وجاء الخبر أنه لا يعبر الصراط يوم القيامة إلا من كان معه براءة ( 6 ) من علي بن أبي طالب - عليه السلام - من النار ( 7 ) .

 

* هامش *

 
 

( 1 ) الاعتقادات ص 70 .
( 2 ) عنه في البحار 8 : 70 .
( 3 ) ( ق ) وبه يسمى .
( 4 ) بحار الأنوار 8 : 70 .
( 5 ) ق : 24 .
( 6 ) برات : يعني الفرمان الملكي . چ .
( 7 ) بحار الأنوار 8 : 70 . ( * )

 

 

ص 109

وجاء الخبر بأن الصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف على الكافر ( 1 ) .

والمراد بذلك أنه لا تثبت لكافر قدم على الصراط يوم القيامة من شدة ما
 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) قال العلامة الشهرستاني في مجلة ( المرشد ص 179 - 180 ج 1 ) في جواب هذا السؤال : من الوارد في الأخبار المأثورة عن الصراط أنه أدق من الشعر وأحد من السيف ، فأي معنى يقصد من الشعرة والسيف ؟

الجواب : لم يفصل كتاب الله الحكيم من هذا القبيل شيئا ، وقد استعمل لفظ الصراط بمعنى الطريق والمسلك المؤدي إلى غاية قدسية مرغوبة ، استعارة تمثل شرع الحق المؤدي إلى جنانه ورضوانه بالصراط .

نعم، تضمنت تفاصيل السؤال بعض مرويات قاصرة الاسناد - ولا ضير - فقد وردت في شرحها أحاديث أخرى عن أئمة الاسلام تفسر الصراط الممدود بين النار والجنة كالشعرة دقة، وكالسيف حدة بسيرة الإمام أمير المؤمنين - عليه السلام -

والحديث المجمع على صحته ناطق بأن عليا - عليه السلام - قسيم النار والجنة ، وأن طريقته المثلى هي المسلك الوحيد المفضي إلى الجنان والرضوان . ومعلوم لدى الخبراء أن سيرة علي - عليه السلام - كانت أدق من الشعرة ، فإنه -

عليه السلام - ساوى في العطاء بين أكابر الصحابة الكرام ، كسهل بن حنيف ، وبين أدنى مواليهم ، وكان يقص من أكمام ثيابه لإكساء عبده ، ويحمل إلى اليتامى والأيامى أرزاقهم على ظهره في منتصف الليل ، ويشبع الفقراء ويبيت طاوي

الحشا ، ويختار لنفسه من الطعام ما جشب ، ومن اللباس ما خشن، ويوزع مال الله على عباد الله في كل جمعة ثم يكنس بيت المال ويصلي فيه ، وهو يعيش على غرس يمينه وكد يده ، وحاسب أخاه عقيلا بأدق من الشعرة في قصته المشهورة

* ، وطالب شريحا القاضي أن يساوي بينه وبين خصمه الإسرائيلي عند المحاكمة . إلى غير ذلك من مظاهر ترويضه النفس والزهد البليغ ، حتى غدا الاقتداء به في إمامة المسلمين فوق الطوق . وكما كانت سيرة علي - عليه السلام - أدق

من الشعرة كانت مشايعته في الخطورة أحد من السيف ، نظرا إلى مزالق الأهواء والشهوات ، ومراقبة السلطات من بني أمية وتتبعهم أولياء علي - عليه السلام - وأشياعه وأتباعه تحت كل حجر ومدر . چ .


* أنظر ( منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة - ص 421 - 430 ج 7 ط إيران على الحجر ) للعلامة المحقق الأديب والفقيه المتكلم الأريب الحاج ميرزه حبيب الله الموسوي الخوئي =>

 

 

ص 110

يلحقهم من أهوال يوم ( 1 ) القيامة ومخاوفها ، فهم يمشون عليه كالذي يمشي على الشئ الذي هو أدق من الشعرة وأحد من السيف . وهذا مثل مضروب لما يلحق الكافر من الشدة في عبوره على الصراط ، وهو طريق إلى الجنة وطريق إلى النار ، يشرف ( 2 ) العبد منه إلى الجنة ( 3 ) ويرى منه أهوال النار .
 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) ليست في بقية النسخ .
( 2 ) ( ز ) : يسير .
( 3 ) بحار الأنوار 8 : 71 .

=> الآذربيجاني - ولما انجر الكلام إلى هذا المقام لا بأس بأن نشير إلى وجيز من ترجمة العلامة الخوئي - كما أفاد نفسه طاب رمسه - فنقول : قال في ( مرآة الكتب - مخطوط ) : الحاج ميرزا حبيب الله من المعاصرين تشرفت بملاقاته

في بلدة تبريز وكان مولده كما ذكره نفسه خامس شهر رجب سنة 1265 ه‍ اشتغل بالتحصيل عند الأساتيذ الفخام كالسيد العلامة الحاج السيد حسين الترك والمحقق الحاج ملا علي بن الحاج ميرزا خليل الطهراني وله إجازة عامة منهما ،

وكان فاضلا محققا وله من المؤلفات : شرح نهج البلاغة ، وحاشية على بعض أبواب القوانين في أربعة عشر ألف بيت ، وكتاب منتخب الفن في حجية القطع والظن ، وكتاب إحقاق الحق في تحقيق المشتق ، وكتاب الجنة الواقية في أدعية

نهار رمضان مع شرحها ، وشرح كتاب القضاء والشهادات من الدروس . كذا أفاده سلمه الله . سافر في هذه الأواخر إلى طهران لعرض شرح نهج البلاغة على السلطان المغفور له مظفر الدين شاه واستدعاه أمره بطبعه فنال من السلطان

المزبور احتراما وأمر بطبع الكتاب ثم عرض العوارض وتوفي السلطان المزبور ( سنة 1324 ه‍ ) وتوفي هو رحمه الله في طهران سنة 1325 ه‍ ولم أقف هل طبع شئ من الكتاب أم لا ؟ ) .


أقول : وقد طبع الكتاب أخيرا ؟ بتبريز في سبعة أجزاء على النسخة التي كانت قد كتبت بمداد الطبع سنة 1325 - 1328 ه‍ بأمر ولد المؤلف العالم الحاج أمين الاسلام نزيل طهران ، وينتهي المطبوع منه إلى شرح الخطبة الثامنة

والعشرين بعد المائتين ، وقال كاتب النسخة في آخرها : ( هذا آخر ما وفق إلا شرح بشرحه روح الله روحه وكتبته أنا حسب أمر ولده السيد السند الحاج أمين الاسلام . . . في ربيع الثاني 1328 ه‍ ) .


هذا وقد ذكر لي نجل المؤلف السيد نعمة الله ( هاشمي ) أن أباه العلامة مات بطهران ونقل جثمانه إلى بلدة قم المشرفة ودفن هناك قدس الله سره ورحمه رحمة واسعة . چ . ( * )

 

 

ص 111

وقد يعبر به عن الطريق المعوج فلهذا قال الله تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيما ) ( 1 ) فميز بين طريقه الذي دعا إلى سلوكه من الدين ، وبين طرق الضلال .


وقال الله تعالى فيما أمر به عباده من الدعاء وتلاوة القرآن : ( اهدنا الصراط المستقيم ) ( 2 ) فدل على أن ما سواه صراط غير مستقيم . وصراط الله تعالى دين الله ، وصراط الشيطان طريق العصيان ، والصراط في الأصل - على ما بيناه - هو الطريق ، والصراط يوم القيامة هو الطريق المسلوك إلى الجنة أو ( 3 ) النار - على ما قدمناه ( 4 ) .

 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) الأنعام : 135 . ( 2 ) الحمد : 6 . ( 3 ) في بقية النسخ : و . ( 4 ) بحار الأنوار 8 : 71 . ( * )