عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

تصحيح اعتقاد الإمامية - محمد بن محمد بن النعمان - ص 116

فصل : في الجنة والنار


قال أبو جعفر اعتقادنا في الجنة أنها دار البقاء ( 1 ) ، ( 2 ) .

قال الشيخ المفيد - رحمه الله - : الجنة ، دار النعيم لا يلحق من دخلها نصب ولا يلحقهم فيها لغوب ، و ( 3 ) جعلها الله سبحانه دارا لمن عرفه وعبده ، [ ونعيمها دائم ] ( 4 ) لا انقطاع له ، والساكنون فيها على أضرب : فمنهم : من أخلص لله تعالى ، فذلك الذي يدخلها على أمان من عذاب الله تعالى .

ومنهم : من خلط عمله الأصلح بأعماله ( 5 ) السيئة كأن يسوف منها التوبة ، فاخترمته المنية قبل ذلك ، فلحقه خوف من العقاب في عاجله وآجله ، أو في عاجله دون آجله ، ثم سكن الجنة بعد [ عفو الله أو عقابه ] ( 6 ) ، ( 7 ) .
 

 

* هامش *

 
 

( * ) أنظر كتاب ( علم اليقين في أصول الدين - ص 208 - 209 ) للمحدث القاشاني . ج .
( 1 ) الاعتقادات ص 76 .
( 2 ) البحار 8 : 200 - 201 / 204 و 8 : 324 - 325 / ؟ ؟ ؟ .
( 3 ) ليست في ( ز ) . ( 4 ) ( ق ) : وجعل نعيمها دائا .
( 5 ) ( ح ) ( أ ) ( ش ) : بأعمال سيئة ، ( ق ) : بالأعمال .
( 6 ) في بقية النسخ : عفو أو عقاب .
( 7 ) بحار الأنوار 8 : 201 . ( * )

 

 

ص 117

ومنهم : من يتفضل ( 1 ) عليه بغير عمل سلف منه في الدنيا ، وهم الولدان المخلدون الذين جعل الله تعالى تصرفهم لحوائج أهل الجنة ثوابا للعاملين ( 2 ) ، وليس في تصرفهم مشاق عليهم ولا كلفة ، لأنهم مطبوعون إذ ذاك على المسار بتصرفهم في حوائج المؤمنين .


وثواب أهل الجنة الالتذاذ [ بالمآكل والمشارب ] ( 3 ) والمناظر والمناكح وما تدركه حواسهم مما يطبعون على الميل إليه ، ويدركون مرادهم بالظفر به وليس في الجنة من البشر من يلتذ بغير مأكل ومشرب وما تدركه الحواس من الملذوذات .


وقول من يزعم ( 4 ) : أن في الجنة بشرا يلتذ بالتسبيح والتقديس من دون الأكل والشرب ، قول شاذ عن دين الاسلام ، وهو مأخوذ من مذهب النصارى الذين زعموا أن المطيعين في الدنيا يصيرون في الجنة ملائكة لا يطعمون ولا يشربون ولا ينكحون .

وقد أكذب الله سبحانه هذا القول في كتابه بما رغب العاملين ( 5 ) فيه من الأكل والشرب والنكاح ، فقال تعالى : ( أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا ) ( 6 ) الآية ، وقال تعالى : ( فيها أنهار من ماء غير آسن ) ( 7 ) الآية ، وقال تعالى :
 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) ( ح ) : تفضل .
( 2 ) ( أ ) ( ز ) ( ق ) : العالمين .
( 3 ) ( ق ) : بالمأكل والمشرب .
( 4 ) ( أ ) ( ز ) : زعم .
( 5 ) في بعض النسخ : العالمين .
( 6 ) الرعد : 35 .
( 7 ) محمد : 15 . ( * )

 

 

ص 118

( حور مقصورات في الخيام ) ( 1 )

وقال تعالى : ( وحور عين ) ( 2 )

وقال سبحانه : ( وزوجناهم بحور عين ) ( 3 )

وقال سبحانه : ( وعندهم قاصرات الطرف أتراب ) ( 4 )

وقال سبحانه : ( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم ) ( 5 ) الآية ،

وقال سبحانه : ( وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة ) ( 6 ) .

فكيف استجاز من أثبت في الجنة طائفة من البشر لا يأكلون ولا يشربون ويتنعمون بما به الخلق من الأعمال يتألمون ، وكتاب الله تعالى شاهد بضد ذلك والاجماع على خلافه ، لولا أن ( 7 ) قلد في ذلك من لا يجوز تقليده أو عمل على حديث موضوع ( 8 ) ؟ !


وأما النار ، فهي [ دار من ] ( 9 ) جهل الله سبحانه ، وقد يدخلها بعض من عرفه [ بمعصية الله ] ( 10 ) تعالى ، غير أنه لا يخلد فيها ، بل يخرج منها إلى النعيم المقيم ، وليس يخلد فيها إلا الكافرون .

وقال تعالى : ( فأنذرتكم نارا تلظى * لا يصليها إلا الأشقى * الذي كذب وتولى ) ( 11 ) يريد [ بالصلي هاهنا ] ( 12 ) الخلود فيها ،

وقال تعالى : ( إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا ) ( 13 )

وقال تعالى : ( إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ) ( 14 )

 

* هامش *

 
  ( 1 ) الرحمن : 72 .
( 2 ) الواقعة : 22 .
( 3 ) الدخان : 54 .
( 4 ) ص : 52 .
( 5 ) يس : 55 .
( 6 ) البقرة : 25 .
( 7 ) ( أ ) ( ح ) ( ق ) : أنه .
( 8 ) بحار الأنوار 8 : 202 .
( 9 ) ( ز ) : دار القرار لمن .
( 10 ) ( ز ) : بمعصيته .
( 11 ) الليل : 14 - 16 .
( 12 ) ( ق ) : بالأشقى ها هنا الكافر ، وبالإصلاء .
( 13 ) النساء : 56 .
( 14 ) المائدة : 36 . ( * )
 

 

ص 119

الآيتان .

وكل آية تتضمن ذكر الخلود في النار فإنما هي في الكفار دون أهل المعرفة بالله تعالى بدلائل العقول والكتاب المسطور والخبر الظاهر المشهور والاجماع والرأي ( 1 ) السابق لأهل البدع من أصحاب الوعيد . [ حد التكفير ]


فصل : وليس يجوز أن يعرف الله تعالى من هو كافر به ، ولا يجهله من هو به مؤمن ، وكل كافر على أصولنا فهو جاهل بالله ، ومن خالف أصول الإيمان من المصلين إلى قبلة الاسلام فهو عندنا جاهل بالله سبحانه وإن أظهر القول بتوحيده تعالى ،

كما أن الكافر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاهل بالله وإن كان فيهم من يعترف بتوحيد الله تعالى ويتظاهر بما يوهم المستضعفين أنه معرفة بالله تعالى .

وقد قال الله تعالى : ( فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) ( 2 ) فأخرج بذلك المؤمن عن أحكام الكافرين ،
 

وقال تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) ( 3 ) الآية ، فنفى عمن كفر بنبي الله صلى الله عليه وآله وسلم الإيمان ، ولم يثبت له مع الشك فيه المعرفة بالله على حال .


وقال سبحانه وتعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر - إلى قوله - وهم صاغرون ) ( 4 ) فنفى الإيمان عن اليهود والنصارى ، وحكم عليهم بالكفر والضلال ( 5 ) .

 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) ليست في بقية النسخ .
( 2 ) الجن : 13 .
( 3 ) النساء : 65 .
( 4 ) التوبة : 29 .
( 5 ) بحار الأنوار 8 : 326 . ( * )