عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

تصحيح اعتقاد الإمامية - محمد بن محمد بن النعمان - ص 125

فصل : فأما قوله تعالى : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) ( 1 ) ففيه وجهان غير ما ذكره أبو جعفر وعول فيه على حديث شاذ :

أحدهما : أن الله تعالى نهاه عن التسرع إلى تأويل القرآن قبل الوحي إليه به ، وإن كان في الامكان من جهة اللغة ما قالوه على مذهب أهل اللسان ( 2 ) .

والوجه الآخر : أن جبرئيل - على السلام - كان يوحي إليه بالقرآن فيتلوه معه
 

  * هامش *  
  ( 1 ) طه : 114 . قال العلامة الشهرستاني عند جوابه عن سؤال رفعناه إلى معاليه شعبان سنة 1354 ه‍ ، ما نصه : ( الصواب في تفسيرها ( أي تفسير الآية 114 من سورة طه ) هو الوجه الثالث مما ذكره المحقق الطبرسي * في

( مجمع البيان ) وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتوقع نزول الوحي عليه يوميا وحول كل حادثة تأمينا لقلوب المؤمنين ومزيدا لعلمه فأوحى إليه سبحانه بهذه الآية قائلا : ( فتعالى الله الملك الحق ) يعني أن الله في مقام

ملوكيته و حقانيته يتعالى شأنه عن خلف الوعد وعن خلاف الحق فينبغي أن تستقر قلوب المؤمنين به فلا موجب باستعجالك بنزول القرآن قبل أن يتحتم من الله إيحاؤه كما لا موجب لاستزادة علمك بنزول الآيات فقط بل يمكن ذلك

بدعائك وطلب مزيد العلم من ربك ، وعليه فالتعجيل بالقرآن هو الالحاح بنزوله ومعنى ( يقضى إليك ) تحتم نزوله إليه حسب ما يراه الله من المصلحة ) . ا ه‍ ، وانظر ملحق ( أمالي السيد المرتضى - ص 395 ط طهران 1272 ه‍ ) . چ .

( 2 ) أنظر كتاب أوائل المقالات ص 55 چ .


* ومما هو جدير بالتسطير أن طبرس المنسوب إليه الإمام السعيد أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي - من أكابر علماء الإمامية وجهابذتهم في القرن السادس للهجرة - بسكون الباء الموحدة معرب ( تفرش ) من توابع قم ، وليس مفتوح الباء

منسوبا إلى طبرستان كما هو المشهور ، يظهر ذلك من الفصل الذي عقده أبو الحسن علي بن زيد البيهقي الشهير بابن فندق المتوفى سنة 565 ه‍ في ( تاريخ بيهق - ص 242 ط طهران ) لترجمته ، وإن شئت مزيد التوضيح والتبيين فعليك =>

 

 

ص 126

حرفا بحرف ، فأمره الله تعالى أن لا يفعل ذلك ويصغي إلى ما يأتيه به جبرئيل ، أو ينزله الله تعالى عليه بغير واسطة حتى يحصل الفراغ منه ، فإذا تم الوحي به تلاه ونطق به وقرأه .


فأما ما ذكره المعول على الحديث من التأويل فبعيد ، لأنه لا وجه لنهي الله

 

  * هامش *  
 

=> بالرجوع إلى المقالة التي دبجها يراعة العلامة أحمد ( بهمنيار * ) أستاذ جامعة طهران ، وأدرجها في ذيل التاريخ المذكور ( ص 347 - 353 ) فراجها واغتنم وكن من الشاكرين . وقال العلامة العاملي في ( أعيان الشيعة - ص 97 -

98 ج 9 ) في ترجمة الشيخ أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي صاحب الاحتجاج : والأكثر أن يقال في النسبة إلى طبرستان طبري وفي النسبة إلى طبرية فلسطين طبراني على غير قياس للفرق بينهما كما قالوا : صنعاني

وبهراني وبحراني في النسبة إلى صنعاء وبهراء والبحرين ، وما يقال إنه لم يسمع في النسبة إلى طبرستان طبري غير صحيح بل هو الأكثر ولو قيل أنه لم يسمع في النسبة إليها طبرسي لكان وجها لما في الرياض عن صاحب تاريخ قم

المعاصر لابن العميد من أن طبرس ناحية معروفة حوالي قم مشتملة على قرى ومزارع كثيرة ، وإن هذا الطبرسي وسائر العلماء المعروفين بالطبرسي منسوبون إليها ، ويستشهد له بما عن الشهيد الثاني في حواشي إرشاد العلامة من

نسبة بعض الأقوال إلى الشيخ علي بن حمزة الطبرسي القمي والله أعلم . . . في رياض العلماء أن هذا الطبرسي المترجم غير صاحب مجمع البيان لكنه معاصر له وهما شيخا ابن شهرآشوب وأستاذاه قال : وظني أن بينهما قرابة وكذا

بينهما وبين الشيخ حسن بن علي بن محمد بن علي بن الحسن الطبرسي المعاصر للخواجة نصير الدين الطوسي ) .

وقد اختار هذا الرأي السديد صديقنا العلامة السعيد محمد علي القاضي الطباطبائي التبريزي مد ظله - نزيل النجف الأشرف - فجاد يراعه الطاهر بمقال باهر حول كلمتي ( طبرس - طبرسي ) ونشر ذلك المقال القيم في مجلة

( العرفان - ص 371 - 375 ج 3 مج 39 ط صيدا - لبنان ) تلك المجلة الراقية التي خدمت العلم والأدب عشرات الأعوام فأقيم لها مهرجان ذهبي في مدينة صيدا الجميلة هذا العام ، ومؤسسها ومنشئها هو العلامة الأستاذ صديقنا الشيخ

أحمد عارف الزين ذلك الرجل المجاهد الذي طالما خدم الدين الاسلامي والمذهب الإمامي بيراعه الطاهر وقلمه القوي السيال . حفظه الله علما للعلم والدين چ .


* اقرأ وجيزا من ترجمته في كتابي ( سخنوران إيران در عمر حاضر ص 165 ج 2 ط هند ) و ( نثر فارسي معامر - ص 97 ط طهران ) . چ . ( * )

 

 

ص 127

تعالى له عن العجلة بالقرآن الذي هو في السماء الأربعة حتى يقضى إليه وحيه ، لأنه لم يكن محيطا علما بما في السماء الرابعة قبل الوحي به إليه ، فلا معنى لنهيه عما ليس في إمكانه .


اللهم إلا أن يقول قائل ذلك أنه كان محيطا علما بالقرآن المودع في السماء الرابعة ، فينتقض كلامه ومذهبه ، لأنه كان في السماء الرابعة لأن ما في صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحفظه في الأرض فلا معنى لاختصاصه بالسماء ،

ولو كان ما في حفظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصف بأنه في السماء الرابعة خاصة لكان ما في حفظ غيره موصوفا بذلك ، ولا وجه يكون حينئذ لإضافته إلى السماء الرابعة ، ولا إلى السماء الأولى فضلا عن السماء الرابعة !

ومن تأمل ما ذكرناه علم أن تأويل الآية على ما ذكره المتعلق بالحديث بعيد عن ( 1 ) الصواب ( 2 ) .

 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) ( ح ) ( ق ) : من . ( 2 ) بحار الأنوار 18 : 253 . ( * )