عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

تصحيح اعتقاد الإمامية - محمد بن محمد بن النعمان - ص 128

فصل : في العصمة


قال أبو جعفر - رحمه الله - : باب الاعتقاد في العصمة ( 1 ) .

قال الشيخ المفيد - رحمه الله - ( 2 ) : العصمة من الله تعالى لحججه ( 3 ) هي التوفيق واللطف والاعتصام من الحجج بها عن الذنوب والغلط في دين الله تعالى ، والعصمة [ تفضل من الله ] ( 4 ) تعالى على من علم أنه يتمسك بعصمته ،

والاعتصام فعل المعتصم ، وليست العصمة مانعة من القدرة ( 5 ) على القبيح ، ولا مضطرة للمعصوم إلى الحسن ، ولا ملجئة له إليه ، بل هي الشئ الذي يعلم الله تعالى أنه إذا فعله بعبد من عبيده لم يؤثر معه معصيته له ، وليس كل الخلق يعلم هذا من حاله ، بل المعلوم منهم ذلك هم الصفوة والأخيار .
 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) الاعتقادات ص 96 .
( 2 ) بحار الأنوار 17 : 96 .

( 3 ) قال المصنف قده في رسالة ( النكت الاعتقادية - ص 45 - 46 ط 2 بغداد ) فإن قيل ما حد العصمة .

والجواب - العصمة لطف يفعله الله بالمكلف بحيث يمنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليهما .

فإن قيل ما الدليل على أنه معصوم من أول عمره إلى آخره .

والجواب - الدليل على ذلك أنه لو عهد منه السهو والنسيان لارتفع الوثوق منه عند اخباراته ولو عهد منه خطيئة * لتنفرت العقول من متابعته فتبطل فائدة البعثة . چ .


( 4 ) ( ز ) من تفضل الله .
( 5 ) ( ز ) : المقدرة .

* أما بعض الآيات وشواذ الأخبار المتضمنة نسبة الخطايا والمعامي إلى الأنبياء أو إلى نبينا عليه وعليهم السلام فقد أجاب عنها تلميذ المصنف أعني الشريف المرتضى في كتاب ( تنزيه الأنبياء - ط إيران ونجف ) . هبة الدين الحسيني . ( * )

 

 

ص 129

قال الله تعالى : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ) ( 1 ) الآية ،

وقال سبحانه : ( ولقد اخترناهم على علم على العالمين ) ( 2 )

وقال سبحانه : ( وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار ) ( 3 ) .

والأنبياء والأئمة - عليهم السلام - ( 4 ) من بعدهم معصومون في حال نبوتهم وإمامتهم من الكبائر كلها والصغائر ، والعقل يجوز عليهم ترك مندوب إليه على غير التعمد للتقصير والعصيان ، ولا يجوز عليهم ترك مفترض إلا أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة - عليهم السلام - من بعده كانوا سالمين من ترك المندوب ، والمفترض قبل حال إمامتهم وبعدها .


فصل ( 5 ) : فأما الوصف لهم بالكمال في كل أحوالهم ، فإن المقطوع به كمالهم في جميع أحوالهم التي كانوا فيها حججا لله تعالى على خلقه .
 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) الأنبياء : 101 .
( 2 ) الدخان : 32 .
( 3 ) ص 47 .
( 4 ) قال المصنف قده في رسالة ( النكت الاعتقادية - ص 48 - 49 ط 2 ) :

فإن قيل ما الدليل على أن الإمام يجب أن يكون معصوما .

والجواب - الدليل على ذلك من وجوه :

الأول : إنه لو جاز عليه الخطاء لافتقر إلى إمام آخر يسدده ثم ننقل الكلام إليه ويتسلسل أو يثبت المطلوب .

الثاني : إنه لو جاز عليه فعل الخطيئة ( فإن ) وجب الانكار عليه سقط محله من القلوب فلا يتبع ، والغرض من نصبه اتباعه ( فيتنقض الغرض ) وإن لم يجب الإنكار عليه سقط وجوب النهي عن المنكر وهو باطل .

الثالث : إنه حافظ للشرع فلو لم يكن معصوما لم تؤمن منه الزيادة والنقصان . چ .

( 5 ) قال المؤلف - قدس - في جواب المسألة السادسة والثلاثين من المسائل العكبرية : إن الطاعة في وقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت له من جهة الإمامة دون غيره ، والأمر له خاصة دون من سواه ، =>

 

 

ص 130

وقد جاء الخبر بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة - عليهم السلام - من ذريته كانوا حججا لله تعالى منذ أكمل عقولهم إلى أن قبضهم ، ولم يكن لهم قبل أحوال التكليف أحوال نقص وجهل ، فإنهم يجرون مجرى عيسى ويحيى - عليهما السلام - في حصول الكمال لهم مع صغر السن وقبل بلوغ الحلم .


وهذا أمر تجوزه العقول ولا تنكره ، وليس إلى تكذيب الأخبار سبيل ، والوجه أن نقطع على كمالهم - عليهم السلام - في العلم والعصمة في أحوال النبوة والامامة ، ونتوقف فيما قبل ذلك ، وهل كانت أحوال نبوة وإمامة أم لا ( 1 ) ونقطع على أن العصمة لازمة لهم منذ أكمل الله تعالى عقولهم إلى أن قبضهم - عليهم السلام - ( 2 ) .
 

  * هامش *  
 

=> فلما قبض صلى الله عليه وآله وسلم صارت الإمامة من بعده لأمير المؤمنين - عليه السلام - ومن عداه من الناس كافة رعية له ، فلما قبض - عليه السلام - صارت الإمامة للحسن بن علي ، والحسين - عليه السلام - إذ ذاك رعية

لأخيه الحسن - عليه السلام - ، فلما قبض الحسن - عليه السلام - صار الحسين إماما مفترض الطاعة على الإمام . وهكذا حكم كل إمام وخليفة في زمانه ، ولم تشترك الجماعة في الإمامة معا ، وكانوا فيها على الترتيب الذي ذكرناه .


فصل : وقد ذهب قوم من أصحابنا الإمامية إلى أن الإمامة كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين والحسن والحسين - عليهم السلام - في وقت واحد ، إلا أن النطق والأمر والتدبير كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم

مدة حياته دونهم ، وكذلك كان الأمر والتدبير لأمير المؤمنين دون الحسن والحسين ، وجعل الإمام في وقت صاحبه صامتا وجعل الأول ناطقا . وهذا خلاف في العبارة ، والأصل ما قدمناه . چ


( 1 ) في هذه العبارة تأمل عن غموض ، ويحتمل أن يكون عطفا على ( فيما قبل ذلك ) فيكون المراد التوقف في أمرين:

الأول : الحكم بكمال العلم والعصمة قبل البعثة وتصدي الإمامة .

والثاني : الحكم بفعلية الاتصاف بالنبوة والإمامة قبل ذلك ، ويحتمل أيضا أن تكون الواو زائدة أو مستأنفة وكان تعليلا .

للحكم بالتوقف في كمال العلم والعصمة ، وحاصل المعنى يلزم أن نتوقف في الحكم بكمالهم في العلم والعصمة قبل البعثة وتصدي الإمامة بعلة الشك في اتصافهم بالنبوة والامامة قبل ذلك . ج

( 2 ) بحار الأنوار 67 : 97 . ( * )