تصحيح اعتقاد الإمامية - محمد بن محمد بن النعمان - ص 139 |
في أن آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا موحدين
قال أبو جعفر في آباء النبي صلى الله عليه وآله
وسلم : اعتقادنا فيهم أنهم مسلمون ( 1 ) ( 2 ) .
قال الشيخ المفيد : آباء النبي
صلى الله عليه وآله وسلم إلى آدم - عليه السلام - كانوا موحدين على الإيمان
بالله ، حسب ما ذكره أبو جعفر - رحمه الله - وعليه إجماع عصابة الحق . قال الله
تعالى : ( الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين )
( 3 ) يريد به : تنقله في أصلاب الموحدين .
وقال نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ( ما زلت أتنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام
المطهرات ، حتى أخرجني الله تعالى في عالمكم هذا ) فدل على أن آباءه كلهم كانوا
مؤمنين ، إذ لو كان فيهم كافر لما استحق الوصف بالطهارة ، لقول الله تعالى :
( إنما المشركون نجس ) ( 4 )
فحكم على الكفار بالنجاسة ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطهارة
آبائه كلهم ووصفهم بذلك ، دل على أنهم كانوا مؤمنين .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) الاعتقادات ص 110 .
( 2 ) عنه في البحار 15 : 17 .
( 3 ) الشعراء : 218 - 219 .
( 4 ) التوبة : 28 . ( * )
|
|
|
في تفسير آية : ( قل لا أسألكم عليه
أجرا ) الآية قال أبو جعفر - رحمه الله - : إن الله تعالى جعل أجر نبيه
صلى الله عليه وآله وسلم على أداء الرسالة وإرشاد البرية مودة أهل بيته - عليهم
السلام - واستشهد على هذا بقوله تعالى : ( قل لا أسألكم
عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ( 1 ) ( 2 ) ( 3 ) .
قال الشيخ - رحمه الله - : لا يصح القول بأن الله تعالى جعل أجر نبيه مودة أهل
بيته - عليهم السلام - ولا أنه جعل ذلك من أجره - عليه السلام - لأن أجر النبي
صلى الله عليه وآله وسلم في التقرب إلى الله تعالى هو الثواب الدائم ، وهو
مستحق
على الله تعالى في عدله وجوده وكرمه ، وليس المستحق على
الأعمال يتعلق بالعباد ، لأن العمل يجب أن يكون لله تعالى خالصا ، وما كان لله
فالأجر فيه على الله تعالى دون غيره .
هذا مع أن الله تعالى يقول ( 4 ) : ( ويا قوم لا أسألكم
عليه مالا إن أجري إلا
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) الاعتقادات ص 111 .
( 2 ) الشورى : 23 .
( 3 ) أنظر ( مجمع البيان - ص 28 - 29 ج
5 ط صيدا ) وإلى تفسير آية : ( قل ما سألتكم من أجر فهو
لكم ) في المجمع - ص 396 ج 4 ط صيدا ، للشيخ الطبرسي - ره - . چ .
( 4 ) وقال الله تعالى في سورة الشعراء : ( 109 ، 127 ، 145 ، 164 ،
180 ) : ( وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب
العالمين ) . چ . ( * )
|
|
|
على الله ) ( 1 ) وفي موضع آخر
: ( يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي
فطرني ) ( 2 ) فلو كان الأجر على ما ظنه أبو جعفر في معنى الآية لتناقض
القرآن ، وذلك أنه كان تقدير الآية : قل لا أسألكم عليه أجرا ، بل أسألكم عليه
أجرا ، ويكون أيضا : إن أجري إلا على الله ، بل أجري على الله وعلى غيره . وهذا
محال لا يصح حمل القرآن عليه .
فإن قال قائل : فما معنى قوله : ( قل لا أسألكم عليه
أجرا إلا المودة في القربى ) أو ليس هذا يفيد أنه قد سألهم مودة القربى
لأجره على الأداء ؟ قيل له : ليس الأمر على ما ظننت - لما قدمناه من حجة العقل
والقرآن - والاستثناء في هذا المكان ليس
هو من الجملة ، لكنه استثناء منقطع ، ومعناه : قل لا أسألكم
عليه أجرا ، لكن ألزمكم المودة في القربى وأسألكموها ، فيكون قوله : قل لا
أسألكم عليه أجرا ، كلاما تاما قد استوفى معناه ، ويكون قوله : إلا المودة في
القربى ، كلاما مبتدأ ، فائدته :
لكن المودة في القربى سألتكموها ، وهذا كقوله :
( فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ) ( 3 )
والمعنى فيه : لكن إبليس ، وليس باستثناء من جملة ( 4 ) ، وكقوله :
( فإنهم عدو لي إلا رب العالمين ) ( 5 ) ( 6 )
معناه : لكن رب العالمين ليس بعدو لي ، قال الشاعر :
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) هود : 29 .
( 2 ) هود : 51 .
( 3 ) الحجر : 30 - 31 .
( 4 ) أنظر ( أوائل المقالات طبع 1371 -
ص 110 ) . چ .
( 5 ) الشعراء : 77 .
( 6 ) أنظر ( مجمع البيان - ص 193 ج 4 ط
صيدا ) . چ . ( * )
|
|
|
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس ( 1 ) وكان
المعنى في قوله : وبلدة ليس بها أنيس ، على تمام الكلام واستيفاء معناه ، وقوله
: إلا اليعافير ، كلام مبتدأ معناه : لكن اليعافير والعيس فيها ، وهذا بين لا
يخفى الكلام فيه على أحد ممن عرف طرفا من اللسان ، والأمر فيه عند أهل اللغة
أشهر من أن يحتاج معه إلى استشهاد .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) اليعفور : الغزال - العيس : الإبل البيض يخالط بياضها سواد خفيف
. الواحد عيس والواحدة عيساء . چ . ( * )
|
|
|
|