عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

تصحيح اعتقاد الإمامية - محمد بن محمد بن النعمان - ص 40

[ صفات الله ( 1 ) ]

فصل : في صفات الذات وصفات الأفعال
 

قال الشيخ أبو جعفر - رحمه الله - : كل ما وصفنا الله تبارك وتعالى به من
 

  * هامش *  
  ( 1 ) إذا توسعنا في تدقيق صحائف الكتاب والسنة حق التوسع لم نجد هذا التقسيم الاصطلاحي : أي تقسيم صفات الله إلى صفات الذات ، وصفات الفعل ، وصفات النقص ، وبعبارة أخرى : الكمالية والجلالية والتنزيهية ، أو بحسب المشهور الصفات الثبوتية والزائدة والسلبية .


نعم ، نجد المنشأ الحقيقي لهذا التقسيم الثلاثي موجودا في القرآن والحديث ، وهو أن الصفات بعضها ثابتة لله سبحانه بوجه عام ، من دون استثناء وقت أو فرد كالعلم ، فإنه - عز شأنه - بكل شئ عليم ، عليم في كل أين وآن ، وفي كل مكان وزمان ، لم يزل عالما بكل شئ ولا يزال .


والقسم الثاني من المعاني منفية عن الله كذلك منفية بوجه عام وبدون استثناء وقت أو مقام كالظلم ، فلا يظلم ربك أحدا ، فكما أن العلم ثابت له ولا يزال ، كذلك الظلم منفي عنه على الإطلاق في كل حال .


والقسم الثالث من صفات الله وسط بين القسمين ، فلا هو كلي الثبوت ، ولا هو كلي السلب ، مثل الإرادة ، فإنها قد تثبت لربنا - عز وجل - بالنظر إلى شئ ، وقد تنتفي عنه بالنظر إلى شئ آخر ، كما في آية : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) ( البقرة : 186 ) ومتى كان المعنى يستحق الثبوت تارة ويستحق النفي أخرى فهو غير ضروري الايجاب ، كما هو غير ضروري السلب .


هذه ثلاثة أقسام في صفات الله يمتاز كل منها عن البقية بحسب ظواهر الكتاب والسنة ، بل وبحسب ضرورة العقل أيضا ، إذ كل وصف قيس إلى ذات ، فإما أن يكون ضروري الثبوت لها ، أو يكون ضروري السلب عنها ، أو يكون غير

ضروري الثبوت للذات كما هو غير ضروري السلب عنها ، الأمر الذي دعا شيوخ أسلافنا إلى القسمة الثلاثية في صفات الله وتسميتهم القسم الأول بصفات الذات أو الثبوتية .
والقسم الثاني بصفات التنزيهية أو السلبية .
والقسم الثالث بصفات الفعل أو الزائدة ، ويريدون بالفعل ضد الشأن ، وإن كان الأنسب عندنا تسمية الأقسام بالذاتية والنسبية والسلبية . ش . ( * )

 

 

ص 41

صفات ذاته ( 1 ) .

قال الشيخ المفيد - رحمه الله - : صفات الله تعالى على ضربين :

أحدهما : منسوب إلى الذات ، فيقال : صفات الذات .

وثانيهما ( 2 ) : منسوب إلى الأفعال ، فيقال : صفات الأفعال ،

والمعنى في قولنا صفات الذات : أن الذات مستحقة لمعناها استحقاقا لازما لا لمعنى سواها ،

و معنى صفات الأفعال : هو أنها تجب بوجود الفعل ولا تجب قبل وجوده ، فصفات الذات لله تعالى هي الوصف له بأنه حي ، قادر ، عالم ألا ترى أنه لم يزل مستحقا لهذه الصفات ولا يزال .


ووصفنا له تعالى بصفات الأفعال كقولنا خالق ، رازق ، محيي ، مميت ، مبدئ ، معيد ، ألا ترى أنه قبل خلقه الخلق لا يصح وصفه بأنه خالق وقبل إحيائه ( 3 ) الأموات لا يقال إنه محيي .


وكذلك القول فيما عددناه ، والفرق بين صفات الأفعال وصفات الذات : أن صفات الذات لا يصح لصاحبها الوصف بأضدادها ولا خلوه منها، وأوصاف الأفعال يصح الوصف لمستحقها بأضدادها وخروجه عنها، ألا ترى أنه لا يصح [ وصف الله ]( 4 )

تعالى بأنه يموت ، ولا [ بأنه يعجز ، ولا بأنه يجهل ] ( 5 ) ولا يصح الوصف له بالخروج عن كونه حيا عالما قادرا ، ويصح الوصف بأنه غير خالق اليوم، ولا رازق لزيد ، ولا محيي لميت بعينه ، ولا مبدئ لشئ في هذه الحال ، ولا معيد له .

ويصح الوصف له - جل وعز - بأنه يرزق ويمنع ويحيي ويميت ويبدئ ويعيد ويوجد ويعدم ، فثبتت العبرة في أوصاف الذات وأوصاف الأفعال ( 6 ) ، والفرق بينهما ما ذكرناه .

 

  * هامش *  
  ( 1 ) الاعتقادات ص 27 .
( 2 ) ( أ ) ( ح ) ( ش ) ( ق ) : والضرب الآخر ، ( ز ) : والآخر .
( 3 ) ( أ ) ( ز ) ( ش ) : إحياء .
( 4 ) ( ز ) : وصفه ، ( ق ) : الوصف لله .
( 5 ) ( ح ) ( ز ) : يعجز ولا يجهل ، ( أ ) ( ق ) : يعجز ويجهل .
( 6 ) ( أ ) ( ح ) ( ز ) ( ش ) : الفعل . ( * )