=> المبحث
الكلامي الآتي ذكره اختلافا واضحا وإن خفي على الجمهور .
وأما البحث الكلامي - وهو المبحوث عنه
لدى علماء الكلام وزعماء الطوائف الإسلامية ، ولا يزالون مختلفين فيه - فهو أن
الإنسان - وإن بلغ رشده وأشده وخوطب بالتكاليف الإلهية - هل هو مختار في أفعاله
، حر في إرادته ، مستقل في
الطلب ؟ أو أن الله تعالى هو الخالق في الحقيقة لجميع ما يصدر من
الإنسان في الظاهر ، وهو كآلة صماء في أداء ما يجري على يديه من أفعال خالقه ،
فعلى هذا يكون الإنسان فاعلا بالمجاز في كل ما ينسب إليه من أفعاله مباشرة ،
وإنما
يكون المنسوب إليه حقيقة هو الله تعالى وحده ، وهذا الوجه يشترك مع
الوجه السابق عليه في سلب اختيار العبد واضطراره في أفعاله طرا ، وهما بناء
عليه يستلزمان الجبر معا ، ويسمى البحث الكلامي بحث الجبر الديني ، كما
يسمى البحث النفسي بحث الجبر التكويني ، والفرق بينهما يبدو من وجوه
أهما أن المنسوب إليه في الجبر الديني إنما هو الله وحده ، وهو الذي أمر
بالحسنات ويثيب بحسبها ، وهو الذي نهى عن السيئات ويعاقب عليها ، وفي صورة كهذه
يصعب جدا تصور الإيمان بعدالة من أجرى على يديك السيئات وهو في نفس
الوقت مؤاخذك بها ومعاقبك عليها ، نعم إن الجبر التكويني يقضي أيضا باضطرار
العبد فيما يأتيه ، غير أنه يجعل مصادر الحسنات والسيئات غير مصدر الثواب
والعقاب . ش .
( 1 ) بحار الأنوار 5 : 20 .
( 2 ) بحار الأنوار 5 : 20 . ( * )
|