- الفصول العشرة - الشيخ المفيد ص 77 : - |
الفصل الخامس
وأما الكلام في الفصل الخامس ، وهو قول الخصوم : ان دعوى
الامامية لصاحبهم أنه منذ ولد الى وقتنا هذا مع طول المدة وتجاوزها الحد مستتر
لا يعرف أحد مكانه ولا يعلم مستقره ، ولا يدعي عدد من الناس لقاءه ولا
ياتي بخبر عنه ولا يعرف له
أثرا ( 1 ) . خارجة عن العرف ، إذ لم تجر العادة لاحد من
الناس بذلك ، إذ كان كل من اتفق له الاستتار عن ظالم لخوف منه على نفسه ولغير
ذلك من الاغراض ، تكون مدة استتاره مرتبة ، ولا تبلغ عشرين سنة فضلا عما زاد
عليها ،
ولا يخفى أيضا على الكل في مدة استتاره مكانه ( 2 ) ، بل لابد
من أن يعرف ذلك بعض أهله وأوليائه بلقائه ، وبخبر منه ياتي إليهم ( 3 ) عنه .
وإذا خرج قول الامامية في استتار صاحبهم وغيبته عن حكم العادات بطل ولم يرج
قيام حجة .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) س . ط : ولا يعرف له أثر . ( 2 ) ل . ع : ومكانه . ( 3 ) س . ط :
لهم . ( * )
|
|
|
فصل : وليس الامر كما توهمه
الخصوم في هذا الباب ، والامامية باجمعها تدفعهم عن دعواهم وتقول : إن جماعة من
أصحاب أبي محمد الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام قد شاهدوا خلفة في حياته ،
وكانوا أصحابه وخاصته بعد وفاته ، والوسائط بينه ولين شيعته دهرا طويلا .
في استتاره : ينقلون ( 1 ) إليهم عن ( 2 ) معالم الدين ، ويخرجون إليهم أجوبة
عن مسائلهم فيه ، ويقبضون منهم حقوقه لديهم ( 3 ) . وهم جماعة كان الحسن بن علي
عليه السلام عدلهم في حياته ، واختصهم امناء له ( 4 ) في وقته ، وجعل
إليهم النظر في أملاكه ( 5 ) والقيام بمأربه معروفون ( 6 )
باسمائهم وأنسابهم وأمثالهم . كابي عمر وعثمان ( 7 ) بن سعيد السمان ( 8 ) ،
وإبنه ابي جعفر محمد بن
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) ل . ر . ع : ينفكون . ( 2 ) س . ط : من . ( 3 ) لديهم ، لم يرد
في ل . ( 4 ) ل . ر : واختصهم امثاله .
( 5 ) ع . ل . ر : ملاكه . ( 6 ) ع . ل . ر . س : معروفين ، والمثبت من
ط . ( 7 ) ع . ل . ر . س : كابي عثمان ، والمثبت من ط .
( 8 ) أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري السمان ويقال له الزيات الاسدي ،
جليل القدر ، النائب الاول لصاحب الزمان ، خدم الامام الهادي وله أحد عشر سنة
وله إليه عهد معروف ، وهو وكيل الامام العسكري أيضا .
رجال الشيخ : 420 رقم 36 ، 434 رقم 22 ، الخلاصة
: 126 رقم 2 ، رجال - ( * )
|
|
|
عثمان ( 1 ) ، وبني الرحبا من نصيبين ( 2 ) ، وبني سعيد ،
وبني مهزيار بالاهواز ( 3 ) ، وبني الركولي ( 4 ) بالكوفة ( 5 ) ، وبني نوبخت
ببغداد ( 6 )
|
* هامش * |
|
|
- ابن داود : 133 رقم 991 .
( 1 ) أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري ، الوكيل الثاني لصاحب
الزمان عليه السلام ، له منزلة جليلة ، وكان محمد قد حفر لنفسه قبرا وسواه .
بالساج ، فسئل عن ذلك فقال : للناس اسباب ، ثم سئل بعد ذلك فقال : قد أمرت أن
أجمع أمري ، فمات بعد شهرين من ذلك في جمادي الاولى سنة خممس وثلاثمائة وقيل :
اربع ، وقال عند موته : امرت أن اوصي إلى الحسين بن روح .
رجال الشيخ : 509 رقم 101 ،
الخلاصة : 149 رقم 57 ،
رجال ابن داود : 178 رقم 1449 .
( 2 ) مدينة فيما بين النهرين - تركيا حاليا - كانت منذ القرن الثالث
الميلادي مهد الاداب السريانية حتى سقوطها في أيدي الساسانيين . المنجد
: 710 .
( 3 ) منطقة في غرب ايران على الخليج ، غنية بالنفط .
المنجد : 85 .
( 4 ) ع . ر : الركورلي ، ل : الركوزفي .
( 5 ) مدينة في العراق على ساعد الفرات ، اتخذها أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب مقرا له وفيها استشهد ، جعلها العباسيون عاصمة في سنة 749 م ، بالقرب
منها النجف ومشهد علي انجبت علماء ومحدثين ونحويين ، كانت مع البصرة مركزا
للثقافة العربية .
المنجد : 598 .
( 6 ) عاصمة العراق حاليا ، شيدها المنصور العباسي سنة 762 م ، ازدهرت
بغداد ازدهارا منقطع النظير بين 754 - 833 م ، أخذت بالانحطاط بعد نقل المعتصم
العاصمة إلى سامراء ، ودمرها هولاكو وبعده تيمورلنك .
المنجد : 126 - 127 . ( * )
|
|
|
وجماعة من أهل قزوين ( 1 ) وقم ( 2 ) وغيرها من الجبال ( 3 )،
مشهورون بذلك عند الامامية والزيدية، معروفون ( 4 ) بالاشارة إليه به عند كثير
من العامة ( 5 ) .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) بالفتح ثم السكون وكسر الواو ، مدينة مشهورة بينها وبين الري
سبعة وعشرون فرسخا ، والى أبهر اثنا عشر فرسخا ، أول من استحدثها سابور ذو
الاكتاف . معجم
البلدان 4 : 342 - 344 ،
المنجد : 550 .
( 2 ) مدينة في غرب ايران تذكر مع قاشان ، وهي مدينة مستحدثة اسلامية ،
وهي خصبة ماؤها من الابار ملحة في الاصل ، وهي محجة للعلوين وفيها قبور
أوليائهم . معجم البلدان 4 : 397 - 398 ، المنجد
: 557 .
( 3 ) بلاد العراق العجمي شرقي آذربايجان ، تقع فيها قلعة الا موت .
المنجد
: 207 . ( 4 ) ع . ر . س : معروفين .
( 5 ) روى الشيخ الصدوق عن محمد بن محمد الخزاعي ، قال : حدثنا أبو علي
الاسدي عن أبيه ، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي إنه ذكر عدد من انتهى إليه
ممن وقف على معجزات صاحب الزمان عليه السلام ورآه من الوكلاء : ببغداد : العمري
، وابنه ، وحاجز ، والبلالي ،
والعطار . ومن الكوفة : العاصم . ومن أهل الاهواز : محمد بن إبراهيم بن
مهزيار . ومن أهل قم : أحمد بن إسحاق . ومن أهل همدان : محمد بن صالح . ومن أهل
الري : البسامي ، والاسدي ، يعني : نفسه . ومن أهل آذربايجان : القاسم بن
العلاء .
ومن أهل نيسابور : محمد بن شاذان . ومن غير الوكلاء : من أهل بغداد :
أبو القاسم بن أبي حليس ، وأبو عبد الله الكندي ، وأبو عبد الله الجنيدي ،
وهارون القزاز ، والنيلي ، وابو القاسم بن دبيس ، وأبو عبداللة بن فروخ ،
ومسرور الطباخ مولى أبو الحسن عليه السلام ، وأحمد ومحمد ابنا الحسن ، وإسحاق
الكاتب من بني نيبخت ، وصاحب النواء ، وصاحب الصرة المختومة . - ( * )
|
|
|
وكانوا أهل عقل وأمانة وثقة ودراية وفهم وتحصيل ونباهة ، وكان
السلطان يعظم أقدارهم بجلالة محلهم في الدنيا ، ويكرمهم لظاهر أمانتهم
|
* هامش * |
|
|
- ومن همدان : محمد بن كشمرد ، وجعفر بن حمدان ، ومحمد بن هارون بن
عمران . ومن الدينور : حسن بن هارون ، وأحمد بن اخية ، وأبو الحسن . ومن اصفهان
: ابن باذشالة . ومن الصيمرة : زيدان . ومن قم : الحسن بن النضر ، ومحمد بن
محمد ، وعلي بن محمد بن
اسحاق ، وابوه ، والحسن بن يعقوب . ومن أهل الري : القاسم بن موسى ،
وابنه ، وأبو محمد بن هارون ، وصاحب الحصاة ، وعلي بن محمد ، ومحمد بن محمد
الكليني ، وأبو جعفر الرفاء . ومن قزوين : مرداس ، وعلي بن أحمد . . ومن فاقتر
: رجلان . ومن شهرزور :
ابن الخال . ومن فارس : المحروج . ومن مرو : صاحب الالف دينار ، وصاحب
المال والرقعة البيضاء ، وأبو ثابت . ومن نيسابور : محمد بن شعيب بن صالح . ومن
اليمن : الفضل بن يزيد ، والحسن ابنه ، والجعفري ، وابن الاعجمي ، والشمشاطي .
ومن مصر : صاحب
المولودين ، وصاحب المال بمكة ، وأبو رجاء . ومن نصيبين : أبو محمد بن
الوجناء . . ومن الاهواز : الحصيني . راجع : كمال الدين
2 : 442 - 443 رقم 16 ، وراجع أيضا 2 : 476 - 479 رقم 26 وفيه قصة الوفد الذي
جاء من قم والجبال ، وللتوسعة راجع : نفس
المصدر 2 : 434 - 482 ، باب 43 ذكر من شاهد القائم عليه السلام ورآه
وكلمه ، الغيبة
للطوسي : 253 - 280 ، كتاب تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي ، كتاب جنة
الماوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة إو معجزته في الغيبة الكبرى للمحدث النوري
طبع آخر المجلد 53 من البحار 52 : 77 باب 18 ذكر
من رآه ، الكنى والالقاب 1 : 91 - 93 . ( * )
|
|
|
واشتهار عدالتهم ، حتى أنه كان يدفع عنهم ما يضيفه إليهم
خصومهم من أمرهم ، ضنا ( 1 ) بهم واعتقادا لبطلان قذفهم ( 2 ) به ، وذلك لما
كان من شدة تحرزهم ، وستر حالهم ، واعتقادهم ، وجودة آرائهم ، وصواب تدبيرهم .
وهذا يسقط دعوى الخصوم وفاق الامامية لهم : أن صاحبهم لم ير
منذ ادعوا ولادته، ولا عرف له مكان ، ولا خبر أحد بلقائه . فاما بعد انقراض من
سميناه من أصحاب أبيه وأصحابه عليهما السلام ، فقد كانت الاخبار عمن تقدم من
أئمة ال محمد ( 3 )
عليهم السلام متناصرة : بانه لابد للقائم المنتظر من غيبتين ،
إحداهما ( 4 ) إطول من الاخرى ، يعرف خبره الخاص في القصرى ولا يعرف العام له
مستقرا في الطول ، إلا من تولى خدمته من ثقاة ( 5 ) أوليائه ، ولم ينقطع عنه
إلى الاشتغال
بغيره . والاخبار ( 6 ) بذلك موجودة في مصنفات الشيعة
الامامية قبل مولد . أبي محمد وأبيه وجده عليهم السلام ( 7 ) ، وظهر حقها عند
مضي الوكلاء والسفراء الذين سميناهم رحمهم الله ، وبان صدق رواتها بالغيبة
الطولى ، فكان ( 8 ) ذلك من الايات الباهرات في صحة ما ذهبت إليه الامامية
ودانت به في
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) الضن : البخل ، والمراد هنا : اعتزازا بهم وبخلا بهم على غيرهم .
اللسان 13 : 261 ضمن .
( 2 ) ل . ر . س : فرقهم .
( 3 ) من قوله : عليهم السلام ، الى هنا لم يرد في ل .
( 4 ) ع . ل . ر . س : احدهما .
( 5 ) ل . س : تقاة .
( 6 ) ر . ع : فالاخبار .
( 7 ) راجع مقدمة هذا الكتاب ، رقم 2 ، من كتب عن المهدي .
( 8 ) ل . س . ط : وكان . ( * )
|
|
|
معناه . وليس يمكن أن يخرج عن عادة أزماننا هذه غيبة بشر لله
تعالى ، في استتاره تدبير لمصالح خلقه لا يعلمها إلا هو ، وامتحان لهم بذلك في
عبادته ، مع أنا لم نحط علما بان كل غائب عن ( 1 ) الخلق مستترا ( 2 ) بامر
دينه لامر يؤمه ( 3 ) عنهم - كما ادعاه الخصوم - يعرف جماعة من الناس مكانه
ويخبرون عن مستقره .
وكم ولي لله ( 4 ) تعالى ، يقطع الارض بعبادة ربه تعالى والتفرد من الظالمين
بعمله ، ونأى بذلك عن دار المجرمين وتبعد بدينه عن محل الفاسقين ، لا يعرف أحد
من الخلق له مكانا ولا يدعي انسان له لقاء ولا معه اجتماعا .
وهو الخضر عليه السلام ، موجود قبل زمان موسى عليه السلام إلى
وقتنا هذا ، باجماع أهل النقل واتفاق أصحاب السير والاخبار ، سائحا في الارض ،
لا يعرف له أحد مستقرا ولا يدعي له اصطحابا ، إلا ما جاء في القرآن به من قصته
مع
موسى عليه السلام ( 5 ) ، وما يذكره بعض الناس من أنه يظهر
أحيانا ولا يعرف ، ويظن بعض من رآه ( 6 ) أنه بعض الزهاد فإذا فارق مكانه توهمه
المسمى بالخضر ، وإن لم يكن يعرف بعينه في الحال ولا
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) ع . ل . ر : من .
( 2 ) ط : مستتر .
( 3 ) ع . ر . ل . س : يامه . ومعنى يؤمه : يقصده . اللسان 12 : 122 مم
.
( 4 ) ط : وثم ولي الله .
( 5 ) الكهف 18 : 65 - 82 . وراجع :
كمال الدين 2 : 385 - 393 .
( 6 ) ل : وبظن بعض رآه ، ط : ويظن بعض الناس رآه . ( * )
|
|
|
ظنه ، بل اعتقد أنه بعض أهل الزمان . وقد كان من غيبة موسى بن
عمران عليه السلام عن وطنه وفراره ( 1 ) من فرعون ورهطه ما نطق به الكتاب ( 2 )
، ولم يظهر عليه أحد مدة غيبته عنهم فيعرف له مكانا ، حتى ناجاه الله عز وجل
وبعثه نبيا ، فدعا إليه وعرفه الولي والعدو إذ ذاك .
وكان من قصة يوسف بن يعقوب عليهما السلام ما جائت به سورة كاملة بمعناه ( 3 ) ،
وتضمنت ذكر استتار خبره عن ابيه ، وهو نبي الله تعالى ياتيه الوحي منه سبحانه
صباحا ومساء ، وأمره مطو عنه وعن إخوته ، وهم يعاملونه ويبايعونه ويبتاعون
منه ويلقونه ( 4 ) ويشاهدونه فيعرفهم ولا يعرفونه ، حتى مضت
على ذلك السنون وانقضت ( 5 ) فيه الازمان ، وبلغ من حزن أبيه عليه السلام عليه
- ( 6 ) لفقده ، ويأسه من لقائه ، وظنه خروجه من الدنيا بوفاته - ما انحنى له
ظهره ، وأنهك ( 7 ) به جسمه ، وذهب لبكائه عليه بصره .
وليس في زماننا ( 8 ) الآن مثل ( 9 ) ذلك ، ولا سمعنا بنظير
له في سواه .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) ع . ل . ر : وفراله ، والمثبت من س . ط .
( 2 ) القصص 28 : 21 - 32 . وراجع : كمال الدين 2 : 145 - 153 ،
قصص الانبياء : 148 - 176 .
( 3 ) سورة يوسف ، رقم 12 . وراجع
للتفصيل :
كمال الدين 1 : 141 - 145 ،
قصص الانبياء : 126 - 138 .
( 4 ) س . ط : وهم يعاملونه ويبتاعون منه وياتونه .
( 5 ) ع . ر : ونقصت . ( 6 ) لفظ : عليه ، لم يرد في ل . س . ط .
( 7 ) ع . ر : وانهتك ، ل : وانحل .
( 8 ) ع . ل . ر : دعائنا ، والمثبت من س . ط .
( 9 ) ر : قبل . ( * )
|
|
|
وكان من أمر يونس نبي الله عليه السلام مع قومه وفراره عنهم
عند تطاول المدة في خلافهم عليه واستخفافهم بحقوقه ، وغيبته عنهم لذلك عن كل
أحد من الناس حتى لم يعلم بشر من الخلق مستقره ومكانه إلا الله تعالى إذ كان
المتولي لحبسه في
جوف حوت في قرار بحر ، وقد أمسك عليه رمقه حتى بقي حيا ، ثم
أخرجه من ذلك الى تحت شجرة من يقطين ، بحيث لم يكن له معرفة بذلك المكان من
الارض ولم يخطر له ببال سكناه . وهذا أيضا خارج عن عادتنا ( 1 ) وبعيد من
تعارفنا ، وقد نطق به القرآن ( 2 ) وأجمع عليه أهل الاسلام وغيرهم من أهل الملل
والاديان .
وأمر أصحاب الكهف نظير لما ذكرناه ، وقد نزل القرآن بخبرهم وشرح أمرهم ( 3 ) :
في فرارهم بدينهم من قومهم وحصولهم في كهف ناء عن بلدهم ، فاماتهم الله فيه
وبقي كلبهم باسطا ذراعيه بالوصيد ، ودبر أمرهم في بقاء أجسامهم على
حال أجساد الحيوان لا يلحقها بالموت تغير ( 4 ) ، فكان ( 5 )
يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال كالحي الذي يتقلب ( 6 ) في منامه بالطبع
والاختيار ، ويقيهم حر الشمس التي تغير الالوان ، والرياح التي تمزق الاجساد
فبقوا على ذلك ثلاث مائة سنة وتسع سنين على ما جاء به الذكر الحكيم .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) ع . ل . ر : عبادتنا .
( 2 ) الصافات 37 : 139 - 146 . وراجع :
قصص الانبياء : 251 - 253 .
( 3 ) الكهف 18 : 9 - 22 . وراجج :
قصص الانبياء : 253 - 261 .
( 4 ) ط : تغير بالموت
( 5 ) ل . س . ط : وكان .
( 6 ) ر . س . ط : ينقلب . ( * )
|
|
|
ثم أحياهم فعادوا ( 1 ) إلى معاملة قومهم ومبايعتهم ، وأنفذوا
إليهم بورقهم ليبتاعوا منهم أحل الطعام وأطيبه وأزكاه بحسب ما تضمن القران من
شرح قصتهم ( 2 ) ، مع استتار أمرهم عن قومهم وطول غيبتهم عنهم وخفاء أمرهم
عليهم .
وليس في عادتنا ( 3 ) مثل ذلك ولا عرفناه ، ولولا أن القران جاء بذكر هؤلاء
القوم وخبرهم وما ذكرناه من حالهم لتسرعت الناصبة إلا إنكار ذلك كما يتسرع إلى
إنكاره الملحدون والزنادقة والدهريون ويحيلون صحة الخبر به وقد تقول : لن يكون
( 4 ) في المقدور .
وقد كان من أمر صاحب الحمار الذي نزل بذكر قصته القرآن ( 5 ) ، وأهل الكتاب
يزعمون أنه نبي الله تعالى ، وقد كان مر عل قرية وهي خاوية على عروشها فاستبعد
عمارتها ( 6 ) وعودتها إلى ما كانت عليه ورجوع الموتى منها بعد هلاكهم
بالوفاة ، ف ( قال أنى يحيى هذه الله
بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه ) وبقي طعامه وشرابه بحاله ( 7
) لم يغيره تغيير طبائع ( 8 ) الزمان كل طعام وشراب عن حاله ، فجرت بذلك العادة
في طعام صاحب الحمار وشرابه ، وبقي حماره قائما في مكانه لم ينفق ( 9 ) ولم
يتغير عن
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) ع . ر . س : لعادوا . ( 2 ) ع . ل . ر : نصيبهم . ( 3 ) ع . ل .
ر : عبادتنا .
( 4 ) في النسخ : أن يكون ، والظاهر ما أثبتنا . . ( 5 )
البقرة 2 : 259 . ( 6 ) ر . س . ط : عمارتهم .
( 7 ) لفظ : بحاله ، لم يرد في ل . ط . ( 8 ) ل . س . ط : طباع . ( 9 )
أي : لم يمت . ( * )
|
|
|
حاله في ( 1 ) يأكل ويشرب ، لم يضره طول عمره ولا أضعف ولا
غير له صفة من صفاته . فلما أحياه ( 2 ) الله تعالى - المذكور بالعجب من حياة
الاموات وقد أماته مائة عام - قال له : ( انظر إلى طعامك
وشرابك لم يتسنه ) ، يريد به : لم يتغير
بطول مدة بقائه ، ( وانظر الى العظام
كيف ننشزها
) ، يعني : عظام الاموات من الناس كيف نخرجها من تحت التراب (
ثم نكسوها لحما ) فتعود حيوانا كما كانت بعد تفرق
اجزائها واندراسها بالموت (
فلما تبين له ) ذلك وشاهد الاعجوبة فيه (
قال اعلم أن الله على كل شئ قدير ) ( 3 ) .
وهذا منصوص في القران مشروح في الذكر والبيان ( 5 ) لا يختلف فيه المسلمون وأهل
الكتاب ، وهو خارج عن عادتنا ( 6 ) وبعيد من تعارفنا ، منكر عند الملحدين
ومستحيل على مذهب الدهرين والمنجمين وأصحاب الطبائع من اليونانيين وغيرهم
من المدعين الفلسفة والمتطببين . على [ أن ] ( 6 ) ما يذهب
إليه الامامية في تمام استتار صاحبها وغيبته ومقامه على ذلك طول مدته أقرب في
العقول والعادات [ مما ] ، أوردناه ( 7 ) من أخبار المذكورين في ( 8 ) القرآن .
|
* هامش * |
|
|
- الصحاح 4 : 560 انفق .
( 1 ) ل . س . ط : حتى . ( 2 ) ط : أحيى . ( 3 )
البقرة
2 : 259 . ( 4 ) ع . ل . ر : والهان .
( 5 ) ع . ل . ر . ط : عادتها . ( 6 ) زيادة أوردناها لاقتضاء السياق
لها . ( 7 ) ل . ط : أو زيادة . ( 8 ) ع . ل . س : من . ( * )
|
|
|
فاي طريق للمقر بالاسلام إلى إنكار مذهبنا في ذلك ، لولا أنهم
بعداء من التوفيق مستمالون ( 1 ) بالخذلان . وامثال ما ذكرناه - لان لم يكن قد
جاء به القرآن - كثير ، قد رواه أصحاب الاخبار وسطره في الصحف أصحاب السير
والاثار : من
غيبات ملوك الفرس عن رعاياهم دهرا طويلا لضروب من التدبيرات ،
لم يعرف أحد لهم فيها مستقرا ولا عثر ( 2 ) لهم على موضع ولا مكان ، ثم ظهروا
بعد ذلك وعادوا إلى ملكهم باحسن حال ، وكذلك جماعة من حكماء الروم والهند
وملوكهم .
فكم ( 3 ) كانت لهم غيبات وأخبار باحوال تخرج عن العادات . لم نتعرض لذكر شئ من
ذلك ، لعلمنا بتسرع الخصوم إلى انكاره ، لجهلهم ودفعهم صحة الاخبار به وتعويلهم
في إبطاله ( 4 ) على بعده من عاداتهم وعرفهم ( 5 ) .
فاعتمدنا القرآن فيما يحتاج إليه منه ، وإجماع أهل الاسلام ، لاقرار ( 6 )
الخصم بصحة ذلك وأنه من عند الله تعالى ، واعرافهم بحجة الاجماع . لان كنا نعرف
من كثير منهم نفاقهم بذلك ، ونتحقق استبطانهم ( 7 ) بخلافه ، لعلمنا بإلحادهم
في الدين واستهزائهم به ، وانهم كانوا ينحلون
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) ر . س : مستمولون . ( 2 ) ع . ل . ر . س : ولا غير . ( 3 ) ع . ل
. ط : وكم .
( 4 ) ل : على إبطاله . ( 5 ) ل : من عرفهم وعاداتهم . ( 6 ) ل . ط :
لاقرار . ( 7 ) س . ط : استنباطهم . ( * )
|
|
|
بظاهره خوفا من السيف وتصنعا أيضا ، لاكتساب الحطام به من
الدنيا ، ولولا ذلك لصرحوا ( 1 ) بما ينتمون وظاهروا ( 2 ) بمذاهب ( 3 )
الزنادقة التي بها يدينون ولها يعتقدون . ونعوذ بالله من سيئ الاتفاق ( 4 ) ،
ونساله العصمة من الضلال .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) ر : يصرحوا . ( 2 ) ع . ل : فظاهروا ، س . ط : فتظاهروا . ( 3 )
ع . ل : لمذاهب ، ر : المذاهب .
( 4 ) س . ط : سنن النفاق ، ع . ر . ل : سئ للاتفاق ، ويحتمل : سني
للانفاق ، وما أثبتنا . هو المناسب للعبارة . ( * )
|
|
|
|