عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

- الفصول العشرة- الشيخ المفيد ص 41 : -

بسم الله الرحمن الرحيم ( 1 ) الحمد لله الذي ضمن النصر لمن نصره ، وأيد بسلطان الحق من عرف سبيله فابصره ، وسلب التوفيق عمن ( 2 ) ألحد فيه وأنكره . وإليه الرغبة في إدامة النعمة ، وبه نعوذ من العذاب والنقمة .

وصلواته في سيدنا محمد وآله الائمة المهدية ، وسلم كثيرا . وبعد ، فإني قد خلدت ( 3 ) من الكلام في وجوب الامامة ، واختصاص مستحقيها ( 4 ) عليهم السلام بالعصمة ، وتمييزهم من رعاياهم بالكمال والفضل بمحاسن ( 5 ) الافعال

والاعلام الدالة على الصدق منهم في الدعوى إلا ما دعوا إليه من الاعتقادات والاعمال ، والنصوص الثابتة عليهم من الله تعالى ، بجلي المقال .
 

  * هامش *  
 

( 1 ) ر . ع . س : رب يسر . ( 2 ) ع . ل : من .
( 3 ) ر . ع : جلدت ، ل : حللت . ( 4 ) ر . ع : مستحقها . ( 5 ) ر . ع . س : محاسن . ( * )

 

 

- ص 42 -

وأوضحت عن فساد مذاهب المخالفين في ذلك والذاهبين بالجهل والضلال ، بما قد ظهر في الخاص من الناس والعام ، واشتهرت بين الجمهور من الانام . وبينت عن أسباب ظهور دعوة الناطقين منهم إلى الدين ، وصمت المتقين عن ذلك ،

لضرورتهم إليه بظلم الجبارين ، والاشفاق على مهجتهم ( 1 ) [ من ] المبيحين لدمائهم ، المعتدين بخلاف قتلة ( 2 ) النبيين والمرسلين فيما استحلوه من ذلك . بما ضمه الفرقان والقرآن ( 3 ) المبين ، فيما ثبت في غيبة خاتم الائمة المهديين عليهم أفضل السلام والتسليم ، واستتاره من دولة الظالمين ، ما دل على ايجابه إلى ذاك وضرورته إليه . مثمر العلم به واليقين .
 

وتجدد بعد الذي سطرته في هذه الابواب ، وشرحت معانيه على وجه السؤال فيه والجواب ( 4 ) ، وشواهد الحق فيه بحجة العقل والسنة والكتاب ، رغبة ممن أوجب له حقا، وأعظم له محلا وقدرا، وأعتقد في قضاء حقه ( 5 ) ووفاق مشربه ( 6 )

لازما وفرضا ، في إثبات نكت من فصول خطرت بباله في مواضع ذكرها ، يختص القول فيها بامامة صاحب الزمان عليه وعلى آبائه أفضل السلام ، اثر أن يكون القول فيها على ترتيب عينه وميزه من جملة ما في بابه وبينه .

فاستخرت الله تعالى في رسم ما ذكره من الفصول ، والقول فيها بما تعم معرفته ذوى العقول، ولا يحتاج معه إلى فكر ( 7 ) يمتد زمانه ويطول ، ويستغنى به

  * هامش *  
 

( 1 ) ر . ع . ل . ط : الى منهجهم . ( 2 ) ع . س : لخلاف قتله ، ل . ط : لخلاف قتلهم ، ر : بخلاف قتلهم .
( 3 ) ع . ل . ط : الفرقان القرآن . ( 4 ) ر . ع : وجه السؤال فيه والسؤال والجواب .
( 5 ) ر . ل . س . ط : فصاحته . ( 6 ) ر . ع . س : مسرته . ( 7 ) ل : ذكر . ( * )

 

 

- ص 43 -

عن الرجوع إلى العمد ( 1 ) التى أودعتها كتبي السالفة في ذلك ومهذبه ( 2 ) فيها من الاصول ، وبالله استعين .

 

  * هامش *  
 

( 1 ) راجع ما كتبنا . في المقدمة من مؤلفات المفيد مستقلا وضمنا عن الامام الحجة عليه السلام . ( 2 ) س . ط : ومهدته .

 

 

- ص 45 -

ذكر الفصول على ترتيبها ونظامها وشرحها ومواضع الشبهات فيها :


الفصل الاول : القول فيما يدعيه الامامية من وجود خلف لابي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا ولد في حياته ، مع خفاء ذلك على أهله ، واستتاره عن بني عمه واوليائهم وأعدائهم في وقته إلى هذه الغاية ، لم يشرك الامامية في دعوى ذلك غيرهم من الناس .


الفصل الثاني : إنكار جعفر بن محمد بن علي ( 1 ) - أخي الحسن بن علي - دعوى الامامية ولدا له ، وحوزه ميراثه ، والتظاهر بتكذيب من اذعن لاخيه ولدا في حياته وبعد وفاته ، ورفع خبر المذعين ذلك إلى السلطان ، حتى بعثه ( 2 ) على حبس جواريه ( 3 ) واستبراء حالهم ( 4 ) في الحمل ، فلم يظهر لواحدة منهن
 

  * هامش *  
 

( 1 ) خرج التوقيع على عثمان العمري من الناحية المقدسة جواب أسئلة سالها اسحاق بن يعقوب : . . . وأما سبيل عمي جعفر وولده سبيل أخوة يوسف عليه السلام . كمال الدين : 483 - 484 . وراجع البحار 50 : 227 - 232 باب 6 أحوال جعفر ، و 37 : 8 .
( 2 ) ر . ع : يعنه . ( 3 ) ر . ع : جواره . ( 4 ) ط : حالهن . ( * )

 

 

- ص 46 -

حملا ، وصار ذلك شبهة في إبطال دعوى ولد الحسن عليه السلام .

الفصل الثالث : وصية الحسن المشهورة إلى والدته - المسماة بحديث ( 1 ) المكناة بأم الحسن - في وقوفه وصدقاته ، وامضائها ( 2 ) على شروطها ، ولم يذكر فيها ولدا له موجودا ولا منتظرا .
 

الفصل الرابع : ما الداعي إلى ستر ولادته ، والسبب إلى خفاء أمره وغيبته ؟ مع ظهور نسب آبائه وولادتهم ونشئهم ( 4 ) واشتهار وجودهم ، وقد كانوا في ازمان التقية فيها أشد من زمن الحسن بن علي بن محمد ، وخوفهم فيها من ملوك بني أمية ومن بعدهم أعظم ، ولم يغب أحد منهم ، ولا خفيت ولادته ووجوده عن الناس .


الفصل الخامس : خروج دعوى الامامية في غيبة الامام عن حكم العادة في استتاره عن

  * هامش *  
  ( 1 ) هي أم الحسن حديث أو حديثة ، وقيل : سوسن ، وقيل سليل ، وكانت من الصالحات المتقيات العارفات بهذا الامر . الاعيان 1 : 40 .
( 2 ) ع : وأمضا بها . ( 3 ) ل . ط : ولدا موجودا . ( 4 ) ل : وموتهم . ( * )
 

 

- ص 47 -

فصول الكتاب . الخلق ( 1 ) طول المدة التي يدعونها لصاحبهم ، وانسداد الطرق إلى الوصول إليه ( 2 ) ، وعدم معرفة ( 3 ) مكان له على حال .


الفصل السادس انتقاض العادة في دعوى طول عمره وبقائه منذ ولد على قول الامامية قبل وفاة أبيه بسنين ، وكانت وفاته في سنة ستين ومائتين إلى وقتنا هذا وهو سنة عشرة وأربعمائة .


الفصل السابع : ان غيبته متى صحت على الوجه الذي تدعيه الامامية بطلت الحاجة إليه ، إذ كان وجود منعها كعدمه ( 4 ) من العالم ، ولا تظهر له دعوة ، ولا تقوم له حجة ، ولا يقيم حدا ، ولا ينفذ حكما ، ولا يرشد مسترشدا ، ولا يامر بمعروف ، ولا ينهى عن منكر ، ولا يهدي ضالا ، ولا يجاهد في الاسلام .


الفصل الثامن : بطلان دعوى الامامية
 

  * هامش *  
 

( 1 ) ع . ل : في استتار الخلق ، ر . س : في استتار الحق ، والمثبت من ط ونسخة بدل في س .
( 2 ) اي : الى صاحبهم . ( 3 ) ل . ع . ط : وعدم خبر صرفة . ( 4 ) س . ط : إذا كان وجوده معها كعدمه . ( * )

 

 

- ص 48 -

في الغيبة بما به اعتصموا في إنكار قول الممطورة ( 1 ) : إن موسى بن جعفر عليهما السلام حي موجود غائب منتظر ، وبما به شنعوا ( 2 ) على الكيسانية ( 3 )

 

  * هامش *  
 

( 1 ) هم : الواقفة الذين وقفوا على موسى بن جعفر عليه السلام ، وهم فرق كثيرة :

فمنهم من قال : بانه حي لم يمت ولا يموت حتى يملك شرق الارض وغربها ، ويملأها كلها عدلا كما ملئت جورا ، وأنه القائم .
ومنهم من قال : إنه القائم وقد مات ، ولا تكون الامامة لغيره حتى يرجع ، وزعموا انه قد رجع بعد موته إلا انه مختف في موضع من المواضع . ومنهم من قال : إنه القائم وقد مات ويرجع وقت قيامه .

وأنكر بعضهم قتله وقال : مات ورفعه الله إليه وانه يرده عند قيامه . وإنما لقبوا بالممطورة ، لان علي بن إسماعيل الميثمي ويونس بن عبد الرحمن ناظرا بعض الواقفية فقال علي بن اسماعيل - وقد اشتد الكلام بينهم - : ما أنتم إلا كلاب ممطورة ، أراد : انتن من الجيف ، لان الكلب إذا اصابه المطر فهو انتن من الجيف . فرق الشيعة : 90 - 92 .

( 2 ) ل . س . ط : شكوا .
( 3 ) هم الذين يعتقدون بإمامة محمد بن الحنفية ، وهم فرق متعددة :
فمنهم من قال بامامة محمد بن الحنفية بعد امير المؤمنين عليه السلام .
ومنهم من قال بإمامته بعد الحسن والحسين عليهما السلام .
ومنهم من قال بانه هو الامام المهدي ، سماه به ابوه عليه السلام لم يمت ولا يموت ، وليس لاحد أن يخالفه ، وإنما خرج الحسن والحسين بإذنه . وإنما سموا بالكيسانية ، لان محمد بن الحنفية استعمل المختار على العراقين ، وامره بالطلب بدم الحسين وثاره وقتل قاتليه ،

وسماه كيسان لكيسه . فرق الشيعة : 41 - 45 . اقول : عند التأمل في كتب التاريخ والتراجم نجزم بان محمد بن الحنفية لم يؤسس هذه الفرقة ، ولا له بهم صلة ، وإنما هم نسبوا انفسهم إليه ، وانه كان يعلم بإمامة ابن اخيه السجاد ، ولم يدع الامامة لنفسه قط . ( * )

 

 

- ص 49 -

والناووسية ( 1 ) والاسماعيلية ( 2 ) في دعواهم حياة ائمتهم محمد بن الحنفية ( 3 ) وجعفر بن محمد

 

  * هامش *  
 

( 1 ) هم فرقة قالوا : ان جعفر بن محمد حي لم يمت ولا يموت ، حتى يظهر ويلي أمر الناس لانه هو المهدي ، وزعموا أنهم رووا عنه أنه قال : ان رأيتم رأسي قد أهوى عليكم من جبل فلا تصدقوا ، فاني انا صاحبكم . وإنما سميت بالناووسية ، لان رئيسا لهم من أهل البصرة كان يقال له فلان بن فلان الناووس وقيل : اسمه عجلان بن ناووس ، وقيل : اسمه ناوس ، وقيل نسبوا إلى قرية نوسا . فرق الشيعة : 78 .


( 2 ) فرقة قالوا : إن الامام بعد جعفر بن محمد ابنه اسماعيل بن جعفر ، وانكرت موت إسماعيل في حياة ابيه ، وقالوا كان ذلك على جهة التلبيس من أبيه على الناس ، لانه خاف عليه فغيبه عنهم وزعموا أن اسماعيل لا يموت حتى يملك الارض يقوم بامر الناس ، وأنه هو القائم ، وهذه الفرقة هي الاسماعيلية الخالصة . فرق الشيعة : 80 .

أقول : منشا اشتباه . هذه الفرقة هو أن إسماعيل كان أكبر ولد أبيه الصادق ، وكان رجلا صالحا ، وكان أبوه شديد المحبة له والبر به ، وكان يظن قوم من الشيعة في حياة أبيه انه القائم بعده . ولما مات اسماعيل في حياة ابيه بالعريض وحمل على رقاب الرجال إلى المدينة ،

امر الامام بوضع السرير على الارض قبل دفنه مرارا ، وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه ، يريد بذلك تحيق امر وفاته عن الظانين خلافته له من بعده . وازالة الشبهة عنه . ومع كل هذه . الاجرائات منه ، نرى تمسك فرقة بامامة اسماعيل بعد أبيه .
 

( 3 ) هو : أبو القاسم محمد الاكبر بن علي بن ابي طالب ، والحنفية لقب أمه خولة بنت جعفر ، كان كثير العلم والورع شديد القوة ، وحديث منازعته في الامامة مع علي بن الحسين عليه السلام وإذعانه بامامته بعد شهادة الحجر له مشهور ، بل في بعضها : وقوعه على قدمي السجاد بعد شهادة الحجر ، ولم ينازعه بعد ذلك بوجه ، توفي سنة 80 ه‍ وقيل : 81 ه‍ .
الطبقات الكبرى
5 : 91 ، وفيات الاعيان 4 : 169 ، وتنقيح المقال 3 : 115 . ( * )

 

 

- ص 50 -

وإسماعيل بن جعفر ( 1 ) ، وتناقض ( 2 ) مقالهم في ذلك .
 

الفصل التاسع : اعتراف الامامية بان الله تعالى أباح للامام ( 3 ) الاستتار عن الخلق ، وسوغ له الغيبة عنهم بحيث لا يلقاه أحد منهم فيعرفه بالمشاهدة لطفا له في ذلك ولهم ، واقرارهم بان الله سبحانه لا يبيح الا ما هو صلاح ولا يسوغ إلا ما هو

في التدبير صواب ولا يفعل بعباده . الا ما بهم حاجة إليه ما دامت المحنة ( 4 ) والتكليف باقيا ، وهذا ينقض قولهم في مشاهدته وأخذ معالم الدين فيه ( 5 ) مصلحة تامة وأن بظهوره تمام المصالح والنظام والتدبير ( 6 ) .


الفصل العاشر : اضطرار الامامية عند

  * هامش *  
 

( 1 ) اسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني ، رجل صالح ، مات في حياة أبيه بالعريض ، وحمل عل رقاب الرجال الى المدينة حتى دفن بالبقيع ، وحزن عليه الصادق حزنا عظيما ، وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء . تنقيح المقال 1 : 131 - 132 ، وفيه بحث كامل حول ما تصوره البعض من ورود الذم لاسماعيل .

( 2 ) ع : ويناقض . ( 3 ) ع . ل : الامام . ( 4 ) ر : المحبة . ( 5 ) ط : عنه . ( 6 ) ع . ل . ر : والنظام التدبير . ( * )

 

 

- ص 51 -

قولهم بالغيبة في إثبات الاعلام بالمعجزات لامامهم عند ظهوره ، إذ كان لا يعرفه متى ظهر أحد بشخصه ، وإنما يصل إلى معرفته بمعجزه الدال على صدقه بصحة ( 1 ) نسبه وثبوت إمامته ووجوب طاعته ، وهذا إخراج الايات ( 2 ) عن دلائلها ،

وإيجاب لظهورها على غير من اختصت به ( 3 ) من الانبياء والرسل عليهم السلام ، وفي ذلك إفساد أدلة النبوة وأعلام الرسالة ، وذلك باطل باتفاق أهل الملل كلها .


 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) ر : لصحة . ( 2 ) ع : للايات . ( 3 ) ط : والحاد لظهورها على غير من اختصت به . ( * )