عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

- الفصول العشرة - الشيخ المفيد ص 61 : -

الكلام في الفصل الثاني

واما المتعلق بانكار جعفر بن علي شهادة الامامية ( 1 ) بولد لاخيه الحسن ابن علي عليهما السلام ولد في حياته بعده ، والحوز لتركته بدعوى استحقاقها بميراثه مثلا دون ولد له ، وما كان منه من حمل أمير الوقت على حبس جواري الحسن

عليه السلام واستبذالهن بالاستبراء لهن من الحمل ليتاكد ( 3 ) بقية ( 4 ) لولد اخيه ، لاباحته دماء شيعة الحسن بدعواهم خلفا من بعده كان أحق بمقامه من بعده من غيره وأولى بميراثه ممن حواه .


فليس بشبهة ( 5 ) يعتمدها عاقل في ذلك ، فضلا عن حجة ، لاتفاق الامة على أن جعفرا لم تكن له عصمة الانبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حق ودعوى باطل ، بل كان من جملة الرعية التي يجوز عليها الزلل ، ويعتريها السهو ، ويقع منها الغلط ، ولا يؤمن منها تعمد الباطل ، ويتوقع منها
 

  * هامش *  
 

( 1 ) ل . ر . ع : الامامة . وهو خطأ . ( 2 ) الاستبذال : ترك الاحتشام والتصرف . وفي ر . ل . ع : واستبدالهن .
( 3 ) ر : لتأكد . ( 4 ) ل . س . ط : نفيه . ( 5 ) س . ط : لشبهة . ( * )

 

 

- ص 62 -

الضلال وقد نطق القران بما كان من أسباط يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن - عليه وعلى ولده إلانبياء وآبائه المنتجبين الاصفياء وكافة المرسلين الصلاة الدائمة والتحية والسلام - في ظلم أخيهم يوسف عليه السلام وإلقائهم له في غيابة

الجب ، وتغريرهم بدمه بذلك ، وبيعهم إياه بالثمن البخس ، ونقضهم ( 2 ) عهده في حراسته ، وتعمدهم معصيته في ذلك وعقوقه ( 3 ) ، وإدخال الهم عليه بما صنعوه بأحب ولده إليه وأوصلوه إلى قلبه من الغم بذلك ، وتمويههم على دعواهم على

الذئب أنه أكله بما جاءوا به على قميصه من الدم ويمينهم بالله العظيم على برأتهم مما اقترفوه في ظلمه من الاثم ، وهم لما أنكروه متحققون ، وببطلان ما ادعوه في أمر يوسف عليه السلام عارفون ( 4 ) .


هذا وهم أسباط النبيين ، وأقرب الخلق نسبا بنبي الله وخليله إبراهيم . فما الذي ينكر ( 5 ) ممن هو دونهم في الدنيا والدين : أن اعتمد باطلا يعلم خطؤه فيه على اليقين ، ويدفع حقا قد قامت عليه الحجج الواضحة والبراهين .
 

  * هامش *  
 

( 1 ) ط : وتقريرهم .
( 2 ) ع . ل : وبغضهم . ر : وبعضهم . والضمير في عهده يعود على والدهم ، وكذا الضمائر الاتية ، نعود على يعقوب والدهم .
( 3 ) س . ط : وحقوقه . ( 4 ) انظر : سورة يوسف 14 : 8 - 20 . ( 5 ) ل : نكر . ط : انكر . ( * )

 

 

- ص 63 -

فصل : وما أرى المتعلق ( 1 ) في إنكار ( 2 ) وجود ولد الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام وقد قامت بينة العقل والسمع به ، ودل الاعتبار الصحيح على صواب معتقده ، بدفع عمه ( 3 ) لذلك مع دواعيه الظاهرة كانت إليه ، بحوز ( 4 )

تركة أخيه دونه ، مع جلالتها وكثرتها وعظم خطرها ، لتعجل المنافع بها ، والنهضة بمأربه عند تملكها ، وبلوغ شهواته من الدنيا بحوزها ، ودعوى مقامه الذي جل قدره عند الكافة ، باستحقاقه له دون من عداه من الناس ، وبخعت ( 5 ) الشيعة كلها

بالطاعة له بما انطوت عليه ( 6 ) من اعتقادها لوجوبه له دون من سواه ، وطمعه بذلك في مثل ما كان يصل إليه من خمس الغنائم التي كانت تحملها شيعته إلى وكلائه في حياته ، واستمرارها ( 7 ) على ذلك بعد وفاته ، وزكوات الاموال ، لتصل إلا مستحقها من فقراء أصحابه .


إلا كتعلق أهل الغفلة من الكفار في إبطال عمه ( 8 ) أبي لهب ( 9 ) صدق
 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) ط : التعتق . ( 2 ) ل . ط : إنكاره . ( 3 ) س . ط : همه .
( 4 ) س : يجوز . ( 5 ) أي : أقرت به وأذعنت . ولعل الصحيح : وبخوع الشيعة .
( 6 ) لم يرد : ر . ل . ط . ( 7 ) س . ط : واستمراره . ( 8 ) اي : النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
( 9 ) عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم ، من قريش ، عم النبي ، وأحد الشجعان في الجاهلية ، ومن أشد الناس عداوة للمسلمين في الاسلام ، كان غنيا عتيا ، كبر عليه ان - ( * )

 

 

- ص 64 -

دعوته ، وجحد الحق في نبوته ، والكفر بما جاء به ، ودفع رسالته ، ومشاركة أكثر ذوي نسبه من بني هاشم وبني أمية لعمه في ذلك ، واجتماعهيم على عداوته ( 1 ) ، وتجريدهم السيف في حربه ، واجتهادهم في اسئصاله ومتبعيه على ملته . هذا مع ظهور حجته ، ووضوح برهانه في نبوته ، وضيق الطريق في معرفة ولادة الحجة بن الحسن على جعفر وأمثاله من البعداء عن علم حقيقته . ومن صار في إنكار شئ أو إثباته أو صحته وفساده ( 2 ) إلى مثل التعلق بجعفر بن علي في جحد وجود خلف لاخيه ، وما كان ( 3 ) من أبي جهل ( 4 ) وشركائه من أقارب النبي صلى الله عليه وآله وجيرانه وأهل بلده والناشئين معه في زمانه والعارفين بأكثر سر أمره ( 5 ) وجهره وأحواله في دفع نبوته وإنكار صدقه في دعوته . سقط كلامه عند العلماء ولم يعد في جملة الفقهاء ، وكان في أعداد ذوي
 

 

* هامش *

 
 

- يتبع دينا جاء به ابن اخيه ، فآذاه وآذى انصاره وحرض عليهم وقاتلهم ، وفيه الاية : ( تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب ) مات بعد وقعة بدر بايام . راجع : الاعلام 4 : 12 ، وراجع المصادر التى ذكرها .

( 1 ) ر . ع : عدوانه . ( 2 ) ط : أو فساده . ( 3 ) ع . ل . ر : ماكان ، والمثبت من س . ط .
( 4 ) ل . ع . ر . س : وما كان ابن أبى جهل ، والمثبت من ط . وأبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي ، كان من اشد الناس عداوة للنبي ، قتل يوم بدر كافرا ، وأخباره مع النبي وكثرة اذاه إياه مشهورة . الكنى والالقاب 1 : 38 ، الاعلام 5 : 87 وراجع المصادر التي ذكرها .
( 5 ) ط : سراره . ( * )

 

 

- ص 65 -

الجهل والسفهاء .

فصل : وبعد ، فإن الشيعة وغيرهم ممن عني ( 1 ) بأخبار الناس والجواد من الاراء وأسبابها ، والاغراض كانت له فيها ، قد ذكروا أخبارا عن أحوال جعفر بن علي في حياة أخيه أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام ، وأسباب إنكاره خلفا له

من بعده ، وجحد ولد كان له في حياته ، وحمل السلطان على ما سار به في ( 1 ) مخلفيه وشيعته ( 2 ) ، لو أوردتها على وجهها لتصور ( 3 ) الامر في ذلك على حقيقته ، ولم يخف على متامل بحاله ، وعرفه على خطيئته .


لكنه يمنعني عن ذلك ( 4 ) موانع ظاهرة : أحدها : كثرة من يعترف ( 5 ) بالحق من ولد جعفر بن علي في وقتنا هذا ، ويظهر التدين بوجود ولد الحسن بن علي في حياته ، ومقامه بعد وفاته في الامر مقامه ، ويكره ( 6 ) إضافة خلافه لمعتقده فيه إلى جده ( 7 ) ، بل لا أعلم أحدا من ولد جعفر بن علي في وقتنا هذا يظهر خلاف الامامية في وجود ابن الحسن عليهما السلام والتدين بحياته والانتظار لقيامه .
 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) ل : شاركه في ، س . ط : وشى به في .
( 2 ) راجع : كمال الدين 2 : 383 - 484 ، البحار 50 : 227 - 232 باب 6 أحوال جعفر و 37 : 8 .
( 3 ) س : لنصور . ( 4 ) س . ط : من ذلك . ( 5 ) ل . ر : يعرف . ( 6 ) ر . س : ونكره ، ل : وذكره .
( 7 ) أي ويكره إضافة خلاف الحق الذي يعتقد به إلى جده ، وذلك لما ورد في بعض الاخبار من توبة جعفر . ( * )

 

 

- ص 66 -

والعشرة الجميلة لهؤلاء السادة أيدهم الله بترك إثبات ما سبق به من سميت في الاخبار التي خلدوها ( 1 ) فيما وصفت أولى.

مع غناي عن ذلك بما أثبت من موجز ( 2 ) القول في بطلان الشبهة ، لتعلق ضعفاء المعتزلة ( 3 ) والحشوية ( 4 ) والزيدية ( 5 ) والخوارج ( 6 ) والمرجئة ( 7 ) في

 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) ر . ل : جلدوها . ( 2 ) ل : مؤخر القول .

( 3 ) أول من سمي بهذا اللقب : جماعة بايعوا عليا عليه السلام بعد قتل عثمان واعتزلوا عنه وامتنعوا عن محاربته والمحاربة معه ، منهم سعد بن مالك و عبد الله بن عمر . فرق الشيعة : 4 - 5 .

( 4 ) جماعة قالوا : ان عليا وطلحة والزبير لم يكونوا مصيبين في حربهم ، وأن المصيب هو الذي قعد عنهم ، وهم يتولونهم جميعا ويتبرؤون من حربهم ويردون امرهم إلى الله عزوجل . فرق الشيعة : 15 .

( 5 ) فرقة تدعي أن من دعا إلى الله عز وجل من آل محمد فهو مفترض الطاعة ، وكان علي بن أبي طالب إماما في وقت ما دعا الناس وأظهر أمره ثم كان بعده الحسين اماما عند خروجه ، ثم زيد بن علي بن الحسين المقتول بالكوفة ، ثم يحيى بن زيد بن علي المقتول بخراسان . فرق الشيعة : 58 .

( 6 ) جماعة قالوا : الحكمان كافران ، وكفروا عليا حين حكمهما . ومسالة التحكيم كانت مفروضة على أمير المؤمنين عليه السلام ، وذلك عندما أبى أصحابه إلا التحكيم وامتنعوا من القتال ، رضي التحكيم بشرط الحكم بكتاب الله ، فخالف الحكمان ، فالحكمان هما اللذان ارتكبا الخطا وهو الذي اصاب . فرق الشيعة : 16 .

( 7 ) لما قتل علي عليه السلام اتفق الناكثون والقاسطون وتبعه الدنيا على معاوية ، وسموا بالمرجئة ، وزعموا أن أهل القبلة كلهم مؤمنون باقرارهم الظاهر بالايمان ، ورجوا لهم جميعا المغفرة ، وافترقت المرجئة على أقسام : . . . فرق الشيعة : 6 . ( * )

 

 

- ص 67 -

انكار جعفر بن علي لوجود ( 1 ) ابن الحسن بن علي ، حسب ما أورد السائل عنهم فيما سال في الشبهات في ذلك ، والله الموفق للصواب .
 

 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) ل : بوجود . ( * )