عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

- الفصول العشرة - الشيخ المفيد ص 69 : -

الكلام في الفصل الثالث
 

وأما تعلقهم بوصية أبي محمد الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته المساة بحديث المكناة بام الحسن رضي الله عنها ، بوقوفه وصدقاته ، وإسناد النظر في ذلك إليها دون غيرها ( 1 ) فليس بشئ يعتمد في

إنكار ولد له قائم من بعده مقامه ، من قبل أنه أمر بذلك تمام ما كان من غرضه في إخفاء ولادته وستر حاله عن متملك الامر في زمانه ومن يسلك سبيله في إباحة دم داع إلى الله تعالى منتظر لدولة الحق .


ولو ذكر في وصيته ولدا له وأسندها إليه ، لناقض ذلك الغرض منه فيما ذكرناه ، ونافى مقصده في تدبير أمره له على ما وصفناه ، وعدل عن النظر بولده وأهله ونسبه ( 2 ) ، لا سيما مع اضطراره كان إلى شهادة خواص الدولة العباسية عليه

في الوصية وثبوت خطوطهم فيها - كالمعروف بتدبر مولى الواثق ( 3 ) وعسكر الخادم مولى محمد بن المأمون والفتح بن عبد ربه وغيرهم
 

 

* هامش *

 
 

( 1 ) البحار 50 : 329 ، وفي س : المسماة حديث . ( 2 ) ع . ل : وتسفيه ، ر : وتسقيه .
( 3 ) هو : هارون بن محمد بن هارون الواثق بالله ، ويكنى بابي جعفر ، بويع في سنة سبع وعشرين ومائتين وهو ابن احدى وثلاثين سنة ، وتوفي بسامراء وهو ابن سبع وثلاثين سنة ، وكانت خلافته خمس سنين ، وقيل : توفي سنة اثنين وثلاثين ومائتين وهو ابن اربع وثلانين سنة . - ( * )

 

 

- ص 70 -

من شهود قضاة سلطان الوقت وحكامه - لما قصد بذلك من حراسة ( 1 ) قومه ، وحفظ صدقاته ، وثبوت وصيته عند قاضي الزمان ، وإرادته مع ذلك الستر على ولده ، وإهمال ذكره ، والحراسة لمهجته بترك التنبيه ( 2 ) على وجوده ، والكف لاعدائه بذلك عن الجد والاجتهاد في طلبه ، والتبريد ( 3 ) عن شيعته لما يشنع به عليهم من اعتقاد وجوده وإمامته . ومن اشتبه ( 4 ) عليه الامر فيما ذكرناه ، حتى ظن أنه دليل على بطلان مقال الامامية في وجود ولد للحسن عليه السلام مستور عن جمهور الانام ، كان بعيدا من الفهم والفطنة ، بائنا ( 5 ) عن الذكاء والمعرفة ، عاجزا بالجهل عن التصور أحوال العقلاء وتدبيرهم ( 6 ) في المصالح وما يعتمدونه ( 7 ) في ذلك من صواب الرأي وبشاهد الحال ، ودليله من العرف والعادات . فصل : وقد تظاهر الخبر فيما كان عن تدبير أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام ، وحراسته ( 8 ) ابنه موسى بن جعفر عليه السلام بعد وفاته من ضرر
 

 

* هامش *

 
 

- مروج الذهب 3 : 477 . ( 1 ) س . ط : حراسته . ( 2 ) ع . ل : البينة . ( 3 ) كذا في النسخ ، ويحتمل أن يكون : والتنزيه .
( 4 ) ر . ع . ل : وفراسته ، س . ط : وحراسته ، وما أثبتناه من حاشية نسخة ل . ( 5 ) ل : ثابتا ، س . ط : نائيا .
( 6 ) ل . ر . ع . س : وقد يتوهم ، وما اثبتناه من ط . وحاشية ل . ( 7 ) ل . س . ط : وما يعتمدوه . ( 8 ) ل . س . ط : وحراسة .

 

 

- ص 71 -

يلحقه : بوصيته ( 1 ) إليه ، واشاع ( 2 ) الخبر عن الشيعة إذ ذاك باعتقاد إمامته من بعده ، والاعتماد في حجتهم لذلك عان إفراده بوصيته مع نصه ( 3 ) عليه بنقل خواصه . فعدل عن إقراره ( 4 ) بالوصية عند وفاته ، وجعلها إلى خمسة نفر : أولهم المنصور ( 5 ) - وقدمه على جماعتهم إذ هو سلطان الوقت ومدبر أهله - ثم صاحبه الربيع من بعده ، ثم قاضي وقته ، ثم جاريته وأم ولده حميدة البربرية ( 6 ) ، وختمهم بذكر ابنه موسى بن جعفر عليه السلام ( 7 ) ، يستر أمره ويحرس بذلك نفسه . * ( هامش ) *

  * هامش *  
 

( 1 ) ر . ع : بوصية . ( 2 ) ل : واشباع . ( 3 ) ر . ل : نصبه . ( 4 ) س . ط : إفراده .

( 5 ) هو : أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، بوبع سنة ست وثلاثين ومائة وهو ابن احدى واربعين سنة ، ومولده سنة خمس وتسعين ، ووفاته سنة ثمان وخمسين ومائة ، فكانت ولايته اثنتين وعشرين سنة . مروج الذهب 3 : 281

( 6 ) هي ام الامام الكاظم ، والبريرية نسبة إلى بربر ، وهم قبائل كثيرة في جبال المغرب ، وتلقب حميدة بالمصفاة أيضا ولؤلوة ، ويقال : هي اندلسية ، وكانت من التقيات الثقات ، وكان الصادق يرسلها مع ام فروة تقضيان حقوق أهل المدينة ، ولها كرامات .
تنقيح المقال
3 : 76 - 77 .

( 7 ) ذكر هذا الخبر الكليني في الكافي 1 : 310 ، وابن شهر آشوب في المناقب 3 : 310 ، والمجلسي في البحار 47 : 3 . وفي هذه المصادر أنه أوصى إلى خمسة : أبو جعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان ، وعبد الله بن جعفر ، وموسى بن جعفر ، وحميدة . ( * )

 

 

- ص 72 -

ولم يذكر مع ولده موسى أحدا من أولاده ، لعلمه بان منهم من يدعي مقامه من بعده ، ويتعلق بادخاله في وصيته .
 

ولو لم يكن موسى ( 1 ) عليه السلام ظاهرا مشهورا في أولاده معروف المكان منه وصحة نسبه واشتهار فضله وعلمه وحكمته وامثاله وكماله ، بل كان مثل ستر الحسن عليه السلام ولده ، لما ذكره في وصيته ، ولاقتصر على ذكر غيره ممن سميناه ( 2 ) ، لكنه ختمهم في الذكر به كما بيناه .


وهذا شاهد لما وصفناه من غرض أبي محمد عليه السلام في وصيته إلى والدته دون غيرها ، وإهمال ذكر ولد له ، ونظر له في معناه على ما بيناه .

 

 

  * هامش *  
  ( 1 ) ع . ر : ولم موسى . ( 2 ) ل : ولاقبض على ذكر غيره ممن سمينا . ( * )