- الفصول العشرة - الشيخ المفيد ص 73 : - |
الكلام في الفصل الرابع
فاما الكلام في الفصل الرابع ، وهو : الاستبعاد الداع ( كذا ) للحسن عليه
السلام إلى ستر ولده ، وتدبر الامر في إخفاء شخصه ، والنهي لشيعته عن البينونة
بتسميته وذكره ، مع كثرة الشيعة في زمانه وانتشارهم في البلاد وثروتهم ( 1 )
بالاموال وحسن الاحوال ( 2 ) ، وصعوبة الزمان فيما سلف على
آبائه عليهم السلام واعتقاد ملوكه فيهم ، وشدة غلظهم على الدائنين بامامتهم ،
واستحلالهم الدماء والاموال ، ولم يدعهم ذلك إلى ستر ولدهم ولا مؤهل الامر من
بعدهم ( 3 ) .
وقول الخصوم : إن هذا متنافر في
أحوال العقلاء . فليس الامر كما ظنوه ، ولا كان على ما استبعدوه .
والذي دعا الحسن إلى ستر ولده ، وكتمان ولادته ، وإخفاء شخصه
، والاجتهاد في إهمال ذكره بما خرج إلى شيعته من النهي عن الاشارة إليه ، وحظر
تسميته ، ونشر ( 4 ) الخبر بالنص عليه .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) ل . ر . ع : وثروهم ، ط : ووثبهم . ( 2 ) ل : الافعال .
( 3 ) ع : ولا مؤهل الامن من بعدهم ، ل : ولا مؤهل إلا من بعدهم ، ط :
ولا موهوا الامر من بعدهم .
( 4 ) يحتمل في بعض النسخ : وتسر . ( * )
|
|
|
شئ ظاهر ، لم يكن في أوقات آبائه عليهم السلام ، فيدعونه ( 1
) من ستر الادهم إلى ما دعاه إليه ، وهو : أن ملوك الزمان إذ ذاك كانوا يعرفون
من رأي الائمة عليهم السلام التقية ، وتحريم الخروج بالسيف على الولاة ، وعيب
من فعل ذلك من بني
عمهم ولومهم عليه ، وأنه لا يجوز عندهم تجريد السيف حتى :
تركد الشمس عند زوال ، ويسمع نداء من السماء باسم رجل بعينه ، ويخسف بالبيداء ،
ويقوم آخر ائمة الحق بالسيف ليزيل ( 2 ) دولة الباطل .
وكانوا ( 3 ) لا يكبرون بوجود من يوجد منهم ، ولا بظهور شخصه ، ولا بدعوة ( 4 )
من يدعو إلى إمام ، لامانهم مع ذلك من فتق ( 5 ) يكون عليهم به ، ولاعتقادهم (
6 ) قلة عدد من يصغي إليهم في دعوى الامامة لهم ، أو يصدقهم فيما يخبرون به من
منتظر يكون لهم .
فلما جاز وقت وجود المترقب لذلك ، المخوف منه القيام بالسيف ، ووجدنا الشيعة
الامامية مطبقة على تحقيق أمره وتعيينه ( 7 ) والاشارة إليه دون غيره ، بعثهم
ذلك على طلبه وسفك دمه ، ولتزول ( 8 ) الشبهة في التعلق به ، ويحصل الامان في
الفتنة بالاشارة إليه والدعوة الى نصرته .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) ط : فيدعوهم . ( 2 ) ل : فيزيل خ ل . ( 3 ) ر : فكانوا . ( 4 ) ل
. ر . ع . س : ولا يدعوهم ، والمثبت من ط .
( 5 ) قال الجوهري : والفتق : شق عصا الجماعة ووقوع الحرب بينهم .
الصحاح ، 4 / 1539 ، فتق .
( 6 ) ل . ر . ع : والاعتقاد هم . ( 7 ) ل : وتعينه . ( 8 ) ط : لتزول
. ( * )
|
|
|
ولو لم يكن ما ذكرناه شيئا ظاهرا وعلة ( 1 ) صحيحة وجهة ثابتة
، لكان غير منكر أن يكون في معلوم الله جل اسمه أن من سلف من آبائه عليهم
السلام يأمن مع ظهوره ، وأنه هو لو ظهر لم يامن على دمه ، وأنه متى قتل أحد من
آبائه عليهم السلام عند ظهوره لم تمنع الحكمة من إقامة خليفة يقوم مقامه .
وأن ابن الحسن عليهما السلام لو يظهر ( 2 ) لسفك القوم دمه ، ولم تقتض الحكمة
التخلية بينهم وبينه ، ولو كان في المعلوم للحق صلاح بإقامة إمام من بعده لكفى
في الحجة وأقنع في إيضاح المحجة ( 3 ) ، فكيف وقد بينا عن سبب ذلك بما لا يحيل
( 4 ) على ناظر ، والمنة لله .
|
* هامش * |
|
|
( 1 ) س : أو علة . ( 2 ) ر . ع . ل : ويظهر ، والمثبت من حاشية ل ،
وفي س . ط : لو ظهر .
( 3 ) ع . ل . ر . س : الحجة ، والمثبت من ط . ( 4 ) كذا في الفسخ ،
ولعل الصحيح : لا يخيل أي لا يشكل ، راجع لسان العرب . ( * )
|
|
|
|