تحقيق السيد محمد رضا الحسني الجلالي
الإهداء
بسم الله الرحمن الرحيم إلى : من رزقني علم التوحيد في صغري ،
وعلمني الفقه في طفولتي ، وأنار لي طريق الحياة في كبري . فرباني على حب
المعرفة ، وعلى التدقيق والتحقيق فيما أتعلم . وبذر في نفسي الاخلاص وحسن النية
في العمل .
وشوقني إلى السهر والجد في طلب السعادة الاخروية . فسلام الله
عليه من أب رحيم ، ومن معلم أمين ، ومن مرشد إلى خير هدي . إلى سيدي الوالد
رضوان الله عليه . اهدي هذا العمل . المحقق
تقديم
بسم الله الرحن الرحيم
1 - موضوع الكتاب : من الواضح أن كل فن وعلم تبتني مسائله
وبحوثه على مصطلحاته الخاصة ، مضافا إلى حاجته العامة إلى اللغة التي يكتب ذلك
العلم ، أو يتكلم طالبوه بها .
وقد بين العلماء طرفا من وجه الحاجة إلى " الالفاظ " في مفتتح
كتب المنطق ، حيث جعلوه : " زيادة الطالب بصيرة في العلم " . لكن الحاجة -
بنظري - أعمق من مجرد زيادة البصيرة ، بل هي ماسة جدا ، إذ بدون الوقوف على
المصطلحات
الخاصة لاي علم ، لا يمكن أن يفهم ذلك العلم ، بل تكون لغة
كتابه عجماء بالنسبة إلى الجاهل بتلك المصطلحات ، حتى لو كان عارفا باللغة التي
كتب بها العلم .
والسر في ذلك : أن المصطلحات تم التواضع عليها بين أصحاب الفن ، متجاوزين
المفهوم اللغوي ، فهي ذات أوضاع جديدة ، وغريبة عن
المعنى اللغوي المتعارف فهمه بين أهل تلك اللغة، وهي خاصة
بأهل ذلك الفن، ولا تعرف إلا من جهتهم ، ولا يدخلها القياس ، ولا يمكن تأويلها
بأي شكل ، فهي كلغة أجنبتة لمن لم يطلع على وضعها ، فالعلم بالوضع من أهم شرائط
معرفة اللغة .
والعلم بهذه الاوضاع لا يحصل إلا من جهة أصحاب كل فن ،
والمؤلفين فيه ، والواقفين على أسراره . وهذه الحاجة ، وتلك الضرورة ، عامتان
في كل العلوم والفنون ، ولكن ، كلما كان العلم أوغل في النظرية والعقلانية ،
كانت الحاجة أمس ، والضرورة ألح ، لتعقد المعاني المرادة وصعوبتها الاكثر .
وعلم الكلام الاسلامي ، هو من العلوم النظرية التي احتوت على مصطلحات خاصة ،
ودقيقة ، فمن الواضح - إذن - حاجته إلى معرفة مصطلحاته لطالبي مسائله ومعارفه ،
وبالاخص للمبتدئين في الطلب . وقد أوضح الشيخ الطوسى هذه النقطة بكل
جلاء، فقال : " . . . الالفاظ المتداولة بين المتكلمين ،
وبيان أغراضهم منها ، فلهم مواضعات مخصوصة، ليست على موجب اللغة ، ومن نظرفي
كتبهم وكلامهم ولا يعرف مواضعاتهم لم يحظ بطائل ، وإذا وقف على مرادهم ثم نظر -
بعد ذلك - في
ألفاظهم حصلت بغيته ، وتمت منيته . . . " . جاء ذلك في افتتاح
كتابه الذي شرح فيه المصطلحات الكلامية ، وسماه ب " المقدمة . . . " كما سيأتي
.
والشيخ المفيد سبق كل الكلاميين في تأليف كتاب يتكفل شرح المصطلحات الكلامية ،
وهو هذا الكتاب الذي نقدم له ، ونقدمه محققا . فسماه " النكت في مقدمات الاصول
" .
ومع أن العنوان يعبر عن صدق كون الكتاب " مقدمة " لعلم اصول
الدين ، إذ هو يتكفل شرح المصطلحات المستعملة في ذلك العلم ، وبدون هذا الشرح
لا يمكن تحصيل مسائله ومعارفه ، فهو بحق " مقدمة للاصول " .
إلا أن الشيخ لم يقتصر على هذه المقدمة ، وإنما أدرج في الكتاب بحوثا عن نفس
الاصول أيضا ، فذكر الادلة على كل القضايا الاساسية في العلم .
وقد هدف الشيخ المفيد إلى نفس الهدف الذي ذكره الشيخ الطوسي
بأفضل شكل ، مع أن كتابه يتميز بامور :
فأولا : قد جعله الشيخ على أبسط
شكل ممكن وأوضحه ، توصلا إلى ما أشار إليه في ديباجته من " إرشاد المبتدئين "
فعبارته واضحة تناسب مدارك الناشئين الذين يطلبون هذا العلم ، خاليا من التعقيد
والغموض .
وثانيا : وضعه الشيخ على شكل
محاورات بين السائل والمجيب ، فيطرح سؤالا بعنوان : " إن قال " ويجيب عليه
بعنوان : " فقل " ويتمتع هذا الاسلوب من الفوائد التربوية للناشئين ما يوحي
إليهم بواقعية المعلومات المطروحة على ساحة الحوار ، ويتميز بحيوية التجاوب ،
مالا يخفى أثره .
وثالثا : إن الالفاظ المشررحة مرتبة على حسب
ترتيب الابواب والبحوث المعروضة في المناهج والكتب الكلامية ، حيث بدأ بتعريف "
النظر ، والدليل ، والعقل ، والعلم . . . " وهي المستعملة في الابواب الاولى ،
ثم يتدرج مع الابواب والبحوث
حتى المعاد . والمؤلفات التي وضعت لتوضيح المصطلحات - ومنها
الكلامية - كثيرة في التراث الاسلامي ، إلا أن الاعمال الشيعية القديمة في هذا
المجال ، والتي خصصت لشرح الالفاظ الكلامية ، هي :
1 - هذا الكتاب : ويعتبر أقدم جهد في هذا المجال .
2 - المقدمة في المدخل إلى صناعة علم الكلام : للشيخ الطوسي
، طبعت بتحقيق الاستاذ محمد تقي دانش بزوه ، ونشر ضمن ( الرسائل العشر ) للشيخ
الطوسي .
3 - الحدود والحقائق في شرح الالفاظ المصطلحة بين المتكلمين
من الامامية : للقاضي أشرف الدين صاعد بن محمد ، البريدي الآبي ( ق 6 ) طبع
بتحقيق الشيخ حسين علي محفوظ الكاظمي ، في بغداد 1970 م .
4 - نسخ الكتاب لم تختلف المصادر ، ولا المفهرسون ، في نسبة
هذا الكتاب إلى الشيخ المفيد، وهذا ما يؤكده اسلوب الكتاب ونفسه وجرس كلماته
وجمله . ثم إن الشيخ قد ذكر بعض هذه التعاريف والحدود ، في كتابه " أوائل
المقالات ، باب "
اللطيف من الكلام " ، بعين ما ذكره هنا . وهذا يدل على أن
مؤلف الكتابين هو الشيخ المفيد . وقد أشرنا في الهوامش إلى تلك التعاريف ومحل
وجودها . كما أن النسخ التي اعتمدناها في تحقيق الكتاب متفقة على نسبته إلى
الشيخ المفيد ، وهي :
1 - نسخة مكتبة بادليان في مدينة أو كسفورد : في مجموعة
تضمنت
عدة كتب وأراجيز كلامية ، كتبها أحمد بن الحسين بن العودي ،
الاسدي الحلي ، وفرغ من كتابتها في الرابع والعشرين من شهر شعبان سنة ( 740 ) .
وهي نسخة كاملة ، جيدة ، مضبوطة ، إلا أن الرطوبة أثرث فيها ، فلم نتمكن من
قراءة بعض الكلمات - من المصورة التي عندنا - لذلك . ونسميها ب " الاصل " .
2 - نسخة محفوظة في مكتبة آية الله السيد الحكيم قدس سره ، وعنها فيلم في
مكتبة جامعة طهران ( دانشكاه ) . وهي جميلة الخط ، وعليها علامات التصحيح ،
وبلاغ المقابلة في آخرها ، وقد ترك الكاتب فراغات كتب فوقها أو إلى جانب
الصفحات كلمة " بياض " للدلالة على نقص أصلها المنقولة عنه .
وهي خالية من اسم الكاتب وتاريخ النسخ . ونرمز إليها بالحرف ( ك ) .
3 - نسخة مكتبة السيد الروضاتي دام فضله : ضمن مجموعة كتبها جده السيد محمد
الموسوي الاصفهاني . ونرمز إليها بالحرف ( ضا ) .
3 - عملنا في الكتاب :
1 - قمنا باستخلاص النص المضبوط ، من النسخ الثلاث ، متبعين
طريقة التلفيق بينها ، إلا أنا أكدنا التركيز على ما جاء في " الاصل " لما
تتمتع به نسخته من القدم ، والضبط ، والكمال .
2 - وضعنا مكان ما لم نتمكن من قراءته في النسخ نقاطا ثلاثا
بدل كل كلمة ، فإن بالامكان معرفة عدد الكلمات المشوهة في مصورة الاصل ، ولعل
الوقوف على نفس النسخة ، يساعد على قراءة بعض هذه الكلمات فيكون بالامكان
كتابتها في مواضعها من طبعتنا هذه .
3 - قطعنا النص ، ونقطناه ، بما يساعد على يسر فهمه ، ووضوح عبارته .
4 - رقمنا الكتاب على عدد المحاورات الواردة فيه ، فكل سؤال
وجواب ، يعتبر فقرة مستقلة ، وبذلك تسهل الاستفادة من الكتاب بسرعة ودقة .
5 - وضعنا للكتاب فهارس متنوعة ، تزيد في يسر مراجعته وتقرب
فائدته إلى القارئ الكريم .
وأخيرا : فنحمد الله على توفيقه ، ونسأله الرضا عنا بفضله
وإحسانه إنه ذو الجلال والاكرام . وصلى الله على محمد سيد الانبياء ، وعلى
الائمة الكرام من آله الاتقياء ، وسلم تسليما .
حرر في يوم الاثنين السادس والعشرين من شهر محرم الحرام سنة ألف وأربعمائة
وثلاث عشرة هجرية وكتب السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
صفحة 11 / نموذج ( 1 ) بداية نسخة ابن العودي ( الاصل ) .
صفحة 13 / نموذح ( 1 ) نسخة ابن العودي ( الاصل )
صفحة 14 / نموذج ( 2 ) نهاية نسخة ابن العودي ( الاصل ) .
صفحة 15 / نموذج ( 3 ) بداية نسخة مكتبة السيد الحكيم ( ك ) .
صفحة 16 / نموذج ( 4 ) نهاية نسخة مكتبة السيد الحكيم ( ك ) .
صفحة 17 / نموذج ( 5 ) بداية نسخة الروضاتي ( رضا ) .
صفحة 18 / نموذج ( 6 ) نهاية نسخة الروضاتي ( ضا )