عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

- النكت في مقدمات الأصول - الشيخ المفيد ص 43 : -

باب الكلام في الامامة

[ 76 ] فإن قال : ما الدليل على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ . فقل : ما وقع من استخلافه عليه وآله السلام له بحضرة الانام .


[ 77 ] فإن قال : وما الدليل على أنه استخلفه ، وجعله بعده الامام ؟ . فقل : تواتر الشيعة بأمره عليه السلام جماعة من أصحابه بالسلام عليه بإمرة المؤمنين تهنية له بالمقام ( 1 ) .
 

  * هامش *  
  ( 1 ) انظر كتاب اليقين باختصاص مولانا علي عليه السلام بإمرة المؤمنين للسيد على بن طاوس الحلي ، وقد ألفه لجمع ما ورد بتلقيب أمير المؤمنين عليه السلام بهذا اللقب ، وانظر خاصة الابواب ( 4 و 32 و 53 و 54 و 55 و 56 و 69 و 70 و 115 )

فقد ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وآله من رواية بريدة بن الخصيب الاسلمي ، وفي الباب ( 128 ) كنا نسلم ، وفي الباب ( 116 ) عن أسامة ، وفي الابواب ( 113 و 149 ) عن أبي جعفر عليه السلام . وفي الابواب ( 68 و 102 و 103 و 117 ) عن الصادق ( ع ) . وانظر كتاب التحصين الذي استدرك فيه على كتاب اليقين . ( * )

 

 

- ص 44 -

[ 78 ] فإن قال : وما الذي يؤمن من غلط الشيعة ، وإن كانوا متواترين في هذا الزمان ؟ . فقل : الذي آمن من غلط المسلمين فيما نقلوه من معجزات الرسول عليه السلام ، وفرائضه ، وسننه ، وأحكامه وكانوا متواترين به في هذا الزمان .


[ 79 ] فإن قال : ما الدليل على إمامة الحسن والحسين عليهما السلام ؟ . فقل : دلالة إمامة أمير المؤمنين عليه السلام .


[ 80 ] فإن قال : ما الدلالة على إمامة التسعة من ولد الحسين عليهم السلام ؟ . فقل : ما تقدم ذكره في إمامة علي والحسن والحسين عليهم السلام ، من التواتر في الاخبار .


[ 81 ] فإن قال : فهل لك - مع ذلك - أخبار في إمامتهم ، على الاجماع والاتفاق ؟ . فقل : أجل ، إن معي في ذلك ما ليس فيه اختلاف .

- ص 45 -

[ 82 ] فإن قال : هلم به ، على التفصيل للبيان . فقل : قد أجمع أهل الاسلام على أن رسول الله صلى الله عليه واله نصب عليا عليه السلام يوم غدير خم ، في رجوعه من حجة الوداع ، للامة جمعاء ، ثم واجههم بالخطاب ، فقال : " من كنت

مولاه ، فعلي مولاه " ( 1 ) . فأوجب له ما لنفسه من الطاعة ، وشريف المقام ، ولا خلاف بين أهل اللسان أن " المولى " عبارة - في اللغة - عن " السيد المطاع " .
 

  * هامش *  
 

( 1 ) أجمعت الامة على تواتره : قال الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر ( ص 194 ) رقم ( 232 ) : حديث " من كنت مولاه فعلي مولاه " أورد من حديث . . . ثمانية عشر نفسا [ وذكر أسماءهم ] وعد عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم :

أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقوله ، وعن اثني عشر رجلا [ وسمى منهم اثنين ] وعن بضعة عشر رجلا [ وسمى منهم واحدا ] . . . وورد أيضا من حديث [ أربعة اشخاص ] .

وفي رواية لاحمد : أنه سمعه من النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعلي [ عليه السلام ] . . . وممن صرح بتواتره - أيضا - : المناوي في ( التيسير ) نقلا عن السيوطي ، وشارح ( المواهب اللدنية ) وفي ( الصفوة ) للمناوي : قال الحافظ ابن

حجر : حديث " من كنت مولاه فعلي مولاه " خرجه الترمذي ، والنسائي ، وهو كثير الطرق جدا ، وقد استوعبها ابن عقدة في ( مؤلف ) مفرد ، وأكثر أسانيد صحيح أو حسن . أقول : خرجه من أعلام العامة أصحاب الصحاح والسنن : الترمذي ( 5 / 633 ) رقم ( 3713 )

والنسائي في خصائص علي عليه السلام ( ص 96 و 99 / بالارقام 79 و 83 ) وأحمد في مسنده ( 1 / 84 ) ومواضع أخر ، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ( 3 / 109 و 110 و 116 ) وابن أبي شيبة ( 12 / 59 ) رقم ( 12121 ) . وأما الشيعة ، فقد صرح بتواتره الامامية : =>

 

 

- ص 46 -

 

  * هامش *  
 

=> قال الكراجكي : قد اختص هذا الخبر بما لم يشركه فيه سائر الاخبار ، فمن ذلك أن الشيعة نقلته وتواترت به ، وقد نقله - أيضا - أصحاب السير نقل المتواترين به ، يحمله خلف منهم عن سلف ، وضمنه جميعهم الكتب بغير إسناد معين ، كما فعلوا في إيراد الوقائع الظاهرة والحوادث الكائنة التي لا تحتاج في العلم بها إلى سماع الاسانيد المتصلة .


انظر الشافي للمرتضى ( 2 / 261 ) ولا حظ دليل النص بخبر الغدير ، المنشور في مجلة ( تراثنا ) العدد 21 ص 433 .

وأما الزيدية ، فقد صرحوا بتواتره : قال الامير النامر الحسين بن محمد : قد ذكر الطبري خبر يوم الغدير ، وطرقه من خمس وسبعين طريقا ، وأفرد له كتاب الولاية ، وذكر ابن عقدة خبره ، وأفرد له كتابا وطرقه من مائة طريق وخمس طرق . . . ،

ولا شك ولا إشكال في بلوغه حد التواتر ، وحصول العلم به ، والامة بين محتج به على الامامة ، ومتأول فيه . ينابيع النصيحة في العقائد الصحيحة ( ص 191 - 192 ) وأورده الحاكم الحسكاني من طرق في شواهد التنزيل ( في سورة المائدة ذيل الآية 67 ) وقد أفرد لجمع

طرقه كتابا قال : وطرق هذا الحديث مستقصاة في كتاب ( دعاة الهداة إلى أداء حق الموالاة ) من تصنيفي في عشرة أجزاء ، وذكره ابن طاوس الحلي في كتبه كالاقبال والطرائف وقال : إنه كان في اثني عشر كراسا ، مجلدا .


لاحظ خزانة ابن طاوس ( ص 35 ) رقم ( 190 ) . وأما الاسماعيلية : فقد أورده القاضي النعمان بطرق ثم قال : فالخبر عن قيام رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير ختم بولاية في صلوات الله عليه . . . وما قال في ذلك مما ذكره من ولايته أيضا من مشهور الاخبار ،

وما رواه الخاص والعام ، شرح الاخبار ( ج 1 ص 105 ) . وأما الخوارج : فعلى قلة عدد المنتمين إلى مذهبهم ، ممن يعتد بنقلهم ورأيهم ، وقلة المصادر المتوفرة من كتبهم ، فإن السيد المرتضى بعد أن صرح بقوله : ما نعلم أن فرقة من فرق الامة ردت هذا الخبر واعتقدت

بطلانه ، قال : . . . . واما الخوارج : فما يقدر احد على أن يحكي عنهم دفعا لهذا الخبر ، أو امتناعا من قبوله ، وهذه كتبهم ومقالاتهم موجودة معروفة ، =>

 

 

- ص 47 -

وأجمعوا - أيضا - على أنه قال لعلي عليه السلام : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي " ( 1 ) . فأوجب بذلك له الخلافة من بعده ، وأوضح به عن استخلافه إ ماما .

 

  * هامش *  
 

=> وهي خالية من رد الخبر . الشافي ، للمرتضى ( 2 / 264 ) . أقول : وبذلك ثبت إجماع الامة بكافة مذاهبها على ورود الخبر وقبوله ، وبلوغه رتبة من الشهرة تفوق حد التواتر المصطلح ، فلا ينكره إلا مكابر ، أو شاذ ، أو جاهل بطرق العلماء والمحدثين في تعاملهم مع

الاحاديث . وقد جمع أسماء رواة الحديث من الصحابة ، مع ذكر مصادر رواياتهم ، فبلغ بهم ( 167 ) شخصا محقق صحيفة الرضا عليه السلام في ذيل الحديث . برقم ( 109 ) ص ( 172 - 224 ) . و اما عن دلالة الحديث على الامامة فقد أشبع العلماء الكلام ، ومنهم شيخنا المفيد في كتبه الكلامية ، وخاصة رسالته في أقسام المولى ورسالة في معنى المولى .


( 1 ) معروف بحديث المنزلة ، اعترف المحدثون بتواتره وشهرته : فالكتاني من العامة ، أورده من حديث ثلاث عشرة نفسا [ وذكر أسماءهم ] وقال : وقد تتبع ابن عساكر طرقه في جزء فبلغ عدد الصحابة فيه نيفا وعشرين ،

وفي ( شرح الرسالة ) للشيخ جسوس رحمه الله ما نصه : حديث " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " متواتر ، جاء عن نيف وعشرين صحابيا ، واستوعبها ابن عساكر في نحو عشرين ورقة . نظم المتناثر ( ص 195 ) رقم ( 233 ) .

وقد رواه أصحاب الصحاح والسنن : كالبخاري في صحيحه ( 4 / 208 ) و ( 5 / 129 ) ومسلم في صحيحه ( 2 / 360 ) وأحمد في مسنده ( 1 / 173 ) ومواضع عديدة اخر . وقال السيد الشريف المرتضى : إن علماء الامة مطبقون على قبوله . . . والشيعة تتواتر به ،

وأكثر رواة الحديث يرويه ، ومن صنف الحديث منهم أورده من جملة الصحيح ، وهو ظاهر بين الامة شائع ، كظهور سائر ما تقطع على صحته من الاخبار . الشافي ، للمرتضى ( 3 / 8 ) . =>

 

 

- ص 48 -

واتفقوا على أنه عليه السلام قال - في الحسن والحسين صلوات الله عليهما - : " إبناي هذان إمامان ، قاما أو قعدا " ( 1 ) . وهذا في الامامة من أوضح المقال . ولم يختلفوا في أنه عليه السلام قال : " الائمة بعدي عددهم عدد نقباء موسى عليه السلام ، اثنا عشر إماما " . بالظاهر الصحيح من الاخبار ( 2 ) .
 

  * هامش *  
 

=> وقال الامير النامر : خبر المنزلة هو مجمع على صحته وغير مختلف في ثبوته . ينابيع النصيحة ( ص 195 ) .
وقال القاضي النعمان : وهذا - أيضا - خبر مشهور ، قد جاء من طرق شتى ، وثبت . شرح الاخبار ( 1 / 97 ) .

( 1 ) رواه الصدوق في علل الشرائع ( 1 / 211 ) من حديث الحسن عليه السلام والخزاز في كفاية الاثر ( ص 117 ) من حديث أبي أيوب الانصاري ، والمفيد في الارشاد ( ص 220 ) وابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ( 3 / 394 ) وقال : أجمع عليه أهل القبلة .

ورواه الامير الناصر في ينابيع النصيحة ( ص 237 ) وقال : . ولا شبهة في كون هذا الخبر مما تلقته الامة بالقبول ، وبلغ حد التواتر . وأرسله في حاشية شرح الازهار ( 4 / 522 ) عن ( الرياض ) ورواه السيد مجد الدين في التحف شرح الزلف ( ص 22 ) .

وقال بعض مؤلفي الزيدية - بعد أن نقل الخبر واحتج به ، فان قال قائل : لم قلتم : إن هذا الخبر قد وقع العلم بصحته فيصح الاحتجاج به ؟ قيل له : لما بيناه فيما تقدم ، وهو : أن كل خبر ظهر بين أهل العلم على اختلاف مذاهبهم واختلاف أقوالهم . . . وكان جماعتهم بين مستدل بظاهره وبين متأول له . . . ولم يحك عن أحد منهم دفعه ، كان ذلك إطباقا منهم على تلقيه بالقبول . كتاب الزيدية ، المنسوب إلى الصاحب ( ص 155 ) .

( 2 ) نصوص حديث : " . . . اثنا عشر خليفة . " أوردها البخاري في صحيحه ( 9 / 101 ) الكتاب 23 باب ( 51 ) الاستخلاف ، ومسلم في صحيحه ( 3 / 1451 ) =>

 

 

- ص 49 -

[ 83 ] فإن قال : فإن الشيعة أنفسها تفترق في الامامة على مذاهب وأقوال ، فكيف يصح لنا ما ذكرتموه مع الاختلاف ( 1 ) ؟ . فقل : يصح ذلك على الوجه الذي يصح في تأويل القرآن ، وما تثبت الآيات ، وإن كان أهل فرقه ( 3 ) اختلفوا ( 4 ) . . . في المعجزات ، وبما يثبت به أعلام النبي عليه السلام خاصة ، وفرائضه ، وسننه ، وأحكامه ، وإن كان بين المسلين فيها اختلاف . * * * *

 

  * هامش *  
  => كتاب الامارة ، باب ( 1 ) الناس تبع قريش ، والترمذي في سننه ( الصحيح ) ( 2 / 45 ) ط الهندب ما جاء في الخلفاء ، ثم رواه .
من تلاهم من المحدثين في المجاميع الحديثية ، وقد جمع الحافظ ابن حجر طرقه في كتاب ( لذة العيش ، بجمع طرق حديث الائمة من قريش ) .
واقرأ بحثا قيما عن الحديث في كتاب ( الخلفاء الاثنا عشر للعلامة السيد محمد على البحراني الموسوي، ولا حظ كتابنا( تدوين السنة الشريفة )

( 1 ) من قوله : ( فكيف . . . ) إلى هنا ، ورد هكذا في " ك " وهو مشوه في " الاصل " وفي " ضا " : في كون . . . ما ذكرتموه من الاختلاف .
( 2 ) من أول الجواب إلى هنا لفقناه من " ك وضا " وهو مشوه في " الاصل " وفي " ك " : يصلح ، بدل ( يصح ) الثانية .
( 3 ) كذا ظاهر " الاصل " وفي " ك وضا " فريقه .
( 4 ) كذا في " الاصل " ثم تشويش وفي " ضا " ( يختلفوا ) وبعده بياض وفي " ك " : ( مختلفين و ) . ( * )