عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

- أقسام المولى - الشيخ المفيد ص 25 : -

أقسام المولى في اللسان
تأليف الشيخ المفيد

 

- ص 27 -

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلواته على سيدنا محمد وآله الطاهرين .

المولى ينقسم في اللغة على ( 1 ) عشرة أوجه ( 2 ) :

 أولها : ( الاولى ) ، وهو الاصل والعماد ، الذي ترجع إليه المعاني في باقي الاقسام .

قال الله تعالى في سورة الحديد : ( فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير ) ( 3 ) يريد جل اسمه هي أولى بكم على ما جاء في التفسير ( 4 ) ، وذكره أهل اللغة المحققون ( 5 ) .
 

  * هامش *  
 

( 1 ) في ج ( إلى ) .
( 2 ) يستفاد مما ذكره أهل اللغة في كتبهم من معاني لفظة " المولى " أن لها كثر من ثلاثين معنى ، ذكر جلها ابن منظور في لسان العرب 15 : 406 - 415 ، ولعل المؤلف قدس سره أشار إلى عشرة منها لورودها في الاحاديث الشريفة ، ولتمسك أهل العلم والكلام بها في توجيه الحديث النبوي الشريف : " من كنت مولاه فعلي مولاه " .
( 3 ) الحديد : 14 .
( 4 ) قاله ابن عباس ، والخازن ، والنسفي ، والبيضاوي ، انظر ذلك في مجموعة التفاسير 6 : 180 ، وحكاه الفخر الرازي في التفسير الكبير 8 : 93 عن محمد بن السائب الكلبي النسابة المفسر المتوفى سنة 146 ه‍ .
( 5 ) مثل الفراء يحمى بن زياد الكوفي المتوفى سنة 207 ه‍ ، وأبي عبيدة معمر بن المثنى البصري المتوفى سنة 210 ه‍ . كما حكاه الفخر الرازي عنهما في التفسير الكبير 8 : 93 ، والبخاري في صحيحه 7 : 240 ، و عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري البغدادي المتوفى سنة 276 ه‍ . قاله في كتابه القرطين 2 : 164 ، وأبي العباس
=>

 

 

- ص 28 -

قال لبيد ( 1 ) : فغدت كلا الفرجين ، تحسب أنه * مولى المخافة خلفها وأمامها ( 2 ) يريد أولى المخافة . ولسنا نعلم من أهل اللغة في المعنى خلافا .


والثاني : ( مالك الرق ) قال الله تعالى : ( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه " ( 3 ) يريد ( 4 ) مالكه ، والامر في هذا المعنى أبين من أن يحتاج فيه إلى الاستشهاد . 

والثالث : ( المعتق ) .

والرابع : ( المعتق ) .

  * هامش *  
 

=> ثعلب بن أحمد بن يحيى النحوي الشيباني المتوفى سنة 291 ه‍ . كما حكاه عنه القاضي الزوزني المتوفى سنة 486 ه‍ في شرح السبع المعلقات : 127 ، وأبى جعفر الطبري المتوفى منة 321 ه‍ .

ذكره في تفسيره 9 : 117 ، وأبي بكر محمد بن القاسم الانباري اللغوي المتوفى سنة 328 ه‍ في كتابه الاضداد 2 : 46 ، وأبي الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي الحلبي المتوفى سنة 351 ه‍ كما في كتابه الاضداد في كلام العرب 2 : 665 ، وأبي بكر محمد بن عزيز السجستاني في تفسير غريب القرآن .

( 1 ) أبو عقيل ، لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري ، وكان يقال لابيه : ربيع المقترين لسخائه ، كان من شعراء الجاهلية وفرسانهم ، وأدرك الاسلام ، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله في وفد بني كلاب ، فاسلموا ، ورجعوا إلى بلادهم ، ثم قدم لبيد الكوفة ، ومات بها في خلافة معاوية ، وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة . الشعر والشعراء : 148 .
( 2 ) لسان العرب 15 : 410 . ( 3 ) النحل : 74 . ( 4 ) ليس في نسخة " ب " . ( * )

 

 

- ص 29 -

والخامس : ( ابن العم ) . قال الشاعر ( 1 ) : مهلا بني عمنا مهلا موالينا * لا تنشروا بيننا ما كان مدفونا ( 2 )

والسادس : ( الناصر ) قال الله جل وعز : ( ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولى لهم ) ( 3 ) ، يريد لا ناصر لهم .

والسابع : ( المتولي ) يتضمن الجريره ، ويحوز الميراث .

والثامن : ( الحليف ) .

والتاسع : ( الجار ) .

والعاشر : ( الامام السيد المطاع ) .


وهذه الاقسام . التسعة بعد " الاولى " إذا تؤمل المعنى فيها وجد راجعا إلى " الاولى " ومأخوذا منه . لان مالك الرق لما كان أولى بتدبير عبده من غيره . [ كان مولاه ] . والمعتق لما كان أولى بميراث المعتق من غيره ، كان لذلك مولاه . والمعتق لما كان أولى بمعتقه في تحمل جريرته ، واتصف به ممن ( 4 ) أعتقه غيره كان مولاه أيضا لذلك .

  * هامش *  
 

( 1 ) هو الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب اللهبي ، من قريش ، شاعر من فصحاء بنى هاشم ، كان معاصرا للفرزدق والاحوص ، وله معهما أخبار . مدح عبد الملك بن مروان ، وهو أول هاشمي مدح أمويا فأكرمه ، وكان شديد السمرة جاءته من جدته وكانت حبشية ، ويقال له : الاخضر لذلك ، توفى حدود سنة 95 ه‍ .

 ( 2 ) استشهد به ابن منظور في لسان العرب 15 : 408 ، وقال فيه " امشوا رويدا كما كنتم تكونونا " .
( 3 ) محمد : 10 .
( 4 ) ولعل الصحيح : وألصق به ممن . ( * )

 

 

- ص 30 -

وابن العم لما كان أولى بالميراث ممن بعد عن نسبه ، وأولى بنصرة ابن عمه من الاجنبي ، كان مولى لاجل ذلك . والناصر لما اختص بالنصرة فصار بها أولى كان من أجل ذلك مولى .

والمتولي لتضمن الجريرة لما الزم نفسه ما يلزم المعتق كان بذلك أولى ممن لم يقبل الولاء ، وصار به أولى لميراثه ، فكان لذلك مولى .

والحليف لاحق في معناه بالمتولي ، فلهذا السبب كان مولى .

والجار لما كان أولى بنصرة جاره ممن بعد عن داره ، وأولى بالشفعة في عقاره ، فلذا كان أولى .

والامام المطاع ، لما كان له من طاعة الرعية وتدبيرهم ما يماثل الواجب بملك الرق ، كان لذلك أولى ، فصار جميع المعاني فيما حددناه يرجع إلى معنى الاولى ، ويكشف عن نتيجة ما ذكرناه في حقيقته ووصفناه .


وقد حمل العناد الناصبة على أن جحد بعضهم أن يكون " الاولى " أحد أقسام المولى ، أو يحصل ذلك في معناه ، واعترف بعضهم أنفة من العناد ، وادعوا أنه مجاز من الاقسام . وفيما قدمناه من الدليل على أنه الاصل والعماد بيان فضيحة هؤلاء الاوغاد .

على أنه لا فصل بينهم وبين من جحد الاقسام التسعة ، واقتصر به على الاول ، فادعى فيها الاستعارة والمجاز ، بل هو بهذه الدعوى أقرب إلى الصواب لما شرحناه .