عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ المفيد / مصادر الشيخ المفيد

 

 

- مسألتان في النص على علي ( ع )  - الشيخ المفيد ج 1 ص 1 : -

مسألة في النص على علي عليه السلام
تأليف الشيخ المفيد  قدس سره

 

- ج 1 ص 3 -

بسم الله الرحمن الرحيم

احتلت البحوث المرتبطة بالامامة والخلافة مجالا واسعا من تراث الشيخ المفيد باعتبارها الفارق المهم بين أكبر طائفتين من طوائف الاسلام منذ صدر التاريخ الاسلامي .

وباعتبار ان من الواجب على علماء الامة السعي في إزاحة الموارق بتحديد الملتزمات الحقة والبت فيما يجب على الامة اعتقاده توصلا إلى ما يجب متابعته ونصره في سبيل توحيد صفوف الامة ورصها وبناء البنيان المرصوص عليها .

ومن المسائل المثارة في هذا المجال - بعد إثبات إمامة الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام - هو :

لماذا قعد الامام عن مطالبة حقه في الامامة و الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ !

ولماذا سكت عن من تقدم عليا من الخلفاء ؟ !

ولماذا لم يظهر معارضته لهم ، بل خالطهم مخالطة سلمية ، مما يوحي ، أو استوحى منه كثير من الناس ، أنه موافق لهم ؟ !

- ج 1 ص 4 -

كأخذه العطاء منهم ، والاشتراك في صلواتهم جماعة ، والحضور في مجالسهم ، وغير ذلك مما يدل على عدم المقاطعة وعلى الرضا عنهم وعن تصرفاتهم أو حتى نكاح سبي حروبهم ! وقد تصدى الشيخ المفيد في هذه الرسالة لهذه الاسئلة والشبه

باسلوبه الرصين الهادئ ، والواضح ، عارضا لما تقوله الشيعة بهذا الصدد من الاجوبة عن كل واحد من تلك الاسئلة المثارة والظريف أنه اجاب عن مسألة نكاح الامام عليه السلام سبي الخلفاء ، من طريقين :

 1 - طريق الممانعة : أي يدفع دعوى السائل أن الامام عليه السلام نكح السبي على أساس ملك اليمين ، بل يمكن دعوى انه عليه السلام نكح السبي على أساس عقد الزواج . فلا طريق للساك إلى إثبات دعواه تلك !

 2 - طريق المتابعة : أي مع الموافقة على فرض السائل أنه عليه السلام نكح السبي على أساس ملك اليمين ، والاجابة عن ذلك .

وهذا يعطي أن الشيخ المفيد كان يتوخى منتهى النصفة مع الخصوم ولا يكتفي برد الدعاوي وإنكارها ، بل يتنزل معهم ويحاول أن يجيبهم على مبانيهم وملتزماتهم أيضا .
 

والظاهر أن مثل هذه الاسئلة كانت مثارة في زمن الشيخ المفيد وعصره ، فقد أثار أبو هاشم - من المعتزلة - سؤالا بعنوان : كيف رضي أمير المؤمنين عليه السلام أن يكون في الشورى العمرية مع ما تردد فيه من القول حالا بعد حال ؟
 

- ج 1 ص 5 -

نقله القاضي عبد الجبار في المغني ( ج 20 ق 1 ص 122 ) وقد أجاب السيد المرتضى عن ذلك في الشافي بقوله : ذكر أصحابنا فيه وجوها :

أحدها : أنه عليه السلام إنما دخلها ليتمكن من إيراد النصوص عليه و الاحتجاج بفضائله وسوابقه وما يدل على أنه احق بالامر وأولى .

ومنها : أنه عليه السلام جوز أن يسلم القوم الامر له ، ويذعنوا لما يورده من الحجج عليهم بحقه ، فجعل الدخول في الشورى توصلا إلى حقه ، وسببا إلى التمكن من الامر والقيام فيه بحدود الله ، وللانسان أن يتوصل إلى حقه ويتسبب إليه بكل أمر لا يكون قبيحا .

ومنها : أن السبب في دخوله عليه السلام كان التقية والاستصلاح ، . . . ، فحمله على الدخول ما حمله في الابتداء على إظهار الرضا والتسليم . لاحظ الشافي في الامامة ( 2 / 155 ) وتلخيص الشافي ( 2 / 150 - 154 ) وقد اختار الشيخ

الطوسي الوجه الثاني من الوجوه التي ذكرها المرتضى فذكره بشئ من التفصيل - في جواب الاعتراض على قبول الامام على الرضا عليه السلام لولاية العهد من قبل المأمون العباسي - فقال ما نصه : كل ما مضى من الكلام في أسباب دخول

أمير المؤمنين عليه السلام في الشورى ، فهو بعينه سبب في هذا الموضوع ، وجملته : أن صاحب الحن له أن يتوصل إليه من كل جهة وسبب لا سيما إذا كان يتعتق بذلك الحق تكليف عليه ، فانه يصير واجبا عليه التوصل والتصرف في الامامة .

لاحظ تلخيص الشافي ( 4 / 206 ) .

ورسالة الشيخ المفيد هذه على صغر حجمها جامعة للاجوبة على كل
 

- ج 1 ص 6 -

تلك الاسئلة المثارة ، بأوضح وجه .

على أن الظاهر من نسختها المتوفرة : أن كاتبها لم ينقل جميع ما أملاه الشيخ رحمه الله ، بل اختصرها .

والحمد لله على توفيقه .

وكتب السيد محمد رضا الحسيني الجلالي

- ج 1 ص 13 -

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ولي كل نعمة .


سأل سائل فقال : إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله عندكم قد نص على أمير المؤمنين سلام الله عليه ، واستخلفه على أمته ، فلم قعد ( 1 ) عن حق له ، وقد عول النبي صلى الله عليه وآله عليه فيه ؟ .

فان قلتم : فعل ذلك باختياره . نسبتموه إلى التضييع لامر الله وأمر رسوله . وإن قلتم : فعل ذلك مضطرا . نسبتموه إلى الجبن والضعف ، وقد علم الناس منه خلاف ذلك ، لانه صاحب المواقف المشهورة ، والفروسية المذكورة . وبعد ذلك ، فلم أخذ عطاياهم ( 2 ) ، ونكح سبيهم ، وصلى
 

  * هامش *  
 

( 1 ) في ب " بعد " . ( 2 ) في ب " عطائهم " . ( * )

 

 

- ج 1 ص 14 -

خلفهم ، وحكم في مجالسهم ؟ ! وكل ذلك يدل على فساد ما ذهبهتبم إليه في النص .

الجواب : قيل له : اما أخذه العطايا ، إنما أخذ بعض حقه . واما الصلاة خلفهم ، فهو الامام ، من تقدم بين يديه فصلاته فاسدة ، على أن كلا مؤد فريضة . وأما نكاحه من سبيهم ، ففيه جوابان :

أحدهما : على طريق الممانعة .
والآخر : على طرية المتابعة .

فاما الذي على طريق الممانعة ، فان الشيعة تروي أن الحنفية ( 1 ) تزوجها من خالها القاسم بن مسلم الحنفي ، واستدلوا على ذلك ، بأن عمر ابن الخطاب لما رد من كان أبو بكر سباه ، لم يرد الحنفية ، ولو كانت من السبي لردها .

وأما الذي على طريق المتابعة : فهو انا إذا سلمنا لكم أنه نكح من سبيهم ، لم يكن لكم فيه ما أردتم ، لان الذين سباهم أبو بكر كانوا قادحين في نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومن قدح في نبوته كفر ، ونكاحهم حلال لكل أحد ، ولو سباهم يزيد .

وإنما كان يسوغ لكم ما ذكرتموه لو كان الذي سباهم قادحين في إمامته ، فنكح أمير المؤمنين سلام الله عليه من سبيهم ، لكن الامر خلاف ذلك . وأما حكمه ( 2 ) في مجالسهم ، فانه لو قدر الا يدعهم يحكمون حكما
 

  * هامش *  
 

( 1 ) هي خوا بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنفية بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل . أم محمد المعروف ب‍ " محمد بن الحنفية " .
( 2 ) في ب " حكمهم " . ( * )

 

 

- ج 1 ص 15 -

واحدا لفعل ، إذ الحكم له وإليه دونهم .

وبالله التوفيق .

قال من كتب بخطه هذه المسألة : إختصرها كاتبها ، وليست مستوفاة حسب ما أملاها رضي الله عنه ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله اجمعين الطيبين الطاهرين .


 

 

 

- مسألتان في النص على علي ( ع ) - الشيخ المفيد ج 2 ص 1 : -

مسألة أخرى في النص على علي عليه السلام
تأليف الشيخ المفيد  قدس سره

 

- ج 2 ص 3 -

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة والسلام على خير خلقه محمد - صلى الله عليه وآله - وعلى وصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - الذي ورد النص على امامته وخلافته في الكتاب والسنة .

النص في اللغة هو المبالغة في الاظهار ( 1 )، أو التعيين والتحديد على شئ ما ( 2 ) أو الدليل الذي لا يتطرق إليه الخلاف

والمقصود بهذا الاصطلاح عند المتكلمين هو البحث عن الادلة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على خلافة امير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - ووصايته لرسول الله - صلى الله عليه والله - .


والبحث عن النص على خلافته - عليه السلام - من اقدم البحوث التي تناولها علماء الفريقين ، حيث سعى علماء الامامية في جمع واحصاء اكبر عدد من النصوص التي تثبت احقية على ( ع ) بالخلافة من غيره من نصوص الكتاب والسنة .

ومن أشهر النصوص التي تمسك بها الامامية هي النصوص الاتية :

 1 ) نص يوم الدار ( راجع مصادره في كتاب المراجعات ، ص 124 )

 2 ) نصوص في فضائل على ( ع ) ( راجع مصادره في كتاب المراجعات ، ص 130 )
 

  * هامش *  
  ( 1 ) جامع العلوم في اصطلاحات الفنون 3 / 403 - الفصول المختارة ص 2 .
( 2 ) تاج العروس والمعجب السيط مادة ( نص ) . ( * )
 

 

- ج 2 ص 4 -

 3 ) نص المنزلة ( راجع مصادره في كتاب المراجعات ، ص 13 )

 4 ) نص المؤاخاة ( راجع مصادره في كتاب المراجعات ، ص 140 و 145 )

 5 ) نمر سد الابواب ( راجع مصادره في كتاب المراجعات ، ص 145 )

 6 ) نص الغدير ( راجع مصادره في كتاب المراجعات ، ص 192 )

 7 ) نص الوراثة ( راجع مصادره في كتاب المراجعات ، ص 66 و 221 )

وقد دار الجدل بين الامامية وخصومهم في هذه النصوص حول مدى دلالتها وحجية اسانيدها وتواترها .

وقد اثبتت الامامية دلالة هنه النصوص وصحة اسانيدها وتواترها عند العامة والخاصة .

اما قومهم فقد شككوا - بعد تسليمهم بصدور هذه النصوص - تارة في دلالتها على الافضلية والاحقيه بالخلافة ، وأخرى حاولوا أن يعارضوا هذه النصوص بنصوص اخرى ادعوا صدورها عن الرسول - ص - ولكن الحق يعلو ولا يعلى عليه ،

فهذه نصو من متضافرة ومتواترة رواها مشايخ الحديث خلفا عن سلف ، واثبتها اصحاب الصحاح والسن والمسانيد بأسانيد صحيحة وعالية لا يتسرب إليها الشك ولا تحوم حولها الشبهات ، ولا يتردد في قبوله من كانت له أدنى بصيرة الا من أعمى الله قلبه وجعل عليها غشاوة ، أو أعمته العصبية العمياء فاعرضن عن الحق و نأى .


وقد افرد جماعة من علماء الامامية هذا البحث في كتب ورسائل كتبوها ، منهم شيخ الامة ومعلمها ، الفقيه الالمعي والمتكلم البارع الشيخ محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادي الملقب بالمفيد - رضوان الله تعالى عليه - فانه قد ناقش خصومه في مجالسه وأفحمهم ( 1 ) ، كما ناقشهم على صفحات كتبه ورسائله . ومن رسائله التي
 

  * هامش *  
 

( 1 ) من ذلك مناظرته مع القاضي ابي بكر احمد بن سيار في اول الفصول المختارة ( * )

 

 

- ج 2 ص 5 -

وصلتنا رسالتان تحملان عنوان ( النص على علي عليه السلام ) احداها هذه الرسالة التي وفقنا الله تعالى لتحقيقه ، فانها برغم صغر حجمها كبيرة في مفاهيمها ، عظيمة في مضمونها ، فهى كما جاء في صدرها تقرير عن المناظرة التي جرت بين

الشيخ المفيد وبين أبى بكر محمد بن الطيب الباقلاني القاضي ، ولم يرد في الرسالة ذكر لمكان المناظرة ولاذكر للمشاركين في تلك الجلسة ولا تاريخها .
 

فاما الباقلاني فانه كان رأس الاشعرية وشيخها والمدافع عن مذهبهم واما الشيخ المفيد فانه شيخ الامامية ورئيسها والمدافع عن مذهب اهل البيت ( ع ) .

ونجد على صفحات كتب السير والكلام مناظرات عديدة جرت بينهما سجلها لنا التاريخ . ولكن يرى المتتبع أن المنحرفين عن جادة الصواب يحاولون أن يقلبوا هزيمة الباقلاني في مناظراته مع المفيد ( ره ) إلى نصر ساحق وأن يشوهوا صورة المفيد امام القارئ .

انظر إلى ترجمة الباقلاني في تاريخ بغداد تاريخ بغداد 5 / 379 يترائى لك الخطيب متعصبا حقودا ويستثف من خلال عباراته حقده على المفيد ( ره ) وتبرمه منه ، فانه يحاول أن ينقص من قيمة المفيد وينزل قدره امام أعين القارئ ، مثلا حينما ينقل

حادثة مزعومة حاكها مخيلة الخطيب فيقول ( . . . وحدث أن ابن المعلم - شيخ الرافضة و متكلمها - حضر بعض مجالس النظر مع اصحاب له إذ أقبل القاضي ابو بكر الاشعري ، فالتفت ابن المعلم إلى اصحابه وقال لهم : قد جاءكم الشيطان ،

فسمع القاضي كلامهم - وكان بعيدا من القوم - فلما جلس أقبل على ابن المعلم واصحابه وقال لهم : قال الله تعالى : ( إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ) أي ان كنت شيطانا فانتم كفار . . . الخ . وهكذا يريد الخطيب أن يصور المفيد للقارئ ا نسانا شتاما ، سبابا ، لا يراعى
 

- ج 2 ص 6 -

للاخرين حرمة ويتعرض لهم بسوء ، ثم انظر كيف يحاول أن يرفع شان الباقلاني بهذه القصة المفتعلة ، وليس هذا بعيدا عن كاتب عاش في عصور الظلام وتربى في معاهد الحقد ومدارس الطائفية ، وكم للخطيب في تاريخه مثل هذه السفاسف والاكاذيب حول رجالات اهل البيت ( ع ) وعلمائهم . فانا لله وانا إليه راجعون .


اما المفيد ( ره ) فانه لا يحط من قدره ولا يهبط من شأنه هذه المناظرات الوهمية التي ينهزم فيها ( كما يصورها الخطيب ) لانه اعظم شأنا واجل قدرا من أن يشينه مثل هذه الاكاذيب ، وكفاه شأنا وعلوا انه ربى افذاذ الامة واعاظم علمائها امثال

الشيخ الطوسي والشريفين الرضي والمرتضى والنجاشي والديلمي وغيرهم فهؤلاء الذين هم أقرب الناس إلى المفيد من امثال الخطيب ( الذي لعله لم يتشرف ولو بلقائه مرة واحدة ) يصورونه انسانا ، متواضعا ، دينا ، عف اللسان - قائم الليل ، لا يبتعد ذكر الله عن لسانه .


يقول ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ( 1 ) قلت : وكان كثير التقشف والتخشع والاكباب على العلم . . . ما كان المفيد ينام من الليل الا هجعة ثم يقوم يصلى أو يطالع أو يدرس أو يتلو القران .


وهذه الرسالة تدور حول سؤال سأله الباقلاني من الشيخ المفيد عن عدد من يروى النص على خلافة أمير المؤمنين ( ع ) ثم يضيف بانهم ان كانوا قلة فلا يفيد شيئا وان كانوا كثرة فلماذا لم يقاتل بهم علي ( ع ) اعداءه .

فيبدأ الشيخ بالاجابة فينفي قلة الرواة ، ويثبت الكثرة ثم يستمر في كلامه إلى أن يفحم الباقلاني كما يفهم ص كلام روى الرسالة حيث يقول أخيرا ( فلم يات - اي الباقلاني - بشئ ) .
 

  * هامش *  
 

( 1 ) 5 / 368 . ( * )

 

 

- ج 2 ص 7 -

عملنا في التحقيق : اعتمدت في تحقيق هذه الرسالة على النسخ التالية :

الاولى = النسخة الموجودة ضمن مجموعة والمحفوظة في خزانة المخطوطات بمكتبة اية الله المرعشي ( ره ) بقم وهي ورقة واحدة ومن مخطوطات القرن السابع الهجري ورقمها ( 243 رسالة رقم 16 ) . ويبدو انها اقدم نسخة وصلتنا منها وعليها تملك سنة لمه 888 ، وهي النسخة الاصلية التي اعتمدت عليها في تحقيقي ورمزت لها بحرف ( ألف ) وقياسها 25 * 5 / 17 سم .

الثانية = النسخة الموجودة ضمن مجموعة بخزانة مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي ( ره ) وهي من مخطوطات القرن الثالث عشر ورقمها ( 78 رسالة رقم 19 ) و رمزت لها بحرف ( ب ) وهي بقياس 24 * 5 / 14 سم .

الثالثة = النسخة الموجودة ضمن مجموعة والمحفوظة في خزانة الخطوطات بمكتبة اية الله المرعشي ( ره ) ورقمها ( 255 رسالة رقم 22 ) وهي من مخطوطات القرن الحادي عشر ( 1056 ه‍ ) ورمزت لها بحرف ( ج ) وقياسها 25 * 5 / 13 سم .

الرابعة = النسخة الموجودة ضمن مجموعة والمحفوظة في مكتبة ( مجلس شوراى اسلامي ) وهي ضمن مجموعة مخطوطات ( امام جمعة خوي ) المهداة إلى مكتبة المجلس ورقمها ( 8 رسالة رقم 30 ) وهي من مخطوطات القرن الحادي . عشر ورمزت لها بحرف ( د ) وقياسها 20 * 14 سم .

الخامسة = النسخة الموجودة في مكتبة الامام الحكيم ( ره ) العامة في النجف الاشرف ورقمها ( 998 ) وهي بخط الشيخ محمد بن الشيخ طاهر السماوي ( ره ) وقد كتبها في سلخ رجب سنة الف وثلثمائة واربع وثلاثين في بلد الكاظمية ، وتوجد
 

- ج 2 ص 8 -

منها صورة في المكتبة المركزية لجامعة طهران برقم ( 3343 ) وقد رمزنا لها بحرف ( ه‍ ) وقياسها 5 / 20 * 13 سم .

السادسة = النسخة المطبوعة من هذه الرسالة ضمن كتاب ( عدة رسائل ) صفحة 181 و 182 والتي تحتوي على مجموعة من رسائل الشيخ المفيد وقد طبعت هذه المجموعة اولا في النجف الاشرف ثم أعيد طبعها في قم عن دار منثورات المفيد وقد رمزنا لها ب‍ ( ح ) .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 

محمد رضا الانصاري القمي 24 صفر الخير 1413 ه‍

صفحة 9 / الصفحة الاولى من النسخة " أ "
صفحة 10 / الصفحة الاخيرة من النسخة " أ "
صفحة 11 / الصفحة الاولى من النسخة " ب "
صفحة 12 / الصفحة الاخيرة من النسخة " ب "
صفحة 13 / الصفحة الاولى من النسخة " ج "
صفحة 14 / الصفحة الاخيرة من النسخة " ج "
صفحة 15 / الصفحة الاولى من النسخة " د "
صفحة 16 / الصفحة الاخيرة من النسخة " د "
صفحة 17 / الصفحة الاولى من النسخة " ه‍ "
صفحة 18 / الصفحة الاخيرة من النسخة " ه‍ "
صفحة 19 / الصفحة الاولى من النسخة " ح "
صفحة 20 / الصفحة الاخيرة من النسخة " ح "

- ج 2 ص 21 -

بسم الله الرحمن الرحيم الملك الحق المبين ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الهادين .

وبعد ، فقد سألني القاضي الباقلاني ( 1 ) فقال ( 2 ) : أخبرونا عن أسلافكم في النص على أمير المؤمنين عليه السلام ( 3 ) أكثير أم قليل ؟
 

  * هامش *  
 

( 1 ) هو أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد الباقلاني القاضي ، أصله من البصرة ، والمرجح انه ولد في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري ، وعاش في بغداد . استدعاه عضد الدولة الديلمي إلى بلاطه في شيراز فمكث هناك مدة ثم عاد إلى بغداد بعد وفاة عضد الدولة . ويعد الباقلاني أنبه متكلمي المدرسة الاشعرية ويقال انه أول من وجد لبعض افكار الاشاعرة شكلها الصحيح .

وله مناظرات عديدة مع الشيخ المفيد ( ره ) . توفي سنة 403 ه‍ ببغداد . تجد مصدر ترجمته في : تاريخ التراث العر بي / فؤاد سزگين ج 4 من المجلد الاول ص 48
( 2 ) زيادة في نسخة ( ح ) .
( 3 ) زيادة في نسخة ( ح ) . ( * )

 

 

- ج 2 ص 22 -

فإن قلتم : قليل ، قيل لكم : فلا تنكرون أن يتواطؤوا على الكذب لان إفتعال الكذب يجوز على القليل . وإن قلتم كثير ، قيل لكم : فما بال أمير المؤمنين سلام الله عليه لم يقاتل بهم أعداءه ، لاسيما وأنتم تدعون أنه لو أصاب أعوانا لقاتل ! ( 1 )

الجواب وبالله الثقة :

  * هامش *  
 

( 1 ) ان الامامية تدعي انه - عليه السلام - لو اصاب اعوانا لحاول أن يسترد حقه المغصوب وذلك بعيد وفاة رسول الله ( ص ) ولكنه لم ينو الحرب مع خصومه لاجل إمرة كانت تعدل عنده فيمة نعل كان يخصفها - كما في رواية ابن عباس - فانه كان أحرص على سلامة

شريعة أخيه ( ص ) من كيد الاعداء عن الذين غصبوا حقه ، وقد روى اصحاب السير أن ابا سفيان مد إليه يده ليبايعه للخلافة ورغبه فيها ، لكن لاحبا في تطبيق وصية سيد المرسلين وانما طمعا في وقوع الفتنة وزوال الاسلام وعودة الجاهلية الجهلاء إلى ربوع الجزيرة العربية ،

ولكنه ( ع ) أبى ورفض وحاول أن يذكر اصحاب رسول الله ( ص ) ببيعتهم اياه في يوم الغدير والنصوص التى سمعوها في مواقع عديدة عن رسول الله ( ص ) ، ولكن حالت دونهم المغريات فلم يستجب له سوى عدد قليل فآثر سلام الله عليه أن يعمل بوصية رسول الله ( ص ) وهكذا صبر امير المؤمنين في هذه المحنة التى وصفها هو بقوله ( فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهبا ) .

وبرغم ذلك فانه شارك المسلمين ( حكاما ومحكومين ) في حياتهم الاجتماعية ونصح لحكامهم وسار على سنة اخيه رسول الله ( ص ) وقد وصف عليه السلام موقفه بعد ابعاد عن الخلافة في رسالة ، بعث بها إلى مالك الاشتر يقول فيها ( فامسكت يدى حتى رأيت راجعة الناس قد

رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد ( ص ) فخشيت ان لم أنصر الاسلام وأهله ، أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به على اعظم من فوت ولايتكم التي انما هي متاع ايام قلائل ) . ( * )

 

 

- ج 2 ص 23 -

قيل له : أسلافنا - بحمد الله - في النص كثير لا يجوز عليهم إفتعال الكذب ، لكن ليس كل من يصلح لنقل الخبر يصلح للجهاد ، لانه قد يصلح لنقل الخبر الشيخ الكبير ، الثقة ، الامين ، ولا يصلح ذلك لضرب السيف .

وأيضا فليست الحروب الدينية موقوفة على كثرة الرجال ، وإنما هي موقوفة على المصلحة ، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه واله جاهد وهو في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ( 1 ) ، وقعد عن الجهاد يوم الحديبية ( 2 ) وهو في ثلاثة ألاف وستمائة رجل ( 3 ) . فعلمت أن الحروب الدينية الشرعية موقوفة على
 

  * هامش *  
 

( 1 ) يقصد الشيخ ( ره ) بذلك معركة بدر الكبرى ، وهى أولى المعارك التي خاضها رسو ل الله ( صر ) والمسلمون مع المشركين . وقعت هذه المعركة بين المسلمين وكفار قريش عند ابار بدر في يوم 17 ( أو 19 ) من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة ، وكان عدد المسلمين 313 رجلا والكفار 950 رجلا ، وقد نصر الله المسلمين على عدوهم فهزموا وكان عدد قتلى المشركين 70 رجلا كما أسر المسلمون 70 من الكفار ، وعدد شهداء المسلمين 14 شهيدا .

( 2 ) الحديبية قرية سميت ببئر هناك وبينها وبين مكة مرحلة ، وبينها وبين المدينة تسع مراحل . واما يوم الحديبية فان الشيخ ( ره ) يقصد بذلك سفر رسول الله ( ص ) مع المسلمين من المدينة إلى مكة لاداء العمرة في ذى القعدة من سنة 6 هجرية ، حيث انتهى إلى صد المشركين له و لاصحابه عن الدخول إلى مكة حيث عقد معهم صلح الحديبية ، وقد بايع المسلمون في ذلك اليوم مع رسول الله ( ص ) بيعة سميت ببيعة الرضوان .

( 3 ) هناك خلاف بين اصحاب السير في عدد المسلمين يوم الحديبية ، فقل روى ابن اسحاق انهم كانوا 700 رجل ، واما ابن هاشم فانه روى عن جابر بن عبد الله انهم كانوا أربع عشرة مئة سيرة ابن هشام 3 / 322 واما ابن سعد فانه روى في طبقاته أن الخارجين مع رسول الله ( ص ) يوم الحديبية ( الف وتسعمائة رجل ) ثم اضاف ( ويقال الف واربعمائة ويقال الف و =>

 

 

- ج 2 ص 24 -

المصلحة لاعلى العدد .

قال السائل : فأرنا وجه المصلحة في قعوده عن أخذ حقه لنعلم بذلك صحة ما ذكرتموه ؟

قيل له : أول ما في هذا أنه لا يلزمنا ما ذكرت ، لانه الامام المعصوم من الخطا والزلل ، لا اعتراض عليه في قعود وقيامه ، بل يعلم - في الجملة - أن قعوده لمصلحة في الدين والدنيا . ( 1 )
 

  * هامش *  
 

=> خمسمائة وخمسة وعشرون رجلا ) الطبقات 2 / 95 واما الطبري فانه نقل الاعداد السابقة واضاف إليهم رقمين أخرين وهما ( بضعة عشر ومائة من اصحابه ) و ( الفا وثلاثمائة ) الطبري / حوادث السنة السادسة واما ابن الاثير فقد روى في الكامل ثلاثة أرقام ( الف و اربعمائة وقيل ألف وخمسمائة وقيل ثلاثمائة ) الكامل 2 / 200 .

واما زينى دحلان فقد روى في سيرته انه ( كان الناس سبعمائة رجل . . . وقيل كانوا اربعة عشرة ومائة وقيل خمس عشرة وقيل ست عشرة وقيل كانوا الفا وثلاثمائة وقيل أربعمائة وقيل خمسمائة وخمسة وعشرين وقيل الف وسبعمائة ) ، السيرة الحلبية 3 / 9 .


( 1 ) وقد تواترت النصوص على عصمته - عليه السلام - وقد رواه. العامة والخاصة : اما الآيات : فمنها قوله تعالى ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) فقد اجمع المفسرون والرواة على أنها نزلت في حق علي وفاطمة والحسن والحين - عليهم السلام

واما الروايات : فمتضافرة ايضا ، منها ما رواه . جماعة عن شهر بن حوشب عن ام سلمة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلل عليا وفاطمة وابنيهما بكساء ثم قال : ( اللهم هؤلاء اهل بيت بيتي وحامتى ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ) الحديث .

والحديث صحيح بشواهده وطرقه وقد اخرجه احمد بن حنبل في مسنده والطبراني في مسنده و الطبري في تفسير . والترمذي في سننه وابن جرير في صحاحه والحاكم النيشابوري في =>

 

 

- ج 2 ص 25 -

ثم تبين بعد ذلك بعض وجوه المصلحة ، فيكون بعض ذلك أنه علم أن في المخالفين من يرجع عن الباطل إلى الحق بعد مدة ويستبصر ، فكان ترك قتله مصلحة .


ومنه أنه علم أن في ظهورهم مؤمنين لا يجوز قتلهم واجتياحهم ، فكان ترك قتلهم مصلحة . ومنه شفقة منه على شيعته وولده أن يصطلموا ( 1 ) فينقطع نظام الامامة . و هذا كلام معروف يعرفه أهل العدل والمتكلمون ، وهو من أصول الدين ،

ألا ترى أنا إذا سئلنا عن تغريق قوم نوح عليه السلام وهلاك قوم صالح لاجل ناقته ، وبقاء قاتل الحسين عليه السلام ، والحسين عند الله أعظم من ناقة صالح ( 2 ) ، لم يكن الجواب إلا ما ذكرناه من المصلحة ، وما علمه الله من
 

  * هامش *  
 

=> مستدركه ومسلم في صحيحه وابن حبان في صحاحه ووافقهم الذهبي . ( راجع سير اعلام النبلاء 3 / 254 و 283 ) ومنها : الرواية المتواترة والمهورة ( يا ايها الناس إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي اهل بيتى ) ( راجع صحيح الترمذي 5 / 328 ومستدرك الحاكم 3 / 148 ومسند احمد بن حنبل 5 / 189 ) ومنها : حديث السفينة ( انما مثل أهل بيتى فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ) ( راجع مستدرك الحاكم 2 / 342 ، الصواعق المحرقة 184 ) ، وغيرها من الروايات
( 1 ) أي يستأصلوا ويبادوا .
( 2 ) أقول : ليس المقصود ان الله تعالى لم يجاز قتلة الحسين ( ع ) في الدنيا فان أغلبهم قد قتلوا على =>

 

 

- ج 2 ص 26 -

بقاء من بقاه . ( 1 ) فلم يأت بشئ لذلك . ( 2 )
 

  * هامش *  
 

=> يد المؤمنين الذين ندموا على عدم نصرتهم لسبط رسول الله ( ص ) فقاموا مطالبين بالثأر لدم الحسين ( ع ) فاخرجوا الذين حاربوه وقتلوا أصحابه واولاده من تحت كل حجر ومدرو قتلوهم شر قتله ، بل يقصد الشيخ ( ره ) ، انهم لم يجازوا سريعا ولم ينزل عليهم البلاء كما عاقب الله تعالى قوم صالح وقوم نوح لمصلحة اقتضته حكمته سبحانه وتعالى .

( 1 ) كذا في نسخة الاصل ( الف ) ونسخة ( د ) . وفي نسخة ( ب ) وما علمه الله من بقاه فريقا وفي نسخة ( ج ) مثل بقاء فريقاه . وقد اسقطت نسخة ( ح ) هذه العبارة في يعني إن علم الله تعالى ببقاء من أبقاه الله ، هو السبب في بقاءهم، لان علم الله عين إرادته ، فلا تختلف
( 2 ) كذا في ( ح ) ولم يرد في سائر النسخ . ( * )

 

 

- ج 2 ص 27 -

تكميل من كلام الشيخ الطوسي ( ره ) في المفصح

فان قيل : لو كان النص عليه صحيحا على ما ادعيتوه : وجب ان يحتج به وينكر على من يدفعه عن ذلك بيده ولسانه ولما جاز منه ان يصلي معهم ولا أن ينكح سبيهم ولا ان يأخذ من فيئهم ولا أن يجاهد معهم . وفي فعله عليه السلام ذلك كله دليل على بطلان ما تدعونه .


قيل له : الذى منع أمير المؤمنين عليه السلام من الاحتجاج بالنص عليه ما ظهر له بالامارات اللايحة من . . . ( 1 ) القوم على الامر واطراح العهد فيه وعزمهم على الاستبداد به مع البدار منهم إليه والانتهاز له وأيسه ( 2 ) ذلك عن الانتفاع

بالحجة ، وربما ادى ذلك الى دعواههم النسخ لوقوع النص عليه فتكون البلية بذلك اعظم ، وان ينكروا وقوع النص جملة ويكذبوه فى دعواه فيكون البلاء به أشد .

واما ترك النكير عليهم باليد فهو انه لم يجد ناصرا ولا معينا على ذلك ، ولو تولاه بنفسه وحامته لربما ادى ذلك الى قتله أو قتل اهله واحبته فلاجل ذلك عدل عن النكير .

وقد بين ذلك عليه السلام فى قوله : ( اما والله لو وجدت اعوانا لقاتلتهم ) وقوله ايضا بعد بيعة الناس له حين توجه الى البصرة : ( اما والله لولا حضور الناصر ولزوم الحجة وما أخذ الله على اوليائه الا يقروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لالفيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس اولها ولالفيتم دنياكم عندي اهون من عفطة غنز ) .


فبين عليه السلام انه انما قاتل من قاتل لوجود النصار وعدل عن قتال من عدل عن قتالهم لعدمهم . وايضا فلو قاتلهم لربما ادى ذلك الى بوار الاسلام والى ارتداد الناس إذ
 

  * هامش *  
 

( 1 ) بياص بالاصل ، وعبارة كتاب الاقتصاد هكذا : من اقدام القوم على طلب الامر . ( 2 ) فآيسه . ظ .

 

 

- ج 2 ص 28 -

اكثر ( 1 ) وقد ذكر ذلك في قوله : ( اما والله لولا قرب عهد الناس بالكفر لجاهدتهم ) .

فاما الانكار باللسان فقد انكر عليه السلام في مقام بعد مقام ، ألا ترى إلى قوله عليه السلام : ( لم ازل مظلوما منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ، ) ،

وقوله : ( اللهم إني استعديك على قريش فانهم منعوني حقى وغصبوني ارثى ) ،

وفي رواية اخرى : ( اللهم انى استعديك على قريش فانهم ظلموني في ) الحجر والمدر . . . ) ،

قوله في خطبته المعروفة : ( اما والله لقد تقمصها ابن ابى قحافة وانه ليعلم ان محلى منها محل القطب من الرحى ينحدر عنى السيل ولا يرقى الى الطير . . . ) إلى آخر الخطبة ، صريح بالانكار والتظلم من الحق .

فاما ما ذكره السائل من صلاته معهم فانه عليه السلام انما كان يصلى معمهم لاعلى طريق الاقتداء بهم بل كان يصلى لنفسه وانما كان يركع بركوع ويكبر بتكبيرهم ، وليس ذلك بديل الاقتداء عند احد من الفقهاء .

فاما الجهاد معهم فانه لم ير واحد انه عليه السلام جاهد معهم ولا سار تحت لوائهم ، واكثر ماروى في ذلك دفاعه عن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وعن نفسه ، وذلك واجب عليه وعلى كل احد أن يدفع ص نفه وعن أهله وإن لم يكن هناك

احد يقتدى به . فاما أخذه من فيئهم فان ماكان يأخذ بعض حقه ، ولمن له حق ، له أن يتوصل إلى اخذه بجميع انواع التوصل ولم يكن يأخذ من اموالهم هم .

وأما نكاحه لسبيهم فقد اختلف في ذلك - فمنهم من قال : ان النبي عليه السلام وهب له الحنفية ( 2 ) وانما استحل فرجها بقوله عليه السلام . وقيل ايضا : إنها أسلمت وتزوجها امير المؤمين عليه السلام . وقيل ايضا : إنه اشتراها فاعتقادهم تزوجها .

وكل ذلك ممكن جائز ، على أن عندنا يجوز وط سبي اهل الضلال إذا كان المسبي مستحقا لذلك - ، وهذا يسقط اصل السؤال .

فان قيل : لو كان عليه السلام منصوصا عليه لما جاز منه الدخول في الشورى ، ولا الرضا بذلك ، لان ذلك خطأ على مذهبكم .

  * هامش *  
 

( 1 ) كذا في الاصل ، والظاهر : أو اكثرهم . ( 2 ) ام ابنه عليه السلام : محمد . ( * )

 

 

- ج 2 ص 29 -

قيل له : انما دخل عليه السلام في الشورى لامور :

منها انه دخلها ليتمكن من ايراد النص عليه والاحتجاج بفضائله وسوابقه ، وما يدل على انه احق بالامر وأولى ، وقد علمنا انه لو لم يدخلها لم يجز منه أن يبتدئ بالاحتجاج ، وليس هناك مقام احتجاج وبحث فجعل عليه السلام الدخول فيها ذريعة الى

التنبيه على الحق بحسب الامكان ، على ما وردت به الرواية ، فانها وردت بأنه عليه السلام عدد في ذلك اليوم جميع فضائله ومناقبه أو اكثرها .


ومنها ان السبب في دخوله عليه السلام كان للتقية والاستصلاح لانه عليه السلام لما دعى الدخول في الشورى اشفق من ان يمتنع فينسب ( 1 ) منه الامتناع الى المظاهرة والمكاشفة ، والى أن تأخره عن الدخول انما كان لا عتقاده انه صاحب الامر دون من ضم إليه فحمله على الدخول ما حمله في الابتداء على اظهار الرضا والتسليم .


فان قيل : لو كان عليه السلام منصوصا عليه السلام ( 2 ) على ما تدعون لوجب أن يكون من دفعه عن مقامه مرتدا كافرا ، وفى ذلك ، اكفار الامة باجمعها ، وذلك خروج عن الاسلام :


قيل له : الذى نقوله في ذلك : إن الناس لم يكونوا بأسرهم دافعين للنص وعاملين بخلافه مع علمهم الضرورى به ، وانما بادر قوم من الانصار - لما قبض الرسول عليه السلام - إلى طلب الامامة واختلفت كلمة رؤسائهم واتصلت حالهم بجماعة من

المهاجرين فقصدوا السقيفة عامين على ازالة الامر من مستحقه والاستبداد به ، وكان الدعى لهم إلى ذلك والحامل لهم عليه رغبتهم في عاجل الرياسة والتمكن من الحل والعقد ، وانضاف إلى هذا الداعي ما كان في نفس جماعة منهم من الحسد

لامير المؤمنين عليه السلام والعداوة له لقتل من قتل من أقاربهم ولتقدمه واختصاصه بالفضائل الباهرة والمناقب الظاهرة التي لم يخل من اختص ببعفها من حسد وغبطة وقصد بعداوة وآنسهم بتمام ما حاولوه بعض الانس بتشاغل بنى هاثم وعكوفهم على تجهيز النبي عليه السلام فحضروا السقيفة ونازعوا في الامر وقووا على الامر وجرى ما هو مذكور .
 

  * هامش *  
 

( 1 ) فيتسبب . ( 2 ) كذا في الاصل ، والظاهر انه زايد . ( * )

 

 

- ج 2 ص 30 -

فلما رأى الناس فعلهم - وهم وجوه الصحابة ومن يحسن الظن بمثله وتدخل الشبهة بفعله - توهم اكثرهم انهم لم يتلبسوا بالامر ولا اقدموا فيه على ما أقدموا عليه الالعذر يسوع لهم ويجوزه ، فدخلت عليه الشبهة واستحكمت في نفوسهم ، ولم يمعنوا

النظر في حلها فمالوا ميلهم وسلموا لهم ، وبقي العارفون بالحق والثابتون عليه غير متمكنين من اظهار ما في نفوسهم فتكلم بعضهم ووقع منهم من النزاع ما قداتت به الرواية ، ثم عاد عند الضرورة إلى الكف والامساك واظهار التسليم مع إبطان

الاعتقاد للحق ولم يكن في وسع هؤلاء الانقل ما علموه وسمعوه من النص إلى اخلافهم ومن يأمنونه على نفوسهم فنقلوه وتواتروا الخبربه عنهم .


على ان الله تعالى قد اخبر عن امة موسى عليه السلام أنها قد ارتدت بعد مفارقة موسى اياها الى ميقات ربه وعبدوا العجل واتبعوا السامري وهم قد شاهدوا المعجزات مثل فلق البحر وقلب العصا حية واليد البيضاء وغير ذلك من المعجزات ، وفارقهم موسى اياما معلومة ، والنبى عليه السلام خرج من الدنيا بالموت فإذا كان كل ذلك جايزا عليهم فعلى امتنا اجوز وأجوز .


على ان الله تعالى قد حكى في هذه الامة واخبر انها ترتد ، قال الله تعالى : " وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم " .


وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو ان احدهم دخل جحر ضب لدخلتموه ! قالوا : فاليهود والنصارى يا رسول الله ؟ قال : فمن اذن ؟ ! ) .


وقال عليه السلام : ( - ستفترق امتي ثلاثة وسبعين فرقة ، واحدة منها ناجية وثنتات وسبعون في النار ) . وهذا كله يدل على جواز الخطأ عليهم بل على وقوعه فأين التعجب من ذلك ؟ .


فان قيل : كيف يكون منهم ما ذكرتموه من الضلال وقد اخبر الله تعالى انه رضى عنهم ، وأعد لهم جنات في قوله : " السابقون الاولون من المهاجرين والانصار ، والذين اتبعوهم باحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجرى تحتها
 

- ج 2 ص 31 -

الانهار " ( 1 )

وقال : " لقد رضى الله عن المؤمنين اديبا يعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم " ( 2 ) وذلك مانع من وقوع الضلال الموجب لدخول النار .


قيل له : اما قوله : " والسابقون الاولون . . . ) فانما ذكر فيها الاولون منهم ، ومن ذكرناه ممن دفع النص لم يكن من السابقين الاولين لانهم امير المؤمنين عليه السلام وجعفر بن ابي طالب وحمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وخباب بن الارث ، وغيرهم ممن دفع النص كان اسلامه متأخرا عن اسلام هؤلاء .


على ان من ذكروه لو ثبت له السبق فانما يثبت له السبق إلى الاسلام في الظاهر والباطن لا يعلمه الا الله ، وليس كل من اظهر السبق إلى الاسلام كان سبقه على وجه يستحق به الثواب ، والله تعالى انما عنى من يكون سبقه مرضيا على الظاهر والباطن ، فمن أين لهم ان من ذكروه كان سبقه على وجه يستحق به الثواب .


على انهم لو كانوا هم المعنيين بالآية لم يمنع ذلك من وقوع الخطأ منهم ولا واجب لهم العصمة لان الرضى المذكور في الاية وما اعد الله من النعيم انما يكون مشروطا بالاقامة على ذلك والموافاة به ، وذلك يجرى مجرى قوله " وعد الله المؤمنين

والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الانهار " ( 3 ) ولا احد يقول ان ذلك يوجب لهم العصة ولا يؤمن وقوع الخطأ منهم بل ذلك مشروط بما ذكرناه وكذلك حكم الآية .


وايضا فانه لا يجوز ان يكون هذا الوعد غير مشروط وان يكون على الاطلاق الا لمن علم عصمته ولايجوز عليه شئ من الخطأ ، لانه لو عنى من يجوز عليه الخطأ بالاطلاق ، على كل وجه كان ذلك اغراء له بالقبيح ذلك فاسد بالاجماع ، وليس احد يدعى للمذكورين العصمة فبطل ، ان يكونوا معنيين بالآية على الاطلاق .


واما قوله تعالى : ( لقد رضى الله عن المؤمنين . . . ) فالظاهر يدل على

  * هامش *  
  ( 1 ) التوبة : الآية : 100 . ( 2 ) الفتح : ا لآية : 18 . ( 3 ) التوبة : الآية : 72 . ( * )  

 

- ج 2 ص 32 -

تعليق الرضى بالمؤمنين ، والمؤمن هو المستحق للثواب وألا يكون مستحقا لشئ من العقاب فمن اين لهم ان القوم بهذه الصفة ؟ فان دون ذلك خرط القتاد .


على انه تعالى قد بين ان المعنى بالآية من كان باطنه مثل ظاهره بقوله : " فعلم مافى قلوبهم فانزل السكينة عليهم . . . " ثم قال : " وأثابهم فتحا قريبا "  . فبين ان الذى انزل السكينة على هو الذى يكون الفتح على يديه ، ولا خلاف ان اول حرب

كانت بعد بيعة الرضوان خيبر ، وكان الفتح فيها على يدى امير المؤمنين عليه السلام بعد انهزام من انهزم من القوم فيجب ان يكون هو المعني بالآية .


على ان ما قدمناه في الآية الاولى من انها ينبغى ان تكون مشروطة وان لا تكون مطلقة ، يمكن اعتماده هاهنا ، وكذلك ما قلناه من ان الآية لو كانت مطلقة كان ذلك اغراء بالقبيح موجود في هذه الآية .

ثم يقال لهم : قد رأينا من جملة السابقين ومن جملة المبايعين تحت الشجرة من وقع منهم الخطأ ، الا ترى أن طلحة والزبير كانا من جملة السابقين ومن جملة المبايعين تحت الشجرة وقد نكثا بيعة امير المؤمنين عليه السلام وقاتلاه وسفكا دماء شيعته ،

وتغلبا على اموال المسلمين ، وكذلك فعلت عائشة ، وهذا سعد بن ابى وقاص من جملة السابقين والمبايعين تحت الشجرة وقد تأخر عن بيعة امير المؤمنين عليه السلام ، وكذلك محمد بن مسلمة ، وما كان ايضا من سعد بن عبادة وطلبة الامر خطأ ،

بلا خلاف ، وقد استوفينا الكلام على هذه الطريقة في كتابنا المعروف بالاستيفاء في الامامة ، فمن اراد الوقوف عليه فليطلبه من هناك ان شاء الله .