عقائد الشيعة الإمامية | الشيخ المفيد | المقنعة

 

المقنعة

للشيخ المفيد

 

محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المتوفى 413 ه‍. ق

 

 

 

كتاب الشركة والمضاربة

 

باب الشركة والمضاربة

والشركة لا تصح إلا في الأموال، ولا تصح بالأبدان والأعمال، وإذا اشترك اثنان في عمل كنساجة ثوب، أو بناء دار، أو نجارة باب، و ما أشبه ذلك، لم تصح شركتهما، وكان لكل واحد منهما أجر عمله خاصة. فإن لم يتميز عملاهما لاختلاطهما قضى بالصلح بينهما. وإن اشترك نفسان في مال، فكان قسط كل واحد منهما مثل قسط صاحبه، كان الربح بينهما بالسوية، والخسران عليهما كذلك، فإن زاد قسط أحدهما على قسط صاحبه كان الربح بينهما بحساب رؤوس أموالهما، والخسران عليهما كذلك. وإذا دفع الإنسان إلى تاجر مالا، ليتجر به له على أن الربح بينه وبينه، لم ينعقد بذلك بينهما شركة وكان صاحب المال بالخيار: إن شاء أعطاه ما شرطه له، في الربح، وإن شاء منعه منه، وكان له عليه أجرة مثله في تجارته. وكذلك إن أعطى إنسان غيره ثوبا، ليبيعه له، وشرط له فيه نصف الربح أو ثلثه، فهو بالخيار: إن شاء أمضى شرطه، وإن شاء رجع فيه، وكان عليه لبيع الثوب أجرة مثله في البيع دون ما سواه. وليس على المضارب ضمان، إلا أن يتعدى في المال، أو يخالف شرط صاحبه في البيع والابتياع. وللمضارب أجر مثله، والربح كله لصاحب المال. والمضارب والشريك مؤتمنان. فإن اختلف صاحب المال والمضارب أو الشريكان في شئ، ولم يكن لواحد منهما بينة، كان اليمين على المنكر دون المدعي، لما لا بينة عليه. والشركة بالتأجيل باطلة. ولكل واحد من الشريكين فراق صاحبه أي وقت شاء. وإذا مات أحد الشريكين بطلت الشركة على كل حال. وإذا أراد الشريك مفارقة شريكه، وقد حصل بالمال بينهما متاع، كان له بقسط ماله من المتاع، ولم يكن له ما نقد فيه من المال. وكذلك إذا بدا لصاحب المال في المضاربة، وقد ابتاع المضارب له به متاعا، كان له المتاع دون المال. وإذا ابتاع المضارب متاعا لصاحب المال، وأراد نقد الثمن، فوجد المال قد هلك، فنقد من عنده في المتاع، كان المتاع له دون صاحب المال، وكان الربح له والخسران عليه فيه، ولم يكن لصاحب المال فيه نصيب على حال. وإذا باع المضارب المتاع بنسية فهو ضامن لثمنه، إلا أن يكوم صاحب المال قد أذن له في ذلك. وليس للمضارب أن يسافر بالمتاع، إلا بإذن صاحب المال. ولكل واحد من الشريكين أن يبتاع على انفراده من المتاع ما يراه، ويبايعه من يراه، إلا أن يشترطا الاتفاق فيما يعملانه، فيكون لهما شرطهما إذ ذاك.