عقائد الشيعة الإمامية | الشيخ المفيد | المقنعة

 

المقنعة

للشيخ المفيد

 

محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المتوفى 413 ه‍. ق

 

 

 

كتاب الإجارة

 

[ 1 ] باب الإجارات

ولا تنعقد الإجارة إلا بأجل معلوم بشئ معلوم. والأجرة عاجلة غير آجلة، إلا أن يشترط فيها التأجيل. ويكون المستأجر ضامنا للأجرة. والموت يبطل الإجارة. وإجارة المشارع جائزة، كما يجوز بيعه والصدقة به. ومن استأجر الإنسان دارا أو حانوتا، ويؤاجرهما بأكثر مما استأجرهما به إذا كان قد أحدث فيهما مصلحة. فإن لم يكن أحدث فيه عملا لم يجز له إجارتهما بأكثر مما استأجرهما. فإن استأجر المسكن على أن يسكن فيه، والدابة على أن يركبها هو، لم يجز له أن يؤاجرهما غيره، إلا أن يأذن له في ذلك مالكهما. وإذا استهدم المسكن سقطت عن الساكن الإجارة حتى يعيده صاحبه إلى عمارته. وإذا احترق بشئ صنعه الساكن فيه كان ضامنا لما تلف منه. وإن كان بريح نقلت النار من مكانها إلى غيره، و غير ذلك مما لم يفرط الساكن في حراسته، ولا تعدى واجبا به، لم يكن عليه ضمان. والملاح ضامن لما غرق من المتاع بجنايته وتفريطه. ولا يضمن ما غرق بالريح، وما لا يمكنه التحرز منه. وله أجر ما حمل بحسابه. وإذا ادعى صاحب المتاع على الملاح التفريط والجناية، وأشكل الأمر في ذلك، فعلى المدعي البينة. وإن لم تكن له بينة كان على المنكر اليمين. وكذلك القول في المكارى وساكن الدار إذا اختلفا فيما ذكرناه. وإذا كان المسكن مشتركا بين نفسين فلهما سكناه وإسكانه، وليس لأحدهما التفرد بذلك دون صاحبه. وإن تشاحا في الإسكان تناوبا ذلك في الأيام على السواء. ومن استأجر دابة إلى مكان بعينه فتجاوزه كان ضامنا لما يحدث بالدابة من حدث ينقص ثمنها، وضامنا لقيمتها في هلاكها. وإن اشترط صاحبها عليه سلوك طريق بعينه فسلك غيره كان أيضا ضامنا لها. ومتى أعنف بها في السير، وخرج عن العادة في تسييرها، و ضربها، فهلكت، كان ضامنا لقيمتها. وإن استأجرها ليحمل عليها أرطالا مسماة، فحمل عليها أكثر من ذلك، كان عليه أجرة الزيادة بحساب ما استأجرها، وكان ضامنا لما يحدث بها من نقص فيها، و ضامنا لقيمتها في هلاكها. وإن استأجرها مدة معلومة ليتصرف عليها في حوائجه، ولم يسم موضعها بعينه، لم يكن عليه ضمان في هلاكها أو حادث فيها، إلا أن يجني عليها ما ليس له فعله بها. وإذا استأجر الإنسان دارا أو حانوتا سنة معلومة بدرهم معلوم كان ذلك جائزا وإن لم يجعل لكل يوم قسطا معينا. وإن ذكر الأقساط في التفصيل كان أوكد. ومتى استأجر مسكنا أو غيره كل شهر بدينار سماه أو درهم، ولم يذكر أول مدة الإجارة وآخرها، وقبض ما استأجره، كان عليه أجرة شهر منذ قبض، وتسليم ما قرره من الأجرة، وليس عليه فيما سكن بعد الشهر أكثر من أجرة المثل. وإذا سلم صاحب الملك ما استؤجر منه إلى المستأجر لزمته الأجرة، سكن أو لم يسكن. وإذا منع ظالم المستأجر من السكنى بعد التسليم والقبض لم يسقط عنه بذلك الأجرة لصاحب الملك، وكان للساكن الرجوع على الظالم بما أداه. وكذلك إن كان الذي استأجره دابة ليركبها، أو سفينة ليحمل فيها شيئا، وتسلم ذلك، فعرض له ظالم منعه من التصرف فيه. فإن منعه قبل القبض فلا إجارة عليه فيه. فإن استحق الشئ على الذي آجر، ومنع المستأجر منه بواجب، سقطت عنه الأجرة، وإن كان الذي آجر قد قبضها سلفا رجع المستأجر بها عليه. والبيع غير مبطل للإجارة. وللمبتاع الرجوع على البايع بما نقد، إلا أن يكون قد علم بالإجارة، فليس له على البايع درك في المال.

 

[ 2 ] باب تضمين الصناع

والقصار والخياط والصباغ وأشباههم من الصناع ضامنون لما جنته أيديهم على السلع، ويضمنون ما تسلموه من المتاع، إلا أن يظهر هلاكه منهم ويشتهر بما لا يمكن دفاعه، أو تقوم لهم بينة بذلك. وإذا اختلف صاحب المتاع والصانع في قيمة أو في شرط تنازعاه كان على صاحب المتاع البينة. فإن لم تكن له بينة فعلى الصانع اليمين. والملاح والمكاري والحمال ضامنون للأمتعة، إلا أن يقوم لهم بينة بأنه هلك من غير تفريط منهم، ولا تعد فيه.