عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ الصدوق

 

باب الاعتقاد في النفوس والأرواح

 

- النفوس هي الأرواح التي بها الحياة وهي الخلق الأول وأنها خلقت للبقاء ولم تخلق للفناء وأنها في الأرض غريبة والأبدان مسجونة وإذا فارقت الأبدان فهي باقية منها منعمة ومنها معذبة إلى أن يردها الله تعالى بقدرته إلى أبدانها

- أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات يوم يولد ويوم يموت يوم يبعث حيا

- الروح ليس من جنس البدن وأنه خلق آخر

- الاعتقادات - الشيخ المفيد  ص 47، 50:

قال الشيخ أبو جعفر رحمه الله: اعتقادنا في النفوس أنها هي الأرواح التي بها الحياة، وأنها الخلق الأول، لقول النبي صلى الله عليه وآله: "إن أول ما أبدع الله سبحانه وتعالى هي النفوس المقدسة المطهرة، فأنطقها بتوحيده، ثم خلق بعد ذلك سائر خلقه".

واعتقادنا فيها أنها خلقت للبقاء ولم تخلق للفناء، لقول النبي صلى الله عليه وآله: "ما خلقتم للفناء بل خلقتم للبقاء، وإنما تنقلون من دار إلى دار". وأنها في الأرض غريبة، وفي الأبدان مسجونة.

واعتقادنا فيها أنها إذا فارقت الأبدان فهي باقية، منها منعمة، ومنها معذبة، إلى أن يردها الله تعالى بقدرته إلى أبدانها.

وقال عيسى بن مريم للحواريين: "بحق أقول لكم، أنه لا يصعد إلى السماء إلا ما نزل منه". وقال تعالى: {(وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} فما لم يرفع منها إلى الملكوت بقي يهوى في الهاوية، وذلك لأن الجنة درجات والنار دركات.

وقال تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}. وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ}. وقال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} وقال تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ}. وقال النبي صلى الله عليه وآله: "الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف". وقال الصادق عليه السلام: "إن الله تعالى آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة، ولم يرث الأخ من الولادة". وقال عليه السلام: "إن الأرواح لتلتقي في الهواء فتعارف فتساءل، فإذا أقبل روح من الأرض قالت الأرواح: دعوه فقد أفلت من هول عظيم، ثم سألوه ما فعل فلان وما فعل فلان، فكلما قال قد بقي رجوه أن يلحق بهم، وكلما قال قد مات قالوا هوى هوى". وقال تعالى: {وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى}. وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ}.

ومثل الدنيا وصاحبها كمثل البحر والملاح والسفينة.

وقال لقمان عليه السلام لابنه: "يا بني، إن الدنيا بحر عميق وقد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان بالله، واجعل زادك فيها تقوى الله، واجعل شراعها التوكل على الله؛ فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك".

وأشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات: يوم يولد، ويوم يموت، يوم يبعث حيا. ولقد سلم الله تعالى على يحيى في هذه الساعات، فقال الله تعالى: {وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}.

وقد سلم فيها عيسى على نفسه فقال: {وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}.

والاعتقاد في الروح أنه ليس من جنس البدن، وأنه خلق آخر، لقوله تعالى: {ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}.

واعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة عليهم السلام إن فيهم خمسة أرواح: روح القدس، وروح الإيمان، وروح القوة، وروح الشهوة، وروح المدرج.

وفي الكافرين والبهائم ثلاثة أرواح: روح القوة، روح الشهوة، وروح المدرج.

وأما قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} فإنه خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله والأئمة عليهم السلام ومع الملائكة، وهو من الملكوت.

وأنا أصنف في هذا المعنى كتابا أشرح فيه معاني هذه الجمل إن شاء الله تعالى.