عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني
-14- الحماني الأفوه (1) المتوفى 301
ابن الذي ردت عليه الشمس * فـــــي يـــــوم الحـــــجــــــاب وابن القسيـــــم النـــــار فـي * يـــــوم المــــواقف والحساب مـــــولاهم يـــــوم (الغـــدير) * بـــــرغم مــــرتاب وآبي (2) وله : قالوا : أبو بــــكر له فضله * قـــــلنا لهـــــم : هـنأه الله نسيتـــــم خــطبة (خم) وهل * يشبه العـــــبد بـــــمـولاه؟! إن (عــليا) كان مولى لمن * كان (رسول الله) مولاه(2) * (الشاعر) *: أبو الحسين علي بن محمد بن جعفر محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام الكوفي الحماني المعروف بالأفوه. وفي لباب الأنساب : يلقب هو ووالده محمد بالحمال. ويقال لأولاده : بنو الحمال. حمان بكسر المهملة وتشديد الميم محلة بالكوفة والنسبة إلى حمان قبيلة من تميم وهم : بنو حمان بن عبد العزيز بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. واسم حمان : عبد العزى. وقد سكن هذه المحلة من نسب إليها وإن لم يكن منها (4) فما في بعض المعاجم ضبطه بالمعجمة تصحيف. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تبعا على المؤرخين ذكرناه في هذا القرن. (2) امتدح بها بعض أهل البيت الطاهر، ذكرها ابن شهر آشوب في المناقب 1 ص 462. (3) ذكرها البياضي في صراطه المستقيم. (4) معجم البلدان 3 ص 335، اللباب 1 ص 316.
/ صفحة 58 / المترجم له في الرعيل الأول من فقهاء العترة ومدرسيهم في عاصمة التشيع بالعراق في القرون الأولى (الكوفة) وفي السنام الأعلى من خطباء بني هاشم وشعرائهم المفلقين، وقد سار بذكره وبشعره الركبان، وعرفه القريب والبعيد بحسن الصياغة وجودة السرد، أضف إلى ذلك علمه الغزير، ومجده الأثيل، وسؤدده الباهر، ونسبه العلوي الميمون، وحسبه الوضاح إلى فضايل جمة تسنمت به إلى ذروة الخطر المنيع. سأل المتوكل ابن الجهم من أشعر الناس ؟ فذكر شعراء الجاهلية والاسلام، ثم إنه سأل أبا الحسن (الإمام علي بن محمد الهادي) فقال : الحماني حيث يقول : لقــد فاخرتــــنا من قريش عصابة * بمــد خـــــدود وامتـــــداد أصابــع فـــــلما تــــنازعنا المقال قضى لنا * عـليهم بما يهوى نداء الصوامــع تـــــرانا سكوتــــا والشهيد بفضلنا * عليهم جهير الصوت في كل جامع فـــــإن رســـــول الله أحــــمد جدنا * ونحـــــن بنـــــوه كالنجوم الطوالع قال : وما نداء الصوامع يا أبا الحسن ؟ ! قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، جدي أم جدك ؟ ! فضحك المتوكل ثم قال : هو جدك لا ندفعك عنه. هذا الحديث ذكره الجاحظ في [ المحاسن والأضداد ] ص 104، والبيهقي في [ المحاسن والمساوي ] 1 ص 74 غير أن فيها : الرضى. مكان أبي الحسن. وأحسبه تصحيف (المرتضى) وهو لقب الإمام الهادي سلام الله عليه. ورواه شيخ الطايفة في أماليه ص 180، وبهاء الدين في [ تاريخ طبرستان ] ص 224، وابن شهر آشوب في (المناقب) 5 ص 118 ط هند. وأثنى عليه المسعودي في (مروج الذهب) 2 ص 322 في كلام يأتي له وقال : كان علي بن محمد الحماني مفتيهم بالكوفة وشاعرهم ومدرسهم ولسانهم، ولم يكن أحد بالكوفة من آل علي بن أبي طالب يتقدمه في ذلك الوقت. وذكره النسابة العمري في (المجدي) وأطراه بما ملخصه : كان مشهورا بالشعر رثى يحيى بن عمرو كان أشعر ولد أبيه يكنى أبا الحسين. وقال في ترجمة الشريف الرضي : هو أشعر قريش إلى وقتنا وحسبك أن يكون قريش في أولها الحرث بن هشام والعبلي وعمر بن أبي ربيعة وفي آخرها بالنسبة إلى زمانه محمد بن صالح الموسوي وعلي بن محمد الحماني.
/ صفحة 59 / وذكره الرفاعي في (صحاح الأخبار) ص 40 وقال : كان شهما شجاعا شاعرا مفلقا وخطيبا مصقعا. وأثنى عليه بالعلم وجودة الشعر سهل بن عبد الله البخاري النسابة في (سر السلسلة) وصاحب (بحر الأنساب المشجر) والبيهقي في (لباب الأنساب) وابن المهنا في (عمدة الطالب) 269 وذكر الأخير : إن له ديوان شعر مشهور. وقال الحموي في (معجم الأدباء) 5 ص 285 في ترجمة محمد بن أحمد الحسيني العلوي بعد ما أثنى عليه بأنه شاعر مفلق، وعالم محقق، شائع الشعر، نبيه الذكر، ليس في ولد الحسن من يشبهه، بل يقاربه علي بن محمد الأفوه. وحكى صاحب (نسمة السحر) عن الحموي أنه قال : كان المترجم في العلوية من الشهرة والأدب والطبع كعبد الله بن المعتز في العباسية وكان يقول : أنا شاعر وأبي شاعر وجدي شاعر إلى أبي طالب. كان سيدنا الحماني، في جانب عظيم من الآباء والحماسة وقوة القلب، ورباطة الجاش، وصراحة اللهجة، والجرأة على مناوئيه. كل ذلك وراثة من سلفه الطاهر وبيته الرفيع، قال المسعودي : لما دخل الحسن بن إسماعيل الكوفة وهو صاحب الجيش الذي لقي يحيى بن عمر (الشهيد سنة 250) قعد على سلامه ولم يمض إليه ولم يختلف عن سلامه أحد من آل علي بن أبي طالب الهاشميين، وكان علي بن محمد الحماني مفتيهم بالكوفة (إلى أن قال) : فتفقده الحسن بن إسماعيل وسأل عنه وبعث بجماعة فأحضروه فأنكر الحسن تخلفه فأجابه علي بن محمد بجواب مستقتل آيس من الحياة فقال : أردت أن آتيك مهنا بالفتح وداعيا بالظفر. وأنشد شعرا لا يقوم على مثله من يرغب في الحياة : قتلت أعز من ركب المطايا * وجئــــتك أستلينك في الكلام وعـــــز عــــلي أن ألقاك إلا * وفيـــــما بيـــــننا حد الحسام ولكـــــن الجـناح إذا أهيضت * قـــــوادمه يـرف على الأكام فقال له الحسن بن إسماعيل : أنت موتور فلست أنكر ما كان منك. وخلع عليه وحمله إلى منزله (1) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مروج الذهب 2 ص 322 وفي طبعة 411.
/ صفحة 60 / حبسه أبو أحمد الموفق بالله المتوفى 278 مرتين مرة لكفالته بعض أهله. ومرة لسعاية عليه من أنه يريد الخروج على الخليفة فكتب إليه من الحبس : قـــــد كـان جـــــدك عبد الله خير أب * لابني عـــــلي حسين الخير والحسن فالكـــــف يوهـــن منها كـــــل أنملة * ما كان من أختها الأخرى من الوهن فلما وصل إليه الشعر كفل وخلى سبيله، فلقيه أبو علي وقال له : قد عدت إلى وطنك الذي تلذه، وإخوانك الذين تحبهم. فقال : يا أبا علي ؟ ذهب الأتراب والشباب والأصحاب وأنشد : هبـــــني بقـــيت على الأيام والأبد * ونلت مـــا شئت من مال ومن ولد من لـــــي برؤيـة من قد كنت آلفه * وبالشبـــــاب الـــــذي ولى ولم يعد لا فـــارق الحزن قلبي بعد فرقتهم * حتى تفرق بين الروح والجسد(1) ومن نماذج شعره قوله : بين الوصي وبين المصطفى نسب * تخـــــتال فيه المعالي والمحـــاميد كانا كشمس نهار في البروج كمــا * أدارهـــــا ثـــــم أحـــــكام وتجــويد كسيـــــرها انـــتقلا من طاهر علم * إلـــــى مطهـــــرة آبائهـــــا صيـــــد تفـــــرقا عـــــند عـــبد الله واقترنا * بعـــــد النـــــبوة تـــــوفيق وتســـديد وذر ذو العــــرش ذرا طاب بينهما * فانبـــــث نور له فـــي الأرض تخليد نـــــور تفرع عـند البعث فانشعبت * منه شعـــــوب لهــا في الدين تمهيد هم فتـــــية كسيوف الهند طال بهم * عـــــلى المطـــــاول آبـــــاء مناجيد قـــــوم لماء المعالي في وجوههم * عنـــــد التـــــكرم تصــويب وتصعيد يـــــدعون أحمد إن عد الفـخار أبا * والعـــــود ينســــب في أفنائه العود والمنعـــــمون إذا مـــا لم تكن نعم * والـــــذائدون إذا قـــــل المـــــذاويد أوفــوا من المجد والعلياء في قلل * شم قـــــواعدهن الفضل والجـــــود مــــا سود الناس إلا من تمكن في * أحـــــشائه لهـــــم ود وتســـــويـــــد سبط الأكـــــف إذا شيمت مخايلهم * أســـــد اللـــــقاء إذا صيــد الصناديد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مروج الذهب 2 ص 323، وفي طبعة 414، أنوار الربيع ص 481.
/ صفحة 61 / يـــــزهو المطاف إذا طافوا بكعبته * وتشرإب (1) لهم منها القـــواعــيد في كل يوم لـــــهم بأس يعــاش به * وللمـــــكارم مـــــن أفــعـالهم عـــيد محـــــسدون ومـــــن يعــقد بحبهم * حبل المودة يضحى وهو محسود(2) لا ينكر الدهـــــر إن ألــوى بحقهم * فالدهر مذ كان مذموم ومحمود (3) ولعل قوله : محسدون. إشارة إلى قوله تعالى : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله. وقد ورد فيها، أنهم الأئمة من آل محمد. قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 2 ص 236 : إنها نزلت في علي عليه السلام وما خص به من العلم. وأخرج ابن حجر في (الصواعق) ص 91 عن الباقر عليه السلام أنه قال في هذه الآية : نحن الناس والله. حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه * فالنـــــاس أعـــــداء له وخصوم كضـــرائر الحسناء قلن لوجهها * حـــــسدا وبغـــــضا : إنـه لدميم وأخرج الفقيه ابن المغازلي في (المناقب) عن ابن عباس : إن الآية نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه. وقال الصبان في (إسعاف الراغبين) هامش نور الأبصار ص 109 : أخرج بعضهم عن الباقر في قوله تعالى : أم يحسدون الناس على ما آتاهم من فضله. أنه قال : أهل البيت هم الناس. وذكر أبو الفرج في (المقاتل) ص 420 للحماني قوله يرثي به يحيى الشهيد : فإن يك يحيى أدرك الحتف يومـه * فمـــــا مـات حتى مات وهو كريم وما مات حتى قال طلاب نفســــه * : سقـــــى الله يحـــيى إنه لصميم فتى آنست بالبأس والروع نفسه * وليس كما لاقاه وهـــــو سئـــــوم (إلى آخر الأبيات) وذكر له المسعودي وأبو الفرج في رثاء يحيى أيضا قوله : تضوع مسكا جانب النهر إذ ثوى * وما كـــــان إلا شـــــلوه يتضـــوع ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) اشرأب للشيئ وإليه : مد عنقه لينظره. والاسم منه الشرأبيبة. كالطمأنينة. (2) في نهاية الإرب : محسدون ومن يعلق بحبهم * من البرية يصبح وهو محمود (3) الفصول المختارة 1 ص 19، مناقب ابن شهر آشوب 5 ص 21، نهاية الإرب 3 ص 184، مجالس المؤمنين نقلا عن الشريف المرتضى ص 468.
/ صفحة 62 / مســــارع أقــــوام كــــرام أعــــزة * أبيح ليحيى الخير في القوم مصرع وذكر المسعودي في (مروج الذهب) قوله في يحيى بن عمر أيضاً: يا بقايـا السلف الصا * لــــح والبحــر الربيح نحــــن للأيام من بين * قتــــيــــل وجــــريـــح خاب وجه الأرض كم * غيب من وجه صبـيح آه من يــــومـك ما أو * راه للقــــلب القــريح وفي (المروج) للمسعودي و (ربيع الأبرار) للزمخشري قوله : إنـــي وقـومي من أحساب قومكم * كمسجد الخيف من بحبوبة الخيف ما عــلق السيف منا بابن عاشرة * إلا وهمتـــه أمــــــضى من السيف وله في رثاء يحيى قوله كما في مروج الذهب : لعمري لئن سرت قريش بهلــكه * لما كــــان وقــــافا غـداة التوقف فــــإن مات تلقـــــاء الرماح فإنه * لمــن معشر يشنون موت الترف فـلا تشمتوا فالقوم من يبق منهم * عــــلى سنـن منهم مقام المخلف لهم معكم إما جــــدعتم أنــــوفكم * مقامات مــا بين الصفا والمعرف تــــراث لهم مــــن آدم ومحـــــمد * إلى الثقلين من وصايا ومصحف وله في يحيى بن عمر أيضا قوله : قد كان حين علا الشباب به * فـاق السوالف حالك الشعر وكــــأنه قمــــر تمنطـق في * افــــق السماء بــدارة البدر يا ابـن الذي جعلت فضايله * فــــلك العــلا و قلائد السور من أســـرة جعلت مخايلهم * للعــــالمين مخــــايل النــظر تــــتــــهيب الأقدار قــدرهم * فكــــأنهم قــــدر عــــلى قـدر والمــــوت لا تسوى رميته * فــــلك العـلا ومواضع الغرر وله في رثاء أخيه لأمه إسماعيل العلوي شعر كثير ومنه قوله : هذا ابن أمي عديل الروح في جسدي * شــــق الــــزمان بــــه قلبي إلى كبدي فاليــــوم لم يــــبق شــــيئ أستريح به * إلا تفــــتت أعــــضائي مــــن الكـــــمد / صفحة 63 / أو مقــــلة بحــــياء الهــــم باكـــية * أو بــــيت مرثــــية تبقى على الأبد ترى أناجيك فيهــــا بالـــدموع وقد * نــــام الخـــــلي ولم أهجع ولم أكد من لي بمثلك ؟ ! يا نور الحياة ويا * يمنى يــــدي التي شلت من العضد من لي بمثلك ؟ ! أدعوه لحــــادثـة * تشكى إليه ولا أشكــــو إلــــى أحد قد ذقت أنــــواع ثكــــل كنت أبلغها * على القلوب وأجــــناها على كبدي قل للردى : لا تغــــادر بعـــده أحدا * وللمنية من أحبــــبت فاعــــتـــمدي إن الــــزمان تقــــضى بعــد فرقته * والعيش آذن بالتفــــريق والكــــــند وقال في نسب علي بن الجهم السامي أحد الشعراء المنحرفين عن علي أمير المؤمنين عليه السلام وكان ممن يظهر عداه وقد طعن على نسبه من طعن وقال أناس : من عقب سامة ابن لوي بن غالب : وسامة منا فأما بنــــــوه * فأمــــرهم عــــندنا مظلم أناس أتـــونا بأنســـــابهم * خــــرافة مضطـجع يحلم وقلت لهم مثل قول النبي * وكل أقاويله محــــكـــم : إذا ما سئلت ولم تدر ما * تقــــول فقـل : ربنا أعلم وقال فيه أيضا : لــــو اكتنفــت النضر أو معدا * أو اتخــــذت البـــيت كفا مهدا وزمــــزما شــريعــــة ووردا * والأخـــشبين محضرا ومبدى مـا ازددت إلا في قريش بعدا * أو كنـت إلا مصفليا وغدا(1) وذكر له الثعالبي في (ثمار القلوب) ص 223 قوله : ويوم قــــد ظللت قرير عـــين * به في مثل نعمة ذو رعين(2) تفــــكهني أحــــاديث النــــداما * وتـطــــربني مثــــقــــفة اليدين فلولا خوف ما تجنى الليالـــي * قبضـت على الفتــوة باليــــدين وذكر له قوله في بني طاهر لما مر على دورهم وقد سلبها الدهر البهجة ونزل بها من غدره رجة : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) معجم الشعراء ص 286، مروج الذهب 2 ص 386. (2) من أذواء اليمن، يضرب به المثل في النعمة.
/ صفحة 64 / مــــررت بــــدور بـــني طاهر * بـــدور السرور ودور الفرح فشبهــــت سرعــــة أيـــامهم * بسرعة قــــوس يسمى قزح تألـــــق معترضا في السماء * قليلا وما دام حتى مصح(1) وذكر البيهقي في (المحاسن والمساوي) 1 ص 75 قوله : عصيت الهوى وهجرت النساء * وكنــــت دواء فــــأصبحــت داء ومــا أنس لا أنس حتى الممات * نـزيب (2) الظباء تجيب الظباء دعـــيني وصبري على النائبات * فبالصــــبر نلت الثــرى والثواء وإن يك دهــــري لــــوى رأسه * فــــقد لقــــي الـدهر مني التواء ونحــــن إذا كـــان شرب المدام * شربنا عــــلى الصافنات الدماء بلغــــنا السمــــاء بأنســــابــــنا * ولــــولا السمــاء لجزنا السماء فحسبــــك مــــن ســــؤدد إنــــنا * بحــــسن البــــلاء كشفـنا البلاء يطيــــب الــــثــــناء لآبــــائنـــــا * وذكــــر عــــلي يــــزين الثـــناء يطيـب إذا ذكر الناس كنا ملوكا * وكــــانوا عبــــيدا وكـــانوا إماء هجــــاني قــــوم ولــــم أهجـهم * أبــــى الله لــــي أن أقول الهجاء وذكر له النسابة العمري في (المجدي) قوله : هبـــني حننت إلى الشباب * فطمست شيبي باختضابي ونفــــقت عــــنـد الغانيات * بحــــيلتي وجـــهاز ما بي مـن لي بما وقف المشيب * عــــليه مــن ذل الخضاب ولقــــد تأمــــلت الحــــيـاة * بعــــيد فــــقدان التـصابي فــــإذا المصيــــبة بالحياة * هــــي المصيــبة بالشياب ومن شعره ما ذكره الزمخشري في (ربيع الأبرار) في الباب 34 وهو : لعمرك للمشيب علي مما فقد * ت مــــن الشبــــاب أشــد فوتا تمليت(3) الشباب فصار شيبا * وأبلـــيت المشيـب فصار موتا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) توجد في أنوار الربيع ص 250، ونسمة السحر نقلا عن الثعالبي. (2) نزيب الظباء : أي صوتها. (3) من الملاوة : أي البرهة من الدهر، يقال : عشت مع الشباب ملاوة.
/ صفحة 65 / وذكر له الحموي في (معجم البلدان) 7 ص 266 قوله : فيا أسفي على النجف المعرى * وأوديــــة منــــورة الأقــــاحــي وما بسط الخــورنق من رياض * مفجــــرة بأفــــنيــــة فــــســاح وواأسفا عــــلى القــناص تغدو * خـرائطها على مجرى الوشاح ولعل من هذه القصيدة ما ذكره ابن شهر آشوب له : وإذ بيتي على رغم الملاحي * هــــو البـيــت المقابل للضراح ووالدي المشار بــه إذا مــــا * دعى الداعي بحي على الفلاح ومن شعره في (عمدة الطالب) ص 269 قوله : لنا من هاشم هضبات عز * مطنــــبة بأبــــراج السماء تطوف بنا الملائك كل يـوم * ونــكفل في حجــور الأنبياء ويهتــــز المقام لنا ارتياحا * ويلقــــانا صفــــاه بالصفاء وذكر له ابن شهر آشوب (في المناقب) ج 4 ص 39 ط هند قوله : يا بن من بينه من الدين والاسـلا * م بــــين المــــقام والمنــــبــــرين لك خير البنيتين من مسجدي جـدّ * ك والمنشــــأين والمســــكنــــيـن والمساعي من لــــدن جدك إسما * عــــيل حـتى أدرجت في الربطتين يــــوم نيــــطت بك التمائم ذات الــ * ــريش من جــبرئيل في المنكبين ومنها : أنــــتمــــا سيدا شبــــاب الجـنان * يــــوم الفــــوزيـــن والروعـــتين يا عديل القرآن من بين ذا الخلق * ويــــا واحــــدا مــــن الثقــــلـــين أنــــتما والقران فـــي الأرض مذ * أزل مثــــل السمـــــاء والفرقدين فهـــما من خلافة الله في الأرض * بحــــق مقــــام مستخــــلــــفـــين قالــــه الصــــادق الحــــديث ولن * يفــــتــــرقا دون حــوضه واردين أشار إلى ما صح عند أئمة فرق الاسلام من قول النبي صلى الله عليه وآله في خطبة له : إني تارك أو مخلف فيكم الثقلين أو الخليفتين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
/ صفحة 66 / وله في حديث الثقلين كما في (المناقب) 5 ص 18 قوله : يا آل حــــاميم الــــذين بحــــبهـم * حــــكم الكــــتاب منــــزل تنــزيلا كــــان المديح حلي الملوك وكنتم * حــــلل المــــدايح غــرة وحجولا بــــيت إذا عــــد المــــآثر أهــــله * عــــدوا النــــبي وثــــانيا جبريلا قوم إذا اعتدلوا الحمايل أصبحوا * متقــــسمين خــــليفة ورســــولا نــــشأوا بآيـات الكتاب فما انثنوا * حــــتى صــــدرن كهولة وكهولا ثقــــلان لــــن يتــــفـرقا أو يطفيا * بالحوض من ظمأ الصدور غليلا وخــــليفتان عــــلى الأنـام بقوله * ألحــــق أصــــدق مـــن تكلم قيلا فــــأتوا أكــف الآيسين فأصبحوا * ما يعــــدلون سوى الكتاب عديلا وله قوله : وأنزلــــه منــــه عــلى رغمة العدى * كهارون من موسى على قدم الدهر فمن كان في أصحاب موسى وقومه * كهـــارون لا زلتــــم على ظلل الكفر وآخــــاهم مثــــلا لمثــــل فـــأصبحت * أخوته كالشمس ضمــــت إلـى البدر فآخــــا عــــليا دونـكــــم وأصــــــاره * لكــــم عــــلما بيــــن الهداية والكفر وأنــــزله منــــه الــــنبــــي كنــــفـــه * روايــــة أبــــرار تــــأدت إلى البشر فمــــن نفــــسه منــــكم كنفس محمد * ألا بــــأبي نفس المطهر والطهر(1) كل هذه الأبيات مأخوذة من الأحاديث النبوية الصحيحة من حديث الثقلين وحديث المنزلة وحديث المؤاخاة الآتية في محلها، وأشار بالبيتين الأخيرين إلى ما أخرجه الحافظ النسائي في خصايصه ص 19 بإسناده عن أبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لينتهن بنور ربيعة أو لأبعثن عليهم رجلا كنفسي ينفذ فيهم أمري. الحديث وله في (المناقب) قوله في العترة الطاهرة : هم صفوة الله التي ليس مثلها * وما مثــــلهم في العالمين بديل خيار خيار الناس من لا يحبهم * فــــليس لــــه إلا الجــحيم مقيل وذكر له أبو نصر المقدسي في (الظرائف واللطايف) ص 123 قوله في صديق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) هذان البيتان الأخيران ذكرهما له البياضي في الصراط المستقيم :
/ صفحة 67 / له ولدت له بنت فسخطها : قالوا له : ماذا رزقت ؟ * فأصــــاح ثمة قال : بنتا وأجـــــلّ من ولد النساء * أبــــو البنات فلم جزعـتا إن الــــذين تــــود مــــن * بين الخلايق ما استطعتا نالــــوا بفــضل البنت ما * كبــــتـوا به الأعداء كبتا وذكر له المقدسي أيضا قوله : إن صــدر النهار أنضر شطر * يه كما نضرة الفتى في فتاته ويوجد له في (مجموعة المعاني) ص 59 : كان يبكيني الغــــنـــاء سرورا * فــــأراني أبـــكي له اليوم حزنا قد مضى ما مضى فليس يرجى * وبــــقي ما بقي فما فيه مغــنى وله في ص 82 : لا تكتسي النور الــرياض إذا * لم يروهــــن مخــــايل المطر والغيث لا يجدي إذا ذرفـــــت * آمــــاق مدمعــــه عـلى حجر وكــــذاك لو نــــيل الغـــنا بيد * لم تجــــتذب بسواعــــد القدر وله في (أنوار الربيع) ص 456 قوله : يا شادنا أفرغ من فضة * في خــــده تفــاحة غضه كأنما القبلة فــــي خــــده * للحسن مـن رقته عضه يهتز أعلاه إذا مــا مشى * وكلنه في يمــــنه قبضه إرحم فتى لمــا تملكــــته * أقر بالرق فلم ترضــــه وله في (الأنوار) ص 480 قوله : بأبي فم شهد الضمير له * قبــــل المــذاق بأنه عذب كشهــــادتي لله خــــالصة * قبــــل العـــيان بأنه الرب والعين لا تغني بنظرتهـــا * حتى يكون دلـــيلها القلب وله في ص 481 قوله : كأن هموم الناس في الأرض كلها * علي وقــــلبي بــــينهم قــــلب واحد / صفحة 68 / ولي شاهدا عدل : سهاد وعبرة * وكــم مدع للحق من غير شاهد وله في ص 528 قوله : وجه هو البدر إلا أن بينهمـا * فضلا تحير عن حافاته النور فــي وجه ذاك أخاليط مسودة * وفي مضاحك هذا الدر منثور وذكر له في (نشوة السكران) ص 79 قوله : عريت عن الشباب وكنت غضا * كما يعـــرى عن الورق القضيب ونحـت على الشباب بدمع عيني * فمــــا نفــــع البــكاء ولا النحيب ألا ليــــت الشباب يعــــود يــوما * فأخبره بما فعـل المشيــــب (1) ولادته ووفاته : لم نقف على تاريخ ولادة المترجم سيدنا (الحماني) غير أن المستفاد من وفاته سنة 301، ووفاة والده سنة ست بعد المأتين في خلافة المعتمد كما في (معروج الذهب) 2 ص 413 : هو أن السيد كان من المعمرين أدرك القرن الثالث من أوله إلى آخره. وأما وفاته فقد اختلف في تاريخها قال النسابة العمري في (المجدي) ما ملخصه : ذكر شيخنا أبو الحسن بن جعفر : إن الحماني مات سنة 270 بعد مخرجه من المحبس، وقال ابن حبيب صاحب التاريخ في اللوامع : إنه مات سنة 301. وهذا هو الصحيح. ا ه. وقال ابن الأثير في الكامل 7 ص 90 : إنه توفي سنة 260 والله أعلم. ونحن نرى الصحيح ما صححه النسابة صاحب (المجدي) لمكان أبياته المذكورة في بني طاهر ابن مصعب بعد ما حكم عليهم الدهر، وانقرضت حكومتهم بعد موت آخر رئيسهم عبيد الله بن عبد الله بن طاهر المتوفى في الثاني عشر من شوال سنة 300، فشعره فيهم يقتضي بقائه إلى هذا التاريخ 301. ولسيدنا المترجم ذرية كريمة وأحفاد علماء أئمة أعلام، فيهم من هو في الطليعة من الشعراء والأدباء والخطباء، وإليه ينتهي نسب الأسرة الشهيرة (القزوينية) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) توجد هذه الأبيات بتغيير يسير في ديوان أبي العتاهية ص 23.
/ صفحة 69 / العريقة في العلم والفضل والأدب النازلين في مدن العراق، كما أن له آباء أعلام نالوا سنام المجد وذروة الشرف، فمن أولئك جده الأعلى زيد الشهيد، ويهمنا الآن بيان مجمل اعتقاد الشيعة فيه لإماطة الستر عما هناك من الجنايات المخبئة، والنسب المختلقة. زيد الشهيد والشيعة الإمامية الاثني عشرية : هو أحد أباة الضيم، ومن مقدمي علماء أهل البيت، قد اكتنفته الفضائل من شتى جوانبه، علم متدفق، وورع موصوف، وبسالة معلومة، وشدة في البأس، وشمم يضع له كل جامع، وإباء يكسح عنه أي ضيم، كل ذلك موصول بشرف نبوي، ومجد علوي، وسؤدد فاطمي، وروح حسيني. والشيعة على بكرة أبيها لا تقول فيه إلا بالقداسة، وترى من واجبها تبرير كل عمل له من جهاد ناجع، ونهضة كريمة، ودعوة إلى الرضا من آل محمد، تشهد لذلك كله أحاديث أسندوها إلى النبي صلى الله عليه وآله وأئمتهم عليهم السلام، ونصوص علمائهم، و مدايح شعرائهم وتأبينهم له، وإفراد مؤلفيهم أخباره بالتدوين. أما الأحاديث فمنها قول رسول الله صلى الله عليه وآله للحسين السبط : يخرج من صلبك رجل يقال له : زيد يتخطا هو وأصحابه رقاب الناس يدخلون الجنة بغير حساب (1 ). وقوله صلى الله عليه وآله فيه: إنه يخرج ويقتل بالكوفة ويصلب بالكناسة، يخرج من قبره نبشا، وتفتح لروحه أبواب السماء، وتبتهج به أهل السموات والأرض (2) وقول أمير المؤمنين عليه السلام وقد وقف على موضع صلبه بالكوفة فبكى وبكى أصحابه فقالوا له : ما الذي أبكاك ؟ ! قال : إن رجلا من ولدي يصلب في هذا الموضع، من رضي أن ينظر إلى عورته أكبه الله على وجهه في النار (3 ). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عيون أخبار الرضا لشيخنا الصدوق في الباب ال 25، وكفاية الأثر. (2) عيون أخبار الرضا لشيخنا الصدوق. (3) كتاب الملاحم لسيدنا ابن طاوس في الباب ال 31.
/ صفحة 70 / وقول الإمام الباقر محمد بن علي عليهما السلام : أللهم اشدد أزري بزيد. وكان إذا نظر إليه يمثل: لعــــمــــرك مــا إن أبو مالك * بــــواه ولا بضعــــيف قواه ولا بـالألــــد لــــــــــــه وازع * يعــــادي أخــــاه إذا ما نهاه ولكنــــه هيــــن لــــيــــــــــن * كعــــالية الـرمح عرد نساه إذا ســــدته ســـدت مطواعة * ومهـــما وكلــــت إليـه كفاه أبــــو مــــالك قــــاصر فقره * على نفسه ومشيع غناه(1) ودخل عليه زيد فلما رآه تلا : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله. ثم قال : أنت والله يا زيد من أهل ذلك (2) وقول الصادق عليه السلام : إنه كان مؤمنا، وكان عارفا، وكان عالما، وكان صدوقا، أما إنه لو ظفر لوفى، أما إنه لو ملك لعرف كيف يصنعها (3) وقوله الآخر لما سمع قتله : إنا لله وإنا إليه راجعون، عند الله أحتسب عمي إنه كان نعم العم، إن عمي كان رجلا لدنيانا وآخرتنا، مضى والله عمي شهيدا كشهداء استشهدوا مع رسول الله وعلي والحسين مضى والله شهيدا (4) وقوله الآخر : إن زيدا كان عالما، وكان صدوقا، ولم يدعكم إلى نفسه وإنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعاكم إليه، وإنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه (5 ). وقوله الآخر في حديث : أما الباكي على زيد فمعه في الجنة، أما الشامت فشريك في دمه. وقول الرضا سلام الله عليه، إنه كان من علماء آل محمد غضب لله فجاهد أعداءه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الأغاني 20 ص 127. (2) الروض النضير 1 ص 55. (3) رجال الكشي ص 184. (4) عيون أخبار الرضا. (5) الكافي.
/ صفحة 71 / حتى قتل. (1) والأحاديث في ذلك كثيرة وإنما اقتصرنا على المذكور تحريا للايجاز. وأما نصوص العلماء فدونك كلمة الشيخ المفيد في إرشاده، والخزار القمي في كفاية الأثر، والنسابة العمري في المجدي، وابن داود في رجاله، والشهيد الأول في قواعده، والشيخ محمد بن الشيخ صاحب المعالم في شرح الاستبصار، والاستر ابادي في رجاله، وابن أبي جامع في رجاله، والعلامة المجلسي في مرآة العقول، وميرزا عبد الله الاصبهاني في رياض العلماء، والشيخ عبد النبي الكاظمي في تكملة الرجال، و الشيخ الحر العاملي في خاتمة الوسائل، والسيد محمد جد آية الله بحر العلوم في رسالته، والشيخ أبي علي في رجاله، وشيخنا النوري في خاتمة المستدرك، وشيخنا المامقاني في تنقيح المقال. إلى كثيرين من أمثالهم فقد اتفقوا جميعا على معنى واحد هو تنزيه ساحة زيد عن أي عاب وشية، وإن دعوته كانت إلهية، وجهاده في سبيل الله. ويعرب عن رأي الشيعة جمعا، قول شيخهم بهاء الملة والدين العاملي في رسالة إثبات وجود الإمام المنتظر : إنا معشر الإمامية لا نقول في زيد بن علي إلا خيرا، والروايات عن أئمتنا في هذا المعنى كثيرة. وقال العلامة الكاظمي في التكملة : إتفق علماء الاسلام على جلالة زيد وورعه وفضله. وأما شعراء الشيعة فللكميت من هاشمياته قصيدة يرثي بها زيد بن علي وابنه الحسين ويمدح بني هاشم مطلعها : ألا هــل عم في رأيه متأمل ؟ ! * وهل مدبر بعد الاساءة مقبل ؟ ! وله قوله في زيد : يــــعـــز عــــلــــى أحـــمد بالذي * أصاب ابنه أمس من يوسف(2) خبـيــــث من العــــصبة الأخبثين * وإن قــــلت : زانــــين، لم أقذف وقال سديف بن ميمون في قصيدة له : لا تقـيلن عبد شمس عثارا * واقطعوا كل نحلة وغراس ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عيون الأخبار لشيخنا الصدوق. (2) يوسف بن عمر الثقفي عامل هشام على العراق وهو قاتل زيد.
/ صفحة 72 / واذكروا مصرع الحسين وزيد * وقتـــيلا بجـــانب المهراس(1) وقال أبو محمد العبدي الكوفي المترجم في كتابنا 2 ص 326 - 329 ط ثاني : حسبت أمية أن سترضى هاشم * عــنها ويــذهب زيدها وحسينها كــــلا ورب محــــمد وإلهـــــــه * حــــتى تبــاع سهولها وحزونها وتــــذل ذل حــــليلة لحــليلهــــا * بالمشرفي وتســــترد ديــــونهــا وقال السيد الحميري [ المترجم 2 ص 231 - 228 ] كما في تاريخ الطبري 8 ص 278 : بــــت لــــيــــلي مسهــــــدا * ساهــــــر الطــرف مقصدا ولقــــد قلــــــــت قــــولــــة * وأطــــلــــت التــــــبــــلـدا: لعــــن الله حــــــوشــــبــــا * وخــــراشــــا ومــــــزبـــدا ويــــزيــــــدا فــــــــإنــــــه * كــــان أعــــتى وأعــــــنـدا ألــف ألـف وألــــف ألــــــ * ــف من اللعــــن ســـــرمدا إنهــــم حــــاربــــوا الالــــ * ـه وآذوا مــــحـــــــمــــــدا شركــــوا في دم المطهــر * زيــــد تــــــــعـــــــنــــــــــدا ثــــم عــــالوه فــوق جذع * صــــريعا مــــــــجـــــــــردا يا خراش بن حوشب (2) * أنــت أشقــى الــورى غــدا ورثاه الفضل بن عبد الرحمن بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب المتوفى 129 بقصيدة أولها : ألا يا عين لا ترقي وجودي * بدمعك ليس ذا حين الجمود غداة ابن النبي أبو حـــسين * صليب بالكــناسة فوق عود وأبو ثميلة صالح بن ذبيان الراوي عن زيد بقصيدة مستهلها : أأبا الحسين أعار فقدك لوعة * من يلــق ما لاقــيت منها يكمد والوزير الصاحب بن عباد بمقطوعة أولها : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ماء بجبل أحد والقتيل بجنبه حمزة بن عبد المطلب سلام الله عليهما. (2) يقال : إن خراش بن حوشب هو الذي أخرج جسد زيد الشهيد من مدفنه الشريف
/ صفحة 73 / بدى من الشيب في رأسي تفاريق * وحان للهــو تمحــيق وتطــلــيــق هــذا فــلا لهــو مــــن هم يعوقني * بــــيوم زيــــد وبعض الهم تعويق وقال أبو الحسن ابن حماد في أبيات له تأتي : ودليل ذلك قــــول جعــفر عندما * عــــزي بــــزيد قـــال كالمستعبر : لو كان عمي ظافرا لوفى بما * قــــد كـان عاهد غير أن لم يظفر والشيخ صالح الكواز في قصيدة يرثي بها الإمام السبط قوله : وزيـــد وقد كان الآباء سجـية * لآبائه الغـــــر الكرام الأطايب كـــأن عليه القي الشيخ الذي * تشكل فيه شبه عيسى لصالب وقال الشيخ يعقوب النجفي المتوفى 1329 : يبــــكي الإمام لزيــد حين يذكره * وإن زيــــدا بسهــــم واحد ضربا فكيف حال علي بن الحسين وقد * رأى ابــنه لنبال القوم قد نصبا؟! وللشيخ ميرزا محمد علي الأوردبادي قصيدة في مدحه ورثائه أولها : أبـت علياؤه إلا الكرامة * فلم تقبر له نفس مضامه (25 بيتا) وللسيد مهدي الأعرجي قصيدة في رثائه مطلعها : خليلي عوجا بي على ذلك الربع * لأسقيه إن شح الحيا هاطل الدمع (19 بيتا) ورثاه السيد علي النقي النقوي اللكهنوي بقصيدة استهلها : أبـــــى الله للأشــــراف من آل هاشم * سوى أن يموتوا في ضلال الصوارم (22 بيتا) وللشيخ جعفر نقدي قصيدة في رثائه أولها : يا منزل بالبلاغيبن أرسمه * يبكيه شجوا على بعد متيمه (31 بيتا) وأفرد غير واحد من أعلام الإمامية تأليفا في زيد وفي فضله ومآثره، فمنهم : 1 - إبراهيم بن سعيد بن هلال الثقفي المتوفى 283، له كتاب أخبار زيد.
/ صفحة 74 / 2 - محمد بن زكريا مولى بني غلاب المتوفى 298، له كتاب أخبار زيد. 3 - الحافظ أحمد بن عقدة المتوفى 333، له كتاب من روى أخبار زيد ومسنده. 4 - عبد العزيز بن يحيى الجلودي المتوفى 368، له كتاب أخبار زيد. 5 - محمد بن عبد الله الشيباني المتوفى 372، له كتاب فضايل زيد. 6 - الشيخ الصدوق أبو جعفر القمي المتوفى 381، له كتاب في أخباره. 7 - ميرزا محمد الاسترابادي صاحب الرجال الكبير. 8 - السيد عبد الرزاق المقرم. أحد أعلام العصر المنقدين المكثرين من التأليف في المذهب، على تضلعه في العلم، وقدمه في الشرف، واحتوائه للمآثر الجليلة، و من مهمات تآليفه وأوفرها فائدة كتاب الإمام السبط المجتبى، وكتاب حياة الإمام السبط الشهيد ومقتله، وكتاب السيدة سكينة، ورسالة في علي بن الحسين الأكبر، وكتاب زيد الشهيد، وكتاب في تنزيه المختار بن أبي عبيد الثقفي طبع مع كتاب زيد، و كتاب أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين. إلى غيرها من كتابات ورسائل قد جمع فيها وأوعى وأتى بما خلت عنه زبر الأولين فحياه الله ووفقه للخير كله. القول الفصل : هذا زيد ومقامه وقداسته عند الشيعة جمعاء، فلست أدري أين يكون إذن مقيل قول ابن تيمية من مستوى الحقيقة : إن الرافضة رفضوا زيد بن علي بن الحسين ومن والاه وشهدوا عليه بالكفر والفسق؟!(1) وتبعه على هذه الهفوة السيد محمود الآلوسي في رسالته المطبوعة في كتاب (السنة والشيعة) ص 52 وقال :الرافضة مثلهم كمثل اليهود الرافضة يبغضون كثيرا من أولاد فاطمة رضي الله عنها بل يسبونهم كزيد بن علي، وقد كان في العلم والزهد على جانب عظيم. وأخذ عنه القصيمي هذه الأكذوبة وذكرها في كتابه (الصراع بن الاسلام والوثنية ). ذكر هؤلاء عزوهم المختلق هذا إلى الشيعة في عداد مساويهم فشنوا عليهم الغارات، ألا من يسائلهم عن أن الشيعة متى لهجت بهذه ؟ ! ومن ذا الذي حكاها ؟ ! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) منهاج السنة 2 ص 126.
/ صفحة 75 / وعلى أي كتاب تستند مزعمتهم ؟ ! ومن ذا الذي شافههم بها حيث خلت عنها الكتب ؟ !. نعم : لم يقصدوا إلا إسقاط محل الشيعة بهذه السفاسف فكشفوا عن سوءة إفكهم وإذا كان الكاتب عن أي أمة لا يعرف شيئا من معالمهم وأحوالهم، أو يعرفها ثم يقلبها ظهرا لبطن، يكون مثل هؤلاء الكتبة موردا للمثل : حن قدح ليس منها. وكأن هؤلاء المدافعون عن ساحة قدس زيد يحسبون القراء جهلاء بالتاريخ الاسلامي، وأنهم لا يعرفون شيئا منه، وتخفى عليهم حقيقة هذا القول المزور. ألا من مسائل هؤلاء عن أن زيدا إن كان عندهم وعند قومهم في جانب عظيم من العلم والزهد فبأي كتاب أم بأية سنة حاربه أسلافهم وقاتلوه وقتلوه وصلبوه و وأحرقوه وداروا برأسه في البلاد ؟ ! أليس منهم ومن قومهم أمير مناوئيه وقاتله : يوسف بن عمر ؟ ! أو ليس منهم صاحب شرطته : العباس بن سعد ؟ !. أو ليس منهم قاطع رأسه الشريف : ابن الحكم بن الصلت ؟ ! أو ليس منهم مبشر يوسف بن عمر بقتله : الحجاج بن القاسم ؟ ! أو ليس منهم خراش بن حوشب الذي أخرج جسده من قبره ؟ ! أو ليس من خلفائهم الآمر بإحراقه : وليد أو هشام بن عبد الملك ؟ ! أو ليس منهم حامل رأسه إلى هشام : زهرة بن سليم ؟ ! أو ليس من خلفائهم هشام بن عبد الملك وقد بعث رأس زيد إلى مدينة الرسول فنصب عند قبر النبي يوما وليلة ؟ ! أو ليس هشام بن عبد الملك كتب إلى خالد القسري يقسم عليه أن يقطع لسان الكميت شاعر أهل البيت ويده بقصيدة رثى بها زيد بن علي وابنه ومدح بني هاشم ؟ ! أو ليس عامل خليفتهم بالمدينة : محمد بن إبراهيم المخزومي، كان يعقد حفلات بها سبعة أيام ويخرج إليها ويحضر الخطباء فيها فيلعنون هناك عليا وزيدا وأشياعهم ؟ ! أو ليس من شعراء قومهم الحكيم الأعور ؟ ! وهو القائل : صلبـنا لكم زيدا على جذع نخلة * ولم نر مهديا على الجذع يصلب وقستــــم بعثمان عــــليا سفاهة * وعـــــثمان خير من علي وأطيب / صفحة 76 / أو ليس سلمة بن الحر بن الحكم شاعرهم هو القائل في قتل زيد ؟ ! وأهلكــنا جحاجح من قريش * فأمسى ذكرهم كحديث أمس وكنــــا أس ملكهم قــــديمــا * ومــــا ملــــك يقوم بغير اُسّ ضمنا منهــــم نكــــلا وحزنا * ولكــــن لا محـــالة من تأس أو ليس منهم من يقول بحيال رأس زيد وهو مصلوب بالمدينة ؟ ! : ألا يــــا ناقض الميثاق * أبــــشر بالــــذي ساكا نقضت العهد والميثاق * قــــدما كــــان قــدماكا لقد أخلف إبليس الذي * قــــد كــــان مــــنــــاكا هذه حقيقة الحال، فاقض ما أنت قاض.
(أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون) سورة النجم 60، 61
|