عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني
القرن الخامس -42- المؤيد في الدين المتوفى 470
قــــال والرحــــل للســــرى محـــــمول: * حــــق منــــك النــــوى وجــــد الرحيـــل وعــــدا الهــــزل فــــي القطيــــعــة جدا * مــــا كــــذا كــــان منــــك لـــي المأمول قلــــت والقــــلب حــــسرة يــــتــــقــــلى * وعــــلى الخــــد دمــــع عــــيـــني يسيل : بأبــــي أنــــت مــــا اقتــضى البين إلا * قــــدر ثــــم عـهــــدك المستــــحــــيـــــل 5 كــــم وكــــم قلــــت: خلــني يا خليلي * مــــن جــــفاء منــــه الجــــبال تزول ؟ ! إنــمــــا أمــــره لــــديــــك خــــفــــيــــف * وهــــو ثقــــل عــــلى فــــؤادي ثــــقيـــل إنــــك الســــالم الصحــــيــــــــح وإنــــي * من غــــرام بــــك الــــوقيذ (1) العــليل قــــال: قــــد مــــر ذا فــــهل مــــن مقام * عــــنــــدنا ؟ قلــــت: مــــا إليــــه سبـيل قــــال: إنــــي لــــدى مــــرادك بــــــــاق * قلــــت: مــــا إن تــــفي بمــــا قـــد تقول 10 قال: أضرمت في الحشى نار شوق * حــــر أنفــــاسهــــا عــــليهــا دلــيــــــــل قلــــت: حــــسبي الــــذي لقيـــــت هوانا * فلــــقاء الهــــوان عــــنــــدي يــــهــــول فــــقبــــيــــح بـــي التــــصــــابي وهــــذا * عــــسكر الشيــــب فــــوق رأسي نـزول * * * أن أمـــــر المعـــــاد أكبـــــر هـــــمـــــي * فـــــاهتمامي بمـــــا عـــــداه فــــــضـــول كثـــــر الخـــــائضون بـــــحـــــر ظـــــلام * فيـــــه والمـــــؤنسو الضـــــيـــــاء قلــيل 15 قــــال قوم: قصرى الجميع التلاشي * فئـــــة منـــــتهـــــاهـــــم التعـــــطـــيـــــل وادعـــــى الآخـــــرون نسخـــــا وفسخـا * ولهـــــم غـــــير ذاك حشـــــو طـــــويــــل وأبـــــوا بعـــــد هـــــــذه الــــــــــدار دارا * نحـــــوها كـــــل مـــــن يـــــؤول يــــؤول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الوقيذ: الشديد المرض، المشرف على الموت.
/ صفحة 305 / لـــــم يـــــروا بعـــــدها مقـــــام ثــــــواب * وعـــــقـــــاب لهـــــم إليــــــــه وصـــــول فـــــالمثـــــابون عـــــندهم متـــــرفـــوهم * ولـــــذي الفـــــاقة العـــــذاب الـــــوبـــيل قـــــال قـــــوم وهـــــم ذوو العـــــدد الجـــ * ــــــم: لنـــــا الزنجبــــيل والسلسبيل 20 ولنـــــــا بعـــــــد هـــــــذه الــــــــــدار دار * طـــــــاب فـــــــيها المـــشروب والمأكول ولكـــــــل مـــــــن المقـــــــالات ســــــوق * وإمــــــــام ورايـــــــة ورعـــــــيـــــــــــل مـــــــا لهـــــــم فـــــــي قبـــــيل عقل كلام * لا ولا فــــــــي حـــــــمـــــي الرشاد قبول أمـــــــة ضيـــــــع الأمـــــــانة فيـــــــهــــا * شيخها الخـــــــامل الظـــــــلوم الجـهول بئس ذاك الانـــــــسان فــــــي زمر الأنس * وشيـــــــطانـــــــه الخـــدوع الخذول 25 فهـــــــم التائهـــــــون فــــي الأرض هلكا * عـــــــقد ديـــــــن الهـــــــدى بهم محلول نكـــــــسوا ويلـــــــهم بـــــــبابل جـــــهــرا * جـــــــمل ذا وراءهـــــــا تـــــــفــــــصيل منعـــــــوا صفـــــــو شربـــــــة مـــن زلال * ليـــــــس إلا بـــــــذاك يشـــــــفى الغـليل ملكـــــــوا الـــــــدين كـــــــل أنــثى وخنثى * وضعـــــــيف بغـــــــير بـــــــأس يــصول إلى أن قال: لــــــو أرادوا حــــــقيقــــــة الــــدين كانوا * تبعــــــا للــــــذي أقــــــام الـــرسول 30 وأتت فــــــيه آيــــــة النــــــص بــــــلـــــغ * يــــــوم (خــــــم) لمــــــا أتــــى جــــبريل ذا كــــــم الــــــمرتضــــــى عــــــلي بحـق * فبعــــــلياه ينطــــــق التــــــنــــــزيــــــــل ذاك بــــــرهان ربــــــه فــــــي البــــــرايـا * ذاك فــــــي الأرض سيفــــــه المــسلول فأطيعــــــوا جــــــحدا أولـــــي الأمر منهم * فلهــــــم فــــــي الخــــــلائق التــــفضيل أهــــــل بــــــيت عــــــليهم نـــزل الــــــذكــ * ــر وفيــــــه التحــــــريم والتحــليل 35 هــــــم أمــــــان من العــــــمى وصـــــراط * مستقــــــيم لنــــــا وظــــــل ظلــــــيـــــل القصيدة 67 بيتا (1) 2 وله من قصيدة ذات 51 بيتا توجد في ديوانه ص 245، أولها: نسيــم الصبا ألمم بفارس غاديا * وأبلغ سلامي أهل ودي الأزاكيا يقول فيها: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ديوان المؤيد ص 215 - 218.
/ صفحة 306 / فلهفــــي على أهلي الضعاف فقد غدوا * لحـــــد شفـــــار النـــــائبـــــاك أضــاحيا فيـــــا ليت شعـــري من يغيث صريخهم * إذا ما شكـــــوا للحادثات العــــواديا ؟ ! ويا ليـــــت شعري كيف قـد أدرك العدى * بتفـــــريق ذات البــين فينا المباغيا ؟ ! 5 أإخـــــواننا صبـــــرا جـــــميلا فـإنني * غـــــدوت بهـــــذا فـي رضى الله راضيا وفـــــي آل طـــــه إن نفيـــــت فـــــإنـني * لأعـــــدائهم مـــــا زلـــــت والله نــــافيا فمـــــا كنــت بدعا في الأولى فيهم نفوا * ألا فخـــــر أن أغــدو (لجندب) ثانيا ؟ ! لئـــــن مســـــني بالنـــــفي قــرح فإنني * بلغـــــت بـــــه في بعــض همي الأمانيا فقـــــد زرت فـــــي (كـوفان) للمجد قبة * هـــــي الـــــدين والـــدنيا بحق كما هيا 10 هـــــي القــبة البيضاء قبة (حيدر) * وصـــــي الـــــذي قــــد أرسل الله هاديا وصي النبـــــي المصــــطفى وابن عمه * ومـــــن قــام مولى في (الغدير) وواليا ومـــــن قـــــال قــــــوم فيه قولا مناسبا * لقــــول النصارى في المسيح مضاهيا فيـــــا حبـــــذا التطــــواف حول ضريحه * أصلـــــي عـــــليه فــــي خشوع تواليا وواحبـــــذا تعـــــفير خـــــدي فـــــوقــــه * ويا طيـــــب إكبـــــابي عـــــليه مناجيا 15 أناجـــــي وأشكـــــو ظالمي بتحــرق * يثيـــــر دمـــــوعا فـــوق خدي جواريا وقد زرت مثوى الطهر في أرض كربلا * فـــدت نفــــسي المقتول عطشان صاديا (القصيدة) 3 وله من قصيدة ذات 60 بيتا توجد في ديوانه ص 256 مستهلها: ألا مــــــا لهـــذي السما لا تمور * ومـــــا للجبال ترى لا تسير؟!؟! وللشمـــس مـــا كورت والنجوم * تضيئ وتحت الثرى لا تغور؟!؟! وللأرض ليست بهــــــا رجــــفة * وما بالهــــا لا تفور البحور؟!؟! ومــــــا للدما لا تحــاكي الدموع * فتجــري لتبتل منها النحور؟!؟! 5 أتبقــــــى القلــوب لنا لا تشق * جوى ولو أن القلوب الصخور؟ ليوم ببغــــــداد مــــــا مثــــــلـــه * عـــــبوس يـــراه امرؤ قمطرير وقــــــد قــــــام دجــــــالها أعور * يحــــــف به من بني الزورعور فــــــلا حــــــدب منــه لا ينسلون * ولا بقعــــــة ليــــــس فيها نفير
/ صفحة 307 / وقــــــد قــــــام دجــــــالها أعور * يحــــــف بـه من بني الزورعور يـــــرومون آل نبـــــي الهـــــدى * ليـــــردى الصغــير ويفنى الكبير لتـــــنهب أنـــــفس أحيـــــائهـــم * وتنـــــبـــــش للميتين القبور 10 ومـــــن نجــل (صادق آل العبا) * ينـــــال الـــــذي لـــم ينله الكفور (فموسى) يشـــــق لـــــه قبــره * ولمـــــا أتـــــى حشــره والنشور ويسعـــــر بالنـــــار منــه حريـم * حـــــرام عـــــلى زائريه السعير وتقتـــــل شيعـــــة آل الـــرسول * عـــــتوا وتهـــــتك منـــهم ستور فـــــواحسرتا لنـــــفوس تســـيل * ويا غـــــمتا لـــرؤوس تطير 15 وما نقـــــموا منـــــهم غــير أن * وصـــــي النـــــبي عـــليهم أمير كما العــــذر في غدرهم بغضهم * لمــن فرض الحب فيه (الغدير) فيـــــا أمـــــة عاث فيها الشقاء * فـــــوجه نهـــــار هـــــداها قتير وشافعـــــها خصـمها في المعاد * لهـــــا الـــويل من ربها والثبور قتلـــــتم حســـــينا لملك العراق * وقلتـــــم أتــــاكم له يستثير 20 فمـــا ذنب موسى الذي قد محت * معـــــالمه فـي ثراه الدهور ؟ ! وما وجـــــه فعـــــلكم ذابــه ؟ ! * لقـــــد غـــــركم بالإلـــه الغرور أيا شيعــــة الحق! طاب الممات * فيـــــا قوم ! قوموا سراعا نثور فإمـــــا حيــــاة لنا في القصاص * وإمـــــا إلى حيث صاروا نصير أ آل المسيـــــب مــــا زلــــتـــــم * عشير الولاء فنعم العشير 25 ويـــــا آل عوف غيوث المحول * ليـــــوثا إذا كـــــاع لـيث هصور أآل النـــــهى والنــدى والطعان * وحـــزب الطلى حين حر الهجير أصبرا على الخسف ؟ لا هـمكم * دنـــــي ولا البـــــاع منكم قصير أتهتـــــك حـــــرمة آل النـــــبــي * وفي الأرض منكم صبي صغير؟ وقبـــــر ابــن صادق آل الرسول * يمس بسوء وأنتم حضور؟! 30 ولما تخـــــوضوا بحـــــار الردى * وفـــي شعبه تنجدوا أو تغوروا لقـــــد كـــان يوم الحسين المنى * فتـــــفـدى نفوس وتشفى صدور فهـــــذا لكـــــم عاد يوم الحسين * فماذا القصور؟! وماذا الفتور؟!
/ صفحة 308 / فهـــــذا لكـــــم عاد يوم الحسين * فماذا القصور؟! وماذا الفتور؟! فمــــدوا الـــذراع وحدوا القراع * فيـــوم النـــواصب منــكم عسير 35 وولـــوا (ابن دمنة) أعماله * تبـــور كـــما المـــــكر منه يبور فقـــتلا بقـــتل وثـــكلا بثـــكـــــــل * ذروه تجـــز عـــلـــيـــه الشـعور القصيدة * (ما يتبع الشعر) * هذه القصيدة نظمها شاعرنا المؤيد في فتنة بغداد الهائلة الواقعة سنة 443 يلفظ نفثات لوعته من تلكم الفظايع التي أحدثتها يد العداء المحتدم على أهل بيت الوحي وشيعتهم يوم شنت الغارة على مشهد الإمام الطاهر موسى بن جعفر ومشاهد أوليائه المدفونين في جوار أمنه وحرم قدسه. قال ابن الأثير في الكامل 9: 215: وكان سبب هذه الفتنة أن أهل الكرخ شرعوا في عمل باب المساكين وأهل القلائين في عمل ما بقي من باب مسعود ففزع أهل الكرخ وعملوا أبراجا كتبوا عليها بالذهب: محمد وعلي خير البشر. وأنكر السنة ذلك وادعوا: إن المكتوب محمد وعلي خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر. وأنكر أهل الكرخ الزيادة وقالوا: ما تجاوزنا ما جرت به عادتنا فيما نكتبه على مساجدنا، فأرسل الخليفة القائم بأمر الله أبا تمام نقيب العباسيين، ونقيب العلويين وهو عدنان (1) ابن الرضي لكشف الحال وإنهائه فكتبا بتصديق قول الكرخيين فأمر حينئذ الخليفة ونواب الرحيم بكف القتال فلم يقلبوا، وانتدب ابن المذهب القاضي والزهيري وغيرهما من الحنابلة أصحاب عبد الصمد بحمل العامة على الاغراق في الفتنة، فأمسك نواب الملك الرحيم عن كفهم غيظا من رئيس الرؤساء (2) لميله إلى الحنابلة، و ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1) الشريف عدنان هو ابن الشريف الرضي المترجم في هذا الجزء صفحة 181 ولي النقابة بعد وفاة عمه الشريف المرتضى المترجم في هذا الجزء 264. واستمر إلى أن توفي ببغداد سنة 449. ( 2) أبو القاسم ابن المسلمة علي بن الحسن بن أحمد وزير القائم بأمر الله مكث في الوزارة اثنتي عشرة سنة وشهرا، قتله البساسيري سنة 450. قال ابن كثير في تاريخه 12: 68: كان كثير الأذية للرافضة، ألزم الروافض بترك الأذان بحي على خير العمل، وأمروا أن ينادي مؤذنهم في أذان الصبح بعد حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم. مرتين. وأزيل ما كان على أبواب المساجد ومساجدهم من كتابة: محمد وعلي خير البشر. وأمر رئيس الرؤساء بقتل أبي عبد الله بن الجلاب شيخ الروافض لما كان تظاهر به من الرفض والغلو فيه فقتل على باب دكانه، وهرب أبو جعفر الطوسي ونهبت داره.
/ صفحة 309 / منع هذه السنة من حمل الماء من دجلة إلى الكرخ، وكان نهر عيسى قد انفتح بثقه (1) فعظم الأمر عليهم، وانتدب جماعة منهم وقصدوا دجلة وحملوا الماء وجعلوه في الظروف وصبوا عليه ماء الورد ونادوا: الماء للسبيل. فأغروا بهم السنة وتشدد رئيس الرؤساء على الشيعة فمحوا: خير البشر. وكتبوا: عليهما السلام. فقالت السنة: لا نرضى إلا أن يقلع الآجر الذي عليه محمد وعلي، وأن لا يؤذن حي على خير العمل. وامتنع الشيعة من ذلك ودام القتال إلى ثالث ربيع الأول وقتل فيه رجل هاشمي من السنة فحمله أهله على نعش وطافوا به في الحربية وباب البصرة وسائر محال السنة واستنفروا الناس للأخذ بثاره ثم دفنوه عند أحمد بن حنبل، وقد اجتمع معهم خلق كثير أضعاف ما تقدم، فلما رجعوا من دفنه قصدوا باب مشهد التبن (2) فأغلق بابه فنقبوا في سورها وتهددوا البواب فخافهم وفتح الباب فدخلوا ونهبوا ما في المشهد من قناديل ومحاريب ذهب وفضة وستور وغير ذلك، ونهبوا ما في الترب والدور، و أدركهم الليل فعادوا، فلما كان الغد كثر الجمع فقصدوا المشهد وأحرقوا جميع الترب والآزاج واحترق ضريح موسى (3) وضريح ابن ابنه محمد بن علي والجوار والقبتان الساج اللتان عليهما، واحترق ما يقابلهما ويجاورهما من قبور ملوك بني بويه معز الدولة وجلال الدولة ومن قبور الوزراء والرؤساء وقبر جعفر بن أبي جعفر المنصور، وقبر الأمين محمد بن الرشيد، وقبر أمه زبيدة، وجرى من الأمر الفظيع ما لم يجر في الدنيا مثله، فلما كان الغد خامس الشهر عادوا وحفروا قبر موسى بن جعفر ومحمد بن علي لينقلوهما إلى مقبرة أحمد بن حنبل، فحال الهدم بينهم وبين معرفة القبر، فجاء الحفر إلى جانبه، وسمع أبو تمام نقيب العباسيين وغيره من الهاشميين والسنة الخبر فجاؤا ومنعوا عن ذلك، وقصد أهل الكرخ إلى خان الفقهاء الحنفيين فنهبوه وقتلوا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) انفتح بثقه: أي كسر سده. بثق السيل: أي خرق وشق. (2) باب التبن: اسم محلة كبيرة ببغداد على الخندق وبها قبر عبد الله بن أحمد بن حنبل ويلصق هذا الموضع في مقابر قريش التي فيها قبر موسى الكاظم، ويعرف قبره بمشهد باب التبن. معجم. (3) الإمام الطاهر موسى بن جعفر الكاظم، وحفيده الإمام الجواد محمد بن علي بن موسى سلام الله عليهم.
/ صفحة 310 / مدرس الحنفية أبا سعد السرخسي، وأحرقوا الخان ودور الفقهاء، وتعدت الفتنة إلى الجانب الشرقي فاقتتل أهل باب الطاق وسوق بج والأساكفة وغيرهم، ولما انتهى خبر إحراق المشهد إلى نور الدولة دبيس بن مزيد عظم عليه واشتد وبلغ منه كل مبلغ لأنه وأهل بيته وسائر أعماله من النيل وتلك الولاية كلهم شيعة فقطعت في أعماله خطبة الإمام القائم بأمر الله فروسل في ذلك وعوتب فاعتذر بأن أهل ولايته شيعة واتفقوا على ذلك فلم يمكنه أن يشق عليهم كما أن الخليفة لم يمكنه كف السفهاء الذين فعلوا بالمشهد ما فعلوا وأعاد الخطبة إلى حالها. وزاد ابن الجوزي في المنتظم 8: 150: ظهر عيار الطقطقي من أهل درزيجان وحضر الديوان واستتيب وجرى منه في معاملة أهل الكرخ وتتبعهم في المحال و قتلهم على الاتصال ما عظمت فيه البلوى، وأجتمع أهل الكرخ وقت الظهيرة فهدمت حائط باب القلائين ورموا العذرة على حائطه وقطع الطقطقي رجلين وصلبهما على هذا الباب بعد أن قتل ثلاثة من قبل وقطع رؤسهم ورمى بها إلى أهل الكرخ وقال: تغدوا برؤس. ومضى إلى درب الزعفراني فطالب أهل بمائة ألف دينار وتوعدهم إن لم يفعلوا بالإحراق فلاطفوه فانصرف، ووافاهم من الغد فقاتلوه فقتل منهم رجل هاشمي فحمل إلى مقابر قريش. واستنفر البلد ونقب مشهد باب التين ونهب ما فيه وأخرج جماعة من القبور فأحرقوا مثل العوني (1) والناشي (2) والجذوعي، ونقل من المكان جماعة موتى فدفنوا في مقابر شتى وطرح النار في الترب القديمة والحديثة، واحترق الضريحان والقبتان الساج، وحفروا أحد الضريحين ليخرجوا من فيه ويدفنونه بقبر أحمد، فبادر النقيب والناس فمنعوهم. إلخ. وذكر القصة على الاختصار ابن العماد في شذرات الذهب 3: 270، وابن كثير في تاريخه 12: 62. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) في المنتظم: العوفي: والصحيح: العوني كما في الشذرات. وقد مرت ترجمة العوني في هذا الجزء ص 124 - 141. (2) هو علي بن الوصيف أحد شعراء الغدير مر ذكره في هذا الجزء ص 24 - 33.
/ صفحة 311 / * (الشاعر) * : هبة الله بن موسى بن داود الشيرازي المؤيد في الدين داعي الدعاة، أوحدي من حملة العلم، وفذ من أفذاذ الأمة، وعبقري من جلة أعلام العلوم العربية، نابغة من نوابغ الأدب العربي، وله نصيبه الوافر من القريض بلغة الضاد وإن ولد في قاعة الفرس ونشأ في مهدها، كان من الدعاة إلى الفاطمية منذ بلغ أشده في كل حاضرة حل بها، وله في تلك الدعوة خطوات واسعة، وهو كما وصف نفسه للمستنصر بالله بقوله في سيرته ص 99: وأنا شيخ هذه الدعوة ويدها ولسانها ومن لا يماثلني أحد فيها. وقد كابد دون تلك الدعوة كوارث، وقاسى نوازل ملمة، وعانى شدائد فادحة، غير أنه كان يستخف وراثها كل هامة ولامة، ولم يك يكترث لأي نازلة. ولد بشيراز حوالي سنة 390 كما يظهر من شعره، وبها شب ونما إلى أن غادرها سنة 429 ويمم الأهواز وفارق مسقط رأسه خائفا يترقب فرقا من السلطان أبي كاليجار بعد ما جرى بينه وبين الملك ما يورث البغضاء، وما تأتى له اقتناء مرضاته بأرجوزته (المسمطة) في 153 بيتا ذكرها في سيرته ص 48 - 54 فنزل الأهواز غير أن هواجسه ما حدثته بالطمأنينة إلى الأمن من غيلة الملك فهبط حلة منصور بن الحسين الأسدي الذي ملك الجزيرة الدبيسية بجوار خوزستان، ومكث هنالك نحو سبعة أشهر، ثم اتجه إلى قرواش أبي المنيع إبن المقلد أمير بني عقيل صاحب الموصل والكوفة و الأنبار، فلما لم يجده آخذا بناصره في دعوته سار إلى مصر بعد سنة 436 وقبل سنة 439 ومكث فيها ردحا من الزمن إلى أن غدا وله بعض النفوذ في البلاد، فسير إلى الشام باقتراح الوزير عبد الله بن يحيى بن المدبر، ثم عاد إلى مصر بعد مدة، فقطن فيها بقية حياته إلى أن توفي بها سنة 470. وللمؤيد آثار علمية تنم عن طول باعه في الحجاج والمناظرة، وعن سعة اطلاعه على معالم الدين ومباحثه الراقية، وتضلعه في علمي الكتاب والسنة ووقوفه على ما فيهما من دقائق ورقائق، له رسائل ناظر بها أبا العلاء المعري في موضوع أكل اللحم، نشرت في مجلة (الجمعية الملكية الآسيوية) سنة 1902 م. ومناظرته القيمة مع علماء شيراز
/ صفحة 312 / في حضرة السلطان أبي كاليجار تعرب عن مبلغه من العلم، ذكرها على تفصيلها في سيرته ص 16 - 30. ومناظرته مع الخراساني المذكورة في سيرته ص 30 - 43 شاهد صدق على تضلعه في العلوم وذكر للمؤيد من التأليف. 1 - المجالس المؤيدية. 2 - المجالس المستنصرية. 3 - ديوان المؤيد. 4 - سيرة المؤيد. 5 - شرح العماد. 6 - الايضاح والتبصير في فضل يوم الغدير. 7 - الابتداء والانتهاء. 8 - جامع الحقائق في تحريم اللحوم والألبان. 9 - القصيدة الاسكندرية وتسمي أيضا بذات الدوحة. 10 - تأويل الأرواح. 11 - نهج العبارة. 12 - المسائلة والجواب. 13 - أساس التأويل. وفي نسبة غير واحد من هذه الكتب إلى مترجمنا المؤيد نظر وللبحث فيه مجال واسع. توجد ترجمة شاعرنا المترجم له بقلمه في كتاب أفرده في سيرته بين سنة 429 وسنة 450، وهو المصدر الوحيد للباحثين عن ترجمته طبع بمصر في 184 صحيفة، وللأستاذ محمد كامل حسين المصري بكلية الآداب دراسة ضافية حول حياة المترجم بحث عنها من شتى النواحي في 186 صحيفة (1) وجعلها تقدمة لديوانه المطبوع بمصر، ففي الكتابين مقنع وكفاية عن التبسط في ترجمة المؤيد (2). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) فيها مواقع للنظر عند ما نهى سيره إلى الآراء المذهبية. (2) المؤيد شعره وترجمته من أولها إلى آخرها من ملحقات الطبعة الثانية. |
|