عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني
شعراء الغدير في القرن الثامن
-65- أبو محمد ابن داود الحلي المولود 647 وإذا نظرت إلى خطاب "محمد" * يوم "الغدير" إذ استقر المنزل : من كنت مولاه فهذا "حــيدر" * مـــــولاه لا يــرتاب فيه محصل لعـــرفت نص المصطفى بخلافة * من بعـــــده غـــــراء لا يــتأول وله من أرجوزة في الإمامة طويلة: وقـــــد جـــــرت لي قــــصة غريبة * قـــــد نتجـــــت قضيـــــة عجـــــيبة فاعـــــتبروا فيها ففيها معـــــتـــبر * يغني عن الاغراق في قوس النظر حضـــــرت في بغـــــداد دار عــــلم * فيـــــها رجـــــال نـــــظر وفـــــهــم في كـــــل يـــــوم لهـــــم مــجـــــال * تدنـــــو بـــــه الأوجـــــال والآجال لا بـــــد أن يسفـــــر عـــــن جـريح * بـــــصارم الحـــــجــة أو طريح 5 لـــــما اطـــــمأنت بهـــــم المجالس * ووضعـــــت لاماتـــــها الفـوارس واجـــــتمع الـــــمدرسون الأربعـة * في خـــــلوة آراؤهـــــم مجتمعــــة حـــــضرت فــــي مجلسهم فقالوا: * أنـــــت فـــــقيه وهـــــنــا ســـــؤال مـــــن ذا تـــــرى أحـــــق بالتقــدم * بعـــــد رســـــول الله هادي الأمم ؟ فقلـــــت: فـــــيه نظـــــر يحـــــتاج * أن يتـــــرك العـــــناد واللجـاج 10 وكلنـــــا ذوو عـــــقول ونـــــظــــر * وفـــــكر صـــــالحـــــة ومعـــــتـبـر فلنـــــفرض الآن قـــــضى النـــبي * واجـــــتمع الـــــدني والقـــــصـــي وأنـــــتم مكـــــان أهـــــل العـــــقد * والحـــــل بـــــل فـــــوقهم في النقد
/ صفحة 4 / فالتـــــزموا قواعـــــد الانــــصاف * فـــــإنها مـــــن شيـــــم الأشــراف 15 لما قــــضى النبي قال الأكثر: * إن أبـــــا بكـــــر هـــــو المؤمـــــر وقـــــال قـــــوم: ذاك للعـــــبـــاس * وانقـــــرضوا وقـــــال باقي الناس : ذاك عـــــلي . والجـــميع مدعي *: أن ســـــواه للمحـــــال يـــــدعـي فهـــــل تـــــرون إنـــــه لمـا قضى * نص عـــــلى خليـــــفة ؟ أم فوضا ترتيـــــبه بعـــــد إلـــــى الــــرعايا * ليجمعـــــوا عـــــلى الإمـام رايا ؟ 20 فقـــــال منـــهم واحد: بل نصا * عـــــلى أبـــــي بـــــكر بها وخصا قـــــال لـــــه البـــاقون: هذا يشكل * بـــــما عـــــن الفـاروق نحن ننقل مـــــن أنـه قال: إن استخلفت (1) * فـــــلأبي بـــــكر قـــــد اتـــبعـــــت وإن تـــــركت فالنـــــبي قـــــد ترك * والحـــــق بـــين الرجلين مشترك وقـــــال: كـــــانت فــلتة بيعته (2) * فـــــمن يعـــــد حـــــلت لـكم قتلته 25 وقـــــول سلمــــان لهم: فعلتم * وما فعـــــلتم إذ لـــــه عـــــزلتــم وقالـــــت الأنصـــــار: نستخـــــيـر * منـــــا أميـــــرا ولـــــكم أمـــــيــر فلـــــو يكـــــون نـــــص فـي عتيق * للـــــزم الطعـــــن عـلى الفـاروق ثـــــم عـــــلى سلمـــــان والأنصار * وليـــــس ذا بالمـــــذهب المخـتار مـــــع أنــه استقال واستقالته (3) * دلـــــت عـــــلى أن باختيار بيعته 30 لـــــو أنـــها نص من الرسول * لـــــم يـــــك فـــي العالم من مقيل فاجـــــتمع القـــــوم عـــلى الانكار * للنـــــص والقـــــول بالاخـــــتــيار فقـــــلت: لمـــــا فـــــوضت إليــــنا * أيلـــــزم الأمـــــة أن يـــــــكونــــا أفـــــضلهم ؟ أم نــــاقصا مفـضولا * لا يستحـــــق الحــكم والــتأهيلا ؟ فاجتمعـــــوا: أن ليـــس للـــرعيه * إلا اختــــــــيار أفضل البقيـــه 35 قلــــــــت لهــــــم: يا قوم خبروني * أعـــــلى صفات الفضل بالتعـــــيين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع الجزء الخامس من كتابنا هذا ص 360 . (2) راجع ما أسلفناه في الجزء الخامس ص 370 . (3) مر حديث الاستقالة في الجزء الخامس ص 368 .
/ صفحة 5 / فقدمـــــــوا السبق إلـــــــى الإيمان * وهجـــــــرة القـــــوم على الأوطان إلى أن يقول فيها: قلت: دعــــــوني من صفات الفضل * فأنتــم مــــــن كلـــــــها فــي حـــــلّ نفـــــرضها كأمـــــة بـــــين نــفـــــر * قــد أحـــــدقوا من حولها وهم زمر وافتـــــرق النـــــاس فقـــــال الأكثر * لـــــواحد: خـــــذها فـــأنت أجـــــدر وقـــــال باقيـــــهم لشخــــص ثاني: * ليس لها مـــــولى سـواك قاني 40 ثــــــــم رأيـــــنا الأول المـــــولـــــى * ينـــــكـــــر فيها الملـــــك مستـقيلا يقـــــول: ليـــــس لــــي بها من حق * وذا يقـــــول: أمـــــتـــــي ورقـــــي ويستغـــــيـــــث ولـــــه تـــــألـــــــــم * عـــــلى الـــــذي يغــــصبــه ويظلم وكـــــل شخـــــص منهـــــما صـديق * ليـــــس إلـــــى تكــــذيبه طـــــريق فمـــــا يقـــــول الفـــــقهاء فيـــــهــا * شـــــرعا أنعـــــطيها لمدعـيها 45 أم مـــــن يقـــــول ليـــس لي بحق ؟ * بالله أفتـــــونا بمحـــــض الحـــــق بعـــــيد هـــــذا قـــــالت الجـــماعة: * سمعـــــا لـــــما ذكرتم وطـــــاعــة ما عـــــندنا فـــــي فـــــضله تــــردد * وإنـــــه المـــــكـــــمل المـــــؤيــــد لكنـــــنا لا نـــــترك الإجـــــمـــــاعـا * ولا نـــــرى الشقـــــاق والنـــزاعا والمسلمـــــون قـــــط لم يجتمعـــوا * عـــــلى ضلال فـــــلهم نتــــبع 50 ثـــــم الأحـــــاديث عـــــن النـــــبـي * ناطـــــقة بنـــــصـــــه الجـــــلـــــي قلـــــت لهـــــم: دعــواكم الاجماعا * ممنوعـــــة إذ ضـــــدها قــد شاعا وأي إجـــــماع هنـــــالك انعــــقـــد * والصفـــــوة الابـرار ما منــهم أحد مثـــــل عـــــلي الصــــنو والعباس * ثـــــم الزبـــــير هـــم سراة النــاس ولـــــم يـــــكن سعــــد فـــتى عباده * ولا لقـــــيــس ابـــــنـــــه أراده 55 ولا أبـــــو ذر ولا ســـلـــــمـــــــان * ولا أبـــــو ســـفـــــيان والنعـــــمان أعــنـــــي ابـــن زيد لا ولا المقداد * بـــــل نـــــقضوا عـليـــهم ما شادوا وغـــيرهم ممـــــن لـــــه اعـــتبار * لم يقـــــنعـــــوا بهــا ولـــم يختاروا فـــلا يقـــــال: إنـــــه إجـــــمـــــاع * بـــــل أكـــــثر الــناس لـــه أطاعوا
/ صفحة 6 / 60 لكنـــــما الكثـــــرة ليست حجه * بــــل ربـما فـــي العكس كان أوجه فالله قــــــد أثنــــــى عــــــلى القليل * فــــــي غــــــير موضع من التنزيل فسقــــــط الإجــــــماع باليقــــــيــن * إلا إذا كــــــابرتمــــــوا فـــي الدين ونصــــــكم كــــــيف ادعـــــيتموه ؟ * وعــــــن قلــــــيل قــــــد منعــتموه أليــــــس قــــــد قـــــررتم إن النبي * مــــــات بــلا نص ؟ وليس مذهبي 65 لكنــــــني وافقتــــــكم إلــــزاما * ولــــــم أقــــــل بــــــذلك التـــزاما لأنــــــني أعــــــلم مثــــــل الشمس * نــــــص الغــدير واضحا عن لبس وأنــــــتم أيــــــضا نقــــــلتــــــمــوه * كنقــــــلنا لكــــــن رفــــــضتــــموه إلى آخر الأرجوزة ذكر شطر مهم منها في " أعيان الشيعة " ج 22 ص 343 * (الشاعر) * تقي الدين أبو محمد الحسن بن علي بن داود الحلي، هو نابغة في الفقه والحديث والرجال والعربية وفي علوم شتى، ولم يختلف اثنان في إنه من أوحديي هذه الفرقة الناجية، ومن علمائها الأعلام، وأطراه العلماء في المعاجم والاجازات بكل جميل، وإن تكلم بعضهم في مقدار اعتبار كتابه المعروف الساير في الرجال، فمن معول عليه (1) حاصر لتعويله به، ومن معرض عنه (2) نهائيا، ولكن خير الأمور أوسطها، وهو نظرية أكثر علمائنا من إنه كغيره من أصول علم الرجال يعتمد عليه وربما ينتقد، وأما الشعر فقد كان تحدوه إلى نظمه غايات كريمة حينا بعد حين . ولد المترجم 5 جمادى الثانية سنة 647، وأخذ العلم من السيد الحجة السيد أبي الفضايل أحمد بن طاوس الحلي المتوفى 673، ويروي عنه وعن جمع آخر من أعلام الطائفة منهم: 1 - المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي المتوفى 676 وهو أحد مشايخ قرائته . 2 - الشيخ نجيب الدين أبو زكريا يحيى بن سعيد الحلي ابن عم المحقق المذكور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) كالشيخ حسين بن عبد الصمد والد شيخنا البهائي في درايته . (2) كالشيخ عبد الله التستري في شرح التهذيب في شرح الحديث الأول .
/ صفحة 7 / المتوفى 689 . 3 - الفيلسوف الأكبر خواجه نصير الدين الطوسي المتوفى 672 . 4 - السيد غياث الدين عبد الكريم بن السيد أبي الفضايل أحمد بن طاوس الحلي المذكور المتوفى 693 . 5 - الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي والد العلامة الحلي . 6 - الشيخ مفيد الدين محمد بن جهيم " جهم " الأسدي عده المترجم في رجاله من مشايخه . ويروي عنه من مشايخ الطايفة: 1 - الشيخ رضي الدين أبو الحسن علي بن أحمد المزيدي الحلي المتوفى 757 2 - السيد أبو عبد الله محمد بن القاسم الديباجي الحلي الشهير بابن معية المتوفى 776 . 3 - الشيخ زين الدين علي بن طراد المطار آبادي المتوفى بالحلة 754 .
تآليفه القيمة : ذكر المترجم في كتابه في الرجال لنفسه تآليف قيمة وهي: التحفة السعدية . عدة الناسك في قضاة المناسك نظما. تكملة المعتبر المقتصر من المختصر. اللؤلؤة في خلاف أصحابنا " . كتاب الدرج كتاب الرايع . الخريدة العذراء في العقيدة الغراء " . كتاب الكافي كتاب في الفقه . الدر الثمين في أصول الدين " . البغية في القضايا كتاب الرجال . عقد الجواهر في الأشباه والنظائر " . كتاب النكت مختصر الايضاح . مختصر الأسرار الغريبة في النحو . حروف المعجم اللمعة في الصلاة . حل الاشكال في عقد الأشكال . تحصيل المنافع الإكليل في العروض . إحكام القضية في أحكام القضية . خلاف المذاهب الرائض في الفرائض . شرح قصيدة الساوي في العروض . أصول الدين 28 - قرة عين الخليل في شرح النظم الجليل لابن حاجب في العروض . 29 - الجوهرة في نظم . التبصرة . لم نقف على تاريخ وفاة المترجم وإنما فرغ من كتاب رجاله سنة 707 وله من
/ صفحة 8 / العمر ستين سنة، ورأى صاحب " رياض العلماء " في مشهد الرضا عليه السلام نسخة من " الفصيح " بخط شاعرنا المترجم له في آخرها: كتبه مملوكه حقا حسن بن علي بن داود غفر له في ثالث عشر شهر رمضان المبارك سنة إحدى وأربعين وسبعمائة حامدا مصليا مستغفرا (1) فكان في 741 حيا وله من العمر 94 عاما . ومرت من شعر المترجم أبيات في رثاء الشيخ شمس الدين محفوظ ابن وشاح الحلي في ج 5 ص 442 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) روضات الجنات ص 357، وفي ط 361. |