عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني
الجزء العاشر يحوي مناقب الخلفاء والنظرة فيها متنا وإسنادا ، ويتلوها بحث حر عن المغالاة في فضائل معاوية ، يوقف القارئ على نفسيات الرجل وملكاته ، ويميط الستر عن صحائف من تاريخ حياته السوداء ، ويعرفه بعجره وبجره ، ولسنا مجازفين في القول ، منحازين عن الحق ، متعصبين بمبدأ أو عقيدة
/ صفحة 2 / بسم الله الرحمن الرحيم سبحانك نحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين . يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم ، هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ، قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه ، وإنا لنعلم أن منكم مكذبين ، وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ، خذوا ما آتيناكم بقوة ، واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ، اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ، نحن نقص عليك نبأهم بالحق ، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات ، إنهم ألفوا آبائهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ، يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة ، فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل: تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين . (الأميني)
/ صفحة 3 / يتبع الجزء التاسع عن مناقب الخلفاء الثلاثة 4 - أخرج البخاري في كتاب المناقب من صحيحه ج 5: 243 باب فضل أبي بكر بعد النبي من طريق عبد الله بن عمر قال: كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . وذكر في باب مناقب عثمان ج 5: 262 عن ابن عمر أيضا بلفظ: كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم . وبهذا اللفظ حكاه الحافظ العراقي عن الصحيحين في طرح التثريب 1: 82 . وأخرج في تاريخه ج 1 قسم 1: 14 بلفظ: كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده نقول: خير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان . وأخرج أحمد في مسنده 2: 14 عن ابن عمر قال: كنا نعد ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي وأصحابه متوافرون: أبو بكر وعمر وعثمان ثم نسكت . وأخرج ابن داود والطبراني عن ابن عمر: كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره (1) وروى ابن سليمان في فضائل الصحابة من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن ابن عمر: كنا نقول: إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس . فيسمع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) فتح الباري 7: 13 ، طرح التثريب 1: 82 ذكر زيادة الطبراني .
/ صفحة 4 / النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره (1). وفي لفظ البزار: كنا نقول في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر وعثمان . يعني بالخلافة (2) وفي لفظ الترمذي: كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي (3) وفي لفظ البخاري في تاريخه أقسم 1: 49: كنا نقول في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: من يلي هذا الأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فيقال: أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نسكت . قال الأميني: هذه الرواية عمدة ما تمسك به القوم فيما وقع من الانتخاب الدستوري في الاسلام ، وقد اتخذها المتكلمون حجة لدى البحث عن الإمامة ، واتبع أثرهم المحدثون ، ولهم عند إخراجها تصويب وتصعيد ، وتبجح وابتهاج ، وجاء كثيرون وقد أطنبوا وأسهبوا في القول لدى شرحها ، وجعلوها كحجر أساسي علوا عليها أمر الخلافة الراشدة ، واحتجوا بها على صحة البيعة التي عم شومها الاسلام ، وحفت بهناة ووصمات وشتتت شمل المسلمين ، وفتت في عضد الدين ، وفصمت عراه ، وجرت الويلات على أمة محمد حتى اليوم ، فلنا عندئذ أن نبسط القول ، ونوقف القارئ على جلية الحال ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة ، والله ولي التوفيق . كان عبد الله بن عمر على العهد النبوي الذي ادعى أنه كان يخير فيه فيختار في أبان شبيبته حتى أنه كان لم يبلغ الحلم في جملة من سنيه ، ولذلك رده رسول الله صلى الله عليه وآله عن الجهاد يوم بدر وأحد واستصغره ، وأجاز له يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة كما ثبت في الصحيح (4) وهو على جميع الأقوال في ولادته وهجرته ووفاته لم يكن مجاوزا العشرين يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو في مثل هذا السن لا يخير عادة في التفاضل بين مشيخة الصحابة ووجوه الأمة ، ولا يتخذ حكما يمضى رأيه في الخيرة ، لأن الحكم الفاصل في مثل هذا يستدعي ممارثة طويلة ، ووقوفا على تجاريب متتابعة مقرونة بعقلية ناضجة ، وتمييز بين مقتضيات الفضيلة ، وعرفان لنفسيات الرجال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) فتح الباري 7: 13 . (2) تاريخ ابن كثير 7: 205 . (3) صحيح الترمذي 13: 161 . (4) صحيح البخاري 6: 74 ، تاريخ الطبري 2: 296 ، عيون الأثر 2: 6 ، 7 ، فتح الباري 7: 232 .
/ صفحة 5 / وقوة في النفس لا يتمايل بها الهوى ، وابن عمر كان يفقد كل هذه لما ذكرناه من صغر سنه يوم ذاك المانع عن كل ما ذكرناه ، وروايته هذه أقوى شاهد على فقدانه تلكم الملكات الفاضلة ، قال أبو غسان الدوري: كنت عند علي بن الجعد فذكروا عنده حديث ابن عمر: كنا نفاضل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول: خير هذه الأمة بعد النبي أبو بكر وعمر وعثمان فيبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكر . فقال علي بن الجعد: انظروا إلى هذا الصبي هو لم يحسن أن يطلق امرأته يقول: كنا نفاضل (1) . ومن عرف ابن عمر وقرأ صحيفة تاريخه السوداء عرفه بضئولة الرأي ، واتباع الهوى ، وبفقدانه كل تلكم الخلل يوم بلغ أشده وكبر سنه فضلا عن عنفوان شبابه ، وسيوافيك نزر من آرائه السخيفة . دع ابن عمر ومن لف لفه يختار ويتقول ، وربك يخلق ما يشاء ويختار ، ما كان لهم الخيرة ، وما كان لمؤمن ومؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم (2) . ودع البخاري ومن حذا حذوه يصحح الباطل ، ولا يعرف الحي من اللي ، واسمع لغواهم ولا تخف طغواهم ، ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن ، قد جئناك بآية من ربك ، والسلام على من اتبع الهدى . قال أبو عمر في الاستيعاب في ترجمة علي عليه السلام ج 2: 467: من قال بحديث ابن عمر: كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نسكت . يعني فلا نفاضل ، وهو الذي أنكر ابن معين وتكلم فيه بكلام غليظ لأن القائل بذلك قد قال بخلاف ما اجتمع عليه أهل السنة من السلف والخلف من أهل الفقه والأثر أن عليا أفضل الناس بعد عثمان رضي الله عنه ، وهذا مما لم يختلفوا فيه وإنما اختلفوا في تفضيل علي وعثمان ، واختلف السلف أيضا في تفضيل علي وأبي بكر ، وفي إجماع الجميع الذي وصفنا دليل على أن حديث ابن عمر وهم وغلط وأنه لا يصح معناه وإن كان إسناده صحيحا . ه . وقال ابن حجر بعد ذكر محصل كلام أبي عمر هذا: وتعقب أيضا بأنه لا يلزم من ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الخطيب 11: 363 . (2) سورة القصص: 68 ، الأحزاب: 36 .
/ صفحة 6 / سكوتهم إذ ذاك عن تفضيله عدم تفضيله على الدوام ، وبأن الإجماع المذكور إنما حدث بعد الزمن الذي قيده ابن عمر فيخرج حديثه عن أن يكون غلطا . ه . عزب عن ابن حجر ومن تعقب أبا عمر أن الإجماع الحادث المذكور لم يكن إلا لتلكم السوابق التي كان يحوزها مولانا أمير المؤمنين يوم سكت ابن عمر عن اختياره ولم تكن لها جدة: وإنما هي هي التي أثنى عليها الكتاب والسنة ، فيلزم من سكوتهم إذ ذاك عن تفضيله بعد الثلاثة عدم تفضيله على الدوام ، فإن كان مدار الإجماع على اختياره عليه السلام يوم اختاروه هو ملكاته ونفسياته وسبقه في الفضائل والفواضل المفصلة في الكتاب والسنة فهي لا تفارقه عليه السلام وهو المختار بها على الكل في أدوار حياته يوم فارق النبي صلى الله عليه وآله الدنيا وهلم جرا ، وإن كان المدار غير ذلك من الشيخوخة والكبر وأمثالهما فذلك شيئ لا نعرفه ، ولا نفضله عليه السلام على غيره بهذه التافهات التي هي شرك القوم اقتنصت بها بسطاء أمة محمد صلى الله عليه وآله يوم بيعة أبي بكر حتى اليوم . وليت من تعقب ابن عبد البر إن لم يكن يأخذ بكل ما جاء في علي أمير المؤمنين من الكتاب والسنة الصحيحة الثابتة كان يأخذ بما جاء به قومه عن أنس فحسب ثم يحكم فيما جاء به ابن عمر قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله افترض عليكم حب أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي كما افترض الصلاة والزكاة والصوم والحج ، فمن أنكر فضلهم فلا تقبل منه الصلاة ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج (1) " الرياض النضرة 1: 29 " . وشتان بين رأي ابن عمر وبين قول أبيه في علي عليه السلام هذا مولاي ومولى كل مؤمن ، من لم يكن مولاه فليس بمؤمن ، راجع ما مضى ج 1: 341 ط 1 ، و 382 ط 2 . ولعل القوم سترا على عوار اختيار ابن عمر ، وتخلصا عن نقد أبي عمر المذكور اختلقوا من طريق جعدبة (2) بن يحيى عن العلاء بن البشير العبشمي عن ابن أبي أويس عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفاضل فنقول: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أثبتنا في محله أن هذه المنقبة لا تصح في غير علي عليه السلام وهي فيمن سواه تخالف الكتاب والسنة والعقل والمنطق ، ولا تساعدها سيرتهم مدى حياتهم الدنيا . (2) جعدبة متروك يروي عن العلاء مناكير ، والعلاء ضعيف حديثه غير صحيح . راجع لسان الميزان 2: 105 و ج 4: 183 .
/ صفحة 7 / واختلقوا من طريق محمد أبي البلاط (1) عن زهد بن أبي عتاب عن ابن عمر أيضا: قال: كنا نقول في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: يلي الأمر بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم نسكت . ولعل الواقف على أجزاء كتابنا هذا وبالأخص الجزء السادس وهلم جرا يعلم ويذعن بأن اختيار ابن عمر ومن رأى رأيه باطل في غاية السخافة ، ولو كان معظم الصحابة لم يعدل بأبي بكر أحدا في زمن نبيهم فما الذي زحزحهم عن رأيهم ذلك يوم السقيفة ؟ وما الذي أرجأهم عن بيعته ؟ ومن أين أتاهم ذلك الخلاف الفاحش الذي جر الأسواء على الأمة حتى اليوم ؟ وقد عرفناك في الجزء السابع ص 76 ، 93 ، 141 ط 1 (2) إن عيون الصحابة من المهاجرين والأنصار لما لم تكن تجد لأبي بكر يوم تقمص الخلافة فضيلة يستحق بها الخلافة ، وتدعم بها الحجة على الناس في بيعته تقاعست وتقاعدت عنها وما مدت إليها منهم يد ، ولم تكن لهم فيها قدم ، وما بايعه يومها الأول إلا رجلين أو أربعة أو خمسة ، ثم حدت الأمة إليها الدعوة المشفوعة بالإرهاب والترعيب ، وما كان في أفواه الدعاة إليها إلا الترهيب بالقتل والضرب والحرق ، أو قولهم: إن أبا بكر السباق المسن ، صاحب رسول الله في الغار ، وكانت هذه غاية جهدهم في عد فضائل أبي بكر ، قال ابن حجر في فتح الباري 13: 178: وهي - فضيلة كونه ثاني اثنين في الغار - أعظم فضائله التي استحق بها أن يكون الخليفة من بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك قال عمر بن الخطاب: إن أبا بكر صاحب رسول الله ، ثاني اثنين ، فإنه أولى المسلمين بأموركم . ا ه . ألا مسائل ابن حجر عن أن صحبة يومين في الغار التي تتصور على أنحاء ، وللقول فيها مجال واسع ، صحبة ما أمكنت الرجل من أن يصف صاحبه لما جاءه اليهود وقالوا: صف لنا صاحبك . فقال: معشر اليهود لقد كنت معه في الغار كاصبعي هاتين ، ولقد صعدت معه جبل حراء وأن خنصري لفي خنصره ، ولكن الحديث عنه صلى الله عليه وسلم شديد ، وهذا علي ابن أبي طالب . فأتوا عليا فقالوا: يا أبا الحسن ؟ صف لنا ابن عمك ، فوصفه . الحديث (3) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) لا يعرف لا يدر رجال الجرح والتعديل من هو. لسان الميزان 5: 96 . (2) وفي ص 75 - 82 ، 93 ، 141 ط 2 . (3) الرياض النضرة 2: 195 .
/ صفحة 8 / كيف استحق الرجل بمثل هذه الصحبة الخلافة وصار بذلك أولى الناس بأمورهم ؟ وأما صحبة علي عليه السلام إياه منذ نعومة أظفاره إلى آخر نفس لفظه صلى الله عليه وآله حتى عاد منه كالظل من ذيه ، وعد نفسه في الكتاب العزيز ، وقرنت ولايته بولاية الله وولاية نبيه وجعلت مودته أجر الرسالة ، فلم تستوجب استحقاقه بها الخلافة والأولوية بأمور الناس بعد قوله صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ إن هذا لشئ عجاب . وإني لست أدري أن هذه المفاضلة المتسالم عليها بين الصحابة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لماذا نسيها أولئك العدول بموته صلى الله عليه وآله ؟ ولماذا لم يصفقوا على ذلك الاختيار الذي كان يسمعه رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم فلا ينكره ؟ ووقع الخلاف والتشاح والتلاكم والتشاتم والنزاع حتى كاد أن يقتل صنو النبي الأعظم في تلك المعمعة ، ورأت بضعته الصديقة ما رأت ، ووقعت وصمات لا تنسى طيلة حياة الدنيا ، وأرجئ دفن رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا ، وكانت الصحابة بمعزل عنه صلى الله عليه وآله وعن إجنانه ، وما حضر الشيخان دفنه (1) قال النووي في شرح صحيح مسلم (2) كان عذر أبي بكر وعمر وسائر الصحابة واضحا لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة ، ولهذا أخروا دفن النبي ، صلى الله عليه وسلم حتى عقدوا البيعة لكونها كانت أهم الأمور كيلا يقع نزاع في مدفنه أو كفنه أو غسله أو الصلاة عليه أو غير ذلك . ثم لو كان الأمر كما زعم ابن عمر من الاختيار فتقديم أبي بكر يوم السقيفة الرجلين: عمر وأبا عبيدة على نفسه وقوله: بايعوا أحد الرجلين . أو قوله: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم . لماذا ؟ ولماذا قول أبي بكر لأبي عبيدة الجراح حفار القبور: هلم أبايعك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك أمين هذه الأمة ؟ تاريخ ابن عساكر 7: 160. ولماذا قول أبي بكر في خطبة له: أما والله ما أنا بخيركم ولقد كنت لمقامي هذا كارها ؟ أو قوله: ألا وإنما أنا بشر ولست بخير من أحد منكم فراعوني ؟ أو قوله: إني ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع ما أسلفناه في الجزء السابع ص 75 ط 1 . (2) في كتاب الجهاد ، باب قول النبي: لا نورث ما تركنا فهو صدقة ، عند قول علي عليه السلام لأبي بكر: لكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نحن نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله .
/ صفحة 9 / وليت عليكم ولست بخيركم ؟ أو قوله: أقيلوني أقيلوني لست بخيركم (1) . ولماذا ورم أنف كل الصحابة يوم اختيار أبي بكر عمر بن الخطاب للأمر بعده ، و أراد كل منهم أن يكون الأمر له دونه ؟ (2) ولماذا جابه طلحة بن عبيد الله - أحد العشرة المبشرة - أبا بكر يوم استخلف عمر فقال طلحة: ما تقول لربك وقد وليت عليها فظا غليظا ؟ ولماذا ندم أبو بكر في أخريات أيامه عن خلافته قائلا: وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين - يريد عمر وأبا عبيدة - فكان أحدهما أميرا وكنت وزيرا ؟ راجع ج 7: 170 ط 2 ولماذا أتى عمر أبا عبيدة الجراح يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله فقال: أبسط يدك فلأبايعك فإنك أمين هذه الأمة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ (3) وما الذي دعى عمر بن الخطاب إلى قوله لابن عباس: أما والله يا بني عبد المطلب ؟ لقد كان علي فيكم أولى بهذا الأمر مني ومن أبي بكر ، راجع ج 1: 346 ط 1 ، وص 389 ط 2 ولماذا قال عمر لما طعن: إن ولوها الأجلح سلك بهم الطريق الأجلح - يعني عليا - فقال له ابن عمر: ما منعك أن تقدم عليا ؟ قال: أكره أن أحملها حيا وميتا ؟ . (4) ولماذا قال لأصحاب الشورى: لله درهم إن ولوها الأصيلع ، كيف يحملهم على الحق ، قالوا: أتعلم ذلك منه ولا تستخلفه ؟ قال: إن أستخلف فقد أستخلف من هو خير مني ، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني . ؟ (5) ولماذا تمنى عمر يوم طعن سالم بن معقل أحد الموالي قائلا: لو كان سالم حيا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع الجزء السابع ص 118 ط 1 . (2) جاء في صحيحة مرت في ج 5: 358 ط 2 ، و ج 7 ص 168 ط 1 . (3) أخرجه أحمد وابن سعد وابن جرير وابن الأثير وابن الجوزي وابن حجر والحلبي راجع كنز العمال 3: 140 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 48 ، الغدير 5: 316 ط 1 ، و 369 ط 2 . (4) الأنساب 5: 16 ، الاستيعاب في ترجمة عمر 4 ص 419 ، فتح الباري 7 ص 55 ، شرح ابن أبي الحديد 3: 170 . (5) الرياض 2: 241 .
/ صفحة 10 / ما جعلتها شورى ؟ (1) وفي لفظ الطبري: استخلفته . وفي لفظ للباقلاني: لرأيت أني قد أصبت الرأي ، وما تداخلني فيه الشكوك . ولماذا كان يقول: لو أدركني أحد رجلين فجعلت هذا الأمر إليه لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة ، وأبي عبيدة الجراح ؟ (2) . ولماذا قال للقائلين له (لو عهدت يا أمير المؤمنين): لو أدركت أبا عبيدة الجراح ثم وليته ثم قدمت على ربي فقال لي: لم استخلفته على أمة محمد ؟ لقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول لكل أمة أمين ، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة الجراح ، ولو أدركت خالدا ثم وليته ثم قدمت على ربي فقال لي: من استخلفت على أمة محمد ؟ لقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول لخالد: سيف من سيوف الله سله الله على المشركين (3) . ولماذا قوله: لو أدركت أبا عبيدة لاستخلفته وما شاورت ، فإن سئلت عنه قلت: استخلفت أمين الله وأمين رسوله ؟ (4) . ومر في الجزء الخامس ص 311 ط 1 ، و 362 ط 2 إن عائشة قالت لعبد الله بن عمر: يا بني أبلغ عمر سلامي وقل له: لا تدع أمة محمد بلا راع استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا ، فإني أخشى عليهم الفتنة ، فأتى عبد الله فأعلمه فقال: ومن تأمرني أن استخلف ؟ لو أدركت أبا عبيدة الجراح باقيا لاستخلفته ووليته ، فإذا قدمت على ربي فسألني وقال لي: من وليت على أمة محمد ؟ قلت: أي رب سمعت عبدك ونبيك يقول: لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح . ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته فإذا قدمت على ربي فسألني: من وليت على أمة محمد ؟ قلت: أي رب سمعت عبدك ونبيك يقول: إن معاذ بن جبل يأتي بين يدي العلماء يوم القيمة ، ولو أدركت خالد بن الوليد لوليته ، فإذا قدمت على ربي فسألني: من وليت على أمة محمد ؟ قلت: أي رب سمعت عبدك ونبيك يقول: خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله على المشركين . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) التمهيد للباقلاني ص 204 ، طرح التثريب 1: 49 ، تاريخ الطبري 5: 34 . (2) طبقات ابن سعد ط ليدن 3: 248 . (3) تاريخ ابن عساكر 5: 102 . (4) تاريخ ابن عساكر 7: 160 .
/ صفحة 11 / ولماذا ساوى عمر بين أصحاب الشورى ، ولما قيل له: استخلف . قال: ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن ؟! صحيح البخاري 5: 267 . وأين هذا من قول عبد الرحمن بن عوف لعلي وعثمان: إني قد سألت الناس عنكما فلم أجد أحدا يعدل بكما أحدا . وقوله: أيها الناس إني سألتكم سرا وجهرا بأمانيكم فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين إما علي وإما عثمان ؟ ! (1). ولماذا بدء عبد الرحمن بن عوف بعلي عليه السلام أولا للبيعة وقدمه على عثمان يوم الشورى غير أنه اشترط عليه صلوات الله عليه القيام بسيرة الشيخين فلم يقبله وقبله عثمان فبايعه على ذلك ؟ (2) وقد مر الكلام حول هذا الشرط في الجزء التاسع ص 88 ، 90 ط 2 . ولماذا قال أبو وائل لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم عليا ؟ أخرجه أحمد في مسنده ص 75 . ولماذا قال معاوية: إنما كان هذا الأمر لبني عبد مناف ، لأنهم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولى الناس أبا بكر وعمر من غير معدن الملك والخلافة . يأتي تمام كلامه في هذا الجزء . ولماذا قال العباس عم النبي لعلي عليه السلام يوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم: أبسط يدك فلنبايعك ؟ (3) . ولماذا قال العباس لأبي بكر: فإن كنت برسول الله طلبت ؟ فحقنا أخذت ، و إن كنت بالمؤمنين طلبت ؟ فنحن منهم ، متقدمون فيهم . وإن كان هذا الأمر إنما يجب لك بالمؤمنين ؟ فما وجب إذ كنا كارهين ؟ إلى آخر ما مر في ج 5: 320 ط 1 . ولماذا تقاعد عمار وشتم أبا سرح لما قال: إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 5: 40 ، تاريخ ابن كثير: 164 . (2) مسند أحمد 1: 75 ، تمهيد الباقلاني ص 209 ، تاريخ الطبري 5: 40 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 104 ، الصواعق ص 63 ، فتح الباري 13 . 168 . (3) تاريخ ابن عساكر 7: 245 .
/ صفحة 12 / عثمان ؟ وخالف مقداد وجمع آخر من عيون الصحابة عن بيعة عثمان وتمت بالإرهاب والترعيد وقال عمار لعبد الرحمن: إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليا . فقال المقداد: صدق عمار إن بايعت عليا قلنا سمعنا وأطعنا (1) وقال علي لعبد الرحمن: حبوته حبو دهر ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا ، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك ، والله كل يوم هو في شأن ؟ ! (تاريخ الطبري 5: 37) . ولماذا قال سعد بن أبي وقاص لعبد الرحمن بن عوف: إن كنت تدعوني والأمر لك وقد فارقك عثمان على مبايعتك ؟ كنت معك ، وإن كنت إنما تريد الأمر لعثمان ؟ فعلي أحق بالأمر وأحب إلي من عثمان ، بايع لنفسك وأرحنا وارفع رؤسنا ؟ ! . أنساب البلاذري 5: 20 ، تاريخ الطبري 5: 36 ، الكامل لابن الأثير 3: 29 ، فتح الباري 13: 168 . ولماذا قال الزبير: لو مات عمر لبايعت طلحة فوالله ما كان بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت ؟ ! (2) . ولماذا جابه الزبير يوم قال عمر: أكلكم يطمع في الخلافة بعدي بقوله ما الذي يبعدنا منها ؟ وليتها أنت فقمت بها ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة (شرح ابن أبي الحديد 1: 62) وأين يقع قول علي أمير المؤمنين عليه السلام على صهوة المنبر: أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ؟ ! (إلى آخر الخطبة الشقشقية) ، إلى كلمات أخرى له تضاد هذه المفاضلة . ولماذا كان أبو عبيدة أحب إلى رسول الله بعد الشيخين من أصحابه كما في صحيحة جاء بها ابن ماجة في سننه 1 ص 51 ، والترمذي في صحيحه 13: 126 عن ابن شقيق قال: قلت لعايشة رضي الله عنها: أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: أبو بكر . قلت: ثم من ؟ قالت: عمر . قلت: ثم من ؟ قالت: أبو عبيدة ابن الجراح قلت: ثم من ؟ فسكتت ؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ ابن جرير الطبري 5 - 37 ، الكامل لابن الأثير 3: 28 . (2) أصل الحديث في صحيح البخاري ، راجع شرح بهجة المحافل 1: 58 .
/ صفحة 13 / وأخرجها أحمد في مسنده 6: 218 ، وابن عساكر في تاريخه 7: 161 . وشتان بين اختيار ابن عمر وبين ما جاء عن ابن أبي مليكة قال: قيل لعائشة: من كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستخلفا لو استخلف ؟ قالت: أبو بكر . قيل لها: ثم من ؟ قالت ، عمر . فقيل لها: ثم من ؟ قالت: أبو عبيدة . وانتهت إلى هذه ؟ ! (1) . وأين كان ابن عمر عن أناس كانوا يفضلون بلال الحبشي على أبي بكر حتى قال: كيف تفضلوني عليه وإنما أنا حسنة من حسناته ؟ (2) . وأنى اختيار ابن عمر من قول كعب بن زهير: صهر النبي وخـــير الناس كلهم * وكــــل من رامه بالفخر مفخور صلى الصلاة مع الأمي أولهـــم * قبل العباد ورب الناس مكفور؟! ومن قول ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب: ما كنـــــت أحــــسب أن الأمر منتقل * عــــن هاشم ثم منها عن أبي حسن أليـــــس أول مـــــن صلى لقبلــــتهم * وأعـــــلم الناس بالآيـــات والسنن؟ وآخــــر النـــــاس عهدا بالنبي ومن * جبريل عون له في الغسل والكفن ؟ من فيـــــه ما فيــــهم ما تمترون به * وليـس في القوم ما فيه من الحسن مـــــاذا الـــــذي ردكم عنه ؟ فنعلمه * هـــــا إن بيعـــــتكم مـــن أول الفتن ومن قول الفضل بن أبي لهب: ألا إن خــــــير الناس بعـــد محمد * مهيمنـه التاليه في العرف والنكر وخــــــيرته في خـــيــبر ورسوله * بنــــبذ عهود الشرك فوق أبي بكر وأول مــــن صلــــــى وصنو نبيه * وأول مــن أردى الغـــواة لدى بدر فـــذاك علي الخير من ذا يفوقه؟ * أبو حسن حلف القرابــــة والصهر ومن قول عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث: وكــــان ولـــــي الأمر بعد محمد * عــلي وفي كل المواطن صاحبه وصــــي رســول الله حقا وجاره * وأول من صلى ومن لان جانبه ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) صحيح مسلم 7: 110 . تاريخ ابن عساكر 7: 161 . (2) تاريخ ابن عساكر 3: 314 .
/ صفحة 14 / ومن قول النجاشي أحد بني الحرب بن كعب من أبيات له: جعـــلتم عــليـــــا وأشيــــاعـه * نظيــــر ابن هند أما تستحونا ؟ إلى أفضل الناس بعد الرسول * وصنـــو الرسول من العالمينا وصهر الــــــرسول ومن مثله * إذا كـــان يوم يشيب القرونا ؟ ومن قول جرير بن عبد الله البجلي من أبيات له: فـــــصلى الإلـــــه عـــلى أحمد * رســـــول المـــــليك تمام النعم وصلــــى على الطهر من بعده * خـــــليفتنا القـــــائم المـــــدعـم عليا عــنــيت وصــي النــــبــي * يجـــــالد عـنـه غـــــواة الأمــم له الفضل والسبق والمكرمات * وبــيـــــت النـــــبوة لا يهتــضم ومن قول زجر بن قيس إلى خاله جرير: جرير بن عبد الله لا تردد الهدى * وبايـــــع عــليـــا إنني لك ناصح فإن عليا خير من وطئ الحصى * سوى أحمد والموت غاد ورائح ومما قيل على لسان الأشعث بن قيس الكندي: أتانا الرســــول رسول الوصي * عـــــلي المهـــــذب مــن هاشم رســـــول الـوصي وصي النبي * وخـــــير الـــــبرية مـــــن قـائم وزيــر النـــــبي وذو صهـــــره * وخـــــير البرية فـــــي العــــالم له الفضل والسبق بالصالحات * لهـــــدي النـــــبي بـــــه يــأتمي وأنت ترى من جراء ذلك الاختيار الباطل الذي جاء به ابن عمر أن تدهورت السياسة فصار الانتخاب نصا ، وانقلبت الدمقراطية - إن كانت - إلى دكتاتورية محضة رضيت الأمة أم غضبت ، ثم عاد الأمر شورى ويا لله وللشورى وسيف عبد الرحمن بن عوف هو العامل الوحيد يوم ذاك ، إلى أن أصبح ملكا عضوضا ، ووصلت النوبة إلى الطلقاء وأبناء الطلقاء ، إلى رجال العبث والفساد ، إلى أبناء الخمور والفجور ، إلى أن تمكن معاوية الخمر والربا من استخلاف يزيد العرة والشره قائلا: من أحق منه بالخلافة في فضله وعقله وموضعه وما أظن قوما ينتهين حتى تصيبهم بوائق تجتث
/ صفحة 15 / أصولهم ، وقد أنذرت إن أغنت النذر (1) . لم يكن لأعيان الأمة ، ووجوه الصحابة ، وصلحاء الملة ، وخيرة الناس في أمر تلكم الأدوار القاتمة حل ولا عقد ، بل كانوا مضطهدين مقهورين مبتزين يرون حكم الله مبدلا ، وكتابه منبوذا ، وفرائضه محرفة عن جهات أشراعه ، وسنن نبيه متروكة . سبحانك اللهم ما أجرأهم على الرحمن وانتهاك حرمة النبي وكتابه باختيار يضاده نداء القرآن الكريم ، كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ؟ باختيار كذبه ما جاء عن النبي الأقدس صلى الله عليه وآله من النصوص على اختيار الله عليا وإنه أحد الخيرتين ، وإنه خير البشر بعده صلى الله عليه وآله ، وإنه أحب الناس إلى الله وإليه صلى الله عليه وآله ، وإنه منه بمنزلته من ربه ، وإنه منه بمنزلة الرأس من جسده ، وإنه منه بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده ، وإن لحمه لحمه ودمه دمه والحق معه ، وإن طاعته طاعته ومعصيته معصيته ، وإنه سلم لمن سالمه ، وحرب لمن حاربه (2) وإنه ممسوس في ذات الله (3) إلى نصوص كثيرة تضاد اختيار ابن عمر ومن شاكله في تمني الحديث . أليست هذه الأحاديث إلى أمثالها المعدودة بالمئات إنكارا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقولهم - إن كان هناك قول -: إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس ؟ أليست آي المباهلة والتطهير والولاية وأضرابها إلى ثلاثمائة آية النازلة في علي عليه السلام (4) تضاد ذلك القول القارص ؟ هل يستوي الأعمى والبصير ؟ أم هل تستوي الظلمات والنور ؟ (5) هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟ (6) أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ؟ لا يستوون (7) مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا ؟ (8) أفمن كان على بينة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الكامل لابن الأثير 3: 217 . (2) كل هذه الأحاديث مرت في الأجزاء الماضية . (3) حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم الاصبهاني 1: 230 . (4) تاريخ الخطيب 6: 221 ، السيرة الحلبية 2: 230 . (5) سورة الرعد: 16 . (6) سورة الزمر: 8 . (7) سورة السجدة: 18 . (8) سورة هود: 24 .
/ صفحة 16 / من ربه كمن زين سوء عمله ؟ (1) أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى ؟ أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ؟ (2) قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث (3) لا يستوي القاعدون من الرجال غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله (4) لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة (5) ما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات (6) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ؟ ! (7) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) سورة محمد: 14 . (2) سورة الملك: 22 . (3) سورة المائدة: 100 . (4) سورة النساء: 95 . (5) سورة الحشر: 20 . (6) سورة غافر: 58 . (7) سورة محمد: 24 .
|
|